logo
هل تتوقف «أبل» عن التصنيع بالصين؟

هل تتوقف «أبل» عن التصنيع بالصين؟

عمونمنذ 5 أيام

في عام 2011، ضغط الرئيس باراك أوباما، آنذاك، على ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، بشأن ما يتطلبه نقل إنتاج هواتف «آيفون» إلى الولايات المتحدة، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
بعد أربعة عشر عاماً، يُعيد الرئيس دونالد ترامب طرح هذا السؤال على تيم كوك، الرئيس التنفيذي الحالي لشركة «أبل»، والمخاطر أكبر بكثير. هدّد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة بنسبة 25% على «أبل» وشركات الهواتف الذكية الأخرى ما لم تُصنّع هواتف تُباع في الولايات المتحدة.
نشر ترامب على موقع «تروث سوشيال»، مؤخراً: «أبلغتُ تيم كوك، رئيس الشركة، منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن تُصنّع وتُبنى هواتف آيفون التي ستُباع في الولايات المتحدة الأمريكية، وليس في الهند أو أي مكان آخر. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب على«أبل» دفع هذه الرسوم الجمركية.
لطالما اعتمدت«أبل»، الشركة التقنية الأكثر قيمة في العالم، على الصين كمحور رئيسي لعملياتها التصنيعية. من أجهزة «آيفون» إلى أجهزة«ماك بوك»، تُجمّع الغالبية العظمى من منتجاتها في مصانع صينية، وبشكل رئيسي من قِبل شركة »فوكسكون« وغيرها من الشركات المصنعة المتعاقدة. ومع ذلك، فإن تنامي التوترات الجيوسياسية، وارتفاع تكاليف العمالة في الصين، والضغوط المتزايدة لتنويع سلاسل التوريد، أثارت سؤالاً مُلحّاً: هل تستطيع»أبل«التوقف عن تصنيع أجهزتها في الصين؟.
يتميز نظام «أبل» الصناعي في الصين بضخامة تجذّره. يوفر هذا البلد مزيجاً فريداً من الحجم والكفاءة والبنية التحتية والعمالة الماهرة، يصعب تكراره في أي مكان آخر. على مدى العقدين الماضيين، استثمرت الشركة بكثافة في بناء سلسلة توريد مُحسّنة للغاية، مع تجمّع آلاف الموردين حول مصانع رئيسية. يسمح هذا التركيز بتحولات إنتاجية سريعة، وتسليم فوري، ودورات ابتكار سريعة - وهي عناصر أساسية في نموذج أعمال الشركة.
تُتيح الصين أيضاً، للشركة الوصول إلى سوق محلية ضخمة. يُعدّ المستهلكون الصينيون من أكبر عملائها، كما أن وجود عمليات في البلاد يُساعدها على الحفاظ على قدرتها التنافسية، وحضورها في هذه السوق الحيوية.
والسؤال الآن، لماذا تسعى الشركة إلى التنويع؟ في الحقيقة هناك عدة عوامل تدفعها إلى إعادة النظر في اعتمادها على الصين:
أولها التوترات الجيوسياسية، حيث ازداد التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، لا سيما بشأن قضايا مثل التجارة، والوصول إلى التكنولوجيا، والأمن القومي. الرسوم الجمركية، والقيود المفروضة على صادرات الرقائق، والحديث المتزايد عن الانفصال الاقتصادي، تجعل الصين مكانًا أكثر خطورة للاعتماد عليه حصريًا. وجاء طلب الرئيس ترامب نقل التصنيع إلى أمريكا، ليزيد من حجم هذه الضغوط.
بعد ذلك تأتي مخاطر العمل والتنظيم، حيث واجهت الشركة انتقادات، بسبب ظروف العمل في المصانع الصينية، بما في ذلك تقارير عن العمل القسري وسوء بيئات العمل. استجابةً لهذه المخاوف المتعلقة بالسمعة، سعت الشركة إلى تحسين الرقابة، وتقليل الاعتماد على الموردين.
والآن، ما هي البدائل، الهند وفيتنام وما بعدهما في الحقيقة بدأت الشركة بالفعل في نقل أجزاء من سلسلة التوريد الخاصة بها، وتُصنّع الآن نسبة صغيرة، وإن كانت متزايدة، من »آيفون« في الهند. في عام 2023، ضاعفت الشركة إنتاج «آيفون» في البلاد ثلاث مرات، ووسّع موردون مثل فوكسكون عملياتهم هناك. ومع ذلك، لا تزال الهند تفتقر إلى شبكة سلسلة التوريد الناضجة التي توفرها الصين. أما في فيتنام، فتُنتج الشركة مكونات مثل AirPods، وبعض أجهزة MacBooks، وهي دولة شهدت نموًا سريعًا في تصنيع الإلكترونيات، كما توفر بيئة سياسية مستقرة وتكاليف عمالة أقل.
وعلى الرغم من هذه الجهود، لا يُمكن لأيٍّ من هذه البدائل حاليًا أن يُضاهي حجم الصين أو كفاءتها، وسيستغرق نقل أجزاء كبيرة من الإنتاج خارج الصين سنوات، إن لم يكن عقودًا.
وفي حين أنه من غير المُرجّح أن تُوقف الشركة التصنيع في الصين تمامًا في المستقبل المنظور، فمن المنطقي توقّع استراتيجية تنويع تدريجية. ويبدو أن هدف الشركة هو تقليل المخاطر، من خلال بناء سلاسل توريد مُتوازية، بدلًا من نقل جميع المنتجات.
وأكد كوك الحاجة إلى المرونة والقدرة على التكيّف. لا تسعى الشركة إلى اتخاذ خطوات مفاجئة، قد تُعطّل العمليات أو ترفع التكاليف على المستهلكين. بدلًا من ذلك، تُطوّر الشركة ببطء نموذج تصنيع متعدد البلدان، يُقلّل الاعتماد على دولة واحدة.
إذن، هل يُمكن للشركة التوقف عن تصنيع أجهزتها في الصين؟ من الناحية الفنية، نعم - ولكن ليس بسرعة، وليس دون كلفة كبيرة واضطراب في العمليات. من الناحية الواقعية، ستواصل الشركة تنويع سلسلة توريدها مع الحفاظ على قاعدة تصنيع قوية في الصين في المستقبل المنظور. هذه العملية تطورية وليست ثورية، وتعكس اتجاهًا أوسع في قطاع التصنيع العالمي، حيث بدأت المرونة والاستراتيجية الجيوسياسية تنافسان التكلفة والكفاءة من حيث الأهمية. ولكن قد يتغير كل هذا فجأة بعد نهاية ولاية الرئيس «ترامب».
"صحيفة الخليج"

