حزب الاتحاد الاشتراكي يدعو إلى تأهيل شامل لإقليم الناظور وجعله قاطرة للتنمية بجهة الشرق
احتضنت مدينة الناظور، الثلاثاء 16 يوليوز الجاري، أشغال المؤتمر الإقليمي الخامس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بحضور الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، وسط مشاركة عدد من الفعاليات السياسية والنقابية والمنتخبين المحليين وممثلي التنظيمات الحزبية بالإقليم.
وشكلت أرضية المؤتمر مناسبة لاستحضار واقع جهة الشرق بوجه عام، وإقليم الناظور بوجه خاص، حيث شددت أرضيته على التراجع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه المنطقة، في ظل استمرار نسب البطالة المرتفعة، وتراجع النشاط التجاري والاقتصادي نتيجة غياب استراتيجيات تنموية فعالة وضعف استقطاب الاستثمارات.
بالرغم من الجهود المبذولة، حسب حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، لا تزال جهة الشرق تُسجل أرقامًا مقلقة على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث احتلت المرتبة الأخيرة في المساهمة في الناتج الداخلي الخام بنسبة لم تتجاوز 3.8 في المائة، مقارنة بجهات أخرى وصلت مساهمتها إلى 32.2 في المائة. كما أن معدل البطالة في الجهة عرف تصاعدًا مقلقًا، إذ بلغ خلال سنة 2022 نسبة 20.1% مقارنة بـ18.7% في الفصل الأول من سنة 2021، في وقت كان فيه المعدل الوطني في تراجع. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2024، سجلت جهة الشرق أعلى نسبة بطالة وطنية بلغت 21.4 في المائة، في حين بلغ المعدل الوطني 13.7 في المائة، وهو رقم وصفه الخبراء بالمعدل "التاريخي" الذي لم يُسجل حتى في ذروة جائحة كورونا.
من جهة أخرى، سجل المؤتمر الإقليمي الخامس للاتحاد الاشتراكي وجود شبه قطيعة بين جهة الشرق وأقرب جهة لها، وهي جهة فاس مكناس، مما يكرس العزلة التنموية للمنطقة. فالمخططات التنموية، رغم تخصيص ميزانية قدرها 13 مليار درهم ضمن برنامج 2023-2027، لا تزال دون تطلعات الساكنة، ولا ترقى لمستوى التحديات التي تواجهها الجهة، خاصة في ظل غياب استثمارات فعالة في البنية التحتية كالمطارات والموانئ والطرق. وتساءل المؤتمر عن مصير المشاريع السياحية الكبرى، وعلى رأسها مشروعا "مارتشيكا" بالناظور و"السعيدية"، اللذان كان من المفترض أن يشكلا قاطرة لتنمية شاملة ومستدامة في المنطقة.
من جهة ثانية، كشفت أرضية المؤتمر، أن مدينة الناظور عرفت توسعًا عمرانيًا غير منظم طيلة السنوات الماضية، في ظل تعاقب ستة رؤساء من انتماءات سياسية مختلفة. هذا التوسع اتسم بالعشوائية وانعدام الضوابط المعمارية، حيث غابت التصاميم الحضرية والمراقبة من طرف السلطات المختصة، وتركز الاستثمار على المضاربة العقارية دون التوجه نحو خلق مشاريع صناعية أو خدماتية. وبسبب غياب الرؤية الاستراتيجية، انتشرت الفوضى العمرانية وتراجع الاهتمام بالبنيات التحتية والخدمات العمومية، كما تدهورت مالية الجماعة وممتلكاتها.
وحسب إدريس لشكر، الكاتب الوطني للحزب "جاء التحول النوعي في تدبير الشأن المحلي مع انتخاب سليمان أزواغ، الاتحادي ورئيس الجماعة الحالي، بعد استحقاقات 8 شتنبر 2021، حيث تم الاعتراف بجماعة الناظور كأفضل جماعة على الصعيد الوطني، بفضل مقاربة تعتمد على "المعقول والنزاهة"، ما شكل قطيعة مع سنوات من العبث وسوء التدبير. هذا الإنجاز لم يكن صدفة، بل ثمرة عمل جاد لفريق ملتزم بإعادة الاعتبار لمدينة الناظور كفضاء حضري يستحق العناية والتأهيل".
