logo
فرص الشغل بطنجة تضع الدولة أمام تحدي التوفيق بين شمولية التوجيه وعدالة التوزيع المجالي

فرص الشغل بطنجة تضع الدولة أمام تحدي التوفيق بين شمولية التوجيه وعدالة التوزيع المجالي

24 طنجةمنذ 4 أيام
داخل أحد فروع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بمدينة طنجة، يصطفّ شبان وشابات بأوراق تحت الأذرع وعيون مسلطة على شاشة الهاتف المحمول حيث تُعرض آخر فرص الشغل. في الداخل،
مستشارو التوجيه يتعاملون باحتراف مع طوابير من الأمل والتعب. في هذه المدينة التي تحولت إلى قطب اقتصادي وطني، لا زال كثير من أبنائها يشعرون بأن سوق الشغل لا يفتح أبوابه للجميع على قدم المساواة.
طنجة اليوم ليست فقط مدينة ساحلية ذات طابع سياحي، بل منصة صناعية عالمية، ووجهة مفضلة للاستثمار الأجنبي، وبوابة المملكة على إفريقيا وأوروبا في آن.
..في كل مرة تُنشر فيها إعلانات عن فرص شغل داخل وحدات صناعية بطنجة، موجهة حصريا لفائدة شباب من أقاليم بعيدة، يعود النقاش في صفوف شباب المدينة الذين لم يسعفهم الحظ بعد في ولوج الشغل، رغم محاولاتهم المتكررة.
وعلى مدى عقدين، تحولت المدينة إلى قطب اقتصادي تحتضن مناطق صناعية متقدمة، منها منصات لصناعة السيارات والطيران والكابلاج والنسيج واللوجستيك، وآلاف مناصب الشغل التي رافقت هذا التحول العميق.
غير أن الاستفادة من هذه الدينامية لم تكن دائما محل إجماع محلي. ففي كل مرة تُنشر فيها إعلانات عن فرص شغل داخل وحدات صناعية بطنجة، موجهة حصريا لفائدة شباب من أقاليم بعيدة، يعود النقاش في صفوف شباب المدينة الذين لم يسعفهم الحظ بعد في ولوج الشغل، رغم محاولاتهم المتكررة.
وتؤكد هذه الإعلانات، التي تنشرها مؤسسات رسمية، وجود عروض موجهة تحديدا لفائدة أبناء إقليم معين، تتعلق غالبا بشركات في قطاع الكابلاج أو النسيج، وتشترط في المترشحين الانتماء الجغرافي، مع توجيههم للتقدم لدى فروع أنابيك في مناطقهم.
وفي الوقت الذي تُقدّم فيه هذه العمليات كجزء من سياسة وطنية لإعادة التوازن في توزيع فرص الإدماج، يشعر عدد من شباب طنجة أنهم مستثنون من مناصب شغل تقام فوق تراب منطقتهم.
يقول أمين، خريج مركز للتكوين المهني: 'أنا ماشي ضد شي شاب يخدم، الله يسهل على الجميع، ولكن واش معقول يكونو كيختارو شباب من مناطق بعيدة، ويجيبوهم يخدمو هنا، وحنا اللي ترعرعنا فهذ المدينة ما كاين حتى تفضيل بسيط؟'.
في المقابل، يرى مسؤولو التشغيل أن هذه الدينامية لا تُقصي أحدا، بل تنخرط في رؤية وطنية تستند إلى مبدأ تكافؤ الفرص، كما توضح الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.
أنابيك تقول إن شباب طنجة يستفيدون بدورهم من خدمات الوكالة، ومن آلاف المناصب التي تخلقها المقاولات محليا، لكن التنافس يظل قائماً، والسوق مفتوح أمام كل من يستجيب لشروط الشغل
ويوضح مصدر من داخل الوكالة أن 'أنابيك تشتغل على المستوى الوطني، وتسعى إلى إدماج أكبر عدد ممكن من الشباب بناء على مؤهلاتهم وكفاءاتهم، وليس على أساس جغرافي'، مضيفا أن 'بعض العمليات التوجيهية لفائدة شباب من مناطق بعيدة، تتم في إطار برامج خاصة تسعى الدولة من خلالها إلى دعم الجهات الأقل استفادة من فرص الشغل'.
ويضيف المصدر ذاته أن 'شباب طنجة يستفيدون بدورهم من خدمات الوكالة، ومن آلاف المناصب التي تخلقها المقاولات محليا، لكن التنافس يظل قائماً، والسوق مفتوح أمام كل من يستجيب لشروط الشغل'.
ورغم هذا التوضيح، يبقى الشعور بالتهميش قائما لدى البعض. ففاطمة، حاملة شهادة الإجازة، تقول إنها قدّمت عدة طلبات دون جدوى، مضيفة: 'المدينة تغيرات بزاف، الأسعار طلعات، الضغط زاد، ولكن الفرص كتروح لناس من برا. هادشي كيخلينا نحسو وكأننا غرباء فمدينتنا'.
لكن وسط هذا الشعور المتفاوت، هناك قناعة تترسخ لدى عدد من الشباب الطنجي: أن مدينة طنجة، بموقعها الجغرافي الفريد وارتباطها العابر للقارات، لم تكن يوما اختيارا اعتباطيا للدولة، ولا هدية موجهة لسكان الشمال كما يلمّح البعض. بل هي مدينة فرضت نفسها كمنصة استراتيجية للإقلاع الاقتصادي المغربي، ما يجعل الاستثمارات الموجهة إليها خدمة للبلاد ككل، لا امتيازا لجهة دون أخرى.
ومن هذا المنظور، تبدو دعوة شباب طنجة أكثر نضجا واتزانا: ليست للمطالبة بحصرية أو امتياز، بل لتذكير الدولة بأن العدالة المجالية لا تقتصر على توزيع المشاريع، بل تشمل أيضا توزيع منافعها، وفي مقدمتها مناصب الشغل.
'نحن لا نطلب الإقصاء لأحد'، يقول أحد الفاعلين المدنيين، 'بل نطالب فقط بأن يُراعى حق أبناء هذه المدينة في نيل نصيب من ثمار تحولها، خصوصاً من وُلدوا وكبروا وهم يتابعون كيف تغيّرت حياتهم دون أن تتغير حظوظهم'.
ومع تعدد المبادرات الموجهة لفائدة شباب من أقاليم بعيدة، والتي تختار السلطات بين الفينة والأخرى مدناً محددة للاستفادة من بعض ثمار الدينامية الاقتصادية بطنجة، يبرز تساؤل مشروع لدى فاعلين محليين: هل يُعقل أن تظل طنجة وحدها تتحمّل، وبشكل مستمر، الضغط الناتج عن هشاشة الاقتصاد الوطني في مناطق أخرى؟ وهل الاستثمارات التي ضُخّت في المدينة كافية فعلاً لتمكينها من مواكبة هذا الامتداد الاجتماعي والاقتصادي، دون أن ينعكس ذلك على نسيجها المجتمعي والخدماتي؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحكومة تصادق على مشروع قانون إحداث 'مؤسسة المغرب 2030' لتنظيم كأس العالم
الحكومة تصادق على مشروع قانون إحداث 'مؤسسة المغرب 2030' لتنظيم كأس العالم

