logo
العقوبات الأميركية.. عزل لروسيا أم تهديد لاقتصاد العالم؟

العقوبات الأميركية.. عزل لروسيا أم تهديد لاقتصاد العالم؟

الجزيرةمنذ 2 أيام
في عالم لم تعد تُحسم فيه المعارك بالسلاح وحده، باتت العقوبات الاقتصادية من أخطر أدوات النفوذ الجيوسياسي. وتحديدًا، تبرز العقوبات الثانوية كإحدى أكثر الآليات تأثيرًا، ليس لأنها تستهدف الخصم المباشر فحسب، بل لأنها تمتد أيضًا إلى كل من يتعامل معه. وبهذا، ترسل واشنطن رسالة ضمنية إلى العالم: "من لا يصطفّ معنا، فهو ضدنا".
وفي يوليو/تموز 2025، لوّحت الولايات المتحدة بفرض عقوبات ثانوية على أي جهة تواصل التعاون مع روسيا، في محاولة لعزل موسكو من خلال ضرب شبكاتها التجارية العابرة للحدود.
ومع ذلك، فإن هذه التهديدات لا تمرّ من دون تبعات؛ إذ يرى مراقبون أنها قد تُزعزع الثقة بالنظام الاقتصادي العالمي، وتفتح باب التساؤل حول من يملك الحق في معاقبة من، وتحت أي شرعية دولية.
ولأن لكل حرب كُلفتها، حتى إن كانت حربًا اقتصادية تُخاض عبر البنوك وشبكات التحويل بدلًا من الجيوش، فالسؤال المطروح اليوم: هل يستطيع العالم تحمّل تبعات هذا النهج؟ وهل تملك واشنطن، في ظل دين عام متضخم وصراعات سياسية داخلية، القدرة على تحمّل ارتدادات سلاح قد يُصيبها كما يُصيب خصومها؟
في هذا التقرير، نحاول تقديم رؤية متكاملة لفهم العقوبات الثانوية: ما هي؟ ولماذا تنفرد الولايات المتحدة بفرضها؟ من هم المستهدفون؟ وما حجم المخاطر الكامنة في استخدامها؟ وذلك من خلال تحليل الأرقام، واستعراض المصالح المتشابكة، وقراءة مآلات النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
ما العقوبات الثانوية؟ ولماذا تختلف عن العقوبات المباشرة؟
لفهم طبيعة العقوبات الثانوية لا بد من التمييز بينها وبين العقوبات المباشرة:
العقوبات المباشرة: تُفرض مباشرة على دولة أو مؤسساتها الرسمية، مثل حظر التعامل مع بنوكها أو تجميد أصولها أو منع تصدير بعض السلع إليها. وتهدف إلى الضغط السياسي أو الأمني على النظام المستهدف. وتصدر عادة عن دولة أو تحالف دولي ضد طرف محدد. فمثلا في عام 2012، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات مباشرة على إيران شملت حظرًا نفطيا وتجميد أصول البنك المركزي الإيراني، للضغط على طهران بشأن برنامجها النووي.
العقوبات الثانوية: تستهدف أطرافًا ثالثة تتعامل مع الدولة الخاضعة لعقوبات مباشرة. فالعقوبة هنا لا تُفرض بسبب أفعال الطرف الثالث، بل بسبب صلاته الاقتصادية مع الجهة المعاقَبة. وتُستخدم هذه العقوبات لردع أي جهة قد تُسهم بشكل غير مباشر في دعم النظام المعاقَب أو مساعدته على الالتفاف على العقوبات. ففي عام 2018، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بنك صيني بسبب تعامله المالي مع كوريا الشمالية، رغم أن البنك ذاته لم يكن خاضعًا لأي عقوبة سابقة.
لماذا تستطيع الولايات المتحدة فرض هذه العقوبات؟
تستمد الولايات المتحدة سلطتها في فرض العقوبات -خاصة العقوبات الثانوية- من هيمنة مركبة: مالية، وتكنولوجية، وعسكرية، وسياسية. هذه الهيمنة تعزز قدرتها على التأثير في سلوك الدول والشركات العالمية.
