logo
'الصناعة التقليدية بالمغرب بين إرث الأجداد وتحديات التحديث: هل تنجح الحكومة في إعادة الاعتبار لقطاع يُشغّل الملايين؟'

'الصناعة التقليدية بالمغرب بين إرث الأجداد وتحديات التحديث: هل تنجح الحكومة في إعادة الاعتبار لقطاع يُشغّل الملايين؟'

المغرب الآنمنذ 6 أيام

في لحظة مفصلية يعيشها الاقتصاد المغربي، حيث تتقاطع رهانات السيادة الإنتاجية مع ضغوط العولمة وتحديات التشغيل، يسلط الخطاب الرسمي الضوء مجدداً على قطاع كان، حتى عهد قريب، مهمشاً:
قطاع الصناعة التقليدية
.
ووفق ما صرح به لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فإن هذا القطاع يشغل
أكثر من 2.7 مليون مغربي
، وبلغت صادراته
1.11 مليار درهم
، ما يعيد طرح سؤال مركزي: هل أصبح الاستثمار في الصناعة التقليدية خياراً استراتيجياً حقيقياً؟ أم أنه مجرد تكييف ظرفي مع ضغوطات اجتماعية واقتصادية؟
وإذا كانت المهرجانات الاستعراضية، كمهرجان 'موازين'، تُطرح اليوم في صلب النقاش العمومي باعتبارها رمزًا لسياسة ثقافية تقوم على الاستهلاك الفوري والصورة، فإن الصناعة التقليدية تُمثل الجهة المقابلة لهذا الخيار: ذاكرة إنتاجية تعكس أصالة المغرب العميقة، وقادرة، إذا ما تم إدماجها ضمن رؤية شاملة، على أن تتحول إلى
رافعة اقتصادية مستدامة
.
من الفوضى إلى التنظيم: هل تنجح الحكومة في هيكلة القطاع؟
لعل أبرز ما كشفه المسؤول الحكومي هو توفر المغرب اليوم على
سجل وطني يشمل أزيد من 420 ألف صانع وصانعة تقليدية
. هذا المعطى، في ظاهره، يعكس جهوداً نحو التنظيم، لكنه يطرح في العمق تساؤلات عن
مدى نجاعة هذه الهيكلة
، و
قدرة الدولة على تحويل التسجيل إلى مدخل لحقوق مهنية، وحماية اجتماعية، وفرص اقتصادية حقيقية
.
تقرير البنك الدولي لسنة 2023 بشأن الاقتصاد غير المهيكل في شمال إفريقيا أشار إلى أن 'تسجيل الفاعلين لا يساوي تلقائيًا دمجهم في المنظومة الاقتصادية الرسمية، ما لم يُقرن ذلك بسياسات ضريبية عادلة، وتمويل منصف، وتأمين اجتماعي فعلي'.
السياسات الجديدة: عقود برامج أم مجرد نوايا؟
يشير السعدي إلى توقيع
عقد برنامج مع غرف الصناعة التقليدية
، يتضمن التكوين، والولوج إلى التمويل، وتسويق المنتجات، وإصدار البطاقة المهنية. لكن هل هذه الآليات كافية؟ تقارير سابقة، مثل توصيات
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
، حذرت من فجوة بين السياسات المعلنة والتنزيل الفعلي، خصوصاً في القطاعات غير المهيكلة.
حماية المهن من الاندثار: هل من رؤية تربوية وثقافية موازية؟
في ظل هيمنة ثقافة الاستهلاك والميل المتزايد نحو الوظائف الرقمية، كيف يمكن إقناع الجيل الجديد بالانخراط في مهن تقليدية؟ السعدي يؤكد على التكوين والتدرج المهني، مع توقيع اتفاقية مرتقبة في هذا الشأن، لكن نجاح هذا الرهان يستوجب أيضًا
تحولًا ثقافيًا يربط التراث بالإبداع والربح الاقتصادي
.
تقرير
اليونسكو حول التراث اللامادي (2022)
، اعتبر أن التحدي الأكبر في الحفاظ على الحرف التقليدية لا يكمن في حماية المنتوج فقط، بل في
نقل المهارات للأجيال الشابة في بيئة حضرية هجرت فيها المهن اليدوية
لصالح أنماط حياة استهلاكية.
بنية تحتية ضخمة دون تشغيل فعلي؟
أكثر من
150 مجمعاً وقرية للصناعة التقليدية، و100 'دار صانع'
تنتشر عبر التراب الوطني، لكنها تواجه تحديات التنشيط والتدبير. من المسؤول عن تحويل هذه الفضاءات من مجرد بنايات إلى
حاضنات اقتصادية حقيقية
؟ وهل هناك تقييم شفاف لمدى استفادة الجهات المهمشة مثل درعة تافيلالت أو كلميم واد نون؟
التسويق: من المعارض إلى التجارة الإلكترونية، هل المغرب جاهز؟
في ظل التحولات الرقمية، أعلن السعدي عن
إطلاق أول سوق إلكتروني وطني للصناعة التقليدية
، والمشاركة في
6 معارض دولية
. لكن تجارب سابقة أظهرت هشاشة المنصات الرقمية الحكومية، وضعف استدامتها. هل هذه المبادرة ستحقق الإقلاع أم ستبقى حبيسة المبادرة؟ وهل تتوفر التعاونيات الصغيرة في القرى أصلاً على الشروط اللوجستية والبنية الرقمية للولوج لهذا السوق؟
التصدير والاستثمار: إرادة سياسية أم واقع بيروقراطي؟
الاتفاقيات الجديدة لتشجيع التصدير وتحفيز الاستثمار تعكس إدراكاً رسميًا بأهمية القطاع، لكن التحدي الحقيقي يكمن في إزالة
العراقيل البيروقراطية
، وتوفير بيئة ضريبية وتمويلية جاذبة للمقاولين الشباب.
مقارنة رمزية: الصانع التقليدي أم النجم الاستعراضي؟
في لحظةٍ تُطرح فيها تساؤلات حقيقية حول الجدوى الاقتصادية والاجتماعية من الإنفاق على المهرجانات الضخمة، من المشروع أن نسائل
أولويات الدولة الثقافية والتنموية
: لماذا تُمنح الملايين لفنانين دوليين في عروض قصيرة، بينما صناعنا التقليديون، الذين يصونون الهوية ويبنون القيمة على المدى الطويل، لا يزالون يشتغلون في ظروف هشة؟
سؤال مركزي: هل يتطلب تأهيل القطاع رؤية اقتصادية أم رؤية حضارية؟
في المحصلة، ما يزال قطاع الصناعة التقليدية في مفترق طرق. فإما أن يُعامل كرافعة استراتيجية تنموية تقوم على
التمكين، والحوكمة، والابتكار الاجتماعي
، أو يُختزل مجددًا في صورة فولكلورية مناسباتية.
فهل ستتمكن الدولة من الانتقال من خطاب التقدير إلى
نموذج اقتصادي اجتماعي متكامل؟
وهل يستطيع المغرب تحويل موروثه الحرفي إلى
ماركة عالمية
تحفظ الهوية وتخلق القيمة في زمن العولمة؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نائبة برلمانية تحذر من تبذير المال العام في مؤتمرات المناخ
نائبة برلمانية تحذر من تبذير المال العام في مؤتمرات المناخ

