
غزة.. عشرات الشهداء في مجازر إسرائيلية جديدة و'مفاوضات' تثير الجدل
مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ639، تتصاعد حصيلة الضحايا الفلسطينيين بشكل مروع، حيث استشهد عشرات الفلسطينيين في غارات إسرائيلية جديدة منذ فجر اليوم، تزامنًا مع حديث عن مفاوضات وقف إطلاق نار تلوح في الأفق وتوترات سياسية داخلية في إسرائيل حول مستقبل القطاع.
فقد ارتفعت أعداد الشهداء لتصل إلى 71 فلسطينيًا في غارات جوية استهدفت مناطق متفرقة من غزة، بما في ذلك مخيم البريج والمواصي وحي الشيخ رضوان. كما سقط 5 شهداء في قصف إسرائيلي بحي الرمال و3 آخرين في حي الصفطاوي، بالإضافة إلى شهيدين برصاص قوات الاحتلال في سالم شرق نابلس.
على الجانب الإسرائيلي، أفادت التقارير بإصابة جنديين إسرائيليين إثر استهداف مركبة شمال قطاع غزة بصاروخ مضاد للدروع، بينما سُجلت حالة انتحار لجندي إسرائيلي بسبب معاناته من الخدمة العسكرية المتواصلة والأعراض النفسية الناتجة عن القتال، ليرتفع بذلك عدد حالات انتحار الجنود منذ بدء الحرب إلى 43 جندياً.
وتأتي هذه التطورات الميدانية في ظل تحركات سياسية، حيث أشار مسؤولون أمريكيون إلى رغبة الرئيس السابق دونالد ترامب في التوصل لاتفاق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول شروط إنهاء الحرب في غزة وملف 'اليوم التالي' لها، وهو ما يعتبر محور لقائهما المرتقب. فيما يلمح وزراء إسرائيليون إلى اهتمام نتنياهو بصفقة تبادل للأسرى، بينما يؤكد نتنياهو عزمه على توسيع السلام في المنطقة واستعادة جميع الرهائن والقضاء على القدرات العسكرية لحماس.
على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، كشفت الأنباء عن جدل حاد بين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير بشأن المناطق الإنسانية والجهة التي ستتحكم في غزة ما بعد الحرب، حيث يعارض نتنياهو حكم حماس أو أي دور للسلطة الفلسطينية. كما يشتد الخلاف بينهما حول تجنيد الحريديم.
وتتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، فقد حذر برنامج الغذاء العالمي من أن معظم العائلات في مدينة غزة بالكاد تحصل على وجبة واحدة يوميًا، وأن الخوف من المجاعة مرتفع للغاية. كما أعلنت المستشفيات الميدانية في غزة عن زيادة في الوفيات بسبب نقص الوقود الذي يعيق عمل الأقسام الحيوية.
وفي سياق المقاومة، أعلنت كتائب الناصر صلاح الدين استهداف آليات وجنود إسرائيليين شمال خان يونس بقذائف الهاون. دوليًا، دعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا خلال قمة بريكس إلى إنهاء تجاهل ما وصفه بـ'الإبادة الجماعية' التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- المغرب اليوم
نتنياهو في واشنطن بالتزامن مع استئناف مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل في الدوحة ووسط ضغوط دولية لإنهاء الحرب على غزة
وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الأميركية واشنطن، يوم الاثنين، للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، في محاولة لدفع جهود التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة في قطاع غزة، ويؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس. ومن المقرر أن يعقد نتنياهو اجتماعات مع كل من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لمناقشة تفاصيل مقترحات اتفاق وقف إطلاق النار المطروحة. وصرّح نتنياهو قبيل مغادرته مطار بن غوريون بأن هذه الزيارة قد تُسهم في التوصل إلى اتفاق شامل "وفق الشروط التي تقبلها إسرائيل". في غضون ذلك، أكّد مسؤول فلسطيني أن وفدي حماس وإسرائيل استأنفا، قبل ظهر اليوم، مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة، بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية. وأفاد