logo
كيف استعادت الدراما العراقية جمهورها بهذه المسلسلات؟

كيف استعادت الدراما العراقية جمهورها بهذه المسلسلات؟

الجزيرةمنذ 3 أيام
شهدت الدراما العراقية السنوات الأخيرة تطورا لافتا، مدفوعة باستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، إلى جانب الدعم الحكومي المتزايد لقطاع الترفيه. كما أسهمت المنصات الرقمية في توسيع دائرة انتشار المسلسلات العراقية، التي باتت تُعرض بجودة فنية عالية وتلقى اهتماما متزايدا في العالم العربي.
يتزامن هذا التحول مع بروز جيل جديد من الكتّاب والمخرجين العراقيين، الذين يقدّمون أعمالا درامية غنية ومتنوعة، تستلهم قصصها من الواقع اليومي، وتتناول قضايا تهم المواطن العربي وتعبّر عن همومه بأسلوب قريب وبسيط.
في ما يلي، نستعرض مجموعة من أبرز المسلسلات العراقية التي حجزت مكانا لها على الشاشات العربية والمنصات الرقمية:
"هوى بغداد" الرومانسية على الطريقة العراقية
كشف مسلسل "هوى بغداد" عند عرضه عام 2019 عن طفرة في الدراما الرومانسية التي كانت تميل إلى المبالغة من قبل، فجاءت حلقاته الـ15 لتحمل قصص حب منفصلة تكشف في طياتها أحوال الطبقات المجتمعية المختلفة والعادات والتقاليد في المحافظات العراقية، بدءا من العاصمة وصولا إلى الريف، مستخدما أسلوب تصوير مبتكر في استعراض المعالم السياحية والتاريخية في العراق.
والمسلسل من بطولة الممثل التركي ذي الأصول العراقية آسر ويست، والممثلة التونسية العراقية زهرة بن ميم، ومن إخراج وتأليف مهند أبو خمرة، الذي جمع قصصه في ما بعد داخل كتاب نُشر عام 2020 تزامنا مع معرض بغداد للكتاب.
يُذكر أن هناك جزءا ثانيا من المسلسل تم طرحه بعنوان "دجلة والفرات" في رمضان عام 2021، غير أنه لم ينل النجاح نفسه بسبب أزمات إنتاجية عديدة.
"العشرة" دراما عراقية توثق أوجاع الحرب
من أبرز الأعمال التي تناولت مرحلة الحرب من زاوية إنسانية خالصة، جاءت سلسلة "العشرة"، التي عرضت لأول مرة عام 2023، مستعرضة قصص 10 شهداء سقطوا خلال الحرب، ومعاناة ذويهم. وقد تميّز المسلسل بتجنّبه الخطاب السياسي والمشاهد العنيفة، وركز بدلا من ذلك على سرد درامي مؤثر يلامس الوجدان ويضيء على الألم الإنساني الذي خلفته الحرب في حياة العائلات.
وفي رمضان 2025، عادت السلسلة بجزء ثان بعنوان "العشرين"، وحقق هذا العمل نجاحا جماهيريا لافتا فاق الجزء الأول. وقد تميز بأسلوب سرد أكثر عمقا ونضجا، متجاوزا القوالب التقليدية في الدراما الحربية، ليستعرض قصص 20 شهيدا من ضحايا الإرهاب، ويكشف الأثر النفسي والاجتماعي على عائلاتهم بطريقة أقرب إلى التوثيق العاطفي منها إلى العرض السياسي.
جاءت السلسلة من بطولة الفنانة آلاء حسين والممثل خليل فاضل خليل، ومن تأليف ورشة الكاتب مصطفى الركابي، وإخراج علي حديد، الذي أضفى على العمل لمسة فنية مميزة أسهمت في جعله من أبرز إنتاجات الدراما العراقية السنوات الأخيرة.
"ليلة السقوط"
تناول مسلسل "ليلة السقوط"، الذي أُنتج عام 2023، تفاصيل المعاناة التي عاشها أهالي مدينة الموصل خلال فترة سيطرة الجماعات المسلحة، مستعرضا الأحداث القاسية التي امتدت بين عامي 2014 و2017. وقد ركّز العمل، عبر سرد درامي مكثف، على رحلة التحرير التي خاضتها القوات المسلحة العراقية، بالشراكة مع قوات البيشمركة والحشد الشعبي، ناقلا للمشاهدين لحظات استعادة المدينة وما رافقها من أمل بالخلاص بعد سنوات من الألم والمعاناة.
