
نقطة التحول في الجمهورية التركية.. مرور تسع سنوات على محاولة الانقلاب الفاشلة
الدكتور محمد مصطفى كوكصو
تُعد ليلة الخامس عشر من يوليو/تموز 2016 إحدى أهم اللحظات التحولية في التاريخ السياسي المعاصر للجمهورية التركية. ففي تلك الليلة الحالكة، حاولت منظمة «فيتو» الإرهابية (FETÖ) تنفيذ انقلاب دموي عبر تسللها إلى بعض الوحدات العسكرية، بهدف الانقضاض على إرادة الشعب ومصادرة خياراته السياسية التي عبر عنها في صناديق الاقتراع.
لكن الشعب التركي، بوعيه العميق وارتباطه القوي بقيم الديمقراطية والحفاظ على مكتسبات الدولة، نزل إلى الشوارع والميادين في مشهد غير مسبوق، تصدّى فيه المواطنون بصدورهم العارية لدبابات الغدر، ليفشلوا المحاولة الانقلابية خلال ساعات. لقد كانت تلك الوقفة الشعبية البطولية علامة فارقة ليس فقط في إحباط المؤامرة، بل في إعادة تعزيز العلاقة بين الشعب والدولة، بين السياسة والمؤسسة العسكرية.
تعزيز السيادة الوطنية وانطلاق نحو التقدم
لقد مثّل الانقلاب الفاشل اختبارًا مفصليًا لمدى صلابة الدولة التركية ومتانة مؤسساتها. إلا أن تركيا تجاوزت هذا الامتحان الصعب بإرادة شعبها وتماسك نظامها السياسي، ما رسّخ مفهوم السيادة الوطنية بشكل أعمق، ليس فقط في المجال السياسي، بل أيضًا في القطاعات الاقتصادية والتقنية والعسكرية. ومن هنا، برزت استراتيجية الاعتماد على الذات كأحد الأعمدة الأساسية للسياسات التركية في مرحلة ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
فواصلت تركيا مسيرتها بثبات، محققة تقدمًا ملحوظًا في مجالات تعزيز الحكم الديمقراطي، والقطاع الاقتصادي، والصناعات الدفاعية، والعمل الإنساني، والدبلوماسية الإقليمية.
وفي التعليم داخلياً، أعادت الدولة التركية هيكلة قطاع التعليم عبر ضمّ المؤسسات التي كانت تحت سيطرة منظمة «فيتو» إلى وزارة التربية الوطنية، مما عزز السيادة التعليمية ومكّن من استعادة السيطرة الكاملة على البنية التحتية التربوية.
أما خارجيًا، فقد برزت «مؤسسة المعارف التركية» كفاعل دولي في مجال التعليم، إذ تولّت إدارة المدارس التي كانت تستغلها «فيتو» في عدة دول، ووسّعت أنشطتها لتشمل 586 مؤسسة تعليمية في 55 دولة، ضمن علاقات رسمية مع 108 دولة، مقدّمة التعليم لأكثر من 70 ألف طالب.
اقتصاديًا، شهدت البلاد نموًا متواصلًا، حيث بلغت قيمة الصادرات في عام 2024 أكثر من 260 مليار دولار، مع توقّعات بتجاوز 270 مليار دولار في 2025، مدفوعة بتوسيع قاعدة الإنتاج وتنوع الأسواق. كما ارتفعت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لتتجاوز 15 ألف دولار، حيث ما زال الاقتصاد التركي من بين أكبر 20 اقتصادًا في العالم.
أما قطاع السياحة، فقد حقق أداءً لافتًا باستقبال أكثر من 60 مليون زائر العام الماضي، ما يعكس الاستقرار والجاذبية المتنامية التي باتت تميّز موقع تركيا على خريطة الاقتصاد العالمي.
