logo
فوز "زهران ممداني" في نيويورك وتدشين "سياسة غزة"

فوز "زهران ممداني" في نيويورك وتدشين "سياسة غزة"

الجزيرةمنذ 8 ساعات

يسلّط الفوز المفاجئ لزهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، الضوءَ على عدد من القضايا الهامة مثل: إعادة تعريف السياسة، وموقع الأجيال الشابة منها، وما أُطلق عليه "سياسة غزة"، التي تظهر في مساحات التقاطع بين تأييد الفلسطينيين، والقضايا المحلية التي تهم الناخبين.
كتبتُ كثيرًا على صفحات الجزيرة نت عن التأييد العالمي للفلسطينيين بعد الطوفان، وعلاقة جيل زد بهذا التضامن. اتسمت هذه الظاهرة بإيجابيات كثيرة، إلا أنها عانت من عدم القدرة على التأثير في "سياسة المؤسسة" التي تقف وراءها وتتقاطع معها شبكات من المصالح الراسخة. لو فاز ممداني في الانتخابات المقررة (سبتمبر/ أيلول المقبل)، فهذا يعني ردم الفجوة بين الاحتجاج وإقرار السياسات.
استفادت حملة ممداني – المسلم المهاجر ذي الـ 33 ربيعًا وصاحب النزعة الاشتراكية الديمقراطية – من الجهود الشعبية، والحضور القوي على وسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز على قضية القدرة على تحمل التكاليف، وهي القضية المعيشية الأساسية لطبقات عديدة في مدينة نيويورك، لتعبئة قاعدة ناخبين أصغر سنًا ومتنوعة وتقدمية، مما أدى إلى زيادة الإقبال لصالحه.
لفوز ممداني آثار على الحزب الديمقراطي، وخاصة فيما يتعلق بقبول السياسات ذات الميول اليسارية، ومواقفه من إسرائيل، التي أثارت جدلًا وقلقًا بين بعض الناخبين اليهود ونخب الأعمال.
يشير السرد العام إلى تحول محتمل في المشهد السياسي لمدينة نيويورك، ويقدم دروسًا متنوعة لموقع اليهود والمسلمين في السياسة الأميركية، بالإضافة إلى سياسات الحزب الديمقراطي.
كان فوزه مدفوعًا بمزيج من الحملات الإستراتيجية، وأجندة سياسية مقنعة، والتواصل الفعال، والتناقض الصارخ مع خصمه الرئيسي، أندرو كومو، عمدة المدينة السابق.
سياسة المعاش
أكدت حملة ممداني بلا هوادة على رسالة معالجة أزمة تكلفة المعيشة الساحقة في مدينة نيويورك، التي تعد من أغلى مدن العالم. تضمنت مقترحاته الأساسية تجميد الإيجارات لمليوني مستأجر، وتوفير حافلات مجانية في المدينة، وتوفير رعاية أطفال شاملة، وتمويل هذه المبادرات من خلال زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء.
لقد لاقت هذه الرسالة صدى عميقًا لدى المستأجرين من الطبقات: العاملة والمتوسطة، والعليا، في الأحياء: البيضاء، واللاتينية، والآسيوية.
تبنى ممداني، الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي، سياسات تركز على إعادة توزيع الثروة، واقترح تدابير مثل: متاجر البقالة المملوكة للمدينة، واستثمار 70 مليار دولار في الإسكان المدعوم من الدولة.
ويشير فوزه إلى أن الميل إلى اليسار في القضايا الاقتصادية قد لا يضر المرشحين، بل قد يكون إستراتيجية رابحة.
أبرز تحليل لصحيفة (واشنطن بوست) أن ممداني نجح في الحفاظ على التحالف الأصغر والأكثر ليبرالية الذي دعم مايا وايلي، وكاثرين غارسيا في الانتخابات التمهيدية لرئاسة البلدية عام 2021، بل ووسع نطاقه أيضًا.
