
هل يُجنّب لبنان شبح التصعيد العسكري؟
تزامناً مع وصول الموفد الأميركي توماس باراك إلى بيروت لتسلُّم الردّ اللبناني على المبادرة الأميركية الجديدة، تبلورت ملامح الموقف الرسمي، ففي أساسيات الردّ، تشديد على أن لبنان التزم بالقرار 1701، وباتفاق وقف إطلاق النار، وعمل على تفكيك بنية حزب الله العسكرية في جنوب نهر الليطاني، لكن الردّ لم يتحدث عن العمل في شمال الليطاني، ولم يحدّد مهلة زمنية لذلك. خصوصاً في ظل تمسّك «حزب الله» المطلق بسلاحه ورفضه غير المباشر أي نقاش بشأن حصر القوة بيد الدولة.
ولا يبدو الرد اللبناني بأنه شفى «الغليل» الأميركي، فالمبادرة الأميركية، من وجهة نظر واشنطن، تنطلق من قناعة بأن استقرار لبنان وإعادة إعمار مناطقه المتضررة لا يمكن أن يتحققا في ظل وجود قوة مسلّحة موازية لمؤسسة الجيش. ومن هنا، اشترطت الورقة الأميركية ضمانات صريحة بعدم وجود تنظيمات عسكرية خارج إطار الشرعية.
في المقابل، استند «حزب الله» في دوائره المغلقة إلى ما وصفه بـ«الانتصار» في الصمود أمام القصف الإسرائيلي و«منع الاجتياح الكامل» لجنوب لبنان، ليبرّر احتفاظه بالسلاح، معتبراً أن الظروف غير ملائمة لأي نقاش من هذا النوع. لا سيما أن بعض المقرّبين منه رأوا أن اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 جاء نتيجة خطأ بالحسابات وشروط مجحفة وسوء بالتفاوض، لا بفعل ضغط عسكري على الحزب.
ورغم حرص الرؤساء اللبنانيين الثلاثة على تهدئة الداخل وتفادي التصعيد، فإنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن استعادة النقاط اللبنانية الخمس المحتلة ووقف العدوان الإسرائيلي يتطلبان دعماً أميركياً واضحاً، وسط وصول رسائل تحذّر من أن إضاعة هذه الفرصة قد تعيد لبنان إلى دوامة التصعيد العسكري الإسرائيلي. وفي هذا السياق، يبرز دور رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري كوسيط أساسي قادر على تليين موقف الحزب من خلال الضغط عليه، خاصة مع دخول المملكة العربية السعودية على خط الوساطة من خلال الأمير يزيد بن فرحان، الذي أعلن استعداد بلاده تقديم ضمانات لدعم إعادة الإعمار شرط الالتزام بالإصلاحات وحصر السلاح بيد الدولة.
لكن الخطر لا يكمن فقط في المواقف السياسية، بل في ترجمتها على الأرض. فبينما كان البحث جارياً في مصير سلاح «الحزب»، شهدت شوارع بيروت ظهوراً مسلحاً علنياً خلال ذكرى عاشوراء، على بُعد مئتي متر من السراي الحكومي. هذا الاستعراض، الذي حمل شعارات طائفية، مثّل انقلاباً على روح المناسبة، التي لم يكن ليريدها الإمام الحسين رضي الله عنه إلّا ذكرى وحدة وعدالة، لا مناسبة لاستعراض القوة. وما يهدّد السلم الأهلي حقيقةً، ليس فقط وجود سلاح خارج الشرعية، بل أيضاً استغلال الشعائر المقدّسة لتحقيق أهداف فئوية غير مشروعة.
وقد دان رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام هذه العراضات المسلّحة واعتبرها «غير مقبولة بأيّ شكل»، مطالباً وزيري الداخلية والعدل باتخاذ إجراءات فورية تحفظ هيبة الدولة. وسرعان ما تحرّكت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فأوقفت عدد من المشاركين في هذه العراضات، مؤكدة أن بيروت ليست ساحة مستباحة، بل عاصمة يجب أن تُحمى. هذه الخطوة، شكّلت رسالة واضحة بأن الدولة قادرة على بسط سلطتها، وأن الأمن لا يُفرض بالشعارات، بل بالقرار الحازم والعمل الميداني.
