
تراجع أسعار النفط ومأزق دول الخليج
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
للوصول بالأسعار إلى ما بين 40 و50 دولاراً، وهو سعر مريح للمواطن الأميركي ويساهم في خفض معدل
التضخم
داخل الولايات المتحدة، وهو ما يمهد الطريق أمام خفض
أسعار الفائدة
. لكنه في المقابل مربك للدول المصدرة للنفط.
هذا التراجع في أسعار النفط سيولد فجوة تمويلية كبيرة لدى الدول العربية النفطية، ويعمق العجز المالي في
موازنات
تلك الدول، باعتبار أن النفط هو المورد الأساسي للإيرادات من النقد الأجنبي، وأن أي تراجع ملحوظ في سعر الخام الأسود يمكن أن يربك المركز المالي لتلك الدول ويدفعها نحو تطبيق سياسات تقشفية غير مقبولة سياسياً ومجتمعياً، وقد تربك المشهد الاقتصادي برمته.
من أبرز تلك السياسات المتوقع تطبيقها إجراء زيادات كبيرة في أسعار الوقود، بنزين وسولار وغاز، وكذلك في أسعار السلع الأساسية، بما فيها الغذائية والدوائية، وخفض الدعم الحكومي لسلع وخدمات رئيسية، وهو ما يعني زيادة فواتير الكهرباء والمياه والمواصلات العامة، وزيادة الضرائب والرسوم الحكومية، إضافة إلى تطبيق السياسات التقليدية المتعارف عليها، ومنها التوسع في الاقتراض الخارجي والداخلي، والسحب من الاحتياطيات النقدية المتوافرة لدى الصناديق السيادية أو صناديق الأجيال المقبلة، وبيع أصول الدولة من شركات وبنوك وغيرها، وتأخير تنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية والخدمية، وقد تلجأ دول إلى خفض الانفاق العام، وهو ما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن. كما قد تلجأ أخرى لخطوات، منها تقليص العمالة العربية والأجنبية الوافدة، وزيادة الأعباء الملقاة عليها من رسوم إقامات وتكلفة معيشة وغيرها، وتقليص المساعدات والمنح الخارجية وغيرها.
أسواق
التحديثات الحية
تحسن مؤشرات مديري المشتريات ينعش بورصات الخليج.. والسعودية تتصدر
خذ مثلاً السعودية التي تحتاج إلى سعر نفط يتجاوز 90 دولاراً للبرميل لمعادلة ميزانيتها العامة وعمل توازن بين الإيرادات والمصروفات العامة، ومع تراجع سعر خام برنت إلى أقل من 65 دولاراً قبل أيام، فإن هذا يشكل أزمة مالية كبيرة للمملكة، خاصة أن انخفاض بهذا المستوى يعني فقدان السعودية عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات النفطية، إلى جانب تراجع متوقّع في توزيعات أرباح شركة أرامكو العملاقة، المملوكة للدولة، وأكبر شركة للنفط في العالم.
ومن هنا جاءت التوقعات بتعمّق عجز موازنة السعودية عن العام الجاري والذي جرى تقديره في وقت سابق من قبل الحكومة بنحو 101 مليار ريال، أي قرابة 26.9 مليار دولار، لكن مؤسسات مالية دولية، منها مصرف "غولدمان ساكس"، توقعت أن يرتفع عجز موازنة السعودية خلال 2025 إلى 67 مليار دولار، وهو ما سيجبر المملكة على التوسع في سياسة الاقتراض الخارجي وتقليص خطتها لتنويع الاقتصاد فيما يعرف برؤية المملكة 2030، وبيع أصول ضخمة.
