
صلاة الخوف… بين الفقه والواقع ، بقلم: علاء كنعان
في بلاد تعودت على الطوارئ أكثر من العادي، ليس مستغربا أن يُطرح السؤال القديم بصيغة جديدة: هل تقام صلاة الجمعة في ظل تهديدات الحرب، أم تُعلق الجماعة ونصلي فرادى؟ هل ننتقل تلقائيا إلى 'صلاة الخوف'، أم ننتظر سقوط الصاروخ فوق المسجد كي نوقن بالخطر؟
لم اكتب عن هذا السؤال في أثناء الحرب وتساقط شظايا الصواريخ في الضفة ورغم انه سؤال يبدو دينيا، لكنه في جوهره سياسي ومجتمعي، يتصل بمدى تكيف المجتمع مع الأزمات، وبتوقيت استخدام الدين كوسيلة للثبات أو مبرر للتراجع.
اللافت في هذه المرة، أن البعض لم يُنكر فقط مبرر 'صلاة الخوف'، بل قلل من شأنها بحجة أن الخطر ليس عاما، وأن كثيرين لم يشعروا بالخوف أصلاً، وقد صعد بعض المواطنين إلى أسطح منازلهم لمراقبة السماء أكثر من الاختباء منها.
في هذه النقطة بالذات، يجب أن نتوقف. فصلاة الخوف كما يقول الفقهاء لم تُشرّع لأن الناس جميعهم خائفون، بل لأنها فُرضت لحظة وجود خطر معتبر، حتى لو لم يشعر به الجميع، والفقه لا يتبع شعور الناس، بل يضبط السلوك العام بموازين الضرورة والمصلحة.
حين شرّع النبي محمد صلى الله عليه و آلة وسلم ' صلاة الخوف '، لم ينتظر أن ترتعد كل القلوب، بل راعى وضعا ميدانيا فرضه العدو، ورسم به طريقا متوازنا بين إقامة الفريضة والحفاظ على النفس. والآية التي نزلت في ذلك السياق، ' فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم…'، لا تُقرأ اليوم كمجرد توثيق، بل كدليل عملي يُجيد التوفيق بين الروح والسلاح.
وكما أن إغلاق المسجد الأقصى ضمن ما سمته ' إسرائيل 'حالة الطوارئ في الحرب'. وقد كان واحدا من أطول الفترات التي حرم فيها المصلون من الدخول إليه منذ عقود، ويعكس حجم التصعيد العسكري والسياسي في المنطقة. وقد جاء إغلاقه بطابع أمني واضح، لكنه في جوهره لم يكن بعيدا عن الرسائل السياسية التي تبعث بها إسرائيل في كل أزمة، وهو ما يبقى في وعي الناس شكلا من أشكال السيطرة عليه.
ما نحتاجه اليوم ليس فتاوى جديدة، بل وعي ديني منضبط، يُقنع الناس بأن 'التكيف الفقهي' ضرورة وأن صلاة الخوف ليست تراجعا عن الواجب، بل حماية له وأن الشريعة التي خفّفت الهيئة، لم تُسقط الركن.
الخوف ليس عيبا، والمجاهرة بعدمه ليست بطولة دينية والعبادة ليست ميدان اختبار للشجاعة، بل ميدان طاعة، والتزام، وتوازن. ولهذا، فإن إقامة صلاة الخوف، حتى مع عدم شعور بعض الناس بالخطر، هو فعل وعي جماعي لا رد فعل عاطفي فردي، وهو تطبيق لفكرة أن الدين لا يفرّط في الفريضة، لكنه لا يُجازف بالمؤمنين.
