
كيف تحولت عدن اليمنية من مدينة نابضة بالحياة إلى غارقة في الظلام والأزمات؟
يأتي ذلك على وقع انهيار اقتصادي مخيف وتراجع حاد وغير مسبوق في سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، الأمر الذي حول عدن المعروفة بـ"ثغر اليمن الباسم" إلى مدينة غارقة في الأزمات منذ 10 سنوات على استعادتها من سيطرة جماعة "أنصار الله" الحوثيين 2015.
ووصلت مدة انقطاع التيار الكهربائي في عدن، إلى ما يزيد عن 11 ساعة يوميا، وفق مصادر محلية، وسط عجز رسمي لمعالجة هذه الأزمة التي أرقت سكان العاصمة المؤقتة.
عدن التي تتخذ منها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، مقرا لها، إلا أنها ترزح تحت هيمنة وتحكم المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تشكل بدعم إماراتي أوساط 2017 ـ إداريا وأمنيا وعسكريا، وسط حضور شكلي للحكومة.
وعلى وقع الانهيار الشامل في الأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية، بدأ سكان العاصمة المؤقتة، عدن، في الخروج للمطالبة بتحسين الأوضاع ووقف تدهور الخدمات الأساسية من كهرباء وماء، فضلا عن انهيار سعر صرف الريال اليمني الذي تجاوز مؤخرا، حاجز الـ 2700 ريالا لكل دولار أمريكي.
إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرفع شعار انفصال جنوب البلاد عن شمالها، دفع بتشكيلاته الأمنية والعسكرية إلى الشوارع ومدن العاصمة عدن، لقمع التظاهرات المطالبة بمعالجة الانهيارات الشاملة في الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
ونظرا للمعالجة الأمنية التي انتهجها المجلس الانتقالي المتحكم بعدن ضد حركة الاحتجاجات الشعبية انكفأ شباب ورجال عدن عن الخروج للاحتجاج خشية الاعتقال. الأمر الذي دفع نساءها إلى الخروج والاحتشاد في تظاهرات متوالية، رغم حالة الانتشار الأمني والعسكري الواسع للتشكيلات التابعة للانتقالي، في رسالة أرادت النساء العدنيات إيصالها بأن "الوضع لم يعد يحتمل".
وقد هتفت النساء في التظاهرات التي شهدتها عدن في الأسابيع الماضية، بهتافات مناهضة لسلطات المجلس الانتقالي التي تدير العاصمة، وأخرى ضد الحكومة والمجلس الرئاسي برئاسة، رشاد العليمي. كما لم تقتصر الهتافات على الحكومة والانتقالي بل تجاوزتها إلى المطالبة برحيل التحالف العربي الذي تقودها السعودية بالشراكة مع الإمارات.
ومنذ استعادة السيطرة على عدن في يوليو/تموز 2015، انتظر اليمنيون أن تتحول هذه المدينة التي تحررت مبكرا من سطوة الحوثيين عام 2015، إلى نموذج من بين محافظات البلاد تهوي إليها الأفئدة وتنجذب إليها الاستثمارات وتتطور بناها التحتية، إلا أنها هوت في قاع سحيق من الأزمات، يقول سكان محليون، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام تساؤل مهم عمن يتحمل مسؤولية هذا الواقع الأليم والكارثي التي تعيشه العاصمة المؤقتة للبلاد في ظل محاولة هروب مختلف الأطراف اليمنية وإلقاء اللوم على الأخر؟
ابتزاز وتجاذبات
وفي السياق، قال الكاتب والصحفي اليمني، صلاح السقلدي إن وضع عدن البائس ومعها بالطبع باقي المحافظات ماهو إلا "نتيجة منطقية ومتوقعة تعكس حالة التباينات السياسية والتجاذبات الحادة داخل الحكومة والرئاسة".
وأضاف السقلدي في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذا الحال المضطرب ألقى بظلاله الكئيبة على الوضع الخدمي والمعيشي حيث يتحمل المواطن وحده قسوة وتبعات هذا الوضع المريع بعد أن أصبح مكشوف الظهر يتوجع بصمت.