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مايكل روس؛ وإريك فويتن* - (فورين أفيرز) 12 حزيران (يونيو) 2025
مايكل روس؛ وإريك فويتن* - (فورين أفيرز) 12 حزيران (يونيو) 2025

Amman Xchange

timeمنذ ساعة واحدة

  • Amman Xchange

مايكل روس؛ وإريك فويتن* - (فورين أفيرز) 12 حزيران (يونيو) 2025

الغد بعد أن تحولت الولايات المتحدة من أكبر مستورد إلى أكبر منتج للنفط والغاز، بدأت تتصرف كدولة نفطية تقليدية، فتتراجع عن التعاون الدولي وتستخدم نفوذها الطاقي لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل. هذا التحول يعزز نزعة الانعزال ويقوض النظام العالمي القائم على القواعد، في وقت تتشابك فيه مصالح الطاقة مع الشعبوية والتوترات الجيوسياسية. تتسم سياسات الرئيس دونالد ترامب الخارجية بالاضطراب والفوضى، من الحروب التجارية والانسحابات من المعاهدات الدولية إلى الازدراء المعلن للحلفاء التقليديين. ويعود جزء كبير من هذا الاضطراب إلى رؤيته المستندة إلى فكرة "أميركا أولاً" وميله إلى الشعبوية. لكن ثمة عاملاً آخر، غالباً ما يتم إغفاله ولا يرتبط كثيراً بتفضيلات ترامب الخاصة، يسهم أيضاً في هذه السياسات. في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة، شهد الاقتصاد الأميركي تحولاً عميقاً جاء بتداعيات جيوسياسية هائلة. بعد عقود طويلة كانت خلالها الولايات المتحدة أكثر البلدان استيراداً للنفط، أصبحت اليوم أكثر البلدان تصديراً للنفط والغاز. ومنذ ذلك الحين، تتصرف الولايات المتحدة على نحو أقل كقوة ليبرالية مهيمنة، وبصورة أكبر كدولة نفطية تقليدية. كانت الولايات المتحدة منتجاً رئيساً للنفط منذ القرن التاسع عشر، لكن الاستهلاك تجاوز الإنتاج بعد الحرب العالمية الثانية. وبحلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت الولايات المتحدة تستورد أكثر من 13 مليون برميل من النفط يومياً، مما جعلها أكثر البلدان استيراداً للنفط بفارق كبير عن البلدان المستوردة التي تليها في القائمة. ثم حدث التحول الجذري مع "ثورة النفط الصخري" بين العامين 2005 و2010، عندما مكنت ابتكارات في التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي الشركات من استخراج كميات هائلة من النفط والغاز من الصخر الزيتي بكفاءة عالية. وهكذا ارتفع الإنتاج الأميركي بصورة هائلة. ومنذ العام 2008، ضاعفت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط الخام. وفي العام 2018، تجاوزت المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم. وهكذا، حققت الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة للمرة الأولى منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين. وقد أعاد هذا التحول تعريف دور واشنطن على الساحة العالمية. فعندما كانت الولايات المتحدة بلداً مستورداً رئيساً للطاقة، كانت تصطف إلى جانب البلدان المستهلكة الأخرى في تأمين طرق التجارة البحرية واستقرار الأسواق ودعم المؤسسات الدولية. لكنها فقدت اليوم، مثل روسيا، اهتمامها بعيد الأجل بالتعاون الدولي، وأصبحت أكثر استعداداً لاستخدام نفوذها الإنتاجي لتحقيق مكاسب قريبة الأجل. ويمكن أن تكون الثروة النفطية نعمة؛ حيث قد تساعد في تمويل برامج رعاية اجتماعية سخية أو تقديم مساعدات خارجية. لكنها قد تكون نقمة أيضاً؛ فالدول النفطية تكون معظم الأحيان أكثر سلطوية، وتميل إلى تبني سياسات خارجية عدوانية، وتتفشى فيها معدلات أعلى من الفساد -وهي اتجاهات باتت تنطبق على الولايات المتحدة اليوم. عندما تولى مستبدون عدوانيون، مثل هوغو تشافيز في فنزويلا وصدام حسين في العراق وفلاديمير بوتين في روسيا ومعمر القذافي في ليبيا، الحكم في دولهم الغنية بالنفط، أصبحت الثروة التي ولدها قطاع الطاقة في تلك الدول قوة تؤدي عادة إلى زعزعة الاستقرار. ثمة، بطبيعة الحال، عوامل عدة وراء التحول في موقع الولايات المتحدة على الساحة العالمية، بما في ذلك صعود ترامب إلى سدة السلطة، وتصاعد الشعبوية اليمينية، ورد الفعل المحلي على العولمة والتجارة الحرة. وتمتلك الولايات المتحدة اقتصاداً أكثر تنوعاً بكثير من روسيا، بالتالي مصالح أكثر تنوعاً. لكن بروز الولايات المتحدة بوصفها المنتج الأول للنفط والغاز في العالم يشكل عنصراً أساسياً، كثيراً ما يتم إغفاله، في فهم الفوضى التي تطبع النظام العالمي في الوقت الحالي. إن موقع واشنطن الجديد لا يقلل فقط من دوافعها المالية لدعم الاستقرار، بل يمنحها أيضاً نفوذاً على الدول المستوردة للطاقة -بما في ذلك الحلفاء المقربون- مما يعزز بدوره أجندة ترامب. ومن موقعها المهيمن الجديد، قد لا تتمكن الولايات المتحدة من رؤية ما يتجاوز الفوائد قصيرة الأجل للاستقلال في مجال الطاقة، فتغفل عن الضرر الذي يلحقه انسحابها من النظام القائم على القواعد -بالعالم وبنفسها على حد سواء. هيمنة المصدرين ما يزال الوقود الأحفوري يشكل شريان الاقتصاد العالمي، إذ يمثل أكثر من ثلث التجارة البحرية على صعيد الحجم. وتعتمد معظم البلدان على إمدادات مستقرة من النفط والغاز، ويمكن لأي اضطراب قصير الأجل أن يشل شبكات الطاقة، ويعطل النقل، ويوقف الإنتاج الصناعي والزراعي. لذلك، تبدي البلدان المستوردة للطاقة اهتماماً عميقاً بالاستقرار العالمي، لأن رفاهها يعتمد على وجود طرق تجارية آمنة وأسعار مستقرة وقواعد يمكن التنبؤ بها. لكن هناك فجوة واضحة تبرز بين سلوك البلدان المستوردة والمصدرة للنفط؛ حيث البلدان المستوردة أكثر ميلاً بكثير من المصدرة إلى تبني التعددية والتعاون على أساس القواعد الدولية. وتتنوع البلدان المصدرة للنفط على صعيدي الحجم والظروف، بدءاً من تشاد الفقيرة والممزقة بالنزاعات إلى النرويج الغنية والديمقراطية. لكن ثمة نمطين إشكاليين بارزين في كل الأحوال. الأول هو نمط البلدان الانعزالية، مثل أنغولا وغينيا الاستوائية وعُمان، التي تميل إلى الانغلاق وتقليل التواجد في الأطر الدولية. والثاني نمط البلدان التي تحدث اضطرابات، مثل إيران وروسيا وفنزويلا، التي تتحدى الأعراف الدولية وتدعم ميليشيات خارجية وتغزو جيرانها. وفي كلا النمطين، يرتبط ازدياد صادرات النفط بانحسار التعاون مع البلدان الأخرى. تنتمي السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب إلى كلا النمطين؛ فهي، مثل الدول الانعزالية، انسحبت من الاتفاقات والمنظمات الدولية، ومثل الدول المزعزِعة للنظام، أبدت اهتماماً بالتوسع الإقليمي. ومنحت زيادة صادرات النفط الولايات المتحدة نفوذاً جديداً على حلفائها من مستوردي النفط في أوروبا وشرق آسيا. وتبدو أوروبا معرضة للخطر بصورة خاصة. فخلال ولاية ترامب الأولى، حذرت وزارة الخارجية الأميركية من أن اعتماد أوروبا على الغاز الروسي يجعلها عرضة للإكراه. وبعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في العام 2022، لجأت أوروبا إلى الولايات المتحدة لتأمين نسبة متزايدة من حاجاتها من الطاقة. واليوم، يشكل النفط الخام أكبر صادرات الولايات المتحدة إلى القارة، فيما يأتي 45 في المائة من الغاز الطبيعي المسال المستورد إلى أوروبا من الولايات المتحدة. وقد منح هذا التطور إدارة ترامب نفوذاً أكبر عند مطالبتها الأوروبيين بتقديم تنازلات تجارية. كما يكشف هذا الوضع عن أن الاعتماد على الطاقة، حتى من حليف ظاهري، يمثل نقطة ضعف استراتيجية لأوروبا. لا يمكن لدول القارة فرض رسوم جمركية انتقامية على النفط الخام من دون التعرض لعواقب اقتصادية خطيرة، مما يمنح واشنطن أداة قوية للنفوذ. مع مرور الوقت، يمكن للثروة النفطية أن تلحق الضرر بالآفاق التجارية الأوسع للدول المصدرة. فعادة ما ترتفع قيمة عملات هذه الدول مع ارتفاع أسعار النفط، وهي ظاهرة تعرف بـ"المرض الهولندي" (الآثار الاقتصادية السلبية التي يمكن أن تنشأ عندما تتدفق العملات الأجنبية إلى اقتصاد ما نتيجة اكتشاف مورد طبيعي مثل النفط أو الغاز، كما حدث في هولندا أواخر ستينيات القرن العشرين). ويؤدي ذلك إلى تراجع القدرة التنافسية لصادراتها الأخرى، بما في ذلك السلع الصناعية والزراعية. ومنذ انطلاقة الطفرة في النفط الصخري، ارتفعت أسعار النفط والدولار الأميركي معاً، مما يشير إلى احتمال نشوء حالة مبكرة من "المرض الهولندي" في الولايات المتحدة. وقد يؤدي ارتفاع الدولار الذي كثيراً ما كان ركيزة من ركائز القوة المالية الأميركية، إلى تفاقم العجز التجاري من خلال جعل الصادرات الأميركية أكثر كلفة وأقل قدرة على المنافسة. بالإضافة إلى ذلك، يضعف استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة إلى حد كبير دوافعها لتحمل أعباء الحفاظ على الاستقرار العالمي، ولا سيما في المناطق التي كانت حيوية سابقاً لأمنها الطاقي. فقبل 15 عاماً فقط، كانت الصين وأوروبا والولايات المتحدة تعتمد بدرجة كبيرة على نفط الشرق الأوسط، مما جعلها تتقاسم المسؤولية عن حماية الممرات الاستراتيجية لتلك التجارة، مثل قناة السويس. ولكن، مع تحقيق الولايات المتحدة استقلالها في مجال الطاقة، تضاءلت دوافعها لتقديم هذا النوع من الخدمات. وخلال دردشة جماعية مسربة عبر تطبيق "سيغنال" في آذار (مارس) الماضي، ناقش كبار مسؤولي الإدارة الأميركية مسائل تتعلق بالأمن القومي، وقال نائب الرئيس جي دي فانس إن على أوروبا، وليس الولايات المتحدة، تحمل عبء التصدي لتهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن "ثلاثة في المائة فقط من تجارتنا تمر عبر قناة السويس، بينما تمر 40 في المائة من تجارة أوروبا عبرها". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة نفذت في نهاية المطاف الضربات ضد الحوثيين التي كانت قيد النقاش، فإن المنطق الصريح الذي عبر عنه فانس كشف عن لامبالاة جديدة. وكانت الإدارات السابقة ترى في الاستقرار العالمي مصلحة مشتركة، في حين يرى كثير من أعضاء الإدارة الحالية فيه مشكلة تخص الآخرين. قوة غامضة لم تنسحب الولايات المتحدة من النظام القائم على القواعد دفعة واحدة. فعلى سبيل المثال، يعود تراجع دعمها للتجارة الحرة إلى منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تزامناً مع ازدهار إنتاج النفط والغاز الصخري. وقد رفض