ولتحقيق تنمية مندمجة ومستدامة، أكد المؤتمر الإقليمي الخامس على ضرورة اعتماد تخطيط شمولي ومتكامل، ينسجم فيه عمل الجماعات مع التصاميم الجهوية وخيارات الدولة التنموية.
أما على مستوى الاستثمار والتشغيل، فقد دعا الحزب إلى تسريع وتيرة إنشاء مناطق صناعية جديدة بمختلف محيط الإقليم، وجلب مشاريع كبرى قادرة على خلق فرص الشغل وتحقيق القيمة المضافة. ويشدد على أن الرهان الحقيقي على الناظور كبوابة متوسطية منفتحة ومحور استراتيجي للتنمية، يظل مشروطًا بتأهيل سياسي حقيقي، تقوده القوى الوطنية والديموقراطية، وفي طليعتها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
إلى ذلك، فقد انتقدت مداخلات عدد من المؤتمرين ضعف أداء المؤسسات المنتخبة بالإقليم في السنوات الماضية، محملة إياها مسؤولية تعميق أزمة الناظور، خاصة في ما يتعلق بملف التعمير، والبطء في إنجاز المشاريع، وتدهور البنيات التحتية وتهميش المناطق القروية.
وفي سياق الجدل السياسي الداخلي، شهدت اللحظات التي سبقت انعقاد الجلسة العامة للمؤتمر توترا ملحوظا بين أنصار الطرفين المتنافسين على القيادة الإقليمية، حيث جرى تبادل الاتهامات بين المشاركين، وفي خطوة لاحتواء التصدع الداخلي الذي ظهر خلال التحضيرات، تم الاتفاق على صيغة توافقية أنهت الخلاف بين الأطراف المتنافسة، حيث أسفر المؤتمر عن انتخاب البرلماني محمد أبرشان كاتبا إقليميا للحزب، على أن يتولى رئيس جماعة الناظور سليمان أزواغ منصب نائبه.
إلى ذلك، اعتُبر هذا الحل بمثابة تسوية سياسية تحفظ توازنات الحزب محليا، وتضمن تمثيلا للطرفين داخل الأجهزة الإقليمية للتنظيم، بما يتيح تجاوز مرحلة التوتر والانكباب على العمل التنظيمي والميداني استعدادا للاستحقاقات المقبلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ ساعة واحدة
- هبة بريس
ميناء طنجة يسجل ارتفاعًا في مفرغات الصيد البحري
هبة بريس – الشاهد صابر – صحفي متدرب شهد ميناء طنجة ارتفاعًا ملحوظًا في حجم مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2025، حيث بلغ إجمالي الكمية المفرغة حوالي 2389 طنًا، مسجلًا زيادة نسبتها 7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وحسب معطيات صادرة عن المكتب الوطني للصيد البحري، فقد عرفت القيمة التجارية لهذه الكميات تحسنًا لافتًا، إذ ارتفعت بنسبة 24% لتصل إلى ما يفوق 113.87 مليون درهم، مقابل 91.62 مليون درهم تم تحقيقها بين يناير ويونيو من سنة 2024. أما على مستوى توزيع الأنواع، فقد تباينت المؤشرات حسب طبيعة المنتوجات البحرية. ففيما سجلت الأسماك السطحية تراجعًا طفيفًا بنسبة 2% من حيث الكمية لتستقر عند 1558 طنًا، فقد عرفت قيمتها المالية ارتفاعًا بنسبة 15%، محققة 57.87 مليون درهم مقارنة بـ 50.52 مليون درهم في نفس الفترة من السنة الماضية. أما الأسماك البيضاء، فقد شهدت نمواً لافتًا بنسبة 33%، حيث بلغ حجم المفرغات منها 400 طن، بقيمة مالية تجاوزت 21.33 مليون درهم، مقابل 299 طنًا و18.36 مليون درهم خلال النصف الأول من سنة 2024. وفي السياق ذاته، سجلت منتجات الرخويات والقشريات بدورهما ارتفاعًا ملموسًا. فقد ارتفعت كميات الرخويات بنسبة 28% لتبلغ 299 طنًا، محققة مداخيل وصلت إلى 26.45 مليون درهم، أي بزيادة قدرها 77% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما تطورت القشريات بالحجم نفسه (28%)، حيث تم تسويق 132 طنًا منها بقيمة قاربت 8.22 مليون درهم، محققة ارتفاعًا طفيفًا في القيمة نسبته 5%. وعلى المستوى الوطني، أشار المكتب الوطني للصيد البحري إلى أن مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي شهدت تراجعًا بنسبة 17% مع نهاية يونيو 2025، حيث بلغت الكمية الإجمالية حوالي 391 ألفًا و353 طنًا. ورغم هذا الانخفاض، فقد حافظت القيمة التجارية على استقرارها، إذ بلغت المبيعات نحو 4.81 مليار درهم، ما يعكس توازنًا نسبيًا في السوق الوطنية رغم التراجع في حجم المفرغات.


