
دعم أمريكي محتمل لضربات جديدة للاحتلال الإسرائيلي لـ"تجميد النووي الإيراني"
كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي، نقلاً عن مصدرين مطلعين، أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ بالتحضير لاحتمال تنفيذ ضربات عسكرية جديدة ضد المنشآت النووية الإيرانية، في حال أقدمت طهران على إعادة تفعيل أنشطة تخصيب اليورانيوم، وسط إشارات إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يوافق على هذه الهجمات إذا توفرت "ظروف معينة".
ويأتي هذا التطور في أعقاب مأدبة عشاء جمعت ترامب برئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض مساء أمس الاثنين، حيث أشاد الطرفان بـ"النجاحات المشتركة" خلال الحرب الأخيرة مع إيران، فيما عبّر ترامب عن أمله في أن تكون المواجهة قد انتهت، معلنًا عن "موعد جديد" لاستئناف المفاوضات مع الإيرانيين، وفق ما أعلنه مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي قال إن الاجتماع المرتقب "قد يُعقد الأسبوع المقبل أو ما شابه".
غير أن نتنياهو لم يشارك ترامب تفاؤله، مشددًا على أن الاحتلال الإسرائيلي "سيواصل مراقبة أي تهديد قد يطال أمنها"، في إشارة ضمنية إلى استمرار الاستعدادات العسكرية رغم الأجواء الدبلوماسية المستجدة.
وفي هذا السياق، أفاد وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، خلال اجتماعات مغلقة أجراها الأسبوع الماضي في واشنطن، أنه خرج بانطباع يفيد بأن إدارة ترامب "لن تمانع توجيه ضربات إسرائيلية إضافية لإيران، إذا ما توفرت مبررات عملياتية"، بحسب ما نقله "أكسيوس" عن مصدرين حضرا اللقاءات.
وأشار ديرمر، الذي التقى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث ستيف ويتكوف، إلى أن السيناريوهات المحتملة التي قد تدفع باتجاه تصعيد جديد تشمل نقل إيران لليورانيوم عالي التخصيب من منشآت متضررة مثل فوردو ونطنز وأصفهان، أو شروعها في إعادة بناء مرافق التخصيب النووي المدمرة.
وتشير تقديرات استخباراتية أمريكية وإسرائيلية إلى أن إيران تملك حاليًا نحو 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة اللازمة لتصنيع سلاح نووي (90%)، إلا أن هذا المخزون لا يزال محتجزًا داخل ثلاث منشآت نووية مغلقة تعرّضت لضربات أمريكية وإسرائيلية، ما أدّى إلى تعطيل بنيتها التحتية، دون تدميرها بالكامل.
وقالت مصادر أمنية لـ"أكسيوس" إن أجهزة الاستخبارات في تل أبيب وواشنطن تراقب عن كثب أي مؤشرات على نقل هذه المواد أو استئناف نشاطات التخصيب، معتبرة أن أي تحرك من هذا النوع سيكون بمنزلة "تجاوز للخطوط الحمراء".
وتتقاطع هذه المعطيات مع تصريحات الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، الذي أقرّ خلال مقابلة بثّها الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون الاثنين، بأن بعض المنشآت النووية الإيرانية تعرضت لأضرار جسيمة جراء الهجمات الأخيرة، مضيفًا أن إيران "لا تملك حاليًا القدرة على تقييم حجم الضرر بدقة، بسبب عدم الوصول الكامل إلى المرافق المستهدفة".
من جهته، أعاد الوزير الإسرائيلي ديرمر تأكيد أن الولايات المتحدة لا تزال متمسكة بمبدأ "صفر تخصيب" داخل الأراضي الإيرانية، معتبرًا أنه يشكّل أحد الشروط الحاسمة في أي جولة مقبلة من المحادثات النووية.
ويأتي هذا الحراك العسكري-الدبلوماسي في ظل محاولات واشنطن إنعاش مسار المفاوضات مع طهران، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا الشهر الماضي، وأدّت إلى قصف أمريكي-إسرائيلي مشترك استهدف البنية التحتية النووية لإيران، ما اعتبرته طهران "عدوانًا مباشرًا على سيادتها".