علاء كنعان ـ صحافي فلسطيني

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جريدة الايام
منذ 7 ساعات
- جريدة الايام
حول بيان «حماس» الأخير
بعد نحو عشرين شهراً على القصف والقتل والتجويع والنزوح، وفي ذروة تصعيد العدوان الإسرائيلي ووصول المنطقة إلى أخطر مفترق، أصدرت «حماس» في غزة بياناً أو تعميماً داخلياً، هذا نصه: «منذ اللحظة الأولى، ونحن في غزة، سرنا على بركة الله، متوكلين عليه وحده، لا نعوّل على قوة بشر ولا نرجو إلا نصره وتأييده. انطلقت السفينة في صمت، لم تُخبر أحداً، لأنها تعلم أن الأمة عليلة، مثقلة بالخذلان، مريضة بالتردد، ومع ذلك رفعت صوتها عالياً: ‹من أراد الفوز فليركب›، لكن ما استجاب أحد، ومن ركب لم يثبت.. فما هذه السفينة إلا لأهل العقيدة الصافية، والثبات الذي لا يتزعزع. لا يثبت على متنها إلا من باع الدنيا لله، وأعرض عن زخرفها، أناس لا يبالون بلوم اللائمين، ولا تغريهم الرايات الباهتة، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وأقسم بالله ما خذل من صدق، وما ندم من ثبت، أما من تخلّف، فقد كتب على نفسه الخزي، وسيدفع ثمن التردد خذلاناً في الدنيا، وحسرة لا تنطفئ في الآخرة. لا عذر بعد النداء، ولا رحمة لمن خاف في مواطن الثبات. فالمعركة ماضية، والحق لا ينتظر المتأرجحين، ومن خاف الركوب، فقد اختار الغرق بيده. أما نحن فقد أبحرنا لا نطلب دنيا ولا سلطة، بل ابتغاء وجه الله وحده ورضاه، ويقيننا أن السفينة التي أُسست على الإخلاص، ورفعت أشرعة التوكل، لا تغرق ولو اجتمعت أمواج الأرض عليها.. هذه ليست سفينة المرتابين، ولا مقعد فيها للمتلونه قلوبهم، ولا مكان على ظهرها لمن يحسب الخطى ويزن الثمن.. هذه سفينة العقيدة الخالصة، لا يعلو على ظهرها إلا رجال عرفوا طريقهم، ومضوا إليه لا يلوون على شيء ..وإن النصر آت، والفرز قد وقع، وكل متخاذل سيسقط عن ظهرها ولو تظاهر بالثبات، فالمعركة لا ترحم، والحق لا يتزين بالمنافقين». بالقراءة السريعة نلحظ اللغة والمفردات الدينية، وأسلوب السجع والخطابة والإنشاء والتعميمات والأحكام المطلقة.. خطاب عاطفي يخلو من المنطق، ومن السياسة، ولا يصلح لهذا العصر،، وعموماً هذا هو النمط الشائع للخطاب الديني، الموجه للعامّة والبسطاء، كلام مزخرف بلا مضمون. بالتمعن في البيان نصل إلى استنتاجات عديدة، أولها أن «حماس» لا تستشعر بأي ذنب أو مسؤولية تجاه الحرب التي جرّتها إلى غزة وسائر المنطقة، وليس في نيتها إجراء أي تقييم أو مراجعة أو نقد لمغامرتها العسكرية، بل إنها متمسكة بأطروحاتها، وتنظر إلى نفسها بنرجسية مفرطة، معتبرة نفسها ممثلاً حصرياً للحق، وكل من لم يتوافق مع أطروحاتها متخاذل، وكتب على نفسه الخزي، واختار الغرق بيده. وثانياً: ليس في البيان ولا في خطاب «حماس» عموماً أي تحمّل للمسؤولية تجاه المآسي التي جلبتها الحرب، مآسي الأيتام والأرامل والنازحين، ومن تهدمت بيوتهم، ومن فقدوا مستقبلهم، بل على العكس ترى أنها بنت سفينة الخلاص و»من أراد الفوز فليركب، ومن تخلف عن الركوب سيدفع ثمن التردد خذلاناً في الدنيا، وحسرة لا تنطفئ في الآخرة».. بمعنى أن