حقق تقدمًا كبيرًا مع الناخبين غير البيض، وحصل على الدعم في المناطق التي توجد بها أعداد كبيرة من السكان الأميركيين الآسيويين، واكتسب أصواتًا في الأحياء ذات الأغلبية الإسبانية، كما نجح أيضًا في أحياء جنوب بروكلين التي تضم مجتمعات أميركية آسيوية كبيرة.
ساعدته خلفيته كأول رجل مسلم من جنوب آسيا يخدم في كونغرس الولاية أيضًا، في جذب العديد من الناخبين غير المشاركين سابقًا، بمن في ذلك الناخبون المسلمون الشباب وأولياء أمورهم.
يزعم البعض أنه في حين تلعب الأيديولوجيا دورًا، فإن "جودة المرشح ربما تكون أكثر أهمية من أي شيء آخر". كانت أصالة ممداني وطاقته وقدرته على التواصل مع الناخبين العاديين، من خلال تركيزه على تكلفة المعيشة، هي العوامل الرئيسية لجاذبيته، متجاوزًا الأيديولوجيا البحتة.
هذه الظاهرة بات يُطلق عليها في السياسة المعاصرة: "ما بعد الأيديولوجيا".
في المناطق التي فاز فيها ممداني بأغلبية الأصوات، ارتفعَ الإقبال بنسبة 20% في المتوسط، وفي المناطق التي حصل فيها على أغلبية ساحقة، قفزت نسبة الإقبال بأكثر من 40%، مقارنة بعام 2021. كان هذا الإقبال قويًا بشكل خاص بين الناخبين الأصغر سنًا (18-29 و30-39 عامًا) الذين صوتوا تاريخيًا بمعدلات أقل في الانتخابات التمهيدية، لكنهم توافدوا على صناديق الاقتراع لصالح ممداني.
نجحت حملة ممداني في حشد "جيش من آلاف المتطوعين"، وقد طرقوا أكثر من 1.5 مليون باب في جميع أنحاء المدينة. كان هذا الأسلوب التقليدي في الحملات الانتخابية، المتمثل في التحدث مع الجيران وإقناعهم، أمرًا بالغ الأهمية، إذ عزز المشاركة الديمقراطية، وأشبع الرغبة في المشاركة.
يُوصف ممداني بأنه "مُتواصل موهوب"، وقدم إعلانات جذابة. كان محتواه قويًا ومسليًا، مما سمح للمؤيدين الأصغر سنًا بالانجذاب إليه. كان شعار حملته المستوحى من سيارات الأجرة الصفراء يهدف أيضًا إلى تمثيل مدينة نيويورك بصريًا.
استخدمت حملة ممداني منصات التواصل الاجتماعي بفاعلية، مما أدى إلى إنتاج إعلانات جذابة على وسائل التواصل الاجتماعي ومحتوى ترفيهي. سمح هذا للمؤيدين الأصغر سنًا بنشر رسالته بسهولة إلى الأجيال الأكبر سنًا، وألهم الآلاف من الشباب للمشاركة بأعداد قياسية.
يمكن أن تكون هذه الإستراتيجية درسًا رئيسيًا للسياسيين في كل مكان حول كيفية الوصول إلى الشباب وإلهامهم، وهي فئة ديمغرافية يُنظر إليها على أنها تشكل تحديًا كبيرًا لانخراطهم في السياسة.
كانت حملة أندرو كومو باهتة، وتتجنب المخاطرة، وتقليدية. حاول كومو، أحد رموز "الحرس القديم" في السياسة في نيويورك، العودةَ إلى الساحة السياسية بعد استقالته من منصب الحاكم وسط اتّهامات بالتحرش الجنسي.