اليوم 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليوم 24

نائبة برلمانية تحذر من تبذير المال العام في مؤتمرات المناخ

وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تعرب فيه عن قلقها من تكرار سيناريو « كوب 28″ و »كوب 29 » من حيث حجم الوفد المشارك وتكاليف السفر المرتفعة، وذلك في ظل صفقة جديدة بقيمة تتجاوز 8.9 مليون درهم لتنظيم مشاركة المغرب في مؤتمر المناخ « كوب 30 » المزمع عقده في البرازيل. وأشارت النائبة البرلمانية في سؤالها إلى تقارير إعلامية وطنية ودولية أفادت بأن الوفد المغربي في مؤتمر « كوب 28 » بالإمارات العربية المتحدة بلغ 823 مشاركًا، وهو ما جعله ثاني أكبر وفد إفريقي. وأوضحت التامني، أن التكلفة الإجمالية للرحلات تراوحت بين 5.76 و12.34 مليون درهم، وهو ما وصفته بـ « الفضيحة »، خاصة مع عدم وجود مهام واضحة لنحو 80% من المشاركين، مما أثار جدلًا واسعًا حول مدى احترام قواعد الحكامة الجيدة وترشيد النفقات العمومية. يأتي ذلك تزامنا هذا التساؤل مع الإعلان عن اختيار وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لشركة خاصة لتنظيم مشاركة المغرب في مؤتمر المناخ « كوب 30 » بالبرازيل في نوفمبر 2025، بصفقة بلغت 8,927,060 درهمًا. وهذا يثير تخوفات من تكرار سيناريو المؤتمرات السابقة، بما في ذلك مؤتمر « كوب 29 » في أذربيجان، حيث بلغت تكلفة السفر 5,927,689.98 درهمًا، بحسب النائبة البرلمانية دائما. وطالبت النائبة فاطمة التامني الوزيرة بتقديم إجابات واضحة حول المعايير المعتمدة لاختيار المشاركين في هذه التظاهرات الدولية، وتوضيح الانعكاسات المتوقعة على المواطن المغربي، بالإضافة إلى تبرير مشاركة هذا العدد الكبير من الأشخاص دون مهام واضحة أو ارتباط مهني بالحدث.