المصدر بأن الجلسة الجديدة بدأت عند الساعة 18:30 بتوقيت غرينيتش، وشهدت تبادل مواقف عبر وسطاء، دون صدور تعليق رسمي من الجانب الإسرائيلي. وبحسب مصدرين فلسطينيين، فإن الجولة الأولى من المحادثات التي جرت فجر الاثنين انتهت دون إحراز تقدّم ملموس، بسبب ما وصفوه بـ"غياب تفويض كافٍ" لدى الوفد الإسرائيلي. ورغم ذلك، أشار نتنياهو إلى أن فريقه المفاوض لديه تعليمات واضحة للتوصل إلى اتفاق. وتدور المفاوضات حول اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، تتخلله عملية تبادل تشمل إطلاق حماس لعدد من الرهائن الأحياء (نحو 10 أشخاص)، بالإضافة إلى تسليم جثامين قتلى، مقابل إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن عدد الرهائن الأحياء الذين ما زالوا في قبضة حماس يبلغ 20، في حين أُعلن عن مقتل 28 منهم، مع وجود مخاوف كبيرة بشأن مصير اثنين آخرين. بدوره، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأحد، بأن هناك "فرصة جيدة" للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، مؤكداً أن واشنطن "تعمل على قضايا عدّة مع إسرائيل، من بينها صفقة محتملة مع إيران"، لكنه شدد على أن أولوية البيت الأبيض حاليًا هي التوصّل إلى اتفاق يُنهي الحرب في غزة ويُعيد الرهائن. رغم الحراك السياسي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ غارات على عشرات الأهداف في قطاع غزة يوم الاثنين، ما أدى إلى مقتل 19 فلسطينيًا على الأقل، بحسب مصادر طبية في غزة. وذكر بيان الجيش أن العمليات استهدفت مستودعات أسلحة ونقاط مراقبة ومبانٍ تستخدمها "الجماعات الإرهابية". من جانبها، حذّرت الأمم المتحدة من أن نظام الغذاء في غزة يواجه "انهيارًا شاملًا"، مشيرة إلى تضاعف حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، واقتراب نفاد حليب الرضع، ما يهدد بمزيد من الوفيات في حال استمرار منع وصول المساعدات الإنسانية. في سياق متصل، كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن تصاعد الخلافات داخل المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية (الكابينت) حول خطة "اليوم التالي" في غزة، والتي تشمل إقامة "مدينة إنسانية" في جنوب القطاع بين محوري فيلادلفي وموراغ. وتهدف الخطة الإسرائيلية إلى تجميع أكبر عدد من سكان القطاع داخل هذه المدينة الجديدة تحت إشراف أمني إسرائيلي، وتقديم المساعدات الإنسانية هناك، بما يمهّد لـ"خلق واقع مدني جديد" يُضعف نفوذ حماس، ويُهيئ لهجرة طوعية إلى دول ثالثة، بحسب وصف مصادر في الحكومة الإسرائيلية. لكن المشروع يثير اعتراضات داخلية وخارجية واسعة، ويُوصف بأنه "كاسر للتوازن"، وسط تحذيرات من تبعاته السياسية والإنسانية على الساحة الدولية، لا سيما في ظل استمرار الحرب وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وبحسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة، فإن عدد القتلى الفلسطينيين جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 تجاوز 57,400 شخص، معظمهم من المدنيين. في المقابل، قُتل 1219 شخصًا في الهجوم الذي شنّته حماس على جنوب إسرائيل، غالبيتهم من المدنيين أيضًا. الجهود السياسية الحالية تأتي في وقت حساس، وسط تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل وحماس للتوصل إلى تسوية تُنهي النزاع المستمر منذ قرابة تسعة أشهر، والذي تسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


الأيام
منذ 2 ساعات
- الأيام
كيف يستخدم ترامب 'نظرية الرجل المجنون' لمحاولة تغيير العالم (وينجح بالفعل)؟