وفيما يسعى ترامب إلى تحقيق اختراق تفاوضي قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، تشير مواقف نتنياهو وحكومته إلى أن الاحتلال لن ينتظر نتائج المسار الدبلوماسي، وأنه يحتفظ بحق "التحرك الأحادي" في حال شعرت أن إيران تعيد بناء برنامجها النووي العسكري تحت غطاء التفاوض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة خبر
منذ يوم واحد
- وكالة خبر
في العلاقة بين ترامب ونتنياهو...!
في العلاقة بين الثنائي بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب ما يدعو للسخرية أحياناً وللدهشة أحياناً أخرى، فهي تخرج عن التقاليد السياسية التي تتابعها دوماً أجهزة المخابرات وفضول الصحافة، وهي مهمة لفهم طبيعة السياسة في المنطقة، وتحديداً في الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، لأن الخطأ في فهم تلك العلاقة يؤدي لاجتهاد سياسات خاطئة. لا يتشابه الرجلان كفاسدَين فقط لاحقتهما المحاكم التي تزخر بملفاتهما كلٌ في بلده، أو لأن كلاً منهما يسعى لتحطيم الدولة العميقة، بل يشتركان في الأهداف حد التماثل في إطار صداقة شخصية نادرة تعبر عن نفسها بمديح لا يتوقف من أحدهما للآخر، كأن هناك نوعاً من التوأمة بينهما، وبالنظر لتاريخ ولايتَي ترامب الأولى ومقدمات الثانية يمكن أن نستنتج ما ينفي أي تباين بينهما، بقدر ما يعكس تخطيطاً وتنسيقاً وطبخاً مشتركاً لكل شيء، وأن ادعاء الخلاف في لحظات ما ليس أكثر من ضرورات الخداع، كما حصل مع حماس وإيران والعرب سرعان ما أن تنكشف لحظة انتهاء المَهمة المطلوب التضليل من أجلها. وثِقت حماس بترامب في تهدئة كانون الثاني الماضي، وبلغ بها الانفعال أن طالبت بلقائه ووافقت على تجزئة الاتفاق، لتكتشف بعد التنصل الإسرائيلي أن ترامب يهدد بفتح الجحيم على غزة دون أن يشير لإسرائيل. ووثِقت إيران بترامب عندما كان على وشك جولة تفاوضية منتصف حزيران، مستبعداً ضرب إسرائيل لها لتكشف الصحافة المزهوة في إسرائيل أنهما كانا يطبخان الضربة سوياً، وكذلك الضربة الأميركية عندما أعطى إيران مهلة أسبوعين في تلك الليلة. هناك مدرستان في تحليل العلاقة، واحدة تتعاطى مع ترامب مجرد ذراع تنفيذي لبنيامين نتنياهو، وأخرى تعتقد في لحظات معينة أن هناك تباينات بين الرجلين، أو أن لترامب في لحظة معينة مصلحة يمكن أن تتضارب مع نتنياهو، أو أن الأول يمكن أن يضغط على الأخير في موضوع ما، هذه القراءة تضلل السياسيين إذا كانوا يقرؤون ليجازفوا باتخاذ قرارات أو توجهات ارتباطاً بذلك، وهو ما أدى لفشل سياسي في لحظات معينة. قبل زيارته للخليج في أيار الماضي كان مكتب ترامب يعلن بشكل مفاجئ أن ترامب غاضب على نتنياهو، وأنه قام بقطع كل الاتصالات معه ... ربما صدّق العرب ذلك، لكن الهدف حينها أن تلك كانت مقدمة تضليلية لازمة للزيارة لقطع الطريق أمام زعماء الخليج، إذا ما طالبوا بوقف الحرب أو بطلب أي شيء يتعلق بنتنياهو سيقول لهم «آسف أنا لا أتحدث معه وقد قطعت كل اتصالاتي معه» وربما يجامل بالقول: أنا أكرهه وهكذا. في ولايته الأولى كان بنيامين نتنياهو يقوم بشحن دونالد