تميّز المسلسل بمشاركة نخبة من نجوم الدراما العربية، مما منحه بعدا جماهيريا واسعا. شارك في بطولته الفنان المصري طارق لطفي، إلى جانب النجمة الأردنية صبا مبارك، و3 من أبرز نجوم الدراما السورية: باسم ياخور، وكندة حنا، وميلاد يوسف. هذا التنوّع العربي أسهم في تعزيز البُعد الإنساني للقصة، وربط المشاهد العربي بتفاصيل الواقع العراقي.
قُدم المسلسل برؤية تأليفية للكاتب المصري مجدي صابر، الذي عمل على المشروع لأكثر من 3 سنوات، التقى خلالها عائلات الشهداء والمصابين وشهود العيان، مما أضفى على النص بعدا واقعيا عميقا. أما الإخراج فكان للمخرج السوري ناجي طعمة، المعروف بميوله إلى الواقعية، إذ استعان بمقاتلين حقيقيين في بعض المشاهد، وحرص على تقديم تفاصيل دقيقة وصادمة، مثل مشهد انفجار لغم حقيقي من مخلفات داعش، تم تصويره باستخدام تقنيات سينمائية خاصة، لكنه أدى إلى تدمير جميع الكاميرات المُستخدمة، مما أظهر حجم التحدي الذي واجهه فريق العمل.
ويُعد "ليلة السقوط" من أضخم الإنتاجات الدرامية في العالم العربي، إذ تخطت ميزانيته 5 ملايين دولار، إضافة إلى دعم لوجستي كبير من الحكومة العراقية تجاوز 10 ملايين دولار، ما مكّن صنّاعه من تقديم تجربة درامية مختلفة، توثق الحرب من زاوية إنسانية وفنية غير تقليدية.
"خان الذهب".. صراع العائلات
في رمضان 2023، عُرض مسلسل "خان الذهب" الذي قدّم تيمة الصراع العائلي بشكل مختلف، عبر دخول عالم الصاغة، في طرح درامي غير مسبوق في الدراما العربية. تميز العمل بحبكة متماسكة وكتابة عميقة للشخصيات من تأليف محمد حنش، مع أداء لافت من سامي قفطان وأميرة جواد وآخرين، وإخراج بهاء خداج.
وفي عام 2024، صدر الجزء الثاني بعنوان "خان الذهب.. البداية"، لكنه لم يلق النجاح نفسه، وتعرض لانتقادات بسبب جرأته وبعده عن واقع المجتمع العراقي. كما قُدمت نسخة سعودية منه بعنوان "بيت العنكبوت" في العام نفسه.
"دار المنسيين".. دراما إنسانية
في ظل غياب واضح لتناول قضايا كبار السن في الدراما العربية، جاء المسلسل العراقي "دار المنسيين" ليكسر هذا الصمت خلال الموسم الرمضاني الماضي، مسلطا الضوء على المعاناة النفسية والصحية للمسنّين داخل دور الرعاية، نتيجة التهميش الأسري وغياب الدعم من الأبناء.
يعالج العمل ظاهرة التفكك الأسري وتأثيرها المتصاعد في بعض المجتمعات العربية، من خلال سرد إنساني عميق ومؤلم.
المسلسل من بطولة ستار خضير، وستار علوان، ومحسن العلي، ومحمد هاشم، ومن تأليف مهند هادي، وإخراج حيدر الشامي.
"قطار الموت"
يحمل مسلسل "قطار الموت" طابعا توثيقيا مكثفا، إذ يعيد في 7 حلقات تسليط الضوء على واحدة من أكثر الفترات حساسية في التاريخ العراقي الحديث، وتحديدا عام 1963، الذي شهد انقلاب البعثيين على عبد الكريم قاسم، أول رئيس وزراء للجمهورية العراقية بعد سقوط النظام الملكي.
يركز العمل على حادثة "قطار الموت" المأساوية، التي أودت بحياة نحو 100 معتقل سياسي، اختنقوا داخل عربة نقل سيئة التهوية في أثناء ترحيلهم إلى أحد السجون.
المسلسل من بطولة باسم الطيب، وخليل إبراهيم، وأحمد الركابي، ومن تأليف علي صبري، وإخراج رعد مشتت.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صناع سينما وثائقية: أنظارنا تتجه نحو غزة ولن نتوقف عن التوثيق والإدانة
صناع سينما وثائقية: أنظارنا تتجه نحو غزة ولن نتوقف عن التوثيق والإدانة