Getty Images عندما سُئل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الشهر الماضي عما إذا كان يخطط للانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة إيران، قال: "قد أفعل ذلك. وقد لا أفعل. لا أحد يعلم ما سأفعله". أوحى للعالم بأنه وافق على مهلة لمدة أسبوعين للسماح لإيران باستئناف المفاوضات. ثم قصفها، كما تعلمون. ثمة نمط آخذ في الظهور: أكثر ما يمكن التنبؤ به في ترامب هو عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، فهو يغير رأيه، ويناقض نفسه، إنه متناقض. يقول بيتر تروبويتز، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: "لقد بنى ترامب عملية صنع سياسات شديدة المركزية. يمكن القول إنها الأكثر مركزية، على الأقل في مجال السياسة الخارجية، منذ عهد ريتشارد نيكسون". "وهذا يجعل قرارات السياسة أكثر اعتماداً على شخصية ترامب وتفضيلاته ومزاجه". لقد وظّف ترامب هذا الأمر سياسياً؛ لقد جعل من عدم قابليته للتنبؤ رصيداً استراتيجياً وسياسياً أساسياً لنفسه. لقد ارتقى بعدم قابليته للتنبؤ إلى أن باتت مبدأً. والآن، تُوجّه سمات الشخصية التي جلبها إلى البيت الأبيض السياسة الخارجية والأمنية. إنها تُغيّر شكل العالم. يُطلق علماء السياسة على هذه النظرية اسم "نظرية الرجل المجنون"، حيث يسعى زعيم عالمي إلى إقناع خصمه بأنه قادر على فعل أي شيء وفق حالته المزاجية المتقلبة، لانتزاع تنازلات. إذا استُخدمت بنجاح، فقد تُصبح شكلاً من أشكال الإكراه، ويعتقد ترامب أنها تُؤتي ثمارها، إذ تضع حلفاء الولايات المتحدة في المكان الذي يريده. ولكن هل هذا نهج يُمكن أن يُجدي نفعاً ضد الأعداء؟ وهل يمكن أن يكون العيب في هذا الأسلوب أنه ليس مجرد خدعة مصممة لخداع الخصوم، بل هو في الواقع مبني على سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح، مما يجعل من السهل التنبؤ بسلوكه؟ هجمات وإهانات وتفاهمات Getty Images بدأ ترامب رئاسته الثانية بالانفتاح على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومهاجمة حلفاء أمريكا. أهان كندا بقوله إنها يجب أن تصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة. وقال إنه مستعد للنظر في استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند، وهو إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع لحليفة أمريكا، الدنمارك. وأضاف أن على الولايات المتحدة استعادة ملكية قناة بنما والسيطرة عليها. تُلزم المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو) كل عضو بالدفاع عن جميع الأعضاء الآخرين. وقد أثار ترامب شكوكاً حول التزام أمريكا بذلك. وصرح بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق، قائلاً: "أعتقد أن المادة الخامسة على وشك الانهيار". وقال المدعي العام المحافظ دومينيك غريف: "في الوقت الحالي، انتهى التحالف عبر الأطلسي". كشفت سلسلة من الرسائل النصية المسربة عن ثقافة الازدراء السائدة في البيت الأبيض بقيادة ترامب تجاه الحلفاء الأوروبيين. وقال وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، لزملائه (في إدارة ترامب): "أشارككم تماماً كراهيتكم للمستغلين الأوروبيين"، مضيفاً: "هذا مثير للشفقة". في ميونيخ، في وقت سابق من هذا العام، صرّح نائب الرئيس ترامب، جيه دي فانس، بأن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن ضامنة للأمن الأوروبي. بدا أن هذا يُطوي صفحة 80 عاماً من التضامن عبر الأطلسي. يقول البروفيسور تروبويتز: "ما فعله ترامب هو إثارة شكوك وتساؤلات جدية حول مصداقية التزامات أمريكا الدولية". "مهما كانت التفاهمات التي تربط تلك البلدان (في أوروبا) مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالأمن أو الاقتصاد أو غير ذلك من المسائل، فإنها أصبحت الآن موضع تفاوض في أي لحظة". "أشعر أن معظم من يُحيطون بترامب يعتقدون أن عدم القدرة على التنبؤ (بسلوكه) أمر جيد، لأنه يسمح لدونالد ترامب باستغلال نفوذ أمريكا لتحقيق أقصى مكاسب..." "هذا أحد الدروس التي استخلصها من التفاوض في عالم العقارات". لقد أتى نهج ترامب بثماره. فقبل أربعة أشهر فقط، صرّح رئيس الوزراء البريطاني السير، كير ستارمر، أمام مجلس العموم بأن بريطانيا ستزيد إنفاقها الدفاعي والأمني من 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 في المئة. في الشهر الماضي، خلال قمة لحلف الناتو، ارتفعت هذه النسبة إلى 5 في المئة، وهي زيادة هائلة، تُضاهيها الآن جميع الدول الأعضاء الأخرى في الحلف. إمكانية التنبؤ بعدم القدرة على التنبؤ ليس ترامب أول رئيس أمريكي يتبنى مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. ففي عام 1968، عندما كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يحاول إنهاء حرب فيتنام، وجد عدوه (فيتنام الشمالية) عنيداً. يقول مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام: "في مرحلة ما، قال نيكسون لمستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر: 'عليك أن تُخبر المفاوضين الفيتناميين الشماليين بأن نيكسون مجنون، وأنك لا تعرف ما الذي سيفعله، لذا من الأفضل أن يتوصلوا إلى اتفاق قبل أن تتفاقم الأمور'". ويضيف: "هذه هي نظرية الرجل المجنون". تتفق جولي نورمان، أستاذة العلوم السياسية في كلية لندن الجامعية، على وجود مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. وتُجادل قائلةً: "من الصعب جداَ معرفة ما سيحدث بين يوم وآخر. وهذا هو نهج ترامب دائماً". نجح ترامب في استغلال سمعته كرجل متقلب المزاج لتغيير العلاقة الدفاعية عبر الأطلسي. ويبدو أن بعض القادة الأوروبيين، للحفاظ على دعم ترامب، قد أثنوا عليه وتملقوه. كانت قمة الناتو الشهر الماضي في لاهاي بمثابة تمرين على التودد المذل. وكان الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، قد أرسل في وقت سابق رسالة نصية إلى الرئيس ترامب أو "عزيزي دونالد"، كما سربها ترامب. وكتب: "تهانينا، وشكراً لك على عملكم الحاسم في إيران، لقد كان استثنائياً حقاً". حول الإعلان المرتقب عن موافقة جميع أعضاء الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تابع قائلاً: "ستحققون شيئاً لم يستطع أي رئيس (أمريكي) تحقيقه لعقود". وقال أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل سابقاً منصب مدير الاتصالات في إدارة ترامب في ولايته الأولى: "السيد روته، إنه يحاول إحراجك يا سيدي. إنه يجلس حرفياً على متن طائرة الرئاسة (الأمريكية) ويضحك عليك". وقد يكون هذا هو نقطة الضعف في جوهر مبدأ ترامب "عدم القدرة على التنبؤ": فقد تكون أفعالهم مبنية على فكرة أن ترامب يتوق إلى الإطراء، أو أنه يسعى إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل، مفضلاً إياها على العمليات الطويلة والمعقدة. إذا كان هذا هو الحال وكان افتراضهم صحيحاً، فإن ذلك يحد من قدرة ترامب على ممارسة الحيل لخداع خصومه - بل إنه يمتلك سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح أصبحوا على دراية بها. الخصوم لا يتأثرون بالسحر والتهديدات Getty Images يرى مراقبون أن بوتين لم يتأثر بـ"مغازلة" ترامب له، كما لم يتأثر بتهديداته أيضاً ثم هناك سؤالٌ، حول ما إذا كان مبدأ عدم القدرة على التنبؤ أو نظرية الرجل المجنون سينجحان مع الخصوم. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحليف الذي تعرض لتوبيخ شديد من ترامب وفانس في المكتب البيضاوي، وافق لاحقاً على منح الولايات المتحدة حقوقاً مربحة لاستغلال الموارد المعدنية الأوكرانية. من ناحية أخرى، يبدو أن فلاديمير بوتين لا يزال غير متأثر بسحر ترامب وتهديداته على حد سواء. يوم الخميس، عقب مكالمة هاتفية، قال ترامب إنه "يشعر بخيبة أمل" لعدم استعداد بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا. وماذا عن إيران؟ وعد ترامب قاعدته الشعبية بأنه سينهي التدخل الأمريكي في "حروب الشرق الأوسط التي لا تنتهي". ولعل قراره بضرب المنشآت النووية الإيرانية كان الخيار السياسي الأكثر تقلباً في ولايته الثانية حتى الآن. والسؤال هو: هل سيحقق هذا القرار التأثير المنشود؟ يرى وزير الخارجية البريطاني الأسبق، ويليام هيغ، أن ذلك سيؤدي إلى عكس المنشود تماماً: "سيزيد، ولا يقلل، من احتمال سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية". ويتفق البروفيسور مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام، مع هذا الرأي. يقول: "أعتقد أنه من المرجح جداً الآن أن تتخذ إيران قراراً بالسعي لامتلاك سلاح نووي. لذا لن أتفاجأ إذا ما التزموا الصمت وبذلوا قصارى جهدهم لإكمال دورة الوقود النووي الكاملة وإجراء تجربة نووية". "أعتقد أن درس صدام حسين ومعمر القذافي لم يغب عن بال الطغاة الآخرين، الذين يواجهون الولايات المتحدة، واحتمال تغيير أنظمتهم..." "لذا سيشعر الإيرانيون بشدة بالحاجة إلى رادع نهائي، وسينظرون إلى صدام والقذافي كمثالين سلبيين، وكيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، كمثال إيجابي". ومن السيناريوهات المحتملة تماسك الجمهورية الإسلامية، وفقا لـ محسن ميلاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب فلوريدا ومؤلف كتاب "صعود إيران وتنافسها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". ويقول: "في عام 1980، عندما هاجم صدام حسين إيران، كان هدفه انهيار الجمهورية الإسلامية. ما حدث هو العكس تماماً". "كانت هذه هي الحسابات الإسرائيلية والأمريكية أيضاً... إذا تخلصنا من كبار القادة، فستستسلم إيران بسرعة أو سينهار النظام بأكمله". فقدان الثقة في المفاوضات؟ Getty Images تكشف تصريحات المستشار الألماني، فريدريش ميرتس (يسار)، عن إدراكٌ لتغير الأولويات الاستراتيجية الأمريكية، وفقاً للبروفيسور تروبويتز بالنظر إلى المستقبل، قد لا تُجدي عدم القدرة على التنبؤ نفعاً مع الخصوم، ولكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن الحفاظ على التحولات الأخيرة التي أحدثتها بين الحلفاء. وإن كانت هذه العملية ممكنة، إلا أنها مبنية إلى حد كبير على الاندفاع. وقد يكون هناك قلق من أن يُنظر إلى الولايات المتحدة كوسيط غير موثوق. تقول البروفيسور جولي نورمان: "لن يرغب الناس في التعامل مع الولايات المتحدة إذا لم يثقوا بها في المفاوضات، وإذا لم يكونوا متأكدين من أنها ستدعمهم في قضايا الدفاع والأمن". "لذا، أعتقد أن العزلة التي يسعى إليها الكثيرون في عالم ماغا - حركة ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً) المؤيدة لترامب - ستأتي بنتائج عكسية". قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، على سبيل المثال، إن أوروبا بحاجة الآن إلى أن تصبح مستقلة عملياً عن الولايات المتحدة. يقول البروفيسور تروبويتز: "تكمن أهمية تعليق المستشار الألماني في أنه إدراكٌ لتغير الأولويات الاستراتيجية الأمريكية. لن تعود هذه الأولويات إلى ما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه". "لذا، نعم، سيتعين على أوروبا أن تصبح أكثر استقلالية عملياً". يجادل البروفيسور ديش بأن هذا سيتطلب من الدول الأوروبية تطوير صناعة دفاع أوروبية أكبر بكثير، للحصول على معدات وقدرات لا تمتلكها حالياً سوى الولايات المتحدة. على سبيل المثال، يمتلك الأوروبيون بعض القدرات الاستخباراتية العالمية المتطورة، كما يقول، لكن