
كيف يستخدم ترامب نظرية «الرجل المجنون» في تغيير شكل العالم؟
في أحدث تجليات هذه النظرية، أوحى ترامب الشهر الماضي بأنه وافق على هدنة مؤقتة مع إيران، بهدف استئناف المفاوضات، قبل أن يباغت طهران بقصف مواقعها النووية. وعندما سُئل عما إذا كان يخطط للانضمام إلى إسرائيل في حربها ضد إيران، قال ببساطة: «قد أفعل ذلك. وقد لا أفعله. لا أحد يعلم ما سأفعله».
ووفق تقرير لـ«بي بي سي»، فإن ما يميز نهج ترامب هو أن الشيء الوحيد المتوقع فيه هو عدم التوقع ذاته. إذ يغيّر رأيه باستمرار، ويناقض نفسه في المواقف، ما يجعل سياسته الخارجية شديدة التمركز حول شخصيته، على غرار ما حدث في عهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون.
وفي فترة رئاسته الثانية، استهل ترامب عهده باحتضان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما هاجم حلفاء واشنطن التقليديين. اقترح أن تصبح كندا الولاية الأميركية الحادية والخمسين، ولوّح بإمكانية استخدام القوة لضم جزيرة غرينلاند، كما دعا إلى استعادة السيطرة على قناة بنما.
ورغم التزام واشنطن منذ عقود بالدفاع المشترك في إطار المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أثار ترامب الشكوك حول مدى التزامه بتلك المادة. وقال بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق: «أعتقد أن المادة الخامسة على وشك الانهيار».
وقد كشفت تسريبات عن رسائل نصية من داخل البيت الأبيض عن «ثقافة ازدراء» تجاه الحلفاء الأوروبيين. كما صرّح نائبه، جي دي فانس، أن الولايات المتحدة لن تبقى ضامناً لأمن أوروبا، ما دفع مراقبين إلى الحديث عن نهاية 80 عاماً من التضامن عبر الأطلسي.
ورغم النقد، أتى أسلوب ترامب بنتائج ملموسة. فقد أعلنت بريطانيا مؤخراً رفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما دفع دول الناتو الأخرى إلى السير على النهج نفسه. وحرص قادة الحلف على مجاملة ترامب لضمان استمرار دعمه، كما فعل الأمين العام للناتو مارك روته، الذي قال لترامب خلال قمة لاهاي: «ستحققون شيئاً لم يستطع أي رئيس تحقيقه منذ عقود».
وترى جولي نورمان، أستاذة العلوم السياسية في كلية لندن، أن «نهج ترامب القائم على عدم القدرة على التنبؤ، يجعل من الصعب التكهن بخطوته التالية، لكن ذلك هو ما يمنحه قوة تفاوضية أمام الحلفاء».
غير أن استراتيجية الإرباك هذه لم تفلح مع الخصوم. فقد أبدى بوتين تجاهلاً لضغوط ترامب، ورفض الاستجابة لدعوات إنهاء الحرب في أوكرانيا. وبعد مكالمة هاتفية بين الزعيمين، عبّر ترامب عن «خيبة أمله» من موقف نظيره الروسي.
أما في إيران، ورغم وعوده بإنهاء تدخلات بلاده في «حروب الشرق الأوسط الدائمة»، اتخذ ترامب قراراً عسكرياً مفاجئاً بضرب منشآت نووية إيرانية، وهو ما وصفته «بي بي سي» بأنه «أكثر قراراته تقلباً» حتى الآن.
لكن هذا القرار، وفق وزير الخارجية البريطاني الأسبق ويليام هيغ، قد يؤدي إلى نتيجة معاكسة تماماً، من خلال دفع إيران إلى تسريع مشروعها النووي. ويتفق معه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام، مايكل ديش، الذي قال: «من المرجح جداً الآن أن تتخذ إيران قراراً بالسعي لامتلاك سلاح نووي».
ونجحت نظرية «الرجل المجنون» في إرباك الحلفاء ودفعهم إلى إعادة حساباتهم العسكرية والاقتصادية. لكن فاعليتها تبقى موضع شك في التعامل مع الخصوم، الذين يمتلكون هامشاً أكبر من المناورة، ولا ينصاعون بسهولة لمنطق المفاجأة أو التهديد.
