logo
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل مراكز الاتصال الهندية

الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل مراكز الاتصال الهندية

الاتحادمنذ 2 أيام

الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل مراكز الاتصال الهندية
في عام 2023، أطلقت شركة «تيلي بيرفورمانس»، عملاق خدمات الاستعانة بمصادر خارجية لعمليات الأعمال أو «التعهيد» التي تتخذ من باريس مقراً لها، برنامجاً لتعديل اللكنة في مكتبها بمدينة غورغاون الواقعة في ضواحي نيودلهي. ويعمل البرنامج في الزمن الحقيقي على «تنعيم» اللكنة الهندية الشهيرة، التي يعمل بها نحو 42 ألف موظف هندي آخر في مراكز الاتصال، لجعل كلامهم أكثر وضوحاً للعملاء الأميركيين على الجانب الآخر من المكالمة. ويوفر البرنامج لمحة عن الكيفية التي يُعيد بها الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي تسارعت وتيرته بعد إطلاق «شات جي بي تي»، تشكيلَ قطاع الخدمات الضخم في الهند، كما يُعد دليلاً يعزز وجهة نظر المتفائلين ممن يعتقدون أن هذه التقنية ستُكمل دور البشر بدلًا من أن تحلّ محلهم.
وقال شارات نارايانا، الشريك المؤسس لشركة «ساناس» الناشئة المطورة للأداة، ومقرها بالو ألتو (كاليفورنيا)، إن الذكاء الاصطناعي ساعد فعلياً في خلق آلاف الوظائف الجديدة في الهند، التي كانت قد فقدت مركزَها كأكبر محور عالمي لمراكز الاتصال لصالح الفلبين قبل أكثر من عقد، ويرجع ذلك جزئياً لمشاكل اللكنة. وقال إم في براسانث، المدير التنفيذي للعمليات في «تيليبرفورمانس» بالهند، إن الذكاء الاصطناعي لا يسلب الوظائف، بل ينقل المهام الأسهل إلى الخدمة الذاتية، مما يسمح للعاملين الهنود بالتركيز على المهام الأكثر تعقيداً. إلا أن المنتقدين يقولون إن استخدام هذا البرنامج يدخل في ما يُعرف بـ«التبييض الرقمي»، وهو ما يفسّر تفضيل الشركات مصطلح «ترجمة اللكنة» بدلاً من «تحييد اللكنة».
ومع ذلك، تقول الشركات إن النتائج إيجابية، وتتمثل في عملاء أكثر رضا، وموظفون أكثر ارتياحاً، ومكالمات أسرع وأكثر يسراً. غير أن الكثيرين غير مقتنعين، ويرون أنه مهما بدت المكاسب قصيرة الأجل التي توفرها الأتمتة للعمال، فإنها ستقضي في نهاية المطاف على وظائف أكثر مما تخلق. ويشيرون إلى عملية مراقبة الجودة، فعندما يسمع المتصل عبارة «قد يتم تسجيل هذه المكالمة»، فذلك غالباً ما يعني أن نظام ذكاء اصطناعي هو مَن يقوم بالمراقبة، وليس موظفاً بشرياً.
وتقول «تيلي برفورمانس» إن هذه الأنظمة أصبحت تراجع جميع المكالمات، من حيث الالتزام والنبرة، وهي مهام كان الموظفون قادرين على أدائها في عدد صغير من المكالمات في السابق. ويقول مارك سيردار، الذي قضى مسيرتَه في مساعدة الشركات على قائمة «فورتشن 500» في توسيع قواها العاملة عالمياً، إن الذكاء الاصطناعي سيقضي على فرص توظيف المبتدئين ذوي الياقات البيضاء خلال الـ24 إلى 36 شهراً القادمة، بوتيرة أسرع من المتوقع.
