
كيف ستُدرّس علوم الكمبيوتر في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل نجاحاتها السابقة، تُخطط هيئة التدريس في القسم لعقد جلسة نقاش هذا الصيف لإعادة النظر فيما ينبغي أن تُدرّسه الجامعة للتكيف مع التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقال توماس كورتينا، الأستاذ والعميد المشارك لبرامج البكالوريوس في الجامعة، إن هذه التكنولوجيا «أحدثت تغييراً جذرياً في تعليم علوم الكمبيوتر».
تواجه علوم الكمبيوتر، أكثر من أي مجال دراسي آخر، تحدياً من الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتشهد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي تدعم روبوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي ChatGPT»، التي يمكنها كتابة المقالات والإجابة عن الأسئلة بطلاقة شبيهة بطلاقة الإنسان، انتشاراً واسعاً في الأوساط الأكاديمية. لكن الذكاء الاصطناعي يتقدم بوتيرة أسرع وأكثر قوة في مجال علوم الكمبيوتر، التي تُركز على كتابة الرموز البرمجية، أي لغة الكمبيوتر.
قدمت شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة أدوات مساعدة بذكاء اصطناعي قادرة على توليد الرموز البرمجية، وتزداد كفاءةً بسرعة. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، توقع مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، أن تُضاهي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أداء مهندس برمجيات متوسط المستوى في وقت ما من هذا العام.
تسعى برامج علوم الكمبيوتر في الجامعات في جميع أنحاء البلاد جاهدةً الآن لفهم آثار التحول التكنولوجي، وتكافح لتحديد ما يجب الاستمرار في تدريسه في عصر الذكاء الاصطناعي. وتتراوح الأفكار بين تقليل التركيز على إتقان لغات البرمجة، والتركيز على دورات هجينة مصمَّمة لدمج الحوسبة في كل مهنة، حيث يتأمل المدرسون في شكل وظائف التكنولوجيا في المستقبل في اقتصاد الذكاء الاصطناعي.
قالت جانيت وينغ، أستاذة علوم الكمبيوتر ونائبة الرئيس التنفيذي للأبحاث في جامعة كولومبيا: «نشهد الآن ذروة موجة الذكاء الاصطناعي».
وما يزيد من الشعور بالإلحاح سوق العمل في مجال التكنولوجيا التي ازدادت تشدداً في السنوات الأخيرة. يجد خريجو علوم الكمبيوتر أن عروض العمل، التي كانت وفيرة في السابق، غالباً ما تكون نادرة. تعتمد شركات التكنولوجيا بالفعل بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي في بعض جوانب البرمجة، مما يلغي بعض الوظائف على مستوى المبتدئين.
ويعتقد بعض المدرسين الآن أن هذا التخصص يمكن أن يتوسع ليصبح أشبه بشهادة في الآداب الحرة، مع تركيز أكبر على التفكير النقدي ومهارات التواصل.
تمول المؤسسة الوطنية للعلوم برنامجاً، Level Up AI، لجمع الدارسين والباحثين في الجامعات والكليات للتحرك نحو رؤية مشتركة لأساسيات تعليم الذكاء الاصطناعي. ويُنظّم المشروع، الذي يمتدّ لـ18 شهراً، والذي تُديره جمعية أبحاث الحوسبة، وهي منظمة بحثية وتعليمية غير ربحية، بالشراكة مع جامعة ولاية نيو مكسيكو، مؤتمراتٍ وجلسات نقاشٍ مستديرة، ويُنتج «أوراقاً بيضاء» (خطط) لمشاركة الموارد وأفضل الممارسات.
وصرحت ماري لو ماهر، عالمة حاسوب ومديرة جمعية أبحاث الحوسبة، قائلةً: «لقد أُنشئت هذه المبادرة المدعومة من مؤسسة العلوم الوطنية بسبب شعورنا بالإلحاح لحاجتنا إلى المزيد من طلاب علوم الكمبيوتر -والمزيد من الأشخاص- الذين يعرفون عن الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة».
وأضافت د.ماري أن مستقبل تعليم علوم الكمبيوتر من المرجح أن يُركّز بشكل أقل على البرمجة وأكثر على التفكير الكمبيوتري ومحو أمية الذكاء الاصطناعي.