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

صناع سينما وثائقية: أنظارنا تتجه نحو غزة ولن نتوقف عن التوثيق والإدانة

أعلن عدد من رواد السينما الوثائقية تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في مواجهة ما يتعرض له في غزة، ونددوا بما وصفوه بانتهاكات جسيمة تطال المدنيين، حسب بيان وقعه عدد من صناع السينما الذين كرّمتهم جمعية "سكام" الفرنسية تقديرا لمجمل أعمالهم. وأشار البيان إلى أن عددا كبيرا من صناع الأفلام الوثائقية والكُتاب والكاتبات والصحفيين والمصورين يعملون من خلال أفلامهم وكتبهم وصورهم وتقاريرهم على رصد التاريخ والواقع، بهدف تسليط الضوء على ما يمس الإنسانية ويؤذيها، سواء في مجريات العالم الكبرى أو في أعماق النفوس، في أقاصي الأرض أو على مقربة منا. ومن أوائل الموقعين على البيان كل من المخرج ويليام كاريل، والمخرج دانيال كارلين، والكاتب بيير بايار، والمخرجة سيمون بيتون، والمخرجة فرانسواز رومان، والمخرجة كارمن كاستيو، والمخرج آفي موغرابي، والكاتب باتريك شاموازو، وكذلك المصور أوليفييه كولمان، والمصورة لورا التنتاوي، والكاتب الصحفي شارل أندرلان، والكاتبة آني إرنو، والصحفية كاثلين إيفان، والصحفي رافائيل غاريغوس، والمصور كريستيان لوتز، والمنتج الإذاعي والكاتب الصحفي دانيال ميرميه. كما وقعت البيان صانعة الوثائقيات والكاتبة الإذاعية إيرين أوميليانينكو، والصحفية والكاتبة الإذاعية ألين باييه، والصحفية إيزابيل روبير، والصحفي ديني روبير، والصحفية والمخرجة ماري-مونيك روبين، وأيضا الكاتبة ليدي سالفاير، والمصورة كريستين سبينغلر، والمخرج جان-بيير تورن، والمصورة فيرونيك دو فيغيري، والمخرجة تيري وين داميش. وجاء في البيان، "أنظارنا تتجه نحو غزة، ولا شيء يمكن أن يصرفنا عنها. إنه الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة". وأضاف البيان "كما فعلنا من قبل مع الأرمن، واليهود، والغجر، والتوتسي، وجميع الشعوب المضطهدة، لن نتوقف عن توثيق ما يجري أمام أعيننا، وعن إدانة ما يُسجل اليوم ضمن قائمة الفظائع اللاإنسانية". تضامن عالمي يأتي هذا البيان في سياق موجة تضامن عالمية متصاعدة مع الشعب الفلسطيني، إذ شهدت الأيام الأخيرة مواقف داعمة من عدد من الفرق الموسيقية والفنية الدولية. فخلال مشاركتها في مهرجان روسكيلد الموسيقي في الدانمارك، وجهت فرقة الروك المستقلة "فونتينز دي سي" رسالة قوية مؤيدة لفلسطين، أثارت تفاعلا واسعا. وخلال أدائها على المسرح، صعد عدد من النشطاء المؤيدين للقضية الفلسطينية ورفعوا هتافات باللغتين العربية والإنجليزية، بينما ظهرت خلفية العرض تحمل صورة ضخمة للعَلم الفلسطيني، في مشهد لاقى إشادة جماهيرية كبيرة واهتماما إعلاميا ملحوظا. إلى جانب عدد من الفرق الغنائية والموسيقية الأخرى مثل "بوب فيلان"، و"نيكاب" وغيرهما من الفرق الداعمة للقضية الفلسطينية.

