logo
الذكاء الاصطناعي والإبداع

الذكاء الاصطناعي والإبداع

العرب اليوممنذ 4 أيام
هناك فكرة مخيفة مفادها أن أحد أشهر برامج الذكاء الاصطناعي «ChatGPT» يستطيع أن يكتب مقالةً أو روايةً أو حتى بحثاً علمياً، بإتقان وبراعة لا متناهية.
قدم لي أحد أقاربي مقالاً مذيلاً باسمي، وقال إنه مقال قديم لي. قرأته، نعم يشبهني، لكني كنت متأكدة أني لم أكتبه يوماً، واحتفظت بإنكاري أنني لم أفعل. المقال كان يتبنى أفكاري وأسلوبي الكتابي الذي ينفرد به كل كاتب، أستطيع أن أقول إنه يمثلني بنسبة تفوق 80 بالمائة، وهي نسبة مرعبة. اتضح أن الموقف كان مزحةً من قريبي المتخصص في تقنية المعلومات، أراد أن يقنعني بسلطة الذكاء الاصطناعي وهيمنته التي لا نستطيع أن نتخيل إلى أي مدى ستصل. أنا اليوم على قيد الحياة وأستطيع إنكار ما هو ليس لي، لكن دوام الحال من المحال، بعد مدة، قد لا أكون متوفرة لأقول هذا لي أو لا. موقف بسيط لكنه شرح بوضوح الجانب السلبي للذكاء الجديد.
منذ بدء التاريخ الإنساني، كان التزوير وتلفيق المنتج الأدبي موجوداً، قصائد ومقالات وقصص وأبحاث لم يكتبها أصحابها، كانت أقلام مأجورة، لكنها مكلفة مادياً للذين لهثوا خلف الشهرة لأنها مدفوعة الثمن، كما أنها قد تكون عرضة للكشف والفضيحة لأي سبب. أما اليوم فهذه المخاطر غير واردة مع «ذ.إ» لا تكلفة ولا فضيحة. وأنا أكتب هذا المقال فتحت تطبيق «ChatGPT» ووضعت هذا الأمر: اكتب لي عبارة تحاكي أسلوب الروائي ديستوفسكي. جاءت الإجابة خلال ثانيتين تماماً:
«كان يمشي في الزقاق الضيق كما لو أن خطاياه تُثقل قدميه، وكل ظلٍّ يمرّ به يهمس له بما يعرفه جيداً: أنك لست ضحية العالم، بل صنيعة جراحك التي اخترت ألا تداويها»!!
ذُهلت، هل هذا حقيقة؟ عدت لأسأله: ما احتمالية أن أجد هذه العبارة في «غوغل» أو في أي مكان؟
جاءتني الإجابة: هذه العبارة من تأليفي ولم تُنقل من أي مصدر معروف أو منشور، لذا لن تجدها مطابقة في «غوغل» أو في أي مكان آخر.
اليوم علينا أن نعيد حساباتنا، على مؤسسات التعليم أن تدرك أن الطالب يستطيع أن ينجز بحثاً متقناً بكل تفاصيله خلال ثوانٍ. هذا غش وتزوير صريحان، يتنافيان مع شرط الأصالة، فماذا هم فاعلون؟ في فترة مضت، كنا نحذر الطلبة بألا يعتمدوا في أبحاثهم على موقع «ويكيبيديا» بل يتوجهون للمصادر العلمية المعروفة، أولاً، لأنه مصدر غير موثوق، وثانياً لأن معلوماته قابلة للتعديل من أي شخص كان. كان من السهل كشف الطالب الذي لا يمتثل من خلال اقتطاع سطور من بحثه والبحث عنها في «غوغل». لكن مع «ذ.إ» الوضع آمن.
حينما أتأمل هذه التقنية أفكر أن الأسوأ في نظري يلامس حالتين؛ الأولى من سيكتب التاريخ؟ التاريخ الذي تمتلئ به مكتباتنا اليوم كان دائماً عرضة للنقد والتشكيك بالمؤلفين وحقبهم الزمنية، والأخذ والرد، والتفنيد، رغم أنه كُتب بشكل تقليدي على يد إنسان. بعد 20 عاماً كم كتاب تاريخ على الرف نثق أنه حقيقي النقل والكتابة، وليس صنيعة آلة ابتكرها الإنسان وأصبحت أكثر تفوقاً منه في سرعة التنفيذ والإنجاز. هل سنتوه داخل دائرة مغلقة بحثاً عن الحقيقة؟
الحالة الثانية المقلقة هي الأبحاث العلمية. الباحث يقضي شهوراً وربما سنوات ليخرج ببحث رصين يستطيع نشره. في واقعنا اليوم، يستطيع الباحث إنجاز بحث يتضمن نتائج علمية لا تمت للواقع بصلة سوى ما اجتهد فيه «ذ.إ»، وأخرجه بعد المرور على آلاف الأبحاث المشابهة. حتى أنه يستطيع أن يقدم إحصاءات، وجداول، ورسوماً بيانيةً ليبدو البحث متكاملاً. في حالتنا التقليدية، كان الباحث ليُطرد من الجامعة أو المركز البحثي إن تسربت معلومات حول حقيقة أبحاثه، لكن من يستطيع اليوم أن يكون شرطياً للأبحاث؟
من ناحية أخرى، يستطيع من يتهمني بالسلبية والسوداوية أن يقول إنه استطاع عمل دراسة جدوى لمشروع اقتصادي كبير خلال دقائق بفضل «ذ.إ» مما وفر عليه الوقت والجهد. برنامج إيلون ماسك «Neuralink» يخترق العقل البشري، هذه سلبية، لكنه قد يساعد في الشفاء من الشلل والأمراض العصبية. وأمثلة أخرى كثيرة لا حصر لها. أنا مؤيدة لذلك، وأنوي شخصياً الاستفادة من هذه الثورة المعلوماتية، ولكن فكرتي أن «ذ.إ» سلاح ذو حدين، والحد الموجع الرهيف مؤذٍ، وقد ينتج لنا أفراداً جهلاء فقيري المعرفة لكنهم أصبحوا مرموقين بفضل أعمال لم يقوموا بها ومعارف لم يكتسبوها. هذه المعضلة لا أستطيع تجاوزها.
الحقيقة أن «ChatGPT» وغيره من التطبيقات غيرت وستغير حياة الناس للأفضل، وظهر وسيظهر في المستقبل المزيد منها التي تعمل عمل المستشار والسكرتارية والهندسة وكفاءة الأعمال وتشخيص الأمراض وتصميم الأدوية ومنافع لا نهاية لها. لكن المخاطر حاضرة، وعلينا إيجاد حلول لها، مثل مخاطر كل تقنية عشنا ظهورها؛ الطائرات والكهرباء والهندسة الوراثية والطاقة النووية... إلخ
خلال كتابة مقالي هذا سألت «ChatGPT» عن أنواع وخصائص التقنيات الحديثة وأجابني.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف يجمع الذكاء الاصطناعي معلوماته؟ وما مدى دقتها؟
كيف يجمع الذكاء الاصطناعي معلوماته؟ وما مدى دقتها؟

