
مصر وشرق أوسط ما بعد الحرب! محمد السعيد إدريس
د. محمد السعيد إدريس
على الرغم من أن الحرب الإسرائيلية – الأمريكية على إيران لم تنته بعد، رغم ما أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشكل مفاجئ لوقف إطلاق النار بعد ساعات من القصف الإيرانى لقاعدة «العُديد» الأمريكية فى قطر مساء الاثنين (23/6/2025)، فإن المشهد الإقليمى الراهن فى الشرق الأوسط لم يعد كما كان عليه الحال قبل تلك الحرب التى فجرها العدوان الإسرائيلى على إيران فجر الجمعة (13/6/2025).
نحن فى هذا الإقليم أمام مشهد جديد أهم معالمه أن إسرائيل لم تنتصر على إيران فى هذه الحرب، رغم كل ما أعلنته قبل هذا العدوان من أهداف لم تستطع تحقيقها، ومن أهم معالمه أيضاً أن إيران لم تنهزم فى هذه الحرب، كما كانت تخطط إسرائيل والولايات المتحدة ، لم يسقط النظام الإيرانى أمام العدوان العسكرى والاستخباراتى الشديد الوطأة الذى تعرضت له إيران خاصة فى الساعات الأولى للحرب التى فقدت خلالها إيران العدد الأكبر من أكبر قادتها العسكريين وأبرز علمائها النوويين، لكن ما هى إلا ساعات معدودة حتى استوعبت إيران الضربة الأولى ودفعت بقيادات عسكرية لا تقل كفاءة عن شهدائها العسكريين والعلميين، وبدأت ترد بعنف مزلزل لكل المواقع العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية. لم يتوقع الإسرائيليون والأمريكيون أن إيران لديها كل تلك القدرات على تحمل الضربات الإسرائيلية الجوية التى شنها سلاح الجو الإسرائيلى مزوداً بأشد أنواع الذخائر الأمريكية فتكاً وتدميراً، ولم يتوقع كل هؤلاء أن إيران لديها كل تلك القدرات الصاروخية الباليستية و«الجو – فضائية» (الفرط صوتية) المزودة بقدرات تدميرية هائلة، خاصة الصواريخ من نوع «فتاح» و«سجيل» و«خيبر» التى فشلت 7 منظومات دفاعية جوية إسرائيلية وأمريكية هى الأعلى كفاءة فى الترسانة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية فى التصدى لها، ومنعها من الوصول إلى أهدافها المحددة وتدمير كل ما فيها من أهداف عسكرية واستخباراتية.
الأمر الذى لا يقل أهمية فى هذه الحرب أن إيران، المعتدى عليها، خاضت هذه الحرب دون أن تطلب مساعدة أى دولة من أصدقائها أو حلفائها خاصة روسيا، التى ساندتها إيران فى حربها مع أوكرانيا بطائرات «مسيّرة»، والصين وكوريا الشمالية، ولم تطلب من أى من حلفائها الإقليميين التدخل فى هذه الحرب ومساندتها، فى حين أن إسرائيل لم تجرؤ على شن عدوانها على إيران إلا بعد أن حصلت على كل ما تريده من أطنان من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية من الولايات المتحدة، وإلا بعد أن أكملت التنسيق الكامل مع القيادة المركزية الأمريكية التى مقرها «قاعدة العُديد» ، ناهيك عن التنسيق الاستخباراتى والمعلوماتى الكامل بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية وكبرى الدول الأطلسية، خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا التى شاركت قواعدها بالمنطقة فى عملية التصدى للهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة الإيرانية وإسقاط أغلبها قبل الوصول إلى أهدافها داخل كيان الاحتلال الإسرائيلى بطلب إسرائيلى أكد أن ما كان يسمى فى الإعلام الإسرائيلى وعلى لسان رئيس الحكومة بنيامين نيتانياهو أن إسرائيل هى القوة الإقليمية العظمى أضحى «أكذوبة» فهى غير قادرة على أن تدافع عن نفسها أمام إيران، ووصلت الأوضاع العسكرية والنفسية «المأساوية» فى كيان الاحتلال إلى الاضطرار للاستنجاد بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتحقيق الهدف الذى عجزت القدرات العسكرية الإسرائيلية، رغم كل ترسانتها العسكرية الأمريكية المتطورة عن تحقيقه وهو تدمير المنشآت النووية الإيرانية ، ومطالبة الرئيس الأمريكى للتدخل من أجل وقف الحرب بعد أن صدمت القيادة السياسية والعسكرية فى الكيان بنفاد مخزونها من بطاريات الدفاع الجوى وعجز الولايات المتحدة عن إمدادها ببطاريات بديلة خشية أن يؤثر ذلك سلبياً على توازن القوى العسكرى الأمريكى مع الصين ، الأمر الذى دفع الرئيس الأمريكى ترامب للتدخل مع قطر للتوسط لدى إيران لوقف إطلاق النار بعد ساعات فقط من قصف إيران قاعدة «العُديد» الأمريكية فى قطر.
