
الأردن.. تعرفوا على عنوان ومضمون خطبة الجمعة
وجاءت الخطبة تحت عنوان "ذم حب الدنيا والمال"، معززة بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة.
وتاليا نص الخطبة:
عنوان خطبة الجمعة الموحد
(المهلكات (3): ذم حب الدنيا والمال ) (ملزم)
معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة
9محرم 1447هـ الموافق 2025/07/4م
(محاور الخطبة) (مُلزم)
شدّة الحرص على الدنيا والتعلق بالجاه والمال من المهلكات للإنسان التي تصرفه عن طريق النجاة في الدنيا والآخرة.
من تعلق بالجاه والمال مع كثرة الحرص عليهما وطلبهما بكل وجه سواء كان حلالا أم حراماً فقد عرض نفسه لخطر شديد وذنب عظيم.
من حرص على الجاه والمال وطلب التعظيم في قلوب الناس؛ فقد تعرض بذلك لآفات كثيرة، كالكبر والرياء وترك التواضع للحق وأهله إلى غير ذلك من المعاصي.
المذموم من حبّ الجاه والمال شدة ذلك وإفراطه حتى يطلبه الإنسان بكل وجه يمكنه من جائز وغير جائز، فأما من طلب ذلك بنية صالحة للاستعانة به على الآخرة وصيانة الدين والنفس عن تعدي الظالمين وعن الحاجة إلى الناس، ولم يشتغل بسبب ذلك عن عبادة الله تعالى ولم تفارقه التقوى والخوف من الله، فذلك طيب لا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
اللهم إنا نتوجه اليك في غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين، اللهم ارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافِ الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب.
أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56. عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: "أنّ من واظبَ عليها يكفي همه ويُغفر ذنبه". وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ رسول الله ﷺ قال: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا". وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات إلى النور. يقول الله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ﴾ سورة الأحزاب: الآية43. وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ والاقتداء بسنته في البأساء والضراء وحين البأس.
واعلموا عباد الله أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام:﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر".
سائلين الله تعالى أن يحفظ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب.
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النحل: 90.
فهرس الآيات/ ملزم
السورة ورقم الآية
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[هود: 15، 16]
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}
[الكهف: 45]
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
[آل عمران: 14]
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
[القصص: 83]
فهرس الأحاديث / ملزم
نص الحديث
تخريج الحديث
«لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ»
رواه الترمذي
«مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»
رواه الترمذي
"إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة"
رواه ابن ماجه
" الدُّنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكرَ اللهِ و ما والاه، وعالِمًا أو متعلمًا"
سنن الترمذي
أركان الخطبة (مُلزمة)
«إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ(1) نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ»، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ(2) ، اللهم صلِّ على سيِّدَنا محمَّدٍ(3) وعلى آله وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم .
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته(4): لقوله تعالى(5) {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}(6).
وتتكرر أركان الخطبة الأولى في الخطبة الثانية، ويُضاف إليها الدعاء لعموم المسلمين في نهاية الخطبة الثانية(7): «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة نبيك، وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم».
_____________________________________________
(1) الركن الأول: الحمد لله والثناء عليه: ودليله ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (867) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله».
(2) التشهد: ودليله ما رواه النسائي (3277) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة»، وما رواه أبو داود (4841) عن أبي هريرة رضي الله عنه: «كل خطبة ليس فيها تشهد، فهي كاليد الجذماء».
(3) الركن الثاني: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ودليله أن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر نبيه لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (31687) عن مجاهد مرسلاً في تفسير قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك)، أي: «لا أذكر إلاّ ذُكِرتَ»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي» رواه أبو داود في السنن.
(4) الركن الثالث: الأمر بتقوى الله تعالى: ودليله فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته من الآيات الكريمة بالوصية بتقوى الله تعالى، ولأن القصد من الخطبة الموعظة والوصية بتقوى الله تعالى فلا يجوز الإخلال بها.