نظر الناخبون، بمن في ذلك العديد ممن سئموا من المؤسسة السياسية، إلى ممداني باعتباره بديلًا جديدًا وحيويًا ومتفائلًا. على الرغم من ميزة جمع التبرعات الكبيرة التي يتمتع بها كومو (25-30 مليون دولار)، معظمها من مليارديرات، اعتمد ممداني على تبرعات صغيرة من أكثر من 21 ألف مساهم، حيث تبرع 75% منهم بأقل من 100 دولار.
يعزز فوز ممداني فكرة أن جودة المرشحين مهمة، وأن الناخبين لم يعودوا مستعدين لـ"إرغام أنفسهم على اختيار مرشح آخر يعاني من عيوب خطيرة".
سياسة غزة
فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، كان ممداني منتقدًا صريحًا لأفعال إسرائيل في غزة، ووصفها بأنها "إبادة جماعية"، ودعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
في حين أدان هجمات حماس ووصفها بـ"جريمة حرب مروعة"، إلا أنه لم يؤكد صراحةً حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، مشيرًا إلى أن لها "حقًا في الوجود ومسؤولية الالتزام بالقانون الدولي".
كما رفض إدانة عبارة "عولمة الانتفاضة"، التي أثارت انتقادات من بعض القادة اليهود الذين اعتبروها دعوة للعنف. وقد أعرب عن كراهيته لمعاداة السامية، ووعد بزيادة التمويل المخصص للوقاية من جرائم الكراهية إذا تم انتخابه.
اعتنق ممداني مواقف ذات ميول يسارية في السياسة الاجتماعية والخارجية، وتبنى تشريع "ليس على حسابنا"، الذي يهدف إلى منع الجمعيات الخيرية التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، من تمويل أنشطة الاستيطان الإسرائيلية.
وقد لاقى هذا الوضوح الأيديولوجي، الذي وضعه مع شخصيات مثل بيرني ساندرز – عضو الكونغرس المستقل – صدى لدى شريحة كبيرة من القاعدة الديمقراطية.
ربطت حملة زهران ممداني موقفها بشأن حرب غزة بالمطالب المحلية لسكان نيويورك، من خلال تأطير قضية دولية باعتبارها قضية ذات صلة مباشرة بولاية نيويورك، ومن خلال الاستفادة من هويته واتصالاته الرقمية لتعبئة جمهور متنوع من الناخبين المهتمين بكل من القدرة على تحمل التكاليف، ومواقف السياسة الخارجية المحددة.
وقد تم إجراء هذا التقاطع والاتصال من خلال:
1- تشريع "ليس على حسابنا": دافع ممداني عن تشريع "ليس على حسابنا"، الذي يهدف إلى جعل تمويل الجمعيات الخيرية التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها للأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية وانتهاكات اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي أمرًا غير قانوني.
أوضح أن ولاية نيويورك، بمنحها هذه المنظمات وضع المنظمات غير الربحية، "تدعم فعليًا هذه الفظائع" و"جرائم الحرب".
ربطت هذه المبادرة بشكل مباشر الصراع الخارجي بالسياسات المالية والتنظيمية لولاية نيويورك، واعتبرته قضية تتعلق بالحكم المحلي.
2- تكلفة المعيشة كرسالة مركزية: ركزت حملة ممداني باستمرار على أزمة تكلفة المعيشة الساحقة في مدينة نيويورك، واقترح تدابير مثل: تجميد الإيجار لمليوني مستأجر، وإنشاء 200 ألف وحدة سكنية جديدة بأسعار معقولة، وجعل الحافلات "سريعة ومجانية"، وتوفير رعاية الأطفال الشاملة، وكل ذلك يتم تمويله من خلال فرض الضرائب على الشركات والأثرياء.
كانت رسالة القدرة على تحمل التكاليف هذه بمثابة المحرك الأساسي للعديد من ناخبيه. أشار نجاح حملته إلى أن العديد من الناخبين إما وافقوا على آرائه بشأن إسرائيل، أو كانوا على استعداد لتجاهلها لصالح تركيزه القوي على القضايا الاقتصادية، ونهجه الجديد والحيوي في السياسة.