كل من لم يلتحق بركب «حماس» وأراد النجاة بنفسه وعائلته جبان ومتردد وسيخسر الدنيا والآخرة! وهذه نظرتها إلى البيئة الحاضنة للمقاومة! وثالثاً: يعترف البيان بأن «حماس» لجأت لمغامرتها العسكرية دون حسابات عقلانية، ودون تخطيط ولا دراسات، بل فقط رهان على الغيب، وكأن التوكل على الله دون إعداد حقيقي يجلب النصر، «منذ اللحظة الأولى سرنا على بركة الله، متوكلين عليه وحده، لا نعوّل على قوة بشر ولا نرجو إلا نصره وتأييده»، ويعترف أيضاً بأن الحركة لم تشاور أحداً حتى أقرب حلفائها، «انطلقت السفينة في صمت، لم تُخبر أحداً، لأنها تعلم أن الأمة عليلة، مثقلة بالخذلان، مريضة بالتردد».. مع أن هذا يتناقض مع خطاب «الضيف» الذي راهن على الأمة الإسلامية والشعوب العربية وأحرار العالم.. فإذا بهم يكتشفون أن «الأمة عليلة، مثقلة بالخذلان، مريضة بالتردد». وهو اكتشاف متأخر جداً. ورابعاً: هذا البيان يرسخ خطاب «حماس» الإقصائي الذي يضعها فوق الشعب ومنفصلة عنه؛ «ما هذه السفينة إلا لأهل العقيدة الصافية، والثبات الذي لا يتزعزع. لا يثبت على متنها إلا من باع الدنيا لله، وأعرض عن زخرفها، أناس لا يبالون بلوم اللائمين، ولا تغريهم الرايات الباهتة، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه».. السفينة هي «حماس» وأنصارها أصحاب العقيدة الصافية، والثبات الذي لا يتزعزع، والشعب هو ابن نوح الكافر الذي رفض الصعود مع سفينة المؤمنين فأغرقه الطوفان.. الشعب الذي أغرته الرايات البالية! والمتلونة قلوبهم! ولم يصدق ما عاهد الله عليه! ويضيف البيان: «هذه ليست سفينة المرتابين، ولا مقعد فيها للمتلونه قلوبهم، ولا مكان على ظهرها لمن يحسب الخطى ويزن الثمن».. هذا ليس تأكيداً على نهج الإقصاء وحسب، بل أيضاً «لا مكان لمن يحسب الخطى ويزن الثمن».. لا مكان ولا داعي لحسابات العقل والسياسة والواقع ومعادلات موازين القوى. ولا ضرورة لتقدير الموقف، ولا للتخطيط وتوقع ردات الفعل والأثمان التي ستُدفع.. اضرب وتوكل على الله! فهناك يقين غيبي أن السفينة أُسست على الإخلاص، ورفعت أشرعة التوكل، وبالتالي لن تغرق ولو اجتمعت أمواج الأرض عليها! الإخلاص والتوكل هي عدة الحرب وأدوات المواجهة وشروط الانتصار.. لذلك وصلنا إلى هذه النتيجة الكارثية.. لكنا عرفنا أي نوع من الإخلاص، وتجاه من، والتوكل على ماذا.. توكُّل على إيران ومحور المقاومة وعلى شعوب مقموعة وعاجزة وأنظمة مرتبطة.. توكّل ورهان على كومة من الأوهام. الحقيقة المؤسفة أن أمواج الأرض اجتمعت وأغرقت غزة بمن فيها. وخامساً: «أبحرنا لا نطلب دنيا ولا سلطة، بل ابتغاء وجه الله وحده ورضاه»، لن نحاكم النوايا، ولكن إذا صح القول، فهذا لا يعني أبداً أن الشعب محرم عليه أن يطلب الحياة والرفاه والدنيا والسلطة، وكأنَّ ذلك يتناقض مع ابتغاء وجه الله ورضاه، الوضع الطبيعي أن أهل غزة وسائر شعوب الأرض يحبون الدنيا، ويسعون للحياة، وهذه سمة إيجابية وأصيلة وهدف نبيل.. الإنسان السوي لا يمكن أن يكون الموت أسمى أمانيه. أسمى أماني الإنسان الحياة، فهي هبة الله وهديته الأثمن، ومن يفرط بها يعتدِ على إرادة الخالق.