الدستور

timeمنذ 26 دقائق

  • الدستور

كيف يجمع الذكاء الاصطناعي معلوماته؟ وما مدى دقتها؟

وكالات في ظل الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات التعليم والإعلام والأعمال، يزداد التساؤل حول مصدر المعلومات التي تقدمها هذه الأدوات، ومدى موثوقيتها، خاصة مع اعتماد ملايين المستخدمين عليها في المهام اليومية. ووفقًا لخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن النماذج المتقدمة مثل "شات جي بي تي" من شركة "أوبن إيه آي" و"كوبايلوت" التابع لـ"مايكروسوفت"، تعتمد على كمّ هائل من البيانات التي جُمعت خلال مراحل التدريب من مصادر مفتوحة ومتنوعة على الإنترنت، من أبرزها: - مواقع إلكترونية عامة (مثل ويكيبيديا والمقالات والمنتديات) - كتب رقمية وأبحاث علمية منشورة - محتوى أكاديمي وتعليمي - أرشيفات الصحف والمجلات - محتوى مفتوح المصدر متاح للعامة ويتم تدريب هذه النماذج باستخدام تقنيات "التعلم العميق"، حيث تتعلم من أنماط اللغة، وتُبرمج على فهم السياقات وتوليد ردود ذكية، دون أن تكون "مدركة" أو "واعية" كالبشر. والبيانات لا تُجمع في الوقت الفعلي، بل تُستخدم سابقًا لتكوين ما يشبه "ذاكرة معرفية" للنموذج. وتعتمد دقة المعلومات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي على عدة عوامل، من أبرزها جودة البيانات المستخدمة في التدريب، وآخر تاريخ تحديث للنموذج، وطريقة طرح السؤال من المستخدم. في الموضوعات العامة والمجالات التي تحظى بكمّ وفير من المصادر، تقدم النماذج عادة إجابات دقيقة وموثوقة. لكن في مجالات سريعة التغير مثل القوانين أو الأخبار، أو الموضوعات الحساسة، قد تظهر معلومات غير دقيقة أو غير محدثة، خصوصًا إذا كان النموذج غير متصل بالإنترنت. ولتقليل هذه الفجوات، بدأت شركات مثل "مايكروسوفت" و"غوغل" بربط أدوات الذكاء الاصطناعي بمحركات البحث في الزمن الحقيقي، لتوفير ردود تستند إلى معلومات حديثة تم التحقق منها مباشرة من الويب. وعلى الرغم من التقدم الكبير في أداء النماذج الذكية، ينصح الخبراء باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كمساعد رقمي لا كمرجع نهائي، خاصة في المجالات الحساسة كالصحة والقانون والتعليم. كما يجب توخي الحذر في مشاركة البيانات الشخصية أثناء استخدامها. فالذكاء الاصطناعي لا "يعرف" مثل الإنسان، بل يتنبأ بأفضل إجابة ممكنة بناءً على أنماط تعلّمها من بيانات سابقة. وبالتالي، تبقى المراجعة البشرية والمصادر الموثوقة ضرورية لضمان دقة وجودة المعلومة.

