
هل تفوق أسعار الإقامة بالساحل الشمالي المصري نظيراتها في أوروبا؟
ورصدت «الشرق الأوسط» أن تكلفة الإقامة لشخصين لمدة ليلة واحدة في أغسطس (آب) المقبل تتراوح ما بين 20 و65 ألف جنيه، أي ما بين 400 و1300 دولار. (الدولار يساوي 49.4 جنيه في البنوك المصرية).
وأشارت وسائل إعلام محلية إلى زيادة أسعار الإقامة في الساحل الشمالي خلال موسم الصيف، يوليو (تموز) وأغسطس لعام 2025، بنسب تتراوح من 25 إلى 70 في المائة، لتتجاوز أسعار الإقامة في الفنادق الفاخرة 1000 دولار في الليلة الواحدة، في حين تتراوح أسعار إيجار الفيلات من 20 إلى 30 ألف جنيه في الليلة. وعزت الزيادة في الأسعار إلى الإقبال السياحي على المنطقة، لا سيما من دول الخليج.
ويمتد نطاق الساحل الشمالي من غرب مدينة الإسكندرية، مروراً بالعلمين ومرسى مطروح حتى معبر السلوم، ويقسمه المصريون إلى «طيب» و«شرير» وفقاً لطبيعة الأسعار.
وسائل إعلام محلية أشارت إلى زيادة أسعار الإقامة في الساحل الشمالي خلال موسم الصيف (الشرق الأوسط)
وكل عام يتكرّر الجدل بشأن الأسعار في الساحل الشمالي والمقارنة مع أماكن شبيهة في دول أخرى، ويتم تداول منشورات عن أسعار الإقامة في الساحل الشمالي. وفي هذا السياق، أشار حساب يحمل اسم «رانيا الخطيب» على منصة «إكس» إلى أن أسعار الإقامة في فنادق الساحل الشمالي «تفوق نظيرتها في تركيا، ودبي، وفرنسا، والمغرب، بثلاثة أضعاف».
جربوا تشوفوا سعر الفنادق في بوكينج ليلة في شهر اغسطس واختاروا فندق خمس نجوم وبراند وقارنوا بين سعره في تركيا واليونان ودبي وفرنسا والمغرب وشوفوا سعر الفندق في الساحل الشمالي هتلاقوا ان سعره تلات اضعاف او اربعة!! ليه كدة رغم ان الأنشطة والتسوق برة أكتر وسعره كتير على السائح العربي
— Rania Elkhateeb (@ElkhateebRania) May 14, 2025
ليأتي الردّ على منشورها في التعليقات من حساب آخر باسم «نجلاء كامل»، ليشير إلى أن «أسعار الساحل الشمالي قريبة من أسعار شاطئ (سايد) بتركيا في شهر يوليو، وهو الموسم السياحي».
أسعار الساحل الشمالي قريبة من أسعار شاطيء Side في تركيا في يوليو إللي هو high season .. والاثنين نفس المستوى ... بس هم عندهم فنادق أكثر ٣ و٤ نجوم، وغرف Airbnb، وبكده فرصة أكبر بالنزول في فنادق أرخص. غير كده ال٥ نجوم في معظم دول العالم أسعاره شبه واحدة، إلا لو كان فيه offer.
— Dr. Nagla S. Kamel (@NDandoush) May 14, 2025
وكتب حساب باسم «أمنية عصام»، على «فيسبوك»، يتساءل عن سبب غلاء تكلفة الإقامة في أحد فنادق الساحل الشمالي؛ حيث اقتربت تكلفة الإقامة من 2.3 مليون جنيه مصري لمدة أسبوع. وهو سعر تحققت منه «الشرق الأوسط»، لكنه ليس للغرفة الواحدة، بل تكلفة إيجار فيلا كاملة بخدمات فندقية مساحتها 950 متراً، وبها نحو 6 غرف نوم، في حين تبلغ تكلفة الإقامة في غرفة لشخصين في الفندق نفسه نحو 20 ألف جنيه في الليلة، أي ما يعادل 400 دولار.
وقبل سنوات، وتحديداً عام 2022 أثار المخرج المصري عمرو سلامة جدلاً بشأن الأسعار في الساحل الشمالي، وكتب عبر حسابه على منصة «إكس»، إن هناك «أماكن في الساحل الشمالي أغلى من أوروبا أو شرق آسيا أو حتى أميركا».