وفي السنوات الاخيرة سجّلت تركيا قفزات نوعية في مجالات الإنتاج المحلي، لا سيما في قطاع الصناعات الدفاعية الذي أصبح من أبرز روافد التقدم التكنولوجي في البلاد. فقد رسّخت شركات تركية موقعها كمورّدين رئيسيين للأسواق العالمية، عبر تصدير منتجاتها الدفاعية إلى أكثر من 180 دولة.
ويأتي هذا التقدم في إطار رؤية تركية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز القدرات الدفاعية بما ينسجم مع التحديات المتغيرة في الإقليم. فامتلاك منظومات ردع متطورة لم يعد خيارًا، بل ضرورة تفرضها طبيعة المرحلة. وفي هذا السياق، يشكّل تطوير الصناعات الدفاعية أرضية قوية لتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة، بما يسهم في بناء منظومة أمن إقليمي قائمة على الشراكة والتكامل في مواجهة التهديدات المشتركة.
تركيا وتوسيع الحضور الدولي وسط مشهد إقليمي ودولي متأزم
أعادت تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، رسم معالم سياستها الخارجية على أسس أكثر استقلالية وواقعية.
وعززت حضورها كفاعل إقليمي ودولي مؤثر، تجلى بوضوح في انخراطها النشط في أزمات جوارها، مثل الملفين الليبي والسوري، إضافة إلى دعمها الحاسم لأذربيجان في قره باغ، وموقفها المتوازن في الأزمة الأوكرانية، حيث اضطلعت بدور وساطة محوري في اتفاق تصدير الحبوب من موانئ البحر الأسود، ما عزز من موقعها كقوة توازن ووسيط موثوق في النظام الدولي.
في السياق ذاته، حافظت تركيا على ثوابتها الأخلاقية في القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وعبّرت بشكل متكرر عن رفضها لازدواجية المعايير في التعامل مع حقوق الشعوب. كما فتحت في الوقت ذاته قنوات تواصل دبلوماسي مع مختلف القوى العالمية، من واشنطن إلى موسكو، مرورًا بعواصم أوروبا وآسيا، معتمدة خطابًا مرنًا يراعي المصالح دون التفريط بالمبادئ.
وقد تُوّج هذا النشاط بدبلوماسية نشطة وواسعة النطاق، تمثلت في امتلاك تركيا واحدة من أكبر شبكات التمثيل الدبلوماسي على مستوى العالم بـ262 بعثة في القارات الخمس، ما منحها المركز الثالث دوليًا. هذا الامتداد الدبلوماسي أسهم في ترسيخ نهج تركي خارجي يقوم على احترام السيادة، وتطوير شراكات استراتيجية قائمة على الندية، والدفاع عن العدالة في المحافل الدولية، متناغما مع المبادئ الأخلاقية والواقعية.
وفي إطار سياستها القائمة على دعم الحلول السياسية والاستقرار الإقليمي، تواصل تركيا تأكيد دعمها للعملية الانتقالية في سوريا، مع إبداء التقدير للجهود المبذولة للحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها. وتؤمن بأن تحقيق الاستقرار المستدام يتطلب تعاونًا بنّاءً بين دول الجوار والدول الشقيقة، وهو ما تسعى إليه تركيا من خلال دعمها المستمر لهذا المسار.
كما تولي تركيا أهمية خاصة لتعزيز تعاونها مع عدد من الدول، مثل ليبيا والسودان والصومال وأفغانستان واليمن، وذلك عبر تبنّي مقاربة شاملة تشمل دعم الاستقرار والمساعدات الإنسانية، وتنفيذ مشاريع تنموية ذات بعد استراتيجي. ويعكس هذا التوجه التزام أنقرة الثابت بمبادئ التضامن والتعاون، المرتكزة إلى علاقات تاريخية وروابط حضارية مشتركة.