هذا المشهد يوحى بالملاحظات التالية:
– أن إسرائيل، التى أعلن رئيس حكومتها بنيامين نيتانياهو فى أوج الحرب على إيران ، أن بلاده هى من سيفرض الهندسة الجديدة للنظام الإقليمى فى الشرق الأوسط، التى ستكرس الزعامة الإسرائيلية المطلقة وإخراج إيران نهائيا من معادلة التنافس الإقليمى، فشلت فشلاً ذريعاً فى هذه المهمة، والأكثر من ذلك أنها فشلت فى حماية نفسها بمفردها، وأن وجودها أضحى مرهوناً بالدعم والرعاية الأمريكية.
– أن الولايات المتحدة بدخولها طرفا مباشرا فى الحرب على إيران تكون قد نحت إسرائيل من مهمة تزعم قيادة نظام إقليمى جديد على أنقاض النظام العربى يحقق المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وأنها هى، أى الولايات المتحدة ستكون الطرف المباشر المعنى بإدارة التفاعلات الإقليمية بالشرق الأوسط وليس إسرائيل، ما يعنى أن الشرق الأوسط ونظامه الإقليمى لن يكون مسئولية إقليمية بحتة بل سيتم عولمته لأن الوجود الأمريكى سيفتح الأبواب واسعة أمام تسابق القوى العالمية للمنافسة داخل الإقليم خاصة الصين.
– أن إيران لم تنكسر بسبب هذه الحرب، ربما تكون قد منيت بخسائر لكنها، الآن قوة قادرة على المنافسة بعد أن صمدت أمام العدوان الأمريكى – الإسرائيلى، وبعد أن نجحت فى حماية قدراتها النووية وتأكيد استئناف نشاطها النووى مجدداً فى ظل احتفاظها بمخزونها من اليورانيوم العالى التخصيب القادر على إنتاج القنابل النووية، وعزمها على مراجعة علاقتها بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد أن صمد نظامها وأكد أنه عصى على الإسقاط بفضل التلاحم الوطنى غير المسبوق على العكس من الحال الإسرائيلى الذى يشهد فيه المجتمع تفككاً غير مسبوق ونزوحا جماعيا يحمل معالم سقوط الأسطورة.
أين نحن من هذا المشهد؟
أين نحن مصر أولاً، وأين نحن العرب ثانياً؟
لعل الإجابة الأولى التى يجب أن تشغلنا نحن «كل المصريين» هى أن نعود بمصر «عظيمة مجدداً» قادرة على أن تفرض نفسها بمؤهلاتها الهائلة قوة إقليمية كبرى فى وقت تدفع فيه الأحداث المتلاحقة بمصر لتبوؤ هذه المكانة التى تليق بها عن جدارة .
2025-07-02

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي العام
منذ 2 ساعات
- الرأي العام
أردوغان: ترامب سيلتزم بتوريد طائرات إف 35 لنا
أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن اعتقاده بأن نظيره الأمريكي دونالد ترامب سيلتزم بالاتفاق المبرم بين أنقرة وواشنطن وسيتم تسليم بلاده مقاتلات 'إف-35' الأمريكية خلال فترة ولاية ترامب الحالية. جاء ذلك في تصريحات للصحفيين، السبت، على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته من زيارة رسمية لأذربيجان للمشاركة في القمة الـ17 لمنظمة التعاون الاقتصادي. الرئيس التركي أكد على أن ملف مقاتلات 'إف-35' بالنسبة لأنقرة 'ليس مجرد قضية متعلقة بالتكنولوجيا العسكرية بل أيضا خطوة لتأسيس شراكات قوية في المنصات الدولية وعلى رأسها حلف شمال الأطلسي (ناتو)'. وقال إنه يعتقد بأن ترامب 'سيلتزم بالاتفاق الذي أبرمناه وسيتم تسليم تركيا مقاتلات إف-35 بشكل تدريجي خلال فترة ولايته'.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 4 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
أميركا تبدأ التفاوض مع الصين حول تيك توك هذا الأسبوع
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن بدء محادثات رسمية مع الصين هذا الأسبوع، لمناقشة صفقة محتملة تتعلق بتطبيق 'تيك توك' الشهير، في خطوة اعتبرها مراقبون محورية لإنهاء أزمة التطبيق التي أثارت جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة والعالم. وأوضح ترامب في تصريحاته للصحفيين خلال رحلة على متن طائرة الرئاسة، أنه من المقرر بدء المفاوضات يوم الاثنين أو الثلاثاء، مشيراً إلى إمكانية إجراء حوار مباشر مع الرئيس الصيني شي جين بينغ أو مع أحد ممثليه البارزين. وأكد ترامب أن الصفقة 'جاهزة إلى حد كبير'، ما يعكس تقدماً ملموساً في المفاوضات المعقدة. وكانت الولايات المتحدة قد منحت الشركة المالكة لتطبيق تيك توك، 'بايت دانس' الصينية، مهلة حتى 17 سبتمبر أيلول لبيع أصولها في السوق الأميركية، في محاولة لتجنب حظر التطبيق بسبب المخاوف الأمنية المتعلقة بحماية البيانات. الجدير بالذكر أن صفقة سابقة كانت تهدف إلى تحويل عمليات تيك توك في الولايات المتحدة إلى شركة جديدة مملوكة بغالبيتها لمستثمرين أميركيين، لكن الصين عرقلت الاتفاق بعد أن ردت على الرسوم الجمركية العالية التي فرضتها إدارة ترامب على السلع الصينية، ما أدى إلى تجميد التفاهمات حينها. ورغم هذه التحديات، بدا ترامب متفائلاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي، مؤكداً أن واشنطن قد تضطر للحصول على موافقة رسمية من بكين لإتمام الصفقة. ورداً على سؤال الصحفيين حول مدى ثقته في قبول الصين بهذه الصفقة، قال ترامب: 'لست واثقاً تماماً، لكني أعتقد أنها ستتم. علاقتي بالرئيس شي جيدة جداً، وأرى أن هذه الصفقة ستكون مفيدة للطرفين، للصين وللولايات المتحدة'. وتحظى هذه المحادثات بمتابعة كبيرة من قبل مستخدمي تيك توك في أميركا، إضافة إلى المستثمرين في مجال التكنولوجيا، نظراً لتأثيرها المباشر على مستقبل التطبيق في أكبر سوق تكنولوجية في العالم. مع بدء هذه المفاوضات، تدخل أزمة تيك توك مرحلة جديدة حاسمة، قد تحدد ما إذا كان التطبيق سيبقى متاحاً للملايين في الولايات المتحدة، أو سيواجه حظراً شاملاً في حال فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق.


وكالة أنباء براثا
منذ 7 ساعات
- وكالة أنباء براثا
إعلام عبري: أبرز بنود مقترح وقف إطلاق النار في غزة
كشفت وسائل إعلام عبرية، تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، الذي ينص على هدنة لمدة 60 يوما بضمان مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فبحسب ما ذكره موقع "آي 24 نيوز"، فإن المقترح يتضمن المقترح التزام إسرائيل الكامل بوقف إطلاق النار طوال مدة الهدنة، مقابل الإفراج المرحلي عن رهائن إسرائيليين. وتشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح 8 رهائن أحياء في اليوم الأول، وتسليم جثث 5 رهائن قتلى في اليوم السابع، إضافة إلى 5 آخرين في اليوم الثلاثين. كما يشمل المقترح إطلاق رهينتين أحياء في اليوم الخمسين، وإعادة جثث 8 رهائن في اليوم الستين. كذلك ينص المقترح على إدخال مساعدات إنسانية واسعة إلى قطاع غزة فور موافقة حماس على الاتفاق، على أن يتم توزيعها عبر قنوات معتمدة تشمل الأمم المتحدة والهلال الأحمر، وفق اتفاق المساعدات الإنسانية الموقع في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي. ومن المقرر أن تتوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية فور بدء سريان الاتفاق، إلى جانب وقف النشاط الجوي العسكري والاستخباراتي فوق غزة لمدة 10 ساعات يوميا، ترتفع إلى 12 ساعة في أيام الإفراج عن الرهائن. كما ينص الاتفاق على إعادة انتشار القوات الإسرائيلية شمال القطاع في اليوم الأول، وفي جنوب القطاع بعد تسليم جثث الرهائن في اليوم السابع. وخلال فترة الهدنة، تبدأ مفاوضات موسعة بشأن وقف دائم لإطلاق النار، تشمل ترتيبات إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، وآليات الانسحاب العسكري، وضمانات أمنية طويلة الأمد، بالإضافة إلى التفاهمات الخاصة بـ"اليوم التالي" في قطاع غزة. فيما أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المتوقع أن يعلن عن تفاصيل الاتفاق بنفسه، فيما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر إسرائيلي أن الإعلان المشترك مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد يتم خلال لقائهما المرتقب الاثنين المقبل.