logo
الجارديان: مخيم غزة يثير انقسامًا داخل إسرائيل وتحذيرات من كارثة إنسانية

الجارديان: مخيم غزة يثير انقسامًا داخل إسرائيل وتحذيرات من كارثة إنسانية

الدستورمنذ 2 أيام
أفادت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير صادر لها، إنه يوجد صدام بين الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي بشأن مخيم مقترح الفلسطينيين، مشيرة إلى أن الجيش يعارض خطة "المدينة الإنسانية" في غزة، وأولمرت يشبّهها بمعسكر اعتقال.
واندلع خلاف حاد بين الحكومة الإسرائيلية والجيش بشأن تكلفة وتأثير مخيم مزمع إنشاؤه للفلسطينيين في جنوب غزة، وسط انتقادات سياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، بعدما حذر من أن المشروع سيتحول إلى "معسكر اعتقال" إذا تم تنفيذه.
نقطة خلاف جوهرية في مفاوضات وقف إطلاق النار
وقد أصبحت خطة "المدينة الإنسانية" نقطة خلاف جوهرية في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حركة حماس، فإسرائيل تصر على الإبقاء على قواتها متمركزة في مناطق واسعة من غزة، بما في ذلك أنقاض مدينة رفح جنوباً، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن المخيم سيُقام هناك.
وقال حسام بدران، القيادي البارز في الحركة، إن خطط إنشاء المخيم تمثل "شرطاً تعطيلياً متعمداً" من شأنه تعقيد المفاوضات، وفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز".
وأضاف بدران في رسالة للصحيفة: "هذه ستكون مدينة معزولة تشبه الغيتو... هذا أمر غير مقبول على الإطلاق، ولا يوجد فلسطيني سيوافق عليه".
وكان كاتس قد كشف الأسبوع الماضي أنه أمر الجيش بوضع خطة لإنشاء المخيم. ووفق التصور المبدئي، سيتم حشر الفلسطينيين في منطقة ضيقة بين الحدود المصرية وممر "موراغ" العسكري الإسرائيلي الذي يقطع قطاع غزة.
وقال كاتس إن المخيم سيضم في بدايته 600 ألف شخص، على أن يُنقل إليه لاحقًا جميع سكان غزة، مضيفاً خلال إحاطة للصحفيين الإسرائيليين أن من بداخل المخيم لن يُسمح لهم بالخروج إلا إلى دول أخرى.
وقد تم الإعلان عن الخطة في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في زيارة رسمية إلى واشنطن، ويُفهم أن لديه موافقة مبدئية عليها. لكن الخطة أثارت على الفور قلقاً واسعاً لدى حلفاء إسرائيل، بما في ذلك المملكة المتحدة، وكذلك داخل إسرائيل نفسها.
وكان أولمرت – الذي قاد الحكومة الإسرائيلية بين عامي 2006 و2009 – من أبرز المنتقدين المحليين للخطة، حيث صرح بأن إجبار الفلسطينيين على الانتقال إلى المخيم يمثل "تطهيراً عرقياً".
وأثارت تصريحاته – التي شبّهت المشروع بمعسكرات الاعتقال النازية – ردود فعل غاضبة داخل إسرائيل. فقد دعا وزير التراث الإسرائيلي، آميحاي إلياهو، إلى سجن أولمرت بسبب تصريحاته، مشيراً بسخرية إلى سجنه السابق بتهم فساد بعد خروجه من المنصب.
وقال إلياهو: "أولمرت يعرف السجن جيدًا... لا توجد طريقة أخرى لإيقاف هذا الكم من الكراهية ومعاداة السامية الذي ينشره حول العالم".
الجيش يعارض المشروع علنًا
وعارض الجيش الإسرائيلي المشروع، رغم تنفيذه أوامر إعداد الخطط. وخلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني مساء الأحد، تفجّرت الخلافات إلى العلن عندما اصطدم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، برئيس الوزراء، بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
وأشار هليفي إلى أن المشروع سيؤدي إلى تشتيت الموارد المالية والبشرية عن الجيش، مما سيضعف من قدرته على مواصلة القتال وتقويض جهود تحرير الرهائن. كما شدد مكتبه في وقت سابق على أن نقل وتركيز المدنيين لم يكن هدفًا للحرب، وذلك رداً على التماس قانوني قدمه جنود احتياط عبّروا عن خشيتهم من تلقي أوامر غير قانونية قد ترقى إلى جرائم حرب.
ووفق قناة "كان 12" الإسرائيلية، فقد انفعل نتنياهو خلال الاجتماع وهاجم خطط الجيش، معتبراً أنها "مكلفة للغاية وبطيئة للغاية"، وطالب بخطة بديلة تكون أرخص وأسرع في التنفيذ، على أن تُقدَّم بحلول الثلاثاء.
وأوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن مسؤولي وزارة المالية طرحوا بدورهم اعتراضات عملية، مشيرين إلى أن المشروع قد يكلّف الدولة 15 مليار شيكل سنويًا (نحو 3.3 مليار جنيه إسترليني)، وهو عبء ثقيل على الميزانية العامة، من شأنه أن يسحب التمويل من المدارس والمستشفيات والضمان الاجتماعي، بحسب الصحيفة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأمم المتحدة: النزوح فى الضفة بلغ مستويات غير مسبوقة
الأمم المتحدة: النزوح فى الضفة بلغ مستويات غير مسبوقة

