
ثماني طرق تساعدك على التخلص من 'المماطلة'
Getty Images
قبل أن أخط كلمة واحدة في هذا الموضوع، لم يكن هناك بد على ما يبدو، من أن أضع بعض الثياب لتُغسل، وأعد لنفسي كوباً من الشاي، وأجيب على بعض رسائل البريد الإلكتروني، وأتصفح حسابي على "فيسبوك"، بل وأطالع عدداً من المدونات أيضاً.
وعندما انتهيت من كل ذلك، كانت دورة غسل الثياب قد اكتملت، وبات بوسعي أن أتمادى في المماطلة قبل الشروع في الكتابة، منهمكة في نشر الثياب المغسولة على الحبال في الحديقة لتجف، وفي الانشغال في ري النباتات.
ومع ذلك، لم يكن لمماطلتي تأثير سلبي؛ ففي نهاية المطاف - كما يمكنكم أن تروا جميعا - نجحت في إتمام كتابة الموضوع، وسلمته في الموعد المحدد أيضاً.
من هنا يتضح لنا أنه على الرغم من أننا جميعاً نُسوّف بعض الشيء في القيام بواجباتنا، إلا أن الأمر لا يتحول إلى مشكلة إلا عندما يصبح جزءاً من نمط مزمن وسائد، يجعلنا نختار إرجاء إنجاز المهام، رغم العواقب التي ستترتب على تفويتنا المواعيد النهائية المحددة لنا لإكمالها.
كما أن التسويف المستمر ربما يضر بصحتك، إذ يجعلك فريسة لضغوط بعيدة المدى، تحملك على أن تُرجئ ممارسة التدريبات البدنية مثلاً، أو تناول طعام صحي بشكل أكبر، أو حتى التوجه إلى الطبيب، عندما تشعر بأعراض مرضية.
إذاً، هل يمكن أن تساعدنا الأبحاث والدراسات النفسية، على أن نقلل من التسويف والمماطلة، وأن تحفزنا بشكل أكبر على أداء المهام الموكلة إلينا دون إبطاء؟
1. لا تعتمد على قوة إرادتك وحدها!
أظهرت دراسات أجراها إيان تايلور، وهو باحث في مجال علم النفس الرياضي ويجري أبحاثاً حول الدوافع وعوامل التحفيز، أن الناس غالباً ما يفترضون أن قوة الإرادة هي الحل لمشكلة التسويف والمماطلة.
في الواقع، يمكن أن يفيد هذا العامل بين الحين والآخر، لكن تايلور قال لبي بي سي إن "قوة الإرادة تمثل أحد أنواع الدوافع، لكنها ليست أفضلها. فإذا تصورت أن الدافع يشبه الوقود الذي يوصلك إلى النتيجة التي تنشدها، فعليك إدراك أن بعض أنواع الوقود ذات جودة عالية، بينما تتسم الأنواع الأخرى بتدني الجودة".
وتكمن مشكلة الاعتماد على قوة الإرادة وحدها، في أنها قد تساعدك أحيانا على تحقيق أهدافك، لكنها تمثل عاملا هشا بقدر يجعلها لا تؤتي ثمارها دائما.
Getty Images
للمماطلة والتسويف تَبِعات سلبية على صحتك، نظرا لأن ذلك يضع مزيداً من الضغوط على كاهلك
2. انظر إلى إيجابيات المهمة التي تواصل إرجاء الشروع فيها!
من بين الطرق التي يمكنك من خلالها تحديد مدى إصابتك بالتسويف المزمن، هو أن تسأل نفسك إن كنت تحجم عن أداء المهمة الموكلة إليك خشية الفشل أم لا.
وهنا يمكننا الاستعانة برأي فوشيا سيرويس، الباحثة في جامعة شيفيلد، التي عكفت 15 عاما على إجراء دراسات بشأن التسويف والمماطلة، والتي توصلت من خلال أبحاثها، إلى أن المشكلة في هذا الشأن لا ترتبط بالكسل أو الفشل في الاستفادة من الوقت، وإنما تتعلق بمشكلات في تنظيم المشاعر والعواطف.
بمعنى أنك إن كنت تخشى الفشل في إنجاز مهمة ما، فلربما يدفعك ذلك للبحث عن ذرائع لإرجاء القيام بها، كي تتجنب أن تراودك مثل هذه الأحاسيس المزعجة.
وعلى الرغم من أن هذا التسويف قد يُشعرك ببعض التحسن مؤقتاً، إلا أن مشكلة هذا السلوك تتجلى في أنه يُدخلك في حلقة مفرغة سيئة؛ إذ أن إرجاءك إنجاز المهمة، يقلص الوقت المتاح لك لإتمامها، ما يزيد من فرص الفشل، ويجعلك تشعر بقلق أكبر حيال ما هو موكل إليك، الأمر الذي يقلل من احتمالات شروعك في القيام بالمهمة من الأساس!
ومن ثم، فقد يساعدك التركيز على الجانب الإيجابي لإنجاز مهمتك، في التعامل مع مثل هذه المشاعر. ومن الناحية المثالية، يفترض أن يكون ذلك متمثلاً، لا في مكافآت تحظى بها في المستقبل، وإنما في شيء إيجابي تحصل عليه خلال قيامك بالمهمة. فربما ستتعلم أثناء ذلك شيئا ما، أو قد تنهمك في المهمة إلى الدرجة التي تُمدك بالشعور بالرضا بشكل أكبر مما كنت تتوقع مُسبقاً.
3. خطط مُسبقاً!
ثمة استراتيجية نفسية يمكنك استخدامها إذا كنت تعلم أنك قد تواجه إغراءات أو أسباباً بعينها خلال أدائك مهمة ما، تدفعك إلى التسويف في إنجازها.
تُعرف هذه الاستراتيجية باسم "ماذا لو"، وهي استراتيجية قائمة على إعدادك السابق لبدائل يمكنك اللجوء إليها لمواجهة هذه الأسباب والإغراءات المحتملة.
فمثلاً، عندما تكون بحاجة لقضاء عطلتك الأسبوعية وأنت منهمك في إنهاء دراسة ما، بوسعك أن تقرر مسبقا أنك ستقترح على أي صديق يطلب منك اللقاء خلال العطلة نفسها، أن يُرجئ ذلك إلى ساعات المساء، كي تتفرغ لأعمالك البحثية خلال النهار.
Getty Images
من غير الواقعي أن نتصور أن شخصياتنا ستشهد تغيرات جذرية في المستقبل، بحيث نصبح أكثر انضباطاً والتزاما بإنجاز أعمالنا في الوقت المحدد، بقدر أكبر مما نحن عليه حالياً
وعندما راجع عالم نفس أمريكي يُدعى بيتر غولويتزر 94 دراسة أُجريت على أناس يتبنون هذه الاستراتيجية، وجد أن فرص التزامهم بتحقيق أهدافهم تزيد بواقع ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، عن أولئك الذين لم يتبعوها.
4. قلل المجهود المبذول لإنجاز المهام!
عليك أن تُسهّل على نفسك - قدر المُستطاع - مسألة الشروع في أداء مهمة ما.
وهناك أسلوب متبع يلجأ إليه البعض، يُعرف باسم "هندسة الاختيار"، ويُطبق على سبيل المثال في بعض مقاصف أماكن العمل، من خلال وضع الفواكه قرب مكان الدفع بدلاً من الشوكولاتة والحلوى، بهدف حمل الموظفين على تناول أطعمة صحية بشكل أكبر.
وفي هذا السياق، إذا كنت ترغب في الركض في فترة ما قبل الظهيرة على سبيل المثال، يمكنك أن تذهب للعمل مرتديا ملابس تصلح للركض بها، لتحفيز نفسك على أداء المهمة دون تسويف. كما يمكنك أن يضع على مكتبك في المساء جدولاً بالمهام التي ترغب في إتمامها في الصباح، حتى يكون هذا الجدول أول ما تراه مع شروعك في العمل في اليوم التالي.
في الوقت نفسه، عليك أن تُبعد عنك كل عوامل الإلهاء وتشتيت الانتباه، عبر خطوات من قبيل تعطيل خاصية ظهور الإشعارات المختلفة على شاشة هاتفك، وتحويله إلى الوضع الصامت أيضا.