وبينما يرى بعض مستشاري ترامب أن هذه المقاربة تتيح له استخدام نفوذ أميركا لتحقيق أقصى قدر من المكاسب، يشير الواقع إلى أن هذه النظرية، رغم نجاحها في إحداث تغييرات تكتيكية، لم تُثبت بعد قدرتها على صياغة نظام دولي أكثر استقراراً أو أمناً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ ساعة واحدة
- أخبار ليبيا
ترمب: نعتزم تسهيل إحلال السلام في ليبيا والسودان
ترامب يعلن عزم بلاده دعم جهود إحلال السلام في ليبيا والسودان ودول أفريقية أخرى ليبيا – أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته تعتزم تكثيف جهودها لدعم مساعي إحلال السلام في ليبيا والسودان وعدد من الدول الأفريقية التي تواجه أزمات وصراعات. الملف الليبي ضمن أولويات التحركات الأمريكية في أفريقيا وجاءت تصريحات ترامب، خلال لقائه مع قادة الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال، في البيت الأبيض أمس الأربعاء، حيث أكد أن بلاده ستعمل على تسهيل عملية إحلال السلام في مناطق الأزمات بالقارة الأفريقية. تعهد أمريكي بدعم استقرار ليبيا والسودان وقال ترامب خلال اللقاء: 'سنعمل على تسهيل إحلال السلام في أماكن مثل السودان، حيث توجد الكثير من المشكلات، وكذلك في ليبيا وغيرها من الدول، فهناك الكثير من الغضب في قارتكم'. وأكد ترامب أن بلاده تضع استقرار أفريقيا ضمن أولوياتها، في ظل تصاعد الأزمات في بعض مناطقها.


عين ليبيا
منذ 4 ساعات
- عين ليبيا
غزة للبيع.. خطة بمليارات الدولارات تُشعل جدلاً عالمياً!
تتصدر خطة لتحويل قطاع غزة إلى مشروع اقتصادي ضخم بقيمة تفوق 300 مليار دولار عناوين الصحف العالمية، لكنها تثير جدلاً أخلاقياً وسياسياً واسعاً، إذ يقف وراءها مستثمرون إسرائيليون وشخصيات غربية بارزة، في حين يحذر خبراء من أن الخطة مبنية على فرضيات تجميلية تتجاهل الواقع السياسي والإنساني الصعب في القطاع المحاصر. خطة الريفييرا.. مشاريع طموحة على أرض مدمرة تتضمن الخطة مشاريع كبيرة مثل إنشاء منتجعات سياحية فاخرة على الساحل، جزر اصطناعية، ميناء عميق يربط غزة بالمسارات الاقتصادية العالمية، ومنطقة تصنيع ذكية تحت إشراف شركات كبرى، إضافة إلى تقديم تعويضات مالية لأكثر من نصف مليون فلسطيني مقابل مغادرة القطاع. لكن هذه الخطط تواجه انتقادات لكونها قد تشكل 'محاولة لتطهير ديموغرافي' بغطاء استثماري. ووصف الدكتور نصر عبد الكريم، أستاذ العلوم المالية، المبادرة بأنها 'فاقدة للمشروعية وغير أخلاقية، وهشّة لا تقبلها حتى الإدارة الأميركية'، مشيراً إلى أن الجهات التي وردت أسماؤها في الخطة نفت رسميتها، ما يعزز فرضية غياب الشفافية. غزة.. انهيار اقتصادي واجتماعي عميق تشير تقارير البنك الدولي والمنظمات الدولية إلى أن اقتصاد غزة انهار بنسبة 83% في 2024، مع خسائر مادية تجاوزت 29.9 مليار دولار في البنى التحتية والخدمات الأساسية، وبطالة تقارب 80%. وفي ظل الحصار المستمر والعمليات العسكرية، يرى عبد الكريم أن أي حديث عن مشاريع استثمارية دون معالجة الجذور السياسية يبقى مجرد وهم. الخطة العربية.. مسار بديل واقعي على النقيض، توجد خطة عربية تقدر بـ53 مليار دولار، تشمل إغاثة عاجلة وإعادة إعمار استراتيجية تعتمد على شروط واضحة: وقف الحرب، انسحاب تدريجي للقوات، رفع الحصار، ووحدة المرجعية الفلسطينية لإدارة الإعمار. ويرى عبد الكريم أن هذه الخطة تحظى بشرعية سياسية وأخلاقية أكبر، وتشكل إطاراً أكثر واقعية لإعادة إعمار غزة. الاستثمار لا يغني عن الحرية تختزل الخطة المثيرة الجدل قضية غزة في أرقام ومشاريع اقتصادية، متجاهلة أن التنمية الحقيقية لا تبدأ دون إنهاء الحصار وتحقيق السلام وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم. ويخلص عبد الكريم إلى أن 'بناء غزة ممكن، لكن ليس على أنقاض كرامة شعبها ولا على جثث ضحاياها.' 