الرئيس باراك أوباما، خلال ولايته الثانية، تعيين قضاة استئناف في منظمة التجارة العالمية، مما شل آلية تسوية النزاعات فيها. وجاء هذا القرار، جزئياً، رداً على أحكام صدرت عن المنظمة وقيدت السياسة التجارية الأميركية، وشكل الرئيس بذلك سابقة. وخلال ولايته الأولى، رفع ترامب السقف من خلال فرض رسوم جمركية واسعة النطاق. أما الرئيس جو بايدن، فأبقى على معظم هذه الرسوم، ولم يُعِد تعيين القضاة في منظمة التجارة وتبنى سياسات صناعية حمائية جديدة وفرض عقوبات على الصادرات بدت مخالفة لقواعد المنظمة. وتزامن تآكل دعم الولايات المتحدة للتعاون التجاري متعدد الأطراف مع صعود النفط الصخري. بالإضافة إلى ذلك، أدت ثورة النفط الصخري دوراً لم يُقدر بما يكفي في إعادة تشكيل السياسة الداخلية الأميركية. في العام 2024، ذهب نحو 90 في المائة من تبرعات قطاع النفط والغاز للمرشحين الجمهوريين. وبدأ هذا الاستثمار يؤتي ثماره: إذ تدفع إدارة ترامب بقوة نحو توسيع استخراج الوقود الأحفوري وتقييد إنتاج الطاقة النظيفة، ووقف جمع البيانات البيئية، وفتح أراضٍ اتحادية جديدة للتنقيب وتفكيك التنظيمات المناخية -بل إن مدير وكالة حماية البيئة، لي زيلدين، أعلن عن خطط لإلغاء القرار الصادر في العام 2009 الذي اعتبر أن غازات الدفيئة تشكل تهديداً للصحة العامة -وهو حكم يشكل الأساس للسياسة المناخية الفيدرالية في الولايات المتحدة. كما هو الحال في مجالات أخرى، تتسم سياسات الطاقة التي ينتهجها ترامب بالتناقض. في يومه الأول من ولايته الجديدة، وقع أمراً تنفيذياً بعنوان "إطلاق العنان للطاقة الأميركية"، يهدف إلى تسريع التنقيب وتقليص القيود التنظيمية. لكنه، في محاولة منه للسيطرة على التضخم، وعد بصورة غامضة بخفض سعر النفط إلى 50 دولاراً للبرميل -وهو سعر قد يؤدي إلى خفض أسعار البنزين، لكنه يجعل جزءاً كبيراً من إنتاج النفط الصخري الأميركي غير مربح. ويتوقع محللو الطاقة انخفاضاً في إنتاج النفط الأميركي في العام 2025، على الرغم من شعار ترامب: "احفروا، يا أعزائي، احفروا". وعلى الرغم من أن رسومه الجمركية تستثني إلى حد بعيد قطاع النفط والغاز، فإن تداعيات حربه التجارية الأوسع قد تفاقم انخفاض أسعار النفط وتقلل الطلب العالمي على الوقود الأحفوري. ببساطة: على الرغم من أن بعض سياسات ترامب ترتكز على مبدأ الهيمنة الطاقوية، فإن سياسات أخرى تقوض هذا المبدأ. وهذا التناقض سمة مميزة لسياسة ترامب، لكنه أيضاً مأزق تعاني منه دول نفطية أخرى، تسعى في آن إلى رفع أسعار النفط لمصلحة صادراتها، وخفضها داخلياً لإرضاء مواطنيها. طالما ظلت الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة في العالم، فإن إغراء استغلال هذا النفوذ لانتزاع تنازلات تجارية والتنصل من الالتزامات المكلفة وتقديم المكاسب قصيرة الأجل على التحالفات بعيدة الأمد، سيبقى قائماً. قد تبدو الهيمنة في مجال الطاقة مكسباً لمستقبل القوة الأميركية، ولكن إذا لم تظهر الحكومة الأميركية مزيداً من الانضباط، فإنها قد تتحول إلى وبال. *مايكل روس: أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجيلوس، ومؤلف الكتاب "لعنة النفط: كيف تشكل الثروة البترولية مسار تطور الأمم". *إريك فويتن: أستاذ كرسي بيتر أف كروغ للجغرافيا السياسية والعدالة في الشؤون العالمية بجامعة جورجتاون. الترجمة لصحيفة "الإندبندنت".