أما إذا كنت غير قادر على مقاومة إغراء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي؛ فبمقدورك تعطيل خاصية الولوج التلقائي إلى حساباتك عليها؛ فاضطرارك في كل مرة إلى كتابة كلمة السر، ربما يكون كافياً إلى دفعك للسير على الطريق الصحيح، خاصة إذا كانت هذه الكلمة معقدة وطويلة على سبيل المثال!
5. كافِئْ نفسك!
المماطلة والتسويف تروق للمرء لما يترتب عليهما من مكافأة فورية له؛ إذ أن إرجاءه الانخراط في أداء مهمة شائكة وصعبة، سيجعله يتجنب الشعور بأي أحاسيس سلبية قد تترتب على ذلك.
ولهذا، تحتاج إلى مواجهة ذلك بمكافآت بديلة تحظى بها، إذا أقدمت على العمل ولم تتجنب الشروع فيه.
فقد أظهرت دراسة حديثة أُجريت في جامعة كورنيل الأمريكية، أن نيل مكافأة فورية يحفزك على بذل جهد يفوق ما يمكن أن تبذله إذا كان عليك الانتظار كي تحظى بهذه المكافأة في نهاية المطاف. وذلك يعني أنك بحاجة للتفكير في مكافأة فورية تجعل أداءك المهام في نظرك أيسر بعض الشيء.
Getty Images
ارتباط مكافأة نفسك بالانخراط في أنشطة مثل التردد على صالات الرياضة، تشير الدراسات إلى أنه يساعدك على المواظبة على مثل هذه الأنشطة
وقد أجرت كاثرين ميلكمان، الباحثة في جامعة بنسلفانيا الأمريكية، دراسة بشأن كيفية تحفيز الناس على المواظبة على التردد على صالات الرياضة، كشفت عن أن وجودهم في هذه الصالات إذا ارتبط باستماعهم إلى كتب صوتية تتضمن قصصا مشوقة ومثيرة دون السماح لهم بإكمالها خارجها، يزيد احتمالات عودتهم لممارسة الرياضة فيها بشكل أسرع، بهدف التعرف على بقية أحداث القصة؛ فاستكمال الأحداث بالنسبة لهم تعد مكافأتهم الفورية على مواظبتهم على الرياضة.
6. تبنَّ رؤية أكثر واقعية لشخصيتك في المستقبل!
يميل معظمنا إلى الاعتقاد بأن أمامنا وقتاً أطول في المستقبل، إذ نعتقد متفائلين أننا سنصبح أكثر تنظيماً وحيوية، وسنعيش حياة لا تشوبها شائبة ولا تشهد أي أخطاء؛ لكن ذلك لن يحدث بطبيعة الحال، وهو السبب الذي يجعلنا غالبا ما نقلل من الوقت المتوقع لإنجاز مهمة ما، وهو ما يُعرف بـ "سوء التخطيط".
وأفضل مثال أسوقه في هذا الشأن هو ما حدث خلال إعداد الإصدار الأول من "قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية"؛ ففي عام 1860، أُعْلِنَ عن أن إتمام هذا الإصدار سيستغرق عامين فحسب.
ومع ذلك، وبعد خمس سنوات من بدء العمل فيه فعلياً عام 1879، لم يتجاوز مُعدوه كلمة "ant" أو "نملة" في أول حرف أبجدي بالإنجليزية. وعندما انتهى العمل على ذلك الإصدار عام 1928، باتت محتوياته غير مواكبة للغة السائدة آنذاك، وبدأ على الفور إعداد نسخة منقحة منها.
Getty Images
التخطيط المسبق يجعل المواظبة على إنجاز المهام المطلوبة منك أيسر، خاصة إذا كنت تتوقع إعاقات ومقاطعات لك في هذا الشأن
هذا يعني أننا بحاجة إلى تجنب وضع تصورات غير واقعية عما سنصبح عليه في المستقبل، وإلا سنكون فريسة لمشاعر الإحباط وخيبة الأمل، وللميل نحو مزيد من التسويف والمماطلة كذلك.
وقد أكدت الدراسة التي أجرتها الباحثة فوشيا سيرويس هذا الأمر، قائلة إننا نتصور أننا "سنكون في المستقبل أبطالاً خارقين".
7. كن أرحم بنفسك!
نصيحة كهذه ربما يُنظر إليها على أنها آخر ما يحتاجه المرء إذا كان يتسكع على الإنترنت لنصف يومه، في الوقت الذي يتعين عليه فيه الانهماك في العمل.
ورغم ذلك، فقد تبين أن مقدار التعاطف مع النفس لدى من يماطلون ويسوفون في أداء مهامهم، يقل عن المعدل المتوسط، ما يعني أن هؤلاء يتعاملون مع أنفسهم بقسوة، وهو ما لا يؤدي في نهاية المطاف إلى أي نتائج إيجابية تدفعهم للتخلي عن عادة المماطلة.
وقد أثبتت دراسة أُجريت على الطلاب الذين لم يراجعوا دروسهم قبل خوض الاختبارات، أن من صفحوا عن أنفسهم لتسويفهم في هذا الصدد، كانوا أكثر إقبالا على مراجعة الدروس في المرة التالية، مُقارنة بمن شعروا بعجزهم عن الصفح وتجاوز الموقف.
ولا عجب في ذلك، فالإنسان لا يشعر بالراحة أساساً، عندما يكون بصدد أداء مهمة ما، لذا لن تؤدي إضافة مزيد من المشاعر السلبية إلى مساعدتهم على إتمام عملهم في هذا الشأن بنجاح.
وتقول سيرويس في هذا الصدد، إن المرء منّا في الغالب لا يكون صارماً وقاسياً مع أصدقائه بالقدر ذاته عندما يتعامل مع نفسه ويحاسبها على زلاتها، مشيرة إلى أنك لن تذهب إلى صديقك الذي يماطل ويسوف وتسأله موبخاً: "ماذا بك؟ لماذا تماطل؟ وقم بما هو موكل إليك من مهام!"؛ بل ستقول له على الأغلب: "على رسلك! أنت تمر بأسبوع عصيب، وأتفهم أنها مهمة شاقة بالنسبة لك. فلتأخذ الأمور ببساطة! وسأكون إلى جوارك لمد يد العون".
وتشير الباحثة إلى أننا بحاجة للقيام بالأمر ذاته، أي أن "نُظهر قدرا مماثلا من الرأفة والرحمة بأنفسنا".
Getty Images
الاعتماد على قوة إرادتك وحدها لن يكفي على الأرجح للتغلب على مشكلة المماطلة والتسويف
8. تحدث عن نفسك بالطريقة الصحيحة!
جدير بالذكر أن حتى التفاصيل الصغيرة، قد تُحدِثُ فارقاً، مثل اللغة التي يستخدمها كل منّا في الحديث عن نفسه.
ويمكننا الإشارة هنا إلى دراسة أُجريت في كاليفورنيا قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2008، وأظهرت أن من سُئِلوا في استطلاع للرأي عن شعورهم حيال كونهم "سيصوتون" في الانتخابات، كانوا أقل إقبالا على التصويت الفعلي بنسبة 13 في المئة عمن أولئك سُئلوا في الاستطلاع عما يشعرون به إزاء "كونهم سيصبحون مُصوّتين".
وقد حدث ذلك رغم الفارق الطفيف في الصياغة اللغوية للسؤال، بين استخدام الفعل "يُصوّت" والاسم "مُصوّت"، وهو ما يشير إلى أن تصوّرنا عن أنفسنا بأننا ننتمي إلى فئة بعينها من الناس، يمكن أن يؤثر في سلوكنا الفعلي.
لذا، عليك أن تصف نفسك بأنك "عدّاء أو راكض، لا أن تقول إنك ستعدو أو ستركض"، إذ أن ذلك يزيد من فرص نجاحك في الإقدام على ممارسة ذلك بالفعل.
