
آلام تقابلها آمال بانتهاء صراع امتد لأربعة عقود بين تركيا والأكراد
Getty Images
أسس عبد الله أوجلان حزب العمال الكردستاني عام 1978 مطالباً باستقلال المناطق الكردية في تركيا
شعرت ليلى بأن الفرصة حانت أخيراً لترى ابنها لأول مرة منذ أكثر منذ ثلاثة أعوام، بعد أن أعلن حزب العمال الكردستاني مؤخراً عن حلّ نفسه وتخليه عن السلاح، إيذاناً بانتهاء صراعه مع تركيا الذي استمر لعقود.
وسرعان ما تبددت آمال ليلى، التي غيرنا اسمها بناءً على طلبها؛ تجنباً لاحتمال تعرضها للأذى على يد حزب العمال.
تخبرني الأم، التي تعيش في إحدى المدن العراقية الكردية، أن ابنها تركها قبل أكثر من ثلاثة أعوام لينضم إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في جبال قنديل، بإقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي والواقع شمالي العراق.
أدت المواجهات المسلحة ما بين حزب العمال الكردستاني والسلطات التركية، على مدار 40 عاماً، لمقتل نحو 40 ألف شخص، بينهم الكثير من المدنيين. وجاء إعلان زعيم الحزب عبد الله أوجلان، الشهر الماضي، ليفتح الباب أمام إمكانية إنهاء واحد من أطول الصراعات في العالم.
وحتى اللحظة لم تنطلق محادثات بين الطرفين المتصارعين تمهد الطريق للوصول لاتفاقية سلام، وهو ما ساهم في شعور ليلى بالإحباط. وتقول: "في البداية فرحنا، لكن الأيام مرت ولم يتغير شيء. لم يتحول الإعلان لواقع ملموس على الأرض. ما من خطوة إيجابية اتخذت".
تطلعني ليلى على رسالة مصورة بعثها إليها ابنها العشريني في مارس/آذار 2025، ولم تتلقَّ منه إلا رسالتين مصورتين فحسب، خلال ثلاث سنوات.
"غسيل مخ"
BBC
يرى بعض الأكراد حل حزب العمال الكردستاني خطوة نحو السلام فيما يقول آخرون إن حلم دولة كردية مستقلة لن يموت
لم تكن تعلم شيئاً بشأن حزب العمال الكردستاني حتى بدأ ولدها، الذي كان يعمل في أحد المطاعم، يحدثها عن أيديولوجية الحزب وكيفية انخراطه في "الدفاع عن حقوق الأقلية العرقية الكردية" التي تعيش في كل من تركيا والعراق وسوريا وإيران.
واستغرق الأمر عامين كاملين حتى قرر الابن الانضمام للمقاتلين في جبال قنديل. وترى الأم أن حزب العمال الكردستاني "كان يجنده ببطء وتدرج، خلال وجوده معنا في المدينة، من خلال السيطرة على أفكاره وزرع مبادئ الحزب بداخله. كانت عملية أشبه بغسيل المخ".
وسرعان ما بدأت تلاحظ التغيير في سلوكيات ابنها الذي بدا أكثر استقلالية، حيث أصبح يغسل ملابسه بنفسه وينظف غرفته. "لم يكن هذا سلوكه من قبل، ولم أدرك أن الحزب كان يعدّه سلفاً للحياة الشاقة التي سيعيشها في الجبل".
ويمثل الأكراد نحو 20 في المئة من سكان تركيا. وأسس عبد الله أوجلان حزب العمال الكردستاني في عام 1978، وقاتل المسلحون في البداية بهدف استقلال المناطق الكردية، لكن هذه الأهداف تراجعت لاحقاً إلى الحصول على حكم ذاتي والمزيد من الحقوق للأقلية الكردية.
ويُصنَّف الحزب كجماعة إرهابية في كل من تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، كما حظره العراق العام الماضي.