* التفكير الكمبيوتري يتضمن تقسيم المشكلات إلى مهام أصغر، وتطوير حلول، خطوةً بخطوة، واستخدام البيانات للوصول إلى استنتاجات قائمة على الأدلة.
* أما محو أمية الذكاء الاصطناعي، فهو فهم -بمستوياتٍ متفاوتة من الفهم للطلاب في مختلف المستويات- لكيفية عمل الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدامه بمسؤولية، وكيف يؤثر على المجتمع.
وبينما يستعد أعضاء هيئة التدريس لاجتماعهم، قال الدكتور كورتينا من جهته، إن وجهة نظره هي أن المقررات الدراسية يجب أن تتضمن تعليماً في أساسيات الحوسبة التقليدية ومبادئ الذكاء الاصطناعي، متبوعة بخبرة عملية واسعة في تصميم البرمجيات باستخدام الأدوات الجديدة.
وقال: «نعتقد أن هذا هو المقصد. لكن هل نحتاج إلى تغيير أعمق في المنهج الدراسي؟» حالياً، يختار أساتذة علوم الكمبيوتر بشكل فردي ما إذا كانوا سيسمحون للطلاب باستخدام الذكاء الاصطناعي. ففي العام الماضي، أيَّدت جامعة «كارنيغي ميلون» استخدام الذكاء الاصطناعي في المقررات التمهيدية.
في البداية، قال الدكتور كورتينا إن العديد من الطلاب عدُّوا الذكاء الاصطناعي «حلاً سحرياً» لإكمال واجباتهم المدرسية بسرعة، التي تتضمن كتابة البرامج. وأضاف: «لكنهم لم يفهموا نصف محتوى كتابة الرموز»، مما دفع الكثيرين إلى إدراك قيمة معرفة كيفية كتابة الرموز وتصحيح أخطاء الأدوات بأنفسهم... وهكذا «يعيد الطلاب ضبط أنفسهم».
هذا صحيح بالنسبة للعديد من طلاب علوم الكمبيوتر الذين يتبنون أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة، مع بعض التحفظات. فهم يقولون إنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لبناء نماذج أولية للبرامج، وللتحقق من الأخطاء في الرموز البرمجية، ومعلماً رقمياً للإجابة عن الأسئلة. لكنهم يترددون في الاعتماد عليه كثيراً، خوفاً من أن يُضعف مهاراتهم الكمبيوترية.
يقول كثير من الطلاب إنهم يرسلون ما بين 100 و200 طلب للتدريب الصيفي والوظائف الأولى.
واليكم مثال كونور دريك، الذي سيُصبح طالباً في السنة الأخيرة خريف العام المقبل في جامعة نورث كارولاينا في شارلوت، ويرى نفسه محظوظاً؛ إذ حصل على مقابلة بعد تقديمه 30 طلباً فقط. عُرضت عليه وظيفة متدرب في الأمن السيبراني هذا الصيف في شركة «ديوك إنرجي»، وهي شركة مرافق كبيرة، في شارلوت.
وقال دريك، البالغ من العمر 22 عاماً: «كانت شهادة علوم الكمبيوتر بمثابة تذكرة ذهبية لأرض الوظائف الموعودة». لم يعد الأمر كذلك.
تتمثل استراتيجية دريك الشخصية للدفاع عن الذكاء الاصطناعي في توسيع نطاق مهاراته. فبالإضافة إلى تخصصه في علوم الكمبيوتر، درس العلوم السياسية تخصصاً فرعياً في دراسات الأمن والاستخبارات، وهو مجال يُمكن تطبيق خبرته فيه في مجال الأمن السيبراني.
اضطر دريك، كغيره من طلاب علوم الكمبيوتر، إلى التكيف مع سوق عمل تكنولوجية متزايدة الصعوبة. ويشير خبراء العمل إلى وجود عدة عوامل مؤثرة. فقد قلصت شركات التكنولوجيا الكبرى، على وجه الخصوص، توظيفها خلال السنوات القليلة الماضية، وهو تراجع حاد عن سنوات الطفرة التي شهدتها فترة الجائحة. والاستثناء الوحيد هو التوظيف المكثف لعدد صغير نسبياً من أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي، والذين تُعرض عليهم رواتب مجزية.