الولايات المتحدة تزودهم بالكثير منها. ويتابع: "إذا اضطرت أوروبا إلى الاعتماد على نفسها، فستحتاج أيضاً إلى زيادة كبيرة في قدرتها على إنتاج الأسلحة بشكل مستقل. ستكون القوى العاملة أيضاً مشكلة. سيتعين على أوروبا الغربية أن تنظر إلى بولندا لمعرفة مستوى القوى العاملة التي ستحتاجها". سيستغرق بناء كل ذلك سنوات. فهل دفع عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب الأوروبيين، حقاً، إلى إجراء أكبر تغيير جذري في البنية الأمنية للعالم الغربي منذ نهاية الحرب الباردة؟ يقول البروفيسور تروبويتز: "لقد ساهم ذلك في الأمر بالفعل. لكن الأهم من ذلك، أن ترامب قد كشف النقاب عن أمرٍ ما... لقد تغيرت السياسة في الولايات المتحدة. تغيرت الأولويات. بالنسبة لتحالف ماغا، تُمثل الصين مشكلة أكبر من روسيا. ربما لا ينطبق هذا على الأوروبيين". ووفقاً للبروفيسور ميلاني، يحاول ترامب ترسيخ النفوذ الأمريكي في النظام العالمي. "من المستبعد جداً أن يُغير النظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. إنه يريد ترسيخ مكانة أمريكا فيه، لأن الصين باتت تُشكل تحدياً لها". لكن كل هذا يعني أن ضرورات الدفاع والأمن التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا متباينة. قد يكون الحلفاء الأوروبيون راضين عن أنهم، من خلال الإطراء والتحولات السياسية الحقيقية، قد حافظوا على ترامب في صفهم بشكل عام، لقد أعاد، في نهاية المطاف، تأكيد التزامه بالمادة الخامسة في أحدث قمة لحلف الناتو. لكن عدم القدرة على التنبؤ يعني استحالة ضمان ذلك - ويبدو أنهم قد تقبلوا أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة، للوفاء بالتزامها التاريخي بالدفاع عنهم. وبهذا المعنى، حتى لو كانت عقيدة - عدم القدرة على التنبؤ - نابعة من مزيج من الاختيار الواعي وسمات شخصية ترامب الحقيقية، فإنها تُجدي نفعاً، على الأقل، على الأقل مع البعض.


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
نسخة أمريكية مستقلة من "تيك توك" على وشك الإطلاق لتجاوز القيود الأمنية
اقتربت الولايات المتحدة من وضع حدّ نهائي لأزمة تطبيق "تيك توك"، بعدما كشف تقرير حديث عن استعدادها لإطلاق نسخة منفصلة من التطبيق مخصصة للمستخدمين الأمريكيين، اعتبارًا من 5 سبتمبر المقبل، وذلك ضمن خطة شاملة لفصل عمليات المنصة داخل البلاد عن الشركة الأم الصينية. ويأتي هذا التطور بعد سنوات من الجدل السياسي والأمني حول "تيك توك"، حيث وصفته الإدارة الأمريكية السابقة بأنه تهديد للأمن القومي ومنصة محتملة للدعاية الصينية، مما دفعها إلى مطالبة الشركة ببيع عملياتها الأمريكية إلى جهة غير صينية، أو مواجهة الحظر الكامل. وبحسب التقرير، سيواصل التطبيق الحالي العمل حتى مارس 2026، لكن المستخدمين الجدد داخل الولايات المتحدة سيضطرون إلى تحميل النسخة الثانية، التي ستُشكل بوابة رقمية منفصلة تمامًا عن بقية العالم، في خطوة أثارت انتقادات في الصين ووصفت بأنها سابقة غير مألوفة في السياسة الرقمية العالمية. ورغم أن التغيير قد لا يبدو كبيرًا من حيث تجربة الاستخدام، إلا أن التطبيق الجديد قد يشهد تعديلات في المحتوى بما يتماشى مع السياسات الأمريكية، ويُتوقع أن يكون أكثر توافقًا مع متطلبات الأمن السيبراني المحلي، ما يعزز ثقة السلطات في المنصة، ويطمئن المستخدمين. في المقابل، أشارت تقارير إلى أن مجموعة من "الأثرياء فاحشي الثراء" يدرسون الاستحواذ على عمليات "تيك توك" الأمريكية، وهو السيناريو الذي دعمه الرئيس دونالد ترامب، لكنه لم يتحقق حتى الآن. ومع ذلك، فإن إطلاق النسخة المنفصلة قد يكون المؤشر الأوضح على نهاية هذه الأزمة الطويلة، بطريقة تضمن بقاء التطبيق داخل السوق الأمريكية تحت شروط جديدة.