وبعد أن صار موضوع الخدمات، يتابع السقلدي "ورقة ابتزاز ومساومات سياسية بين توليفة الحكومة والرئاسة" وهو ما يعني بالضرورة فشلا صريحا في تقديم نموذجا ناجحا ومغرٍ يقتدى به في المحافظات الأخرى وبالذات الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وأشار إلى أنه على الصعيد السياسي فإن لهذا الوضع ضحاياه السياسيين أيضا.
وقال : "فبالإضافة إلى أن هذا الوضع يصب سياسيا بمصلحة الحوثيين ويقوض الشرعية فإن القضية الجنوبية برغم شراكة المجلس الانتقالي الجنوبي بهذه الحكومة وفي الرئاسة إلا أنها أصبحت خارج الأجندة المحلية وتم وضعه على رف النسيان والإهمال بعد أن تم إنهاك المواطن والنخب الجنوبية بضروريات حياتهم من مأكل ومشرب وغاز طبخ وكهرباء، وبالتالي أدار المواطن والنخب ظهورهم مرغمين للجانب السياسي لقضيتهم".
وبحسب الكاتب السقلدي وهو مقرب من المجلس الانتقالي الجنوبي فإن هكذا وضع متدهور بائس لا يمكن أن يكون نموذجا يحتذى به، كما أنه وضع طارد ليس فقط لرؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية بل للرأسمال المحلي.
وقال أيضا، إن "غياب البنية التحتية واستشراء الفساد ورخاوة القضاء وتفشي داء الجبايات وحق الحماية وارتفاع سعر الدولار الجمركي وتعقيدات الجمارك وغيرها من الأسقام كلها جعلت من المدينة بيئة موحشة ومنفرة لأي جهود استثمارية واقتصادية وخدمية.
الحكومة والانتقالي والتحالف
وحمل الصحفي السقلدي مسؤولية ما أعتبره "كل هذا السوء" بدرجة أساسية "الحكومة والرئاسة"، وبدرجة أكثر "المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره القوة المسيطرة والحاكمة الفعلية لعدن".
كما أوضح أن التحالف بقيادة الرياض يتحمل مسؤولية كبيرة كذلك بصناعة هذا الوضع"، وقال إن التحالف لديه كثير من الإمكانيات وأوراق الضغط والمساعدة والوسائل التي ستعمل على انتشال الأوضاع سواء بتقديم دعم مادي ومالي أو برفع العصا بوجه الرئاسة والحكومة"، على حد قوله.
وأكد الكاتب اليمني على أن الفشل الجاري بالنهاية لن يقيد على هذه القوى وحدها بل سيكون للتحالف نصيبا وافرا من اللوم إذا ظل الحال كما هو في تدحرج مستمر نحو الفشل والتمزق والضياع.
يشكو ويقمع
وبشأن المسيرات الاحتجاجية وسياسات التعامل معها أمنيا، قال إن المسيرات بدأت وما تزال وستظل تتوسع ما بقيت الأوضاع على حالها من السوء.
وهاجم السقلدي المجلس الانتقالي الذي قال إنه "يشكو من شركائه في الحكومة والرئاسة بأنهم يقفون خلف هذا التدهور ويعيقون جهوده لانتشال الأوضاع"، بينما يظهر نفسه خصما للمواطن المسحوق وأداة قمع ومنع للتظاهرات الاحتجاجية بدلا من الوقوف معه.
وعبر عن غرابته من أن "يشكو الانتقالي من هذه القوى، ثم يمنع الناس من التظاهر ضدها بل ويقمهم ويشدد الخناق عليهم في الساحات".
ودعا السقلدي في ختام حديثه إلى "الوقوف مع المواطن لانتزاع حقوقه المشروعة بدلا عن قمعه"، مؤكدا أن من يقوم بذلك فهو "شريك في المأساة التي يعيشها الناس".
وسجل الريال اليمني انخفاضًا في قيمته خلال مايو/أيار بنسبة 33 بالمئة مقارنة بالعام السابق، و5% مقارنة بشهر أبريل/نيسان، وفق ما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) الأسبوع الماضي.