'واينت': إسرائيل توافق على بدء ضخ أموال إعادة إعمار غزة خلال الهدنة… وضغوط أمريكية على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار أفاد موقع 'واينت' العبري أن إسرائيل وافقت مبدئيًا على السماح لقطر ودول أخرى بضخ أموال لإعادة إعمار قطاع غزة خلال فترة وقف إطلاق النار، وذلك في إطار المفاوضات الجارية حول صفقة تبادل أسرى ووقف القتال. وأوضح الموقع أن هذا التوافق يأتي استجابة لمطالب حركة 'حماس'، التي تشترط بدء مشاريع إعادة الإعمار كضمان على جدية نية إنهاء الحرب، فيما تصر إسرائيل على ألا تكون الدوحة الجهة الوحيدة لتمويل الإعمار، بل بمشاركة دول أخرى. وأشار التقرير إلى أن هذه المسألة أُثيرت في محادثات بين وفد قطري زار واشنطن هذا الأسبوع، تزامنًا مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة، في إطار مساعٍ أمريكية لدفع الطرفين نحو اتفاق مؤقت. في السياق ذاته، كشفت مصادر أمريكية وإسرائيلية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مارس 'ضغطًا شديدًا' على نتنياهو خلال لقائهما الثاني في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، لحثه على القبول بوقف إطلاق النار. وأفادت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' أن نتنياهو غادر الاجتماع دون الإدلاء بأي تصريحات، ما عُدّ مؤشرًا على وجود خلافات جوهرية. وبحسب التسريبات، تتضمن صيغة الاتفاق المؤقت هدنة لمدة 60 يومًا، تشمل إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم رفات 18 آخرين، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين، وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ومن المتوقع أن تتولى إدارة ترامب الإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق وضمان التزام الطرفين. لكن مصادر إسرائيلية حذرت من احتمال تعثر الاتفاق بسبب إصرار نتنياهو على الإبقاء على السيطرة العسكرية الإسرائيلية على محور موراج المعروف بـ'فيلادلفيا 2″، خلافًا لتوصيات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. يُذكر أن دولًا إقليمية كالسعودية والإمارات ترفض الالتزام بالمساهمة في إعادة إعمار غزة ما لم تلتزم إسرائيل صراحة بإنهاء الحرب، وفق ما ذكر موقع 'واينت'.

الوسط
منذ 4 ساعات
- الوسط
الصين: الرسوم الجمركية «التعسفية» لا تخدم أحدا
قالت الصين اليوم الخميس إن الرسوم الجمركية «التعسفية» مثل الضريبة البالغة 50% على النحاس التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب متحججا بالأمن القومي، «لا تخدم مصالح أحد». وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ «لطالما عارضنا الإفراط في توسيع نطاق مفهوم الأمن القومي. ولطالما آمنا أيضا بأن فرض الرسوم الجمركية بشكل تعسفي لا يخدم مصالح أحد». وأعلن ترامب الأربعاء أن الولايات المتحدة ستفرض، اعتبارا من الأول من أغسطس، رسوما جمركية بنسبة 50% على وارداتها من النحاس، المعدن الأساسي في قطاع الطاقة الخضراء وغيره من التقنيات. وفي منشور على منصته «تروث سوشل» قال ترامب «أُعلن عن رسوم جمركية بنسبة 50% على النحاس، اعتبارا من الأول من أغسطس 2025، بعدما تلقّيتُ تقييما أمنيا وطنيا متينا»، في إشارة على الأرجح إلى تحقيق أجرته وزارة التجارة في وقت سابق من هذا العام. الوكالة الدولية للطاقة تتوقع ارتفاع استهلاك النحاس العالمي وشهد الطلب على النحاس ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة مع انتقال العالم إلى طاقة أنظف، إذ إن هذا المعدن مطلوب للألواح الشمسية وطواحين الهواء وبطاريات السيارات الكهربائية. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع استهلاك النحاس العالمي بنسبة تزيد عن 25 % ليصل إلى 33 مليون طن بحلول العام 2035، مقارنة بـ 26 مليون طن في العام 2023. وتسببت حملة التعرفات التجارية التي أطلقها ترامب في إحداث اضطراب في الأسواق العالمية منذ عودته إلى منصبه في يناير. وأمر في فبراير بإجراء تقييم داخلي بشأن ما إذا كانت واردات النحاس المحدودة تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي