
سلاح "حزب الله" هل يُدخِل لبنان في أيلول آخر؟
"حرب لبنان الثالثة"، كما أطلق عليها الإسرائيلي، والتي بدأها في 27 أيلول / سبتمبر الماضي مع تنفيذ عملية اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، كانت نتيجة الرفض الإسرائيلي للمقترحات الدولية التي قدمت له لتهدئة الجبهة الشمالية، حيث كان "حزب الله" هو من افتتحها بعدما قرر الدخول في جبهة إسناد لحركة "حماس" في قطاع غزة على اعتبار أنّه يريد ضبط قواعد اللعبة التي تفلتت منها إسرائيل، وكانت الحرب الكبرى.
اليوم المشهدية مختلفة، إذ بعد مرور أشهر على توقيع اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني / نوفمبر على أساس تطبيق القرار الرقم 1701 بكل بنوده، والتزام الحزب بنوده وانتشار الجيش في مختلف المناطق الجنوبية، لا تزال الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان مستمرة تحت ذريعة ضرب مواقع ومخازن واغتيال شخصيات تابعة لـ"حزب الله"، رغم رفع الديبلوماسية اللبنانية الصوت عالياً منددة بهذه الاعتداءات، داعية الدول المعنية الى التدخل لوقفها وللمطالبة بانسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة في لبنان.
يعيش لبنان الرسمي والشعبي حالة من عدم الاستقرار المتعلّقة بموضوع "تسليم حزب الله لسلاحه"، وحصره في يدّ الدولة اللبنانية. هذا ما جلب حركة ديبلوماسية نشطة من الدول المعنية من أجل الهدف نفسه، وهذا ما شكّل جبههّ معارضة داخلية يترأسها رئيسا الجمهورية جوزف عون والحكومة نواف سلام، في المطالبة بحصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية بدعم مطلق من كتل نيابية على رأسها كتلة التيار الوطني الحرّ التي تعتبر الحليف التاريخي لـ"حزب الله".
أمام حركة الجهود الديبلوماسية وعلى وقع الاعتداءات وآخرها قيام وحدات من جيش العدو صباح الجمعة 4 تموز / يوليو الجاري بالدخول الى بلدة كفركلا الجنوبية، والإقدام على تفخيخ 3 منازل تعود إلى مواطنين لبنانيين وتفجيرها، يتمسّك "حزب الله" بسلاحه على اعتبار أنّه يجد فيه وظيفة للدفاع عن لبنان، بعدما فقد وظيفته الإقليمية كخط الدفاع الأول عن إيران ومصالحها ونفوذها في المنطقة. تطرح الإشكالية هل لبنان أمام أيلول أسود جديد سيشهد على حرب تدميرية جديدة؟ أم أن المشاهد اليومية التي تحمل المزيد من التشنجات حول هذا الموضوع ستدخل البلاد في حرب أهلية؟
حدّثت إسرائيل من أهدافها داخل لبنان، وعلى ما يبدو لم يعد من أولوياتها إعادة مستوطنيها إلى المناطق في شمال فلسطين المحتلة، بل أدرجتها من ضمن المشروع الأميركي الأوسع للمنطقة. وأهداف إدارة ترامب على تحقيق المشروع الإبراهيمي وتوسيع دائرة الموقعين عليه. لهذا لم يعد قرار المبادرة بالحرب وإشراك واشنطن فيها متاحاً، بل أصبح الأمر في عهدة الرئيس الأميركي، وإن الزيارات المكوكية التي يجريها نتنياهو إلى البيت الأبيض للقاء ترامب ليست بهدف التشاور في شؤون المنطقة، بقدر ما تتعلّق بما على إسرائيل القيام به.
يزور نتنياهو البيت الأبيض والتوقعات ذاهبة نحو إلزام الرجل قبول صفقة وقف النار في غزة، على اعتبار أن لا أهداف جديدة يجب تحقيقها، وأن الرؤية الأميركية لم يعد يناسبها احتلال القطاع ولا تهجير سكانه. رجح الرئيس ترامب، الجمعة 4 تموز / يوليو، ردّ "حماس" على مقترح الهدنة في غزة. ونقلت وكالة "رويتزر" عن ترامب إنه يريد "الأمان" لسكان قطاع غزة بقوله: "أريد الأمان للناس في غزة، هذا هو الأهم".