الدولار يُستخدم في أكثر من 85% من المعاملات التجارية العالمية، ويمثّل نحو 59% من احتياطي البنوك المركزية، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي (2024).
الولايات المتحدة تتحكم فعليا بنظام " سويفت" الذي تمر عبره تحويلات تزيد على 32 تريليون دولار سنويا، ويخدم أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في 200 دولة. ومن ثم فأي جهة تُمنع من الوصول إلى هذا النظام تُواجه عزلة مالية شبه تامة.
الهيمنة التكنولوجية والتجارية
شركات التكنولوجيا الأميركية (مايكروسوفت، آبل، أمازون، غوغل) تُشكّل حجر الأساس في البنية الرقمية العالمية، وذلك يمنح واشنطن قدرة على الضغط خارج نطاق المال فقط.
النفوذ العسكري والسياسي
تنتشر القوات الأميركية في أكثر من 70 دولة، وتؤمّن طرقًا إستراتيجية كالمضايق وممرات الطاقة.
تملك نفوذًا واسعًا في مؤسسات دولية مثل مجلس الأمن، وصندوق النقد، والبنك الدولي، ووكالات التصنيف الائتماني.
تترجم هذه الأدوات إلى آليات عقوبات فعالة من إدراج كيانات في قوائم سوداء، وفرض غرامات باهظة، وتجميد أصول، ومنع من دخول السوق الأميركية، أو قطع العلاقة مع النظام المالي الدولي.
طبيعة العقوبات الموجهة ضد روسيا في 2025
وتركّز العقوبات الأميركية الجديدة على خنق الاقتصاد الروسي بشكل غير مباشر، من خلال الضغط على الدول والشركات التي تتعامل مع موسكو في مجالات إستراتيجية مثل الطاقة، والمعادن، والتكنولوجيا.
ففي يوليو/تموز 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب مهلة مدتها 50 يومًا للتوصل إلى اتفاق سلام، وإلا فستُفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الدول المستوردة للنفط أو الغاز الروسي.
بالتوازي، يناقش الكونغرس مشروع قانون يفرض رسومًا تصل إلى 500% على صادرات روسيا، ويشمل عقوبات ثانوية على الجهات الممولة أو الناقلة.
وحذّر ترامب من أن الشركات المتعاملة مع روسيا في قطاعات التكنولوجيا والمعادن قد تُمنع من دخول السوق الأميركية أو استخدام النظام المالي الدولي.
ورغم أن العقوبات لم تُفعّل رسميًا حتى لحظة إعداد التقرير، فإن الغموض بشأن توقيت دخولها حيّز التنفيذ يتسبب في إرباك الأسواق العالمية ويُفاقم من حالة عدم اليقين الاقتصادي.
شبكة العلاقات الروسية.. هل يمكن عزل موسكو فعلًا؟
يتجاوز تحدي العقوبات الثانوية مسألة قدرة الولايات المتحدة على إصدارها، ليشمل البنية المعقدة للعلاقات التجارية العالمية. فروسيا ترتبط بشبكات تبادل واسعة مع اقتصادات كبرى، في مجالات إستراتيجية مثل الطاقة، والمعادن، والغذاء.
وهذه التشابكات تجعل من محاولات عزل موسكو اختبارًا ليس فقط لقدرة واشنطن، بل لقدرة النظام العالمي برمته على تحمّل كلفة المواجهة.
روسيا تُعد من كبار منتجي الطاقة ومصدّريها في العالم، إذ تصدر أكثر من 7 ملايين برميل نفط يوميا. وبلغت عائداتها من النفط والغاز نحو 192 مليار دولار في 2024، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
إخراج روسيا من سلاسل توريد المعادن سيؤثر بشكل مباشر على الصناعة العالمية، بما في ذلك في الدول الغربية
وهؤلاء أبرز المستوردين للنفط الروسي:
الصين: استوردت نحو 2.17 مليون برميل يوميا من روسيا عام 2024، أي ما يعادل 20% من إجمالي وارداتها النفطية. وتُشكّل الصين وحدها 23% من مجمل الواردات العالمية للنفط في 2023.
الهند: ارتفع اعتمادها على النفط الروسي إلى نحو 1.8 مليون برميل يوميا، بما يمثل 35% من احتياجاتها النفطية.