"بوابة دمشق".. سوريا تطلق مشروع مدينة إنتاج متكاملة تعيد الحياة للدراما السورية
"بوابة دمشق".. سوريا تطلق مشروع مدينة إنتاج متكاملة تعيد الحياة للدراما السورية

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

"بوابة دمشق".. سوريا تطلق مشروع مدينة إنتاج متكاملة تعيد الحياة للدراما السورية

دمشق- تسعى سوريا اليوم إلى استعادة دورها البارز في الساحة الإعلامية والفنية العربية، لا سيما في مجال الدراما التلفزيونية التي لطالما تميّز بها السوريون قبل اندلاع الحرب (2012–2024)، وحققوا من خلالها حضورًا لافتًا على الشاشات في المنطقة. وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الإعلام السورية، أواخر يونيو/حزيران الماضي، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "المها الدولية" لإنشاء مدينة "بوابة دمشق"، التي ستكون أول مدينة متكاملة للإنتاج الإعلامي والسينمائي والسياحي في البلاد، باستثمار يُقدّر بـ1.5 مليار دولار، وعلى مساحة تقارب مليوني متر مربع في دمشق وريفها. فرص عمل وقال وزير الإعلام حمزة المصطفى، في كلمة له ضمن مراسم توقيع الاتفاقية، إن المدينة، الموزعة على 4 أقسام، ستشمل أستديوهات خارجية تحاكي الطراز العربي والإسلامي، وأخرى داخلية مزودة بأحدث تقنيات الإنتاج، إلى جانب مراكز تدريب وتشغيل ومنشآت سياحية وترفيهية. وأشار المصطفى إلى أنه من المتوقع أن يوفر هذا المشروع أكثر من 13 ألف فرصة عمل، 4 آلاف فرصة مباشرة و9 آلاف فرصة أخرى موسمية، ما يسهم في خلق مسارات مهنية مستدامة للشباب السوريين. وقال الوزير إن المشروع "يأتي في إطار التوجهات الحكومية لجذب الاستثمارات النوعية وتعزيز الهوية الثقافية لسوريا." مشيرا إلى أن الإعلام السوري سيكون شريكا في التنمية، لا مجرد ناقل لها. من جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة المها محمد العنزي أن "بوابة دمشق" مشروع ثقافي وتنموي وليس مجرد استثمار عقاري أو سياحي، ويهدف إلى جعل سوريا مركزا إقليميا للإنتاج الإعلامي، ومنصة لتصدير صورتها الحضارية، عبر بنية تحتية متطورة يستغرق إنجازها من 5 إلى 7 سنوات، وبمشاركة شركات عالمية متخصصة. الريادة الدرامية وقال مروان الحسين، مدير اللجنة الوطنية للدراما في وزارة الإعلام، إن الهدف المتوخى تحقيقه من مشروع "بوابة دمشق" هو "إعادة التموضع الرائد والحقيقي لواحدة من أهم الصناعات في سوريا، وهي صناعة الدراما، وتسخير جميع الطاقات في سبيل تألق هذه الصناعة التي نتطلّع ونرجو وصولها إلى مصاف العالمية." واعتبر الحسين -في تصريح للجزيرة نت- أن سوريا غنية بتنوع ثقافي غزير وطاقات إبداعية متجددة، بالإضافة إلى بعد تاريخي؛ الأمر الذي يؤهلها لتكون رائدة عربيا حيث تزاحم الصفوف الأولى، بالإضافة إلى توفر طموح الريادة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وحول فرص العمل التي يمكن أن يوفرها هذا المشروع، أشار الحسين إلى أنه يمكن تقديرها بالنظر إلى الحجم الضخم للمشروع، معتبرا أن مشروع "بوابة دمشق" سيكون له دور استثنائي في استقطاب طواقم العمل المتنوعة للنهوض به سواء في مرحلة البناء أو في المراحل اللاحقة. وأوضح الحسين أن "النظام البائد" قد عمل لسنوات على طمس الهوية الثقافية والفنية في سوريا، وربطها بنفسه بعيدا عن التاريخ الحضاري العريق للبلاد، وعليه يرى المسؤول الحكومي أن هذا المشروع سيفتح آفاق الإبداع أمام العاملين في المجال الدرامي (كتّاب، مخرجين، منتجين..)