3- الهوية والائتلاف الموسع: سمحت الخلفية الفريدة لممداني- بصفته اشتراكيًا ديمقراطيًا يبلغ من العمر 33 عامًا، وهو الابن المسلم المولود في أوغندا لأبوَين هنديين- بالتواصل مع الناخبين المنفصلين سابقًا وتنشيطهم، وخاصة الناخبين غير البيض، وأولئك الذين لديهم مشاعر قوية تجاه الأحداث الدولية.
سمحت له خلفيته بالتواصل مع مجتمعات متنوعة، بما فيها تلك التي تضم أعدادًا كبيرة من سكان جنوب وشرق آسيا، وكان غالبًا ما يخاطب الحشود بلغات مثل الهندية والإسبانية.
في حين كان التركيز الأساسي لسياساته هو القدرة على تحمل التكاليف، فإن موقفه بشأن حرب غزة كان مرتبطًا أيضًا بفئات سكانية محددة داخل ائتلافه، مثل المجتمعات المسلمة والشباب التقدمي.
على سبيل المثال، سلط مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الضوءَ على أن بعض المهاجرين والناخبين ذوي الدخل المنخفض الذين صوتوا لصالح ترامب؛ فعلوا ذلك بسبب "غزة، والقدرة على تحمل التكاليف، وأشياء أخرى".
ويشير هذا إلى أن قضايا السياسة الخارجية كانت متشابكة بالنسبة لبعض الناخبين مع مخاوفهم الأوسع نطاقًا بشأن قادتهم وحياتهم اليومية.
كانت إستراتيجيته على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي غالبًا ما أظهرته وهو يناقش الحجج السياسية حول القضايا اليومية مثل تكاليف البقالة وأجور المترو، فعالة في سد الفجوات بين الأجيال والثقافات، مما سمح للمؤيدين الأصغر سنًا بمشاركة رسالته مع أقاربهم الأكبر سنًا. وقد ساعد هذا في بناء تحالف قادر على استيعاب المظالم الاقتصادية المحلية والمخاوف الدولية.
4- الإطار السياسي: قدم ممداني رؤية للحزب الديمقراطي الذي "يقاتل من أجل الطبقة العاملة دون اعتذار"، ويضمن "حياة كريمة" لكل مواطن نيويوركي.
سمح هذا الموقف الأيديولوجي واسع النطاق لمقترحاته المحددة بشأن القدرة على تحمل التكاليف ومواقفه بشأن القضايا الدولية مثل حرب غزة، بالتعايش داخل منصة تقدمية متماسكة جذبت جناحًا يساريًا جديدًا وأصغر سنًا وأكثر نشاطًا في الحزب الديمقراطي.
وفي حين اعتبر النقاد مواقفه بشأن إسرائيل مثيرة للجدل أو معادية للسامية، فقد تعهد ممداني بأن يكون عمدة لجميع سكان نيويورك، ومعالجة المخاوف بشأن جرائم الكراهية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قانون ترامب للضرائب يهدد التغطية الصحية لـ 12 مليون أميركي
قانون ترامب للضرائب يهدد التغطية الصحية لـ 12 مليون أميركي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

قانون ترامب للضرائب يهدد التغطية الصحية لـ 12 مليون أميركي

قال مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي إن مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب لخفض الضرائب والإنفاق يهدد تغطية التأمين الصحي لنحو 12 مليون أميركي، ويضيف 3.3 تريليونات دولار إلى الديون. ومن شأن التقييم الصادر عن المكتب غير الحزبي، أن يُعقّد جهود الجمهوريين لإقرار قانون "مشروع قانون واحد كبير وجميل" للرئيس دونالد ترامب في الأيام المقبلة. وتمت الموافقة على خطة الإنفاق بفارق ضئيل في تصويت تمهيدي في مجلس الشيوخ في وقت متأخر من يوم