فلسطين أون لاين
منذ 9 ساعات
- فلسطين أون لاين
حرمان الأقصى من الترميم.. أداة سيطرة وإخضاع
علي إبراهيم يتربص الاحتلال بالمسجد الأقصى بالعدوان تلو الآخر، ولم تعد أذرعه التهويدية تقف عند حدٍ معين، فقد تجاوز الاحتلال كل الحدود والسقوف، وبدأت أذرعه المختلفة تسعى إلى فرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى والمدينة المحتلة، وقد رسخت سلطات الاحتلال في السنوات الماضية سياسة تعطيل عمارة المسجد الأقصى وصيانة مرافقه، فإلى جانب منع دائرة الأوقاف من تنفيذ عددٍ من مشاريع العمارة الضرورية للمسجد الأقصى، تعرقل سلطات الاحتلال أي أعمال صيانة تتم داخل المسجد، وتهدد موظفي لجنة الإعمار القائمة على هذه المشاريع بالاعتقال والإبعاد، إلى جانب توفير الحماية اللازمة لعناصر "سلطة الآثار" الإسرائيلية الذين يقتحمون المسجد، ويعاينون أعمال الترميم التي تقوم بها لجنة الإعمار داخل الأقصى، ونسعى في هذا المقال إلى تسليط الضوء على أهداف الاحتلال الكامنة خلف هذه السياسة، وآثارها المترتبة على الأقصى. سياسة الاحتلال في الهيمنة على إدارة الأقصى تتكرر هذه الاعتداءات بشكلٍ كبير في السنوات القليلة الماضية، وقد تحولت سياسة المنع هذه إلى تعدٍ واضح من سلطات الاحتلال على صلاحية الأوقاف، صاحبة الحق في إدارة الأقصى، وتنظيم شؤونه. وما حصل في الأيام الأخيرة يُنبئ بأن الاحتلال سيقوم بالمزيد من هذه التدخلات، عبر فائض القوة التي تمتلكها أذرعه. وفي متابعة دقيقة لما تقوم به أذرع الاحتلال الأمنية، يتم التدخل في عمارة المسجد الأقصى وصيانته عبر نهجين أساسيين هما: - النهج الأول: التدخل المباشر في أعمال الترميم، مهما كانت بسيطة وصغيرة، ويترافق هذا التدخل عادة باعتقال أحد عمال لجنة الإعمار أو المسؤولين عنها، مع عرقلة متكررة لتنفيذ هذه الأعمال. - النهج الثاني: منع إدخال المواد الضرورية لأعمال الترميم، ولا تسمح سلطات الاحتلال بإدخالها إلا بعد الحصول على إذنٍ مسبق تصدره شرطتها، ما يحوّل الأوقاف والأجهزة المتخصصة بالعمارة إلى تابعة لسلطات الاحتلال تحت الأمر الواقع، ولتكون الأخيرة الجهة التي تقرر المنع أو السماح، في مصادرة واضحة لدور الأوقاف الخاص بهذا الجانب. وتتسق أهداف الاحتلال الكامنة خلف استهداف ترميم الأقصى وصيانته، مع ما تقوم به أذرعه المختلفة من استهدافٍ متصاعد للمسجد ومكوناته البشرية، من هلال الاقتحامات وأداء الطقوس اليهودية العلنية، إذ تسعى سلطات الاحتلال إلى فرض رقابة صارمة على المسجد، وإجبار دائرة الأوقاف على اطلاعه على أي أعمال تقوم بها فيه، إلى جانب أهدافٍ أخرى تتركز في ترك المسجد في حالة متردية من ناحية العمارة والترميم، وإمكانية أن تصبح بعض مباني المسجد آيلة للسقوط، جراء العوامل الطبيعية، أو الحفريات الضخمة أسفل وفي محيط المسجد الأقصى. وإلى جانب ما سبق، أصبح حرمان الأقصى من الترميم أداةً لفرض المزيد من التدخل في الأقصى، وممارسة الضغوط على دائرة الأوقاف ليصبح ترميم الأقصى ورقةً يُقايض بها الاحتلال دائرة الأوقاف، ويدفعها إلى الموافقة على ما يُريد فرضه في الأقصى وأمام أبوابه، في مقابل السماح لها بإجراء بعض عمليات الترميم في المسجد الأقصى، وخاصة تلك الضرورية منها. تعطيل عمارة الأقصى وصيانته خلال السنوات العشرة الأخيرة، صعدت أذرع الاحتلال الأمنية من تدخلها في عمل لجنة "إعمار الأقصى"، وعملت على منعها من أداء عملهم في الأقصى، وما يتصل به من ترميمٍ وصيانة داخل مصليات المسجد أو في ساحاته المختلفة، وأدت سياسة منع أعمال الصيانة والترميم إلى انهيارات مختلفة في عددٍ من المواقع داخل المسجد الأقصى، وأبرزها في التسوية الجنوبية الغربية، وداخل مصلى قبة الصخرة. ومما يؤكد أن التدخل في العمارة