"أريد رؤية ابني"
حاولت ليلى كثيراً ثني ابنها عن الانضمام للحزب لكن دون جدوى. وتتذكر اليوم الذي صعد فيه ابنها لجبال قنديل. وتقول إنه جاء بصحبة "ثلاثة من الرفاق ليخبرني أنه سيذهب في دورة تدريبية لستة أشهر. ولم أجد أي جدوى من معارضته، فقد كان مصمماً".
تشكك ليلى كثيراً في إمكانية انتهاء الصراع المسلح ما بين تركيا والحزب. وتقول: "لن يتخلى الحزب عن السلاح، وحتى إنْ فعل، سيلجأ لتشكيل جماعة جديدة باسم جديد ليحمل السلاح مرة أخرى".
ولا تحمل كلماتها شكوكاً فحسب، بل الكثير من الغضب الذي يرجع لحرمانها الطويل من ابنها. فقد انخرطت بالبكاء أكثر من مرة خلال حديثنا.
وتقول بسخط ويأس واضحين: "إذا كان الحزب جاداً بشأن إنهاء نشاطه المسلح، لسمح لي برؤية ولدي. سأكون راضية حتى إذا سمحوا لي برؤيته مرة واحدة في العام".
جبال قنديل
BBC
اتخذ مقاتلو حزب العمال الكردستاني من جبال قنديل الوعرة شمالي العراق مقراً يحميهم من القصف التركي
ذهبنا في رحلة طويلة وشاقة إلى جبال قنديل الواقعة في إقليم كردستان العراق، على الحدود بين العراق وإيران. واتخذ مقاتلو الحزب هذه الجبال الوعرة مقراً لهم منذ عام 1984، إذ شنوا منها العديد من الهجمات المسلحة على المدن التركية.
وقطعنا الطريق الترابي المتعرج الضيق في ساعات طويلة. وعلى امتداد البصر لم نرَ إلا جبالاً شاهقة تكسوها الأشجار وتخلو إلى حد كبير من مظاهر العمران البشري.
فلم نلحظ إلا وجود أعداد محدودة من المزارعين والرعاة. وقد ساعدت طبيعة المكان في توفير حماية نسبية للمسلحين من نيران قصف الطيران التركي الذي لم يتوقف على كردستان العراق حتى بعد الإعلان عن حل الحزب والتخلي عن السلاح.
وما أن اقتربنا من نقاط تفتيش حزب العمال الكردستاني حتى رأينا صوراً ضخمة لزعيم الحزب عبد الله أوجلان معلقة في الجبال. منعنا الجنود القائمون على نقطة التفتيش من الدخول وطلبوا أن نعود أدراجنا رغم وجود تنسيق مسبق كان من المفترض أن يسمح لنا بالدخول لمناطق نشاط المسلحين والحديث إليهم.
وعلمنا من السلطات المحلية للحزب في المنطقة أن محادثات تجري حالياً بين أعضاء الحزب، ولذلك فهم لا يحبذون وجود الإعلام في الوقت الحالي. ولم يوضحوا طبيعة هذه المحادثات أو مضمونها.
نزع سلاح الحزب
ويظل المجهول حول آلية تفكيك الحزب ونزع سلاحه أكثر من المعلوم. وفي لقاء أجريناه معه الشهر الماضي، أخبرنا وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن هناك "نحو سبعة آلاف مقاتل للحزب في جبال قنديل". وأوضح حسين أن محادثات ستجري ما بين العراق وتركيا وحكومة إقليم كردستان العراق من أجل "التوصل إلى آلية عمل مشتركة تؤدي إلى تسليم سلاح الحزب".
ولا تزال الصورة شديدة الضبابية بشأن إمكانية عقد اتفاقية سلام ما بين تركيا وحزب العمال الكردستاني أو البنود التي قد يتضمنها أي اتفاق من هذا النوع.
وفي بيان مكتوب ردّاً على أسئلة لبي بي سي، قال زاغروس هيوا، المتحدث باسم منظمة اتحاد مجتمعات كردستان التي ينضوي تحتها حزب العمال الكردستاني، إن الحزب جاد وملتزم بما أعلن عنه وأن "الكرة الآن في ملعب تركيا. ولا يمكن لعملية سلام أن تتم بناء على خطوات أحادية الجانب".