قطر: وقفة أخوية لا تُنسى
من أبرز مظاهر التضامن في تلك الليلة التاريخية، الموقف المشرف لدولة قطر الشقيقة، التي كانت أول دولة تتواصل مع القيادة التركية مُعربة عن دعمها الكامل للشرعية ورفضها القاطع لمحاولة الانقلاب. فقد بادر صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالاتصال بفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، مؤكدًا التضامن الأخوي المطلق، كما أوفدت قطر وفدًا رسميًا إلى أنقرة في الأيام التالية، ما ترك أثرًا بالغًا في نفوس الأتراك حكومة وشعبًا.
وقد تميزت العلاقات التركية–القطرية بتكامل المواقف وتبادل الدعم في أوقات الأزمات. ومؤخراً، أدانت تركيا بشدة أي اعتداء ينتهك سيادة دولة قطر الشقيقة، حيث أكد فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان أن تركيا ستقف دومًا إلى جانب أشقائها القطريين.
وتطورت العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية متينة، عززتها اللجنة الاستراتيجية العليا التي تأسست عام 2015، والتي عقدت حتى اليوم عشر جولات ووقّعت 117 اتفاقية تعاون تشمل مجالات الدفاع، والطاقة، والتعليم، والاستثمار، والإعلام. ويعمل اليوم في قطر أكثر من 770 شركة تركية، بينما تنشط نحو 250 شركة قطرية في السوق التركية، ضمن بيئة تعاون مزدهرة تعكس الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا في المنطقة.
خلاصة التجربة
لقد أثبتت تركيا في ليلة 15 يوليو/تموز أن إرادة الشعوب لا تُهزم، وأن حماية الديمقراطية ليست حكرًا على المؤسسات، بل مسؤولية وطنية يتقاسمها الجميع. لقد انتصرت تركيا ليس فقط على الانقلاب، بل على تاريخ طويل من التبعية، والتدخل، والهيمنة الداخلية والخارجية.
وها هي اليوم تدخل مئويتها الثانية بجمهورية أقوى، وشعب أوعى، واقتصاد أكثر تنوعًا، وسياسة خارجية أكثر توازنًا، وصناعات دفاعية أكثر استقلالاً.
إن ذكرى 15 تموز ستظل حية في الذاكرة الوطنية التركية، لا كجرح، بل كعلامة مجد، ونقطة تحول، ودليل على أن الأمة التي تثق بنفسها، وتتشبث بإرادتها، لا تُهزم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 18 ساعات
- صحيفة الشرق
نقطة التحول في الجمهورية التركية.. مرور تسع سنوات على محاولة الانقلاب الفاشلة
111 الدكتور محمد مصطفى كوكصو تُعد ليلة الخامس عشر من يوليو/تموز 2016 إحدى أهم اللحظات التحولية في التاريخ السياسي المعاصر للجمهورية التركية. ففي تلك الليلة الحالكة، حاولت منظمة «فيتو» الإرهابية (FETÖ) تنفيذ انقلاب دموي عبر تسللها إلى بعض الوحدات العسكرية، بهدف الانقضاض على إرادة الشعب ومصادرة خياراته السياسية التي عبر عنها في صناديق الاقتراع. لكن الشعب التركي، بوعيه العميق وارتباطه القوي بقيم الديمقراطية والحفاظ على مكتسبات الدولة، نزل إلى الشوارع والميادين في مشهد غير مسبوق، تصدّى فيه المواطنون بصدورهم العارية لدبابات الغدر، ليفشلوا المحاولة الانقلابية خلال ساعات. لقد كانت تلك الوقفة الشعبية البطولية علامة فارقة ليس فقط في إحباط المؤامرة، بل في إعادة تعزيز العلاقة بين الشعب والدولة، بين السياسة والمؤسسة العسكرية. تعزيز السيادة الوطنية وانطلاق نحو التقدم لقد مثّل الانقلاب الفاشل اختبارًا مفصليًا لمدى صلابة الدولة التركية ومتانة مؤسساتها. إلا أن تركيا تجاوزت هذا الامتحان الصعب بإرادة شعبها وتماسك نظامها السياسي، ما رسّخ مفهوم السيادة الوطنية بشكل أعمق، ليس فقط في المجال