يأتي للضغط على الأوقاف في ملفات أخرى، المعطيات التي كشفتها مؤسسة القدس الدولية في 27/1/2020، وتُشير هذه المعلومات إلى أن "الاحتلال يناور لمقايضة إعمار الأقصى وصيانته بإغلاق مصلى باب الرحمة"، أو "استخدامه بشكلٍ لا يجعله مفتوحًا أمام المصلين"، وتصر شرطة الاحتلال على تنفيذ الأمر القضائي بإغلاق مصلى باب الرحمة كشرطٍ للسماح بأي أعمال صيانة أو ترميم في الأقصى مهما كانت صغيرة. ومنذ بداية شهر تموز/يوليو 2023، منعت سلطات الاحتلال دائرة الأوقاف من تنفيذ أي عمليات ترميم داخل المسجد الأقصى، وبحسب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية فقد منعت قوات الاحتلال لجنة إعمار المسجد الأقصى من العمل في ترميم المسجد، وهدّدت موظفي اللجنة بالاعتقال إذا باشروا أعمالهم، ولم يقف المنع عند الموظفين فقط، بل شمل منع إدخال أي مواد ضرورية لعمليات الصيانة والترميم. وبحسب مدير دائرة الأوقاف في القدس المحتلة عزام الخطيب بدأت هذه الإجراءات في 2/7/2023، إذ منعت شرطة الاحتلال موظفي اللجنة من القيام بأعمالهم بشكل كامل، وبحسب الخطيب فإن هذه الإجراءات جزء من محاولات الاحتلال إنهاء عمل لجنة الإعمار، وصولًا إلى إخراجها من الأقصى. مشاريع حيويّة معطلة تُشير مصادر دائرة الأوقاف الإسلامية، إلى أن سلطات الاحتلال تُعرقل تنفيذ نحو 27 مشروعًا متصلًا بعمارة المسجد الأقصى وترميمه، وتفرض منعًا للعديد من الإجراءات المهمة المتصلة بصيانة أجزاء من المسجد الأقصى، وخاصةً مصلياته المسقوفة، وبحسب هذه المصادر فإن سلطات الاحتلال تمنع تنفيذ مشاريع ضروريّة على غرار مشروع الإنارة الداخلية لمصليات المسجد الأقصى المسقوفة، وخاصة القبلي وقبة الصخرة، وإجراء إصلاحات ضرورية لشبكات المياه والكهرباء، والإطفاء، والإنذار، ومعالجة تسريب المياه من أسطح المصليات المسقوفة، وتبديل القبة الرصاصية للمصلى القبلي، وإجراء إصلاحات متعددة لأرضيات المسجد، وخاصة الساحات التي تأثرت بفعل حفريات الاحتلال أسفل المسجد وفي محيطه. وفي النقاط الآتية أبرز المشاريع التي تعرقلها سلطات الاحتلال وتمنع دائرة الأوقاف الإسلامية من تنفيذها: • ترميم وإعادة بناء عددٍ من النوافذ الجصية، التي يحطمها جنود الاحتلال في اقتحامات الأقصى. • أعمال صيانة مصلى باب الرحمة وترميمه من الداخل والخارج. • ترميم الطريق المحيط بمصلى باب الرحمة. • ترميم البوائك المحيطة بصحن مصلى قبة الصخرة. • صيانة الرخام الداخلي والخارجي لقبة الصخرة. • مشروع الإنارة الداخلية لمصليات المسجد الأقصى المسقوفة، وخاصة القبلي وقبة الصخرة. • ترميم 94 عمودًا من أعمدة المصلى المرواني، وقد رفضت سلطات الاحتلال إدخال لجنة من الجمعية العلمية الملكية للقيام بهذه الأعمال الدقيقة من الترميم. • تبديل نحو 25 سماعة معطلة، بعضها تم تخريبه على أثر اقتحامات المسجد الأقصى، وهذا ما يؤثر في توزيع الصوت في المسجد الأقصى. • إجراء إصلاحات ضرورية لشبكات المياه والكهرباء، والإطفاء، والإنذار، وغيرها. أخيرًا، إنّ منع سلطات الاحتلال أعمال الترميم في المسجد الأقصى المبارك ليس مجرد عدوانٍ طارئ، أو إجراءٍ أمني رتيب تقوم به أذرع الاحتلال، إنما جزء من مخططات بعيدة المدى تهدف إلى استهداف الأقصى، ومكوناته البشرية، وهو أداة مهمة ضمن المشروع التهويدي الرامي إلى استهداف الأقصى، ومعالمه المختلفة، وبطبيعة الحال ما يتصل ببنية المسجد ومكانته الدينية والتاريخية. ومن دون شك إن مضي الاحتلال في هذا العدوان يتطلب موقفًا أكثر حزمًا وجدية، إن من صاحبة الوصاية وهي المملكة الأردنية، أو من مجمل العرب والمسلمين، في سياق حماية الأقصى، فالمعركة على الترميم ليست تقنية أو عمرانية فحسب، بل هي معركة على الهوية والسيادة والانتماء.