وفي هذا السياق بالذات، لا بدّ من استحضار القيم التي مثلها الإمام الحسين – قيم الرحمة والعدالة والإصلاح – والتي تتناقض كلياً مع مشاهد الاستقواء بالسلاح. فحصر السلاح بيد الدولة لا يتعارض مع روحية عاشوراء، بل هو امتداد طبيعي لها. وكما لا يُبنى الاستقرار في ظل ازدواجية السلاح، لا تُحفظ المناسبات الدينية بالاستعراضات المسلحة، بل بالالتزام بالقانون ومنطق الدولة. وعليه، فإن «حزب الله» يقف اليوم أمام مفترق طرق: إما الانخراط في مشروع الدولة والتخلّي التدريجي عن السلاح ضمن تسوية وطنية تحفظ الاستقرار وتعزز مؤسسات الدولة، أو الإصرار على معادلة ازدواجية السلاح والسلطة، بما يحمله ذلك من مخاطر داخلية وعربية.
والمبادرة الأميركية تتيح للحزب فرصة جدية للخروج من حالة العزلة، خصوصاً أنها تتكامل مع مضمون اتفاق الطائف، الذي نصّ بوضوح على تسليم جميع الميليشيات أسلحتها للدولة. هذا البند، الذي لم يُستكمل تنفيذه بسبب ظروف إقليمية سمحت بوضع استثنائي تمثّل في استمرار «الحزب» بالتسلّح، وهو ما بات يتطلّب، كما شدّد الرئيس نواف سلام، إعادة التأكيد على تطبيق كامل لبنود الطائف، في طليعتها احتكار الدولة وحدها لوسائل القوة.
ولكن يُستشفّ من تصريحات المبعوث الأميركي توماس باراك في القصر الجمهوري، أنّ واشنطن تُفضل أن يتولى لبنان معالجة ملف سلاح حزب الله بنفسه، ولا تنوي التدخّل مباشرةً، بمعنى أنها تريد أن يتم سحب السلاح بشكل علني ورسمي، من خلال إصدار قرار واضح في مجلس الوزراء يلتزم بحصر السلاح بيد الدولة، ويتضمن آلية تنفيذية مفصّلة وجدولاً زمنياً دقيقاً للتنفيذ؛ فيما يرفض حزب الله طرح هذا الملف في مجلس الوزراء، محذراً من أن اتخاذ مثل هذا القرار قد يؤدي إلى اهتزاز الحكومة ودخول البلاد في أزمة سياسية جديدة قد تفتح الباب أمام توترات داخلية. وهنا يبرز التساؤل المشروع: هل يُمكن فعلاً اتخاذ قرار من هذا النوع في مجلس الوزراء في ظل الانقسام السياسي الحاد؟ وإن حصل، فهل ستُرفق به آلية تنفيذية تضمن التطبيق الفعلي، أم سيبقى حبراً على ورق في مواجهة الوقائع المعقّدة؟
ويبقى أن نؤكد، في الختام، أن حماية بيروت من الفوضى مسؤولية جماعية لكل القوى السياسية والدينية والاجتماعية، تماماً كما أن التمسّك بذكرى عاشوراء وتنوّعها وقدسيتها هو الترجمة الفعلية لقيمها. فالعاصمة ليست ساحة للاستقواء على أحد، بل منارة للعيش المشترك. وبيروت التي دفعت أثماناً باهظة في حروب الآخرين، تستحق أن تُحمى وتُكرّم، لا أن تُرعب وتُستباح. فبالله عليكم، احموها وأكرموها قبل فوات الأوان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 33 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
إزدواجية الدولة وإرباك الردّ: لبنان يُضيِّع فرصة التفاهم؟