، إضافة إلى كونه عامل استقطاب للمنتجين الأجانب، وكل ذلك سيساهم في توفير فرص العمل. التكامل وعن دور المشروع في إعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي كحاضنة للصناعة الدرامية والسينمائية، قال المسؤول "سوريا تملك تاريخا فنيا عريقا وحافلا بالإنجازات؛ فهي ملأى بطاقات إبداعية، وعقول ثقافية، وسواعد نشيطة لا تعرف الكلل، ولأن اكتمال هذا المشروع في بلد فيها كل مقومات نجاح هذا القطاّع يعتبر عامل جذب كبير لصنّاع الدراما والسينما في المنطقة، الأمر الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى عودة سوريا إلى تموضعها الإقليمي الطبيعي في هذه الصناعة." وشدّد الحسين على أن أهم عوامل نجاح أي عمل هو تكامل الأدوار ومرونة التنسيق بين الجهات الرسمية المعنية من لجان ومديريات ووزارات، ولكنه لفت إلى أن المشروع ما زال في طور "مذكرة التفاهم" التي تكتفي برسم الخطوط العريضة، وحين يُصار إلى العقد المُفصّل للبنود التنفيذية "حينها سيكون الجميع على طاولة واحدة، ليأخذ كل قطاع دوره الصحيح المناسب لتحقيق التكامل المُنتج والفعّال"، وفقا للحسين. ويؤكد المسؤول أن تنفيذ خطة بناء مدينة بوابة دمشق سيبدأ في غضون 6 أشهر، وسيستغرق تنفيذ كامل العمليات الإنشائية من 3 إلى 5 سنوات. بيئة مثالية ويعتبر آندريه وانيس، مخرج منفذ لأعمال درامية سورية عديدة، أن مشروع بوابة دمشق يمثل فرصة كبيرة للعاملين في مجال الإنتاج البصري، فهو مشروع واعد ومتنوّع يعزّز جميع أنواع الإنتاج الإعلامي والفني. ويشير وانيس، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الفنيين والأكاديميين وكتّاب السيناريو والمخرجين السوريين سيجدون أخيرا مكانا يتوجهون إليه، كما هو الحال مع أقرانهم في الدول المجاورة لسوريا، وخاصة مصر "التي يجب أن نأخذ تجربتها بعين الاعتبار." ويرى وانيس أن هذا المشروع سيفتح آفاقا كثيرة للدراما السورية، من خلال تأمين بنى تحتية للإنتاج، والتي تفتقد سوريا للحد الأدنى منها، فتح الآفاق أمام كتاب النصوص الدرامية والسينمائية، ومدّهم بمخيلة نابعة من زيارة مواقع التصوير في قلب البوابة والتفاعل معها خلال مرحلة الكتابة، الحدّ من هجرة المبدعين والمستثمرين والفنيين في مجال الإنتاج الفني والإعلامي من سوريا. ويأمل المخرج المنفذ أن تصبح سوريا، في المستقبل القريب، بيئة مثالية لتصوير أعمال درامية عربية يمكنها المنافسة في الأسواق العالمية. ويقول وانيس في ختام حديثه: "إن الإنتاج الفني السوري هو صورتنا كسوريين أمام العالم، وكما تم إطلاق هوية بصرية جديدة لسوريا، من المؤكد سيكون هناك هوية بصرية جديدة للدراما السورية تنطلق اليوم مع هذا المشروع". وكان شهد الإنتاج الفني والإعلامي في سوريا خلال حكم نظام بشار الأسد المخلوع حالة من التراجع والركود بسبب التقييد الشديد، حيث خضع لرقابة أمنية صارمة حالت دون التعبير الحر أو النقد المباشر، كما استخدم النظام الفن والإعلام كأدوات دعائية لترويج الأيديولوجيا البعثية وتمجيد السلطة والجيش مما أدى إلى تفريغه من مضمونه الفني والإبداعي. وعانى الإنتاج الفني والإعلامي من ضعف شديد في التمويل وغياب البنية التحتية الحديثة ما أدى إلى تراجع كبير في جودته.