التراجع في أسعار النفط سيولد فجوة تمويلية كبيرة لدى الدول العربية النفطية، ويعمق العجز المالي في موازنات تلك الدول، باعتبار أن النفط هو المورد الأساسي للإيرادات من النقد الأجنبي
يترجم ذلك ما ذكرته رويترز يوم الأحد من أن أرامكو تسعى لبيع خمس محطات لإنتاج الكهرباء باستخدام الغاز بقيمة تصل إلى أربعة مليارات دولار وذلك لتوفير سيولة. كما تبحث الشركة بيع أصول أخرى مثل مجمعات سكنية وخطوط الأنابيب، بالإضافة إلى أصول مرتبطة ببنية تحتية مرتبطة بالمرافق.
يتكرر المشهد في دول نفطية عربية أخرى، منها الجزائر حيث دفعت أسعار النفط حكومة تبون نحو السحب من أرصدة الصندوق السيادي، في محاولة لسد أكبر عجز موازنة في تاريخ البلاد، خصوصاً في ظل تراجع أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس من النقد الأجنبي.
طاقة
التحديثات الحية
العراق يوسّع عمليات الحفر لتعويض تراجع إنتاج الآبار النفطية
أما العراق الذي يعوم على بركة من الفساد المالي فإن خياراته محدودة للتعامل مع مأزق تراجع أسعار النفط قياساً على ما عانته الدولة النقطية خلال أزمات سابقة منها جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط عام 2020، حين اضطرت الحكومة لإجراءات تقشفية قاسية، وتعرضت رواتب العاملين في الدولة لخطر حقيقي.
أما ليبيا فإن أزمة تهاوي أسعار النفط تضاف لأزمات سياسية وأمنية أخرى وتعقّد المشهد برمته داخل الدولة التي تشهد اضطرابات أمنية وقلاقل سياسية من وقت لآخر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 37 دقائق
- القدس العربي
موريتانيا تستعد لدخول نادي الدول المنتجة لليورانيوم رغم وجود عقبات كثيرة وتحديات صعبة
نواكشوط ـ «القدس العربي»: تستعد موريتانيا لدخول نادي الدول المنتجة لليورانيوم، مع إعلان شركة 'أورا-إنيرجي' Aura Energy الأسترالية عن خطتها لإطلاق أول مشروع منجمي لاستخراج اليورانيوم في منطقة تيرس الواقعة شمال شرق البلاد، قبل نهاية العام الجاري، على أن يبدأ الإنتاج الفعلي بحلول عام 2027. وتأتي هذه الخطوة في توقيت استراتيجي، إذ يشهد العالم حالياً عودة للاهتمام بالطاقة النووية كخيار طاقوي 'نظيف' في ظل تصاعد التحديات المناخية، وبدء العديد من المناجم التقليدية في التراجع أو الإغلاق. كما أن البنك الدولي، الذي كان متحفظًا لعقود تجاه تمويل هذا النوع من المشاريع، أعاد فتح الباب أمام دعم الطاقة النووية باعتبارها جزءًا من الحلول منخفضة الكربون. ورغم أن منجم اليورانيوم موجود في الموقع المعروف بدرع 'الركيبات' بالصحراء الموريتانية منذ ستينيات القرن الماضي، إلا أن الاستثمار الفعلي في إخراجه ظل مؤجلًا. وتحولت شركة 'أورا-إنيرجي' التي بدأت استكشافاتها في موريتانيا عام 2008 بحثًا عن الذهب، إلى البحث عن اليورانيوم بعد اكتشاف 'شذوذ إشعاعي' خلال دراسات جيولوجية أنجزتها في المنطقة. لكن مسار المشروع لم يكن سهلاً؛ فقد اصطدم بأزمتين عالميتين: أولاهما الأزمة المالية في 2008، ثم كارثة فوكوشيما النووية في 2011، التي أدت إلى تراجع أسعار اليورانيوم عالميًا، وأضعفت شهية المستثمرين. ومع ذلك، يقول المدير التنفيذي للشركة