بوابة الأهرام

timeمنذ ساعة واحدة

  • بوابة الأهرام

الأمم المتحدة: النزوح فى الضفة بلغ مستويات غير مسبوقة

ترامب يبحث تطورات وقف إطلاق النار مع رئيس الوزراء القطرى .. و«الدوحة» تراوح مكانها الاحتلال يقسم خان يونس إلى نصفين.. وينقل صلاحيات الحرم الإبراهيمى للمستوطنين بالتزامن مع تحذيرات أممية من أن النزوح الجماعى فى الضفة الغربية بلغ مستويات «غير مسبوقة» قبل نحو 60 عاماً، واصل الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على قطاع غزة حيث استشهد 37 فلسطينيا بينهم 20 من طالبى المساعدات وأصيب عدد آخر فى سلسلة غارات على مناطق متفرقة من القطاع المنكوب، بينما يجتمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع رئيس الوزراء القطرى الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، لبحث المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة. وفى هذا الصدد، لا تزال مفاوضات وقف النار الجارية فى الدوحة تراوح مكانها. وذكرت مصادر إسرائيلية أن إسرائيل ليست فى عجلة من أمرها للتوصل إلى صفقة أسرى ووقف إطلاق النار . وأضافت وفقا لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو يحاول إطالة أمد المحادثات حتى عطلة الكنيست فى 27 يناير. وبحسب المصادر فإن إسرائيل تماطل فى الدوحة، لكنها أبدت مرونة إضافية فى الخرائط، بمسافة 100 متر هنا و100 متر هناك، بينما تصر حركة حماس على مطلبها بالعودة إلى خطوط وقف إطلاق النار السابقة فى مارس. ويتناقض تقرير الصحيفة مع ماذكرته القناة الـ 13 الإسرائيلية من أن المفاوضات غير المباشرة بشأن قطاع غزة حققت تقدماً كبيراً خلال الساعات الـ 24 الماضية، وبات «الطريق ممهداً» أمام إبرام اتفاق. فى هذه الأثناء، يلتقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خلال ساعات مع رئيس الوزراء القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثانى فى واشنطن، فى لقاء قد يكون ذا أهمية كبيرة لمصير المفاوضات. وعلى صعيد آخر، أعلن جيش الاحتلال استكماله شق محور جديد يقسم شرق مدينة خان يونس عن غربها بحسب موقع «واللا» الإسرائيلي، بهدف تعزيز وجوده وتوسيع قواعده فى المنطقة العازلة. ونقل الموقع عن مصادر عسكرية أن الجيش يصمم الميدان بطريقة تمكنه من فرض سيطرة أفضل خلال وقف إطلاق النار وما بعده.وأوضحت إذاعة الجيش الإسرائيلى أن الطريق قسّم فعليا خان يونس لتحويل كل ما يقع شرق محور «ماجن عوز» إلى منطقة شبيهة برفح محتلة وخالية من حماس، وتخضع لسيطرة إسرائيل الكاملة والمستمرة. وأضافت: يمكن إضافة منطقة شرق خان يونس -التى تعادل مساحتها 10% إلى 15% من قطاع غزة- إلى رفح التى تعادل مساحتها نحو 15% إلى 20% من مساحة القطاع. وزعمت الإذاعة أن محور «ماجن عوز» يعطى الجانب الإسرائيلى ورقة مساومة فى المفاوضات من الآن فصاعدا، مشيرا إلى أنه يمكن التفاوض ليس فقط حول الانسحاب من محور موراج، بل أيضا حول الانسحاب من محور «ماجن عوز». وفى إحصائية مقلقة، قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنها رصدت مقتل 875 شخصا على الأقل خلال الأسابيع الستة الماضية عند نقاط توزيع مساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك قرب قوافل تابعة لمنظمات إغاثة أخرى من بينها الأمم المتحدة. وفى قرار غير مسبوق، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن السلطات الإسرائيلية قررت سحب الصلاحيات الإدارية من بلدية الخليل الفلسطينية فيما يتعلق بالحرم، ونقلها إلى المجلس الدينى اليهودى فى مستوطنة «كريات أربع»، واصفة القرار بأنه «تغيير دراماتيكي» يستهدف تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الحرم، الذى يشهد وجودًا يهوديًا فى 90% من أيام السنة، بحسب المزاعم الإسرائيلية، معتبرة أن ما يحدث هو كسر واضح للوضع القائم منذ عقود. على صعيد متصل، حذرت الأمم المتحدة من أن النزوح الجماعى فى الضفة الغربية بلغ مستويات «غير مسبوقة» منذ بدء احتلال إسرائيل للضفة قبل نحو 60 عاماً، داعيةً إلى «تحقيق شامل ومستقل وشفاف»، بشأن جميع انتهاكات تل أبيب للقانون الدولي. وأشارت المتحدثة باسم وكالة «الأونروا»، جولييت توما، إلى أن «العملية العسكرية الحالية فى الضفة، هى الأطول مدة منذ الانتفاضة الثانية» فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين.