وطالب هيوا أنقرة بالاستجابة لمجموعة مَطالب منها الإفراج عن زعيم الحزب عبدالله أوجلان، السجين لدى تركيا منذ عام 1999. فأوجلان سيكون هو الممثل الرئيسي للأكراد في أي محادثات قد تنعقد مع الأتراك.
كما دعا هيوا في رده على بي بي سي للإفراج عمن وصفهم بسجناء الرأي الأكراد والمقدّرة أعدادهم بالآلاف، فضلاً عن وقف الغارات الجوية التركية على كردستان العراق.
لكن قائداً ميدانياً لدى الحزب في العراق أخبرنا في رد مكتوب على أسئلتنا أن مسألة التخلي عن السلاح "ليست مطروحة للنقاش"، موضحاً أن "معالجة الأسباب الجذرية للصراع، لن تجعل للسلاح قيمة"، وهو ما يشير إلى أن قرارات أوجلان، حال تنفيذها، قد تصطدم بعراقيل.
"فخر وألم"
BBC
كان كاوا مقاتلاً في صفوف حزب العمال الكردستاني، وقُتل قبل عامين حين كان يبلغ 21 عاماً
وعلّق الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، على قرار حل الحزب بأنها خطوة مهمة نحو الوصول إلى "تركيا خالية من الإرهاب". وكتب على حسابه على موقع إكس، الشهر الماضي، أن مرحلة جديدة ستبدأ في البلاد "بعد القضاء على العنف والإرهاب".
لكن العائلات التي فقدت بعضاً من ذويها في هذا الصراع يصعب عليها تقبل فكرة إنهاء النشاط المسلح.
كان كاوا، المقاتل في صفوف حزب العمال، في الـ 21 من عمره عندما قُتل قبل عامين. تذكر أخته رونديك المرة الأخيرة التي التقته فيها في جبال قنديل عام 2019. وتقول إنها حاولت إقناعه بالعودة معها "لكنه رفض رفضاً قاطعاً، بل طلب مني الانضمام إليه".
وداخل منزل أسرة كاوا التي تسكن مدينة السليمانية الكردية، شاهدت الكثير من صوره على الجدران. وتقول أخته العشرينية إن لحظة التخلي عن السلاح هي مصدر "ألم وفخر، خاصة بعد خسارتنا الفادحة".
وتؤكد رونديك وأسرة كاوا المؤيدة لحزب العمال الكردستاني "أن تضحيات شهدائنا هي التي مهدت الطريق للقادة كي يناقشوا مباحثات السلام".
BBC
ترى رونديك، شقيقة كاوا، قرار حزب العمال الكردستاني بوقف النشاط المسلح أمراً مؤلماً ومصدر فخر..
"أريد أن أرحل"
ولا مؤشر حتى الآن على استعداد تركيا لتقديم أي تنازلات للحزب، كما لا يوجد أي جدول زمني واضح لانطلاق محادثات بين الطرفين. ففي مارس/آذار 2025، طالب وزير الدفاع التركي، يشار غولر، حزب العمال الكردستاني "وجميع امتداداته النشطة في مختلف المناطق"، بضرورة تسليم أسلحتهم "فوراً دون قيد أو شرط".
ولا يشير غولر للعراق فحسب، بل يشير أيضاً إلى سوريا التي تنشط فيها وحدات حماية الشعب الكردي، التي تعتبرها أنقرة فرعاً سورياً لحزب العمال الكردستاني. وحصلت وحدات حماية الشعب الكردي قبل نحو عشر سنوات على دعم أمريكي لدورها في مواجهة ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، الذي استولى على مساحات شاسعة من العراق وسوريا. وأدى هذا الدعم الأمريكي للأكراد إلى توتر العلاقة ما بين واشنطن وأنقرة.
لكنّ أمّاً مثل ليلى لا تُعنَى إطلاقاً بكل هذه التعقيدات السياسية والتفاصيل المتعلقة بموازين القوى في المنطقة، فكل ما يشغلها هو عودة ولدها.