السبت، بعد أن سارع قادة الحزب إلى الضغط على الأعضاء المترددين من قاعدتهم. وأعلن أحد المنشقين، السيناتور توم تيليس من ولاية كارولينا الشمالية، أنه لن يسعى لإعادة انتخابه بعد تصويته ضد التشريع الرئيسي لترامب. انتقادات قاد المشرعون الديمقراطيون انتقادات لمشروع القانون، وتشير أرقام مكتب الميزانية في الكونغرس إلى تخفيضات في تمويل الرعاية الصحية بقيمة تريليون دولار في حال إقرار هذا الإجراء. وقُدِّمت النسخة الأخيرة من مشروع القانون في تصويتٍ بمجلس الشيوخ مساء السبت بأغلبية 51 صوتًا مقابل 49. وانضمّ الجمهوريان، تيليس وراند بول من كنتاكي، إلى الديمقراطيين في معارضة هذه الخطوة. عارض بول مشروع القانون لأنه يرفع سقف الدين الأميركي، بينما صرّح تيليس بأن مشروع القانون سيُكلّف ولايته مليارات الدولارات من تمويل الرعاية الصحية. بينما ناقش أعضاء مجلس الشيوخ مشروع القانون يوم الأحد، لم يتضح بعد ما إذا كان يحظى بدعمٍ كافٍ لإقراره في النهاية. ويتمتع الجمهوريون بأغلبيةٍ ضئيلةٍ في مجلس الشيوخ، ويشغلون 53 مقعدًا، ويملك نائب الرئيس صوتَ حسم التعادل، لذا لا يستطيع الحزب تحمّل سوى معارضة 3 أعضاء منهم. إعلان واستغلّ أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون قواعد المجلس لفرض قراءةٍ لمدة 16 ساعة لمشروع القانون الذي يبلغ عدد صفحاته 940 صفحة، في محاولةٍ لتأجيل التصويت على إقراره. وبموجب قواعد مجلس الشيوخ، يُخصّص للمشرّعين الآن 20 ساعةً لمناقشة مشروع القانون، ومن المتوقع أن يستغل الديمقراطيون كل وقتهم لتأجيل التصويت، بينما يحاول الجمهوريون تسريع العملية. ويقترح المشرعون كذلك تعديلات على مشروع القانون، وإذا أقرّ مجلس الشيوخ مشروع القانون المعدّل، فلا يزال يتعين إعادته إلى مجلس النواب للموافقة النهائية عليه قبل أن يُعرض على مكتب الرئيس للتوقيع عليه ليصبح قانونا نافذا. ودفع ترامب باتجاه إقرار مشروع القانون من قِبل الكونغرس قبل الموعد النهائي الذي حدده بنفسه في 4 يوليو/ تموز، ووصف البيت الأبيض عدم إقراره بأنه "خيانة عظمى". ويوم السبت، وصف ترامب تصويت مجلس الشيوخ على مشروع القانون بأنه "نصر عظيم". نقطة خلاف لكن التخفيضات المقترحة في مشروع القانون على برنامج "ميديكيد"، وهو برنامج رعاية صحية يعتمد عليه ملايين الأميركيين المسنين والمعاقين وذوي الدخل المحدود، أصبحت نقطة خلاف سياسية. ونقلت شبكة سي إن إن عن السيناتور الديمقراطي مارك وارنر قوله إن هذا الإجراء سيؤثر سلبًا على الملايين، مضيفًا: "هذه تخفيضات ضريبية للأثرياء، ما يؤدي في النهاية إلى خفض الرعاية الصحية، بكل بساطة". وبموجب مشروع القانون، سيحصل أكثر من 80% من الأميركيين على تخفيض ضريبي العام المقبل، مع أن دافعي الضرائب الأكثر ثراءً سيستفيدون أكثر من غيرهم، بما في ذلك كنسبة مئوية من دخلهم، وفقًا لمركز السياسة الضريبية غير الحزبي. ونقلت شبكة إن بي سي عن السيناتور ماركوين مولين، الجمهوري، قوله إن التشريع يهدف إلى القضاء على الاحتيال والإهدار وإساءة الاستخدام. وأكد أن الكثير من الأميركيين المستفيدين من برنامج ميدكيد ليسوا تحت خط الفقر. مشروع القانون وتمت