أكادير 24

timeمنذ 2 أيام

  • أكادير 24

الحكومة تصادق على مشروع قانون إحداث 'مؤسسة المغرب 2030' لتنظيم كأس العالم

agadir24 – أكادير24 صادقت الحكومة، اليوم الخميس 10 يوليوز 2025، على مشروع قانون جديد يُحدث 'مؤسسة المغرب 2030″، وذلك في إطار استعداد المملكة لتنظيم كأس العالم فيفا 2030، وكأس إفريقيا للأمم 2025، تنزيلاً للتوجيهات الملكية السامية. وقد قدم مشروع القانون رقم 35.25 الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، خلال اجتماع مجلس الحكومة، بينما أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لما ورد في المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 4 ديسمبر 2024، برئاسة جلالة الملك محمد السادس نصره الله. ويهدف هذا المشروع إلى مواكبة ورش التحضير لأكبر التظاهرات الرياضية الدولية التي سيحتضنها المغرب، وعلى رأسها كأس العالم 2030، التي تشكل، وفق المسؤولين، فرصة تاريخية لترسيخ مكانة المملكة كمنصة عالمية لتنظيم الفعاليات الكبرى، ومصدر إشعاع حضاري وتنموي. وأكدت الحكومة أن 'مؤسسة المغرب 2030' ستتولى تنسيق وتتبع تنفيذ التزامات الدولة وفق دفاتر التحملات المعتمدة من قبل الفيفا، مع ضمان تحقيق أهدافها وفق مقاربة تشاركية. وستضم هذه المؤسسة في تركيبتها مختلف الفاعلين من الإدارات العمومية، والمقاولات والمؤسسات الوطنية، والجماعات الترابية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، ومغاربة العالم، فضلاً عن أسرة كرة القدم الوطنية والكفاءات الإفريقية. ويراهن المغرب على تنظيم هذه التظاهرات، ليس فقط لأغراض رياضية، وإنما لتسريع التنمية الشاملة والبنيات التحتية في مختلف جهات المملكة، وتجسيد رؤية جلالة الملك الرامية إلى جعل الرياضة رافعة للاندماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب ومحركاً للتنمية المستدامة.