ويقول إيان تايلور إن ذلك يعود إلى أن استخدام الصفة، يخلق صلة بينك وبين السلوك الذي ترغب في القيام به، ما يعني "أنك لن تكون في هذه الحالة بصدد الحديث عن القيام بمهمة ما، لكنك ستتحدث ببساطة عن أنك تحيا الحياة كما يحلو لك" بما يتضمنه ذلك من الإقدام على هذه المهمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 2 أيام
- الأيام
كيف تحافظ على صحة قلبك؟
Getty Images يؤدي قلبك دوراً ضرورياً لصالح جميع وظائف الجسم لتعمل بشكل صحيح وتستمر الحياة القلب السليم هو أساس عمل الجسم بكفاءة، إذ يضخ الدم ويوصل الأكسجين والعناصر الغذائية الأساسية إلى مختلف أنحاء الجسم. وتُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة حول العالم، حيث تودي بحياة قرابة 18 مليون شخص سنوياً، بحسب منظمة الصحة العالمية. ومن بين كل خمس وفيات بأمراض القلب، أربع حالات يعود سببها إلى النوبات القلبية أو السكتات الدماغية. ويؤكد أطباء القلب أن الحفاظ على صحة القلب أمر يمكن تحقيقه من خلال ممارسات يومية، ويُقاس ذلك لدى البالغين بمعدل نبض يتراوح بين 60 و100 ضربة في الدقيقة أثناء الراحة. ويقول الدكتور إيفان ليفين، طبيب القلب من الولايات المتحدة: "يمكننا تقليل الأضرار التي تصيب القلب في وقت مبكر من الحياة عبر نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والامتناع عن التدخين". لكن، هل الأمر بهذه البساطة؟ هل يعني القلب السليم بالضرورة أن يُقلّل خطر الإصابة بنوبة قلبية؟ بدايةً، ما هي النوبة القلبية؟ Getty Images إذا كنت تشكّ في إصابتك بنوبة قلبية، فاتصل بخدمة الطوارئ على الفور النوبة القلبية تحدث عندما ينقطع تدفق الدم إلى القلب فجأة. وعندما ينقطع تدفق الدم الذي يحمل الأكسجين إلى القلب، قد تتضرر عضلة القلب أو تبدأ بالموت. بدون علاج فوري، قد تتعرض عضلات القلب لأضرار لا يمكن معالجتها. وإذا تلف جزء كبير من القلب بهذا الشكل، قد يتوقف القلب عن النبض، وهو ما يعرف بالسكتة القلبية، مما يؤدي إلى الوفاة. نصف الوفيات الناتجة عن النوبات القلبية تحدث خلال الساعات الثلاث إلى الأربع - الأولى بعد ظهور الأعراض، لذلك من الضروري التعامل مع أعراض النوبة القلبية كحالة طارئة تستدعي العلاج الفوري. ويُعد مرض الشريان التاجي السبب الأكثر شيوعاً للنوبات القلبية، حيث تتراكم مادة دهنية تُسمى "اللويحات" على جدران الشرايين، مما يجعلها ضيقة جداً، ويؤدي إلى إعاقة تدفق الدم بسهولة. يُصاب حوالي 805 آلاف شخص في الولايات المتحدة بنوبة قلبية كل عام، منهم 605 آلاف لأول مرة، و200 ألف شخص سبق وأن أصيبوا بها من قبل. ويعني ذلك أن شخصاً واحداً يُعاني من نوبة قلبية كل 40 ثانية تقريباً، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة. كيف أعرف أنني أعاني من نوبة قلبية؟ Getty Images يمكن أن ينتشر ألم النوبة القلبية من الصدر إلى الذراعين يُمكن أن تحدث النوبة القلبية مصحوبة بمجموعة من الأعراض، أكثرها شيوعاً ألمٌ في الصدر، ولكن مع ضغط شديد وضيق في الصدر، وليس مجرد ألم حاد. وقد تشعر بعض النساء بآلام في الصدر، بالإضافة إلى ألم في الرقبة والذراعين. وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، طبيبة القلب من كاليفورنيا، إن النوبة القلبية قد تُشخّص في البداية على أنها عسر هضم. ولكن، على عكس عسر الهضم، غالباً ما تُسبب النوبة القلبية ألماً في أجزاء أخرى من الجسم، مثل الذراع الأيسر والفك والظهر والمعدة. ومن الأعراض الأخرى للنوبة القلبية الدوخة أو اختلال في التوازن، التعرق المفرط، ضيق التنفس، وصوت صفير عند التنفس. وعلى الرغم من أن بعض النوبات القلبية تحدث فجأة، إلّا أنه قد تظهر أحياناً علامات تحذيرية قبل ساعات أو حتى أيام من حدوثها. قد يكون ألم الصدر الذي لا يزول مع الراحة بمثابة إنذار. وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان: "بعد ثلاث ساعات، قد تبدأ عضلة القلب المتضررة بالموت إذا لم يُستعَدْ تدفقُ الدم، لذا أنصح بمضغ قرص أسبرين حتى وصول المسعفين". ويؤكد أطباء القلب على ضرورة الحصول على العلاج فوراً إذا كنت تشكّ في إصابتك بنوبة قلبية. ويقول طبيب القلب الأمريكي الدكتور إيفان ليفين: "يجب أن تعرف من أنت وعوامل الخطر لديك؛ العمر، والوزن، وعادات التدخين وتناول المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى تاريخ عائلتك. إذا كانت كل هذه العوامل تؤثر عليك وتشعر بضغط في الصدر، فاطلب المساعدة الطبية الطارئة". كيف تقي نفسك من النوبة القلبية؟ Getty Images إن نمط الحياة الصحي هو مفتاح الوقاية من النوبات القلبية هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية، وأبرزها خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول من خلال اتّباع النظام الغذائي وممارسة الرياضة. والكوليسترول مادة موجودة في الدم ضرورية لبناء خلايا صحية. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات بعض أنواعه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويؤكد أطباء القلب على أهمية الحفاظ على نمط حياة صحي كإجراء يومي لحماية القلب. واتّباع نظام غذائي متوازن يتضمن خفض الدهون وزيادة الألياف، مع تقنين الملح إلى أقل من 6 غرامات يومياً، يُعد خطوة مهمة للحفاظ على ضغط دم طبيعي. ويُوصَى بتقليل استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وتلك التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة، لما لها من تأثير سلبي في رفع الكوليسترول الضار، وتشمل هذه الأطعمة: فطائر اللحم، المخبوزات السكرية، منتجات المعجنات، اللحوم المصنعة، الزبدة، والمنتجات التي تحتوي على زيت النخيل. في المقابل، من المهم أن يحتوي النظام الغذائي على الدهون غير المشبعة، فهي ترفع الكوليسترول الجيد وتساعد في تنظيف الشرايين من التراكمات. وتوجد هذه الدهون المفيدة في: الأسماك الدهنية، والأفوكادو، والمكسرات، والزيوت النباتية. وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، إن "حمية البحر الأبيض المتوسط ممتازة، وقد ثبت علمياً أنها تقلل من أمراض القلب والأوعية الدموية". ويُعتبر الجمع بين نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام من أكثر الطرق فعالية للحفاظ على صحة القلب. كما أن الحفاظ على وزن صحي يقلل من فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وينصح طبيب القلب الدكتور إيفان ليفين بممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، خمسة أيام في الأسبوع. لكن نصيحته الأهم لنمط حياة صحي هي: "لا تدخن أبداً، ولا تستخدم السجائر الإلكترونية". ووجدت دراسة أُجريت على 24,927 شخصاً أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والسجائر التقليدية معاً يواجهون نفس مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بمن يدخنون السجائر التقليدية فقط، وفقاً لجمعية القلب الأمريكية. في حين أن من يستخدمون السجائر الإلكترونية فقط، كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تتراوح بين 30 في المئة إلى 60 في المئة. وتشير جمعية القلب الأمريكية إلى أن واحداً من كل خمسة مرضى أُصيبوا سابقاً بنوبة قلبية، قد يُعاد إدخاله إلى المستشفى نتيجة نوبة قلبية أخرى خلال فترة خمس سنوات. لكن وصف أدوية مثل "الستاتين" و"الإيزيتيميب" بعد النوبة القلبية الأولى، اللذين يعملان على خفض الكوليسترول في الدم، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بنوبة ثانية، وفقاً لدراسات من كلية إمبريال لندن وجامعة لوند في السويد. وتوضح الدكتورة بارسيغيان في ختام حديثها، أن هناك أدلة متراكمة منذ سنوات تؤكد العلاقة المطردة بين انخفاض مستوى الكوليسترول الضار وانخفاض فرصة الإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية. ارتفاع النوبات القلبية بين الشباب Getty Images يشعر أطباء القلب بالقلق من أن نمط حياة الشباب يساهم في ارتفاع حالات الإصابة بالنوبات القلبية رغم أن خطر الإصابة بنوبة قلبية يزداد عادةً مع التقدم في العمر، إلّا أن بيانات المركز الوطني للإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة تُظهر تزايداً في الحالات بين الشباب الأصغر سناً. ففي عام 2019، تعرض نحو 0.3 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاماً لنوبة قلبية، بينما ارتفعت النسبة إلى 0.5 في المئة بحلول عام 2023. ويُفسّر الدكتور إيفان ليفين هذا الارتفاع إلى تغيّرات في أنماط الحياة، أبرزها الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة وقلّة ممارسة النشاط البدني لدى هذه الفئة العمرية. ويقول: "نحن جميعاً بحاجة إلى التحرك أكثر. ليس بالضرورة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ولكن على الأقل ممارسة أي نوع من النشاط. ما يقلقني هو أن أنماط الحياة الخاملة والسلبية أصبحت أكثر شيوعاً منذ وباء كورونا، خاصة بين من يعملون من المنزل". ورغم أن التدخين معروف بدوره في الإصابة بتصلب الشرايين (تراكم الدهون داخل الشرايين)، إلا أن أطباء القلب، ومنهم الدكتور ليفين، يعبّرون عن قلقهم المتزايد من التأثيرات غير المعروفة للسجائر الإلكترونية على صحة الشباب. وتضيف الدكتورة أيلين بارسيغيان: "العوامل الوراثية، مثل فرط كوليسترول الدم العائلي، تسهم أيضاً في زيادة احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية المبكرة. كما أن العوامل البيئية مثل التوتر المزمن وقلة النوم تُعد اليوم من الأسباب المتزايدة التي لا ينبغي تجاهلها".