وأرجعت المنظمة ذلك إلى "تناقص الاحتياطي من النقد الأجنبي في مناطق الحكومة، وتوقف تصدير النفط والغاز منذ أبريل 2022".
عدن ساحة صراع
من جانبه، قال الباحث اليمني في القانون والعلاقات الدولية، عبدالله الهندي إنه منذ تحريرها في يوليو 2015، كان يفترض أن تتحول عدن إلى نموذج لبقية المحافظات، إلا أن ما حدث كان عكس ذلك، مضيفا أن السبب الجوهري لا يعود فقط إلى غياب الدولة المركزية أو استمرار الحرب، بل إلى تحول عدن إلى ساحة صراع نفوذ بين قوى متعددة: "التحالف (الإمارات والسعودية)، الحكومة الشرعية (المعترف بها دولياً)، والمجلس الانتقالي الجنوبي".
وتابع الهندي حديثه لـ"عربي21" بأن عدن أصبحت فعلياً مدينة بلا سلطة موحدة، وكل طرف يملك جزءاً من القرار دون أن يتحمل كامل المسؤولية، مما أنتج وضعاً إدارياً وأمنياً هجيناً لا يسمح فيه لأي طرف ببناء مؤسسات حقيقية أو تقديم خدمات مستقرة.
وتابع"والنتيجة كانت مدينة تنهار بسبب غياب الحوكمة، وتآكل البنية التحتية، والفساد، وانعدام الرؤية"، وهو ما يعني أن عدن لم تُمنح فرصة لأن تنهض، كونها تحوّلت إلى رمز للتنازع لا مركزًا للبناء.
ووفق الباحث اليمني فإن عدن كانت في قلب صراع القوى الإقليمية والمحلية، ويمكن فهم ما جرى لعدن من خلال قراءة ثلاثة مستويات متداخلة الأول" سياسي وعنوانه غياب الدولة وحضور المشاريع المتضاربة".
وقال إن عدن تحررت سياسيا، لكنها عانت إداريًا بسبب انكفاء الحكومة الشرعية على ذاتها، واكتفائها بالتموضع في الرياض بدل إدارة البلاد من عاصمتها المؤقتة.
يأتي ذلك، في الوقت الذي كانت الإمارات تدفع باتجاه ترسيخ قوى محلية موالية لها، على رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما أنتج تعددًا في مراكز القرار، وصراعًا على الشرعية، مما عطّل المؤسسات وتسبب بانهيار الخدمات الأساسية, حسبما ذكره المتحدث ذاته.
تفكيك مؤسسات الدولة
أما المستوى الثاني فيتركز بحسب الهندي في "المستوى الإداري" المتمثل "بتفكيك مؤسسات الدولة دون بديل".
وقال إنه بعد تحرير عدن من قبضة الحوثيين لم تُفعّل مؤسسات الدولة كما ينبغي، بل تم تهميشها أو استبدالها بكيانات موازية غير خاضعة للمساءلة أو للمحاسبة.
وأضاف أن المهام الأمنية والإدارية أوكلت لتشكيلات مسلحة غير موحدة الهوى والمرجعية...وذلك ما جعل عدن مدينة بلا إدارة واضحة، ولا مركزية في القرار، وأدّى إلى تراكم الأزمات وانعدام القدرة على الاستجابة.
شلل البنى التحتية
وأبرز الباحث اليمني في القانون الدولي المستوى الثالث المتمثل بـ"المستوى الخدمي" الذي يعني "شلل البنى التحتية وتفكك دورة الحياة".
ولفت إلى أن النتيجة المباشرة لهذا الانقسام كانت واضحة من خلال "انقطاع الكهرباء بشكل شبه دائم، رغم وجود محطات ومحاولات دولية للدعم وانهيار شبكة الصرف الصحي، ما أدى إلى انتشار الأوبئة إضافة إلى انفجار الأسعار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وسط غياب أي سياسة اقتصادية فاعلة أو آلية ضبط للأسواق".
وبالتالي، يقول الباحث الهندي إن عدن لم تُعطَ فرصة لتنهض، لأنها بقيت رهينة لتجاذبات الفاعلين بدل أن تكون ساحة للبناء.
من يتحمل المسؤولية؟
وردا على سؤال من يتحمل مسؤولية واقع عدن الكارثي، يرى الباحث اليمني الهندي أن المسؤولية مشتركة في ظل مشهد معقد تشهده عدن وكثرة الأطراف المتدخلة في مصيرها ولكنها غير متساوية، موضحا أن كل الأطراف الحاضرة في المشهد لم تكن فاعلة بنفس الدرجة، ولا كل طرف ساهم بنفس القدر في إيصال المدينة إلى ما هي عليه.
وقال إن الحكومة الشرعية تتحمل قسطًا من المسؤولية عنما آلت إليه المدينة، بفعل "فشلها في بسط سيادتها على الأرض بعد التحرير، ورضاها بالتموضع في الخارج بدل ممارسة وظائفها من الداخل".
كما حمل الباحث اليمني أيضا، "المجلس الانتقالي الجنوبي" القسط الأكبر من المسؤولية، وقال إنه "رغم امتلاكه لزمام السيطرة الفعلية على عدن منذ أغسطس 2019، إلا أن حضوره في المدينة لم يُترجم إلى نموذج حكم محلي ناجح، بل انحصر في ممارسة السلطة بمنطق الغلبة والسيطرة، لا بمنطق الدولة والإدارة ".
وتابع بأن المجلس اعتمد في إدارته للمدينة على أدوات غير مؤسسية، قائمة على الولاءات الشخصية والهياكل القبلية، لا على الكفاءة أو التخطيط المؤسسي، ما أنتج سلطة منغلقة على ذاتها، غير قادرة على تقديم حلول للأزمات المتراكمة.
انقسامات ودور سلبي
كما حمل التحالف وخصوصا دولة الإمارات جزءا من المسؤولية عن أوضاع عدن وقال إن أبوظبي التي هيمنت ميدانيا على الأرض في عدن، وأصبحت لاعب ذو تأثير لا يمكن تجاهله، "عملت على تكريس الانقسامات من خلال دعم كيانات موازية للسلطة، وخلق مراكز نفوذ غير خاضعة لمؤسسات الدولة".
ولم يغفل الباحث اليمني دور السعودية قائلا : "لا يمكن إغفال الدور السلبي الذي لعبته السعودية في التماهي مع ما يحصل، فيما يشبه توزيعًا للنفوذ داخل اليمن ".
مأزق سياسي
وبشأن قمع المسيرات الاحتجاجية على الأوضاع بعدن من قبل المجلس الانتقالي قال إنه لا يمكن تفسير سلوك المجلس الانتقالي في قمع الاحتجاجات السلمية في عدن بمعزل عن المأزق السياسي الذي يواجهه، والذي ينبع أساسا من طبيعة شرعيته الهشة التي لم تُؤسس على قاعدة صلبة منذ البداية، وهو ما يمكن تسميته بـ"مازق التأسيس السياسي".
ومضى قائلا : "فالمجلس، الذي استمد شرعيته جزئيًا من ادعائه تمثيل الإرادة الشعبية الجنوبية عبر المظاهرات، يواجه تحديًا جوهريًا يتمثل في فقدان الثقة الحقيقية من قِبل قطاعات واسعة من السكان الذين يطالبون بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية ".
وأكد على أن تضارب خطاب المجلس بين الترويج لتمثيله الشعبي من جهة، وقمعه للمطالبات السلمية لا يعكس فقط "هشاشة شرعية المجلس"، بل يشير أيضًا إلى "اعتماده المتزايد على القوة الأمنية كآلية للحفاظ على سلطته، بدلاً من بناء قاعدة دعم اجتماعي حقيقية عبر الحوار والسياسات التنموية".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل أكثر من 3900 حالة إصابة بحمى الضنك"، و 14 حالة وفاة في إبريل/ نيسان من العام الجاري، في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج المحاذية لها من جهة الشمال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 4 ساعات
- اليمن الآن
خلاف حاد وتهديدات متبادلة بين ترامب وإيلون ماسك ما هي الأسباب؟
يمن إيكو|أخبار: تصاعدت حدة الخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والملياردير الأمريكي إيلون ماسك، على خلفية مشروع قانون الضرائب الذي اقترحه ترامب والذي يهدد تجارة السيارات الكهربائية التي ينتجها ماسك. وهدد ترامب، اليوم الثلاثاء، بقطع مليارات الدولارات من الدعم الذي تتلقاه شركات إيلون ماسك من الحكومة الأمريكية، وذلك بعد أن انتقد ماسك مشروع القانون الذي قدمه ترامب والذي من شأنه إلغاء الدعم عن شراء السيارات الكهربائية التي استفادت منها شركة (تسلا) الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرت رويترز. وقال ترامب: 'إيلون ماسك منزعج من خسارته تفويض السيارات الكهربائية، إنه منزعج للغاية بشأن بعض الأمور ولكنه يمكن أن يخسر أكثر من ذلك بكثير'. وبحسب رويترز فإن 'أعمال ماسك، خصوصاً شركتي (تسلا) و(سبيس إكس)، تعتمد اعتماداً كبيراً على مجموعة من العقود والسياسات والإعانات والائتمانات الفيدرالية التي وفرت للشركات إيرادات بمليارات الدولارات على مر السنين، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية للمستهلكين على مشتريات السيارات الكهربائية، والتي كانت بالفعل على وشك الإلغاء في مشروع قانون ترامب الضريبي'. وذكرت الوكالة أن 'أسهم تسلا انخفضت بنسبة 4% في التعاملات المبكرة اليوم'. وهدد ماسك بتأسيس حزب سياسي جديد وإنفاق الأموال لإقصاء المشرعين المؤيدين لمشروع قانون الضرائب، حسب ما ذكرت رويترز. ولا يزال مشروع القانون الذي قدمه ترامب في طور التعديل بمجلس الشيوخ. وأشارت رويترز إلى أن الجمهوريين أعربوا عن قلقهم من أن الخلاف المتكرر المتقطع بين ترامب وماسك قد يضر بفرصهم في الحفاظ على أغلبيتهم في الانتخابات النصفية للكونغرس عام ٢٠٢٦. وقال ترامب إن ماسك ربما هو 'أكثر إنسان في التاريخ يحصل على الدعم المالي بلا منازع'، وأضاف: 'لن نشهد مزيداً من إطلاق الصواريخ، أو الأقمار الصناعية، أو إنتاج السيارات الكهربائية، وستوفر بلادنا ثروة طائلة'. وأشار ترامب إلى أن وزارة الكفاءة الحكومية التي تهدف لخفض الانفاق الحكومي- والتي كان ماسك يقودها قبل أن يغادرها في أواخر مايو الماضي- هي 'الوحش الذي قد يضطر للعودة وأكل إيلون ماسك'. وبحسب رويترز فإن الخلاف مع ترامب قد يخلق تحديات جديدة لإمبراطورية ماسك التجارية، لا سيما وأن شركة صناعة السيارات الكهربائية- مصدر ثروته الرئيسي- تُراهن بشدة على نجاح برنامجها لسيارات الأجرة الآلية الذي يُختبر حالياً في تكساس، حيث ستحدد وزارة النقل الأمريكية تصميم هذه السيارات، بينما لدى شركة (سبيس إكس) التابعة لإيلون ماسك عقود فيدرالية بقيمة 22 مليار دولار تقريباً. وتحصل (تسلا) على اعتمادات تنظيمية لبيع المركبات الكهربائية، وقد أعلنت الشركة عن 2.8 مليار دولار من هذه الاعتمادات في السنة المالية 2024، والتي يمكن تخفيضها بشكل حاد بموجب قانون الضرائب الذي قدمه ترامب. ووصف ماسك مشروع قانون الضرائب يوم السبت بأنه 'مجنون ومدمر تماماً' وقال إن المشرعين الذين صوتوا لصالح مشروع القانون 'سيخسرون انتخاباتهم التمهيدية العام المقبل حتى لو كان هذا هو آخر شيء أفعله على هذه الأرض'، حسب تعبيره. وقال ماسك إن التشريع من شأنه أن يزيد الدين الوطني بشكل كبير ويمحو المدخرات التي يقول إنه حققها من خلال قيادته لوزارة الكفاءة الحكومية. وعندما سُئل عما إذا كان سيُرحّل ماسك، لأنه مواطن أمريكي متجنس، قال ترامب: 'لا أعرف.. سيتعين علينا إلقاء نظرة'.


اليمن الآن
منذ 4 ساعات
- اليمن الآن
سقوط عشري لمكانته كملاذ آمن.. خسارة نصف سنوية تهز هيمنة الدولار الأمريكي
يمن إيكو|تقرير: سجل الدولار الأمريكي أسوأ أداء نصف سنوي له منذ أكثر من 50 عاماً، مع هيمنة الأزمات الجيوسياسية والحرب التجارية التي يشنها دونالد ترامب على الأسواق المالية خلال الأشهر الستة الماضية. وفقاً لما نشرته الغارديان البريطانية ورصده وترجمه موقع 'يمن إيكو'. وانخفض الدولار بنسبة 10.8% مقابل سلة من العملات منذ بداية عام 2025. وهذا هو أسوأ أداء له خلال الأشهر الستة الأولى من أي عام منذ عام 1973، وأسوأ نصف عام منذ النصف الثاني من عام 1991، ليفضي هذا البيع إلى انخفاض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2022، ورفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات عند 1.37 دولار، ارتفاعاً من 1.25 دولار في بداية العام، في أكبر تراجع منذ عام 1973، عندما انهارت اتفاقية بريتون وودز، مقارنة بسجل قياسي للجنيه الاسترليني الذي بلغ 1.37 دولار. وحسب الغارديان البريطانية، فإن الضغط السياسي على الفيدرالي، مع انتقادات متكررة من ترامب لقيادة بنك الاحتياطي وعدم رفع أسعار الفائدة، ورسوم ترامب الجمركية المتكررة كلها عوامل أثارت مخاوف المستثمرين والرساميل العالمية، ملقية بآثارها الكارثية على أداء العملة الأمريكية، أمام العملات العالمية المنافسة لها. وأوضح تقرير الغارديان، أن التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أثرت على الدولار، حيث انتقد ترامب مراراً وتكراراً رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم بأول، لعدم خفض تكاليف الاقتراض، وألمح إلى أن بديل باول سيدفع باتجاه خفض أسعار الفائدة وقد يتم تعيينه في وقت مبكر. وقال كريس إيغو، رئيس معهد أكسا آي إم للاستثمار، إن عوائد السوق عموماً كانت قوية في النصف الأول من عام 2025. وأضاف: 'أي عمليات بيع في الأصول الخطرة سرعان ما انعكست. حتى مقاييس التقلبات الضمنية انخفضت. ويراهن المتداولون بشكل أكبر على تخفيضات متعددة في أسعار الفائدة الأمريكية'. الأخطر على هيمنة الدولار، من وجهة نظر المراقبين والمحللين الدوليين، يتمثل في أن هذه العوامل السياسية تزامنت مع توقعات خبراء الاقتصاد بأن مشروع قانون الميزانية 'الجميل الكبير' للرئيس ترامب سيدفع الدين الوطني الأمريكي إلى الارتفاع بصورة أكثر قتامة وتأثير، الأمر الذي ضاعف القلق من زعزعة الثقة بالدولار كملاذ آمن يتعاظم. وأكد خبراء من يونيكريديت (مؤسسة مصرفية أوروبية) يؤكدون أن العوامل المركبة من فوضى السياسات الداخلية، والرسوم الجمركية، والدين الوطني المتصاعد، دفعت الدولار إلى خسارة 10% في أشهر، بينما ارتفع اليورو بنسبة 5%، مؤكّدين أن هذه الاتجاهات قد تدفع بالحكومات للتحول نحو عملات احتياطية بديلة أو تنويع مراكز الاحتياطيات الدولية. وقال ديفيد موريسون، كبير محللي السوق في شركة الخدمات المالية تريد نيشن: 'إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وحقيقة أن العديد من المستثمرين ينظرون إلى إدارته على أنها فوضوية إلى حد ما، إلى جانب المخاوف بشأن الدين الوطني الأمريكي، أدت إلى فقدان الدولار أهميته'. وتأتي هذه الخسارة القاسية نتيجة تزايد ضغوط على بنك الاحتياطي الفيدرالي، وتعاظم مخاطر الدين العام على الخزينة الأمريكية، بعد أن تجاوز 34 تريليون دولار حتى نهاية يونيو 2025، بما يعادل نحو 120% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤكد تفوّق التزامات الحكومة على مواردها ويهدد استمرارية الدولار كعملة احتياط عالمية، فيما يرى اقتصاديون أن هبوط الدولار يرفع تكلفة الاستيراد ويزيد من الضغوط التضخمية داخل الولايات المتحدة.


