
ضرورة إيجاد مقاربة أكثر حكمة لتنظيم الذكاء الاصطناعي
ورغم الأثر الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية في مجالات مثل البرمجيات والتسويق والإدارة، فإن انتشاره الواسع يثير مخاوف حقيقية بشأن تداعياته السلبية، بدءاً من التحيزات الخوارزمية وصولاً إلى التزييف العميق ونشر المعلومات المضللة. وقد لفتت واقعة إشادة روبوت المحادثة «غروك» بأدولف هتلر مؤخراً إلى حجم التعقيدات والتحديات المتنامية في هذا المجال.
وحتى الآن، أخفقت الهيئات التنظيمية والمشرّعون حول العالم في إدراك الأبعاد الكاملة لتحديات الذكاء الاصطناعي. ورغم إقدام أكثر من 30 حكومة على وضع أشكال مختلفة من الإجراءات التنظيمية منذ عام 2016، وفقاً لإحصاءات اليونسكو، فإن معظم هذه المبادرات لم ترقَ إلى مستوى يواكب سرعة التطورات والتعقيدات المتزايدة في هذه القضية المحورية. ومع ذلك، لا تزال هناك فرصة حقيقية لتبني نهج أكثر فعالية وواقعية.
وفي المشهد الأمريكي، منحت إدارة ترامب الأفضلية للابتكار على حساب الضوابط التنظيمية، معتبرة الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية للحفاظ على التفوق التكنولوجي أمام الصين. ورغم عدم إقرار تشريعات فيدرالية بهذا الشأن، سارعت الولايات لسد الفراغ التشريعي، وبحسب المؤتمر الوطني للهيئات التشريعية فقد قدّمت 45 ولاية ما لا يقل عن 550 مشروع قانون هذا العام تناولت قضايا مثل الخصوصية والأمن السيبراني وسوق العمل والتعليم والسلامة العامة.
وبلغ القلق مبلغه بعمالقة صناعة الذكاء الاصطناعي من هذا النهج المجزأ إلى حد الضغط على الكونغرس الأمريكي لفرض تجميد مؤقت لمدة عقد كامل على كافة التشريعات المحلية في هذا المجال، غير أن مجلس الشيوخ رفض هذا المقترح المتهور الذي كان مدرجاً ضمن «مشروع القانون الكبير والجميل»، وذلك بأغلبية ساحقة بلغت 99 صوتاً مقابل صوت واحد. ومع ذلك، فإن الخطوة المنطقية القادمة تتمثل في قيام الكونغرس ذاته بصياغة تشريع فيدرالي شامل يغني عن الحاجة لهذا النشاط التشريعي المتفرق بين الولايات، حيث لا يستقيم منطقياً أن تتبنى كل ولاية أمريكية قواعد مختلفة بشأن قضايا محورية كالمركبات ذاتية القيادة، بل يتعين تطبيق معايير موحدة على المستوى الوطني، أو الدولي إن أمكن.
وفي حين تواجه واشنطن مخاطر قصور تنظيمي للذكاء الاصطناعي، يتجه الاتحاد الأوروبي نحو الإفراط في تقييد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من خلال قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي الذي يجري تفعيله بصورة تدريجية. وقد أطلقت اتحادات الشركات الناشئة والقطاعات الصناعية الأوروبية تحذيرات من أن الأحكام الفضفاضة للقانون تفرض أعباءً غير متناسبة على المؤسسات الصغيرة وستكرس هيمنة الشركات الكبرى القائمة، إلا أن الاتحاد الأوروبي مضى قدماً - متجاهلاً حملات الضغط المكثفة - في إطلاق مدونة الممارسات الخاصة بالذكاء الاصطناعي متعدد الأغراض الأسبوع الماضي.
ويثير خبراء التكنولوجيا مخاوف جدية حول التحديات العملية المرتبطة بمحاولات تنظيم التكنولوجيا الأساسية للذكاء الاصطناعي بدلاً من التركيز على تطبيقاتها المختلفة، فعلى الرغم من النوايا المحمودة التي تحرك المشرعين الأوروبيين، إلا أن قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي قد يؤدي إلى تقييد حركة الشركات الأوروبية الساعية لاستثمار الإمكانات الهائلة لهذه التقنية. وتتزايد مخاوف الشركات الناشئة من أنها قد تجد نفسها مضطرة لتخصيص موارد مالية للمستشارين القانونيين تفوق ما تنفقه على مهندسي البرمجيات لمجرد الالتزام بالمتطلبات القانونية.