بالواضح
منذ ساعة واحدة
- بالواضح
الابتزاز الناعم: كيف تحولت مراكز تأشيرات فرنسا إلى بوابات للإذلال والربح؟
بقلم: نعيم بوسلهام من المفترض أن تكون الرقمنة وسيلة للشفافية والنجاعة الإدارية، لكن الواقع يثبت مرة أخرى أن التكنولوجيا، حين توضع بين أيدٍ لا ضمير لها، قد تتحول إلى أداة للابتزاز المقنّع. هذا ما يكشفه واقع مراكز خدمات التأشيرة الفرنسية، وعلى رأسها الشركة الوسيطة 'TLS Contact'، التي تدير مواعيد واستقبال طالبي التأشيرة بطرق تثير أكثر من علامة استفهام. عند الدخول إلى المنصة الإلكترونية لحجز المواعيد، يبدو للوهلة الأولى أن كل شيء يسير وفق معايير الكفاءة والتنظيم. يحصل طالب التأشيرة على موعد محدد، وتُرسل له رسالة إلكترونية تؤكد ذلك. غير أن المفاجأة المربكة تنتظره عند الوصول إلى مركز الاستقبال، حيث يُفاجأ بالعشرات ممن حُددت لهم المواعيد في نفس الساعة. أي جدوى إذًا من تخصيص توقيت إلكتروني إذا كان الجميع سيُكدّسون أمام أبواب المركز في لحظة واحدة؟ هذا التكديس المتعمّد يُفرغ فكرة المواعيد الرقمية من أي معنى، ويفتح الباب أمام الشكوك حول نوايا الشركة التي تدير المركز. إذ يصبح الاكتظاظ وسيلة ضغط نفسي واقتصادي تدفع طالب التأشيرة إلى خيارٍ وحيد: الدفع مقابل 'موعد مميز'، يُمنح له خارج طوابير الذلّ، بكلفة تتجاوز 300 درهم. إنه ابتزاز ناعم يرتدي لبوس الخدمة الإضافية. إلى جانب الاكتظاظ غير المبرر، يشكو المئات من طالبي التأشيرة من الإهانات وسوء المعاملة التي يتعرضون لها داخل هذه المراكز، خاصة في مدن كبرى مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة. يسود أسلوب تعالٍ في التعامل، يتجلى في نبرة الأوامر، وغياب أي حسّ إنساني تجاه كبار السن أو الحالات الخاصة. أما الاحتجاج أو الاستفسار، فقد يُواجه بالإقصاء أو التعطيل المتعمد. إن التعامل البيروقراطي داخل مراكز TLS يُذكّر بزمن ما قبل التحديث، حيث تسود عقلية الموظف 'الوصي' لا 'الخادم العمومي'، وتضيع كرامة المواطن أمام نزوات تنظيمية مشبوهة. لا أحد يجادل في حق فرنسا كدولة ذات سيادة في تنظيم دخول الأجانب إلى أراضيها، لكن ما يُطرح بإلحاح هو مسؤولية الدولة المغربية في حماية كرامة مواطنيها أمام ممارسات شركات مفوضة لا تحترم لا أبسط معايير المهنية، ولا أبجديات الكرامة الإنسانية. كيف يُعقل أن تتفرج القنصليات الفرنسية، وحتى وزارة الخارجية المغربية، على هذا المشهد البئيس دون أي تدخل لحماية مئات الآلاف من المواطنين الذين يُضطرون، بحكم الواقع، للسفر والدراسة والعلاج والتواصل العائلي في فرنسا؟ لقد آن الأوان لفتح نقاش رسمي وجاد حول طريقة تدبير خدمات التأشيرة الفرنسية في المغرب، ليس فقط من زاوية التنظيم الإداري، بل أيضًا من باب احترام الإنسان المغربي في كينونته وحقوقه الأساسية. فالتأشيرة، وإن كانت من حق الدولة المانحة، إلا أن طلبها لا ينبغي أن يكون مرادفًا للإذلال، ولا أن يتحول إلى سوق سوداء مقنّعة تتحكم فيها شركات جشعة بمنطق الربح الأقصى. فهل تتحرك الجهات المعنية لوقف هذا النزيف الأخلاقي والإداري؟ أم أن كرامة المواطن المغربي ستظل رهينة باب صغير في أحد المراكز، يتسابق نحوه المئات، ليحظوا بلحظة 'رحمة' من موظف بلا وجه ولا ضمير؟