الأيام
منذ 3 أيام
- الأيام
ثماني طرق تساعدك على التخلص من 'المماطلة'
Getty Images قبل أن أخط كلمة واحدة في هذا الموضوع، لم يكن هناك بد على ما يبدو، من أن أضع بعض الثياب لتُغسل، وأعد لنفسي كوباً من الشاي، وأجيب على بعض رسائل البريد الإلكتروني، وأتصفح حسابي على "فيسبوك"، بل وأطالع عدداً من المدونات أيضاً. وعندما انتهيت من كل ذلك، كانت دورة غسل الثياب قد اكتملت، وبات بوسعي أن أتمادى في المماطلة قبل الشروع في الكتابة، منهمكة في نشر الثياب المغسولة على الحبال في الحديقة لتجف، وفي الانشغال في ري النباتات. ومع ذلك، لم يكن لمماطلتي تأثير سلبي؛ ففي نهاية المطاف - كما يمكنكم أن تروا جميعا - نجحت في إتمام كتابة الموضوع، وسلمته في الموعد المحدد أيضاً. من هنا يتضح لنا أنه على الرغم من أننا جميعاً نُسوّف بعض الشيء في القيام بواجباتنا، إلا أن الأمر لا يتحول إلى مشكلة إلا عندما يصبح جزءاً من نمط مزمن وسائد، يجعلنا نختار إرجاء إنجاز المهام، رغم العواقب التي ستترتب على تفويتنا المواعيد النهائية المحددة لنا لإكمالها. كما أن التسويف المستمر ربما يضر بصحتك، إذ يجعلك فريسة لضغوط بعيدة المدى، تحملك على أن تُرجئ ممارسة التدريبات البدنية مثلاً، أو تناول طعام صحي بشكل أكبر، أو حتى التوجه إلى الطبيب، عندما تشعر بأعراض مرضية. إذاً، هل يمكن أن تساعدنا الأبحاث والدراسات النفسية، على أن نقلل من التسويف والمماطلة، وأن تحفزنا بشكل أكبر على أداء المهام الموكلة إلينا دون إبطاء؟ 1. لا تعتمد على قوة إرادتك وحدها! أظهرت دراسات أجراها إيان تايلور، وهو باحث في مجال علم النفس الرياضي ويجري أبحاثاً حول الدوافع وعوامل التحفيز، أن الناس غالباً ما يفترضون أن قوة الإرادة هي الحل لمشكلة التسويف والمماطلة. في الواقع، يمكن أن يفيد هذا العامل بين الحين والآخر، لكن تايلور قال لبي بي سي إن "قوة الإرادة تمثل أحد أنواع الدوافع، لكنها ليست أفضلها. فإذا تصورت أن الدافع يشبه الوقود الذي يوصلك إلى النتيجة التي تنشدها، فعليك إدراك أن بعض أنواع الوقود ذات جودة عالية، بينما تتسم الأنواع الأخرى بتدني الجودة". وتكمن مشكلة الاعتماد على قوة الإرادة وحدها، في أنها قد تساعدك أحيانا على تحقيق أهدافك، لكنها تمثل عاملا هشا بقدر يجعلها لا تؤتي ثمارها دائما. Getty Images للمماطلة والتسويف تَبِعات سلبية على صحتك، نظرا لأن ذلك يضع مزيداً من الضغوط على كاهلك 2. انظر إلى إيجابيات المهمة التي تواصل إرجاء الشروع فيها! من بين الطرق التي يمكنك من خلالها تحديد مدى إصابتك بالتسويف المزمن، هو أن تسأل نفسك إن كنت تحجم عن أداء المهمة الموكلة إليك خشية الفشل أم لا. وهنا يمكننا الاستعانة برأي فوشيا سيرويس، الباحثة في جامعة شيفيلد، التي عكفت 15 عاما على إجراء دراسات بشأن التسويف والمماطلة، والتي توصلت من خلال أبحاثها، إلى أن المشكلة في هذا الشأن لا ترتبط بالكسل أو الفشل في الاستفادة من الوقت، وإنما تتعلق بمشكلات في تنظيم المشاعر والعواطف. بمعنى أنك إن كنت تخشى الفشل في إنجاز مهمة ما، فلربما يدفعك ذلك للبحث عن ذرائع لإرجاء القيام بها، كي تتجنب أن تراودك مثل هذه الأحاسيس المزعجة. وعلى الرغم من أن هذا التسويف قد يُشعرك ببعض التحسن مؤقتاً، إلا أن مشكلة هذا السلوك تتجلى في أنه يُدخلك في حلقة مفرغة سيئة؛ إذ أن إرجاءك إنجاز المهمة، يقلص الوقت المتاح لك لإتمامها، ما يزيد من فرص الفشل، ويجعلك تشعر بقلق أكبر حيال ما هو موكل إليك، الأمر الذي يقلل من احتمالات شروعك في القيام بالمهمة من الأساس! ومن ثم، فقد يساعدك التركيز على الجانب الإيجابي لإنجاز مهمتك، في التعامل مع مثل هذه المشاعر. ومن الناحية المثالية، يفترض أن يكون ذلك متمثلاً، لا في مكافآت تحظى بها في المستقبل، وإنما في شيء إيجابي تحصل عليه خلال قيامك بالمهمة. فربما ستتعلم أثناء ذلك شيئا ما، أو قد تنهمك في المهمة إلى الدرجة التي تُمدك بالشعور بالرضا بشكل أكبر مما كنت تتوقع مُسبقاً. 3. خطط مُسبقاً! ثمة استراتيجية نفسية يمكنك استخدامها إذا كنت تعلم أنك قد تواجه إغراءات أو أسباباً بعينها خلال أدائك مهمة ما، تدفعك إلى التسويف في إنجازها. تُعرف هذه الاستراتيجية باسم "ماذا لو"، وهي استراتيجية قائمة على إعدادك السابق لبدائل يمكنك اللجوء إليها لمواجهة هذه الأسباب والإغراءات المحتملة. فمثلاً، عندما تكون بحاجة لقضاء عطلتك الأسبوعية وأنت منهمك في إنهاء دراسة ما، بوسعك أن تقرر مسبقا أنك ستقترح على أي صديق يطلب منك اللقاء خلال العطلة نفسها، أن يُرجئ ذلك إلى ساعات المساء، كي تتفرغ لأعمالك البحثية خلال النهار. Getty Images من غير الواقعي أن نتصور أن شخصياتنا ستشهد تغيرات جذرية في المستقبل، بحيث نصبح أكثر انضباطاً والتزاما بإنجاز أعمالنا في الوقت المحدد، بقدر أكبر مما نحن عليه حالياً وعندما راجع عالم نفس أمريكي يُدعى بيتر غولويتزر 94 دراسة أُجريت على أناس يتبنون هذه الاستراتيجية، وجد أن فرص التزامهم بتحقيق أهدافهم تزيد بواقع ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، عن أولئك الذين لم يتبعوها. 4. قلل المجهود المبذول لإنجاز المهام! عليك أن تُسهّل على نفسك - قدر المُستطاع - مسألة الشروع في أداء مهمة ما. وهناك أسلوب متبع يلجأ إليه البعض، يُعرف باسم "هندسة الاختيار"، ويُطبق على سبيل المثال في بعض مقاصف أماكن العمل، من خلال وضع الفواكه قرب مكان الدفع بدلاً من الشوكولاتة والحلوى، بهدف حمل الموظفين على تناول أطعمة صحية بشكل أكبر. وفي هذا السياق، إذا كنت ترغب في الركض في فترة ما قبل الظهيرة على سبيل المثال، يمكنك أن تذهب للعمل مرتديا ملابس تصلح للركض بها، لتحفيز نفسك على أداء المهمة دون تسويف. كما يمكنك أن يضع على مكتبك في المساء جدولاً بالمهام التي ترغب في إتمامها في الصباح، حتى يكون هذا الجدول أول ما تراه مع شروعك في العمل في اليوم التالي. في الوقت نفسه، عليك أن تُبعد عنك كل عوامل الإلهاء وتشتيت الانتباه، عبر خطوات من قبيل تعطيل خاصية ظهور الإشعارات المختلفة على شاشة هاتفك، وتحويله إلى الوضع الصامت أيضا. أما إذا كنت غير قادر على مقاومة إغراء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي؛ فبمقدورك تعطيل خاصية الولوج التلقائي إلى حساباتك عليها؛ فاضطرارك في كل مرة إلى كتابة كلمة السر، ربما يكون كافياً إلى دفعك للسير على الطريق الصحيح، خاصة إذا كانت هذه الكلمة معقدة وطويلة على سبيل المثال! 