ترامب وترتيب عقله الفوضوي بما يتعلق بفلسطين والمنطقة، وقد تفاخر الأخير بخدماته الجليلة لإسرائيل، فقد حقق أحلاماً كبيرة جداً لنتنياهو، حيث اعترف في العام الأول من تلك الولاية بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعترف بضم الجولان، وقدم صفقة القرن باعتبارها الحل النهائي، وحاول دمج إسرائيل بالمنطقة، فصنع لها اتفاقيات ابراهيمية وفوق ذلك انسحب من الاتفاق النووي مع ايران، واغتال لها قاسم سليماني، وهي إنجازات لم يكن يتخيلها نتنياهو في أسعد أحلامه. أما في الولاية الثانية فكان نتنياهو مستعجلاً ارتباطاً بموعد حكومته. فقد دُعي للبيت الأبيض ثلاث مرات في غضون خمسة أشهر، وهي سابقة لم تحدث، بالإضافة لرمزية استقبال الرئيس الأميركي لأول ضيف في المكتب البيضاوي، وهذا وفي العرف الأميركي رسالة بأن هذا الضيف هو الأقرب لعقله وقلبه خلال ولايته، وفي الزيارة الأخيرة هذا الأسبوع استضافه في مقر الضيافة الرسمي» بلير هاوس». وإذا كان ترامب قد ذهب في ولايته الأولى نحو تحقيق الأطماع الإستراتيجية، فقد ذهب في الولاية الثانية نحو المخاطر الإستراتيجية أو الأخطار الوجودية كما تسميها دوائر الأمن القومي، والتي تشمل الديمغرافيا الفلسطينية والبرنامج النووي الإيراني. وخلال الأشهر القليلة الماضية كان ترامب أكثر تهوراً وأسرع في الركض وراء بنيامين نتنياهو، ففي السابع من شباط تلقى العالم صدمة إعلان الرئيس ترامب الذي تم شحنه عن خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة، بما يتنافى مع أبسط القوانين والأخلاق الكونية، ثم ينتقل في حزيران للهاجس التاريخي لنتنياهو بضرب البرنامج النووي الإيراني والمفاعلات النووية والعلماء القائمين عليه، فيعلن بعدها أن نتنياهو «بطل الأبطال». في هجوم ترامب على القضاء الإسرائيلي الذي يحاكم نتنياهو ما يشي بتلك العلاقة التي ذهب ترامب حد تهديد الدولة الإسرائيلية ومعاقبتها، إذا ما استمرت بملاحقة شريكه الذي يفاخر بتلك الشراكة، قائلاً «أنا وترامب لا نتقاسم فقط استراتيجية مشتركة بل أيضاً تكتيكاً مشتركاً»، بل وأبعد من ذلك يكذبون ويخدعون ويتآمرون بشكل مشترك وبالتفاصيل أو التكتيكات كما يصفها نتنياهو. من الخطأ تصور عكس ذلك، فترامب لا يحتمل عير البِيض، ويعتبر واسرائيل جزءاً من هذا العالم «الأبيض الحضاري»، ويشتركان في النظرة للعرب بأنهم متخلفون وبرابرة غير حضاريين، يتقاتلون على السلطة ولا يؤمنون بالديمقراطية، ولم يبنوا دولاً حديثة تحترم الإنسان، يكرهون بعضهم ويخونون بعضهم ويتعاونون مع الآخر، فلماذا يحترمونهم أو يتعاطون معهم بمصداقية وبلا خديعة إذا كانت الصورة الذهنية لدى ترامب تنبع من تقسيم العالم لبيض وملونين... ونحن ملونون. من يعتقد أن هناك تبايناً بين ترامب ونتنياهو أو بين واشنطن وتل أبيب بحاجة لإعادة النظر. فلم تكن صدفة التاريخ أن الإدارات الأميركية على تنوعها كانت خادمة لإسرائيل... فالمسألة ثقافية تاريخية، هي تنتمي لهذا العالم ونحن غرباء، والأسوأ أننا نهين تاريخنا لنصبح مدعاة للسخرية من الجميع... ليس من ترامب وحده...!