وقد ظلّ التوظيف الإجمالي للعاملين في المهن التكنولوجية مستقراً حتى وقت قريب، حيث انخفض بنسبة 6 في المائة منذ فبراير (شباط)، وفقاً لإحصاءات حكومية. أرسل أصحاب العمل إشارةً أكثر وضوحاً بتراجع ملحوظ في قوائم الوظائف التقنية. ففي السنوات الثلاث الماضية، انخفض عدد الشركات التي تبحث عن موظفين بخبرة سنتين أو أقل بنسبة 65 في المائة، وفقاً لتحليل أجرته شركة «CompTIA»، وهي منظمة أبحاث وتعليم تكنولوجية. وانخفض عدد الوظائف المتاحة للعاملين في مجال التكنولوجيا من جميع مستويات الخبرة بنسبة 58 في المائة.
في حين أن مستقبل تعليم علوم الكمبيوتر قد يكون غامضاً، فإن سوق البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مهيأة للنمو، كما يقول الخبراء. فالذكاء الاصطناعي أداة إنتاجية، وكل موجة جديدة من الحوسبة -الكمبيوتر الشخصي، والإنترنت، والهواتف الذكية- تزيد الطلب على البرمجيات والمبرمجين. يقولون إن النتيجة هذه المرة قد تكون طفرة في ديمقراطية التكنولوجيا، حيث يستخدم العاملون في مجالات متنوعة، من الطب إلى التسويق، أدوات شبيهة ببرامج الدردشة الآلية لإنشاء برامجهم الخاصة، المصمَّمة خصيصاً لقطاعاتهم، والمدعومة بمجموعات بيانات خاصة بكل قطاع.
يقول أليكس آيكن، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ستانفورد: «قد يتراجع نمو وظائف هندسة البرمجيات، لكن العدد الإجمالي للعاملين في مجال البرمجة سيزداد».
* خدمة «نيويورك تايمز».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
بين الثقافة والصحافةمحاكمة الآلة
عندما نكتب على ملف (وورد/ word) من خلال أجهزتنا، فنحن لا نكتب على ورقة باستخدام لوحة مفاتيح. الأمر ليس محاكاة كاملة للكتابة بالقلم على الورقة، ففي الوقت الذي تكون فيه العلاقة بيننا وبين الورقة والقلم علاقة مغلقة ثلاثية، كاتب وأداة كتابة ووسيلة يُكتب عليها. الأمر مختلف في حالة (الوورد) فالوسيلة ليست جماداً نحييه عندما نكتب فوقه كما هي حال الورقة. إنه برنامج ربما لا يحفظ السر ولا توجد له صفة مادية ملموسة، والبرنامج ضمن حزمة برامج، وضمن نطاق خوارزمي يُحتمل جمع كل المعلومات من خلاله، وربما من اللحظة الأولى للكتابة وليس بعد اتمامها أو حفظها ما دام أن هناك اتصال بالشبكة! هذا ينطبق على كل البرامج المكتبية (الأوفس/ Offic) وغيرها من البرامج التي نكتب عليها بأي شكل من الأشكال إذا كان هذا التخمين صحيح، والحقيقة أنني لا أعلم لماذا بدأت بهذا المدخل، وإن كان يبدو أن فكرة مستبطنة ألحت علي وأنا أحاول الكتابة عما حدث لبرنامج (جروك/ Grok) الذي خضع لمحاكمة، والمحاكمة توصيف مجازي أو استعاري لا أجد أنسب منه لما حدث لجروك بسبب معاداته للسامية! عاد برنامج (جروك) بعد غياب، وهو البرنامج الذي سجل نجاحا بعد مدة قصيرة من طرحه على منصة (أكس/ X)، ولكن خضوعه للمحاكمة التي قلنا إنها مجازية التوظيف؛ تركت كثيرا من التساؤلات عن طبيعة تعاملنا مع برامج الذكاء الاصطناعي، وإلى أي مدى سنتجه في أنسنة الآلة أو شيطنتها، وما هي المعطيات المبررة لاتخاذ موقف قانوني تجاه برنامج ذكاء اصطناعي والتي يبدو أنها معطيات تفترض وربما تتيقن بأن التطبيقات الذكية أصبحت مؤهلة لاتخاذ قرارات من تلقاء نفسها وبقناعتها أو أن هذه التطبيقات مجرد واجهات لعمل بشري يضع هذه التطبيقات في الواجهة بينما يقف خلفها مجموعات بشرية تتولى استقبال الأسئلة والإجابة عليها كما حدث مع إحدى أكبر الشركات البريطانية التي أعلنت إفلاسها في الفترة القريبة الماضية بعد انكشاف أمرها بتوظيف عدد ليس بالقليل من الأشخاص للقيام بمهام تُقدم على أن من يقوم بها ذكاء اصطناعي! هذا الهاجس قد يكون مجرد توجس خيفة لا مبرر لها خصوصا وأن برامج (الأوفس) في أيد أمينة وشركة ذات سمعة مطمئنة، مما يجعل إمكانية الوصول إلى المعلومات من خلال برنامج (الأوفس) غير ممكنة وأن الأمر مجرد مبالغة، وهذا يحتاج إلى حديث أهل الاختصاص الأكثر دربة ودراية، ونرجو أن تثبت براءة (الوورد) حتى لا يدخل في محاكمة كما حصل مع برنامج (جروك/ Grok)!