تركيا: تحصل على ما يقارب 400 ألف برميل يوميًا من النفط الروسي.
البرازيل: استوردت مؤخرًا نحو 12% من وارداتها النفطية من روسيا.
إعلان
ورغم تراجع الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية منذ اندلاع الحرب، لا تزال بعض الدول -مثل المجر وسلوفاكيا- تحصل على النفط عبر خطوط الأنابيب.
وتشير التقديرات إلى أن الغاز الروسي مثّل أقل من 19% من واردات الاتحاد الأوروبي في 2024، مقارنة بأكثر من 40% قبل الحرب.
روسيا لاعب محوري في السوق الزراعية العالمية:
تُعد ثالث أكبر مصدر للأسمدة المعدنية في العالم، بحصة تقارب 13%.
هي أكبر مصدر للقمح عالميا، بحصة تُناهز 20% من التجارة الدولية.
أوروبا تستورد نحو 5.5 ملايين طن سنويا من الأسمدة الروسية، من أصل 17 مليون طن يتم تصديرها عالميًا.
في يوليو/تموز 2023، انسحبت روسيا من اتفاق الحبوب، وهدّدت بعدم تجديد مذكرة التفاهم مع الأمم المتحدة بشأن تصدير الأسمدة بعد يوليو/تموز 2025، ما لم تُنفذ مطالبها، مثل ربط البنك الزراعي الروسي بنظام "سويفت" واستئناف خط الأمونيا.
ثالثًا: المعادن الإستراتيجية
تُعد روسيا من كبار مصدّري النيكل، والألمنيوم، والتيتانيوم، وهي معادن تدخل في صناعات السيارات، والطائرات، والإلكترونيات. وإخراج روسيا من سلاسل التوريد في هذه المجالات سيؤثر بشكل مباشر على الصناعة العالمية، بما في ذلك في الدول الغربية.
تسيطر روسيا عبر "روس آتوم" على أكثر من 46% من قدرة تخصيب اليورانيوم عالميا، وتزوّد محطات نووية في أكثر من 18 دولة. حتى الولايات المتحدة تعتمد على روسيا في نحو 25% من وارداتها من اليورانيوم المخصب.
رغم العقوبات الغربية، استمر التعاون بين وكالة الفضاء الروسية ووكالة "ناسا" حتى عام 2022. وتعتمد عدة دول على الخبرة الروسية في إطلاق الأقمار الاصطناعية.
المنتجات الزراعية الأخرى
تُعد روسيا مصدرًا رئيسيًا للشعير، والذرة، وبذور دوّار الشمس وزيوتها.
الأخشاب والخامات الأولية
كانت روسيا من كبار مصدّري الأخشاب عالميا. ورغم تراجع الصادرات، فإن الأسواق لا تزال تعاني من نقص في المعروض بسبب غياب الإمدادات الروسية.
كل هذه الروابط تجعل أي عقوبات ثانوية على شركاء روسيا بمنزلة رهان باهظ الكلفة قد يصيب الحلفاء قبل أن يصيب موسكو.
فرض عقوبات ثانوية على شركاء روسيا يعد رهانا باهظ الكلفة قد يصيب الحلفاء قبل أن يصيب موسكو.
كيف سيتأثر العالم إذا فُرضت العقوبات الثانوية؟
1. الأثر الاقتصادي
ارتفاع أسعار الطاقة: أي اضطراب في صادرات روسيا أو تعاملاتها النفطية سيؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع الأسعار عالميا، وسينعكس على تكاليف الإنتاج والنقل ويُغذي التضخم.
اضطراب في سلاسل الإمداد: روسيا مورد رئيسي للطاقة، والحبوب، والأسمدة، والمعادن، وأي خلل في هذه القطاعات سيُسبب ارتفاعًا عامًا في أسعار السلع.
ردود فعل مضادة: قد تتخذ دول متضررة -مثل الصين أو الهند- إجراءات مضادة، كفرض قيود على تصدير المعادن النادرة أو مراجعة العلاقات التجارية مع واشنطن، مما يُفاقم التوترات العالمية ويُضعف الثقة بالنظام التجاري الدولي.