ولفهم كيف سيُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيلَ مستقبل العمل، لا يوجد أفضل من تناول قطاع التعهيد في الهند، والذي تبلغ قيمته 280 مليار دولار، مما يجعلها أكبر وجهة عالمية لهذا القطاع، لكنه يعني أن المخاطر التي تواجه البلاد أشد وطأةً كذلك. وتشير التقديرات إلى أن ثلاثة ملايين هندي يقدمون خدمات دعم العملاء، وتطوير البرمجيات، والمحاسبة، والتسويق، وغيرها من العمليات الإدارية لشركات مثل «فيريزون»، و«جي بي مورغان»، و«مايكروسوفت»، و«وول مارت»، و«إتش إس بي سي»، و«شل». وتستعد بعض الشركات الهندية بالفعل لأزمة، حيث يقول أجاي شودري، المؤسس المشارك لشركة «هندوستان كمبيوترز» المحدودة، إحدى أكبر شركات استشارات تكنولوجيا المعلومات في البلاد: «مجالات مثل التعهيد والبرمجة تواجه صعوبات، وسيحل الذكاء الاصطناعي التوليدي محلها.. الهند بحاجة إلى التحول كلياً إلى تصميم وتصنيع المنتجات بدلًا من الخدمات». وبالفعل، تتولى روبوتات الدردشة، أو «الوكلاء الافتراضيون»، مهامَّ أساسيةً مثل إعادة تعيين كلمات المرور أو تحديث الرصيد. وتكتب أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكواد، وتترجم رسائل البريد الإلكتروني، وتسجل بيانات المرضى، وتحلل طلبات بطاقات الائتمان، والرهون العقارية، والتأمين. كما يُزود «مساعدو» الذكاء الاصطناعي موظفي مراكز الاتصال بإجابات فورية ونصوص مقترحة. كذلك بدأت الروبوتات بمعالجة المكالمات في بعض الشركات.
لا شك في أن هناك توقعات قاتمة حول تداعيات ذلك على القوى العاملة في الهند، إذ يتوقع أنه في غضون عام، ستكون الحاجة لمراكز الاتصال ضئيلة، لاسيما وأن 86% من مهام خدمة العملاء تتمتع «بإمكانات أتمتة عالية»، كما حذّر صندوق النقد الدولي من أن أكثر من ربع الوظائف في الهند «معرضة بشكل كبير» للذكاء الاصطناعي.
ويؤثر ذلك على الجامعات الهندية، التي تُخرّج أكثر من مليون مهندس سنوياً. وتتراجع معدلات التوظيف في شركات تكنولوجيا المعلومات الرائدة، في الوقت الذي تعاني فيه الرواتبُ من الركود. وفي حين أن الذكاء الاصطناعي قد يُلغي بعض الوظائف، يؤكد المدافعون عنه أنه يُوفر كذلك فرصاً مختلفة، حيث وظّفت شركة «تيلي بيرفورمانس»، إلى جانب مئات الشركات الأخرى، آلافاً من مُعلّقي البيانات في الهند، كما أن هناك تزايدا ملحوظاً في طلب مهندسي الاستجابة السريعة، وعلماء البيانات، ومدربي الذكاء الاصطناعي، وأخصائيي النطق. ويرى الخبراء أن الهند تتمتع بميزة هائلة ضد الذكاء الاصطناعي، فعمل المهام المكتبية يزداد تعقيداً، مما يجعله أكثر مناعةً أمام الأتمتة، إلا أن الكثيرين، حتى من المتفائلين، يُقرّون بأن العمال الذين لا يستطيعون التكيف سيتخلفون عن الركب، مشبِّهين الأمرَ بالثورة الصناعية، حيث سيستفيد مَن يتكيف ويتطور وسيعاني البعضُ ممن يَعجزون عن ذلك. ويقول الخبراء، إن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي الحاجة إلى البشر، بل يُضيف قيمةً للأفراد، ولذا فـ«إعادة تأهيل المهارات» يجب ألا تقتصر على تدريب الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يجب أن تشمل أيضاً التواصلَ البشري، مما يُساعد العمالَ على تحسين مهاراتهم في بناء الثقة والتواصل بوضوح وإظهار التعاطف. ورغم أن الذكاء الاصطناعي قد يعيق معدلات نمو الوظائف اليدوية والمتوقعة، فإنه لن يُلغي التفاعل البشري بشكل عام، إذ أنه لا يمكن أن يمتلك اللمسة الإنسانية أبداً.
كاريشما مهروترا*
*كاتبة متخصصة في شؤون منطقة جنوب آسيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الزراعة يبحث مع نظيره الهولندي تعزيز التعاون المشترك بين البلدين
وزير الزراعة يبحث مع نظيره الهولندي تعزيز التعاون المشترك بين البلدين