أندرو غروف، إن 'الوقت الآن بات مؤاتياً'، في ظل تعافي الأسعار وعودة الثقة العالمية في الطاقة النووية'. وفي العام الماضي، حصلت 'أورا-إنيرجي' على رخصة استغلال رسمية من الحكومة الموريتانية، وتؤكد الشركة اليوم أنها في مرحلة متقدمة للحصول على قرض تنموي بقيمة 150 مليون دولار من أصل 300 مليون لازمة لتشغيل المشروع. ومع أن المشروع يوصف بأنه 'متواضع نسبيًا' بإنتاج سنوي مقدر بنحو ألف طن من أكسيد اليورانيوم على مدى 10 سنوات، غير أن سهولة الاستخراج من الطبقات السطحية تمنحه ميزة تنافسية من حيث التكلفة، مقارنةً مثلًا باليورانيوم النيجري. لكن رغم هذه الإيجابيات، أشار السيد تيفا ماير الباحث في شؤون الطاقة النووية، إلى نقطة ضعف حرجة، حيث قال: 'حتى الآن، لم توقع الشركة أي عقود مع مشغلي المفاعلات النووية، وهو أمر أساسي لضمان تدفق التمويل من المصارف الخاصة، فليسن هناك جهة تمويلية جادة ستقدم على تمويل منجم لا يملك سوقًا مضمونة لمنتجه'. وبالإضافة إلى التحديات المالية، تواجه الشركة عقبات لوجستية كبيرة، أبرزها غياب بنية تحتية مناسبة لنقل المواد المشعة داخل موريتانيا. ويشير الخبراء إلى أن نقل اليورانيوم من 'تيرس' إلى موانئ التصدير، خصوصًا ميناء نواكشوط، سيتطلب إجراءات إدارية وتقنية دقيقة، إضافة إلى تأمين ناقلين مستعدين للتعامل مع هذه الشحنات. ويقول الباحث تيفا ماير: 'لا يوجد حالياً أي نشاط لنقل اليورانيوم أو المواد المشعة عبر نواكشوط؛ وهذا يعني الحاجة إلى إنشاء منظومة كاملة، من التصاريح إلى التأمين، وصولًا إلى إيجاد شركات شحن مستعدة للعمل في هذا الخط، وهو أمر غير مضمون تجاريًا'. وفي ظل هذه التحديات، يذهب بعض المحللين إلى أن 'أورا-إنيرجي' قد لا تكون بصدد تشغيل المنجم بنفسها على المدى البعيد، بل ربما تسعى إلى تطوير المشروع وبيعه لاحقًا لشركة عالمية كبرى. ويعزز هذا السيناريو، كون مديرها التنفيذي أندرو غروف كان سابقًا من كبار المسؤولين في الفرع الأسترالي لشركة 'أورانو' الفرنسية، إحدى أكبر شركات الطاقة النووية في العالم. ويبقى مشروع 'تيرس' اختبارًا حقيقيًا لقدرة موريتانيا على دخول عالم المعادن الاستراتيجية عالية الحساسية، في سياق دولي يتجه نحو تنويع مصادر الطاقة والتقليل من انبعاثات الكربون. وإذا ما نجحت الدولة الموريتانية في توفير بيئة قانونية ولوجستية مناسبة، فإنها قد تتحول إلى وجهة جديدة واعدة للاستثمار في مجال الطاقة النووية، مستفيدة من إعادة ترتيب الأولويات العالمية في ملف الطاقة والمناخ. ولكي تتحقق أهداف المشروع، سيكون على 'أورا أنيرجي' أن تحصل على 230 مليون دولار أمريكي، وهو التمويل الذي حددته الدراسة الهندسية القاعدية في فبراير/شباط 2023، ككلفة إجمالية للمشروع. وتوقعت الدراسة المذكورة، أن مشروع يورانيوم تيرس، يمكنه تحصيل عائدات مالية تبلغ 2.25 مليار دولار على مدى 16 عاماً بسعر بيع يبلغ 80 دولاراً لرطل اليورانيوم، وفي إنتاج 30.1 مليون رطل من اليورانيوم خلال الفترة نفسها. وإلى أن يتحقق ذلك، تتجه الأنظار نحو الطلبات العالمية التي قد تتوارد على إدارة المشروع، والتي يتوقع أن تبلغ أوجها خلال