2. الأثر الجيوسياسي
تصاعد الاستياء من الهيمنة الأميركية: ترى دول عديدة أن واشنطن تفرض أجندتها الاقتصادية عبر العقوبات، حتى على حلفائها، من دون اعتبار لمصالحهم الخاصة.
تعزيز التكتلات البديلة: التكتلات كـ"بريكس بلس" و"منظمة شنغهاي" تزداد جاذبية للدول التي تسعى إلى فك ارتباطها المالي بالدولار الأميركي.
تعميق الفجوة مع الحلفاء: حتى شركاء الولايات المتحدة مثل ألمانيا والهند وكوريا الجنوبية أعربوا عن امتعاضهم من غياب التنسيق، لا سيما بعد إعلان الهند في يونيو/حزيران 2025 مواصلة شراء الطاقة الروسية رغم التهديدات الأميركية.
تآكل شرعية المؤسسات الدولية: فرض العقوبات خارج إطار مجلس الأمن يُعزز الانطباع بأن النظام الدولي أداة غربية لا تعبّر عن مصالح الجميع، مما يدفع دولًا إلى البحث عن بدائل أكثر توازنًا.
الارتداد إلى الداخل الأميركي.. هل تتحمّل واشنطن الصدمة؟
فرض العقوبات الثانوية لا يهدد النظام العالمي فقط، بل قد يرتد مباشرة على الاقتصاد الأميركي من خلال:
الضغط على الشركات الأميركية المتعددة الجنسيات: كثير من الشركات تعتمد على موردين وشركاء في دول قد تتعامل مع روسيا، وذلك يجعل العقوبات عبئًا مباشرًا على عملياتها وسلاسل توريدها.
تراجع الدعم الدولي: العقوبات التي تشمل شركاء واشنطن قد تُضعف علاقاتها السياسية وتُقلل من فاعلية الضغط الجماعي.
تصاعد الانتقادات الداخلية: الإدارة الأميركية قد تواجه اعتراضات من الكونغرس وقطاع الأعمال، خاصة إذا أدت العقوبات إلى خسائر اقتصادية أو فقدان وظائف.
الارتباك في السياسات التجارية: حالة عدم اليقين بشأن ما هو "مسموح أو محظور" قد تُربك المستثمرين، وتُضعف قرارات الاستثمار على المدى القصير والمتوسط.
هكذا وفي ظل دين عام يتجاوز 37 تريليون دولار، ومع استمرار الخلافات مع الاحتياطي الفدرالي حول الفائدة، تبدو الولايات المتحدة أقل قدرة على تحمّل صدمات خارجية إضافية.
وأي اضطراب في أسعار الطاقة أو الغذاء سيتحوّل سريعًا إلى أزمة داخلية تُفاقم التضخم وتُثقل كاهل المستهلك الأميركي.
إلى أين يتجه النظام العالمي؟
تشير المؤشرات إلى أن العقوبات -رغم قوتها- لم تعد أداة احتكار أميركي خالصة، بل باتت تُسرّع من تشكّل نظام اقتصادي بديل، يتخلى تدريجيا عن الدولار و"سويفت"، ويتجه نحو تعددية في مراكز القوة.
ويرى بعض المحللين أن واشنطن، في سعيها للضغط على خصومها عبر العقوبات، تُسهم في تسريع التوازن العالمي الذي تسعى لمنعه. وبينما تتآكل أدوات الهيمنة التقليدية، تُعيد الولايات المتحدة استخدام أدوات من زمن القطب الواحد، في عالم بات أكثر تعقيدًا وتشابكًا.