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

وزير الزراعة يبحث مع نظيره الهولندي تعزيز التعاون المشترك بين البلدين

التقى علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، و"جين ريموني" وزير مصايد الأسماك والأمن الغذائي والبستنة وحماية الطبيعة الهولندي، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين دولتي مصر وهولندا. جاء ذلك على هامش المؤتمر السادس لوزراء الزراعة والأمن الغذائي بالاتحادين الإفريقي والأوروبي، والذي يعقد بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، في العاصمة الإيطالية روما. تناول اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون الزراعي وتشجيع الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص، لا سيما في مجالات إنتاج التقاوي والأصناف الجيدة من الموالح ومحاصيل الخضر الأخرى. ومن جانبه، أكد فاروق على أهمية التعاون مع مصر في مجال التعاونيات الزراعية وتطويرها، بالإضافة إلى مجال إنتاج الزهور وتصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي، مشددا على تعظيم التعاون مع دول القارة الإفريقية من خلال آلية التعاون الثلاثي، والتي يمكن لمصر أن تساهم فيها بفعالية. وفي سياق متصل، أعرب الوزير الهولندي عن شكره لفاروق على جهوده في استكمال الملفات المتعلقة بتسهيل تصدير منتجات اللحوم إلى مصر وآلية تصدير تقاوي البطاطس من دول الاتحاد الأوروبي إلى مصر. وأشار إلى أهمية تعزيز التعاون مع مصر في مجال تحديث الري الحقلي ونقل الخبرات الهولندية في هذا المجال إلى الجانب المصري، فضلاً عن استمرار التعاون مع الشركات المصرية في إنتاج التقاوي عالية الإنتاجية والمقاومة للتغيرات المناخية. فتح آفاق جديدة للتعاون في مجال التبادل التجاري وناقش الجانبان أيضا سبل فتح آفاق جديدة للتعاون في مجال التبادل التجاري للسلع والمنتجات الزراعية والغذائية، حيث يبلغ حاليا حجم الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا حوالي 500 مليون دولار، بينما تصدر هولندا لمصر منتجات بقيمة 300 مليون دولار فقط. وفي نهاية اللقاء أعرب الوزيران عن تطلعهما إلى تعميق الشراكة بين مصر وهولندا في هذه المجالات، وخاصة فيما يتعلق بتبادل الخبرات المتقدمة في الزراعة والتكنولوجيا، والتي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في دعم جهود مصر لتحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي. حضر اللقاء الدكتور سعد موسي المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية والممثل المناوب في منظمات الأمم المتحدة بالسفارة المصرية. 1000252006 1000252015 1000252020 1000252010

وارن بافيت يتبرع بـ6 مليارات دولار دفعة واحدة.. أكبر إحسان سنوي في مسيرته
وارن بافيت يتبرع بـ6 مليارات دولار دفعة واحدة.. أكبر إحسان سنوي في مسيرته