في ذروة التوتر الإقليمي، يقف لبنان مجددًا على حافة تحول سياسي–أمني مفصلي، عنوانه هذه المرة عرض أميركي مشروط لحزب الله، يقضي بتحوّله التدريجي من فاعل عسكري إلى طرف سياسي «منضبط» في النظام اللبناني. وللمفارقة، لا يأتي هذا العرض في سياق ضغوط مفتوحة أو تهديدات مباشرة، بل هجيناً بين التهديد وما يُسمى «المسار الديبلوماسي»، الذي أطلقه الموفد الرئاسي الأميركي توم بارّاك، في زيارة بدت على قدر عالٍ من التنسيق مع البيت الأبيض والبنتاغون، وحملت في طياتها ما يتجاوز مجرد الرغبة في تسوية أمنية موقتة ومرحلية بين لبنان وإسرائيل. لكن خلف عبارات التهدئة، تنكشف نوايا أكثر عمقاً: مشروع إعادة هيكلة للمشهد اللبناني، أمنياً وسياسياً، تبدأ من الجنوب ولا تنتهي عند حدود الطائف. فالأميركيون، وفق ما نقلته مصادر مطّلعة، يعتبرون أن ترسانة حزب الله لم تعد عنصراً «ردعياً» بقدر ما باتت تهديداً دائماً لأي صيغة استقرار في الإقليم، خصوصاً بعدما دخلت غزة في لعبة المساومات، وبدأت سوريا خطوات تفاوض مباشرة مع إسرائيل. ما يطرحه الموفد الرئاسي الاميركي توم برّاك يبدو للوهلة الأولى أقرب إلى التسوية: ضمان أمن إسرائيل مقابل تحوّل حزب الله لاعباً سياسياً مشروعاً. لكن جوهر المبادرة أميركياً لا ينفصل عن هدف استراتيجي أبعد: تفكيك البيئة العسكرية للحزب تدريجياً، بدءاً من مناطق القرار 1701، مروراً بالشرق، وصولاً إلى الشمال، في إطار ما يشبه خريطة طريق لاحتكار الدولة اللبنانية السلاح، ولو بعد حين. في المقابل، يبدو الرد اللبناني الرسمي على هذا العرض مرتبكاً ومتشظياً، انعكاساً لانقسام أعمق في الرؤية: رئيس مجلس النواب نبيه بري قدّم ملاحظات تتماهى مع موقف حزب الله، من خارج الرد الرسمي، مما أظهر أن لا مقاربة موحّدة في السلطة اللبنانية. وأكثر من ذلك، فإن ازدواجية الخطاب بين المؤسسات تُفقد الدولة صدقيتها في المحافل الدولية، وتفتح الباب أمام شكوك جدية في قدرتها على إدارة هذا النوع من المفاوضات الدقيقة. من جهة حزب الله، لا جديد يُذكر في العناوين: لا حوار حول السلاح قبل وقف العدوان، وإعادة الإعمار، وإطلاق الأسرى، وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة. لكن بين السطور، يُقرأ موقف الحزب مناورة مدروسة للربح بالوقت، على أمل أن تتغيّر المعادلات مجدداً، كما حصل في مراحل سابقة. غير أن هذا التعويل على الوقت يبدو مهدداً هذه المرة، مع تحوّلات عميقة في المشهد الإقليمي، من التقارب التركي–الإسرائيلي، إلى تبدلات موقف بعض الدول العربية من أولويات القضية الفلسطينية. المفارقة أن الحزب، الذي طالما قدّم نفسه مدافعاً عن السيادة، يجد نفسه راهناً أمام معادلة تفرض عليه، للمرة الأولى منذ سنة 2006، التفكير في أثمان بقائه خارج الإجماع الداخلي، خصوصاً إذا تحوّلت المبادرة الأميركية إلى ضغط دولي منسّق مدعوم من الأوروبيين والعرب. فالعشرون يوماً (حتى نهاية تموز) التي حدّدها بارّاك للرد ليست مجرد مهلة إدارية، بل هي – عملياً – اختبار لقدرة لبنان على اتخاذ قرار سيادي جامع، يعيد تعريف مفهوم الدولة وحدود الشرعية. في هذا السياق، تعود إلى الواجهة فكرة تفعيل «لجنة مراقبة وقف إطلاق النار»، التي صارت آلية غير فعَّالة باعتراف برّاك نفسه، لكنّها قد تتحوّل إلى مدخل لتسوية جديدة