وكالة خبر
منذ يوم واحد
- وكالة خبر
ترامب سيُصدر إعلانًا مهمًا بشأن روسيا الإثنين المقبل
أفادت قناة "إن بي سي نيوز" التلفزيونية، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعد بالإدلاء بتصريح وصفه بغاية الجدية بشأن روسيا الإثنين المقبل الموافق 14 يوليو الجاري. وقال ترامب خلال مقابلة مع القناة الأمريكية، ليلة أمس الخميس: "أعتقد أني سأصدر إعلانا هاما حول روسيا في يوم الاثنين المقبل". وخلال المقابلة، رفض ترامب تقديم أي تفاصيل إضافية حول محتوى تصريحه المقبل، مضيفًا: "أشعر بخيبة أمل تجاه روسيا. دعونا نرى ما سيحدث في الأسبوعين المقبلين". في وقت سابق، كشفت صحيفة "التلغراف" البريطانية أن ترامب يخطط لاستخدام وزير الخزانة سكوت بيسنت كسلاح سري ضد الاقتصاد الروسي. وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "بوليتيكو" نقلا عن مصادر في البيت الأبيض والكونغرس بأن ترامب أعرب عن استعداده لدعم مشروع قانون جديد ثنائي الحزب لفرض عقوبات على روسيا، بشرط إجراء تعديلات على الوثيقة تمنح الرئيس صلاحيات أوسع في مجال السياسة الخارجية.


وكالة خبر
منذ يوم واحد
- وكالة خبر
خيارات الكيان الصهيوني في المرحلة المقبلة
يتولّد لدى المتابع لما يجري حالياً في الداخل الإسرائيلي انطباع عام بأن الشعور المسيطر على النخب السياسية والفكرية هناك، يعكس مزيجاً من الزهو والقلق في الوقت نفسه. زهو بما حققه 'الجيش' من مكاسب عسكرية حاسمة على مختلف جبهات القتال، خصوصاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وقلق من احتمال عجز نخبته الحاكمة عن ترجمة المنجزات العسكرية إلى مكاسب سياسية واستراتيجية تشبع حاجة المجتمع الإسرائيلي الماسة إلى الشعور بما يكفي من الأمن للثقة في مستقبل أفضل. فوسائل الإعلام الإسرائيلية، على اختلاف توجهاتها ومواقفها، تؤكد لمشاهديها ومستمعيها وقرائها، في كل لحظة، أن 'الجيش' حقق انتصارات كبرى في كل المعارك التي خاضها على الجبهات الفلسطينية واللبنانية والعراقية والسورية واليمنية والإيرانية. فعلى الجبهة الفلسطينية، قام بتدمير قطاع غزة وألحق هزيمة كاسحة بجميع الفصائل المسلحة، ما أدى إلى انهيارها وتفككها على نحو دائم. وعلى الجبهة اللبنانية، نجح في إخراج حزب الله من الميدان، بعد اغتيال قياداته، وأصبح بالتالي في وضع لا يسمح له لا بتقديم المساندة للشعب الفلسطيني ولا حتى بالمحافظة على مكانته داخل معادلة السياسة اللبنانية. وعلى الجبهة العراقية، استطاع احتواء الميليشيات المسلحة وتحييدها، بعد أن أجبرت على الصمت، وبالتالي لم يعد لها أي دور يمكن أن تلعبه على ساحة الصراع الإقليمي. أما على الجبهة السورية، فقد سقط النظام الذي كان بمنزلة رئة تسمح لحزب الله بالتنفس وتتيح لإيران إطلالة على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، وحلّ محلّه نظام مختلف، يتطلع إلى التحالف مع المعسكر الغربي وأصبح مستعداً للتحوّل إلى حائط صدّ أمام تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة. وعلى الجبهة الإيرانية، أثمر التنسيق التام بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي إزالة ليس التهديد الناجم عن برنامجَي إيران النووي والصاروخي فحسب، وإنما أيضاً التهديدات التي كان يمثلها 'محور المقاومة' ذات يوم بالنسبة على 'إسرائيل'. يدرك الجمهور الإسرائيلي أن جماعة أنصار الله اليمنية ما تزال قادرة على إطلاق بعض الصواريخ أو المسيرات من حين إلى آخر، وأن الفصائل الفلسطينية المسلحة ما تزال تحتجز عدداً لا بأس به من الرهائن وقادرة على إلحاق المزيد من الخسائر في صفوف 'الجيش' المتوغل في قطاع غزة، غير أن هذا الجمهور يصدق إجمالاً ما يقال له عن أن هذه الجماعات والفصائل لم تعد تشكل أي تهديد فعلي لأمن 'إسرائيل'، بل ولم تعد قادرة على ممارسة أي تأثير يذكر على مسار الصراع الدائر في المنطقة، ومن ثم يتطلع إلى تحويل المنجزات العسكرية إلى مكاسب سياسية واستراتيجية تفضي إلى: 1- نزع سلاح حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وإلزام كبار قادتها بمغادرة القطاع، مقابل ضمانات بعدم ملاحقتهم أو التعرض لهم أو لأسرهم بالأذى. 