في أماكن في الساحل الشمالي التصييف فيها أغلى من لو صيفت في أوروبا أو شرق آسيا أو حتى أميركا، حتى لو كانت السفرية متضمنة سعر الفيزا وأسعار تذاكر السفر، إيه سر الغلاء ده وإيه سر إختيار الناس للسفر جوا بسعر أزيد من برا؟
— Amr Salama (@amrmsalama) July 31, 2022
الخبير السياحي، أحمد عبد العزيز أكّد أن أسعار الإقامة في فنادق الساحل الشمالي زادت خلال الموسم الحالي بنسب وصلت إلى 150 في المائة في بعض الفنادق، وأرجع ذلك إلى «محدودية عدد الفنادق الموجودة في الساحل، واقتصارها على فئة الخمس نجوم، إلى جانب بعض فنادق الأربع نجوم التي تُعد أسعارها مرتفعة مقارنة بنظيراتها في القاهرة».
وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إن «مشغلي الفنادق في الساحل الشمالي يستهدفون طبقة معينة من المجتمع المصري، إضافة إلى شريحة من مواطني الخليج ممن اعتادوا السفر لمدن أوروبية مثل كان ونيس؛ حيث تصبح أسعار الساحل تنافسية مقارنة بهذه المدن».
ولفت مدون الرحلات والسفر، فواز الشلاحي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أن الساحل الشمالي بمصر من «أجمل رحلات الصيف»، مشيراً إلى إجازته التي قضاها بالساحل العام الماضي. وقال إن الساحل الشمالي «وجهة مليانة فخامة وترتيب ومنتجعات حلوة، وفوق هذا شواطئ ساحرة مستحيل تشوفها في أي وجهة حول العالم».
نطاق الساحل الشمالي يمتد من غرب مدينة الإسكندرية مروراً بالعلمين ومرسى مطروح (الشرق الأوسط)
وتحدّث الشلاحي عن كل تفاصيل الرحلة، بدءاً من السفر وصولاً إلى الفندق والمزارات والمطاعم السياحية بالمنطقة، وبالنسبة للأسعار قال إنها «معقولة جدّاً، لدرجة أنها قد تكون رخيصة بالنسبة للمطاعم والمقاهي والمزارات السياحية، أما الفنادق فأسعارها مرتفعة لا سيما في الفترة من 15 يوليو إلى 15 أغسطس».
سافرت لها الصيفية الماضية كانت من أجمل رحلات الصيف ..️وجهة مليانة فخامة وترتيب ومنتجعات حلوةوفوق هذا شواطئ ساحرة مستحيل تشوفها فيأي وجهة حول العالم ️التغريدة فيها تفاصيل مهمة تكفيكعن كل التقارير القديمة حاولت أجمعفيها أجمل وأجدد الأماكنبالساحل الشمالي وبعض... pic.twitter.com/wwoUO30zM5
— فواز الشلاحي (@Fawaz2world) February 28, 2025
وربط الخبير السياحي، محمد كارم بين السعر ونوع الخدمة المقدمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسعار في الساحل الشمالي متفاوتة وفقاً لنوع الخدمة وطبيعة مكان الإقامة، هل هو فندق خمس نجوم أم شقة أم غير ذلك».
ورفض كارم الحديث عن أن أسعار الإقامة في الساحل الشمالي تفوق نظيراتها بأوروبا، وقال «بالعكس الأسعار أرخص، لا سيما مع نوعية الخدمات التي تُقدم في منتجعات الساحل الشمالي والتي تتضمن حفلات على البحر تكون مشمولة في سعر الإقامة». وأشار أيضاً إلى أنه «ربما تكون الأسعار مرتفعة بالنسبة للسياحة الداخلية، لكنها ليست كذلك بالنسبة للسائح العربي أو الأجنبي، آخذاً في الاعتبار فرق سعر الصرف». لكنه لفت أيضاً إلى أن «معظم الفنادق في الساحل من فئة الخمس نجوم، ما يجعل أسعارها مرتفعة بالضرورة مع زيادة الطلب، مع وجود وحدات مصيفية (شقق وفيلات) أيضاً تختلف أسعارها وفقاً لموقعها وحجمها».