السياسي، بل أيضًا في القطاعات الاقتصادية والتقنية والعسكرية. ومن هنا، برزت استراتيجية الاعتماد على الذات كأحد الأعمدة الأساسية للسياسات التركية في مرحلة ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة. فواصلت تركيا مسيرتها بثبات، محققة تقدمًا ملحوظًا في مجالات تعزيز الحكم الديمقراطي، والقطاع الاقتصادي، والصناعات الدفاعية، والعمل الإنساني، والدبلوماسية الإقليمية. وفي التعليم داخلياً، أعادت الدولة التركية هيكلة قطاع التعليم عبر ضمّ المؤسسات التي كانت تحت سيطرة منظمة «فيتو» إلى وزارة التربية الوطنية، مما عزز السيادة التعليمية ومكّن من استعادة السيطرة الكاملة على البنية التحتية التربوية. أما خارجيًا، فقد برزت «مؤسسة المعارف التركية» كفاعل دولي في مجال التعليم، إذ تولّت إدارة المدارس التي كانت تستغلها «فيتو» في عدة دول، ووسّعت أنشطتها لتشمل 586 مؤسسة تعليمية في 55 دولة، ضمن علاقات رسمية مع 108 دولة، مقدّمة التعليم لأكثر من 70 ألف طالب. اقتصاديًا، شهدت البلاد نموًا متواصلًا، حيث بلغت قيمة الصادرات في عام 2024 أكثر من 260 مليار دولار، مع توقّعات بتجاوز 270 مليار دولار في 2025، مدفوعة بتوسيع قاعدة الإنتاج وتنوع الأسواق. كما ارتفعت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لتتجاوز 15 ألف دولار، حيث ما زال الاقتصاد التركي من بين أكبر 20 اقتصادًا في العالم. أما قطاع السياحة، فقد حقق أداءً لافتًا باستقبال أكثر من 60 مليون زائر العام الماضي، ما يعكس الاستقرار والجاذبية المتنامية التي باتت تميّز موقع تركيا على خريطة الاقتصاد العالمي. وفي السنوات الاخيرة سجّلت تركيا قفزات نوعية في مجالات الإنتاج المحلي، لا سيما في قطاع الصناعات الدفاعية الذي أصبح من أبرز روافد التقدم التكنولوجي في البلاد. فقد رسّخت شركات تركية موقعها كمورّدين رئيسيين للأسواق العالمية، عبر تصدير منتجاتها الدفاعية إلى أكثر من 180 دولة. ويأتي هذا التقدم في إطار رؤية تركية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز القدرات الدفاعية بما ينسجم مع التحديات المتغيرة في الإقليم. فامتلاك منظومات ردع متطورة لم يعد خيارًا، بل ضرورة تفرضها طبيعة المرحلة. وفي هذا السياق، يشكّل تطوير الصناعات الدفاعية أرضية قوية لتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة، بما يسهم في بناء منظومة أمن إقليمي قائمة على الشراكة والتكامل في مواجهة التهديدات المشتركة. تركيا وتوسيع الحضور الدولي وسط مشهد إقليمي ودولي متأزم أعادت تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، رسم معالم سياستها الخارجية على أسس أكثر استقلالية وواقعية. وعززت حضورها كفاعل إقليمي ودولي مؤثر، تجلى بوضوح في انخراطها النشط في أزمات جوارها، مثل الملفين الليبي والسوري، إضافة إلى دعمها الحاسم لأذربيجان في قره باغ، وموقفها المتوازن في الأزمة الأوكرانية، حيث اضطلعت بدور وساطة محوري في اتفاق تصدير الحبوب من موانئ البحر الأسود، ما عزز من موقعها كقوة توازن ووسيط موثوق في النظام الدولي. في السياق ذاته، حافظت تركيا على ثوابتها الأخلاقية في القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وعبّرت بشكل متكرر عن رفضها لازدواجية المعايير في التعامل مع حقوق الشعوب. كما فتحت في الوقت ذاته قنوات تواصل دبلوماسي مع مختلف القوى العالمية، من واشنطن إلى موسكو، مرورًا بعواصم أوروبا