
هل ينجح حزب ماسك في استغلال استياء الأميركيين من نظام الحزبَين؟
لكن الجميع لم يخرج منتصراً من هذه المعركة، فكانت الضحية الأبرز صداقة وحلف بدأ في الحملة الانتخابية بين ترمب والملياردير إيلون ماسك. لم يتوان ماسك عن التعبير عن غضبه من إقرار المشروع، لدرجة أعلن فيها فكّ الارتباط مع البيت الأبيض، مُهاجماً ترمب والجمهوريين، ومتوعداً بالتسبب بخسارتهم في الانتخابات من خلال تأسيس حزب ثالث، «حزب أميركا».
يستعرض برنامج تقرير واشنطن -وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»- أسباب الاستياء والقطيعة وتداعياتها، والتحديات المحيطة بتأسيس حزب ثالث في بلاد كرّست نظام الحزبَيْن.
ترمب وماسك في فيلادلفيا 22 مارس 2025 (رويترز)
يعدّ مؤسس مركز الديمقراطية التنافسية، وليفر هال، بأن الخلاف بين ترمب وماسك هو خلاف شخصي إلى حد كبير، وأن جزءاً منه يتعلّق بسياسات حقيقية مرتبطة بقلق ماسك من مشروع الموازنة الجديد الذي سيرفع سقف الدين بمليارات الدولارات، و«هو ما يتعارض مع مهمته السابقة التي كلّفه بها ترمب في دائرة الكفاءة الحكومية (دوغ)»، بالإضافة إلى قلقه من انتهاء الحوافز الخاصة بشراء السيارات الكهربائية.
ويوافق كبير الباحثين في مركز الأخلاقيات والسياسة العامة، هنري أولسن، على أنّ الخلاف بين الرجلَيْن هو مزيج بين الشخصي والسياسي، مشيراً إلى أن ماسك يُفضّل دائماً نهجاً «ليبرتارياً» بعض الشيء في الحكم، يقوم على تقليل الإنفاق الحكومي بشكل أكبر مما يقبله ترمب، كما أنه يؤيّد بشكل كبير الدعم الحكومي للمجالات التي يعدّها مستقبلية؛ مثل: الذكاء الاصطناعي والطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية. ويضيف: «ماسك لا يستثمر في السيارات الكهربائية فقط، وإنما في الطاقة الشمسية والبطاريات وكل منظومة الاقتصاد الجديد للطاقة، وهذا القانون يضر بكل ذلك. لكن لا ننسى الجانب الشخصي أيضاً، فهما شخصيتان قويتان اعتادتا أن تكونا في الصدارة. وفي السياسة، لا يوجد سوى قائد واحد، وهو من يُنتخب، وليس من يتم تعيينه. وأعتقد أن ماسك وجد صعوبة في تقبّل ذلك».
من ناحيته، يقول المستشار السابق في حملة هيلاري كلينتون الانتخابية، كايفن شروف، إنه لم يتفاجأ قط من تدهور العلاقة بين ترمب وماسك، إذ إنهما شخصيتان «ذات حضور قوي اشتهرا بعدم المحافظة على العلاقات». وأضاف: «أعتقد أن ما أغضب ماسك أكثر من السياسة في مشروع القانون، هو طريقة تعامل ترمب معه أمام الجمهور».
وعدّ شروف أن جزءاً من سبب إطلاق «حزب أميركا» مباشرة بعد تمرير القانون وبعد احتفالات الرابع من يوليو (تموز)، مرتبط برغبة ماسك في توجيه ضربة إلى ترمب في الإعلام والعناوين، وسرقة الأضواء منه. وأضاف: «لذا أرى أن الأمر يشبه معركة بين اثنَيْن من أصحاب المليارات لأسباب شخصية صغيرة».