«الشرق الأوسط» حاولت إجراء مقارنة بين أسعار الإقامة في الساحل الشمالي ونظيراتها في مدن أوروبية ساحلية، مع مراعاة توحيد فترة الحجز وظروفه ومحاولة اختيار فنادق خمس نجوم بإطلالة على البحر. وتراوحت أسعار الإقامة في الساحل الشمالي لشخصين لمدة أسبوع ما بين 100 ألف جنيه في غرفة فندقية، وحتى مليون جنيه تكلفة إيجار شقة فندقية بالكامل للمدة نفسها.
أما في مدينة كان الفرنسية فتراوحت تكلفة الإقامة لشخصين في غرفة فندقية لمدة أسبوع بين 330 ألف جنيه ومليون جنيه، وفي مدينة برشلونة الإسبانية تراوحت تكلفة الإقامة فيها ما بين 100 و350 ألف جنيه، وتراوحت تكلفة الإقامة في مدن اليونان الساحلية ما بين 100 ألف وما يزيد على 380 ألف جنيه.
وتُفضل الأربعينية نادين محمود (اسم مستعار) قضاء إجازتها الصيفية في الساحل الشمالي عن أي مكان آخر، ولا تمتلك نادين محمود، وهي موظفة في إحدى المؤسسات الكبرى العاملة بمصر، وحدة مصيفية في الساحل الشمالي، لكنها عادة ما تؤجر فيلا خلال فترة الصيف، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أسعار إيجار الفيلا تتراوح بين 25 و30 ألف جنيه في الليلة، وهو سعر مناسب بالنسبة لمكان يتسع لأسرتها المكونة من 6 أفراد، ويُمكّنها من دعوة أصدقائها أيضاً، حيث تدفع ما يقرب من مليون جنيه تكلفة إجازة لمدة شهر كامل». وتضيف: «تكلفة السفر للأسرة والإقامة في أماكن مماثلة خارج مصر وللمدة نفسها، ربما تكون أعلى، ناهيك بدعوة الأصدقاء».
ويعزو مراقبون ارتفاع الأسعار في موسم الصيف إلى زيادة الطلب على المنطقة، في ظل نقص المعروض من الغرف الفندقية، وسط مطالبات بزيادة عدد الغرف الفندقية، آملين أن يجذب الساحل الشمالي مستقبلاً نحو 10 ملايين سائح من بين 30 مليوناً تستهدفهم مصر بحلول 2028. وتمكّنت مصر وفق بيانات رسمية من استقبال 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تُحققه البلاد في تاريخها.
الحكومة المصرية نفذت 48 فندقاً في الساحل الشمالي بإجمالي 7252 غرفة فندقية (الشرق الأوسط)
وقال عبد العزيز إن «الساحل الشمالي لن يصبح مقصداً سياحياً عالمياً ما لم تتم زيادة عدد الغرف الفندقية، وتنويع أشكال الإقامة ومستوياتها حتى يمكن تسويقه للسائح الأوروبي والطبقات وشرائح مختلفة بدلاً من الاقتصار على فئات محددة».