«ديب سيك» يواجه الطرد من متاجر التطبيقات في ألمانيا
«ديب سيك» يواجه الطرد من متاجر التطبيقات في ألمانيا

Amman Xchange

timeمنذ 2 ساعات

  • Amman Xchange

«ديب سيك» يواجه الطرد من متاجر التطبيقات في ألمانيا

بكين - فرانكفورت: «الشرق الأوسط» اتخذت ألمانيا خطوات نحو حظر تطبيق «ديب سيك»، الشركة الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، من متجري تطبيقات «أبل» و«غوغل» بسبب مخاوف تتعلق بحماية البيانات، وفقاً لبيان صدر يوم الجمعة عن مفوضة هيئة حماية البيانات. وأفادت المفوضة الألمانية مايك كامب بأنه تم الإبلاغ عن «ديب سيك» إلى عملاقي التكنولوجيا الأميركيين باعتباره محتوى غير قانوني، ويتعين على الشركتين الآن مراجعة هذه المخاوف واتخاذ قرار بشأن حظر التطبيق في ألمانيا. وقالت: «لم تتمكن (ديب سيك) من تزويد وكالتي بأدلة مقنعة على أن بيانات المستخدمين الألمان محمية في الصين بمستوى مماثل لتلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي»، وأضافت: «تتمتع السلطات الصينية بحقوق وصول واسعة النطاق إلى البيانات الشخصية ضمن نطاق نفوذ الشركات الصينية». وتأتي هذه الخطوة بعد أن نشرت «رويترز» تقريراً حصرياً هذا الأسبوع يفيد بأن «ديب سيك» تدعم العمليات العسكرية والاستخباراتية الصينية. وشركة «ديب سيك»، التي هزت عالم التكنولوجيا في يناير (كانون الثاني) بزعمها تطوير نموذج ذكاء اصطناعي ينافس نماذج شركات أميركية مثل «أوبن إيه آي»، مطورة «تشات جي بي تي»، بتكلفة أقل بكثير، تقول إنها تخزن بيانات شخصية كثيرة، مثل الطلبات الموجهة إلى الذكاء الاصطناعي أو الملفات المُحمّلة، على أجهزة كمبيوتر في الصين. وفي سياق منفصل، قالت وزارة التجارة الصينية في بيان صدر يوم الجمعة، إن بكين مددت رسوم مكافحة الإغراق على التولويدين المستورد من الاتحاد الأوروبي لخمس سنوات بدءاً من 28 يونيو (حزيران). وذكر البيان أن الوزارة فرضت رسوماً بنسبة 19.6 في المائة على شركة (لانكسيس دويتشلاند جي إم بي إتش) الألمانية للكيماويات المتخصصة، ورسوماً تبلغ 36.9 في المائة على شركات أخرى من الاتحاد الأوروبي. والتولويدين مادة كيميائية تستخدم في الصباغة والأدوية والمبيدات الحشرية.