ماسك أعلن تأسيس «حزب أميركا» (رويترز)
يواجه ماسك عقبات كثيرة لتأسيس حزب ثالث. فقبله، سعى كثيرون لخوض سباقات الانتخابات عن حزب ثالث، مثل حزب الخضر والحزب الليبرتاري، لكن قلة منهم تمكنوا من الوصول إلى مقاعد صنع القرار.
ويقول هال الذي يتضمن عمله دعم مرشحين عن أحزاب ثالثة في السباقات الانتخابية لضمان إدراج أسمائهم على اللوائح الانتخابية في الولايات، إن هناك ثلاث عقبات رئيسية أمام ما يحاول ماسك القيام به؛ «الأولى هي عقبة هيكلية متعلقة بأن الولايات المتحدة أُسست على نظام الحزبَيْن، وهو ما يُعرف بنظام (الفائز يأخذ كل شيء). ولهذا، يميل الناخبون إلى الالتفاف حول حزبَيْن رئيسيين. أما العقبة الثانية التي يواجهها فهي عقبة قانونية، متعلقة بالقوانين المختلفة في كل ولاية من الولايات الخمسين للوصول إلى بطاقات الاقتراع». ويفسّر هل «هذه القوانين صعبة جداً لدرجة أن الدخول في السباق يصبح شبه مستحيل لأي مرشح أو حزب ليست لديه ثروة كبيرة؟ وهذه ليس مشكلة لماسك، فهو يملك المال اللازم لذلك. لكنه يحتاج أيضاً إلى التأكد من وجود الأشخاص المناسبين على الأرض لضمان سير الإجراءات بشكل صحيح».
أما العقبة الثالثة فهي سياسية، قائلاً «إن الديمقراطيين والجمهوريين لا يحبون المنافسة، وسيقومون كل ما بوسعهم لمنع أي منافس جديد عبر رفع دعاوى قضائية، والطعن في استمارات الترشيح تحت أي ذريعة كانت، وغالباً ما يوجهون اتهامات بالتزوير في عملية جمع التوقيعات». ويضيف: «بالإضافة إلى ذلك، سيحتاج ماسك إلى استثمار جهد حقيقي في تحديد مرشحين جيدين لخوض الانتخابات في المناصب التي يريد المنافسة فيها. كما سيتعيّن عليه مواجهة مواقف الناخبين الذين اعتادوا على التفكير بأن التصويت لأي شخص غير الجمهوريين أو الديمقراطيين هو تصويت بغير جدوى».
ماسك في حدث انتخابي في ويسكونسن 30 مارس 2025 (رويترز)
يعدّ شروف أن ماسك لا يتمتع بأي فرصة لتأسيس حزب ثالث، لأن أي دعم سياسي له كان مرتبطاً بعلاقته مع ترمب، «وهو فُقد ذلك اليوم». وأشار أن جُلّ ما يفعله الحزب الثالث هو التأثير على حظوظ مرشحي الحزبَيْن الرئيسيَّيْن بالفوز. وأعطى شروف مثالاً على ذلك، في عام 2016 حين فازت مرشحة حزب الخضر، جيل ستاين، بعدد من الأصوات في ثلاث ولايات متأرجحة، كانت لتكون كافية لفوز هيلاري كلينتون بالانتخابات. وأضاف: «نعم، للحزب الثالث دور مؤثر، لكنني لا أرى أن (حزب أميركا) سيصبح حقيقة على الأرض، وإن حصل ذلك فلا أعتقد أنه سيكون له أي تأثير كبير».
ويؤكّد أولسن بدوره أن دور الأحزاب الثالثة «لطالما كان سحب الأصوات من مرشحي الحزبَيْن الرئيسييْن». ويرجح أن يكون المتضرر الأكبر في ذلك هو الحزب الديمقراطي، نظراً إلى غياب مرشحين يستقطبون حماسة الناخبين على خلاف ترمب وحزبه. وقال: «هؤلاء هم الأشخاص الذين يحتاج إليهم الديمقراطيون لاستعادة مجلسي الشيوخ والنواب، الأشخاص الذين ربما صوّتوا لترمب؛ لأنهم لم يحبوا (كامالا) هاريس».
