الإيجارات غير السكنية: قانون نافذ أم مطعون؟
لا يزال ملف الإيجارات للأماكن غير السكنية محور تجاذب بين أطراف متعددة، بعدما تجاوز الخلاف الإطار التقليدي بين المالكين والمستأجرين، ليطال القوانين النافذة وتفسيراتها الدستورية.
وتتّسع رقعة النزاع في ظل تباين الآراء القانونية حول توقيت نشر القانون ومفاعيله، ما يعقّد المشهد ويجعل تلك المعركة القانونية والسياسية أكثر تشعباً وتعقيداً مما تبدو عليه.
الطعن أمام الدستوري
تمكن المستأجرون من الحصول على موافقة 13 نائباً، تقدموا أمام المجلس الدستوري بطعن بدستورية القانون رقم 11 المتعلق بإيجارات الأماكن غير السكنية، والمنشور في العدد 26 من الجريدة الرسمية بتاريخ 12/6/2025 وتسجل الطعن تحت الرقم 11/2025.
ويهدف الطعن بحسب المحامية مايا جعارة المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين إلى التصدي إلى عدد كبير من المخالفات والانتهاكات الدستورية، سواء على صعيد ظروف إقراره وملابسات إصداره وحيثيات نشره ومحتواه ومدرجاته، لاسيما انتهاكه لعدد كبير من مواد الدستور ومقدمته، فضلا عن انتهاكه جملة مبادئ دستورية. وتفند جعارة المخالفات التي على أساسها تم تقديم الطعن.
أولاً: لا يعتبر تحرير الإيجارات إطلاقاً "تشريع ضرورة" كما نص القانون خاصة في ظل الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها البلد.
ثانياً: إقدام الأمانة العامة لمجلس النواب على إعادة القانون الى مجلس الوزراء دون عرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب التي هي صاحبة القرار الأول والاخير للتأكيد على القانون من عدمه.
ثالثاً: يمنع مبدأ فصل السلطات السلطة التنفيذية اعتبار قانون نافذاً خصوصاً إن كان الطعن بإعادته الى مجلس النواب عالقاً.
رابعاً: مضمون القانون ينتهك مقدمة الدستور، ويخلّ بمبدأ الأمن القانوني والاستقرار التشريعي ويخالف مبدأ الحقوق المكتسبة والثقة المشروعة والعدالة الاجتماعية ويخل بالاستقرار الاقتصادي وبالمساواة ولم يراع المصلحة العامة والانتظام العام.
وشرحت جعارة أن الطعن يشمل طريقة الإصدار والنشر ومدى دستورية أو عدم دستورية القانون، و"ظروف" إقرار القانون .
وكان قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية قد نشر في الجريدة الرسمية ودخل حيّز التنفيذ، وذلك بعد إصداره من قبل رئيس الجمهورية جوزاف عون وتحويله إلى النشر من قبل رئيس الحكومة نواف سلام، وشكلت حينها تلك الخطوة مرحلة جديدة في ملف الإيجارات غير السكنية، ولعلاقة المؤجر والمستأجر، وما لذلك من تأثيرات مباشرة اقتصادياً واجتماعياً.
ملف شائك
لطالما شكل ملف الإيجارات معضلة في لبنان، في ظل غياب أي قوانين أو أسس تراعي القيمة التأجيرية، والأوضاع الاقتصادية، ومؤشرات التضخم، وغيرها من العوامل التي تتحكم بآليات التأجير وتنظيم العلاقة بين المستأجر والمالك، وإن سعت السلطات اللبنانية إلى إيجاد حلول، عادة ما يعتبرها البعض غير منصفة.
في منطقة الحمرا، التي تعد واحدة من أشهر المناطق التجارية، استأجر عبد اللطيف أيوب منذ أكثر من أربعين عاماً دكاناً صغيراً، ومع وقوع الحرب الأهلية وتغير قيمة العملة وما تبعها بعد ذلك من تأثيرات وتغييرات اقتصادية، بقي أيوب، في دكانه وفق قوانين تأجيرية قديمة، ما دفع بأبناء مالك العقار، إلى مطالبته مراراً بالمغادرة. يسدد أيوب ما يقارب 50 ألف ليرة شهرياً، وهو رقم يقارب نصف دولار، ورغم ذلك، يقول أيوب لـ"المدن": حاولت مع أصحاب العقار التوصل لحل يراعي جميع الأطراف، لكنهم أصروا على مغادرة العقار، وبالتالي خسارة مصدر رزقي الوحيد".