شبكة أنباء شفا
منذ 10 ساعات
- شبكة أنباء شفا
صلاة الخوف… بين الفقه والواقع ، بقلم: علاء كنعان
صلاة الخوف… بين الفقه والواقع ، بقلم: علاء كنعان في بلاد تعودت على الطوارئ أكثر من العادي، ليس مستغربا أن يُطرح السؤال القديم بصيغة جديدة: هل تقام صلاة الجمعة في ظل تهديدات الحرب، أم تُعلق الجماعة ونصلي فرادى؟ هل ننتقل تلقائيا إلى 'صلاة الخوف'، أم ننتظر سقوط الصاروخ فوق المسجد كي نوقن بالخطر؟ لم اكتب عن هذا السؤال في أثناء الحرب وتساقط شظايا الصواريخ في الضفة ورغم انه سؤال يبدو دينيا، لكنه في جوهره سياسي ومجتمعي، يتصل بمدى تكيف المجتمع مع الأزمات، وبتوقيت استخدام الدين كوسيلة للثبات أو مبرر للتراجع. اللافت في هذه المرة، أن البعض لم يُنكر فقط مبرر 'صلاة الخوف'، بل قلل من شأنها بحجة أن الخطر ليس عاما، وأن كثيرين لم يشعروا بالخوف أصلاً، وقد صعد بعض المواطنين إلى أسطح منازلهم لمراقبة السماء أكثر من الاختباء منها. في هذه النقطة بالذات، يجب أن نتوقف. فصلاة الخوف كما يقول الفقهاء لم تُشرّع لأن الناس جميعهم خائفون، بل لأنها فُرضت لحظة وجود خطر معتبر، حتى لو لم يشعر به الجميع، والفقه لا يتبع شعور الناس، بل يضبط السلوك العام بموازين الضرورة والمصلحة. حين شرّع النبي محمد صلى الله عليه و آلة وسلم ' صلاة الخوف '، لم ينتظر أن ترتعد كل القلوب، بل راعى وضعا ميدانيا فرضه العدو، ورسم به طريقا متوازنا بين إقامة الفريضة والحفاظ على النفس. والآية التي نزلت في ذلك السياق، ' فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم…'، لا تُقرأ اليوم كمجرد توثيق، بل كدليل عملي يُجيد التوفيق بين الروح والسلاح. وكما أن إغلاق المسجد الأقصى ضمن ما سمته ' إسرائيل 'حالة الطوارئ في الحرب'. وقد كان واحدا من أطول الفترات التي حرم فيها المصلون من الدخول إليه منذ عقود، ويعكس حجم التصعيد العسكري والسياسي في المنطقة. وقد جاء إغلاقه بطابع أمني واضح، لكنه في جوهره لم يكن بعيدا عن الرسائل السياسية التي تبعث بها إسرائيل في كل أزمة، وهو ما يبقى في وعي الناس شكلا من أشكال السيطرة عليه. ما نحتاجه اليوم ليس فتاوى جديدة، بل وعي ديني منضبط، يُقنع الناس بأن 'التكيف الفقهي' ضرورة وأن صلاة الخوف ليست تراجعا عن الواجب، بل حماية له وأن الشريعة التي خفّفت الهيئة، لم تُسقط الركن. الخوف ليس عيبا، والمجاهرة بعدمه ليست بطولة دينية والعبادة ليست ميدان اختبار للشجاعة، بل ميدان طاعة، والتزام، وتوازن. ولهذا، فإن إقامة صلاة الخوف، حتى مع عدم شعور بعض الناس بالخطر، هو فعل وعي جماعي لا رد فعل عاطفي فردي، وهو تطبيق لفكرة أن الدين لا يفرّط في الفريضة، لكنه لا يُجازف بالمؤمنين. علاء كنعان ـ صحافي فلسطيني