وفي حين لا تزال أميركا تملك اليد الطولى، فإن إدارتها المتفرّدة للأزمات، من دون توافق دولي حقيقي، قد تجعلها في نهاية المطاف تواجه عزلة من نوع جديد… لا تُفرض عليها، بل تنتجها ممارساتها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مليار دولار صادرات روسيا من الذهب والمعادن الثمينة إلى الصين
مليار دولار صادرات روسيا من الذهب والمعادن الثمينة إلى الصين

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

مليار دولار صادرات روسيا من الذهب والمعادن الثمينة إلى الصين

ارتفعت صادرات روسيا من المعادن الثمينة إلى الصين بنسبة 80% خلال النصف الأول من عام 2025، لتصل قيمتها إلى مليار دولار أميركي، وفقا لما كشفته بيانات لوكالة بلومبيرغ. ووفقا لتقرير نشرته الوكالة، فقد قفزت واردات الصين من الخامات والمركزات المعدنية الروسية -بما في ذلك الذهب والفضة- مدفوعة بارتفاع الأسعار العالمية للذهب بنسبة بلغت 28% منذ بداية العام، وذلك على خلفية التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والمواجهات التجارية، إلى جانب زيادة الطلب من البنوك المركزية وصناديق المؤشرات المتداولة. روسيا خارج الأسواق الغربية وتعد روسيا ثاني أكبر منتج للذهب في العالم، بإنتاج سنوي يتجاوز 300 طن، إلا أنها لا تزال ممنوعة من الوصول إلى مراكز التداول الغربية الكبرى مثل لندن ونيويورك، وذلك منذ حربها مع أوكرانيا التي اندلعت عام 2022. وأوضحت بلومبيرغ أن بنك روسيا، الذي كان يُعتبر في السابق أكبر مشترٍ للذهب بين البنوك المركزية ، لم يستأنف بعد عملياته الشرائية واسعة النطاق، مما جعل السوق الصينية واحدة من القنوات القليلة المتبقية للصادرات الروسية في هذا القطاع. الطلب المحلي الروسي يرتفع وإلى جانب السوق الصينية، سجل الطلب المحلي على المعادن الثمينة في روسيا مستويات قياسية خلال عام 2024، إذ لجأ الروس إلى الذهب لحماية مدخراتهم من التقلبات المالية. وتُظهر هذه الظاهرة -حسب التقرير- أن التوجّه نحو المعادن الثمينة لا يقتصر فقط على الحكومات والمؤسسات، بل يشمل أيضا المستهلكين الأفراد داخل روسيا. وفي سياق موازٍ، أشارت بلومبيرغ إلى أن شركة "إم إم سي نوريلسك نيكل بي جي إس سي"، وهي إحدى أكبر شركات إنتاج البلاديوم والبلاتين في العالم، كثّفت صادراتها إلى السوق الصينية هذا العام. وسجّلت أسعار البلاديوم ارتفاعا بنسبة 38%، في حين قفز سعر البلاتين بنسبة 59% منذ بداية 2025، ما زاد العوائد المحتملة لصادرات هذه المعادن الإستراتيجية.

ما المواد "المتطرفة" التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟
ما المواد "المتطرفة" التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

ما المواد "المتطرفة" التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟

موسكو– اعتمد مجلس الدوما الروسي في قراءته الثانية بجلسة عقدها في 17 من الشهر الجاري تعديلات تفرض غرامة على البحث عن مواد "متطرفة بشكل واضح" على الإنترنت، وكذلك استخدام برامج تجاوز الحجب "في بي إن" (VPN). ومن المقرر بعد القراءة الثالثة إحالة التعديلات للنظر فيها بمجلس الاتحاد، ثم ترفع إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوقيع. وفي حال اعتماد الوثيقة، ستدخل المادة الجديدة من "قانون المخالفات الإدارية" حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر/أيلول 2025. وتُبلغ قيمة الغرامات المفترضة على المواطنين من 