وتقول: "إذا عاد سآخذه وأرحل عن تلك المدينة التي انتزعته مني، فلقد اختبرت فيها الكثير من الألم".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 4 ساعات
- الوسط
ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟
Getty Images في خضم تداعيات الضربة العسكرية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الجدل السياسي والقانوني داخل إسرائيل، بعدما دعا علناً إلى إلغاء محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً فورياً، واصفاً إياه بأنه "بطل حربي" يستحق التكريم لا المحاكمة. وفي سياق متصل، تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلي بطلب رسمي للمحكمة المركزية في القدس لتأجيل جلسات محاكمته، التي تُعقد ثلاث مرات أسبوعياً، لمدة أسبوعين، متذرعاً بانشغاله بملفات "سياسية وأمنية حساسة" على رأسها الملف الإيراني والوضع في قطاع غزة. غير أن المحكمة رفضت طلبه مرتين، معتبرة أن المبررات "غير كافية" لتأجيل الجلسات، وأصرت على مواصلة الإجراءات القضائية دون تغيير في الجدول الزمني المحدد مسبقا. العفو الرئاسي في إسرائيل: قواعد صارمة وحدود سياسية دعوة ترامب أثارت تساؤلات قانونية حول إمكانية منح رئيس حكومة على رأس عمله عفواً رئاسياً، فبحسب القانون الإسرائيلي، لا يمكن للرئيس أن يمنح العفو إلا بطلب مباشر من الشخص المعني، وبعد التشاور مع النيابة العامة ووزارة العدل، كما أن العفو لا يُمنح عادة إذا ثبتت في القضية صفة "العار الأخلاقي" التي تمنع صاحبها من تولي المناصب العامة. الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، وفي تصريحات نادرة، أبدى انفتاحاً على فكرة التوصل إلى تسوية شاملة، مشيراً إلى أن أكثر من 90 في المئة من القضايا الجنائية في إسرائيل تنتهي عبر صفقة ادعاء. وقد دعا هرتسوغ إلى "حوار مسؤول" بين السلطات القضائية والسياسية للوصول إلى حل توافقي، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام استقلال القضاء وسيادة القانون. بين الدعم والرفض: انقسام إسرائيلي حاد Getty Images أحدثت تصريحات ترامب صدمة في الأوساط السياسية، وانقسمت ردود الفعل في إسرائيل بين من رأى فيها تعبيراً عن "شعور شعبي عميق" بضرورة إنهاء المحاكمة، وبين من اتهم ترامب بالتدخل الفج في شؤون دولة ذات سيادة. في أوساط الحكومة، سارع العديد من الوزراء إلى تأييد دعوة ترامب، واعتبر وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار أن "الوقت قد حان لإنهاء الظلم اللاحق بنتنياهو"، واصفاً المحاكمة بأنها "مطاردة شخصية بلا أساس قانوني". أما وزير الخارجية جدعون ساعر، فأشار إلى أن المحاكمة استغرقت أكثر من خمس سنوات، وأن الاستمرار فيها يخدم منطق "الاضطهاد القانوني" أكثر مما يخدم العدالة. كذلك، رأى رئيس لجنة الدستور في الكنيست، سمحا روتمان، أن المحاكمة تعكس صورة مشوهة للقضاء الإسرائيلي، واصفاً الاتهامات بأنها "مفبركة وبعيدة عن الواقع"، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أن الرئيس الأمريكي ليس مخولاً بالتدخل في النظام القضائي لدولة