ويرى الخبراء أنه عوضاً عن محاولة تنظيم الذكاء الاصطناعي كتصنيف مستقل بذاته، من الأجدى التركيز على التطبيقات المتنوعة لهذه التكنولوجيا وإجراء التعديلات اللازمة على الأطر التشريعية القائمة، حيث يمكن توظيف سياسات المنافسة للحد من ظاهرة تركز النفوذ المؤسسي بين عمالقة شركات الذكاء الاصطناعي. كما ينبغي تطوير الأنظمة الحالية المتعلقة بحماية المستهلك والقطاع المالي وسوق العمل لصون الحقوق التي كرستها التشريعات منذ أمد بعيد.
وبدلاً من الاعتماد على تشريعات واسعة النطاق يصعب تطبيقها وإنفاذها، سيكون النهج الأكثر حكمة هو التركيز على الحد من مخاطر محددة وملموسة في العالم الواقعي، مع ضمان آليات مساءلة فعالة للجهات التي تستخدم هذه التكنولوجيا. وتكشف نتائج استطلاعات الرأي في مختلف الدول الغربية عن مخاوف مشروعة لدى المستخدمين إزاء التوسع العشوائي في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن شأن وضع قواعد أكثر تحديداً ووضوحاً وقابلية للتطبيق أن تسهم في تعزيز ثقة المستهلكين وتسريع وتيرة توظيف هذه التقنية بما يعود بالنفع على المجتمع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
استطلاع يكشف "تغيرا عالميا" في شعبية ترامب وشي جين بينغ
وأوضحت نتائج استطلاع، شمل 24 دولة، أن الفجوة في الرأي العام العالمي بين القوتين العظميين وقادتهما أصبحت أضيق مما كانت عليه منذ عام 2020، في تحول كبير عن السنوات الأخيرة التي كانت فيها الولايات المتحدة ورئيسها السابق جو بايدن يحظيان بآراء أكثر إيجابية من الصين ورئيسها. وكشف الاستطلاع أن الولايات المتحدة حظيت بتقدير أكبر من الصين في ثماني دول، بينما نالت الصين آراء أكثر إيجابية في سبع دول، وكانت النظرة متقاربة بين الدولتين في الدول المتبقية. ولم يقدم المركز تفسيرات قاطعة لهذا التغير، لكن لورا سيلفر، نائبة مدير الأبحاث في المركز، قالت إنه من الممكن أن تتغير نظرة الشعوب إلى دولة ما عندما تتغير نظرتهم إلى قوة عظمى أخرى. وأضافت: "عندما تبدو الولايات المتحدة شريكا أقل موثوقية، وعندما يكون لدى الناس ثقة محدودة، مثلا، في قدرة ترامب على قيادة الاقتصاد العالمي، فقد تبدو الصين مختلفة في نظر بعضهم". وفي سياق متصل، اتهم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين هذا الأسبوع إدارة ترامب بالتنازل عن النفوذ العالمي للصين، من خلال إغلاق برامج المساعدات الخارجية، وفرض رسوم جمركية على الحلفاء، والتضييق على الجامعات النخبوية، وفرض قيود على منح التأشيرات للطلبة الدوليين. وفقا لنتائج استطلاع بيو، فإن 35 بالمئة فقط من المواطنين في 10 دول ذات دخل مرتفع مثل كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، لديهم آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة، انخفاضا من 51 بالمئة في العام الماضي. وفي المقابل، قال 32 بالمئة إن لديهم آراء إيجابية تجاه الصين، بارتفاع عن 23 بالمئة في العام الماضي. وأعرب 24 بالمئة فقط عن ثقتهم في ترامب، مقارنة بـ 53 بالمئة أعربوا عن ثقتهم في بايدن العام الماضي. أما الرئيس الصيني شي جين بينغ فحقق تحسنا طفيفا، إذ أعرب 22 بالمئة في هذه الدول الغنية عن ثقتهم فيه، مقارنة بـ 17 بالمئة في العام الماضي. لكن الوضع كان مختلفا في إسرائيل، حيث أظهر الاستطلاع أن الإسرائيليين ما زالوا يفضلون الولايات المتحدة على الصين بفارق كبير، حيث أن 83 بالمئة من الإسرائيليين لديهم نظرة إيجابية تجاه الولايات المتحدة، مقابل 33 بالمئة فقط تجاه الصين. كما قال 69 بالمئة من الإسرائيليين إنهم يثقون في ترامب، بينما عبر 9 بالمئة فقط عن ثقتهم في شي جين بينغ. جدير بالذكر أن استطلاع مركز بيو شمل أكثر من 30 ألف شخص، وأجري بين 8 يناير و26 أبريل.