بعد الحرب على إيران.. هل نرى شرق أوسطًا جديدًا؟
بعد الحرب على إيران.. هل نرى شرق أوسطًا جديدًا؟

الدستور

timeمنذ 5 ساعات

  • الدستور

بعد الحرب على إيران.. هل نرى شرق أوسطًا جديدًا؟

أوائل تسعينيات القرن الماضي، ألّف شمعون بيريز، الحائز على جائزة نوبل للسلام، أحد كتبه الشهيرة، The New Middle East: A Framework and Process Towards an Era of Peace (الشرق الأوسط الجديد: إطار عمل وعملية نحو عصر السلام).. في هذا الكتاب، يُحدد بيريز ـ السياسي ورجل الدولة الإسرائيلي، الذي شغل منصب رئيس وزراء إسرائيل من عام ١٩٨٤ إلى عام ١٩٨٦، ومن عام ١٩٩٥ إلى عام ١٩٩٦، ثم رئيسًا لإسرائيل من عام ٢٠٠٧ إلى عام ٢٠١٤، وكان عضوًا في اثنتي عشرة حكومة، ومثل خمسة أحزاب سياسية خلال مسيرة سياسية امتدت سبعين عامًا ـ رؤيته لشرق أوسط ينعم بالسلام، مع إمكانات ازدهار في الزراعة والتجارة والسياحة والصناعة.. ازدهار يُجنّب المنطقة حقبة من العنف.. كما يُقدّم الكتاب نظرةً من وراء الكواليس على اتفاقيات أوسلو المُبرمة في أغسطس 1993، مُفعمةً بالتفاؤل والرؤية الثاقبة.. إلا أن الشرق الأوسط يبدو اليوم بعيدًا كل البعد عن هذه الرؤية، ولكن هل يُمكن أن ينبثق أملٌ جديدٌ من الأزمة العميقة التي نجد أنفسنا فيها اليوم تحديدًا؟. في الأشهر الأخيرة، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يُظهر الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، يمتطي حصانًا أسود أنيقًا، في حلبة رملية محاطة ببعض أشجار النخيل الكثيفة.. كان وحيدًا، يرتدي سترة جلدية أنيقة، بينما كان الحصان ذو الخطوات العالية يدور داخل الحلبة.. الموسيقى التصويرية للفيديو، هي أغنية تُمجّد الخلافة الأموية، التي حكمت الشرق الأوسط في، وقد حُذف السطر الأول من الأغنية الشهيرة، (أنا مسلم عربي، لستُ تابعًا لإيران).. ومع ذلك، تبقى الرسالة واضحة: سوريا، التي لم تعد تحت النفوذ الإيراني الشيعي، عادت إلى أيدي الأغلبية السنية في البلاد. بالنسبة لكثير من العرب، كانت تلك السلالة هي العصر الذهبي للتاريخ الإسلامي.. ابتداءً من دمشق عام ٦٦١ ميلادي، أسس الأمويون أول مملكة إسلامية، وهزموا الفرس مع انتشارهم في آسيا الوسطى وشمال إفريقيا على مدى تسعين عامًا.. والآن، يجد البعض صدىً واضحًا في تحرر سوريا من الهيمنة الإيرانية.. إذ يُمثل انهيار النفوذ الإيراني الإقليمي، وخصوصًا طرده من سوريا، حليفها العربي الرئيسي، نقطة تحول لم يشهدها الشرق الأوسط منذ أكثر من عقدين.. وقد يكون أحد جوانب إعادة التوازن الجيوسياسي تراجعًا عن الطائفية العلنية، التي ابتليت بها المنطقة منذ أن أدى الغزو الأمريكي للعراق إلى سيطرة الشيعة على بغداد. يقول نيل ماكفاركوهار، مراسل صحيفة (نيويورك تايمز) في دمشق، أنه مع سقوط حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، في ديسمبر الماضي، تفكك ما أسماه الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن (الهلال الشيعي)، وهي شبكة من الحلفاء المسلحين تمتد من إيران، مرورًا بالعراق وسوريا، وصولًا إلى مناطق حزب الله في لبنان.. كانت حكومة الأسد في سوريا، دولةً كاملة الصلاحيات وليست ميليشيا، بمثابة ذروة الدعم