logo
بين مكاسب إسرائيل والحسابات الخاطئة للعرب

بين مكاسب إسرائيل والحسابات الخاطئة للعرب

المصري اليوممنذ 14 ساعات
منذ ما يقرب من نصف قرن، وبالتحديد فى صيف 1981، حلّقت الطائرات الإسرائيلية على ارتفاع منخفض لتقصف مفاعل تموز فى بغداد، معلنة أنها تفعل ما تريد وقتما تريد، ولا صوت يعلو فوق صوت التفوق الإسرائيلى.
لم تكن الضربة مجرد عمل عسكرى ناجح، بل كانت رسالة سياسية مفادها: «أننا لن نسمح بأى مشروع نووى عربى، حتى ولو كان سلميًا، وأن مجرد التفكير فى الخروج من الحيز الذى تريده إسرائيل لتلك البلدان، سيُقابَل بنفس المصير ولن يدعمها أحد.» وبعد عقود، يتكرر المشهد المؤلم فى طهران ونطنز وأصفهان، وإن بوسائل أكثر تطورًا وخطورة، «اغتيالات سياسية وعلمية، هجمات سيبرانية، طائرات مسيّرة ومقاتلة، عمليات استخباراتية دقيقة» كلها نُسبت لإسرائيل أو تُركت دون تبنٍ واضح، إلا أنها حملت نفس البصمة القديمة، ونفس الرسالة تقريبًا، التى أكدت ولا تزال: «أن المشروع الصهيونى باقٍ، والتفوق ينبغى أن يستمر لإسرائيل فقط.» فى كلتا الحالتين – تموز وأصفهان – كانت الصواريخ تتحدث بصوت عالٍ، بينما العرب صامتون. فى العراق، كانت الأمة العربية منشغلة بخلافاتها وصراعاتها وانقساماتها، بين من يرى ضرورة ترك صدام لوحده فى الساحة كى لا يمتلك مفاعلًا نوويًا يهدد به جيرانه، ولا يقدر على التحكم فى زمام المبادرة، ومن يرى أن امتلاك العراق لمفاعل نووى بمثابة امتداد للتيار العروبى المقاوم لإسرائيل. وفى المجمل، لم يصدر أى تحرك حقيقى، كما لم يتبلور موقف حقيقى، بل اكتفت العواصم العربية ببيانات خافتة أقرب للمجاملة منها إلى الموقف.
وفى الحالة الإيرانية، فالوضع أكثر فجاجة، فهو ليس فقط صمتًا، بل ربما رضا مكتوم من بعض الدول الخليجية التى ترى فى إيران تهديدًا وجوديًا لها، لذلك غضّت الطرف حتى تصل إسرائيل لمبتغاها، الأمر الذى يؤكد أن الليلة لا تختلف مطلقًا عن البارحة، والسكوت عن ضرب إيران اليوم، هو نفسه الذى سمح بضرب العراق بالأمس، وهو ما قد يفتح الطريق غدًا لاعتداء إسرائيل على أى طرف آخر يخطط لتجاوز ما تسمح به إسرائيل.
ما يزيد المشهد ظلامًا، أن الرئيس الأمريكى وقت الضربتين، لم يكن محايدًا فى أية لحظة، فقد اكتفت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق «رونالد ريغن» بالإدانة اللفظية لما ارتكبته إسرائيل ضد المفاعل النووى العراقى، بينما تغاضت لاحقًا عن استمرار التفوق العسكرى الإسرائيلى. أما اليوم، فالتواطؤ لم يعد خفيًا، بل معلنًا فى تصريحات ترامب من نوع: «لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووى، وعليها القبول والإذعان لما تراه واشنطن، وكل الخيارات على الطاولة». وهى تصريحات تؤكد أن واشنطن لا تقف فى المنتصف، وإنما تنحاز لإسرائيل، وتدعمها استخباراتيًا، وتغطيها سياسيًا، وتحميها عسكريًا وأمميًا.
رغم هذا الوضوح الصارخ، يظل الموقف العربى باهتًا، ضعيفًا، مفككًا، لا أحد يتحرك، ولا أحد يُحاسب أو يُتوقع أن يُحاسب. والأسوأ والأدهى أن الأموال تُضخ بالمليارات لواشنطن، من خلال صفقات استثمارية وتسلحية ضخمة، يعلم أصحابها – قبل غيرهم – أنها لن تُصرف لحماية «مكة أو القدس أو...»، بل ستنتهى لمصانع الأسلحة التى تحفظ لإسرائيل قوتها وتفوقها العسكرى، وترهن عموم البلدان العربية والإسلامية لإرادة البيت الأبيض.
ما بين قصف بغداد وقصف أصفهان، لم يتغير شيء سوى أسماء الضحايا. أما الفاعل فواحد، والراعى واحد، والمشاهدون هم نفس المشاهدين، والصامتون لا يزالون صامتين. لم يحاول العرب استيعاب الدرس، وبقوا فى موقع «المفعول بهم» إيثارًا لسلامة لن ينعم بها الحكام أو الرعية، ليبقى السؤال: إلى متى سيظل القرار العسكرى الإسرائيلى مرتبطًا فقط بتوقيت القادة فى تل أبيب وواشنطن؟! وإلى متى تنتظر الشعوب العربية من يُضرب تاليًا، بدلًا من أن تسأل نفسها: لماذا لم نمنع الضربة الأولى؟! لقد بات من المؤكد أن ما فشلت فيه الأمة العربية بالأمس، لا تزال فاشلة فيه اليوم، وما بين ضرب المفاعل النووى العراقى والمفاعلات النووية الإيرانية، يبقى المشروع الصهيونى منتصبًا، مزودًا بسلاح الغرب، وبصمت وهوان الموقف العربى.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما هي قصة ليبيريا مع اللغة الإنجليزية التي لا يعرفها الرئيس الأمريكي؟
ما هي قصة ليبيريا مع اللغة الإنجليزية التي لا يعرفها الرئيس الأمريكي؟