5. كافِئْ نفسك! المماطلة والتسويف تروق للمرء لما يترتب عليهما من مكافأة فورية له؛ إذ أن إرجاءه الانخراط في أداء مهمة شائكة وصعبة، سيجعله يتجنب الشعور بأي أحاسيس سلبية قد تترتب على ذلك. ولهذا، تحتاج إلى مواجهة ذلك بمكافآت بديلة تحظى بها، إذا أقدمت على العمل ولم تتجنب الشروع فيه. فقد أظهرت دراسة حديثة أُجريت في جامعة كورنيل الأمريكية، أن نيل مكافأة فورية يحفزك على بذل جهد يفوق ما يمكن أن تبذله إذا كان عليك الانتظار كي تحظى بهذه المكافأة في نهاية المطاف. وذلك يعني أنك بحاجة للتفكير في مكافأة فورية تجعل أداءك المهام في نظرك أيسر بعض الشيء. Getty Images ارتباط مكافأة نفسك بالانخراط في أنشطة مثل التردد على صالات الرياضة، تشير الدراسات إلى أنه يساعدك على المواظبة على مثل هذه الأنشطة وقد أجرت كاثرين ميلكمان، الباحثة في جامعة بنسلفانيا الأمريكية، دراسة بشأن كيفية تحفيز الناس على المواظبة على التردد على صالات الرياضة، كشفت عن أن وجودهم في هذه الصالات إذا ارتبط باستماعهم إلى كتب صوتية تتضمن قصصا مشوقة ومثيرة دون السماح لهم بإكمالها خارجها، يزيد احتمالات عودتهم لممارسة الرياضة فيها بشكل أسرع، بهدف التعرف على بقية أحداث القصة؛ فاستكمال الأحداث بالنسبة لهم تعد مكافأتهم الفورية على مواظبتهم على الرياضة. 6. تبنَّ رؤية أكثر واقعية لشخصيتك في المستقبل! يميل معظمنا إلى الاعتقاد بأن أمامنا وقتاً أطول في المستقبل، إذ نعتقد متفائلين أننا سنصبح أكثر تنظيماً وحيوية، وسنعيش حياة لا تشوبها شائبة ولا تشهد أي أخطاء؛ لكن ذلك لن يحدث بطبيعة الحال، وهو السبب الذي يجعلنا غالبا ما نقلل من الوقت المتوقع لإنجاز مهمة ما، وهو ما يُعرف بـ "سوء التخطيط". وأفضل مثال أسوقه في هذا الشأن هو ما حدث خلال إعداد الإصدار الأول من "قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية"؛ ففي عام 1860، أُعْلِنَ عن أن إتمام هذا الإصدار سيستغرق عامين فحسب. ومع ذلك، وبعد خمس سنوات من بدء العمل فيه فعلياً عام 1879، لم يتجاوز مُعدوه كلمة "ant" أو "نملة" في أول حرف أبجدي بالإنجليزية. وعندما انتهى العمل على ذلك الإصدار عام 1928، باتت محتوياته غير مواكبة للغة السائدة آنذاك، وبدأ على الفور إعداد نسخة منقحة منها. Getty Images التخطيط المسبق يجعل المواظبة على إنجاز المهام المطلوبة منك أيسر، خاصة إذا كنت تتوقع إعاقات ومقاطعات لك في هذا الشأن هذا يعني أننا بحاجة إلى تجنب وضع تصورات غير واقعية عما سنصبح عليه في المستقبل، وإلا سنكون فريسة لمشاعر الإحباط وخيبة الأمل، وللميل نحو مزيد من التسويف والمماطلة كذلك. وقد أكدت الدراسة التي أجرتها الباحثة فوشيا سيرويس هذا الأمر، قائلة إننا نتصور أننا "سنكون في المستقبل أبطالاً خارقين". 7. كن أرحم بنفسك! نصيحة كهذه ربما يُنظر إليها على أنها آخر ما يحتاجه المرء إذا كان يتسكع على الإنترنت لنصف يومه، في الوقت الذي يتعين عليه فيه الانهماك في العمل. ورغم ذلك، فقد تبين أن مقدار التعاطف مع النفس لدى من يماطلون ويسوفون في أداء مهامهم، يقل عن المعدل المتوسط، ما يعني أن هؤلاء يتعاملون مع أنفسهم بقسوة، وهو ما لا يؤدي في نهاية المطاف إلى أي نتائج إيجابية تدفعهم للتخلي عن عادة المماطلة. وقد أثبتت دراسة أُجريت على الطلاب الذين لم يراجعوا دروسهم قبل خوض الاختبارات، أن من صفحوا عن أنفسهم لتسويفهم في هذا الصدد، كانوا أكثر إقبالا على مراجعة الدروس في المرة التالية، مُقارنة بمن شعروا بعجزهم عن الصفح وتجاوز الموقف. ولا عجب في ذلك، فالإنسان لا يشعر بالراحة أساساً، عندما يكون بصدد أداء مهمة ما، لذا لن تؤدي إضافة مزيد من المشاعر السلبية إلى مساعدتهم على إتمام عملهم في هذا الشأن بنجاح. وتقول سيرويس في هذا الصدد، إن المرء منّا في الغالب لا يكون صارماً وقاسياً مع أصدقائه بالقدر ذاته عندما يتعامل مع نفسه ويحاسبها على زلاتها، مشيرة إلى أنك لن تذهب إلى صديقك الذي يماطل ويسوف وتسأله موبخاً: "ماذا بك؟ لماذا تماطل؟ وقم بما هو موكل إليك من مهام!"؛ بل ستقول له على الأغلب: "على رسلك! أنت تمر بأسبوع عصيب، وأتفهم أنها مهمة شاقة بالنسبة لك. فلتأخذ الأمور ببساطة! وسأكون إلى جوارك لمد يد العون". وتشير الباحثة إلى أننا بحاجة للقيام بالأمر ذاته، أي أن "نُظهر قدرا مماثلا من الرأفة والرحمة بأنفسنا". Getty Images الاعتماد على قوة إرادتك وحدها لن يكفي على الأرجح للتغلب على مشكلة المماطلة والتسويف 8. تحدث عن نفسك بالطريقة الصحيحة! جدير بالذكر أن حتى التفاصيل الصغيرة، قد تُحدِثُ فارقاً، مثل اللغة التي يستخدمها كل منّا في الحديث عن نفسه. ويمكننا الإشارة هنا إلى دراسة أُجريت في كاليفورنيا قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2008، وأظهرت أن من سُئِلوا في استطلاع للرأي عن شعورهم حيال كونهم "سيصوتون" في الانتخابات، كانوا أقل إقبالا على التصويت الفعلي بنسبة 13 في المئة عمن أولئك سُئلوا في الاستطلاع عما يشعرون به إزاء "كونهم سيصبحون مُصوّتين". وقد حدث ذلك رغم الفارق الطفيف في الصياغة اللغوية للسؤال، بين استخدام الفعل "يُصوّت" والاسم "مُصوّت"، وهو ما يشير إلى أن تصوّرنا عن أنفسنا بأننا ننتمي إلى فئة بعينها من الناس، يمكن أن يؤثر في سلوكنا الفعلي. لذا، عليك أن تصف نفسك بأنك "عدّاء أو راكض، لا أن تقول إنك ستعدو أو ستركض"، إذ أن ذلك يزيد من فرص نجاحك في الإقدام على ممارسة ذلك بالفعل. ويقول إيان تايلور إن ذلك يعود إلى أن استخدام الصفة، يخلق صلة بينك وبين السلوك الذي ترغب في القيام به، ما يعني "أنك لن تكون في هذه الحالة بصدد الحديث عن القيام بمهمة ما، لكنك ستتحدث ببساطة عن أنك تحيا الحياة كما يحلو لك" بما يتضمنه ذلك من الإقدام على هذه المهمة.