وآسيا، معتمدة خطابًا مرنًا يراعي المصالح دون التفريط بالمبادئ. وقد تُوّج هذا النشاط بدبلوماسية نشطة وواسعة النطاق، تمثلت في امتلاك تركيا واحدة من أكبر شبكات التمثيل الدبلوماسي على مستوى العالم بـ262 بعثة في القارات الخمس، ما منحها المركز الثالث دوليًا. هذا الامتداد الدبلوماسي أسهم في ترسيخ نهج تركي خارجي يقوم على احترام السيادة، وتطوير شراكات استراتيجية قائمة على الندية، والدفاع عن العدالة في المحافل الدولية، متناغما مع المبادئ الأخلاقية والواقعية. وفي إطار سياستها القائمة على دعم الحلول السياسية والاستقرار الإقليمي، تواصل تركيا تأكيد دعمها للعملية الانتقالية في سوريا، مع إبداء التقدير للجهود المبذولة للحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها. وتؤمن بأن تحقيق الاستقرار المستدام يتطلب تعاونًا بنّاءً بين دول الجوار والدول الشقيقة، وهو ما تسعى إليه تركيا من خلال دعمها المستمر لهذا المسار. كما تولي تركيا أهمية خاصة لتعزيز تعاونها مع عدد من الدول، مثل ليبيا والسودان والصومال وأفغانستان واليمن، وذلك عبر تبنّي مقاربة شاملة تشمل دعم الاستقرار والمساعدات الإنسانية، وتنفيذ مشاريع تنموية ذات بعد استراتيجي. ويعكس هذا التوجه التزام أنقرة الثابت بمبادئ التضامن والتعاون، المرتكزة إلى علاقات تاريخية وروابط حضارية مشتركة. قطر: وقفة أخوية لا تُنسى من أبرز مظاهر التضامن في تلك الليلة التاريخية، الموقف المشرف لدولة قطر الشقيقة، التي كانت أول دولة تتواصل مع القيادة التركية مُعربة عن دعمها الكامل للشرعية ورفضها القاطع لمحاولة الانقلاب. فقد بادر صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالاتصال بفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، مؤكدًا التضامن الأخوي المطلق، كما أوفدت قطر وفدًا رسميًا إلى أنقرة في الأيام التالية، ما ترك أثرًا بالغًا في نفوس الأتراك حكومة وشعبًا. وقد تميزت العلاقات التركية–القطرية بتكامل المواقف وتبادل الدعم في أوقات الأزمات. ومؤخراً، أدانت تركيا بشدة أي اعتداء ينتهك سيادة دولة قطر الشقيقة، حيث أكد فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان أن تركيا ستقف دومًا إلى جانب أشقائها القطريين. وتطورت العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية متينة، عززتها اللجنة الاستراتيجية العليا التي تأسست عام 2015، والتي عقدت حتى اليوم عشر جولات ووقّعت 117 اتفاقية تعاون تشمل مجالات الدفاع، والطاقة، والتعليم، والاستثمار، والإعلام. ويعمل اليوم في قطر أكثر من 770 شركة تركية، بينما تنشط نحو 250 شركة قطرية في السوق التركية، ضمن بيئة تعاون مزدهرة تعكس الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا في المنطقة. خلاصة التجربة لقد أثبتت تركيا في ليلة 15 يوليو/تموز أن إرادة الشعوب لا تُهزم، وأن حماية الديمقراطية ليست حكرًا على المؤسسات، بل مسؤولية وطنية يتقاسمها الجميع. لقد انتصرت تركيا ليس فقط على الانقلاب، بل على تاريخ طويل من التبعية، والتدخل، والهيمنة الداخلية والخارجية. وها هي اليوم تدخل مئويتها الثانية بجمهورية أقوى، وشعب أوعى، واقتصاد أكثر تنوعًا، وسياسة خارجية أكثر توازنًا، وصناعات دفاعية أكثر استقلالاً. إن ذكرى 15 تموز ستظل حية في الذاكرة الوطنية التركية، لا كجرح، بل كعلامة مجد، ونقطة تحول، ودليل على أن الأمة التي تثق بنفسها، وتتشبث بإرادتها، لا تُهزم.