العين الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العين الإخبارية

وارن بافيت يتبرع بـ6 مليارات دولار دفعة واحدة.. أكبر إحسان سنوي في مسيرته

تبرع الملياردير والمستثمر المخضرم وارن بافيت، الجمعة، بأسهم قيمتها 6 مليارات دولار في شركة "بيركشاير هاثاواي" لمؤسسة غيتس وأربع مؤسسات خيرية عائلية. ويعد هذا هو أكبر تبرع سنوي له منذ أن بدأ التبرع بثروته قبل ما يقرب من عقدين من الزمن. 60 مليار دولار تبرعات ورفع هذا التبرع، الذي بلغ حوالي 12.36 مليون سهم من أسهم بيركشاير الفئة "ب"، إجمالي تبرعات بافيت للمؤسسات الخيرية إلى أكثر من 60 مليار دولار. ويتوزع التبرع بواقع 9.43 مليون سهم لمؤسسة غيتس؛ و943,384 سهمًا لمؤسسة سوزان طومسون بافيت؛ و660,366 سهمًا لكل من المؤسسات الخيرية الثلاث التي يرأسها على التوالي أبناؤه هوارد وسوزي وبيتر: مؤسسة هوارد جي بافيت، ومؤسسة شيروود، ومؤسسة نوفو. ولا يزال وارن بافيت يمتلك 13.8% من أسهم بيركشاير، بناءً على عدد الأسهم القائمة المُعلن عنها. خامس أغنى أغنياء العالم وبلغت ثروة بافيت الصافية 152 مليار دولار قبل تبرعات يوم الجمعة، مما جعله خامس أغنى شخص في العالم، وفقًا لمجلة فوربس. وأكد بافيت في بيان أنه لا ينوي بيع أي أسهم في بيركشاير. وبدأ بافيت، البالغ من العمر الآن 94 عامًا، بالتبرع بثروته في عام 2006. وقد غيّر وصيته العام الماضي، حيث خصص 99.5% من ثروته المتبقية بعد وفاته لصندوق خيري يشرف عليه أبناؤه. وسيكون أمامهم حوالي عقد من الزمن لتوزيع الأموال، ويجب أن يقرروا بالإجماع أين ستذهب. أبناء وارن بافيت وأبناء بافيت هم: سوزي بافيت تبلغ من العمر 71 عامًا، وهوارد بافيت 70 عامًا، وبيتر بافيت 67 عامًا. ويقود وارن بافيت شركة بيركشاير، ومقرها أوماها، نبراسكا، منذ عام 1965. زتمتلك هذه الشركة العملاقة، التي تبلغ قيمتها 1.05 تريليون دولار، ما يقرب من 200 شركة، بما في ذلك شركة جيكو لتأمين السيارات وشركة بي إن إس إف للسكك الحديدية، وعشرات الأسهم، بما في ذلك آبل وأمريكان إكسبريس. العمل الخيري في العائلة وتقود سوزي بافيت مؤسسة سوزان تومسون بافيت، التي تُمول الصحة الإنجابية، والتي سُميت باسم والدتها، الزوجة الأولى لوارن بافيت. تدعم مؤسسة شيروود المنظمات غير الربحية في نبراسكا وتعليم الطفولة المبكرة. وتُركز مؤسسة هوارد جي بافيت على الجوع العالمي، ومكافحة الاتجار بالبشر، وتخفيف حدة النزاعات. وتُقدم مؤسسة نوفو مبادرات تُركز على الفتيات والنساء المهمشات، والمجتمعات الأصلية. وصرح بافيت في يونيو/حزيران الماضي أن التبرعات لمؤسسة غيتس ستتوقف عند وفاته. aXA6IDE5MC4xMDYuMTc2LjI0NSA= جزيرة ام اند امز AU

«الأغذية العالمي»: واحد من كل 5 أفغان يعاني من الجوع
«الأغذية العالمي»: واحد من كل 5 أفغان يعاني من الجوع

الاتحاد

timeمنذ 4 ساعات

  • الاتحاد

«الأغذية العالمي»: واحد من كل 5 أفغان يعاني من الجوع

كابول (وكالات) حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن واحداً من كل 5 أفغان يعاني من الجوع، داعياً إلى تقديم مساعدات عاجلة لمنع تفاقم انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء أفغانستان. وأكد البرنامج، في بيان، الحاجة المُلحة للدعم الإنساني، لاسيما في المناطق الحدودية. وذكر أن «آلاف الأسر الأفغانية، يتم إجبارها على العودة إلى أفغانستان من إيران يومياً، وتشكل تلك العودة القسرية ضغوطاً هائلة على المجتمعات المحلية والوكالات الإنسانية التي تعمل على طول الحدود الأفغانية الإيرانية». وحذر البرنامج من أن الدعم المستمر مرهون بتأمين تمويل إضافي. وفي الوقت الحالي، يحتاج البرنامج إلى 25 مليون دولار على الأقل في صورة مساعدات عاجلة للإبقاء على جهود الإغاثة في أفغانستان. وبحسب الأمم المتحدة، فإن 24,4 مليون شخص يمثلون نحو 60% من سكان أفغانستان، يعتمدون على المساعدات الإنسانية للحصول على الاحتياجات الأساسية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store