الأيام
منذ 3 أيام
- الأيام
نظريات المؤامرة.. كيف أصبح مروجوها خطرا على من حولهم؟
Getty Images كيت شميراني أصبحت واحدة من أشهر رعاة نظرية المؤامرة ضد الطب تابع غابرييل وسيباستيان شميراني بقلق بالغ الشهرة الكبيرة التي حققتها والدتهم كيت شميراني خلال جائحة كوفيد-19، بعد أن أصبحت شخصية بارزة في أوساط نظريات المؤامرة. وشُطبت كيت لاحقاً من سجل التمريض في المملكة المتحدة بسبب ترويجها لمعلومات مضللة حول الفيروس واللقاحات. وفي تطور مأساوي، يتهم الشقيقان والدتهما بالتأثير على شقيقتهما الراحلة بالوما، التي توفيت عن عمر 23 سنة بعد رفضها العلاج الكيميائي لمرض سرطان الغدد اللمفاوية، وهو قرار يقولان إنه جاء نتيجة لتأثرها بمعتقدات والدتهما المناهضة للطب التقليدي. ويحمل الشقيقان والدتهما مسؤولية وفاة شقيقتهما بالوما وهي لا تزال في الثالثة والعشرين من عمرها بسبب تبنيها نظريات مؤامرة مناهضة للطب والرعاية الصحية، والتي يعتقدان أنها أثرت على قراراتها بشأن العلاج. يأتي ذلك في وقت يحذر فيه أطباء الأورام، في تصريحات لبرنامج "بانوراما" الذي يُبث عبر شبكة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، من أن مثل هذه المعتقدات آخذة في الانتشار وتكتسب رواجاً متزايداً. ولم ترد كيت شميراني بشكل مباشر على تلك الاتهامات التي وُجهت إليها، لكنها ألقت باللوم علناً على الهيئة الوطنية للخدمات الصحية في وفاة ابنتها. وكتبت كيت شميراني وطليقها، والد بالوما، فرامرز شِميراني، إلينا قائلين إن لديهما أدلة تُشير إلى أن "بالوما توفيت نتيجة لتدخلات طبية تم تنفيذها دون تشخيص مؤكد أو موافقة قانونية"، إلا أن بي بي سي لم تطلع على أي دليل يثبت صحة هذه الادعاءات. وقال سيباستيان، شقيق بالوما الأكبر: "رحلت أختي نتيجة مباشرة لتصرفات والدتي ومعتقداتها، ولا أرغب في أن يمر أي شخص آخر بما مررتُ به من ألم أو فقدان". وقال الشقيقان إنهما تواصلا معي بشأن بالوما على أمل أن يسهما في تفادي موت آخرين لنفس الأسباب. ويرى كلاهما أنه على شركات وسائل التواصل الاجتماعي اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المعلومات الطبية المضللة، والتي اكتشفت بي بي سي أنها تُروَّج بشدة عبر عدد من المنصات الكبرى. وقال غابرييل: "لم أستطع إنقاذ أختي من الموت، لكن سيكون لذلك معنى عظيم بالنسبة لي إذا تمكنت من جعل قصتها لا تُنسى كأنها مجرد حالة أخرى ضمن سلسلة من الضحايا الذين فقدوا حياتهم بهذه الطريقة." وانتهيتُ من إعداد هذا التقرير لصالح برنامج "بانوراما" والبودكاست الإذاعي "ماريانا في أرض المؤامرة2" الذي يٌبث عبر إذاعة بي بي سي4. وقمت بتجميع خيوط القصة لكشف كيف انتهى الأمر بهذه الخريجة الشابة من جامعة كمبريدج إلى رفض تناول علاج كان من الممكن أن ينقذ حياتها، وذلك من خلال تتبّع نشاطها عبر الإنترنت ومقابلة أشخاص مقربين منها. Getty Images يرجح أن كيت شميراني كانت وراء توقف ابنتها بالوما عن العلاج الكيمائي للسرطان واكتشفت أن مؤثرين في عالم نظريات المؤامرة، مثل كيت شميراني، أصبحوا ينشرون آراء مناهضة للطب - كانت تُعتبر في السابق دون تأثير يُذكر – وذلك بين ملايين المتابعين — مما من شأنه أن يُعرض الأشخاص الأكثر عرضة للتأثر بهذه الأفكار لمخاطر جسيمة. وقال توم روكس، نائب رئيس الكلية الملكية لأطباء الأشعة – والتي تمثل أيضاً الأخصائيين في علاج الأورام – إن مكافحة المعلومات الطبية المضللة باتت أكثر صعوبة في ظل بروز شخصيات مثل روبرت ف. كينيدي الابن، الذي سبق أن عبر عن آراء غير علمية. وأضاف: "عندما يروج وزير الصحة والخدمات الإنسانية في الولايات المتحدة علناً لمعتقدات مثل وجود صلة بين اللقاحات والتوحد – وهي مزاعم تم دحضها علمياً منذ سنوات – فإن ذلك يُسهل على الآخرين نشر آراء مضللة." وتابع: "أعتقد أن الخطر يكمن في أن العلاجات البديلة الضارة تزداد شعبيتها، وهو ما قد يُلحق بالناس أذى مباشراً يتسع نطاقه". ومنذ توليه منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، صرح كينيدي الابن بأنه لا يُعارض اللقاحات، بل يدعم فقط إجراء المزيد من اختبارات السلامة للتحقق من فاعليتها وأمانها. BBC/Getty Images توفيت بالوما شميراني جراء السرطان بعد أن اتخذت القرار بالتوقف عن العلاج الكيميائي "نظريات المؤامرة في الطريق إلى المدرسة" نشأت بالوما وتوأمها غابرييل، إلى جانب سيباستيان وشقيقتهما الصغرى، في بلدة أكفيلد الصغيرة بمقاطعة ساسكس، إذ تعرضوا منذ سن مبكرة، وفقاً لما يقوله أشقاؤها، لأفكار قائمة على نظريات المؤامرة في المنزل. وقال الشقيقان إن والدهما كان أول من انجذب إلى نظريات المؤامرة، وهو ما أثار اهتمام والدتهما لاحقاً. ونشأ الأطفال في بيئة مشبعة بأفكار غريبة، من بينها، كما يروي غابرييل، الاعتقاد بأن العائلة المالكة البريطانية عبارة عن "سحالي متحولة"، مضيفاً أنه: "عندما تكون طفلاً صغيراً، تثق بوالديك... فتتقبل ما يقولانه على أنه الحقيقة". ورجح سيباستيان أن والدته كانت تستخدم أفكارها كوسيلة للسيطرة عليهم. ويتذكر حين قررت كيت شميراني ذات مرة أن شبكة الواي فاي تشكل خطراً، فأوقفتها في المنزل، متجاهلة توسلاته بأنه بحاجة إلى تسليم مشروع دراسي للمرحلة الثانوية. وقال: "ذلك لم يكن سوى غذاء للمتعة التي كانت تجدها في استخدام منظومتها غير المنطقية من المعتقدات للسيطرة علي". وبحسب ابنيها، ازدادت توجهات كيت شميراني المناهضة للطب حدة وعمقاً إلى حدٍ كبيرٍ في 2012 بعد تشخيصها بسرطان الثدي، وهو ما كان نقطة تحول في تبنيها لهذه المعتقدات. ورغم خضوعها لعملية جراحية لاستئصال الورم، تنسب كيت شميراني تعافيها إلى العلاجات البديلة، وتنشر عبر الإنترنت تفاصيل برنامج اعتمدت فيه على العصائر وحقن القهوة الشرجية للوصول إلى ما تصفه بأنها أصبحت "خالية من السرطان". ويُلاحظ أنها تتجنب استخدام مصطلح "الشفاء التام". BBC يتهم شقيقي بالوما والدتهما بأنها وراء وفاة شقيقتهما بالسرطان وقالت شانتيل، صديقة مقربة من بالوما كانت معها في نفس المدرسة، إن الأخيرة تأثرت ببعض تلك الأفكار. وأضافت: "كانت بالوما تتحدث عن أن والدتها شُفيت