النهار المصرية

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار المصرية

ما هي قصة ليبيريا مع اللغة الإنجليزية التي لا يعرفها الرئيس الأمريكي؟

أعلنت وزيرة خارجية ليبيريا أن رئيس البلاد جوزيف بواكاي لم يشعر بأي إهانة من التعليق الذي أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إتقانه للغة الإنجليزية. وتحولت الزلة اللغوية التي وقع فيها ترامب إلى موضوع للنقاش والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بل وألهمت مغنية ليبيرية لتقديم أغنية حققت انتشارا كبيرا. وأثنى ترامب خلال لقاء جمع بواكاي مع أربعة رؤساء آخرين من دول غرب إفريقيا الغنية بالمعادن في قمة مصغرة بالبيت الأبيض يوم الأربعاء، على إتقان بواكاي للغة الإنجليزية، دون أن يدرك أن الإنجليزية هي اللغة الرسمية في ليبيريا. وسأل ترامب الرئيس الليبيري: "لغتك الإنجليزية ممتازة... أين تعلمتها؟"، فرد بواكاي بضحكة متحفظة أنه تلقى تعليمه في بلده. ومن جهتها، أوضحت وزيرة الخارجية الليبيرية سارة بيسولو نيانتي مساء الجمعة أن بلادها تشرفت بدعوة بواكاي للقاء ترامب والقادة الأفارقة في البيت الأبيض، مؤكدة عدم وجود أي شعور بالإهانة من جانب الرئيس الليبيري. وأشارت إلى حرص ليبيريا على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة القائمة على الاحترام المتبادل. يذكر أن ليبيريا تأسست عام 1822 عندما بدأت جمعية الاستعمار الأمريكية - التي تمولها الحكومة الأمريكية ومالكو العبيد - بإرسال العبيد المحررين إلى أراضيها. وتدفق آلاف المستوطنين من الأمريكيين الليبيريين إلى المنطقة قبل أن يعلنوا استقلال البلاد عام 1847 ويشكلوا حكومة هيمنت على الأغلبية الإفريقية. وتعد اللغة الإنجليزية منذ ذلك الحين اللغة الرسمية والأكثر استخداما في جميع أنحاء ليبيريا. وردا على زلة ترامب، أطلقت المغنية وسفيرة الثقافة الليبيرية السابقة كوين جولي إندي أغنية تقديرية للرئيس بواكاي بعنوان "نحن نحيي رئيسنا الأسود، ملك إفريقيا الإنجليزي الجميل"، حيث لاقى الفيديو المصاحب للأغنية رواجا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تباينت ردود فعل الليبيريين تجاه الحادثة، فبينما رأى بعضهم أن تصريح ترامب يحمل سخرية من رئيسهم، اعتبر آخرون أن زيارة بواكاي للبيت الأبيض تمثل إنجازا دبلوماسيا لبلادهم.