الإيراني ومحورًا لدعم القوى الأخرى في ما يُسمى (محور المقاومة) ضد إسرائيل والغرب. بالطبع، لا يُفسر الدين ما يحدث في الشرق الأوسط إلا إلى حدٍّ ما.. لسنوات، استخدمت قوى إقليمية، مثل إيران والمملكة العربية السعودية، الدين كغطاءٍ لمخاوفها المادية.. في إعادة ترتيب موازين القوى اليوم، أصبحت القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية على المحك.. ويؤكد ذلك، أن هذا التغيير لم يكن مدفوعًا من قِبل المسلمين السنة أو الشيعة، بل من قِبل إسرائيل.. ومع ذلك، ساهمت إيران، لبسط نفوذها، في دفع أجندة طائفية لسنوات، وهو ما ردّت عليه دول الخليج العربية في كثير من الأحيان بالمثل.. ومن غير المرجح أن تتمكن إيران من تكرار ذلك قريبًا.. والسؤال هو: ما الذي سيظهر بعد أن تتوقف الخلافات السنية ـ الشيعية عن استخدامها كسلاح في صراعهما الجيوسياسي؟. أصبحت سوريا الآن الاختبار الرئيسي لنظام مختلف.. الدول ذات الأغلبية السنية، بقيادة المملكة العربية السعودية وتركيا، مصممة على دفن الخلافات الطائفية، التي تعتبرها تهديدًا للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية.. ربما لا توجد حالة اختبار أكثر صعوبة من سوريا.. قبل عقد من الزمان، عندما أنقذت القوات الإيرانية نظامًا شيعيًا أقلية في دمشق، العاصمة، من حركة معارضة متجذرة في أغلبية سنية، فاقمت التوترات الطائفية إلى مستويات غير مسبوقة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.. في سوريا، لم تتلاشى هذه التوترات تمامًا.. إضافةً إلى ذلك، للحكومة الجديدة في دمشق جذور في الجماعات الجهادية السنية، وهي أعداء لدودون لكل ما هو شيعي.. لكن قيادتها أدركت أن أي تفجر متواصل للقتال الطائفي، سيقضي على جهود بناء دولة مستقرة وموحدة، (عندما تُعيد دمشق إلى السنة، تُغيّر الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط برمتها.. لقد أصبح تاريخًا). على مدى قرون، سعى حكام إيران إلى تحويل المسلمين الشيعة، الذين يقطنون خارج حدودها، إلى جماهيرهم الشعبية الطبيعية، مرغمين إياهم على اعتبار إيران راعيهم السياسي والروحي والثقافي.. وكانت الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩، هي التي أطلقت شرارة عصر جديد من التنافس السني ـ الشيعي.. أثار النظام الديني الذي سيطر على إيران قلق العالم العربي، لأن آية الله روح الله الخميني، زعيم البلاد وقتئذ، سعى إلى تصدير النموذج الإيراني من الإسلام الثوري ـ مع المرشد الأعلى كمرشد روحي وسياسي ـ إلى دول إسلامية أخرى.. لم ينجح هذا قط، لكن إيران تمكنت من استخدام أيديولوجيتها لكسب الحلفاء وتقويض خصومها. في لبنان، استخدم حسن نصر الله النموذج الإيراني في إدارته لحزب الله لأكثر من ثلاثين عامًا، حتى قُتِل في غارة إسرائيلية في سبتمبر الماضي.. لكن إعادة بناء الدولة الإيرانية في لبنان لم يكن ممكنًا أبدًا.. أقرّ نصر الله في مقابلة معه عام 2002، بأن بلاده متعددة الثقافات، لدرجة لا تسمح بفرض تفسيرات تقليدية للإسلام الشيعي، مثل حجاب جميع النساء أو حظر الكحول.. وساور الدول العربية قلقٌ من سعي إيران لزعزعة استقرارها، خصةوصًا بعد أن أتاحت لها الثورة العربية فرصة تعزيز