صحيفة الشرق
منذ يوم واحد
- صحيفة الشرق
دولة قطر تؤكد على اهتمامها بحماية وإعادة تأهيل مواقع التراث المعرضة للخطر
عربي ودولي 18 أكد سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب، مندوب دولة قطر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، أن قطر من خلال عضويتها في لجنة التراث العالمي تولي اهتماماً كبيراً لقضايا حماية وإعادة تأهيل مواقع التراث المعرضة للخطر. جاء ذلك خلال مشاركته في فعالية بعنوان "استراتيجية الإيسيسكو لدعم سحب ممتلكات دولها الأعضاء من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر" التي نظمتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالتعاون مع عدد من الشركاء على هامش انعقاد الدورة الـ47 للجنة التراث العالمي، المنعقدة بمقر اليونسكو في باريس خلال الفترة من 6 إلى 16 يوليوالجاري. وأكد سعادته أن حماية المواقع المعرضة للخطر مسؤولية دولية مشتركة تتطلب عملاً منسقاً وأدوات مبتكرة وشراكات قوية، مشيرا إلى أنه من هذا التعاون يمكننا دعم إزالة المواقع نهائياً من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، وخاصةً في الدول الأعضاء في منظمة الإيسيسكو. وقال إن دولة قطر من خلال مؤسساتها الوطنية ذات الاختصاص ملتزمة التزاماً كاملاً بهذا الجهد، حيث يتم الاستثمار في أنظمة قواعد بيانات متطورة تعزز الشفافية والمساءلة وحماية الممتلكات الثقافية، ما يتيح توثيقاً ورصداً دقيقين، الأمر الذي يساعد في منع الاتجار غير المشروع، الذي لا يزال يشكل تهديداً كبيراً لمواقع التراث المعرضة للخطر. وأضاف الدكتور ناصر الحنزاب "ندرك أن التقدم الهادف يتطلب مشاركة جميع الجهات الفاعلة: مؤسسات التراث، والجمارك، وسلطات إنفاذ القانون، والمنظمات الدولية. ومن خلال تمكين العاملين في الخطوط الأمامية بالمعرفة والتكنولوجيا، يمكننا كشف ومنع النقل غير المشروع للأصول الثقافية بشكل أفضل"، مؤكدا دعم قطر لاستراتيجية الإيسيسكو، والعمل على تشجيع أفضل الممارسات، ودعم التعاون الإقليمي، وتعزيز الأطر الوقائية لضمان بقاء المواقع المهددة، بل وازدهارها لصون هذا الإرث الثقافي المشترك للأجيال القادمة. وخلال الفعالية استعرض الدكتور محمد زين العابدين، رئيس قطاع الثقافة في الإيسيسكو، إنجازات المنظمة الأخيرة في مساعدة الدول الأعضاء لديها لسحب بعض مواقعها من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، مؤكدا التزام المنظمة بالعمل الاستباقي والتعاون في مجال صون التراث. كما شهد افتتاح الفعالية بث كلمة مسجلة للدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، أعلن فيها عن الإطلاق الرسمي لجائزة "ناتافان للتميّز في التراث"، وهي مبادرة مشتركة بين الإيسيسكو وأذربيجان تهدف إلى الاحتفاء بالممارسات الرائدة في حفظ التراث في العالم الإسلامي. وألقى عدد من الشخصيات كلمات في الفعالية، من بينهم السيد لازار إلوندو أسومو، مدير مركز التراث العالمي باليونسكو، والسيدة تيريزا باتريسيو، رئيسة المجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS)، والدكتور ألبينو جوبالا، المدير التنفيذي لصندوق التراث العالمي الإفريقي، والمهندس محمد العيدروس، رئيس لجنة التراث في العالم الإسلامي. وكان من أبرز محطات الحدث الاحتفاء بنجاح سحب موقعين عربيين من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، وهما: أبو مينا في مصر وغدامس في ليبيا، حيث قدم كل من الوفدين المصري والليبي لدى لجنة التراث العالمي، عرضا لتجربتي بلديهما، والجهود المبذولة والدروس المستفادة في عملية ترميم وإدارة هذين الموقعين الثقافيين الهامين.