اهتمام "ترامب" بالعقوبات على روسيا يُنعش آمال حلفاء أوكرانيا
اهتمام "ترامب" بالعقوبات على روسيا يُنعش آمال حلفاء أوكرانيا

البورصة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البورصة

اهتمام "ترامب" بالعقوبات على روسيا يُنعش آمال حلفاء أوكرانيا

اكتسب مشروع قانون أمريكي مدعوم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يهدف إلى فرض عقوبات صارمة على روسيا لحمل موسكو على الدخول في مفاوضات سلام جدية مع أوكرانيا، زخماً متزايداً داخل الكونجرس. غير أن المشروع لا يزال يفتقر إلى الدفع الرئاسي اللازم لتمريره. ويترقب داعمو أوكرانيا في واشنطن وكييف ما وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ'تصريح كبير' حول روسيا يوم الإثنين، آملين أن يكون إعلاناً عن دعمه الصريح لمشروع العقوبات. ورغم أن 'ترامب' لم يفصح عن تفاصيل هذا الإعلان المرتقب، فإن نبرته تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصبحت أكثر حدة خلال الأسابيع الماضية، لا سيما في ظل رفض موسكو وقف إطلاق النار وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين. كان ترامب قد وافق الثلاثاء، على إرسال أسلحة دفاعية لأوكرانيا، واقترب بعد يومين من تأييد مشروع القانون، بحسب ما أفاد به شخص مطّلع، لكنه لم يُقرّ بعد بصيغته النهائية. وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثيون إن المجلس قد يصوت على المشروع خلال الشهر الجاري. وعبر رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون عن تفاؤل مماثل، بينما أبلغ السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام ووزير الخارجية ماركو روبيو دبلوماسيين أوروبيين بأن المشروع سيتحرك قريباً. وكتب جراهام عبر منصة 'إكس': 'مجلس الشيوخ سيتحرك قريباً لتمرير مشروع قانون عقوبات صارمة، لا ضد روسيا فقط، بل أيضاً ضد دول مثل الصين والهند التي تشتري منتجات الطاقة الروسية وتُموّل آلة الحرب التي يقودها بوتين'. لكن بعض المراقبين يشككون في ما إذا كان ترامب قد تخلى عن مساعيه الدبلوماسية مع روسيا، خاصة وأن البيت الأبيض يطالب بسلطات واسعة لنقض أي عقوبات، ما قد يُفرغ المشروع من مضمونه الفعلي، حسب ما نقلته شبكة 'سي إن بي سي' الإخبارية. وقال روبيو من كوالالمبور، بعد لقائه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه ناقش 'فكرة جديدة' سيعرضها على ترامب، لكنها لا تضمن السلام بل قد تفتح باباً لمخرج محتمل. يتضمن المشروع فرض عقوبات شاملة على أفراد ومؤسسات روسية، وفرض رسوم تصل إلى 500% على دول تتعامل تجارياً مع موسكو، خصوصاً في قطاعات النفط والغاز واليورانيوم. كما يواجه المشروع تحديات تقنية تتعلق بتأثير العقوبات على عمل السفارة الأمريكية في موسكو. ويقرّ بعض الداعمين بأن المشروع يحمل طابعاً رمزياً، إذ إن الرئيس يملك فعلياً الصلاحيات الكاملة لفرض العقوبات بموجب السلطة التنفيذية دون الحاجة إلى تشريع جديد. : الولايات المتحدة الأمريكيةترامبروسيا

هل يملك ترامب صلاحية إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟
هل يملك ترامب صلاحية إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟

مستقبل وطن

timeمنذ 2 ساعات

  • مستقبل وطن

هل يملك ترامب صلاحية إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟

قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، اليوم الأحد، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمتلك السلطة القانونية لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إذا ثبت وجود مبررات قانونية واضحة لذلك. وأكد هاسيت أن القرار سيتوقف على نتائج التحقيقات الجارية بشأن تجاوزات مالية محتملة. وأضاف هاسيت، اليوم الأحد، أن مجلس الاحتياطي "أمامه الكثير من الأسئلة للإجابة عليها" بشأن تجاوز تكاليف التجديد لمقره في واشنطن، والتي يُزعم أنها بلغت نحو 700 مليون دولار فوق الميزانية المعتمدة. وأشار إلى أن القرار المحتمل للرئيس ترامب بإقالة باول سيرتبط إلى حد كبير بالإجابات التي سيتلقاها البيت الأبيض من مجلس الاحتياطي، والتي جرى إرسالها من قبل روس فوت، مدير الميزانية في البيت الأبيض، مشيراً إلى أن هذه الإجابات ستكون حاسمة في تقييم مدى وجود مخالفات تستدعي اتخاذ إجراء قانوني. وكان فوت قد وجه انتقادات حادة إلى باول الأسبوع الماضي، واصفاً التحديثات التي أجراها على مقري الاحتياطي الفيدرالي بأنها "إصلاحات باهظة"، معبّراً عن استياء الإدارة من غياب الشفافية في تفاصيل المشروع وغياب الردود الكافية على استفسارات الإدارة. يأتي هذا التصعيد في ظل توتر متزايد بين ترامب وباول، حيث كرر الرئيس الأمريكي دعواته لرئيس الاحتياطي الفيدرالي بالاستقالة، معرباً عن استيائه من رفض الأخير خفض أسعار الفائدة وفق ما تطالب به الإدارة الأمريكية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store