الأكيد أنّ هذا ليس هو الأهم بالنسبة إلى ترامب، وإلا لكان باستطاعته "لجم" نتنياهو عن ارتكابه المزيد من الجرائم، فالأهم لديه هو إدارة الصراع في المنطقة بشكل عام على قاعدة تعبيد الطريق أمام تسويات طويلة الأمد. وإن هذه التسويات التي تأتي تحت مسمى "الاتفاق الإبراهيمي" تستند إلى فرض التطبيع أو الهدنة بين الدول العربية وإسرائيل على اعتبار إزالة شتى أشكال التهديدات التي كانت تتمثل بمدّ النفوذ الإيراني في المنطقة.
تحتاج الولايات المتحدة إلى تهدئة الجبهات على قاعدة فرض التسويات تحديداً على الجبهة الجنوبية في لبنان، من خلال إبعاد خطر سلاح الحزب وصواريخه. لهذا بدّلت إدارة ترامب في "اللهجة" الديبلوماسية وتعاطيها شأن سحب السلاح وحصره بالدولة ومؤسساتها. لهذا استبدلت الموفدة مورغان أورتاغوس صاحبة اللهجة التهديدية، بالموفد توماس باراك من الأصول اللبنانية، والذي يسير على التوجه العام نفسه للإدارة الأميركية إلا أنّه يستخدم اللغة الألطف ديبلوماسياً في المطالبة بضرورة سحب السلاح، وهذا ما شغل الساحة اللبنانية بكل أطيافها للردّ على مقترحاته.
سحب السلاح ليس مطلباً أميركياً وحسب، بل يعتبر حاجة للسير بالبلاد قدماً نحو الازدهار وإعادة الإعمار، بعدما شهد عهد جوزف عون انفتاحاً خليجياً مشروطاً بتقليص نفوذ الحزب في الدولة اللبنانية وتحويله إلى حزب سياسي. لقد لاحظت القوى السياسية خفوض مستوى التواصل السعودي مع الداخل اللبناني، سواء عبر القنوات الديبلوماسية أو السياسية، في وقت كان ينتظر فيه تعزيز الانخراط السعودي لدعم المرحلة الجديدة.
لقد فقد السلاح وظيفته، وما بات اللبناني يشاهد من مظاهر مسلحة في بيروت ضمن ممارسة الشعائر الدينية، بدأ يطرح لدى البعض أسئلة حول الرسائل التي يريد توجيهها الحزب، هل هي للداخل اللبناني لإرباك الساحة عبر التهديد بـ6 أيار جديد بعد التي افتعلها عام 2008؟ أم أنها رسالة إلى الموفد الأميركي في دلالة على أن موضوع سحب السلاح غير قابل للتفاوض ولا نقاش فيه، ما دانت إسرائيل لم تنسحب من لبنان ولم تلتزم بنود القرار رقم 1701؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 29 دقائق
- ليبانون 24
مفاجأة عن مخزون إيران من اليورانيوم... ماذا كشف مسؤول إسرائيليّ؟
ذكر موقع "الميادين"، أنّ مسؤولاً إسرائيليّاً قال في تصريحات لصحيفة " وول ستريت جورنال" الأميركية، إنّ " رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، نيّة تل أبيب توجيه ضربات لإيران، في حال استأنفت سعيها لامتلاك سلاح نووي". في المقابل، نقلت الصحيفة عن المسؤول الإسرائيلي ، أنّ ترامب ردّ بالقول إنّه يفضل حلاً دبلوماسياً مع طهران ، لكنه لم يُبدِ معارضة للخطة الإسرائيلية. وبيّن المسؤول أن إسرائيل لن تسعى بالضرورة للحصول على موافقة أميركية لاستئناف مهاجمة إيران. وفي السياق عينه، أشار المسؤول الإسرائيلي إلى أنّ "إسرائيل تأكّدت أن بعض مخزون طهران من اليورانيوم في أصفهان نجا من الهجوم". وكانت وكالة "أسوشييتد برس" نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ "البنتاغون لم يحسم بعد نتائج ضربته الجوية على منشآت إيران النووية، والتي نفّذتها واشنطن في 22 حزيران الماضي". وأكّد المسؤولون "غياب أدلّة واضحة على تدمير البنية التحتية الحسّاسة بالكامل"، في وقتٍ تتضارب تقديرات الاستخبارات الأميركية بشأن تأثير الضربة على برنامج طهران النووي. (الميادين)

القناة الثالثة والعشرون
منذ 35 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