عبّر
منذ ساعة واحدة
- عبّر
حزب العدالة والتنمية يرد على أخنوش: 'الاستغلال السياسي الحقيقي هو من صرف 50 مليار دون مساءلة'
في أول رد سياسي مباشر على التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والتي هاجم خلالها رئيس جماعة 'تبانت' بإقليم أزيلال واتهمه بالتحريض السياسي على خلفية احتجاجات ساكنة آيت بوكماز ، خرج القيادي بحزب العدالة والتنمية وعضو جماعة أكادير، محمد باكيري، بتدوينة نارية وجه فيها الاتهام إلى أخنوش ذاته بـ'الاستغلال السياسي الحقيقي'. وجاء في تدوينة باكيري التي نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك: 'الاستغلال السياسي هو الذي قمت به السيد الرئيس لما كنت مسؤولا عن صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية (ما يقارب من 50 مليار درهم). كيف تم صرفها؟ وما هي أولويات الصرف؟ والمناطق التي استفادت؟' وتابع: 'الوسيط السياسي عندما يُحاصر لا يجب أن يُلام إذا ناضل من أجل حقوق من يمثلهم، والمطلوب حقيقة هو التحقيق في الجهات التي تتحمل المسؤولية في عدم التجاوب مع هذه المطالب الأساسية والضرورية، لساكنة لا تزال تعاني من أبسط الحقوق في زمن الاستعداد لتنظيم مونديال 2030'. أخنوش في مرمى الانتقاد الحزبي وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد وجّه خلال نشاط رسمي انتقادات لاذعة لرئيس جماعة تبانت، متهمًا إياه بـ'التحريض السياسي' وتأجيج احتجاجات المواطنين في آيت بوكماز، وهو ما أثار موجة تفاعل واسعة، لاسيما أن المعني بالأمر منتخب محلي يتحدث باسم الساكنة حول مشاكل تنموية مزمنة تتعلق بالبنية التحتية والولوج إلى الخدمات الأساسية. صراع سياسي على خلفية التنمية القروية رد باكيري، الذي يمثل أحد الأصوات البارزة داخل العدالة والتنمية، أعاد فتح ملف صرف ميزانيات ضخمة موجّهة للعالم القروي، وعلى رأسها صندوق التنمية القروية، الذي أشرف عليه أخنوش عندما كان وزيرًا للفلاحة. وطالب بفتح تحقيق شفاف حول أوجه صرف الميزانية، وجدوى البرامج التي لم تُترجم إلى نتائج ملموسة، خصوصًا في المناطق الجبلية المهمشة. وتأتي هذه التفاعلات السياسية في وقت بالغ الحساسية، حيث يتزايد الضغط الاجتماعي على الحكومة بسبب اتساع رقعة الاحتجاجات المحلية في عدد من المناطق الجبلية والريفية، بالتوازي مع استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم 2030، ما يسلّط الضوء على التفاوت التنموي ويحرج الحكومة أمام الرأي العام. أسئلة مشروعة حول العدالة المجالية تصريحات أخنوش ورد باكيري تعكسان احتدام النقاش السياسي حول مفهوم العدالة المجالية، ومدى قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها التنموية، خاصة في المناطق المهمشة. كما تطرح الواقعة تساؤلات حول العلاقة بين السلطة التنفيذية والجماعات المنتخبة، ودور المنتخبين المحليين في التعبير عن معاناة المواطنين دون التعرض للتضييق أو الاتهام.