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
الرئيس الصيني يحث «منظمة شنغهاي» على تعزيز آليات الأمن
حث الرئيس الصيني شي جين بينغ، «منظمة شنغهاي» للتعاون على تحسين آليات الاستجابة للتهديدات والتحديات الأمنية، وذلك في اجتماع مع وزراء خارجية ورؤساء وفود موجودين في الصين؛ لحضور اجتماع للمنظمة أمس الثلاثاء. وعلى هامش الاجتماع، التقى شي رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، كما اجتمع بوزراء خارجية منظمة شنغهاي، ناهيك عن اجتماعات منفردة جانبية، كان أبرزها ذلك الذي جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. في لقائه رئيس الوزراء الأسترالي، أوضح الرئيس الصيني أنه بفضل الجهود المشتركة التي يبذلها الجانبان، تعافت العلاقات بينهما من مستواها المتدني وحققت تحولاً إيجابياً في السنوات القليلة الماضية، ما جلب منافع ملموسة لشعبي البلدين. من جانبه رحب ألبانيزي «بالفرصة التي أتيحت له لتوضيح وجهات نظر أستراليا ومصالحها»، وقال إن «أستراليا تقدر علاقاتها مع الصين وستواصل التعامل معها بطريقة هادئة ومتسقة، مسترشدة بمصالحنا الوطنية». على صعيد آخر التقى الرئيس الصيني، وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون، وأشار إلى أنه على مدى السنوات الأربع والعشرين الماضية نمت المنظمة لتصبح ناضجة وقوية، وأظهرت حيوية كبيرة. وأكد أنه في مواجهة المشهد الدولي المضطرب والمتقلب، يجب على المنظمة أن تظل مركزة على تحقيق أهدافها، وتظل واثقة، وتعمل بكفاءة. وفي لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أكد أنه يتعين على البلدين «تعزيز الدعم المتبادل في المنتديات المتعددة الأطراف»، وكذلك «توحيد بلدان الجنوب العالمي والمساهمة في تنمية النظام الدولي في اتجاه أكثر عدلاً». (وكالات)


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
رغم فوضى "إكس" و"غروك".. ماسك يفوز بعقد قيمته 200 مليون
والأربعاء الماضي، أعلنت ليندا ياكارينو، المديرة التنفيذية لمنصة " إكس"، استقالتها من منصبها، بعد أن قال روبوت " غروك" إنه "نازي خارق"، وفقا لما ذكرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية. وكانت ياكارينو أول مديرة تنفيذية لمنصة "إكس" (تويتر سابقا) بعد أن اشتراها ماسك سنة 2022. وحوّل ماسك منصة "إكس"، حسبما قالت "ذا غارديان" إلى منبر يستخدمه للتعبير عن تذمره، ودعم الرئيس دونالد ترامب، ثم الصراع معه، وللترويج لشركاته، بدلا من جعله مركزا لجذب المواهب أو تطبيق "كل شيء" كما روجّ له سابقا. وأشارت الصحيفة إلى أن "إكس" ومنذ استحواذ ماسك عليه، دخل في دوامة من الديون والتراجع، وبلغت ديون المنصة 13 مليار دولار بعد هروب المعلنين. أزمة "غروك" أثارت أداة المحادثة التابعة لشركة "إكس أي آي"، التي يملكها ماسك، موجة من الجدل بعد أن وصف "غروك" نفسه بـ"ميكا هتلر"، وأطلق منشورات وصفتها "ذا غارديان" بأنها "عنصرية، تمييزية ضد المرأة، ومعادية للسامية". ووفقا للصحيفة نفسها، وصف "غروك" شخصا يحمل اسما يهوديا بأنه "يحتفي بموت أطفال البيض" في فيضانات تكساس، ووصفهم بأنهم "فاشيون". وفي وقت سابق، أعلنت السلطات التركية حظر التطبيق في البلاد، بسبب ما قالت إنه إهانة لرموز الدولة التركية. وحذفت الشركة هذه المنشورات لاحقا، واعتذرت عن "السلوك الفظيع" للروبوت، ووعدت بتحسين أداء "غروك". حصل ماسك، الإثنين، على عقد حكومي جديد بقيمة 200 مليون دولار، مع وزارة الدفاع الأميركية لتطوير وتنفيذ أدوات ذكاء اصطناعي لصالح المؤسسة العسكرية. ويشبه هذا العقد ما حصلت عليه شركات مثل " غوغل"، و"أوبن إيه آي"، و"أنثروبيك" لتطوير منتجات ذكاء اصطناعي. أشارت "ذا غارديان" في تقريرها إلى أن إمبراطورية ماسك دخلت في دوامة من الاضطرابات، بعد إعلانه عزمه على إنشاء حزب سياسي مستقل. وتواجه شركته "إكس أي آي" مشاكل مالية، في وقت تدهورت فيه مبيعات " تيسلا"، كما تواجه مركبات الشركة ذاتية القيادة تحقيقات فيدرالية. وأوردت "ذا غارديان" أيضا حالات فشلت فيها عمليات إطلاق صواريخ " سبيس إكس" التابعة لماسك أيضا.