المشهد اليمني الأول
منذ 5 ساعات
- المشهد اليمني الأول
ما هو سلاح إيران الإستراتيجي ضد "إسرائيل"؟
بعيد سريان وقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان 'الإسرائيلي' ظهرت الحصيلة المبدئية لخسائر الكيان الاقتصادية. فقرار العدو الصهيوني ببدء الحرب على إيران كان بمنزلة خطوة للأمام لإغراق اقتصاده الغارق أساسًا بسبب الحروب على لبنان وغزّة. استغرقت غطرسة أصحاب القرار في الكيان 12 يومًا ليعودوا لوعيهم. إن الحرب مع دولة إقليمية بقدرات إيران العسكرية وبمساحات إيران الشاسعة ستستنزف الكيان حدّ الانهيار. فاحتساب 'إسرائيل' لأثمان الحرب وفي طليعتها الثمن الاقتصادي عجّل بها لاستجداء وقف إطلاق نار سريع نسبيًّا بعد أن كانت طموحات نتنياهو تغيير النظام الإيراني. فما الثمن الاقتصادي الذي دفعه الكيان 'الإسرائيلي' خلال حربه على الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ تكاليف الحرب المرتفعة ذكرت صحيفة 'وول ستريت جورنال'، أن التكلفة اليومية لأنظمة الدفاع الجوي 'الإسرائيلي' المضادة للصواريخ تتراوح بين 10 ملايين دولار و200 مليون دولار. وبحسب موقع 'فاينانشيال إكسبريس'، أنفقت 'إسرائيل' نحو 5 مليارات دولار في الأسبوع الأول من الهجمات على إيران. وقد بلغت النفقات اليومية للحرب 725 مليون دولار. استخدم 593 مليون دولار منها للهجمات و132 مليون دولار مخصصة للإجراءات الدفاعية والتعبئة العسكرية. ووفقًا لمعهد 'آرون' للسياسة الاقتصادية في 'إسرائيل' كان من الممكن أن تتجاوز التكلفة الإجمالية 12 مليار دولار لو استمرت الهجمات شهرًا. فاستهداف إيران لبنى تحتية حيوية في 'تل أبيب' وحيفا كلّف الكيان ملايين الدولارات. فمثلًا الهجوم الذي أدى إلى إغلاق مصفاة 'بازان'، أكبر مصفاة نفط في 'إسرائيل' سبب خسائر يومية تُقدر بثلاثة ملايين دولار وفقًا لصحيفة 'فاينانشال تايمز'. وبحسب 'القناة 15 الإسرائيلية'، فقد بلغت تكلفة الأضرار في معهد 'وايزمن' 2 مليار 'شيكل' ما يعادل 587 مليون دولار. ولكن في ظل التعتيم 'الإسرائيلي' على الأضرار لا يمكن التكهن بقيمة الخسائر بشكل دقيق، ولكنها بالتأكيد فاقت توقعات أصحاب القرار 'الإسرائيلي'. ولا بد من الإشارة إلى أن حركة الملاحة برًّا وجوًّا تأثرت بشكل كبير، فمطار 'بن غوريون' الذي يستقبل عادةً نحو 300 رحلة جوية و35 ألف مسافر يوميًا توقف عن العمل. أما حركة الملاحة البحرية فقد تضررت رغم عدم وضوح حجم الضرر. وبالتالي التداول التجاري مع الخارج أصيب بالشلل، وسيظهر أثر ذلك بالأرقام مع الوقت. التعويضات بحسب رئيس قسم التعويضات في سلطة الضرائب 'الإسرائيلية' ، أمير دهان، فإن تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات جراء الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية على 'إسرائيل' خلال الأيام الاثني عشر تُقدّر بنحو ضعف مجموع المطالبات الناجمة عن هجوم 7 أكتوبر وجميع الأيام الـ 615 التي تلته؛ لتبلغ التكلفة المحتملة بحسب تصريحه، 1.47 مليار دولار. وأضاف، إن الضربات المباشرة التي وجهتها إيران إلى معهد 'وايزمن' للعلوم في 'رحوفوت' ومصفاة 'بازان' للنفط في حيفا كانت مدمرة بشكل خاص، دون أن يقدم قيمة محددة. إضافة إلى تعويضات السكن، فستقوم حكومة العدو بالتعويض على الشركات بحسب حجم الشركة. فالشركات التي يقل دخلها السنوي عن 300,000 'شيكل' (86,000 دولار أميركي) يمكنها الحصول على منحة ثابتة لاستمرار النشاط التجاري بحسب حجم الضرر الذي لحق بالشركة، فيما الشركات التي تتراوح مبيعاتها بين 300000 'شيكل' و400 مليون 'شيكل' يمكنها الحصول على تعويض ما بين 7% و22% من نفقاتها بالإضافة إلى استرداد 75% من نفقات الرواتب بما يتناسب مع حجم الضرر. أما الشركات التي يتراوح حجم مبيعاتها بين 300000 و100 مليون 'شيكل' (28 مليون دولار أمريكي) فسيكون الحد الأقصى للتعويض 600,000 'شيكل' (172,000 دولار أميركي). تكاليف مجمل التعويضات لن تكون واضحة في ظل عدم حصر عدد الشركات المتضررة والتعتيم الإعلامي على الضربات الإستراتيجية وتكاليف الترميم، البناء وإعادة التشغيل. ميزانية 'الدولة' من المتوقع أن يرتفع عجز الموازنة 'الإسرائيلية' بنسبة 6%، فتعويضات المستوطنين المتضررين ستساعد على تدهور المالية العامة للكيان. كما شهدت ميزانية الدفاع 'الإسرائيلية' تضخمًا هائلاً نتيجة للحروب. فقد ارتفعت مخصصات الدفاع من 60 مليار 'شيكل' في عام 2023 إلى 99 مليارًا في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 118 مليار 'شيكل' (31 مليار دولار) في عام 2025، أي ما يقرب من ضعف رقم ما قبل الحرب. 'الحكومة الإسرائيلية' تدرس أحد الإجراءات الثلاثة التالية لتغطية عجز الموازنة المتزايد: خفض الإنفاق العام على الصحة والتعليم، أو زيادة الضرائب، أو اللجوء إلى الاقتراض. وإذا ما اعتمدت 'الحكومة' الاقتراض فسترتفع نسبة الدين العام إلى أكثر من 75%. وكشفت 'وزارة المالية الإسرائيلية' أن الموارد المالية الحالية للكيان تُستنزف بسرعة، وطلبت تحويل 857 مليون دولار إلى وزارة الدفاع، بالإضافة إلى 200 مليون دولار إلى وزارات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية. هذا الضغط على ميزانية الكيان في ظل استمراره بالحرب على غزة سيجلب له المزيد من الدين العام، الانخفاض في الاستثمار، انخفاض في جباية الضرائب وتدهور في سعر الصرف. إن الكيان 'الإسرائيلي' الواهن تلقّى ضربات موجعة عسكريًا واقتصاديًا، وقد ترجم ذلك بسرعة اللجوء للدبلوماسية للوصول إلى وقف إطلاق نار. هذه الحرب هي حصيلة سنوات من العمل الدؤوب لإسقاط النظام الإيراني وقد ذهبت هذه المحاولات سدىً. إن الاقتصاد عامل أساسي في الحروب يسرّع من وتيرتها. فثمن الاستمرار في الحرب هو شلّ الاقتصاد وتهاوي الشركات والأفراد، وبالتالي عدم القدرة على حسم المعركة سريعًا شكل عامل ضغط مهم على 'إسرائيل'، فكان ضربُ الاقتصاد سلاحًا بموازاة العسكر. يوسف الريس