إذا ترافقت مع ضمانات أمنية حقيقية، ترفع عن لبنان كلفة الاشتباك الدائم. غير أن هذه المقاربة، التي تقوم على التوازي بين الضمانات والنزع التدريجي للسلاح، لا تزال تصطدم بشكوك متبادلة: فلبنان لا يثق بنيّة واشنطن الحقيقية في ردع إسرائيل، والولايات المتحدة لا ترى التزاماً لبنانياً جدياً بإصلاح المشهد الأمني الداخلي. في المحصلة، يواجه لبنان تحدياً غير مسبوق ولحظة فاصلة تتقاطع فيها التحوّلات الإقليمية والضغوط الدولية مع الانقسام الداخلي المزمن. يبقى عليه إما أن يستثمر اللحظة الدولية ويبلور موقفاً سيادياً موحّداً يعيد ترتيب أولوياته، أو يستمر كمنصة مشاع تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية. هي ليست أزمة سلاح فقط، بل أزمة خيارات وهوية، تتجاوز الجنوب وحدوده، إلى جوهر العقد الوطني نفسه. أنطوان الأسمر - "اللواء" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 33 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
هكذا ينتهي مسلسل الأزمات والتسويات. لبنان أمام مأزق وجودي اما أن يلتحق بالقافلة في اتجاه أورشليم، أو يزول كدولة أو ككيان. واذا كانت اسرائيل قد راهنت منذ قيامها على تفكيك لبنان، كنظام مركب، ومضاد للدولة ـ الغيتو، ترى دول عربية أن الدولة اللبنانية، بالصيغة الراهنة القائمة على التوازن بين الطوائف، لم تعد قابلة للحياة، بل هي على وشك الانفجار من الداخل، اذا ما أدركنا أي أصابع غليظة تعبث بالمسار التاريخي وحتى الانساني للشرق الأوسط. لطالما أشرنا الى السيناريو الذي وضعه وزير عربي سابق (وكان الرئيس سعد الحريري ضحية معارضته له) حول تشكيل طائفة مركزية تدور حولها الطوائف الأخرى، بتوطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، اذا ما تسنى لكم الاطلاع على قول المعارض السوري كمال اللبواني، وهو من مصيف الزبداني المتاخم للحدود اللبنانية، من أن عدد النازحين السوريين يفوق عدد أي طائفة في لبنان. ولكن ماذا حين يتناهي الى أكثر من مرجعية سياسية، أو روحية، قول مسؤول عربي مؤثر على الساحة اللبنانية من أن لا مكان، وليس فقط لا دور، للطائفة الشيعية في الصيغة العتيدة للدولة اللبنانية، باعتبارها الطائفة التي بـ "تبعيتها" لآيات الله قد دفعت بالبلاد الى الخراب، كما لو أن مقاومة الاحتلال خطيئة مميتة، وكان يفترض بالأقدام الهمجية أن تبقى في الجنوب، وحيث الممارسات فاقت، بوحشيتها، الممارسات النازية. زميل مصري نقل الينا رأي وزير خارجية سابق في بلاده "لو كنا مكان اللبنانيين، ونتابع ما يفعله بنيامين نتنياهو، وما يريده من بلدهم، لتسلحنا حتى أسناننا، لا أن يحاصروا سلاح المقاومة الذي يفترض أن يكون سلاح الجميع لا سلاح فئة دون أخرى" لكنه صراع الطوائف الذي لم، ولن، يتوقف، أبداً، حتى اذا ما خرجت الطائفة الشيعية من المعادلة، ومن الدولة، لا بد أن يأتي دور طائفة، أو طوائف، أخرى. في هذه الحال، هل تكفي المقاربات النظرية للدكتور سمير جعجع لمعالجة مشكلة (بل مشكلات) السلاح. على سبيل المثال هو يعتبر