بنفسها، وكانت تؤمن بأن الواقي الشمسي يمكن أن يسبب السرطان. وأتذكر أنها كانت تتعرض لحروق شديدة من الشمس أثناء تواجدنا في المدرسة". وبعد انفصال والديهم، انقطعت علاقة غابرييل وسيباستيان بوالدتهما بينما استمرت بالوما في التواصل معها حتى بعد انتقالها للدراسة في جامعة كمبريدج في 2019. وقال سيباستيان: "كانت إستراتيجية بالوما أن تُرضي الآخرين، وأن تكون لطيفة، وتحاول كسب المحبة التي لم تعتد الحصول عليها". وكشفت الرسائل التي كانت بالوما تتبادلها مع صديقها آنذاك أندر هاريس — والتي طلعت عليها بي بي سي – عن تفاصيل علاقتها بوالدتها، التي اتسمت أحياناً بالحب والرعاية، لكنها لم تخل من لحظات وصفتها بالوما بأنها "سامة ومسيئة". وخلال عيد الميلاد في عام 2022، أخبرت بالوما صديقها هاريس بأن والدتها كانت تلومها على عدم عودة أشقائها الآخرين إلى المنزل في تلك المناسبة. وكتبت تقول: "سئمتُ تماماً من هذا التعنيف"، مُلمحة في رسالة حادة اللغة إلى أن هذا النوع من المعاملة كان يحدث باستمرار. وقالت بالوما في إحدى هذه الرسائل إن والدتها كانت تدخل إلى غرفتها باستمرار وتُعاملها بقسوة، مضيفة أنها قامت بضربها فتركت بالوما المنزل وذهبت إلى بيت إحدى صديقاتها. وفيما بعد، شاركت رسالتها الوداعية لوالدتها مع أندر، وجاء فيها: "كانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير. تؤذيني في كل مرة أفتح لكِ قلبي، ولن أسمح بذلك مرة أخرى... لقد تجاوز الأمر حدود الألم". وفي الجامعة، بدا أن بالوما بدأت تبتعد تدريجياً عن أفكار والدتها في بعض الأحيان. وتقول شانتيل إنها عادت لتناول اللحوم وبدأت استخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد. ومع ذلك، يُشير كل من شانتيل وأندر إلى أنها ظلت مشككة في لقاح كوفيد-19 ورفضت التحصين به. مخاوف تأثير الوالدين في أواخر عام 2023، وبعد فترة وجيزة من تخرجها، بدأت بالوما تعاني من آلام في الصدر وصعوبة في التنفس، مما دفعها إلى التوجه إلى المستشفى. وساور الأطباء شكٌ في وجود ورم، لكن أندر قال إنه وبالوما — التي وصفها بأنها "من أذكى الأشخاص الذين عرفهم على الإطلاق" – كانا في البداية يأملان ألا يكون الورم خبيثاً. وأضاف أن بالوما تعاملت مع الموقف بخفة ظل، وأطلقت على الورم لقب "ماريا، كتلة الرئة". لكن في 22 دجنبر، توجهت بالوما برفقة أندر إلى مستشفى مايدستون حيث أبلغها الأطباء بأنها مصابة بـ"لمفومة لاهودجكينية". وعلى الرغم من أن هذا النوع من السرطان قد يكون مميتاً إذا لم يُعالج، إلا أن الأطباء أوضحوا لها أن فرصتها في التعافي 80 في المئة إذا خضعت للعلاج الكيميائي. وأخبرت بالوما والدتها بما حدث، وأكد أندر أن بالوما كانت لا تزال ترغب في دعمها رغم أن علاقتهما سادها التوتر في الفترة الأخيرة. وأعلنت كيت شميراني آنذاك نيتها الحضور إلى المستشفى غير أن بالوما كانت قلقة من لقائها، فتحدثت إلى الطاقم الطبي بشأن مخاوفها، وفقاً لما قاله أندر. وتشير أدلة اطلعت عليها بي بي سي إلى أن تفكير بالوما ربما تأثر بوالدتها خلال اليومين اللذين قضتهما كمريضة مقيمة في مستشفى مايدستون. وكتبت كيت شميراني رسالة نصية إلى أندر قالت فيها: "من فضلك أخبر بالوما ألا تُوقع أو تُبدي أي موافقة شفهية على العلاج الكيميائي أو أي علاج آخر". وأعرب أندر ووالدته، التي كانت حاضرة أيضاً، عن قلقهما للطواقم الطبية بشأن معتقدات كيت شميراني وعلاقتها المعقدة ببالوما. وناقش الطاقم الطبي فيما بينهم المخاوف ذات الصلة بسلامة بالوما، ودونوا ملاحظة تشير إلى "قلق بشأن تأثير الوالدين" عليها. رغم ذلك، خلصوا إلى أنها قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها. تواصلت بالوما مع باتريك فيكرز، الشريك السابق لكيت شميراني، وفقاً لما قاله أندر، مؤكداً أن العلاقة بينهما كانت جيدة. كما أن فيكرز يعمل أيضاً في مجال الطب البديل. وعندما سألت بالوما فيكرز عن "فرصة الشفاء بنسبة 80 في المئة" التي أشار إليها الأطباء في حال خضوعها للعلاج الكيميائي، قال إن هذه النسبة "مبالغ فيها" وشجعها على البدء بما يُعرف بعلاج "غيرسون"، مع إمكانية التفكير في العلاج الكيميائي لاحقاً إذا لم تتحسن حالتها بعد ستة أسابيع. وقال فيكرز إن أي "ادعاءات بأني لعبت دوراً في وفاة بالوما غير دقيقة من الناحية القانونية". كما قدم مستندات لبي بي سي تدعم علاج "غيرسون". ويتضمن علاج "غيرسون" نظاماً غذائياً نباتياً صارماً، مصحوباً بتناول العصائر والمكملات الغذائية، واستخدام حقن القهوة الشرجية. ويزعم بعض الأشخاص — من دون وجود دليل علمي يدعم ذلك — أن هذا العلاج يمكن أن يُستخدم لمواجهة أنواع مختلفة من السرطان وكانت بالوما قلقة من الآثار الجانبية لعلاج الكيميائي، وفقاً لأندر، لأنه قد يسبب الإرهاق والغثيان وتساقط الشعر، وقد يؤثر على الخصوبة. وأشار إلى أن طاقم التمريض تحدثوا معها عند التشخيص بشأن إمكانية تجميد البويضات واستخدام الشعر المستعار. لكن جمعية أبحاث السرطان في المملكة المتحدة تقول إن علاج "غيرسون" قد يسبب آثاراً جانبية خطيرة هو أيضاً منها الجفاف، والتهاب الأمعاء، ومشكلات في القلب والرئتين. وفي لحظة ما خلال اليوميْن اللذيْن قضتهما في المستشفى، حسمت بالوما أمرها وقررت التوقف عن العلاج الكيميائي – على الأقل في الوقت الراهن – وأن تبدأ بتجربة علاج "غيرسون" بدلاً منه، وفقاً لصديقها المقرب. وفي 23 دجنبر، أرسلت كيت شميراني إلى أندر رسالة صوتية أعطته تعليمات بنقل بالوما إلى منزلها، مشيرة إلى أنها قامت بترتيب مواعيد مع أطباء لها. واقترحت أن يتم تقليص وقت بالوما مع الصديقة التي كانت ترغب في رؤيتها يوم عيد الميلاد، وقالت في الرسالة إنه يمكنهم "رؤيتها لمدة نصف ساعة تقريباً هنا، أو يفعلوا ذلك عبر فيس تايم". وقال أندر إنه شعر آنذاك بأنه لا يمكنه الاعتراض. وكانت بالوما، على حد وصفه، في حالة من التردد الشديد. فكل ما كانت تريده هو أن يكون هناك من يعتني بها وألا تضطر إلى اتخاذ قرارات صعبة. وأضاف الصديق المقرب من بالوما: "والدتها تدخلت بسرعة واستغلت تلك الحالة". الترويج للمعلومات المضللة تروج كيت شميراني عبر الإنترنت