أرقام
منذ 7 ساعات
- أرقام
إنفيديا تطلق أول حاسوب فائق للذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة
أطلقت "إنفيديا" يوم الخميس أول حاسوب فائق للذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة، والذي طورته بالتعاون مع جامعة "بريستول". أُطلق على الحاسوب الجديد اسم "إيزامبارد-إيه آي" ويعد من أكفأ الحواسيب الفائقة في استهلاك الطاقة، وصُمم لأغراض إجراء أبحاث في مجالات متنوعة، مثل علوم المواد، واكتشاف الأدوية. استخدمت "إنفيديا" في بناء الحاسوب 5448 رقاقة فائقة من نوع "جريس هوبر" مُجمّعة في سلسلة من خوادم "إتش بي إي" التي تُبرّد بالسوائل وتحتوي كل منها على 440 وحدة معالجة رسومية. وعلى الرغم من قوة الحاسوب من حيث القدرات البحثية، إلا أنه صغير نسبياً مقارنة بأنظمة مراكز البيانات الضخمة التي تُشغّلها شركات مثل "أمازون" و"جوجل" و"مايكروسوفت".


الشرق الأوسط
منذ 8 ساعات
- الشرق الأوسط
تقنية تسهل انتقال الروبوتات في الفضاء وأعماق البحار
تُعدّ الحوسبة العصبية من أبرز الاتجاهات الواعدة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ إذ تستلهم طريقة عمل الدماغ البشري في معالجة المعلومات واتخاذ القرارات. وفي ظل التحديات التي تواجهها الروبوتات الصغيرة، خصوصاً في عمليات تحديد المواقع والتنقّل لمسافات طويلة دون استهلاك كبير للطاقة، برزت هذه التقنية بوصفها حلاً مبتكراً وفعّالاً. ومن خلال محاكاة الشبكات العصبية وطريقة معالجة الدماغ للإشارات البصرية، بات بإمكان الروبوتات التعرف على الأماكن والتنقل بدقة وكفاءة غير مسبوقة؛ ما يمهّد الطريق لمهام مستقبلية أكثر استقلالية في بيئات معقّدة، مثل الفضاء وأعماق البحار. محاكاة الدماغ البشري في السياق نفسه، طوّر باحثون من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا نظاماً جديداً مستوحى من طريقة عمل الدماغ البشري، يتيح للروبوتات الصغيرة تحديد مواقعها بدقة وكفاءة عالية، مع استهلاك منخفض جداً للطاقة. وأوضح الباحثون أن هذا النظام العصبي المبتكر يتميّز بقدرته على تمكين الروبوتات من التعرف على الأماكن التي تزورها لمسافات تصل إلى 8 كيلومترات، مع استهلاك طاقة أقل كثيراً مما تتطلبه الأنظمة التقليدية، ونُشرت نتائج الدراسة في عدد 18 يونيو (حزيران) 2025 من دورية «Science Robotics». يعتمد النظام الجديد على الحوسبة العصبية التي تحاكي طريقة تفكير الدماغ البشري في التعلّم والتعامل مع البيئات المعقّدة، وفق الباحثين. ويمثّل النظام، الذي أطلق عليه الباحثون اسم «LENS» أو «الترميز المكاني عبر الأنظمة العصبية»، دمجاً بين 3 مكونات متقدّمة: مستشعر بصري ديناميكي يرصد تغيّرات شدة الضوء في البيئات المحيطة، وشبكات عصبية إلكترونية تحاكي الخلايا العصبية في الدماغ، ومعالج عصبي داخل شريحة صغيرة. وحول محاكاة طريقة