أن على الجيش اللبناني أن ينتزع سلاح المخيمات بالقوة اذا ما جوبه بالمعارضة، وأن هناك حكومات عربية جاهزة لمد يد العون الى الجيش، بالمال والعتاد، لاكمال مهمته، وهو الذي يعلم، حتماً، أن هناك حكومات عربية تقف وراء احتفاظ الفصائل بالسلاح كضمانة لطائفة في مواجهة قوة أخرى. هنا لا تسليم للسلاح الفلسطيني قبل تسليم السلاح "الايراني"، وهي المعادلة التي تشكل جزءًا من ذلك السيناريو الأسود الذي تم اعداده للبنان، بتواطؤ مع الدولة العبرية، وموافقة أميركية. تريدون اختزالاً بانورامياً للمشهد. انذار سعودي للبنان على صفحات جريدة "عكاظ"، المعروفة بقربها من قصر اليمامة "ان لبنان اليوم أمام "النداء الأخير" (الانذار الأخير)، اما الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي، والعربي، واتخاذ قرارات جريئة تضمن حصرية السلاح بيد الدولة، وتنفيذ الاصلاحات، أو مواجهة عزلة وانهيار قد يكون الأخطر في تاريخه الحديث"، لتضيف "الكرة الآن في ملعب الدولة اللبنانية، والوقت يضيق أمام اتخاذ القرار المصيري". لا شك أن السعوديين يدركون مدى الهشاشة في الوضع اللبناني، وكيف وجد ذلك السلاح في ظروف تزداد هولاً يوماً بعد يوم. المثال على أرض غزة، وحيث الجنون الاسرائيلي، الجنون الايديولوجي، والاستراتيجي، في ذروته. وكنا نتمنى أن يحصل تواصل ما بين الرياض والضاحية، بعدما بلغ الضغط على الحزب، سواءً كان داخلياً أم خارجياً، حدوده القصوى. وها أن أوساطاً ديبلوماسية، أو اعلامية، أميركية لا تستبعد أن يتواصل الأميركيون مع الحزب، مثلما تواصلوا مع "الفيتكونغ" في فيتنام و"طالبان" في أفغانستان، وحتى حركة "حماس" في غزة. تلك الضغوط هي التي جعلت "حزب الله" يتوجس مما يجري في الظل، حتى أن وزارة الخارجية الأميركية أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن الحزب "لا يزال منظمة خطيرة عازمة على الحفاظ على وجودها في الخارج"، مع أنها تعلم تماماً الوضع الحالي للحزب وكذلك التداعيات التي أحدثتها الغارات الأميركية على ايران. معلومات موثوقة تؤكد أن عاصمة عربية اتصلت بالرئيس السوري أحمد الشرع لمعرفة ما اذا كان جاهزاً لارسال آلاف المقاتلين من الأيغور، والأوزبك، والشيشان، الى لبنان، ليطالعنا بتصريح يهدد فيه لبنان بتصعيد ديبلوماسي واقتصادي (وهذا أول الغيث) بدعوى تجاهل السلطات اللبنانية ملف الموقوفين السوريين، وهي الحجة التي قالت لنا جهة سياسية أنها حجة باهتة، وتخفي وراءها ما تخفيه. ما رأي الطائفة الشيعية في كل ما يحدث ؟ قيل لنا "لقد تابعنا ما حدث للعلويين، من قتل الأطفال أمام عيون آمهاتهم، ومن اختطاف النساء الذي لا يزال جارياً حتى الآن، وكيف يتم التعامل معهم كفئة منبوذة. وهذا ما يعكس القراءة التوراتية للقرآن حيث ينبغي قطع رؤوس أبناء "الملة الضالة" بالسواطير". تصميم على المواجهة حتى نقطة الدم الأخيرة، وحتى حفنة التراب الأخيرة. انذار سعودي أخير وخطير، وعلى الرئيس جوزف عون أن يدرك أن عهده سيواجه بما هو أشد هولاً بكثير لما واجهه عهد الرئيس ميشال عون. لحظة الاختبار الصعب، بل والمستحيل. كيف التعامل مع الانذار؟ الأيام المقبلة ملبدة بغيوم كثيرة نبيه البرجي - الديار انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 34 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