لأفكار كانت قد أوصت بها ابنتها، وتقدمها لجمهور على نطاق أوسع. وكانت تعمل ممرضة في الهيئة الوطنية للخدمات الصحية في الثمانينيات من القرن العشرين، وتلقب نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي بـ"الممرضة الطبيعية". وتبيع كيت نوى المشمش لما تزعم أن له "فوائد صحية محتملة"، بالإضافة إلى مكملات غذائية، كما وتقدم معلومات ونصائح. طبية، كل ذلك عبر موقعها الإلكتروني. وتتقاضى الممرضة السابقة حوالي 70 جنيه إسترليني مقابل الاشتراك السنوي في موقعها، كما تفرض رسوماً قدرها 195 جنيه إسترليني على المرضى – بما في ذلك مرضى السرطان – مقابل استشارة وبرنامج شخصي يمتد لحوالي 12 أسبوعاً. وتنشر كيت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تروج من خلالها لمنتجاتها، وأحياناً تنتقد من تصفهم بـ"غير المطلعين" لأنهم يعالجون السرطان بالعلاج الكيميائي، أو "يضخون غاز الخردل في عروقهم" على حد تعبيرها. وعندما تفشى وباء كوفيد19 في 2020، كانت كيت شميراني واحدة من بين الكثير من الشخصيات المؤثرة في مجال نظريات المؤامرة الذين حققوا شعبية كبيرة على نطاق واسع في ذلك الوقت. وبدا أن أفكارها تطورت من مجرد أفكار تتعلق بالطب البديل إلى نظريات مؤامرة واسعة النطاق مناهضة للمؤسسات القائمة. وروجت لأفكار مغلوطة تزعم أن الجائحة كانت خدعة، وأن اللقاحات جزء من خطة تهدف إلى قتل عدد كبير من الناس، وأنه ينبغي معاقبة الأطباء والممرضين على دورهم في كل ذلك. وفي عام 2021، قررت لجنة في مجلس التمريض والقبالة شطب اسم كيت شميراني من سجل الممرضات بسبب ترويجها لمعلومات مضللة تتعلق بالجائحة. كما قامت عدة شركات تواصل اجتماعي بتعليق حساباتها بسبب نشرها لتلك المعلومات. ويقول ابنها سيباستيان إنها آنذاك "اختفت عن الأنظار". لكن بعد أن اشترى إيلون ماسك منصة إكس في 2022، أُعيد تفعيل العديد من الحسابات المرتبطة بنظريات المؤامرة، بما في ذلك حساب كيت شميراني. كما أُعيد تفعيل حسابها على فيسبوك وانضمت إلى تيك توك. وعاد جمهورها للنمو من جديد – ففي الأشهر الستة الماضية، حظي محتواها بأكثر من أربعة ملايين ونصف مشاهدة على أبرز منصات التواصل الاجتماعي. وعثرتُ على عشرات التعليقات على منصة إكس تحث فيها الناس على التواصل معها، بمن فيهم المصابون بالسرطان. وقالت منصة تيك توك إنها حظرت الآن حساب كيت شميراني بسبب مخالفتها سياسات المنصة بشأن المعلومات الطبية المضللة. ووفقاً لشركة ميتا، فإن إنستغرام وفيسبوك لا يسمحان بنشر معلومات طبية ضارة، لكن منصة إكس لم تعلق على الأمر. تم فصل أجهزة الإعاشة واصلت بالوما تلقي العلاج بطريقة "غيرسون"، ولاحظ بعض أصدقائها أن حالتها كانت تزداد تدهوراً يوماً بعد يوم. وفي إحدى مكالمات الفيديو، قالت شانتيل إن بالوما أخبرتها بظهور كتلة جديدة في إبطها، وأن والدتها قالت لها إن ذلك يعني أن السرطان يخرج من جسدها. وأضافت: "كنت أعلم أنها كانت تعاني بشدة"، مشيرةً إلى أن بالوما أخبرتها بأنها فقدت السيطرة على وظائفها الجسدية. لكنها قالت إن بالوما ذكرت أيضاً أنها شعرت بضغط من الأطباء والأصدقاء لإعادة النظر في قرارها باتباع العلاجات البديلة بشكل منفرد. وأكدت شانتيل أنها لم تكن توافق على العلاج البديل أيضاً، لكنها أرادت أن تبقى إلى جانب صديقتها. وأشارت بالوما إلى أن هناك من حاولوا ثنيها عن ذلك القرار، متحدثةٌ عن "قطع علاقتها بهم"، وأضافت الصديقة المقربة منها: "فكرت أنني لا أريد أن تنقطع علاقتي بها، خاصةً وهي وسط كل هذه المعاناة". وعلى مدى الأشهر التي تحدثتا خلالها عبر الهاتف، تقول شانتيل إنها لاحظت أن كيت شميراني كانت "تعتني جيداً ببالوما". لكنها لا تعتقد أن بالوما كانت لتتخذ القرارات بنفسها لولا تدخل والدتها. وقالت شانتيل: "لا أعتقد أنها كانت مقتنعة بما فيه الكفاية باتخاذ تلك القرارات، هذه قناعتي الشخصية. للناس آراء مختلفة في مثل هذه الأمور، لكني أعتقد أن والدتها لعبت دوراً كبيراً، كبيراً جدا في ذلك". وفي مارس 2024، أنهت بالوما علاقتها بأندر. وشعر أصدقاء وأفراد من العائلة أن كيت شميراني كانت تعزل بالوما عنهم. ويقول غابرييل إنه طلب لقاء بالوما بعد فترة قصيرة من تشخيص حالتها، لكن شقيقته قالت إنها لا تستطيع الخروج بسبب "سوء الهواء". ويضيف أن والدتهما أقنعتها بأن "رطوبة الجو" ستزيد من تدهور حالتها الصحية. BBC توفيت بالوما قبل النظر في دعوى قضائية رفعها شقيقاها للتحقيق في الطريقة التي تعالج بها من السرطان وشعر سيباستيان وغابرييل بقلق بالغ، لدرجة أن غابرييل لجأ إلى القضاء. ولم يكن القصد من ذلك أن يدعي أن بالوما تفتقر إلى الأهلية، لكنه كان يسعى إلى إجراء تقييم بشأن العلاج الطبي الأنسب لها. لكن الأحداث تجاوزتهم، وانتهت القضية دون نتيجة في يوليو/ تموز الماضي – لأن بالوما كانت قد فارقت الحياة. وعلم غابرييل بوفاة شقيقته بعد أيام قليلة من خلال مكالمة هاتفية من محاميهم. واضطر إلى إبلاغ شقيقه بالخبر. يقول غابرييل: "يشبه الأمر أن تُحرَق حياً، وتشعر بذلك الألم الحارق في كل مرة تنطق فيها بالخبر". وقال سيباستيان إنه أخذ يلوم نفسه، قائلاً: "لا زلت غير قادر على التعايش مع ذلك على الإطلاق". أما أندر، فعندما وصله الخبر قال: "انكسرت تماماً. كنت أصرخ وأبكي بأعلى صوتي". أصيبت بالوما بنوبة قلبية نتيجة الورم الذي كانت تعاني منه. ونُقلت على إثرها إلى المستشفى، لكن بعد عدة أيام، تم فصل أجهزة الإعاشة عنها. ومن المقرر أن تبدأ جلسات تحقيق الشهر المقبل لتحديد الملابسات المحيطة بوفاة بالوما. وروجت كيت شميراني عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج بودكاست سياسية لا تتمتع بشعبية كبيرة لمجموعة من النظريات غير المثبتة، تزعم فيها أن بالوما قُتلت على يد الطاقم الطبي، وأن ذلك تبعه تستر على الحادثة. وتجدر الإشارة إلى أن بي بي سي لم تعثر على أي دليل يدعم هذه الادعاءات. كانت وفاة بالوما فاجعة لعائلتها وكل من أحبها. لكنها بالنسبة لسيباستيان وغابرييل، تعتبر جرس إنذار بشأن العواقب المحتملة التي قد يواجهها من يعتنقون نظريات مؤامرة مناهضة للطب، كتلك التي كانت تؤمن بها والدتهما.