38 إلى 62 دولارا للمخالفة الواحدة. أما الترويج لبرامج تجاوز الحجب، فتتوزع مخالفاتها كالتالي: للمواطنين من 625 إلى ألف دولار. للمسؤولين حتى 1875 دولارا. الشركات والمؤسسات حتى 6250 دولارا. ووفقا للقانون الاتحادي "بشأن مكافحة النشاط المتطرف"، تشمل المواد المتطرفة ما يلي: المنشورات التي تدعو إلى القيام بأنشطة متطرفة. المواد التي تُبرر العنف، والتحريض على الكراهية العرقية، وتدمير النظام الدستوري. الأعمال والمؤلفات المتعلقة بحزب "العمال الاشتراكي الوطني الألماني"، و"الحزب الفاشي الإيطالي"، بالإضافة إلى خطابات وصور قادة المنظمات التي صنفتها محكمة نورمبرغ على أنها "إجرامية". المواد التي تُبرر أو تُعزز التفوق القومي أو العرقي، وكذلك التي تحرض ضد جماعات عرقية أو اجتماعية أو دينية. ومن المقرر أن تُدرج هذه المنشورات في "القائمة الاتحادية للمواد المتطرفة" التي تُشرف عليها وزارة العدل، والتي تضم حاليا 5473 مادة، تشمل نصوصا ومواد صوتية ومرئية. توضيحات وأشار أحد واضعي التعديلات السيناتور الروسي أرتيم شيكين، في تعليقات له، إلى أن الغرامة ستطبق فقط على الإجراءات المتعمدة من جانب المستخدم للوصول إلى محتوى محظور، والتي تشمل، على سبيل المثال، عمليات البحث المتعددة عن نفس المادة أو مناقشة محتوى محظور في الدردشات وشبكات التواصل الاجتماعي. ووفقا له، لن تُعتبر الانتقالات العشوائية أو النقرات المفردة أو تصفح الصفحات المشكوك فيها مخالفة، كما أنه يمكن الطعن في الغرامات غير القانونية، مشيرا إلى أن استخدام خدمات رفع الحجب "في بي إن" (VPN) بحد ذاتها لا يعتبر مخالفة إلا إذا كان مرتبطا بالوصول إلى مواقع ومواد محظورة. تعزيز الأمن الرقمي يقول الخبير القانوني نيقولاي ماروزوف، إن التعديلات الجديدة تهدف إلى زيادة كفاءة تنظيم الفضاء المعلوماتي والحد من إمكانيات تجاوز الحظر الحالي على زيارة بعض موارد الإنترنت ومنع تأثير الشبكات "المتطرفة" على المستخدمين. وأوضح ماروزوف للجزيرة نت أن العقوبة المطبقة حاليا في روسيا على توزيع المواد المتطرفة، والمتمثلة في المسؤولية الإدارية مع فرض غرامة بسيطة أو اعتقال إداري، بالإضافة إلى إجراءات الحجب التي تنفذها هيئة الرقابة على الاتصالات الروسية لا تمنع توزيع المواد غير القانونية المحظورة. ويضيف أن هذه المواد لا تحتوي على أفكار هدامة فحسب، بل قد تتضمن أيضا أنواعا مختلفة من التعليمات لتحضير وتنفيذ "هجمات إرهابية وتخريبية". وحسب رأيه، ستصبح هذه التعديلات أداة إضافية في مكافحة توزيع واستخدام المواد المحظورة، بالإضافة إلى الحد من العواقب المتمثلة في ارتكاب الجرائم والجنح والأعمال الإرهابية. ولفت الخبير القانوني إلى أنه لا ينبغي للمواطنين أن يخشوا الغرامات على المعلومات التي تصل إلى حساباتهم عن طريق الخطأ عبر خوارزميات غير خاضعة للرقابة، كما لن تُفرض المسؤولية على التعرّف غير الطوعي على المحتوى المحظور، ولكن فقط إذا بحث المستخدم عمدا عن مواد متطرفة. وتابع بأنه يمكن مصادرة الأجهزة للتحقق من عمليات البحث فقط إذا كانت هناك أسباب وجيهة لذلك، على سبيل المثال، لجمع الأدلة للمحكمة، إذ قد يُطلب من المشتبه بهم في انتهاك القانون تسليم أجهزتهم. ثغرات وتساؤلات من جانبه، قال عالم الاجتماع فلاديمير كوشيل، إن التعديلات تعاني من قائمة من الثغرات والنواقص؛ فتطبيق التعديلات مستحيل من دون انتهاك حقوق المواطنين. ويضيف كوشيل في حديث للجزيرة نت أن قائمة "المواد المتطرفة" يتم تحديثها بشكل شبه يومي، فكيف يُمكن للشخص أن يُدرك حدوث تغيير، متساءلا كيف عليه أن يعرف بحصول تغييرات أو إضافات. وقال إنه إذا بحث شخص، على سبيل المثال، في الصباح، عن كتاب أو معلومة لم تكن في لحظتها تعتبر متطرفة، ثم أصبحت كذلك في وقت الغداء، فكيف سيعلم مسبقا بأن هذه المادة أو تلك تُصنّف على أنها متطرفة؟ الأمر ليس واضحا تماما، حسب قوله. إضافة لذلك، لفت المتحدث إلى أن التعديلات تُعقّد عمل الصحفيين والباحثين الذين قد يشيرون إلى مواد متطرفة عند كتابة مقالاتهم. ويورد مثالا على ذلك بأنه عندما يتم الاستشهاد بحالات يدرس فيها العاملون في وسائل الإعلام شخصية مجرم يُصنف على أنه متطرف، ولهذا الغرض يطلعون على المواد المنشورة على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، فهل يعني ذلك أن الذين يدرسون المتطرفين والإرهابيين أصبحوا من وجهة نظر التعديلات الجديدة مجرمين؟ ويسأل كوشيل: هل سيُغرّم الأطفال إذا شاهدوا -عن طريق الخطأ- "مواد متطرفة" في مشاركات منشورة، أو كتبوا "في بي إن" في شريط البحث؟ إعلان وحسب رأيه، يجب إصدار مرسوم حكومي يوضّح آلية تطبيق القانون؛ إذ تتضمن القائمة الفدرالية للمواد المتطرفة في الوقت الراهن 5473 مادة، تتراوح بين محتوى عنيف يتضمن مقاطعَ فيديو لجرائم قتل مهاجرين وأشخاص من جنسيات مختلفة وأخرى لعملاء أجانب، وصورا عن التفوق العرقي، ورسومات تحمل صلبانا معقوفة، وغيرها. فهل ينبغي على كل مواطن الاطلاع على هذه القائمة؟

لوفيغارو: سيناريوهات المزايدات الروسية في حرب أوكرانيا
لوفيغارو: سيناريوهات المزايدات الروسية في حرب أوكرانيا

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

لوفيغارو: سيناريوهات المزايدات الروسية في حرب أوكرانيا

قالت صحيفة لوفيغارو إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اقترح استئناف المفاوضات مع روسيا، معتبرا أن مهلة 50 يوما التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، قصيرة جدا لقلب موازين القوى، غير المواتية لبلاده. وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم نيكولا باروت- أن ترامب وحده هو القادر على إجبار الرئيس الروسي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات عن طريق التلويح بعقوبات اقتصادية واسعة وفرض رسوم جمركية بنسبة 100%، والضغط على حلفائه، بعد أن اتضح أن ضربات أوكرانيا العسكرية الماهرة، مثل عملية "الشبكة العنكبوتية"، لم تضعف عزيمة روسيا. وفي انتظار ما قد يفعله ترامب، تمثل هذه المهلة -حسب الصحيفة- وقتا كافيا لشن هجمات قاتلة جديدة على أوكرانيا، ولذلك اقترح زيلينسكي على بوتين استئناف المفاوضات، وردت موسكو بأنها تفضل "الحل السلمي"، ولكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أصر على أن "الهدف الرئيسي بالنسبة لنا هو تحقيق أهدافنا. أهدافنا واضحة". وأشار يوهان ميشيل، الخبير العسكري في معهد الدراسات الإستراتيجية والدفاعية في ليون، إلى أن "بوتين محاصر بوعوده الحربية. هذا الموقف المتشدد يحول دون أي إمكانية للتفاوض مع كييف"، ولن تقبل أوكرانيا نزع السلاح كما يطالب بوتين. الوقت ليس في مصلحة أوكرانيا ومع أن بوتين مقتنع بقدرته على الفوز، يرى الكاتب أن روسيا تفتقر إلى القدرات اللازمة لاختراق المنطقة، لأن زرع الألغام في الجبهة واستخدام الجيش الأوكراني المكثف للطائرات المسيرة يحول دون أي تركيز للقوات أو القيام بمناورات واسعة