2- إلزام حزب الله بتسليم ما تبقى من ترسانته التسليحية للدولة اللبنانية، وإخلاء منطقة الجنوب من أي وجود مسلح، فيما عدا العناصر التابعة للجيش أو لقوات اليونيفيل. 3- التوصل مع إيران، طوعاً أو كرهاً، إلى اتفاق يحرم عليها القيام بأي عمليات تخصيب لليورانيوم على أراضيها، ويضع منشآتها النووية كافة تحت الرقابة الدائمة والصارمة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية، ويحجم برنامجها التسليحي، خصوصاً ما يتعلق منه بتصنيع المسيرات والصواريخ الباليستية. 4- توسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية لضم سوريا ولبنان، في مرحلة أولى، ثم السعودية ودول عربية أخرى في مرحلة تالية. رغم ما تنطوي عليه هذه المطالب من غلو وشطط، فإنها تبدو معتدلة إلى حد كبير إذا ما قورنت بمطالب الجناح الأكثر تطرفاً في الحكومة الإسرائيلية الحالية، وهو جناح لا يكتفي بالمطالب السابقة، وإنما يضيف إليها مطالب أخرى، أهمها: 1-إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، تمهيداً لاستيطانه وتهجير الفلسطينيين منه. 2- ضم الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها على الأقل. 3- هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه. ولأن بعض شرائح النخب السياسية والفكرية في 'إسرائيل'، خصوصاً الشرائح الأكثر ارتباطاً بالدولة العميقة، تخشى من ضياع الفرصة التي تراها متاحة حالياً لتحويل ما تحقق من منجزات عسكرية إلى مكاسب سياسية واستراتيجية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، بسبب تعنّت حكومة نتنياهو التي تتحكم فيها أهواء وشطحات الجناح الأكثر تطرفاً، فقد نشطت بعض مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية في طرح رؤى وأفكار أكثر عقلانية حول 'اليوم التالي'، يمكن تلخيص أهم عناصرها الرئيسية في: 1- ضرورة القبول بانسحاب متدرج وكامل لـ'الجيش' الإسرائيلي من قطاع غزة، على أن يكتمل هذا الانسحاب باكتمال صفقة التبادل (التي سيتم بموجبها تبادل الرهائن الأحياء ورفات الجثث المتبقية، مقابل الإفراج عن عدد يتفق عليه من المعتقلين الفلسطينيين). 2- تسليم شؤون إدارة قطاع غزة لقوات عربية ودولية تتولى الإشراف بنفسها على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وترحيل قادتها إلى خارج القطاع. 3- البدء في إعادة إعمار القطاع وفق الخطة التي اقترحتها مصر وتبنتها كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. 4- تنشيط الجهود الدبلوماسية الرامية إلى توسيع نطاق اتفاقيات أبراهام، بالتزامن مع فتح طريق نحو إقامة دويلة فلسطينية منزوعة السلاح، تشمل قطاع غزة وما تبقى من الأراضي الخالية من المستوطنات اليهودية والقابلة للاستنقاذ من مخالب الصهيونية الدينية في الضفة الغربية. ليس من المستبعد أن ينجح ترامب في إقناع نتنياهو، إبان زيارته الحالية إلى واشنطن، بتبني رؤية قريبة من تلك التي تحاول أجهزة الدولة العميقة في 'إسرائيل' المساهمة في الترويج لها في المرحلة المقبلة. فالتصريحات التي أدلى بها مؤخراً بعض كبار القادة الأمنيين، تؤكد أن العملية العسكرية الجارية حالياً في قطاع غزة