تنقّل الدماغ البشري في البيئات المحيطة، أوضح الدكتور آدم هاينز، الباحث الرئيسي في الدراسة من مركز الروبوتات بجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، أن النظام الجديد يعتمد على نوع متخصص من التعلّم الآلي يُعرف باسم «الشبكات العصبية النبضية»، وقد صُمّمت هذه الشبكات لتتعلم وتعالج وتنقل المعلومات بطريقة تشبه عمل الخلايا العصبية في الدماغ البشري. وأضاف هاينز لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلايا العصبية» الرقمية في هذا النظام تتواصل من خلال سلسلة من النبضات الكهربائية، وهي مشابهة لطريقة تواصل الخلايا العصبية البيولوجية لدى البشر. ومن خلال ترميز وتعلّم المعلومات المكانية بطريقة تحاكي آليات الدماغ البشري، يستطيع النظام الجديد تذكُّر الأماكن التي زارها بدقة وكفاءة مرتفعتين، كما يتميّز بدرجة أعلى من التشابه مع الخلايا العصبية الحقيقية مقارنة بأنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية. توفير الطاقة تشير الدراسة إلى أن النظام يعمل على معالجة التغيرات في الضوء فقط عندما تتجاوز مستوى معيناً؛ ما يقلّل من كمية البيانات التي يحتاج إلى التعامل معها، ويزيد من كفاءة تحديد الأماكن. تم اختبار هذا النظام على روبوت سداسي الأرجل (Hexapod)، وأثبت فاعليته في التنقل داخل المباني وخارجها، مع توفير كبير في استهلاك الطاقة. وأوضح هاينز أن من أبرز فوائد استخدام الحوسبة العصبية المستوحاة من الدماغ في تحديد مواقع الروبوتات أنها فعّالة للغاية من حيث استهلاك الطاقة؛ ما يساعد على تقليل المتطلبات العالية لأنظمة تحديد وتتبُّع الموقع. وقدّر هاينز أنه باستخدام هذه الأنظمة، يمكن توفير أكثر من 90 في المائة من الطاقة التي يستهلكها الروبوت لتحديد موقعه؛ ما يسمح له بالتنقل مسافات أطول وفترات أطول، وهو ما قد يكون حاسماً في نجاح المهمة أو فشلها. وبالإضافة إلى كفاءته العالية، يتميز النظام الجديد بصغر حجمه؛ حيث يشغل أقل من 180 كيلوبايت من الذاكرة فقط؛ ما يجعله مثالياً للروبوتات الصغيرة أو المهام طويلة الأمد في البيئات المقيدة مثل أعماق البحار أو الفضاء، وفق الدراسة. ونوّه هاينز بأن الروبوتات المستخدمة في استكشاف الفضاء أو أعماق البحار تواجه تحدياً كبيراً فيما يتعلق باستهلاك الطاقة؛ إذ إن كل واط من القدرة الكهربائية يُعد ذا أهمية بالغة في مثل هذه البيئات النائية، حيث قد يؤدي نفاد البطارية إلى فقدان الاتصال أو التحكم في الروبوت. وأشار إلى أن الأنظمة الموفِّرة للطاقة تتيح تنفيذ المهام فترات أطول يومياً، خصوصاً في الحالات التي تعتمد فيها الروبوتات على الشحن البطيء نسبياً بالطاقة الشمسية لإعادة تغذية بطارياتها. ويأمل الباحثون أن يسهم هذا الابتكار في تعزيز قدرات الروبوتات المستقلة، وتمكينها من أداء مهام أكثر تعقيداً بكفاءة أعلى وموارد أقل.