براك عن لبنان: صبر ترمب "له حدود"
شدد السفير الأميركي إلى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم براك على وجود إطار زمني محدود في لبنان، «مرتبط بصبر الرئيس ترمب» على حد تعبيره. وقال براك في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك دعيت اليه «الشرق الأوسط» قائلاً: «مع أنه (ترمب) معروف بصبره، إلا أن هذا الصبر ليس بلا حدود. هو يحب لبنان كثيرًا وربما لم يظهر هذا الحب أي رئيس أميركي منذ دوايت أيزنهاور. لقد أعرب عن تقديره الصادق لهذا البلد. لكن على اللبنانيين أن يتحركوا. يجب أن يستغلوا هذه الفرصة. وهناك بالفعل تفاعل معنا، ولهذا أنا متفائل، حتى وإن شعرت ببعض الإحباط أحيانًا». وعن سلاح «حزب الله» قال براك انه اذا تم التوصل الى توافق داخل مجلس الوزراء وبين الرؤساء الثلاثة من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووافق «حزب الله» تدريجيًا على التخلي عن أسلحته الثقيلة، فإن ذلك قد يشكل بداية. مضيفاً: «الجميع في لبنان يحمل سلاحًا خفيفًا، لكن الحديث هنا عن الأسلحة التي يمكن أن تؤثر على إسرائيل. هذه عملية تحتاج إلى دعم، وتحتاج إلى أن يتم تمكين الجيش اللبناني للقيام بمهمة جمع الأسلحة. المشكلة أن الجيش لم يتقاضَ رواتبه منذ فترة، وهذه إحدى العقبات. كل هذه العناصر يجب أن تحدث في وقت واحد: تمكين الجيش اللبناني، الذي يتمتع باحترام واسع بين اللبنانيين، ليتفاوض بلين مع حزب الله بشأن آلية إعادة السلاح، وجمعه من دون إشعال حرب أهلية. لأن هذه الأسلحة مخزنة في مرائب وسراديب تحت الأرض وتحت المنازل». واعتبر براك ان سبب تأخر الحكومة اللبنانية في التعامل مع سلاح «حزب الله» هو الخوف من حرب أهلية. من جهة أخرى أشار المبعوث الأميركي الى أن أي تطبيع بين سوريا وإسرائيل سيتطلب بطبيعته تطبيعًا بين لبنان وإسرائيل والعراق وإسرائيل في نهاية المطاف، قائلاً إن «الرئيس السوري أحمد الشرع كان صريحًا في مواقفه عندما قال إن إسرائيل ليست عدواً، وإنه منفتح على النقاش والتفاوض معها لإيجاد حلول للمشكلات القائمة، وهذه العملية ستبدأ بخطوات تدريجية، كما هو الحال في باقي دول الجوار». واعرب براك عن أمله في ان تكون «الخطوات الجريئة التي قام بها الرئيس ترمب، مثل دعمه لقصف إيران، تمثل فرصة وإن كانت قصيرة الأمد، لأن إيران، وحماس، وحزب الله، والحوثيين، في حالة تراجع مؤقت حاليًا. أما بقية الدول، فلديها فرصة لإعادة تعريف نفسها»، مشدداً على أن القرار يعود لهذه الدول وأضاف: «العملية تتطلب خطوات تدريجية. وأنا أؤمن أن هذه الخطوات تحدث بالفعل، وأن الجميع يتصرف بمسؤولية للسير نحو هذا الاتجاه». رنا ابتر - "الشرق الأوسط" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News