
السلاح يوسّع الهوة بين «حزب الله» وحلفائه
لم يعد هناك عملياً أي فريق سياسي لبناني وازن يدعم تمسك «حزب الله» بسلاحه، أو يتبنى المقايضة التي يطرحها الأخير لجهة استعداده لبحث مصير السلاح، بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي التي لا تزال تحتلها.
وحدها حركة «أمل»، التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لا تزال تتلاقى مع موقف «الحزب»؛ حرصاً على عدم إحداث تشققات في الجسم الشيعي اللبناني تصعب معالجتها.
وبدأ حلفاء «حزب الله» يبتعدون عنه تباعاً منذ اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله في غارة إسرائيلية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبلغ التباعد مداه مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، واستشعارهم الحصار والضعف الذي بدأ يضرب «الحزب»، في حين تستمر القوى المعارِضة له على موقفها الداعي إلى نزع سلاحه، وبشكل أساسي حزب «القوات اللبنانية»، وحزب «الكتائب اللبنانية».
ومؤخراً، وفي ظل الضغوط الدولية الكبيرة الممارَسة على لبنان لوضع حد لكل السلاح غير الشرعي، سواء في جنوب نهر الليطاني أو شماله، والتي تترافق مع تصعيد إسرائيلي ميداني، خرج الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ليُطالبا «حزب الله» بتسليم السلاح فوراً ودون شروط.
وفي مؤتمر صحافي عقده، الخميس الماضي، عَدّ جنبلاط أنّ السلاح «يجب أن يكون حصراً بيد الدولة»، داعياً «حزب الله» إلى «تسليم سلاحه»، في حين رأى باسيل، خلال مقابلة تلفزيونية، الجمعة، أن «السلاح بات يؤدي إلى ضررٍ على لبنان»، مشدداً على أن «مهمة الدفاع يجب أن تكون في يد الدولة، وأن يُسلَّم السلاح إليها». ودعا جنبلاط «حزب الله» إلى «الانخراط في مشروع الدولة».
ولا يبدو رئيس تيار «الكرامة» النائب فيصل كرامي، الذي طالما كان حليف «حزب الله»، بعيداً عن موقفيْ جنبلاط وباسيل، إذ لفت إلى أن موقفه من سلاح «حزب الله» «مطابق لموقف ورؤية الدولة، والدستور الذي يقول إن لبنان دولة ذات سيادة، والسلاح يُفترض أن يكون بيدِ الأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية». ويقول كرامي، لـ«الشرق الأوسط»: «لكن ذلك لا يمنع حقنا بتحرير أرضنا بكل الوسائل المتاحة، وهذا مذكور في البيان الوزاري وخطاب القَسَم».
ويدعم كرامي مقاربة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لملف السلاح، بحيث «يسعى لإيجاد حل له من خلال الحوار مع (حزب الله)، على أن تكون هناك أيضاً أجوبة واضحة عن السؤال الأساسي: كيف نحمي لبنان؟!».
مُناصر لـ«حزب الله» يرفع عَلمه ويلتقط صورة قرب السفارة الإيرانية ببيروت (أ.ب)
وعن دعمه، في مرحلة سابقة، سلاح «الحزب» بوصفه ردعاً لإسرائيل وحامياً للبنان، يقول كرامي: «بعد الحرب الأخيرة، تبيَّن أن هناك تفوقاً إسرائيلياً تقنياً واستخباراتياً وعسكرياً، ومن ثم فإن ما يحمي لبنان راهناً هو استراتيجية وطنية وليست عسكرية حصراً، تلحظ بشكل أساسي محاربة الفساد والاعتماد على الذكاء الاصطناعي»، لافتاً إلى أن «العلاقة مع الحزب ليست مقطوعة، لكنها لم تعد كما كانت عليه في السابق نتيجة وضع الحزب اللوجيستي، ونعتقد أنه يُفترض أن يكون هناك اعتراف بالخطأ، وإعادة تقييم للأوضاع وللخروقات التي أدت إلى ما أدت إليه». ويشدد كرامي على أن «الأهم، وفي الطريق إلى حصرية السلاح، ألا يشعر أي فريق بأنه مستهدَف أو يجري الاستفراد به».
من جهته، يشرح عضو تكتل «التيار الوطني الحر» النائب جيمي جبور الأسباب التي دفعتهم للدعوة إلى تسليم السلاح، بعدما كانوا يؤيدون تمسك «حزب الله» به، قائلاً: «هذا السلاح ردع إسرائيل عن مهاجمة لبنان لنحو 20 عاماً، لكن وبعدما انتهى هذا الردع في الحرب الأخيرة والأثمان الباهظة التي دفعها الحزب ولبنان بِتنا نعد ألا جدوى وحاجة لهذا السلاح».
وعن مصير التحالف بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله، يقول جبور، لـ«الشرق الأوسط»: «التحالف مع الحزب انتهى قبل حرب الإسناد نتيجة خلافنا معه على الأولويات السياسية، وخاصة مقاربة ملف الانتخابات الرئاسية، وعمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي، وقد اتسعت الهوة بيننا مع قراره إسناد (حماس) متجاوزاً الحكومة والإرادة اللبنانية السياسية والشعبية، ولذلك نحن لم نكن، ومنذ فترة، في الموقع السياسي نفسه للحزب كي يُقال إننا نتخلى عنه اليوم».