النطاق على عمق نحو 20 كيلومترا. ويوضح مصدر عسكري فرنسي أن "الروس يضاعفون قطاعاتهم الهجومية لتشتيت احتياطات العدو"، حيث تشير التقارير إلى أن روسيا نشرت ما يقرب من 700 ألف جندي في أوكرانيا، وهو عدد يفوق الجيش الأوكراني، كما يواصل الجيش الروسي بصبر تحقيق مكاسب على حساب خسائر بشرية فادحة، مع أنه عدّل من تكتيكاته، ولكن مكاسبه مع ذلك تبقى ضئيلة. ومع أن روسيا تتمكن من تجديد قواتها، فإن ذلك يتم بتكلفة اقتصادية متزايدة، ودون توفير التدريب اللازم لمجنديها الجدد، كما أن مخزونها من المعدات آخذ في التناقص، مما يضغط على قطاعها الدفاعي، ولكن الجيش الأوكراني أيضا فقد بعض المعدات التي تلقاها من الغرب، وعامل الوقت ليس في مصلحته مع احتمال انهيار جزء من الجبهة، وفقا للمصدر العسكري الفرنسي. ويتابع المصدر العسكري الفرنسي قائلا إن "روسيا تسعى للإطاحة بآخر معاقلها الحضرية في دونباس"، في حين أن الصمود يعد تحديا سياسيا ورمزيا في المقام الأول بالنسبة لأوكرانيا، خاصة أن روسيا عندما تصل إلى السهول وسط البلاد، لن تتمكن القوات الأوكرانية بعد ذلك من الاستفادة من المناطق الحضرية لبناء دفاعاتها، و"هذا يفتح آفاقا واسعة أمام روسيا للمستقبل"، حسب المصدر العسكري الفرنسي. وأشار الكاتب إلى أن روسيا تهاجم على الجبهة، ولكن أيضا في العمق، مكثفة ضرباتها بعيدة المدى في العمق الأوكراني، كما تشن بانتظام هجمات بأكثر من 250 طائرة مسيرة مدعومة بصواريخ باليستية أو صواريخ تطلق من الطائرات، وابتداء من خريف هذا العام، قد تمتلك موسكو القدرة على إطلاق ألف طائرة في كل هجوم. إضعاف أوروبا ومع أن هذه المسيرات لا تؤثر على هدف معزز، فإنها تستطيع تدمير المباني والحظائر، وبث الرعب، واستنزاف الدفاعات المضادة للطائرات، في وقت يتوقع فيه أن ينخفض معدل اعتراض هذه المسيرات حتى ولو تم تسليم أنظمة باتريوت لأوكرانيا، لأن هذه المسيرات تتفوق على عدد الصواريخ الاعتراضية الباهظة الثمن. ومع ذلك، للتصعيد الروسي ثمنه، وهو مقيد بقدرة البلاد الإنتاجية واستعداد سكانها للتضحية، خاصة أن حالتها الاقتصادية قد تلزمها بتقليص مجهودها الحربي على المدى المتوسط، ولكن موسكو قد تسعى للتعويض عن نقاط الضعف هذه، باللجوء إلى الأسلحة الإيرانية، والتوجه نحو كوريا الشمالية التي تمدها بـ40% من الذخائر التي تستخدمها، حسب المخابرات الأوكرانية. كما تسعى روسيا إلى نشر قوات روسية هناك بحجة إزالة الألغام، وتعتمد على الدعم الصناعي من الصين التي تزودها بالمكونات اللازمة لتصنيع صواريخها وطائراتها المسيرة، وقد أعرب زيلينسكي عن أسفه قائلا إن "طائرات مافيك الصينية المسيرة متاحة لروسيا، ولكن ليس لأوكرانيا". وخلص الكاتب إلى أن هذه المواجهة التي بدأتها روسيا تمتد إلى ما هو أبعد من أوكرانيا، مشيرا إلى أن تصعيد بوتين حربه الهجينة ضد الغرب هدفه على المدى الطويل إضعاف أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) لتوسيع نطاق نفوذه وتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا. وبالفعل ندد الناتو بالأعمال "السيبرانية الخبيثة" التي شنتها روسيا على عديد من أعضائه، وألمح إلى إمكانية الرد، معلنا أنه "عازم على استخدام كامل قدراته" للدفاع عن أعضائه وردع المعتدين الرقميين، وأضاف "سنرد في الوقت والطريقة التي نختارها، بما يتوافق مع القانون الدولي وبالتشاور مع شركائنا الدوليين".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store