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، في إفادة رسمية، إنه «جرى تنفيذ 48 فندقاً في الساحل الشمالي، بإجمالي 7252 غرفة فندقية، و3047 وحدة فندقية (شقق - شاليهات - فيلات)».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
مناقشات السوق السعودي ليوم الأحد 13 يوليو 2025
أنهى مؤشر السوق السعودي جلسة الخميس الماضي، على تراجع طفيف بـ نقطة واحدة ليغلق عند 11277 نقطة، وبتداولات بلغت قيمتها الإجمالية نحو 5 مليارات ريال. ويترقب المستثمرون والمتعاملون في السوق إعلان الشركات السعودية المُدرجة عن نتائجها المالية خلال المُهلة المُحددة نظاما والتي تنتهي يوم الإثنين الموافق 11 أغسطس 2025. وفيما يخص الأسواق العالمية.. انخفض مؤشر داو جونز الصناعي، الجمعة الماضية، بنسبة 0.63% أو ما يعادل 279 نقطة إلى 44371 نقطة. وفي سوق النفط.. زادت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم سبتمبر بنسبة 2.51% أو 1.72 دولار إلى 70.36 دولار للبرميل. هذه المدونة وضعت لتسجيل ملاحظاتكم وآرائكم حول السوق وتوقعاتكم لهذا اليوم... مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق.. للاطلاع على مفكرة السوق السعودي


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
حساب المواطن: ثلاثة مليارات ريال لمستفيدي يوليو
أودع الخميس الماضي برنامج حساب المواطن ثلاثة مليارات ريال مخصص لدعم شهر يوليو للمستفيدين المكتملة طلباتهم، حيث بلغ عدد المستفيدين المستوفين لمعايير الاستحقاق في الدفعة 92 أكثر من 9.8 ملايين مستفيد وتابع. وذكر مدير عام التواصل لبرنامج حساب المواطن عبدالله الهاجري، أن إجمالي ما دفعـه البرنامـج للمستفيدين منذ انطلاقته أكثر من 247 مليار ريال منها 2.7 مليار ريال تعويضات عن دفعات سابقة، وموضحًا بأن 72 % من المستفيدين تحصلوا على الدعم في هذه الدفعة، وبلغ متوسط دعم الأسرة الواحدة 1474 ريال. وأشار الهاجري أن عدد أرباب الأسر المستفيدين من البرنامج في هذه الدفعة أكثر من مليوني رب أسرة مشكلين ما نسبته 87 %، وبلغ عدد التابعين أكثر من 7.4 ملايين مستفيد.


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
11 ألف مصنع قائم والصادرات غير النفطية 217 مليار ريالالصناعة السعودية تقود التحول الهيكلي في الاقتصاد الوطني
لم تكن الصناعة السعودية يومًا حكاية عابرة في سجل التحولات الاقتصادية، بل كانت دومًا صفحةً تتكثف فيها الإرادة مع الرؤية وتلتقي فيها الأرقام مع الطموح، فمنذ انطلاق المسيرة الصناعية في مطلع السبعينيات، ظلت المملكة تمضي بخطى ثابتة صوب تنويع مصادر الدخل، وفك الارتباط التدريجي عن النفط بوصفه المورد الرئيس، حتى غدت الصناعة ركيزة محورية في رؤية 2030، التي وضعت هدف رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات 1.4 تريليون ريال، بلغت عدد المصانع القائمة 10,966 مصنعا في شهر مايو 2025، بإجمالي استثمارات قاربت تريليون و500 مليار ريال، يعمل بها أكثر من 734 ألف عامل، توزعت على قطاعات حيوية شملت الصناعات الكيماوية، والغذائية، والدوائية، والمعادن، والبلاستيك، والنسيج، والإلكترونيات، ومع كل ترخيص جديد، تتقدم عجلة التوطين، ويتسع نطاق القيمة المضافة، ويتعمق الحضور المحلي في سلاسل الإمداد العالمية، ولم يكن هذا التوسع رقمًا مجردًا على الورق، بل صاحبه نموا مضطردا في الصادرات غير النفطية، التي سجلت في عام 2024 أكثر من 217 مليار ريال، أما الأربعة أشهر من عام 2025 فقد نمت بحوالي 9.6% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2024 ما يعني مواصلة النمو رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي، لتشكل أكثر من 27% من إجمالي الصادرات السعودية، وهو ما يعكس التحول الجوهري في بنية الاقتصاد الوطني. المملكة مضت بخطة حازمة لتحويل القاعدة الصناعية من الاعتماد على المواد الخام إلى التصنيع المتقدم، فشهدنا في السنوات الأخيرة قفزات نوعية في صناعات جديدة مثل السيارات الكهربائية، والمستحضرات