السنوات القلية القادمة، على أساس نيات أظهرتها عدة دول تتعلق بعزمها مضاعفة إنتاجها من الطاقة النووية، وذلك في اتجاه إغلاق تدريجي لعصر الطاقات الأحفورية شديدة التلوث. ومن هذه الدول التي أكدت هذا العزم، فرنسا، والمملكة المغربية الساعية منذ عقود للتخلص من الطاقات الملوثة. وبالنسبة لموريتانيا، فإن اليورانيوم سيكون وسيلة مهمة لتحقيق زيادة كبيرة للعائدات المالية، فسيضاف اليورانيوم لثروات قطاع المناجم الموريتاني الذي يشمل حالياً صادرات الحديد الخام والذهب اللذين مثلا 70% من صادرات موريتانيا لعام 2022، كما يمثلان 24% من ناتجها الداخلي الخام. ويمكن لموريتانيا من خلال مشروع 'تيرس' لليورانيوم، أن تحلم بموقع وتصنيف متقدم؛ ذلك أن مشروع 'تيرس' يعتبر في الحقيقة بداية لعهد جديد متميز في بلد ما تزال خيراته المدفونة في أرضه، غير مستغلة بما فيه الكفاية.


القدس العربي
منذ 40 دقائق
- القدس العربي
تبعات قانونية للمصارف التي تفتح لها حسابات؟ «الاقتصاد في خدمة الإبادة»: «مؤسسة غزة الإنسانية» مثالا
لندن – «القدس العربي»-: الحصار الإنساني الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والذي تفاقم منذ مطلع شهر آذار/ مارس الماضي، يترافق مع تحرك إسرائيلي أمريكي لمنع الأمم المتحدة من أداء دورها في توزيع المساعدات الشحيحة التي تصل على القطاع، من خلال إنشاء آلية بديلة عبر شركة عرفت باسم «مؤسسة غزة الإنسانية»، ما أثار الكثير من الجدل المستمر. ويترافق ذلك مع شروط إسرائيلية تضعها على طاولة مفاوضات وقف إطلاق النار، وتهدف من خلالها على التحكم بآلية توزيع المساعدات إلى القطاع الذي يعاني حرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 21 شهرا. وجاء التحقيق الذي أجرته صحيفة «فايننشال تايمز»، ليكشف عن أبعاد أخرى لعمل هذه الشركة ترتبط بمشاريع تهجير سكان قطاع غزة، وبما يعرف بمشروع ترامب في القطاع (ريفييرا ترامب). وكشفت الصحيفة البريطانية، الأحد، عن أن شركة أمريكية تدعى «مجموعة بوسطن للاستشارات»، وقّعت عقدا بملايين الدولارات لتطوير مشروع «مؤسسة غزة الإنسانية»، كما عملت على رسم خطة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة تحت مسمى «إعادة توطين»، وساعدت شركة الأمن الأمريكية التي يتولى متعاقدوها المسلحون إدارة مواقع المؤسسة في غزة. وأفادت صحيفة «فايننشال تايمز» أن «بوسطن للاستشارات» BGG أنشأت نماذج لتقدير تكلفة «نقل» أجزاء كبيرة من السكان الفلسطينيين إلى خارج الأراضي التي تحتلها إسرائيل. وأثارت هذه المعلومات ضجة واسعة في المحافل الدولية والأممية، وفي أوساط الجمعيات الإنسانية غير الحكومية التي اتخذت موقفا حازما من «مؤسسة غزة الإنسانية» وطالبت بإعادة آلية توزيع المساعدات إلى الأمم المتحدة ووكالاتها. وكان آخر المواقف تعليق منظمة «أنقذوا الأطفال» الدولية شراكتها طويلة الأمد مع مجموعة «بوسطن للاستشارات». ولم يقف الأمر عند حدود الأمم المتحدة والجمعيات غير الحكومية، بل أطلق مسؤولون في حكومات غربية تحذيرات من خطورة آلية التوزيع التي تعتمدها «مؤسسة غزة الإنسانية»، من بينهم وزير الخارجية البريطاني