مراجعة بعض أجزاء مشروع قانون الإنفاق في مجلس الشيوخ لإرضاء الجمهوريين الرافضين. ولا يزال المشروع يحتوي على بنود كالتخفيضات الضريبية التي اعتمد عليها ترامب في حملته الانتخابية، مثل خصم ضريبي على استحقاقات الضمان الاجتماعي، وإلغاء الضرائب على العمل الإضافي والإكراميات. ويمدد مشروع القانون التخفيضات الضريبية التي أقرها الجمهوريون عام 2017، كما يقترح تخفيضات في بعض البرامج لتغطية الخصومات الضريبية. فيما يتعلق بالرعاية الصحية، يقترح مشروع قانون الإنفاق شرط العمل على معظم البالغين للتأهل للحصول على المزايا. ويُقلل مشروع القانون من قيمة الضرائب التي يمكن للولايات فرضها على مقدمي الخدمات الطبية، والتي تُستخدم أموالها بكثافة لتمويل برامج ميدكيد. يتضمن مشروع القانون قيودًا على برنامج كوبونات الطعام الأميركي، من خلال مطالبة معظم البالغين الذين لديهم أطفال يبلغون من العمر 14 عامًا أو أكثر بإثباتات إضافية لإثبات الاستحقاق.

محارب ذكي وواقعي.. المسلم الذي سيغيّر قواعد اللعبة في أميركا
محارب ذكي وواقعي.. المسلم الذي سيغيّر قواعد اللعبة في أميركا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

محارب ذكي وواقعي.. المسلم الذي سيغيّر قواعد اللعبة في أميركا

يمثّل فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك لحظةً فارقة في السياسة الأميركية. فقد أكد هذا الفوز، الذي حققه عضو الجمعية التشريعية في الولاية من أصول أوغندية وهندية، ما كان يتشكّل بهدوء منذ سنوات: نشوء سياسة جديدة يقودها المهاجرون من الطبقة العاملة، قائمة على التنظيم والتضامن ونقد حاد لعدم المساواة. لقد ركزت حملة ممداني على تجميد الإيجارات، ورعاية الأطفال الشاملة، والنقل العام، والبنية التحتية الخضراء، واستطاعت أن تحشد ائتلافات متعددة الأعراق من الطبقة العاملة في أنحاء المدينة كافة. كان انتصاره رفضًا ساطعًا لنفوذ الشركات والفساد المحلي، وتجسيدًا قويًا لسياسة تنبع من مهاجرين مرتبطين بصراعات عالمية من أجل العدالة. وهذا التيار لا يقتصر على نيويورك. ففي الكونغرس، لعبت إلهان عمر – اللاجئة السابقة، وحارسة الأمن، وابنة المهاجرين الصوماليين – دورًا محوريًا في رسم ملامح هذا اليسار الجديد. وانضمت إليها رشيدة طليب، أول امرأة أميركية من أصل فلسطيني تدخل الكونغرس. تمثّل طليب وعمر وممداني تيارًا سياسيًا تشكّل بفعل تجاربهم الشخصية أو تجارب أسلافهم في عدم الاستقرار، والتقشف، والقمع في الجنوب العالمي، وليس فقط بسبب عدم المساواة في أميركا. لقد برزوا كوجوه عامة لهذا الاتجاه الأوسع. فهم سياسيون من خلفيات مهاجرة يشكّلون العمود الفقري ليسار ديمقراطي صاعد ومتمرد. وهذا، بالطبع، ليس الشكل الذي كان دونالد ترامب يتخيّله للهجرة. في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، تحدث الرئيس الأميركي حينها، دونالد ترامب، في تجمّع انتخابي بمدينة مينيابوليس – التي تضم جالية صومالية كبيرة وتمثلها إلهان عمر- مستعينًا بخطاب اليمين التقليدي، حذّر ترامب من أن المهاجرين واللاجئين يغيّرون الولايات المتحدة نحو الأسوأ. وكان المعنى واضحًا: نداء ضمني لناخبي "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا"، خصوصًا من الطبقة العاملة والوسطى البيضاء، الذين يُحمّلون الهجرة مسؤولية تراجع البلاد. وقد كان هذا مقدّمة لِما أصبح شائعًا الآن من ترحيلات جماعية، غير قانونية وغالبًا عنيفة، لآلاف الأشخاص من أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا. ووفقًا لرواية ترامب، فإن الهجرة من "دول قذرة" مسؤولة عن الجريمة والركود الاقتصادي وسوء استخدام الموارد العامة. لكنه لم يذكر أن كثيرًا من الصوماليين في مينيابوليس فرّوا من عنف ساهمت فيه السياسة الخارجية الأميركية أو زادته سوءًا. لكن، بقدرٍ ما، كان ترامب مُحقًّا: المهاجرون وأبناؤهم يُغيّرون الحياة السياسية الأميركية، لكن ليس بالطريقة التي كان يخشاها. فبعد عام فقط من خطاب ترامب، اندلع أول الإضرابات العمالية ضد ممارسات أمازون الاستغلالية في ضواحي مينيابوليس، بقيادة مهاجرين صوماليين. وكان لهذه الاحتجاجات دور في إحياء حركة عمالية وطنية جديدة، امتدّت من مستودع واحد إلى مصانع وشركات أخرى في مختلف القطاعات. ولهذا، فإن فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية لمنصب العمدة يحمل أهمية بالغة. فإلى جانب شخصيات مثل عمر، يُجسّد نوعًا جديدًا من القيادة: قيادة متجذّرة في التجربة المعاشة، مدفوعة بالتنظيم الشعبي، وقادرة على تحويل السياسات المعقدة إلى مطالب مباشرة وواضحة للعدالة. ركزت حملته على الكرامة الاقتصادية، وحقوق المستأجرين، ورعاية الأطفال، والتكيّف مع المناخ، وفرض الضرائب على الأثرياء. وكلها مطالب تنبع من الواقع الحقيقي لحياة الطبقة العاملة. ولنأخذ المهاجرين الأفارقة كمثال، وهو المجتمع الذي ينتمي إليه كلٌّ من ممداني وعمر: هناك الآن ما يقرب من 2.1 مليون مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء في الولايات المتحدة، يمثلون نحو 5٪ من مجموع السكان المولودين في الخارج. وغالبًا ما يُركّز الحديث عن نجاحهم الأكاديمي والمهني؛ وهي رواية تُروّج لها النخب في الجاليات. لكنها تخفي واقعًا مختلفًا: دخولًا منخفضة، وظائف هشة، ومعدلات فقر أعلى من بقية المهاجرين. ومع ذلك، فإن من هذه القاعدة العمالية بالذات، تولد سياسة جديدة: سياسة قادرة على إعادة تشكيل الحزب الديمقراطي من جذوره. وبصفتي مؤسس موقع "أفريقيا بلد"، قضيت قرابة خمسة عشر عامًا في تتبّع كيف يُعيد الأفارقة ابتكار الديمقراطية رغم ضغوط النيوليبرالية، والاستبداد، والعسكرة. من "أنهوا سارس" في نيجيريا، و"امشِ إلى العمل" في أوغندا، إلى الربيع العربي و"أسقِطوا الرسوم" في جنوب أفريقيا، قدم الناشطون الأفارقة رؤى نقدية جريئة للظلم. وقد أثّرت هذه الحركات في النضالات العالمية، كما يتجلى بوضوح في تقاطعها مع حركة "حياة السود مهمة". ويستلهم العديد من المهاجرين الأفارقة في أميركا من هذه التقاليد. فقد انتظم ممداني مع سائقي سيارات الأجرة في نيويورك لمواجهة أعباء الديون. أما عمر، فقد نظّفت المكاتب وعملت في خطوط التجميع. وكلاهما بنى مسيرته السياسية بالإنصات إلى المجتمعات المهمّشة وتنظيمها. وفي بلد ما يزال يعاني من إرث الكراهية للأجانب في عهد