الحيوية، والصناعات العسكرية، وهو ما لم يكن ليحدث لولا تأسيس بنية تحتية تشريعية ومالية متكاملة، فقد أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية برنامج 'صنع في السعودية'، ليكون مظلةً وطنية تعزز الثقة بالمنتج المحلي، وتمنح المصنعين السعوديين نافذة أوسع على الأسواق الإقليمية والعالمية، إذ بلغ عدد المنتجات التي تحمل الشعار أكثر من 7,600 منتج، وشهدت طلبات التصدير من المصانع الحاصلة على الشهادة نموًا سنويًا بمعدل 18%، وبلغ عدد الدول التي تستورد المنتجات التي تحمل صنع في السعودية 180 دولة، في الوقت ذاته، عزز صندوق التنمية الصناعية السعودي دعمه للمنشآت الصناعية، متيحًا تمويلات تجاوزت 30 مليار ريال خلال عام واحد، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم الرغبة في تمكين الصناعة بوصفها محركًا أساسيًا للنمو، ولأن كل صناعة تبدأ من المورد وتنتهي عند المستهلك، كان لا بد من تطوير البنية اللوجستية، فشهدت المملكة طفرة في المناطق الصناعية والمدن الاقتصادية والموانئ والمطارات المرتبطة بالمراكز الصناعية، اليوم تضم المملكة أكثر من 36 مدينة صناعية تحت مظلة 'مدن'، تغطي مساحة تزيد عن 200 مليون متر مربع، وتحتضن آلاف المصانع والمشاريع الاستثمارية، وفي موازاة ذلك عززت المملكة بنيتها الرقمية المرتبطة بسلاسل الإمداد والتصدير، لتقلص مدة إصدار التراخيص الصناعية من أسابيع إلى دقائق، وتربط الأنظمة الجمركية بخطوط الإنتاج والتوزيع، مما ساهم في تقليص مدة التصدير بنسبة 40% خلال خمس سنوات فقط، ورفع ترتيب المملكة في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي إلى المرتبة 38 عالميًا في 2023 بعد أن كانت في المرتبة 55 في 2018 أما على صعيد الصادرات غير النفطية، فقد شهدنا تحوّلات جوهرية في نوعية المنتجات واتجاهات الأسواق، فعلى سبيل المثال ارتفعت صادرات المنتجات الكيماوية واللدائن، لتصل إلى أكثر من 148 مليار ريال، مدفوعة بطلب عالمي متزايد على البوليمرات ومشتقات البتروكيماويات السعودية، التي باتت تصدر إلى أكثر من 120 دولة، أبرزها الصين والهند وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي، كما نمت صادرات الأغذية المصنعة بنسبة 12% لتصل إلى 25 مليار ريال، وهو ما يعكس التقدم الملحوظ في جودة الإنتاج الغذائي المحلي، وقدرته على المنافسة في أسواق دول مجلس التعاون والدول الإسلامية. وفي مشهدٍ آخر من مشاهد التطور، قفزت صادرات الصناعات المعدنية لتصل الى أكثر من 840 مليار ريال في عام 2024، مدفوعة بتوجه المملكة لتوطين صناعة الحديد والألمنيوم والنحاس والذهب، مما أعطى دفعة قوية للصناعات الثقيلة بوصفها روافد أساسية للاقتصاد المحلي، وما يبعث على التأمل أن هذا التطور الصناعي لم يأت على حساب البيئة أو الاستدامة، بل على العكس، فقد تبنت المملكة مفهوماً جديداً للصناعة النظيفة والاقتصاد الدائري، إذ يشترط على المصانع الجديدة الالتزام بمعايير كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات، إلى جانب استخدام مصادر الطاقة المتجددة في عمليات التصنيع، كما دشنت المملكة مشروعات كبرى لإعادة التدوير، ساهمت في تحويل ملايين الأطنان من النفايات الصناعية إلى مواد أولية تدخل في سلاسل الإنتاج مرة أخرى، مما عزز من الكفاءة الاقتصادية وقلّص الفاقد، في هذا السياق لا تبدو الأرقام مجرّد مؤشرات على ورق، بل هي شواهد حية على صعود تدريجي ومدروس، يثبت أن الصناعة السعودية لم تعد تابعة بل باتت فاعلة، ولم تعد مجرد قطاع دعم بل أصبحت قاطرة للنمو، فحين تنظر إلى المستقبل وتقرأ الخطة الوطنية للصناعة، التي تستهدف مضاعفة الناتج الصناعي إلى تريليون ريال، وتوفير مئات الآلاف من الوظائف النوعية، وزيادة الصادرات غير النفطية إلى أكثر من 50% من إجمالي الصادرات، تدرك أن ما بدأته المملكة ليس مشروعًا اقتصادياً فحسب، بل تحوّلاً بنيويًا نحو اقتصاد إنتاجي مستدام، يتحدث بلغة الأرقام، ويصنع المستقبل بيد أبنائه، من قلب الصحراء إلى أسواق العالم.