أذرعها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيون في اليمن ومختلف الميليشيات العراقية.. وظلت السعودية، على وجه الخصوص، معاديةً علنًا.. إلا أن قلقها كان ينصبُّ على احتمال سعي طهران لتقويض جيرانها، أكثر من انتمائها إلى طائفة إسلامية مختلفة.. وكان المؤمنون المتحمسون في كلا الطائفتين، هم من ركّزوا على الاختلافات الطائفية. كانت الخطابات اللاذعة المعادية للشيعة، التي تُصوّر أبناء الطائفة على أنهم دون البشر، عنصرًا أساسيًا في القنوات الفضائية السعودية التي تُقدّم رجال دين سُنة متشددين في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.. في إعلامها الرسمي، اعتادت المملكة على تسمية الحكومة الإيرانية بـ (الصفويين)، في إشارة إلى الإمبراطورية الشيعية التوسعية الثيوقراطية التي تعود إلى القرن السادس عشر.. في عام ٢٠١٦، أعدمت الحكومة السعودية رجل دين شيعيًا بارزًا وعددًا من النشطاء، متهمةً إياهم، من بين أمور أخرى، بالسعي إلى التدخل الإيراني.. وفي مقابلةٍ مع مجلة (ذا أتلانتيك) عام ٢٠١٨، وصف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بأنه أسوأ من هتلر.. قال، (حاول هتلر غزو أوروبا، أما المرشد الأعلى فيحاول غزو العالم).. ووصف الأيديولوجية التي تقف وراء الثورة الإيرانية بأنها (شرٌّ محض). لكن بحلول عام ٢٠٢٣، قررت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، تهدئة التوترات الإقليمية من خلال الانفراج والدبلوماسية تجاه طهران.. وكان الأمير محمد قد فكك بالفعل المؤسسات الدينية السعودية، التي اعتقد أنها تُغذي التطرف، بما في ذلك تلك التي تُؤجج الطائفية، خصةصًا وقد تعرضت المملكة العربية السعودية ـ كما هو الحال في معظم أنحاء العالم العربي ـ لضغوط ناجمة عن طفرة سكانية، وقد أصبحت المنطقة بحاجة ماسة إلى وظائف لشبابها.. وساهم انعدام آفاق المستقبل، في السابق، في تعزيز التجنيد في الجماعات الجهادية.. أما الآن، فتسعى حكومات المنطقة إلى تغيير هذه الديناميكية، من خلال تنمية اقتصادية طموحة، تشمل خططًا لبناء مدن مستقبلية، ومبادرات في مجال الذكاء الاصطناعي، ومشاريع تقنية أخرى.. إلا أن الفوضى الإقليمية ستُعرقل خططهم.. ولذلك، أثار الهجوم الإسرائيلي على إيران، الذي انضمت إليه الولايات المتحدة، استياءً في البداية.. لم تكن دول الخليج قلقة من استهداف إيران لها ردًا على ذلك فحسب، بل من تكرار ما حدث في العراق، عندما أدى الغزو الأمريكي إلى انهيار النظام، وتدفق اللاجئين، وسنوات من سفك الدماء الطائفي.. وفي نهاية المطاف، حطم الصراع القصير وهم القوة الإيرانية.. ورغم أن مدى تأثير الضربات على إيران في تراجع برنامجها النووي غير مؤكد، إلا أن فشلها في حماية نفسها كشف عن نقاط ضعف عميقة، ويشير إلى بزوغ نظام إقليمي جديد.. وقد أصبحت سوريا، التي دمرتها الحرب الأهلية على مدى ما يقرب من أربعة عشر عامًا، الآن أرض اختبار لما قد يأتي لاحقًا. لم يكن لنظام الأسد قواسم مشتركة تُذكر مع الجمهورية الإسلامية، لكنه تحالف مع طهران انطلاقًا من عداء متبادل تجاه إسرائيل والزعيم العراقي الراحل صدام حسين.. لذا، يُنظر إلى عودة سوريا إلى المعسكر السني، على أنها القطعة المركزية في أحجية