logo
المنطقة وصفيحها الساخن

المنطقة وصفيحها الساخن

الاتحادمنذ 2 أيام
المنطقة وصفيحها الساخن
صفيح المنطقة الساخن لم يبرد بعد، ومَن كانوا يتلاعبون بمعاني النصر والهزيمة لم يبق منهم حياً إلا القليل، فبشهادة التاريخ قد قُتل أكثرهم خلال عامين فقط، ولم يتبق غير الكتاب والمحللين من فئة المرتزقة التي تعتمد على خداع الشعوب لمصالح ذاتية صغيرة، بحيث يغيرون مواقفهم وتحليلاتهم كما يغيرون ملابسَهم.
مأساة غزة ما زالت مستمرةً، والقتل والتجويع والجرائم الشنيعة ما زالت ترتكب يومياً تجاهها، بسبب اليمين الإسرائيلي، نعم، ولكن أيضاً بسبب الحماقة التاريخية التي ارتكبتها حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023 حين مضت خلف قرار ما كان يعرف بـ «محور المقاومة». تاريخياً، تاجرت العديد من الأنظمة العربية بالقضية ثم تخلت عنها تباعاً، واستخدمت البندقيةَ الفلسطينيةَ في تصفية حساباتها السياسية، سواء كانت أنظمةً شيوعيةً أم قوميةً، ناصريةً أم بعثيةً، أم إسلامويةً، سنيةً كانت أم شيعيةً.. كلهم دون استثناء لم تكن القضية الفلسطينية تعني لهم شيئاً سوى المزايدات الجوفاء والشعارات الرنانة. منذ السابع من أكتوبر قبل عامين، تغيرت الخرائط في المنطقة، وأُعيد ترتيب التوازنات الإقليمية، وسقط محورٌ إقليمي وقُضي على كل أتباعه في المنطقة، وفي ثمانية أيامٍ قُضي على استراتيجيات بناها هذا المحور في أكثر من أربعة عقودٍ. الجيل الجديد، في الخليج العربي والعالم العربي، عليه أن يتعلم أن هذا الحدث تاريخي بحقٍ، وليس حدثاً عادياً، إنه تغيرٌ كبيرٌ واستراتيجي في المنطقة والعالم، قفوا عنده طويلاً وتعلموا كيف يمكن صناعة التاريخ وتغيير العالم بخططٍ محكمةٍ واستراتيجياتٍ مذهلةٍ، في صورتها الكبرى وفي تفاصيلها الصغيرة.
لقد اختفت «محاور» كبرى في شهورٍ، وهُدمت تماثيل صنمية في أيام، وأُعيد ترتيب المشهد السياسي، كل هذا جرى بقراراتٍ سياسيةٍ واستراتيجياتٍ واقعيةٍ وتخطيطٍ واعٍ، ووعيٍ متقدمٍ، دون مؤامرات في التاريخ ولا تداعياتٍ في الحاضر ولا تبعاتٍ في المستقبل، وإذا لم تكن هذه لحظة محورية في التاريخ فليس في التاريخ أي لحظاتٍ محوريةٍ. التاريخ ليس مؤامرةً، ولكنه مليء بالمؤامرات، والحرب ليست لعبةً، لكنها مليئة بالألاعيب، والسياسة ليست خدعةً، لكنها مليئة بالخداع، وإنما يفرز الفروق بينها جميعاً العلْمُ والمعرفةُ والوعيُ والتحليل والتفكير الناقد.
شهدت المنطقة في العقود الأربعة الأخيرة صراعاً بين ثلاثة محاور، محور المقاومة الذي انتهى تقريباً، ومحور الأصولية، ومحور الاعتدال العربي، الذي تقوده السعودية ودول الخليج ومن معها من الدول العربية. ومَن يعي الحاضرَ ويستحضر التاريخَ القديمَ والحديثَ ويطمح للمستقبل، فعليه أن يراقب كيف تُصنع السياسيات وتُبنى الاستراتيجيات وترتب الأولويات، ليعلم أن صناعة المستقبل عبر الاقتصاد والتنمية والوعي والرؤية تَحسم كثيراً من الجدل. في التاريخ القديم، منذ معارك الفرس والروم ما قبل الإسلام التي كتب عنها الدكتور رضوان السيد مقالتَه الرائعة «هل انتهت حرب فارس والروم؟»، وفي التاريخ الحديث وظهور فكرة «الإسلام السياسي» سنياً وشيعياً، وصولاً إلى العصر الحالي وزمن ما كان يعرف بـ «الربيع العربي»، شهدت وسائل الإعلام، فضلاً عن وسائل التواصل الاجتماعي ازدحاماً من المحللين البهلوانيين، الذين يكذبون على الناس ويتفذلكون في التوصيف والتحليل، ثم لا يلبثوا أن يغيروا مواقفَهم سريعاً بعدما كانوا يبررون قتل عشرات الآلاف وجرح مئات الآلاف وتهجيرهم.
وأخيراً، فاللحظات الاستثنائية في التاريخ قليلةٌ ونحن نشهد واحدةً من تلك اللحظات المهمة على أرض الواقع، والدول العاقلة والقوية مستعدةٌ لكل التغيرات، وهي تستبق الأحداث الجديدة والمفاجئة بوعي كاملٍ واستعدادٍ تامٍ، ولهذا فهي دائمة التجدد والحيوية تجاه المتغيرات، كما تساهم بقوةٍ في صناعة التاريخ والمستقبل بناءً على الوعي واستقراء القادم.
*كاتب سعودي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة قد تنتهي غدا بـ"شرطين"
وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة قد تنتهي غدا بـ"شرطين"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 32 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة قد تنتهي غدا بـ"شرطين"