تراجع أسعار النفط رغم تصاعد التوترات الإقليمية الأخيرة
تراجع أسعار النفط رغم تصاعد التوترات الإقليمية الأخيرة

السوسنة

timeمنذ 5 ساعات

  • السوسنة

تراجع أسعار النفط رغم تصاعد التوترات الإقليمية الأخيرة

وكالات - السوسنة خلال الأسبوعين الماضيين، مع تصاعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، ارتفعت المخاوف في أسواق النفط العالمية من احتمال تعطيل إمدادات الطاقة في المنطقة، خصوصًا في ظل التهديدات المحتملة بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خُمس استهلاك العالم من النفط.في بداية التصعيد، يوم الجمعة 13 يونيو، قفزت أسعار النفط بنحو 5 دولارات للبرميل، متجاوزة سعر خام برنت حاجز 70 دولارًا وسط حالة من القلق والترقب في الأسواق. لكن مع استمرار العمليات العسكرية، بدا أن التصعيد لن يتجاوز "قواعد اللعبة" الجيوسياسية المعهودة، ما خفّف من وتيرة ارتفاع الأسعار.رون بوسو، كاتب شؤون الطاقة في رويترز، وصف رد فعل السوق بأنه "ذو مغزى لكنه متواضع نسبيًا" بالنظر إلى حجم المخاطر التي حملها الصراع بين قوتين إقليميتين كبيرتين.التحذيرات التي أطلقتها مؤسسات مالية دولية مثل بنك باركليز وغولدمان ساكس، والتي توقعت ارتفاع أسعار النفط إلى 85 دولارًا وربما أكثر من 100 دولار أو 110 دولارات في حال تأثرت صادرات إيران أو مضيق هرمز، لم تتحقق. إذ لم تلجأ إيران إلى إغلاق مضيق هرمز سوى في الأيام الأخيرة من النزاع ولم تُفعّل التهديد بشكل فعلي، مما خفّف الضغوط على السوق.أبرز نقطة مفصلية كانت في 24 يونيو، حين استهدفت إيران قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر بصواريخ، في تصعيد غير مسبوق. وعلى غير المتوقع، بدأت أسعار النفط بالانخفاض خلال دقائق من الهجوم، وسرعان ما فقد خام برنت أكثر من 7% من قيمته خلال ساعات، وهو أكبر هبوط يومي منذ نحو ثلاث سنوات. وهبط الخام الأمريكي بنفس النسبة تقريبًا.وأرجع محللون هذا الهبوط إلى اعتماد التجار على معلومات استخباراتية مفتوحة وصور أقمار صناعية وأدلة عبر وسائل التواصل، أظهرت أن القاعدة كانت خالية من الطائرات، وأن الهجوم كان رمزيًا وغير تصعيدي.بعد يوم من الهجوم، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار برعاية أمريكية بين إيران وإسرائيل، وأعلن الرئيس ترامب عن "حان وقت السلام"، ما ساعد في تهدئة الأسواق بشكل إضافي.في تعاملات الثلاثاء التالي، تراجعت أسعار النفط بنحو 6% إضافية، لتعود إلى مستويات ما قبل اندلاع النزاع، وهو تراجع حاد لم تشهده السوق منذ سنوات. وختم الأسبوع بخسائر أسبوعية بنحو 12%، حيث أغلق خام برنت عند 67.77 دولارًا، والخام الأمريكي عند 65.52 دولارًا، مع تحول اهتمام المستثمرين إلى أساسيات السوق وبيانات المخزونات الأمريكية التي أظهرت انخفاضًا.تحليلًا للسلوك المفاجئ للسوق، قالت مؤسسة Energy Aspects إن التجار أصبحوا أكثر حذرًا من المبالغة في تقييم تأثير الأحداث الجيوسياسية. وأشارت إلى أن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى استهداف مضيق هرمز تراجعت بسرعة مع تأكد العكس، ما أدى إلى انخفاض كبير في علاوة المخاطر.كما لعبت تصريحات الرئيس ترامب، التي دعا فيها عبر منصته "تروث سوشال" إلى إبقاء أسعار النفط منخفضة وعدم الإضرار بالمصالح الأمريكية، دورًا في تقليص الرهانات على ارتفاع الأسعار.وأوضح رون بوسو أن ردود فعل سوق النفط تجاه الاضطرابات الكبرى في الشرق الأوسط أصبحت أقل حدة مقارنة بأزمات سابقة مثل حرب أكتوبر 1973 وغزو العراق للكويت عام 1990، حيث كانت الأسعار ترتفع بوتيرة أسرع وأقوى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store