الصور المقطوعة التي تستقر فجأة في مكانها.. المملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة ـ وجميعها دول ذات أغلبية سنية ـ عازمة على إعادة إعمار سوريا وتحويلها إلى ملتقى اقتصادي للمنطقة، تربطها طرق وأنابيب نفط وكابلات ألياف ضوئية وإمدادات كهرباء.. مع ذلك، لا بد من دعم الحكومة المركزية الضعيفة، إذ تُقدر تكلفة إعادة الإعمار بما يقارب أربعمائة مليار دولار، وهو مبلغ لا يمكن للاقتصاد السوري المتعثر توفيره. أولًا وقبل كل شيء، سيتعين على الحكومة الجديدة كبح جماح الخلافات الطائفية العنيفة التي أجّجت ـ وغذّتها ـ الحرب الأهلية، والتي لا تزال قادرة على منع ظهور سوريا كدولة موحدة.. فقد خلّفت مذبحة دموية بحق العلويين، الطائفة الأقلية التي تنتمي إليها عائلة الأسد، ما يُقدّر بنحو ألأف وستمائة قتيل في مارس الماضي، بينما قتل انتحاري ما لا يقل عن خمسة وعشرين شخصًا في قداس للروم الأرثوذكس بدمشق في يونيو، وسقط الكثيرون في الأخداث الأخيرة مع الدروز في السويداء، جنوب سوريا. وتُثير البدايات الجهادية للميليشيات المُبعثرة التي شكّلت نواة الحكومة الجديدة تساؤلات.. يقول البروفيسور نادر هاشمي، الخبير في شئون الشرق الأوسط والسياسات الإسلامية بجامعة جورج تاون، (ينحدر القوميون السوريون، وتحديدًا المجموعة التي تولّت السلطة في سوريا، من منظور سلفي سنّي يميني متطرف، مُتأصّل لاهوتيًا وسياسيًا في منظور معادٍ للشيعة).. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن سيل المشاعر المعادية للشيعة بين السوريين وسيلةٌ لتوبيخ إيران.. ويقول محللون مقربون من الحكومة السورية، إنها تسعى لإنهاء الصراع الطائفي، كما يفعل رعاتها العرب والأتراك.. كان القادة العرب يتنافسون بشراسة في أماكن مثل لبنان، ممّا أدى إلى تمزيق البلاد بتمويل الميليشيات المتنافسة.. أما في سوريا، فيبدو أنهم يحاولون العمل بتناغم. ويرى العقيد هشام مصطفى، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري الذي انشق عن الجيش خلال الثورة، (أن توازنًا جغرافيًا جديدًا آخذٌ في الظهور بالفعل.. لم يتبلور تمامًا بعد، لكنه يتبلور بوضوح، لا سيما بعد التراجع الحتمي للنفوذ الإيراني عن سوريا، وإعادة ترتيب الشئون العربية على نطاق أوسع بعيدًا عن الشعارات الطائفية).. وأقرّ بأن البعض يلجأ إلى التاريخ والدين، لإصدار تصريحات سياسية طائفية حول دور سوريا الجديد، وأن مقارنتها بالأمويين تعني (أن القيادة السياسية السورية تستعيد هويتها العربية الأصيلة وتتحرر من الهيمنة الأجنبية)، وفي ذلك ـ في رأينا ـ محل شك كبير، في ظل الارتماء الواضح للقيادة السورية في أحضان واشنطن، والسعي نحو تطبيع واسع مع تل أبيب!.. إلا أن الدكتور مصطفى العيسى، المحلل السياسي السوري، يقول، إن القيادة الجديدة لم تستخدم رسميًا مصطلح (الأموية).. بل إن الحكومة السورية تعمل بنشاط (على تجسير الهوة بين المجتمعات السورية.. إن أبسط وأخطر أداة استخدمها النظام السابق هي التشرذم الديني، ليس فقط بين السنة والشيعة، بل حتى داخل كل طائفة أو مجتمع). ولا تمانع الدول العربية في إجبار إيران على التراجع خلف حدودها وتراجع تهديدها النووي، لكنها منزعجة من أن ذلك