أخرى، داعياً إلى حل "يليق بدولة ذات مؤسسات مستقلة". في المقابل، وجدت التصريحات معارضة شديدة من قبل أطراف المعارضة، حيث اعتبر زعيم المعارضة السابق يائير لابيد أن تدخل ترامب "غير مقبول على الإطلاق"، وأنه يشكل مساساً بسيادة القضاء الإسرائيلي. أما النائبة ناعما لازيمي، فرأت في تصريحات ترامب "دليلاً جديداً على أن نتنياهو لم يعد يثق بمؤسسات دولته"، معتبرة أن طلب الدعم من زعيم أجنبي هو بحد ذاته "إدانة سياسية وأخلاقية". اللافت أن رئيس المحكمة العليا المتقاعد، أهارون باراك، دخل على خط النقاش، معلناً دعمه لأي خطوة تفضي إلى إنهاء محاكمة نتنياهو، سواء كانت عفواً أو صفقة ادعاء، وقال إنه لا يفهم سبب تعثر هذه المبادرات. وتشير تقارير صحفية إلى أن باراك عرض الوساطة فعلياً بين الأطراف للوصول إلى تسوية، إلا أن محاميي نتنياهو رفضوا طرحه، بسبب اشتراطه خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل إسقاط التهم عنه. بين السياسة والقضاء، هل نحن أمام صفقة شاملة؟ Reuters تعكس هذه التطورات معركة مزدوجة يخوضها نتنياهو: داخل المحكمة وداخل المؤسسة السياسية. فبينما يواجه اتهامات بالفساد في قضايا الهدايا والرشى، يُنظر إليه أيضاً كمهندس للهجوم على إيران، والشريك الرئيسي في خطة أمريكية واسعة لإنهاء الحرب في غزة وتوسيع دائرة اتفاقيات أبراهام. في هذا السياق، يرى محللون أن تصريحات ترامب لم تكن مجرد دعم عاطفي لصديق، بل جزءاً من محاولة استراتيجية لإزاحة العائق القضائي عن طريق نتنياهو، تمهيداً لدفع خطة سلام إقليمية تشمل إنهاء الحرب مقابل تسوية شاملة مع حماس، وإشراك دول عربية في إدارة غزة، وفتح باب التطبيع مع السعودية. كشفت صحيفة يسرائيل هيوم عن وجود خطة في المقابل لإنهاء الحرب في غزة والإفراج عن المحتجزين وتسوية تطبيع مع دول مختلفة من بينها السعودية وسوريا. ترامب وبحسب مراقبين يعلم جيدا بأن نتنياهو يتمسك بحكومته التي ستمنعه من إيقاف الحرب في غزة أو توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية بسبب إمكانية اتخاذ مسار حل الدولتين مع الفلسطينيين، وأن هذا المانع يرتبط كثيرا بخشية نتنياهو من سقوط الحكومة وفقدان حصانته البرلمانية، لذلك يعتقد أن تقديم العفو لنتنياهو سيعطيه مساحة سياسية داخلية أكبر للذهاب في مشروع الرئيس الأمريكي للمنطقة. بيد أن نتنياهو قد يصر على براءته ويستمر في جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم النهائي فهو لايزال يعتقد بأنه سيستطيع تفنيد التهم الموجهة ضده بينما يعتبر آخرون بأن ما قُدم ضده من تهم فساد قد يقوده للسجن بشكل شبه حتمي. خلاصة المشهد: عدالة مؤجلة أم تسوية كبرى؟ وسط ضغوط داخلية متزايدة، وأخرى خارجية من حلفاء كبار مثل ترامب، يجد نتنياهو نفسه عند مفترق طرق. فهل يواصل المواجهة القضائية حتى النهاية؟ أم يسلك طريق التسوية السياسية تحت غطاء العفو؟ في الحالتين، يبدو أن ما يجري اليوم يتجاوز مصير رجل واحد، ويمس مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل ومستقبل اتفاقات تطبيع وحلول سياسية واستراتيجية معقدة.