المثقف العربي بين فخّ التواطؤ ووخز الضمير
المثقف العربي بين فخّ التواطؤ ووخز الضمير

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

المثقف العربي بين فخّ التواطؤ ووخز الضمير

في الساحة العربية، الفوضى ليست طارئة بل صارت نمطًا، انهيار القيم صار قاعدة، واكتساح الجهل والتفاهة أضحى مقدّسًا. وبين الضجيج والعتمة، يقف المثقف لا يملك أدوات الفعل، ولا جمهورًا يصغي إليه، كأن صوته نشاز في زمن الطيش. بعضهم لم يُخرِسه القمع، بل أخرسته الشراكة في القمع… من ضمير الأمة إلى ضمير السلطة، انتقل كثير من المثقفين، فذابوا في بنية الاستبداد، أو تماهوا مع شبكات المال والنفوذ، فراحوا يكتبون بلغة لا تُفهم، يسكنون أبراجًا عاجية، بينما الشارع يغلي بلغةٍ لا تُقرأ. وفي زمن الرقمنة، حيث "الترند" يُصنَع قبل أن يُفكَّر فيه، أصبح المؤثر نبيَّ المرحلة، واليوتيوبر قائد الرأي العام، بينما المثقف يُقصى لا لأنه بلا صوت، بل لأن صوته خفت في سوقٍ لا تشتري إلا الضجيج. الخرس لم يكن فقدانًا للكلام، بل تشققًا في المعنى. الكلمات لم تعد قادرة على القبض على الواقع، والخيانة والخوف والتسليع ذبحت في المثقف رغبته في الشهادة.. صار الصمت ملاذًا، لا أخلاقيًّا بل وجوديًّا، خائفًا من فتوى، أو وشاية، أو تقرير أمني يتعقب الحروف قبل أن تُقال. لقد تحوّلت الكتابة إلى مشيٍ أعمى في حقل ألغام، كل كلمة لغم، وكل استعارة تهمة. وفي زمنٍ تُقاس فيه القيم بعدد "الإعجابات واللايكات"، صار التفكير نفسه فعلاً مشبوهاً، وانقلبت الأدوار، فصار المؤثر هو المشرّع، والمثقف كائنًا فائضًا عن الحاجة، متحفًا حيًّا لزمن الورق. في المدن التي التهمتها النيران، جلس المثقف في المقاهي الباردة يدوّن الرماد، يحلله، يجمّله. بعضهم صمت اتزانًا، وبعضهم نطق بلغة السلاطين، وآخرون تقاذفتهم مطارات المنافي، يتتبعون وطنًا يشبه المعنى، فلا يجدونه إلا في صدى الذات المنكسرة. الخرس ليس عطبًا في اللسان، بل في العالم.. عالم عربي مثقوب لا يحتفظ إلا بالوجع، لا يحتفي إلا بالفراغ. المثقف لم يخرس لأن قلبه جاف، بل لأن الضجيج أجهض نداء قلبه قبل أن يولد. ورغم كل شيء، ثمّة من لا يزال يهمس، من يزرع قنابل في الاستعارات، ويُهرّب المعنى تحت جلود الحروف. هؤلاء لا يظهرون في القنوات، بل يعيشون في الفواصل، في البياض، في أعين الطلبة المتعبين، الذين لا يفهمون الآن، لكنهم قد يفهمون غدًا، ويبدؤون هم أيضًا في الهمس. المأساة ليست في خرس المثقف وحده، بل في أمّةٍ لم تعد تبحث عن صوته، بل عن خدر يقتل السؤال؛ فعندما يصمت العقل، يتكلم الظلام. لكن، أخَرَسُ المثقف علامة سقوطه، أم صرخة صامتة ضد عالم لم يعد يصغي؟ الصمت ليس انسحابًا ربما، بل شكلاً من أشكال الرفض، لغةً أخرى لا يفهمها من اعتاد الصراخ. ربما يكون خرسه هو آخر ما تبقّى من مقاومته، حين خانته اللغة ولم تخنه الفكرة؛ فالمثقف حين يختار الصمت لا يعني أنه مات، بل أنه يتحوّل، يتحصّن في الظلال، ينتظر لحظةً يصبح فيها الكلام أكثر جدوى من الهتاف، حين يصير الهمس أثقل من الرصاص، والمعنى أقوى من الجلاد. في النهاية، المثقف الحقيقي ليس من يتكلم كثيرًا، بل من يصمت حين يُغتال المعنى، ثم يعود، لا ليتكلم فقط، بل ليصنع لغة جديدة قادرة على إنقاذ العالم من صمته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store