ترامب، ومن عدم المساواة، يقدم هؤلاء القادة الجدد بديلًا مشرقًا. فهم يبنون جسور التضامن عبر الانقسامات- بين المهاجرين وأبناء البلد، بين المسلمين وغير المسلمين، بين الأميركيين من أصل أفريقي والوافدين الجدد من أفريقيا، وبين أبناء المهاجرين من بلدان أخرى- لا على أساس الذوبان الثقافي، بل على أساس النضال المشترك. وكما لاحظ المنظّر السياسي كوري روبن مؤخرًا، فإن ممداني هو "محارب سعيد" على غرار فرانكلين روزفلت: ذكي، واقعي، ولا يخشى النقاش الحقيقي. وإن كونه مسلمًا ومن أصول جنوب آسيوية يزيد من رمزيته في مدينة وأمة أعادت الهجرة العالمية تشكيل ملامحهما. إنه يُجسّد مستقبلًا ديمقراطيًّا جذريًّا: مستقبلًا لا يستطيع المحافظون احتواءه ولا فهمه.

ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا
ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا

نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقديم أي عروض لإيران أو لقاء أحد من إدارتها، في حين صرح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جون راتكليف بأن معظم اليورانيوم الإيراني المخصب بات تحت أنقاض منشأتي أصفهان وفوردو بعد الهجوم الأميركي عليهما. وقال ترامب في منشور جديد على منصته "تروث سوشيال" مساء أمس الأحد إنه "لم يلتقِ بإدارة طهران" منذ الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وأضاف "فليخبر أحدكم السيناتور الديمقراطي كريس كونز أنني لم أقدم أي عروض لإيران"، وكان ترامب يعلق بذلك على تصريح لكونز قاله فيه إن إدارة ترامب قدمت عرضا لإيران. وزعم ترامب أن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما دفع مليارات الدولارات لإيران، وأكد أنه لن يفعل الشيء نفسه. على صعيد متصل، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إن برنامج طهران النووي "تضرر بشكل يصعب إصلاحه لسنوات" بعد الهجوم الأميركي على إيران. ونقلت الوكالة عن مسؤول طلب عدم نشر اسمه قوله إن تصريحات راتكليف جاءت في إحاطة مغلقة، عقب ردود فعل أعضاء الكونغرس الديمقراطيين على الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية. ولفت راتكليف إلى أن التقديرات تفيد بأن معظم اليورانيوم الإيراني المخصب ما زال تحت الأنقاض بمنشأتي أصفهان وفوردو، مؤكدا أنه حتى لو بقي اليورانيوم الإيراني سليما، فإن الضرر الذي لحق بالمنشآت نتيجة الهجمات سيُضعف قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية. كما ذكر في إحاطته أمام الكونغرس أن الهجوم أسفر عن تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وأن إسرائيل قادرة الآن بسهولة على إحباط محاولات طهران إعادة بناء برنامجها النووي، على حد قوله. يذكر أنه في 22 يونيو/حزيران هاجمت الولايات المتحدة 3 منشآت نووية إيرانية بقنابل خارقة للتحصينات، ومع ذلك فثمة غموض وتضارب بشأن حجم وتداعيات الأضرار التي لحقت بتلك المنشآت، إذ اكتفى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بالقول إن العدوان الإسرائيلي الأميركي على بلاده لم يحقق أهدافه، دون إيضاحات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store