يُسلّط شروف الضوء على تحدٍّ آخر أمام ماسك، وهو أنه لا يملك آيديولوجية واضحة، «سوى ما يخدم مصالحه الشخصية»، على حد تعبيره. ويُفسّر: «لقد كان داعماً كبيراً للديمقراطيين، ثم اتجه إلى ترمب، ثم ابتعد عنه، ولا يوجد لديه تفكير ثابت أو منهج واضح، كما أنه وعد بالكثير من الأمور دون أن ينفذها».
إيلون ماسك لدى مشاركته في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 30 أبريل 2025 (رويترز)
لكن هال يعد أن ماسك يتمتع بفرص أكبر في إحداث فارق في التركيبة السياسية الأميركية، خاصّة في الانتخابات النصفية؛ «لأن لديه المال اللازم لوضع مرشحيه على بطاقات الاقتراع»، مشيراً إلى أنه يريد التركيز على ولايتَيْن لترشيح أعضاء لمجلس الشيوخ، وثماني ولايات يمكنه فيها دعم مرشحين لمجلس النواب.
وأضاف: «هو قادر على ذلك، وأعتقد أنه يمكنه النجاح. يمكنه إنفاق المال اللازم ليخوض مرشحوه حملات انتخابية قوية. لكن عليه أن يجد مرشحين حقيقيين، وليس مجرد أشخاص يظهرون بشكل مفاجئ ويقررون الترشح. يجب أن يكون لديه مرشحون حقيقيون وشرعيون إذا أراد لهذا الأمر أن ينجح». ويشير هال إلى وجود رغبة كبيرة بين الناخبين الأميركيين لتأسيس حزب ثالث، ورؤية خيارات أكثر على بطاقات الاقتراع، وذلك بحسب استطلاعات الرأي. وتابع: «الناس يريدون المزيد من الخيارات عند التصويت، وماسك يمكنه تقديم هذه الخيارات لهم».
لكن أولسن أشار إلى تحدٍّ من نوع آخر، فقال: «الناس مهتمون بحزب ثالث بشكل عام؛ لكن هذا لا يعني أنهم سيدعمون حزباً ثالثاً بشكل فعلي. لأن ما قد يريده (الجمهوري) من الحزب الثالث قد يختلف عما يريده (الديمقراطي) منه. وهذا هو التحدي الذي يواجهه ماسك، أي تحويل هذا الدعم المحتمل إلى دعم حقيقي عندما يطلب من الناخبين تبني مجموعة معينة من الأفكار ونوعية معينة من الأشخاص». ويختتم متسائلاً: «هنا نصل إلى مسألة من سيكون المرشحون؟ وما البرامج التي سيقدمونها؟».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 20 دقائق
- أرقام
لوسِد تحذر: الرسوم الجمركية سترفع أسعار السيارات في أمريكا
شعار شركة لوسد حذر الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة "لوسد جروب" من أن الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس "دونالد ترامب" سترفع تكاليف تصنيع السيارات، حتى في الولايات المتحدة. وقال "مارك وينترهوف"، في مقابلة مع "بلومبرج" الإثنين: " بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، ستكون السيارات أغلى ثمناً في ظل نظام الرسوم الجمركية. لا توجد طريقة لتفادي ذلك، مع عولمة سلاسل الإمداد". وأضاف من مصنع "باناسونيك هولدينجز" الجديد للبطاريات في ولاية كانساس، أن صانعة السيارات الكهربائية تعمل حاليًا مع شركة الإلكترونيات اليابانية على إيجاد طرق لتوفير المزيد من المواد الخام لمكونات البطاريات من داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، أوضح "وينترهوف" أن "لوسِد" لن تستخدم الخلايا المنتجة في هذا المصنع في سياراتها قبل العام المقبل. دخلت "لوسِد" في شراكة مع "باناسونيك" منذ عام 2022 لتزويدها بالبطاريات، لكن "وينترهوف" أشار في ختام حديثه إلى أن هذه الشراكة كانت مجدية اقتصاديًا قبل فرض الرسوم الجمركية، بفضل الحوافز الحكومية التي ساعدت آنذاك في خفض التكاليف.