بدلات إيجار زهيدة
على الرغم من غياب الأرقام والإحصاءات الدقيقة حول أعداد المباني غير السكينة المؤجرة، إلا أن هناك ما يقارب 25000 وحدة مؤجرة غير سكنية في لبنان وفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية عام 2018. تشمل هذه الوحدات المباني والمحلات التجارية والمكاتب وغيرها من الأماكن المؤجرة لأغراض غير سكنية، يتقاضى عدد من مالكيها أرقاماً بسيطة لا تذكر، بحسب ما تؤكده لجنة مالكي الأبنية المؤجرة.
فالقانون بصيغته الحالية يشير إلى أن مدة الإيجار في الأماكن غير السكنية، تمدد لفترة أقصاها، أربع سنوات من تاريخ نفاذ القانون، في حال طالب المؤجر بالزيادات التدريجية على بدل الإيجار المحدد في القانون، أو قد يمدّد الإيجار لمدة سنتين في حال تنازل المؤجر عن حقة بالزيادات التدريجية.
ولم يوضح القانون آليات الزيادات، وهو ما دفع جعارة إلى طرح علامات استفهام عديدة حول هذا القانون ومدى إمكانية تطبيقه والتأثيرات التي تعتبرها سلبية بحق الاقتصاد اللبناني.
التداعيات الاقتصادية
بعيداً عن ما يمكن أن يحمله من تداعيات اجتماعية بالنسبة لفئة كبيرة من المستأجرين الذين لا يملكون أموالا لاستئجار أبنية وأماكن جديدة للعمل، يحمل القانون أيضا تداعيات اقتصادية. من غير المستبعد أن يضطر العديد من التجار وتحديداً صغار التجار إلى ترك مؤسساتهم ومقرات عملهم، وإقفال المؤسسات، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، ونسب التضخم، التي تؤثر على الحركة التجارية.
من ناحية أخرى، فإن إقفال المؤسسات التجارية، قد يؤدي الى التوسع بانتشار حالات البطالة، وفقدان الكثير من العائلات لمصدر رزقها، إلا أن التأثيرات الأكثر حدة، إن صح التعبير، فتتعلق ببدل الإيجار الذي ستسدده الدولة اللبنانية نظير المدارس، والوزارات التي لا تزال خاضعة للقوانين القديمة ولقيمة إيجارية لا تذكر. إذ ان السلطات اللبنانية ستكون إما مجبرة على تحمل قيمة الإيجارات العالية ما قد يؤثر على ميزانيتها المتعثرة أصلاً، أو قد تلجأ إلى رفع قيمة المعاملات والضرائب وهو خيار غير مستبعد، وبالتالي تكبد المواطنون الارتفاعات في قيمة الإيجارات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
إذا تم تمرير مشروع الإنفاق سنشكل حزب أميركا
قال الملياردير الأميركي إيلون ماسك إنه 'إذا تم تمرير مشروع قانون الإنفاق فإنه سيعلن عن تشكل 'حزب أميركا' في اليوم التالي. وأضاف في منشور على 'إكس': 'بلادنا تحتاج إلى بديل عن احتكار الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حتى يحصل الشعب أخيرًا على صوت حقيقي يمثل إرادته'. وفي سلسلة من المنشورات الحادة على منصة X، انتقد الملياردير الشهي بشدة الإنفاق الحكومي المتزايد، واصفاً الحزب الحاكم في 'الدول ذات الحزب الواحد' بـ 'حزب الخنزير البدين' في إشارة ربما إلى الحزب الجمهوري بسبب رفع سقف الدين بمبلغ قياسي قدره خمسة تريليونات دولار. وقد عبّر ماسك عن استيائه من هذا القرار، مشدّدًا على ضرورة ظهور حزب سياسي جديد يهتم حقاً بالشعب'. تأتي هذه التصريحات في سياق انتقاداته المستمرة لما يعتبره إهدارًا للمال العام وتضخمًا في الدين القومي.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
البنتاجون يوافق على صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة 510 ملايين دولار