الوسط
منذ 6 ساعات
- الوسط
ستارمر يتراجع عن خفض إعانات ذوي الإعاقة
اضطرّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الجمعة إلى التراجع عن مشروع قانون لخفض الإعانات للأشخاص ذوي الإعاقة، في تحوّل كبير يعكس ضعف سلطته في مواجهة تهديدات بالتمرّد داخل غالبيته العمّالية. نصّ مشروع القانون على تقييد الشروط لأهلية الحصول على إعانات العجر والمرض في إنجلترا، بهدف توفير خمسة مليارات جنيه إسترليني (5.86 مليار يورو) سنويا. وأقرّت حكومة ستارمر الجمعة بأنّ خطّتها لن تنطبق إلا على المستفيدين في المستقبل، وفق وكالة «فرانس برس». وفي مواجهة معارضة شرسة من قبل 126 نائبا من حزب العمال الذي ينتمي لليسار الوسط، أي حوالى ثلث نواب الغالبية التي تتمتع بها حكومة كير ستارمر، قرّر رئيس الوزراء التراجع بدلا من المخاطرة بمواجهة هزيمة مذلّة خلال التصويت على النص الثلاثاء. وفي رسالة إلى النواب، أعلنت وزيرة العمل ليز كيندال أنّ الأشخاص الذين يتلقّون حاليا إعانات الإعاقة سيستمرّون في تلقّيها، وقالت إنّ «متطلّبات الأهلية الجديدة سيجرى تطبيقها ابتداء من نوفمبر 2026 على الطلبات الجديدة حصرا». وقال وزير الدولة للشؤون الصحية ستيفن كينوك لشبكة «سكاي نيوز»، إنّ «النقاشات والجدالات أمر طبيعي تماما عندما يتعلّق الأمر بإحراز تقدّم في إصلاحات ضرورية ومعقّدة».


الوسط
منذ 14 ساعات
- الوسط
حكم للمحكمة العليا الأمريكية يُوسّع صلاحيات ترامب، والأخير يعتبره "نصرا هائلا"
Getty Images منحت المحكمة العليا الأمريكية، الجمعة، دونالد ترامب - والرؤساء الأمريكيين المستقبليين - انتصارًا كبيرًا بتقييدها سلطة المحاكم الأدنى في عرقلة الأوامر التنفيذية الرئاسية. كان الرئيس ترامب مبتهجاً وهو يخاطب الصحفيين في قاعة المؤتمرات الصحفية بالبيت الأبيض، واصفًا القرار بأنه "قرار كبير ومذهل" يُسعد الإدارة الأمريكية كثيرًا. وقال إنه "نصرٌ هائل للدستور وفصل السلطات وسيادة القانون". لا يؤثر قرار المحكمة على أمر ترامب التنفيذي بإنهاء حق المواطنة بالولادة فحسب، بل يُشجعه أيضًا على تنفيذ العديد من سياساته الأخرى، التي أُحبطت مؤقتًا بأوامر قضائية مماثلة. أثر الحكم على حق المواطنة بالولادة أفسحت المحكمة العليا الباب أمام إدارة ترامب، لإيقاف منح الجنسية تلقائيًا لكل من وُلد على الأراضي الأمريكية - على الأقل في الوقت الحالي. والآن، سيتعين على البيت الأبيض تنفيذ خطته، وهي مهمة ليست بالهينة. وسمحت أعلى محكمة في البلاد، في حكمها الصادر يوم الجمعة، بدخول الأمر التنفيذي لدونالد ترامب، القاضي بإنهاء حق المواطنة بالولادة، حيز التنفيذ في غضون شهر، مع إفساح المجال للمحاكم الأدنى للحد من تأثيره على من يحق لهم رفع دعاوى قضائية. وتتولى الولايات تقليديًا إصدار شهادات الميلاد، والعديد منها لا يسجل جنسية الوالدين. ولن تتعجل حكومات الولايات التي يديرها الديمقراطيون في القيام بذلك، مهما كانت رغبة إدارة ترامب. وقد تركت القاضية إيمي كوني باريت، التي كتبت نص الحكم نيابة عن الأغلبية، الباب مفتوحًا أمام الولايات لتقديم حجج تفيد بضرورة فرض حظر أوسع نطاقًا على إجراءات ترامب المتعلقة بالجنسية بحكم المولد. هذا يُمهّد الطريق لمعارك قانونية كبيرة قادمة. وكتبت باريت: "من وجهة نظر الولايات، لا يمكن معالجة أضرارها - الأضرار المالية والأعباء الإدارية الناجمة عن برامج المزايا التي يعتمد عليها