بنعلي تُبرز من فيينا الرؤية الملكية لجعل المغرب منصة إفريقية
بنعلي تُبرز من فيينا الرؤية الملكية لجعل المغرب منصة إفريقية

الألباب

timeمنذ 2 أيام

  • الألباب

بنعلي تُبرز من فيينا الرؤية الملكية لجعل المغرب منصة إفريقية

الألباب المغربية أكدت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن المغرب يعمل على تسريع وتيرة استثماراته الطاقية بثبات وبراغماتية، وذلك في إطار التزامه العميق بمسار التحول الطاقي العادل والمستدام، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية. وشدّدت الوزيرة، في كلمة ألقتها يوم الأربعاء 8 يوليوز 2025، ضمن أشغال الندوة الدولية التاسعة لمنظمة 'أوبك'، المنعقدة في العاصمة النمساوية فيينا تحت شعار: 'رسم المسارات معًا: مستقبل الطاقة العالمي'، على التزام المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بمواصلة مسار الانتقال الطاقي بكل ثقة وطموح، وجعل المملكة منصة للربط الطاقي بين إفريقيا وأوروبا، ومركزًا إقليميًا للطاقة المستدامة. وأوضحت بنعلي أن المغرب، باعتباره بلدًا متوسط الدخل يطمح إلى تحقيق تنميته المستدامة الذاتية، يجد نفسه مطالبًا اليوم بمضاعفة الاستثمارات ثلاث مرات في الطاقات المتجددة، وخمس مرات في شبكات الكهرباء، وخمس مرات أيضًا في الطاقات التقليدية، وذلك بشكل سنوي منتظم، لمواكبة حاجياته وتحقيق أهدافه المناخية والتنموية. وأضافت الوزيرة أن العمل في 'الوضع الاعتيادي' بالنسبة لها يعني مواصلة الإصلاحات البنيوية، لاسيما على مستوى تحديث المؤسسات العمومية، وتحسين الشروط الجبائية لتحفيز الاستثمار الخاص، إلى جانب دعم اللامركزية وتمكين الجهات الاثني عشر للمملكة من لعب دور مركزي في تنزيل مشاريع التحول الطاقي. وفي هذا السياق، ذكّرت ليلى بنعلي بتجربة المغرب الممتدة لأزيد من 15 سنة في تطوير وتمويل مشاريع الطاقات المتجددة، و30 سنة من الانفتاح الناجح على تمويلات القطاع الخاص، معتبرة أن هذه التجربة تُعد مصدرًا غنيًا للدروس في مجال حكامة المشاريع والابتكار التمويلي. وأبرزت أن المغرب يعتزم إضافة 16 جيغاواط من القدرات الكهربائية إلى نظامه الطاقي، إلى جانب ضخ استثمارات تناهز 10 مليارات دولار في مشاريع النجاعة الطاقية، التي ستُتيح خلق عشرات الآلاف من فرص الشغل، خاصة في ظل توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال. وشدّدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة على أهمية الارتباط الإقليمي في تسريع الانتقال الطاقي، موضحة أن مشاريع الربط بين المغرب وغرب إفريقيا وأوروبا تستدعي استثمارات تفوق 25 مليار دولار، ما يستوجب تعاونًا استراتيجيًا لتقليص المخاطر وضمان التمويل الكافي من القطاعين العام والخاص.

ليلى بنعلي تشارك في فعاليات مؤتمر 'مستقبل أسواق الكربون الإفريقية' بمدينة الدار البيضاء
ليلى بنعلي تشارك في فعاليات مؤتمر 'مستقبل أسواق الكربون الإفريقية' بمدينة الدار البيضاء

حزب الأصالة والمعاصرة

timeمنذ 2 أيام

  • حزب الأصالة والمعاصرة

ليلى بنعلي تشارك في فعاليات مؤتمر 'مستقبل أسواق الكربون الإفريقية' بمدينة الدار البيضاء

شاركت، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، السيدة ليلى بنعلي، يوم الثلاثاء 8 يوليوز 2025 بمدينة الدار البيضاء، في فعاليات مؤتمر 'مستقبل أسواق الكربون الإفريقية'، المنعقد بشراكة بين القطب المالي للدار البيضاء، وصندوق الإيداع والتدبير، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ). وقد شكل هذا الموعد منصة رفيعة لتبادل الرؤى وتعميق الحوار حول تحديات وآفاق أسواق الكربون، سواء الإلزامية منها أو الطوعية، على الصعيدين الإفريقي والدولي. وفي كلمتها الافتتاحية، أبرزت الوزيرة أن المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، قد اختارت، بكل وعي واستباقية، الانخراط في تطوير سوق وطني للكربون، باعتباره أداة استراتيجية لدعم السيادة المناخية وتسريع وتيرة الانتقال الطاقي. كما أكدت بنعلي أن هذا التوجه يندرج في صلب الالتزامات المناخية الطموحة للمملكة، وفي مقدمتها تحقيق الحياد الكربوني في أفق سنة 2050، وتفعيل مقتضيات المادة السادسة من اتفاق باريس، التي تؤسس لتعاون دولي طوعي من أجل تقليص الانبعاثات. وشددت الوزيرة على أن أسواق الكربون تشكل رافعة واعدة لتوجيه الاستثمارات نحو مشاريع منخفضة الكربون ومبتكرة، ذات مردودية بيئية واجتماعية، مؤكدة عزم المغرب على ترسيخ إطار تنظيمي ومؤسساتي متكامل وشفاف، يعزز موقعه كقطب إقليمي فاعل ورائد في هذا المجال الحيوي. الشيخ الوالي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store