صحيفة سبق
منذ 20 دقائق
- صحيفة سبق
ارتفاع أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية
ارتفعت أسعار الذهب اليوم، قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية في وقت لاحق من اليوم، والتي تُلقي مزيدًا من الضوء على مسار أسعار الفائدة. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.1 % ليصل إلى 3346.94 دولارًا للأوقية، واستقرت العقود الأمريكية الآجلة للذهب عند 3355.60 دولارًا. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3 % إلى 38.24 دولارًا للأوقية، وزاد البلاتين 0.3 % إلى 1368.30 دولارًا، وصعد البلاديوم 0.1 % إلى 1194.52 دولارًا.


الاقتصادية
منذ 22 دقائق
- الاقتصادية
رئيس "لوسيد" يحذر من ارتفاع الأسعار حتى للسيارات الأمريكية الصنع
حذر رئيس شركة "لوسيد غروب" مارك وينترهوف، من أن الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ستؤدي إلى زيادة تكاليف تصنيع السيارات، حتى تلك المنتجة داخل الولايات المتحدة. أوضح مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي المؤقت للشركة، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" يوم الإثنين، أن الطبيعة العالمية لسلسلة توريد صناعة السيارات تفرض على الشركات الأمريكية استيراد المواد الخام وبعض المكونات من دول أخرى. وأضاف: "بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، فإن السيارات ستصبح أغلى ثمناً في ظل نظام الرسوم الجمركية، ولا مفر من ذلك.. هناك سبباً وجيهاً يجعل سلسلة التوريد بهذا المستوى من العولمة". استراتيجية "لوسيد" لخفض التكاليف تسعى شركة تصنيع السيارات الكهربائية، ومقرها مدينة نيوآرك في ولاية كاليفورنيا، إلى خفض التكاليف من خلال توطين جزء أكبر من سلسلة التوريد الخاصة بها، لا سيما فيما يتعلق بالمواد الخام المستخدمة في بطاريات الليثيوم أيون. في هذا الصدد، وقعت "لوسيد" في يونيو الماضي اتفاقاً مع شركة "غرافيت وان" (Graphite One) لتعزيز إمداداتها من الغرافيت المعالج داخل الولايات المتحدة، وهو مكون رئيسي للبطاريات. وتحظى "لوسيد" بشراكة ممتدة منذ عام 2022 مع شركة الإلكترونيات اليابانية "باناسونيك هولدينغز" (Panasonic Holdings) لتزويدها بالبطاريات، بما في ذلك خلايا "2170" المستخدمة على نطاق واسع في السيارات الكهربائية. وأوضح وينترهوف أن هذه الشراكة كانت مجدية اقتصادياً قبل فرض الرسوم الجمركية، بفضل حوافز الإنتاج الصناعي المتقدم التي ساهمت في تغطية التكاليف. توطين سلسلة التوريد أوضح وينترهوف، خلال زيارته لأحدث مصنع بطاريات تابع لشركة "باناسونيك" في دي سوتو بولاية كانساس، إن "لوسيد" تعمل حالياً مع "باناسونيك" لإيجاد سبل لتوفير مزيد من المواد الخام اللازمة لخلايا البطاريات في الولايات المتحدة. مع ذلك، لن تستخدم "لوسيد" الخلايا المصنعة في المنشأة الجديدة ضمن سياراتها حتى العام المقبل. وأضاف: "لا بد أن أقول، وآمل أن يصل هذا إلى باناسونيك، إن هناك مجالاً للتحسين، لكن في الوقت الراهن، وفي ظل الرسوم الجمركية، تُعتبر هذه الخطوة إيجابية للغاية بالنسبة لنا".