لخنق سوريا ولبنان.. إسرائيل تخطط لإقامة حزام أمني من شبعا إلى القنيطرة
أفادت مصادر أهلية سورية بأن إسرائيل تخطط لإقامة منطقة عازلة في الأراضي الواقعة ضمن الحدود الثلاثية السورية اللبنانية الإسرائيلية، في خطوة تستهدف تعزيز سيطرتها الأمنية على هذه المنطقة الاستراتيجية. وتشمل المنطقة العازلة التي تخطط إسرائيل لإقامتها ضمن الحدود الثلاثية المشتركة أجزاء من جبل الشيخ والقنيطرة، مما يعني أن هذه المنطقة تستهدف إنشاء حزام أمني يمتد من الغرب (مزارع شبعا) إلى الشرق (راشيا وعين عطا)؛ لمنع أي تقدم عسكري محتمل من لبنان أو سوريا. وقالت المصادر إن سيطرة إسرائيل على مناطق الحدود الثلاثية المشتركة سيمكن الجيش الإسرائيلي من الإشراف الناري بشكل كامل على المدن اللبنانية والسورية كافة المحاذية للمنطقة العازلة التي تخطط إسرائيل لإقامتها. وكان الجيش الإسرائيلي احتل مساحات واسعة من الأراضي اللبنانية التي تقع قرب الحدود الثلاثية المشتركة، ومنها مزارع شبعا ومرتفعات راشيا، كما قام بتوسيع الطرق في المنطقة وإنشاء مهبط للطائرات المروحية المقاتلة. وأوضحت المصادر أن إنشاء مهبط خاص بالمروحيات سيتيح لإسرائيل إمكانية نشر قوات سريعة الاستجابة وإجراء دوريات جوية لمراقبة الحدود مع لبنان وسوريا، في حين يهدف توسيع الطرق إلى تسهيل حركة الدبابات والمركبات العسكرية، مما يعزز قدرات الجيش الدفاعية والهجومية في حالة التصعيد مع البلدين. وأكدت المصادر أن السيطرة الأمنية الإسرائيلية على مزارع شبعا، وهي منطقة متنازع عليها بين لبنان وسوريا، تُعد نقطة استراتيجية قرب الحدود الثلاثية المشتركة، الأمر الذي يجعلها هدفًا للرقابة الإسرائيلية المشددة لمنع تهريب الأسلحة عبرها إلى ميليشيا حزب الله. ولفتت المصادر إلى أن التوسع العسكري الإسرائيلي بعد اتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان، بما في ذلك إنشاء مهبط مروحيات وتوسيع الطرق، يعكس أيضا عدم نية إسرائيل الانسحاب من المنطقة مستقبلا. يشار إلى أن توسيع البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية والسورية قد يشكل خطوة تمهيدية لتوسيع الاستيطان أو فرض سيطرة دائمة، خاصة مع ضعف السلطة السورية الجديدة، وكذلك الحال بالنسبة للسلطة في لبنان. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ 39 دقائق
- النهار
نتنياهو أبلغ ترامب: سنضرب إيران إذا استأنفت نشاطها النووي
نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تل أبيب ستضرب إيران إذا استأنفت نشاطها النووي. وكشفت الصحيفة أن ترامب لا يعارض طلب نتنياهو، لكنه يفضل حلاً ديبلوماسياً. وقال مسؤول إسرائيلي: "إسرائيل لن تسعى بالضرورة للحصول على موافقة أميركية لاستئناف مهاجمة إيران". وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، قد أكّد أمس أن إيران قادرة على الوصول إلى المواقع الحيوية الأميركية في المنطقة. وقال، عبر "إكس": "وجّهت إيران صفعة لأميركا، إذ هاجمت إحدى قواعدها المهمة في المنطقة (قاعدة العديد)، ملحقة أضراراً بها". الضربة الإيرانية لقاعدة العديد في قطر أصابت قبّة للاتصالات قيمتها 15 مليون دولار (صور) تُظهر الصور الملتقطة منذ 25 حزيران أن القبة قد اختفت، مع ظهور بعض الأضرار على مبنى قريب. ويبدو باقي القاعدة سليمًا إلى حد كبير في الصور. وأضاف: "إيران تملك القدرة على الوصول إلى المواقع الحيوية الأميركية في المنطقة عندما ترى ذلك مناسباً".