صحيفة الشرق
منذ يوم واحد
- صحيفة الشرق
أضخم نقابة عمالية في بريطانيا تتضامن مع فلسطين
عربي ودولي 128 في قرار غير مسبوق يعد الأول من نوعه في تاريخها، صوتت نقابة «Unite the Union» وهي أضخم نقابة عمالية في المملكة المتحدة، بأغلبية ساحقة على فرض حظر شامل على تصدير السلاح إلى إسرائيل، معلنة التزامها بالمقاطعة الكاملة لجميع المنتجات الإسرائيلية، وسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة في الإبادة الجماعية في غزة، وأعلنت دعمها غير المشروط لحق العمال في رفض تصنيع أو نقل أو تصليح أي معدات عسكرية تستخدم في الهجمات على الفلسطينيين. وفي جلسة استثنائية لأعضاء نقابة «Unite the Union»، صوت نحو 97% منهم على قرار فرض حظر كامل للبضائع الإسرائيلية وحق أي عامل في رفض التعامل مع أية معدات أو أسلحة تستخدم في الإبادة الجماعية، والتصويت لوقف التعامل مع 400 شركة بريطانية متواطئة في الإبادة الجماعية، كما التزم جميع أعضاء النقابة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية ومنع التعامل معها. وأكد المتحدث باسم النقابة أن التضامن مع فلسطين يتزايد بين النقابات العمالية، موضحا أن الأعضاء قاموا بإعادة ترتيب أولوياتهم الإنسانية واضعين الضمير الإنساني فوق التورط، والكرامة فوق الاتفاقيات الدفاعية المشتركة. وذكر النقابي محمد أعظم أن هذا ليس مجرد تصويت، بل موقف من أجل الإنسانية. وقدم النائب البريطاني اقبال محمد الشكر إلى نقابة «Unite the Union» لقرارها التاريخي، داعيا باقي النقابات والقائمين على المؤسسات والهيئات البريطانية إلى المسارعة لاتخاذ مثل هذا الموقف الذي اتخذته النقابة العمالية الأضخم في بريطانيا، ودعا جميع البريطانيين وعلى رأسهم الحكومة البريطانية للتحرك لوقف الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة، وإنهاء مشاركتها في هذه الإبادة. وذكر المتحدث باسم منظمة «لا للحرب» البريطانية أن هذا التحرك ينهي القطيعة الحادة التي التزمت بها النقابة تجاه جرائم الحرب قبل سنوات، حيث لم تكن تشارك في هذه القضايا الإنسانية، مؤكدا أن هذا التصويت يعتبر إعلانا توثيقيا لواحد من أبرز مواقف التضامن العمالي النقابي مع فلسطين في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وضربة مباشرة لمنظومة التواطؤ الصناعي مع إسرائيل، حيث إن نقابة «Unite the Union» تمثل الآلاف من العاملين في شركة «بي ايه اي سيمنز» الدفاعية التي تعد المزود الرئيسي لإسرائيل بمكونات طائرات «إف 15 وإف 16 وإف 35» المستخدمة في القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة. مساحة إعلانية