استنفدت أغراضها بالكامل، خصوصاً بعد أن تبيّن على وجه اليقين استحالة استعادة الرهائن أحياء. وحتى بافتراض إمكانية التضحية بالرهائن، باعتبارهم قتلى وضمن خسائر الحرب المكلفة، فليس لـ'إسرائيل' أي مصلحة في إعادة احتلال قطاع غزة واستيطانه إلا في حالة واحدة فقط، ألا وهي النجاح في التهجير الكامل والقسري لكل سكان القطاع، وهو أمر لا يستبعد كثيرون أن تكون له عواقب وخيمة، بما في ذلك احتمال اندلاع الحرب مع مصر، وهو احتمال لا يوجد عاقل في 'إسرائيل' يخاطر حتى بمجرد التفكير فيه، ومع ذلك ففي 'إسرائيل' من المجانين ما يكفي للتحسب لأكثر الاحتمالات سوءاً. نخلص مما تقدم إلى أن المجتمع الإسرائيلي لا يبدو جاهزاً في الوقت الحالي لتقبل حلول تستجيب للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المشروعة، أو حتى لتسويات على أساس الحد الأدنى المقبول عربياً. فأكثر التوجهات اعتدالاً في هذا المجتمع المتعصب، غير القادر حتى الآن على إدراك أن المعضلة الرئيسية تكمن في احتلال أراضي الغير الذي يولد الإرهاب وليس العكس، لا ترقى للقبول بفكرة وأهمية إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع، وأقصى ما يمكنه القبول به في المرحلة الراهنة هو شبه دولة منزوعة السلاح في قطاع غزة، بعد تقليص عدد سكانه إلى أقصى حد ممكن، مضافة إليه مساحات محدودة جداً من الضفة الغربية. وحتى هذا الحل، المرفوض فلسطينياً وعربياً بكل تأكيد، لا يبدو قابلاً للتطبيق على أرض الواقع إلا بعد سقوط حكومة نتنياهو الحالية وتشكيل حكومة جديدة خالية من العناصر الأكثر تطرفاً، وهو سيناريو غير مضمون الحدوث أيضاً. لذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائياً في هذه الحالة، يجب أن يصاغ على النحو الآتي: هل موازين القوى القائمة حالياً تجبر الفلسطينيين والعرب على التعاطي مع تسويات من هذا النوع؟ الواقع أن نغمة الانتصار التي تصدح بها وسائل الإعلام الصهيونية في هذه الأيام تبدو أعلى بكثير مما تعبر عنه موازين القوى القائمة على أرض الواقع. فرغم كل ما تلقاه 'محور المقاومة' من ضربات موجعة، فإنه لم يهزم، بل وتمكن من توجيه ضربات غير مسبوقة في تاريخ المشروع الصهيوني، نجحت في إسقاط كل الأقنعة عن الطبيعة العنصرية والإجرامية لهذا المشروع، وفي تعرية هشاشته وإثبات قابليته للهزيمة في المدى المنظور. فالمقاومة الفلسطينية لم تستسلم ولم تلق السلاح بعد، وحزب الله اللبناني أوقف القتال تحت ضغط الداخل، لكنه لم ولن يخرج من 'محور المقاومة'. واليمن ما زال ينبض بالكبرياء ويعبّر عن الشرف العربي في أسمى معانيه. وإيران دخلت على خط الصراع المباشر مع المشروع الصهيوني ولكن تستطيع الخروج منه بسهولة، حتى لو أرادت، وبالتالي لن تقبل الخضوع لإملاءاته. والأنظمة الحاكمة في العالم العربي، التي اختارت موقع المتفرج في الجولة الراهنة من الصراع المسلح مع المشروع الصهيوني، لن تقوى على تحمل كل مطالبه وإملاءاته، والأهم أن لديها أوراقاً كثيرة لم تستخدم بعد وستضطر لاستخدامها يوماً. سوريا هي نقطة الضعف العربي الأكثر قابلية للإيلام هذه الأيام، خصوصاً في حال نجحت الضغوط الصهيوأميركية في اختراقها من الداخل، لكن ليس لدى 'إسرائيل' أو الولايات المتحدة ما يقدمانه لسوريا العربية. وحين يدرك الجولاني أن الخيار الوحيد المطروح أمامه هو التنازل عن الجولان كثمن لبقائه في السلطة، سيكتشف على الفور أنه لم يعد أمامه سوى الاختيار بين العمالة والمقاومة، وحينها سيصبح المسار الذي سيسلكه الصراع مع المشروع الصهيوني في المرحلة المقبلة أكثر وضوحاً، وهو مسار لا يخالجني أي شك في أنه سيسير حتماً على نهج المقاومة بكل أشكالها.