(5) الركن الرابع: قراءة آيات من القرآن الكريم، لما رواه أبو داود (1101) عن جابر بن سمرة: «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا، وخطبته قصدا، يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس».
(6) الأحزاب: 71.
(7) الركن الخامس: الدعاء للمسلمين: ودليله، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب الدعاء للمسلمين في كل خطبة، ولما رواه البزار في مسنده برقم (4664) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أنه «كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات كل جمعة.
عنوان خطبة الجمعة الموحد
(المهلكات (3): ذم حب الدنيا والمال )
معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة
9محرم 1447هـ، الموافق 2025/07/4م
(المادة العلمية المقترحة)
مقدمة الخطبة الأولى (ملزمة)
السلام عليكم.
إنّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ سورة النساء: الآية 1. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب: 70، 71.
الخطبة الأولى
عبادَ الله:
إن من المهلكات للإنسان التي تصرفه عن طريق النجاة في الدنيا والآخرة شدة الحرص على الدنيا والتعلق بالجاه والمال، بحيث يقدم ما يحقق هواه على أمر الله سبحانه وتعالى، ومن كان هذا حاله فقد تعرض لخطر عظيم، ووعيد من الله شديد، يقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16].
ولذلك يقول الله تعالى مزهداً عباده في الدنيا ومذكراً لهم بذهابها وفنائها: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» رواه الترمذي.
ثم إن الدنيا عبارة عن كل ما على وجه الأرض من المشتهيات واللذات، وأصناف الأمتعة التي تشتهيها النفوس وتميل إليها، وتحرص عليها، وقد جمع الله أصول ذلك كله في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14]فمن غلبه حب الدنيا حتى لم يبال من أين أخذ الدنيا من حلال أم من حرام، وحتى اشتغل بسبب حرصه على الدنيا وسعيه لها عما فرض الله تعالى عليه من طاعته، ووقع بسببه فيما حرم الله عليه من معصيته، فقد تحقق في حقه الوعيد الوارد في المحبين للدنيا، والمريدين لها، وصار أمره في نهاية الخطر إلا أن يتداركه الله بتوبة قبل مماته، وقبل خروجه من هذه الدار.
وأما التعلق بالجاه والمال وكثرة الحرص عليهما وطلبهما بكل وجه سواء كان حلالا أم حراماً فقد عرض نفسه لخطر شديد وذنب عظيم يقول الله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83]، وقال عليه الصلاة والسلام: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» رواه الترمذي، ومعنى ذلك أن حب المال والجاه يفسدان دين صاحبهما أكثر مما يفسد الذئبان الجائعان إذا أرسلا في الغنم.
فمن اشتد حرصه على الجاه والمال وطلب المنزلة والتعظيم في قلوب الناس فقد تعرض بذلك لآفات كثيرة، كالكبر والرياء والتزين والتصنع وترك التواضع للحق وأهله إلى غير ذلك من المعاصي، قال رسول الله ﷺ: "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة" رواه ابن ماجه.
والمذموم من حبّ الجاه والمال شدة ذلك وإفراطه حتى يطلبه الإنسان بكل وجه يمكنه من جائز وغير جائز، فأما من طلب ذلك بنية صالحة للاستعانة به على الآخرة وصيانة الدين والنفس عن تعدي الظالمين وعن الحاجة إلى الناس، ولم يشتغل بسبب ذلك عن عبادة الله تعالى ولم تفارقه التقوى والخوف من الله، فذلك طيب مبارك لا حرج فيه إن شاء الله تعالى، يقول ﷺ في بيان التفريق بالنتائج بناء على اختلاف النوايا: " الدُّنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكرَ اللهِ و ما والاه، وعالِمًا أو متعلمًا" سنن الترمذي.
اللهم إنا نتوجه إليك في غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. اللهم ارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافِ الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب.
الخطبة الثانية (ملزمة)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.
واعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56. عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: "أنّ من واظبَ عليها يكفي همه ويُغفر ذنبه". وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ رسول الله ﷺ قال: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا". وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات إلى النور. يقول الله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ﴾ سورة الأحزاب: الآية43. وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ والاقتداء بسنته في البأساء والضراء وحين البأس.
واعلموا أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له. ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه. ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ" متفق عليه.
سائلين الله تعالى أن يحفظ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب.
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النحل: 90. ويقول الله عز وجل: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنهَىٰ عَنِ ٱلفَحشَاءِ وَٱلمُنكَرِ وَلَذِكرُ ٱللَّهِ أَكبَرُ وَٱللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ﴾ العنكبوت: 45.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- العرب اليوم
مرة أخرى..أين العرب؟!
فى يوم 20 نوفمبر 2023، وفى هذا المكان كتبت كلمتى بعنوان «أين العرب» تعليقا على مقال شهير قديم،كان قد كتبه أستاذ أمريكى بارز، فى العلوم السياسية من أصل لبنانى - شيعى، رحل عن عالمنا فى عام 2014، بعنوان «نهاية القومية العربية» فى إحدى الدوريات الأمريكية المهمة فى العلوم السياسية: «ذا نيو ريببلك»، وكان ذلك فى عددها بتاريخ أول يوليو 1991 (أى منذ نحو 35 عاما) أثار فى حينه ضجة من العرب الذين تحمسوا كثيرا لدعوة «القومية العربية» التى وصلت لذروتها فى خمسينيات القرن الراحل مع دعوة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وشعبيته الجماهيرية الجارفة فى ذلك الحين. لقد كنت قد كتبت هذه المقالة منذ نحو العامين تعليقا على مارأيته من حالة السلبية أو الانصراف لدى كثيرمن الشعوب والحكومات العربية عما يحدث فى غزة، بل والانشغال أساسا بقضايا محلية أو ثانوية أساسا! وذلك مشهد يختلف جذريا عن الدعم اللامحدود الذى تقدمه الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإسرائيل، بسخاء منقطع النظير. وبصراحة.. فإن الأمر يبدو لى مؤلما ومحبطا للغاية، فى ظل حالة الثراء الكبيرة التى تشهدها بعض البلدان العربية، والتى أنعم الله عليها بثروات هائلة! ويوجد بها بعض من أكبر المليارديرات فى العالم! ومرة أخرى أجدنى مدفوعا ومضطرا إلى أن أعرب بكل صراحة،عن الإحباط والدهشة والألم.، إزاء ما نشهده الآن يوميا من مظاهر «حرب التجويع» الشائنة التى يتعرض لها أهلنا فى غزة الآن، ومن مآسى الرضع، والأطفال الذين هم مجرد « جلد على عضم»! كما يقول التعبير المصرى الشائع! أين العرب...أين المليارات...، ألا يجدر بالعرب إنفاق نسبة ولو ضئيلة للغاية لمجرد سد جوع هؤلاء الذين يقفون فى طوابير الغذاء المهينة، والذين لا ترحمهم العنصرية الصهيونية البغيضة..؟ هذه كلمة، بل صرخة احتجاج، من المواطن «المصرى» كاتب تلك السطور!


العرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- العرب اليوم
رؤية 3 يوليو
لا أذكر أننى شعرت بفرحة كتلك التى انتابتنى يوم ٣ يوليو ٢٠١٣. لم تكن فرحة تخلص من سلطة تاجرت جماعتها بالدين والثقافة والعقول والقلوب، بقدر ما كانت فرحة الأمل بالشعور بالأمان فى بلدى، لا فى بلد آخرين. نعم، هم آخرون، لطاما شعرت بذلك، حتى قبل أحداث يناير ٢٠١١ بعقود. هم نجحوا فى صناعة هوية قبيحة لا تمت لجنسية أو دين بصلة، هى هوية قائمة بذاتها على القساوة والخبث والملاوعة وكراهية كل من لا يشبههم وبالطبع كل من يقاوم تسليم دماغه لهم، وذلك باسم «قال الله وقال الرسول». ليسوا الجماعة فقط، ولكنهم كل جماعة أو جمعية أو مجموعة قائمة على الترويج لنسخة جافة كريهة غارقة فى التطرف مفرغة للدين من معاملاته ومفرطة فى تحويل عباداته إلى أسلوب حياة بائس. وهم فى صناعتهم البائسة مثلهم هذه نجحوا فى التغلغل إلى عقول وقلوب الكثيرين على مدار عقود. فى ٣ يوليو ٢٠١٣، تخلصنا من حكم الجماعة وحلفاء الحكم من جماعات التطرف والتشدد والإرهاب. واليوم أقول إن علينا المراجعة من أجل الحفاظ على ما حققناه وتصحيح المسار. نراجع ماذا؟، نراجع استمرار الفكر المتطرف بين الكثيرين من المصريين. وبعيداً عن نعيق البوم وتربص المتربصين، ليس المطلوب إلغاء الدين، المطلوب تطهير الخطاب ومراجعة تداخل الأدوار. بعد ١٢ عاماً من اليوم الباعث على الاطمئنان، يجدر بفئة «الناجين من تدين السبعينيات المظهرى المفرغ من المحتوى»، ومعهم المعارضون لتوغل سلطة رجال الدين على الحكم مراجعة الموقف!، هل نحن بالفعل دولة مدنية؟، هل هناك فصل بين سلطة المؤسسات الدينية وغيرها من المؤسسات؟، بمعنى آخر، ومع كامل الاحترام للمؤسسات الدينية ورجالها ونسائها، هل يتم الزج بها وبهم فى شؤون الحياة المدنية؟، على سبيل المثال لا الحصر، هل يعقل أن تذهب ملايين الجنيهات للكتاتيب لا للنهوض بمحتوى التعليم وعقول المعلمين؟ هل يعقل أن يكون أحد أقرب الحلول لنزيف الطرق الذى لا يهدأ أن يخطب فينا أئمة المساجد حول حرمانية القيادة المتهورة وعكس الطريق قبل أن يكون الحل تطبيق قوانين المرور ٢٤ /٧، لا مصادرة بضع مركبات؟ ٣/ ٧ أنهت حكم جماعة، وأنقذت مصر والمصريين. ويبقى التعامل مع فكر الجماعات والجمعيات والإصرار على الزج بالدين فى فوائد البنوك وتعليم المرأة والموسيقى والذكاء الاصطناعى والطب وغيرها سائداً. المراجعات التى أقول إنها ضرورية لا تقتصر على تداخل السلطات فقط، ولكنها تمتد كذلك إلى سماع أصوات المصريين الذين نزلوا شوارع مصر وميادينها، مطالبين بالإنقاذ. المراجعة لا تعنى أبداً تقليلاً من عملية الإنقاذ، بل تدعيم لها. وهذا يتطلب تقييماً لما فات، وتخطيطاً لما هو قادم، وأولويات المستقبل. كلمة أخيرة، حين ترى مندوبى الجماعة و«اللى من جماعة بس بيحترموها» يسكبون الدمع والآهات على السوشيال ميديا، تأكد إننا نجونا. واستدامة النجاة تتطلب تقييماً لما فات، وتخطيطاً للمستقبل.


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
وفيات الخميس 3-7-2025
أخبارنا : انتقل الى رحمة الله تعالى : هالة يوسف حسن جيكات جلال زواد مقبل فاخوري محمود نصر الحاج أحمد الراميني نبال عماد ناجي الحاج اسماعيل إبراهيم عبدالخالق أبو محفوظ عماد ناصر مصطفى جرار موسى عبد محمد سرور مفلح مزيد دغمي الزبيدي خليل قسطه خليل تادرس جميل فريد طريف الداوود إنا لله وإنا إليه راجعون..