نتائـج الباكلوريـا تحـت المجهـر
نتائـج الباكلوريـا تحـت المجهـر

جريدة الصباح

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الصباح

نتائـج الباكلوريـا تحـت المجهـر

الدكتور سعيد جميل * والأهم من ذلك، أن ما يقرب من الثلث من المترشحين الذين لم ينجحوا في اجتياز هذه المحطة التعليمية يمثلون تكلفة مالية ضخمة على ميزانية الدولة، تُقدر بأكثر من 2,6 مليار درهم. وهو رقم ثقيل، لا ينبغي التعامل معه كمجرد معطى ثانوي، بل

مشروع RER يُشعل غضب ساكنة درب السلطان ويستنفر مسؤولي الدار البيضاء
مشروع RER يُشعل غضب ساكنة درب السلطان ويستنفر مسؤولي الدار البيضاء

الجريدة 24

timeمنذ 6 ساعات

  • الجريدة 24

مشروع RER يُشعل غضب ساكنة درب السلطان ويستنفر مسؤولي الدار البيضاء

تعيش مقاطعة مرس السلطان في مدينة الدار البيضاء حالة من الترقب والتوتر، على خلفية الأنباء المتداولة حول قرب انطلاق أشغال هدم منازل سكنية محاذية للسكة الحديدية، بهدف إفساح المجال أمام إنجاز مشروع القطار الجهوي السريع. هذه الأنباء أثارت قلقًا واسعًا في صفوف ساكنة درب البلدية والأحياء المجاورة لدرب السلطان، الذين لا يرفضون المشروع في حد ذاته، بل يعبرون عن استيائهم من الطريقة التي يُراد بها تنفيذه على حساب استقرارهم الاجتماعي دون تعويضات عادلة ومنصفة. عدد من سكان الحي صرحوا بأنهم ليسوا ضد المصلحة العامة أو المشاريع التنموية التي من شأنها أن تسهل حركة النقل بالعاصمة الاقتصادية، غير أنهم يرفضون أن تُنتزع مساكنهم التي استقروا فيها منذ عقود دون منحهم تعويضات مالية تتلاءم مع القيمة العقارية الحقيقية للمنطقة. وأكدوا أن المقترحات المطروحة عليهم حتى الآن لا تضمن الحد الأدنى من الكرامة السكنية، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار الإيجار وصعوبة إيجاد بدائل مناسبة في نفس المحيط الحضري. وفي ظل غياب تواصل رسمي واضح ومباشر مع السكان، بدأت تتعالى أصوات فعاليات مدنية محلية تدعو إلى حماية حقوق الأسر المعنية، محذّرة من أن تنفيذ المشروع دون ضمانات اجتماعية عادلة قد يؤدي إلى موجة غضب شعبي. وتفيد المعطيات المتوفرة أن التعويض المقترح من قبل الجهة المنفذة لا يتجاوز 5000 درهم للمتر المربع، وهو مبلغ وصفته الساكنة والفاعلون المحليون بأنه لا يعكس القيمة العقارية الفعلية للموقع ولا يكفي لشراء أو كراء شقق بديلة، لا سيما وأن المنطقة تضم أسرًا معوزة وأخرى تكتري مساكنها منذ أكثر من 35 سنة. الوضع دفع بعدد من المستشارين والمنتخبين إلى دق ناقوس الخطر، ما أدى إلى تحريك دواليب المجلس الجماعي للدار البيضاء، حيث تشير مصادر الجريدة 24 إلى أن رئيسة المجلس نبيلة الرميلي تستعد لعقد اجتماع بداية الأسبوع المقبل مع مختلف المتدخلين المعنيين بالمشروع، في محاولة لإيجاد صيغة توافقيّة تضمن انطلاق المشروع دون المساس بحقوق المواطنين. وتأتي هذه التطورات بعد أن أعلنت رئيسة المجلس الجماعي في وقت سابق عن تفاصيل أولية للمشروع، مؤكدة أن القطار الجهوي السريع سيمر عبر ست محطات رئيسية في المدينة الكبرى، من بينها البرنوصي، عين السبع، مرس السلطان، والحي الحسني. وقد تم تنظيم زيارة ميدانية رفقة والي جهة الدار البيضاء – سطات، محمد امهيدية، للوقوف على مسارات المشروع، انطلاقًا من بنسليمان وصولًا إلى مطار محمد الخامس. ويُعد مشروع القطار الجهوي السريع جزءًا من رؤية شاملة تروم تطوير منظومة النقل الحضري بجهة الدار البيضاء – سطات، وتحسين الربط بين العمالات والأقاليم المجاورة، في أفق استعداد المغرب لاحتضان تظاهرات كبرى من بينها كأس العالم. كما يُنتظر أن يُنجز المشروع بشراكة بين مجلس الجهة والمكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي أكد مديره العام في تصريحات سابقة أن هذا الورش سيكون له أثر اقتصادي واجتماعي كبير، من خلال تخفيف الضغط على الشبكة السككية الحالية وتعزيز نقل القرب في كبريات الحواضر. غير أن الطموحات التنموية المصاحبة للمشروع تصطدم اليوم بواقع اجتماعي هش، يتطلب مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار كرامة الساكنة، وحقها في تعويض عادل وسكن بديل يحفظ الاستقرار الأسري والمجتمعي، قبل أن تتحول المبادرات الطموحة إلى مصدر توتر اجتماعي في قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store