المواطنون - دون حظر شامل على تنفيذ الأمر التنفيذي". "ينبغي للمحاكم الابتدائية تحديد ما إذا كان إصدار أمر قضائي أضيق نطاقًا شيئًا مناسبًا، لذا نترك لها النظر في هذه الحجج وأي حجج ذات صلة". من جانبه، وصف الرئيس ترامب قرار المحكمة يوم الجمعة بأنه "نصرٌ هائل"، وأضاف أن "خدعة الجنسية بالولادة" قد "تضررت بشكل غير مباشر وبشدة"، وأن القرار سيمنع "الاحتيال على عملية الهجرة لدينا". وصرحت المدعية العامة الأمريكية، بام بوندي، الجمعة، بأن المحكمة العليا ستقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنهي منح الجنسية بالولادة خلال جلستها القادمة، في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. Getty Images أولغا أوربينا وابنها الرضيع، آريس ويبستر، يشاركان في احتجاج أمام المحكمة العليا الأمريكية ضد قرار الرئيس دونالد ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة توسيع نطاق السلطة الرئاسية سيكون لقرار المحكمة، الحد من سلطة قضاة المحاكم الفيدرالية الأدنى في إصدار أوامر قضائية على مستوى البلاد، عواقب فورية وواسعة النطاق. لطالما انتقد الرؤساء الديمقراطيون والجمهوريون من يصفونهم بقضاة أيديولوجيين في المحاكم الفيدرالية الجزئية، والذين تمكنوا بمفردهم من عرقلة الإجراءات التنفيذية، بل وحتى التشريعات التي يقرها الكونغرس. وفي حين أن إلغاء الجنسية التلقائية لأطفال المهاجرين غير الشرعيين المولودين على الأراضي الأمريكية هو محور هذه القضية البارزة، إلا أن هناك عددًا من الإجراءات الأخرى التي اتخذها ترامب في الأشهر الأخيرة، والتي أوقفها أيضًا قضاة من مستويات أدنى. منذ تنصيب ترامب وحتى 29 أبريل/نيسان الماضي، أحصت دائرة أبحاث الكونغرس 25 حالة من هذا القبيل. وعقب قرار المحكمة يوم الجمعة، صرّح ترامب للصحفيين: "يمكننا الآن التقدم بطلب رسمي للمضي قدمًا في سياسات تم حظرها ظلمًا". منعت المحاكم الأدنى تخفيضات الرئيس في المساعدات الخارجية، وبرامج التنوع، والهيئات الحكومية الأخرى، وحدّت من قدرته على فصل موظفي الحكومة، وعلّقت إصلاحات أخرى متعلقة بالهجرة، وعلّقت التغييرات التي أصدرها البيت الأبيض على العمليات الانتخابية. وبقرار المحكمة العليا في هذه القضية، أصبحت الإدارة في وضع أقوى بكثير لمطالبة المحاكم بالسماح لها بالمضي قدمًا في العديد من هذه الجهود. يذكر أنه خلال رئاسة الديمقراطي جو بايدن، منع القضاة المحافظون الساسة الديمقراطيين من سنّ لوائح بيئية جديدة، وتقديم إعفاءات من قروض الطلاب، وتعديل قواعد الهجرة. كما منعت المحاكم تغييرات على وضع الهجرة المستقر لبعض المهاجرين غير المسجلين، خلال رئاسة باراك أوباما، ومنعته أيضاً من منح المزيد من الموظفين ذوي الياقات البيضاء أجورًا إضافية. في جميع هذه الأنواع من القضايا، ستتمكن المحاكم في نهاية المطاف من التدخل ووقف الإجراءات الرئاسية، التي تعتبرها غير قانونية أو غير دستورية. وقالت المحكمة العليا في رأيها: "يجب على المحاكم الأدنى التحرك على وجه السرعة لضمان توافق الأوامر القضائية، فيما يتعلق بكل مدعٍ، مع هذه القاعدة، وامتثالها لمبادئ الإنصاف". لكن ذلك سيتحقق في مراحل لاحقة من العملية القضائية، على مستوى محكمة الاستئناف والمحكمة العليا. في غضون ذلك، سيحظى الرؤساء - دونالد ترامب وخلفاؤه، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين - بمزيد من الوقت والمساحة للتصرف.