دافيد لامي الذي وصف آلية توزيع المساعدات بأنها «لا تؤدي وظيفتها كما ينبغي». وفي كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الأسبوع الماضي، عرضت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، تقريرها المعنون «من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية»، وقالت إن ما تسمى «مؤسسة غزة الإنسانية» ليست سوى «مصيدة موت» مصممة لقتل أو إجبار سكان يتضورون جوعا على الفرار. وأثارت الانتقادات الموجهة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» قلق المؤسسات المالية إزاء التعامل معها، وهو ما كشفته وكالة رويترز التي نقلت عن مصادر مطلعة أن بنك «يو بي إس» UBS رفض طلب «مؤسسة غزة الإنسانية» لفتح حساب بنكي في سويسرا. كما امتنع بنك «غولدمان ساك» عن إنشاء حساب لصالح المؤسسة بعد محادثات أولية. لكن رويترز أشارت إلى انه على الرغم من ذلك فإن المؤسسة تأسست رسمياً في عام 2025 في ولاية ديلاوير الأميركية، وتمتلك حساباً لدى بنك «جيه بي مورغان» .JPMorgan وفضلا عن الاتهامات الموجهة للمؤسسة بالمساهمة في قتل الغزيين، والتورط في مشاريع لتهجيرهم، وتسييس الملف الإنساني، فإن موضوع سرقة المساعدات الذي تحدثت عنه تقارير داخلية سابقة للأمم المتحدة كُشف عنها، شكل أيضا أحد مظاهر الإشكالية التي تطرحها، لا سيما مع أدلة عن تورط مجموعات مدعومة من الاحتلال (ميليشيا ياسر أبو شباب) في عمليات السرقة. ويرى مدير الاتصالات السابق في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» كريس غونيس، في حديث مع «القدس العربي»، أن الغطاء كشف عن أن «مؤسسة غزة الإنسانية» «بانت على حقيقتها»، فهي «فخٌ مميت يرتكب إبادة جماعية، حيث يقوم جيشٌ جَوّعَ سكانًا حتى الموت الآن بذبح الناس كالبهائم بينما يأتون لجمع الطعام من حظائر زراعية». ويدعو كريس غونيس «لمنع حدوث مجاعة جماعية، من خلال «المبادرة على الفور لإعادة عملية إيصال المساعدات في غزة إلى الأمم المتحدة، على أن تتولى «الأونروا» الدور القيادي باعتبارها العمود الفقري لهذه العملية». ويؤكد: «وحدها «الأونروا» قادرة على أداء هذا الدور، بفضل آلاف الموظفين لديها، وشبكة المرافق المخصصة لتوزيع الغذاء، وتقديم الرعاية الصحية الأولية، ومساعدة الناس في الحصول على مياه نظيفة.» وبخصوص التقارير عن سرقة المساعدات، يقول غونيس إنه «من الواضح للجميع أن إسرائيل كانت تدعم الجماعة المتطرفة «أبو شَباب» وتساندها في سرقة المساعدات». «شريك في الإبادة» ويقول إن هناك تواطؤا واضحا بين ما يسميها قوات الإبادة الإسرائيلية (Israel Genocide Force-IGG) و«أبو شَباب». كل هذا يتم تحت غطاء «مؤسسة غزة الإنسانية»، «التي تُعد شريكة أيضًا في الاحتلال الإبادي الإسرائيلي». وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة، وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، حذروا مرارا من خطورة آلية المساعدات المدعومة أمريكيا وإسرائيليا، إلا أنها لم تقم بعمل كاف برأي غونيس. ويقول المسؤول السابق في «الأونروا» لـ«القدس العربي»: «لقد أدلى الأمين العام للأمم المتحدة بتصريحات شكلية بشأن الدور الأساسي الذي تؤديه «الأونروا»، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفعل، يبدو الأمر في كثير من الأحيان وكأن «الأونروا» تُداس تحت العجلات. فعلى سبيل المثال، عندما كانت إسرائيل تطرد «الأونروا» من مقرها الضخم في القدس الشرقية المحتلة، كان ينبغي أن يكون هناك جهد موحد لنقل جميع وكالات الأمم المتحدة إلى تلك المباني، وتحويل مقر «الأونروا» في القدس إلى مركز طوارئ إنساني لغزة. كان هذا الإجراء بديهياً، لكن الأمم المتحدة رضخت للضغوط الإسرائيلية والأمريكية». تورط المال ويثير غونيس نقطة أخرى، تتعلق بتصريحات لرئيس «مؤسسة غزة الإنسانية» القس الإنجيلي جوني مور أدلى بها الأسبوع الماضي إلى محطة «سي بي إس». فمور قال إنه «لا يمكنه التحقق من أن كل كيس دقيق لا ينتهي به المطاف بطريقة ما في مكان غير مقصود». ويقول غونيس إن مور، «أقر بأن المؤسسة لا يمكنها ضمان عدم تحويل مساعداتها من قبل «حماس»، و«هذا التصريح يؤكد العديد من الصور المنتشرة على الإنترنت التي تُظهر سرقة مساعدات غذائية من المؤسسة وإعادة توجيهها من قبل مسلحين». ويرى أن تصريح مور «يثير القلق من أن المؤسسة والمؤسسات المالية التي تتعاون معها قد تكون في حالة انتهاك لتشريعات مكافحة الإرهاب الأمريكية، المصممة لمنع وصول المساعدات الأمريكية إلى جماعات محظورة.» كما يتطرق إلى ما ذكرته رويترز عن فتح «مؤسسة غزة الإنسانية» حسابا لدى بنك «جيه بي مورغان»، بما «يثير تساؤلات حول مدى التزام البنك بإجراءات العناية الواجبة، وما إذا كان قد انتهك تشريعات مكافحة الإرهاب الأمريكية.» ووجهت «القدس العربي» أسئلة إلى وزارة الخارجية الأمريكية وبنك «جيه بي مورغان» حول هذه المسألة، لكنها لم تتلق ردا حتى وقت نشر هذا التقرير. نتنياهو و«شركة بوسطن» وسألنا الاقتصادي والمحامي الأمريكي جايمس إس. هنري عن قانونية عمليات التمويل التي يمكن أن تتورط بها بعض المصارف الامريكية والعالمية، وكذلك عن قانونية وأخلاقية تورط «مجموعة بوسطن للاستشارات» في أنشطة ترتبط بـ«مؤسسة غزة الإنسانية». ويقول جايمس هنري لـ«القدس العربي»، وقد سبق أن شغل منصب كبير الاقتصاديين في «شركة ماكينزي للاستشارات» في نيويورك، وهي شركة مناسفة لـ«شركة بوسطن»، إن «صناعة الاستشارات تخدم في الغالب عملاء خاصين، وشركات كبيرة إلى حد كبير. عادة لا تأخذ مثل هذه المشاريع الخاصة. لكن بنيامين نتنياهو قديم في «مجموعة بوسطن للاستشارات». كان يعمل هناك على ما أعتقد، يمكنك تأكيد ذلك. لكنه قضى وقتًا طويلًا في الولايات المتحدة، وأعتقد أنه كان شريكًا في مجموعة بوسطن للاستشارات». وبالفعل فإن موقع الحكومة الإسرائيلية الإلكتروني يورد في سيرة نتنياهو أنه عمل بين عامَي 1976 و1982، «في القطاع الخاص، واستهل ذلك مع شركة «مجموعة بوسطن الاستشارية» (Boston Consulting Group). ويقول هنري إنه كلما كُشفت معلومات عن هذا المشروع يصبح أمر مشاركة «شركة بوسطن للاستشارات» أمرا مثيرا للتساؤل من زاوية أخلاقية، فـ»المشروع بدا كأنه مصمم للفشل. كان يدفع الأمم المتحدة للخروج التي كانت منظمة إغاثة فعالة في غزة، تحت ذريعة أن «حماس» كانت تحصل على التمويل أو تستولي على الغذاء وتبيعه». وينتقد هنري الادعاءات بأن المشروع مصمم لمنع «حماس» من الحصول على المساعدات، مذكرا بما قال إنه قضية السماح بوصول أموال إلى الحركة في السابق بموافقة من نتنياهو ومعرفة «الموساد»». ويقول «ما أقصده في هذه الخلفية، هو أن كمية كبيرة من التمويل الذي تدفق إلى «حماس» كانت معروفة للحكومتين الأميركية وللإسرائيلية، وسمحوا لها بالذهاب». ويضيف «وأي شخص ألقى نظرة على هذا الوضع، مثل «جيه بي مورغان» أو «مجموعة بوسطن للاستشارات»، كان ليجد المعلومات وهي متاحة. كان بإمكانهم أن يعرفوا أن هذا مريب»، و«هذا يثير لدي احتمالاً واضحاً بأنهم يتحملون مسؤولية قانونية عن المساهمة في تحقيق هذه النتيجة». حكومة غزة وفي مقابل الموقف الأمريكي – الإسرائيلي المتذرع بمنع حركة «حماس» من الاستيلاء على المساعدات، وثقت جهات عديدة عمليات سرقة المساعدات في غزة من قبل عصابات بعضها مرتبط بالاحتلال. ويقول د. إسماعيل الثوابتة، مدير عام «المكتب الإعلامي الحكومي» في غزة لـ«القدس العربي»، إن الجهات الرسمية في القطاع وثقت «عددًا من الحالات التي تتعلق بسرقة المساعدات الإنسانية، ويجري التعامل معها وفق الأطر القانونية». ويؤكد في إجابة على أسئلتنا أنه «لدينا أدلة حول تورط عناصر مشبوهة وعصابات إجرامية يرعاها الاحتلال وقد اعترف أنه يقدم لهذه العصابات الحماية والدعم اللوجستي في إطار هندسة التجويع، وأغلب جرائم سرقة المساعدات تتم في مناطق التوزيع العشوائي فيما يُعرف بالمناطق «العازلة». ويضيف «الحكومة، من خلال الجهات الأمنية والرقابية، تعمل على ملاحقة هذه الأطراف ومحاسبتها، وقد تم إحباط عشرات محاولات لتهريب المساعدات وبيعها في السوق السوداء. الجهود مستمرة لضمان ضبط هذه المسألة ووقف أي عبث أو استغلال لمعاناة المواطنين». وبخصوص «مؤسسة غزة الإنسانية»، يقول الثوابتة إن «الآليات التي تعتمدها ما تُسمى «مؤسسة غزة الإنسانية» خطيرة وغير إنسانية، وتفتقر إلى أي معايير للشفافية أو الرقابة. فهي تعمل خارج المنظومة الأممية والإنسانية والإغاثية، وتنفذ أجندات أمنية واستخباراتية مشبوهة». فـ»هذه المؤسسة غير الإنسانية تكرّس حالة من الفوضى في ملف الإغاثة، وتُسهم في خلق بيئة مناسبة للابتزاز والتمييز والنهب وتُشجّع الفوضى، فضلاً عن استخدامها المساعدات كأداة ضغط سياسي وأمني. الأخطر من ذلك أنها تُعيد تعريف العمل الإنساني بما يتماشى مع سياسات الاحتلال الإجرامية، وتُسهم في تقويض الدور الأممي الإغاثي المستقل». ويطالب الثوابتة «بإخراج ملف المساعدات من دائرة العبث السياسي والأمني، ووقف تدخل الاحتلال والجهات المشبوهة في تفاصيله». ويقول لـ«القدس العربي»: «يجب أن تكون المساعدات خاضعة بشكل كامل لمراقبة وتوزيع المؤسسات الأممية المعتمدة دولياً، وعلى رأسها وكالة «الأونروا»، لضمان وصولها العادل والآمن للمواطنين. كما نرفض أي محاولات لإنشاء قنوات بديلة مشبوهة أو توزيع المساعدات عبر «مناطق عازلة» خارجة عن القانون. ونؤكد أن الحل الوحيد هو العودة إلى آليات أممية شفافة وإنسانية تضمن الكرامة والعدالة في تقديم الإغاثة».


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
حماس تعلن موافقتها على إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين في إطار محادثات الهدنة
الدوحة: أعلنت حركة حماس، الأربعاء، موافقتها على إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، في إطار 'مرونة' تبديها للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، بينما تتعنت إسرائيل في نقاط 'جوهرية'. وقالت الحركة في بيان: 'في إطار حرصنا على إنجاح المساعي الجارية، أبدينا المرونة اللازمة، ووافقنا على إطلاق سراح عشرة أسرى (إسرائيليين أحياء)'. وأضافت أن هناك 'نقاطا جوهرية تبقى قيد التفاوض، وفي مقدمتها: تدفق المساعدات، وانسحاب الاحتلال من أراضي القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار'. وتابعت: 'على الرغم من صعوبة المفاوضات حول هذه القضايا حتى الآن بسبب تعنت الاحتلال، فإننا نواصل العمل بجدية وبروح إيجابية مع الوسطاء لتجاوز العقبات وإنهاء معاناة شعبنا وضمان تطلعاته في الحرية والأمن والحياة الكريمة'. وأكدت حماس استمرار 'الجهود المكثفة والمسؤولة لإنجاح جولة المفاوضات الجارية، سعيا للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي العدوان على شعبنا، ويؤمّن دخول المساعدات الإنسانية بشكل حر وآمن، ويخفف من المعاناة المتفاقمة في غزة'. ولم يصدر عن الحكومة الإسرائيلية أي تعليق حتى الساعة 19:45 (ت.غ) بشأن بيان حركة حماس. وقبيل بيان حماس ادعت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، نقلا عن مصدر مطلع على المفاوضات (لم تسمه)، أن إسرائيل أبدت خلال الساعات الأخيرة 'مرونة كبيرة' في المفاوضات الجارية بالدوحة بشأن الانسحاب من محور موراج جنوبي غزة. والأربعاء أيضا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن هناك 'فرصة' خلال الأسبوع الجاري أو الذي يليه للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى. بدوره، دعا رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق غادي أيزنكوت، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى 'التخلي عن عناده' وإبرام صفقة فورية لإعادة الأسرى ووقف إطلاق النار 'بشكل دائم' بغزة، وفق ما نقلته القناة السابعة العبرية الخاصة، الأربعاء. ومساء الثلاثاء، اجتمع ترامب مع نتنياهو في البيت الأبيض للمرة الثانية خلال 24 ساعة، وناقشا وقف إطلاق النار في غزة والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى. وتتزامن زيارة نتنياهو إلى واشنطن التي بدأت الأحد، مع مفاوضات في الدوحة بين وفدي إسرائيل وحماس بوساطة قطرية مصرية، سعيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ووفق 'يديعوت أحرونوت'، يدعو المقترح الذي يناقشه الطرفان إلى وقف إطلاق نار لمدة 60 يوما، والإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء (10) على مرحلتين، ثمانية في اليوم الأول واثنان في اليوم الخمسين، وإعادة 18 جثة على ثلاث مراحل، والإفراج عن أسرى فلسطينيين، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة. وبحسب المقترح، سيكون ترامب ضامنا للمفاوضات لإنهاء الحرب، وفق المصدر ذاته. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. (الأناضول)