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، اليوم الثلاثاء، موافقتها على صفقة محتملة لبيع أنظمة توجيه قنابل متطورة إلى إسرائيل، بقيمة تقديرية تبلغ 510 ملايين دولار، وذلك في إطار الدعم العسكري المستمر الذي تقدمه واشنطن لتل أبيب، وسط توترات إقليمية متصاعدة. وبحسب بيان رسمي صادر عن وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية، فإن الصفقة تشمل أطقم توجيه لقنابل ذكية، تُستخدم لتحسين دقة الإصابات وتقليل الأضرار الجانبية. وتأتي هذه الصفقة في سياق جهود أمريكية متواصلة لتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية، وضمان تفوقها النوعي في منطقة الشرق الأوسط. وأوضح البنتاجون أن هذه الصفقة تخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، من خلال تمكين إسرائيل من تعزيز دفاعاتها أمام التهديدات المتنامية، خاصة من جانب إيران والجماعات المسلحة المدعومة منها، مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة. الصفقة الجديدة ليست الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة من المبيعات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل خلال الأشهر الماضية. ففي فبراير الماضي، وافقت الإدارة الأمريكية على صفقة سلاح ضخمة بقيمة تجاوزت 7 مليارات دولار، شملت صواريخ دقيقة التوجيه، وذخائر ثقيلة، ومعدات متقدمة. كما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن صفقة إضافية قيد الإعداد بقيمة مليار دولار، تتضمن قنابل وجرافات مدرعة. اللافت أن هذه الصفقات يتم تمريرها غالبًا بموجب "صلاحيات الطوارئ"، التي تسمح للإدارة الأمريكية بتجاوز المراجعة التقليدية للكونغرس، في حالات تعتبرها ذات أهمية عاجلة للأمن القومي. وهو ما أثار جدلاً متزايداً داخل الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية بشأن مدى توازن هذه الصفقات مع القيم الإنسانية، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. وتأتي الموافقة على الصفقة الجديدة بالتزامن مع الاستعدادات لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، وسط مساعٍ أمريكية للتوصل إلى اتفاق تهدئة في غزة يشمل صفقة لتبادل الأسرى. وفي الوقت الذي تؤكد فيه واشنطن التزامها بدعم أمن إسرائيل، تتصاعد المطالب الدولية بضرورة ربط الدعم العسكري بضمانات واضحة تحمي المدنيين وتلتزم بالقانون الدولي الإنساني.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
متهم في قضايا نصب واحتيال.. حسام الغمري يكشف حقيقة أزمة الإخواني وليد شرابي الأخيرة بتركيا
قال الإعلامي حسام الغمري، أحد الشهود على تآمر جماعة الإخوان الإرهابية ضد مصر، إن الإخواني وليد شرابي المقيم في تركيا وأزمته الأخيرة وإضرابه عن الطعام، هو في الأساس متهم ومتورط في قضايا نصب واحتيال هناك. وأضاف خلال لقائه مع برنامج "كلمة أخيرة" مع الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON: "وليد شرابي استُخدم في بادئ الأمر من قِبل الإخوان كأحد الرموز في الكيان الخبيث المؤسس المسمى "المجلس الثوري"، وكان أحد رموزه وأشهرهم، وكان هناك مخصصات مالية كبيرة لهم من خلال فنادق وإقامات حتى تم تغيير قيادات هذا المجلس، فتورط بعدها في قضايا نصب". وتابع: "كان الإخوان يستخدمونه في تحرير البلاغات ضد عناصر الجماعة التي تخرج عن الخط، لكن مع تكرار البلاغات ضده في قضايا نصب، ومنها بلاغ من شخص اتهمه بالنصب عليه في مبلغ 300 ألف دولار، لم تُجدد له الإقامة". وأوضح: "كشوف الإقامات والجنسية كانت تُقدم من قبل الإخوان لتجديدها، لكنه أصبح الآن مغضوبًا عليه من داخل الجماعة، لذلك تعرض للأزمة الأخيرة". واستكمل: "يبدو أنه حاول الهروب عبر هجرة غير شرعية للخارج، وتم التعامل معه قانونيًا، لكنه حاول تسييس الأمر وتقديمه وكأنه قضية سياسية".