متصفح ويب جديد من OpenAI مدعوم بالذكاء الاصطناعي لمنافسة كروم
متصفح ويب جديد من OpenAI مدعوم بالذكاء الاصطناعي لمنافسة كروم

أخبارنا

timeمنذ يوم واحد

  • أخبارنا

متصفح ويب جديد من OpenAI مدعوم بالذكاء الاصطناعي لمنافسة كروم

أخبارنا : قررت شركة OpenAI، المطورة لأداة ChatGPT، دخول سوق متصفحات الويب، في خطوة قد تعيد تشكيل الطريقة التي يتصفح بها المستخدمون الإنترنت، وفقًا لما ذكرته تقارير إخبارية. وأفادت التقارير بأن الشركة تقترب من طرح متصفح ويب جديد خلال الأسابيع القليلة القادمة يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي ويستهدف منافسة متصفح كروم الشهير التابع لشركة قوقل. ويُتوقع أن يغيّر هذا المتصفح تجربة التصفح التقليدية عبر إدماج واجهة دردشة شبيهة بـ ChatGPT، مما قد يحد الحاجة إلى التنقل بين المواقع. وبحسب المصادر، سيحتوي المتصفح على إمكانات تسمح للمستخدمين بإجراء تفاعلات مباشرة داخل نافذة الدردشة، كما سيتيح إدماج وكلاء الذكاء الاصطناعي من نوع (Operator) لتنفيذ المهام بدلًا من المستخدم، مما يعزز كفاءة التصفح وسرعته. وما زالت التفاصيل التقنية الكاملة حول كيفية عمل المتصفح غير معلنة، لكن من المرجح أن يقدم وظائف أساسية مماثلة لما هو متاح في كروم وسفاري، مع مزايا فريدة بفضل التكامل المباشر مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يصعب تحقيقها من خلال إضافات المتصفحات التقليدية. ويأتي هذا التوقيت بالتزامن مع إعلان آبل تحسينات مرتقبة في متصفح سفاري ضمن نظامي iOS 26 وmacOS Tahoe، بالإضافة إلى بحثها توسيع شراكتها مع OpenAI في مشاريع الذكاء الاصطناعي، في حين تواجه قوقل ضغوطًا تنظيمية متزايدة تتعلق بمتصفح كروم، قد تضطرها إلى التخلي عنه وبيعه إلى جهة خارجية. يُذكر أيضًا أن OpenAI أعلنت استكمال استحواذها على شركة الأجهزة الناشئة (io)، التي أسسها المصمم الشهير جوني آيف مع الرئيس التنفيذي لـ OpenAI سام ألتمان.

ChatGPT يختبر ميزة غامضة للمساعدة في الدراسة
ChatGPT يختبر ميزة غامضة للمساعدة في الدراسة

رؤيا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • رؤيا نيوز

ChatGPT يختبر ميزة غامضة للمساعدة في الدراسة

بدأ عدد من مشتركي ChatGPT ملاحظة ظهور أداة جديدة ضمن قائمة الأدوات المتاحة تحمل اسم 'المذاكرة معًا Study Together'، في خطوة تُشير إلى توجه OpenAI نحو تعزيز استخدام المنصة في مجال التعليم بطريقة أكثر تفاعلية. وبحسب التجارب الأولية، فإن هذه الميزة لا تقدم إجابات مباشرة كالمعتاد، بل تعتمد على توجيه الأسئلة للمستخدم ودفعه إلى الإجابة، على غرار أسلوب التعلم النشط، مما يجعلها أقرب إلى دور المعلم أو الشريك الدراسي، لا مجرد أداة للإجابات السريعة. ورجح بعض المستخدمين أن الميزة قد تدعم لاحقًا انضمام أكثر من مستخدم في جلسة جماعية للدراسة، لكنها ما زالت في مراحلها التجريبية. ولم تعلن OpenAI رسميًا توفر ميزة 'الدراسة معًا Study Together' أو إذا كانت ستُتاح لكافة المستخدمين أو فقط لمشتركي الخطط المأجورة. وتأتي هذه الخطوة في وقت أصبح فيه ChatGPT أداة شائعة في الأوساط التعليمية، إذ يستخدمه المعلمون لإعداد الدروس، في حين يعتمد عليه الطلاب كوسيلة للمذاكرة أو أحيانًا لكتابة المهام نيابةً عنهم، مما أثار جدلًا حول تأثيره في التعليم الأكاديمي. وقد تعد تلك الميزة ردًا من OpenAI على مبادرة جوجل التعليمية 'LearnLM' التي تهدف أيضًا إلى جعل الذكاء الاصطناعي أكثر فاعلية في عملية التعلم والدراسة. ويعكس هذا الاتجاه المتزايد تنافسًا جديدًا بين كبرى شركات الذكاء الاصطناعي على مستقبل التعليم الذكي. ويُحتمل أن تكون هذه الميزة الجديدة محاولة لتوجيه استخدام الذكاء الاصطناعي نحو الممارسات التعليمية الإيجابية، وتقليل فرص استخدامه في الغش أو التحايل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store