وقال ساعر خلال لقائه نظيرته اللاتفية في لاتفيا إن إسرائيل"جادة في التوصل إلى صفقة تبادل وقف إطلاق نار"، متهما حماس بالمسؤولية عن اندلاع الحرب واستمرارها. وأضاف: "لقد وافقنا على المقترحات التي طرحها المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، بعكس حماس". وأشار الوزير الإسرائيلي إلى أن حماس تتحمل، بحسب تعبيره، المسؤولية عن "معاناة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء". وكان رئيس حركة حماس بقطاع غزة، خليل الحية، قد أكد أن الحركة لم ترفض المقترح الأخير من ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة ، بل طالبت فقط ببعض التغييرات والتحسينات لضمان إنهاء الحرب في القطاع. وأوضح أن الحركة مستعدة للانخراط في جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار ، وأن الاتصالات مستمرة مع الوسطاء. وينص المقترح على هدنة 60 يوما ومبادلة 28 من أصل 56 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة مقابل أكثر من 1200 أسير ومعتقل فلسطيني، إلى جانب إدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع. وتقول حماس إنها لن تفرج عن الرهائن المتبقين إلا إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب، بينما يتعهد نتنياهو بعدم إنهاء الحرب إلا بعد نزع سلاح حماس والقضاء عليها في غزة.

ترامب يأمل بوقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل
ترامب يأمل بوقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل

صحيفة الخليج

timeمنذ 32 دقائق

  • صحيفة الخليج

ترامب يأمل بوقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل

واشنطن-أ ف ب أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة تسعى للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة «خلال الأسبوع المقبل». وفي حديث مع الصحفيين قبل توجهه إلى فلوريدا، حيث سيزور مركز احتجاز جديد للمهاجرين غير الشرعيين، سُئل الرئيس الأمريكي عمّا إذا كان من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن في 7 يوليو/تموز. وقال: «نأمل في التوصل إلى ذلك الأسبوع المقبل». وأحيا الحلّ السريع للحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، الآمال في إنهاء القتال في غزة، حيث خلّفت المعارك المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً ظروفاً إنسانية كارثية لسكان القطاع ويزيد عددهم عن مليوني نسمة. كان ترامب صرّح الجمعة، بأنّ وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس بات «قريباً». لكن ميدانياً لا يزال القتال على أشده بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة. وأعلنت إسرائيل، الثلاثاء، أنها وسعت نطاق هجومها على قطاع غزة، حيث أسفرت غارات جديدة عن مقتل 17 شخصاً، وفقاً للدفاع المدني.

ترامب يأمل بوقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل
ترامب يأمل بوقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 43 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

ترامب يأمل بوقف لإطلاق النار في غزة الأسبوع المقبل

في حديث مع الصحافيين قبل توجهه إلى فلوريدا حيث سيزور مركز احتجاز جديد للمهاجرين غير الشرعيين، سُئل الرئيس الأميركي عما إذا كان من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن في 7 يوليو. وقال "نأمل في التوصل الى ذلك، ونأمل أن يحدث في بحر الأسبوع المقبل". كان ترامب صرّح، يوم الجمعة، بأنّ وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس بات "قريبا". لكن ميدانيا لا يزال القتال على أشده بين الجيش الإسرائيلي وحماس. وأعلنت إسرائيل ، يوم الثلاثاء، أنها وسعت نطاق هجومها على قطاع غزة حيث أسفرت غارات جديدة عن مقتل 17 شخصا، وفقا للدفاع المدني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store