نتيجة الهجوم العسكري الإسرائيلي على المنطقة بدعم من الولايات المتحدة.. كانت العلاقات الودية التي كانت دول الخليج ترعاها مع إسرائيل إشكالية أصلًا، في ظل غضب الرأي العام في الشرق الأوسط من حرب غزة وخسائرها الفادحة.. تُشكّل هذه الحرب، خارج الإطار الطائفي أيضًا، عقبةً كأداءً أمام تصوّر عالم عربي أقل تقلبًا وأكثر ترابطًا في أعقاب تراجع إيران.. ما دامت القضية الفلسطينية دون حل، فستظلّ مصدرًا لعدم الاستقرار، (نحن هنا بين نارين.. دول الخليج لا ترغب بالتأكيد في أن تكون جزءًا من نظام إقليمي تقوده إسرائيل)، يقول قال بدر السيف، أستاذ التاريخ بجامعة الكويت.، وليس من الواضح، ما الذي سيظهر مع انحسار الصراع الطائفي.. تُثير السياسة الخارجية الإيرانية تساؤلات، وكذلك مدى سعي القوى التابعة لها في المنطقة، والتي سلّحتها، إلى إعادة بناء نفسها. أحدث سابقة طرأت كانت في تسعينيات القرن الماضي، عندما انشغلت إيران، بعد أن تخلصت من الدمار الذي خلفته حربها مع العراق التي استمرت ثماني سنوات، بالداخل لإعادة الإعمار.. وفي مسعىً نحو المصالحة الإقليمية، تخلى المعتدلون الذين وصلوا إلى السلطة إلى حد كبير، عن جهود تصدير الفكر الثوري للجمهورية الإسلامية.. كما انصرف الكثير من المسلمين الشيعة في المنطقة عن هذه الجهود.. ويعتقد المحللون أن شيئًا مشابهًا قد يحدث الآن.. فمع تراجع النفوذ الإيراني، يمكن للدول العربية أن تقاوم، وقد تسعى المجتمعات الشيعية، من سوريا إلى السعودية إلى البحرين، إلى التكامل الداخلي بدلًا من الانفصال.. قال لورانس لوير، المتخصص في شئون الشرق الأوسط، بمركز الدراسات الدولية في معهد الدراسات السياسية بباريس، (ما سيكون مثيرًا للاهتمام في الأشهر والسنوات المقبلة، هو كيف ستأخذ مراكز القوة الشيعية في لبنان والعراق، وحتى في البحرين وباكستان، في الاعتبار، ضعف إيران وقدرتها على فرض شبكات المحسوبية هذه بين المجتمعات الشيعية في جميع أنحاء الشرق الأوسط). ويرى أن (ما نراه هو تفوق الديناميكيات الشيعية الوطنية والمحلية، على المحاولات الإيرانية الرامية إلى تشكيل الشيعة في دائرة انتخابية موالية لإيران). ●●● ■■ وبعد.. أثار هجوم حماس، الذي وقع في السابع من أكتوبر2023، سلسلة من الأحداث واسعة النطاق لا تزال جارية، (ولن تنتهي بالتأكيد إلا بعد إعادة جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، إلى إسرائيل من غزة).. ويعتمد الكثير على حسم النظام الإيراني ورغبته في الحفاظ على نفوذه الإقليمي، وعزم الإدارة الأمريكية الجديدة على إرساء نظام إقليمي جديد، وبالطبع، على قدرة إسرائيل، في ظل حكومتها اليمينية المتطرفة، على اتخاذ قرارات مستدامة.. ومن المفارقات، أن كتاب شمعون بيريز، الذي يبدو الآن ضربًا من الخيال، قد يصبح رؤية بالغة الأهمية، إذا تحركت الولايات المتحدة والدول الإسلامية المعتدلة وإسرائيل بحزم.. ويُعد اتخاذ موقف سياسي ضد إيران، ومنعها من أن تصبح قوة نووية، وكبح جماح أنشطتها المزعزعة للاستقرار، عوامل أساسية لتحقيق ذلك.. وسيُظهر الزمن وحده، ما إذا كان هذا الظلام الدامس سيُنبثق منه طريق نحو التجديد والازدهار.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

الجنائية الدولية ترفض طلبا إسرائيليا لإلغاء مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وجالانت
الجنائية الدولية ترفض طلبا إسرائيليا لإلغاء مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وجالانت

فيتو

timeمنذ 5 ساعات

  • فيتو

الجنائية الدولية ترفض طلبا إسرائيليا لإلغاء مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وجالانت

رفض قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، اليوم، طلبا تقدم به الاحتلال الإسرائيلي، بإلغاء مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب السابق يوآف جالانت، فى وقت تنظر المحكمة طعون إسرائيلية على اختصاصها القضائي بشأن الحرب على قطاع غزة. صدام جديد بين الجنائية الدولية وإسرائيل وفي قرار نشر على الموقع الإلكتروني للمحكمة الجنائية الدولية، رفض القضاة أيضا طلبا إسرائيليا بتعليق التحقيق الأوسع الذي تجريه الجنائية الدولية حول ما يشتبه في أنها جرائم حرب ارتكبت بالأراضي الفلسطينية. وكانت الجنائية الدولية، أصدرت مذكرات اعتقال في 21 نوفمبر بحق نتنياهو وجالانت والقيادي في حركة "حماس" محمد دياب إبراهيم المصري المعروف باسم "محمد الضيف"، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في قطاع غزة. وقالت المحكمة في فبراير الماضى، إن القضاة سحبوا مذكرة الاعتقال بحق الضيف بعد ورود تقارير موثوقة عن وفاته. ويرفض الاحتلال اختصاص المحكمة، ومقرها لاهاي، وتنفي ارتكاب جرائم حرب في غزة، حيث شنت حملة عسكرية تقول إنها تهدف إلى القضاء على حماس بعد الهجوم الذي قادته الحركة على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وأسفر عن سقوط قتلى، وتطعن إسرائيل على مذكرات التوقيف الصادرة بحق نتنياهو وجالانت. اعتراضات إسرائيلية على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وترى إسرائيل أن قرار دائرة الاستئناف الصادر في أبريل، والذي يأمر الدائرة التمهيدية بالمحاكمة بمراجعة اعتراضات إسرائيل على اختصاص المحكمة، يعني عدم وجود أساس قضائي صحيح لمذكرات الاعتقال. ورفض القضاة التعليل باعتباره غير صحيح، قائلين: إن الطعن القضائي الإسرائيلي على مذكرتي الاعتقال لا يزال معلقا، وسيستمر سريانهما حتى تصدر المحكمة حكمها في هذه المسألة تحديدا. ولا يوجد جدول زمني لإصدار حكم بشأن الاختصاص في هذه القضية. وفي يونيو الماضى، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أربعة قاضيات بالمحكمة الجنائية الدولية، في رد غير مسبوق على إصدار المحكمة مذكرة اعتقال بحق نتنياهو. وشاركت قاضيتان من الأربعة الصادرات بحقهن عقوبات أميركية ضمن اللجنة التي قضت برفض طلب إسرائيل. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store