من لقاء سابق بين باسيل والأمين العام السابق لـ«حزب الله» نصر الله (من مواقع التواصل)
وكان ممثل «حزب الله» في الحكومة السابقة، الوزير السابق مصطفى بيرم، قد ردّ على باسيل ودعوته «الحزب» لتسليم سلاحه قائلاً: «لولا المقاومة ورجالها لما كانت هناك دولة وانتظام دستوري، ولكان الإسرائيلي في بيروت، كما حصل في دولة شقيقة مجاورة لنا. وكل جهد يجب أن يوجه نحو العدو ووقف عدوانه».
ويرى الكاتب السياسي قاسم قصير، المقرَّب من «حزب الله»، أنه على الرغم من المواقف الأخيرة من سلاح «الحزب»، «لا يزال يتمتع بدعم شعبي وسياسي كبير، وهو سبق أن تعرَّض لحملات سياسية أقسى لكنه لا يزال قوياً». ويضيف قصير، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الحرب على إيران، هناك معلومات ومعطيات أننا ذاهبون إلى مرحلة جديدة وإلى مشروع سياسي كبير في المنطقة قد يؤدي للتطبيع. وإذا لم يندمج لبنان في المشروع فقد يتعرض لحرب جديدة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 13 دقائق
- عكاظ
إسرائيل تهدد بالقوة وترفض شروط حماس
فيما لاتزال الفجوة قائمة بين حماس وإسرائيل حول الهدنة وتبادل الأسرى، هدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الإثنين)، باستخدام القوة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، معلنا أن تل أبيب ترفض شروط حركة حماس. وقال في مؤتمر صحفي مع نظيرته وزيرة خارجية النمسا بياته ماينل، اليوم(الإثنين): «سنستخدم القوة إذا لم نتوصل إلى اتفاق، ولن نقبل بشروط حماس لإنهاء الحرب طالما أنها تسيطر فعلياً على القطاع». واعتبر أن مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بشأن غزة سيسمح بتحسين الوضع الإنساني، لافتا إلى أن حركة حماس ترفضه حتى الآن. وكشف ساعر أن هناك فجوات بين الطرفين، معتبرا أن حماس تحاول استخدام الأسرى لفرض شروطها. وزعم وزير الخارجية الإسرائيلي أن قيام دولة فلسطينية من شأنه أن يهدد أمن دولة إسرائيل. وكان مسؤول في حماس، أفاد بأن الاتصالات مع الوسطاء تكثفت بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، متّهما إسرائيل بـ«مواصلة التلكؤ». وقال المستشار الإعلامي لرئيس حركة حماس، طاهر النونو: إن «اتصالاتنا مع الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة، مؤكدا أن حماس ترحب بأي جهود صادقة لوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق، إلا أن الاحتلال ما زال يواصل التلكؤ». وشدد على أن الحركة تريد اتفاقا على قاعدة صفقة شاملة تحقق وقفا دائما للحرب، والانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وإدخال المساعدات وصفقة تبادل أسرى. في غضون ذلك، يستعد الجيش الإسرائيلي لعملية عسكرية واسعة وغير مسبوقة في قطاع غزة، في وقت يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إنجاز صفقة مع حركة حماس لإعادة المحتجزين. وكتب عبر منصة «تروث سوشيال» الأحد: «أعقدوا صفقة غزة.. وأعيدوا المحتجزين». وتحدثت تقارير صحفية إسرائيلية أن الرئيس ترمب أجرى ووزير خارجيته ماركو روبيو، مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، تم خلالها التوصل إلى تفاهمات لإنهاء الحرب في قطاع غزة خلال أسبوعين. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 26 دقائق
- عكاظ
غروسي يناقض رواية ترمب: «النووي الإيراني» لا يزال حياً
في رواية تناقض ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، أن البرنامج النووي الإيراني «لا يزال حيًا»، وأن لدى طهران القدرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر. وقال غروسي إن «المرافق النووية الإيرانية لم تدمر تماما»، لافتا إلى بقاء بعض أجهزة الطرد المركزي في حالة صالحة للعمل. وأفاد بأن كمية من اليورانيوم المخصب التي تقدر بأكثر من 400 كلغ، لا يزال مصيرها مجهولا، ما يزيد الشكوك حول حجم الأضرار الفعلية التي لحقت بالبنية التحتية النووية نتيجة الاستهداف الأمريكي. ورغم حجم الضربات، لم يستبعد غروسي أن تتمكن طهران من إعادة إطلاق برنامجها النووي، ربما بطريقة أكثر سرية هذه المرة. وأشار إلى أن تعليق طهران تعاونها مع الوكالة، بل وتهديدها العلني له كما ورد في بعض وسائل إعلامها، يعقد من مهمة التفتيش ويثير قلقًا متصاعدًا لدى المجتمع الدولي. ويمكن تقييم أثر الضربات دون معرفة مصير المنشآت التي أُصيبت، ومصير اليورانيوم المخصب الذي تبقى. من جانبه، دعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الوكالة الدولية للطاقة الذرية العمل في إطار قوانينها ومقرراتها، بعيداً عن الضغوط السياسية. وأعلن تشكيل لجنة قانونية في طهران لتقديم تقارير رسمية للجهات الدولية حول الضربات الإسرائيلية والأضرار التي ألحقتها بإيران، مؤكدا أنها انتهاك صارخ للقوانين الدولية. واتهم بقائي في مؤتمر صحفي، اليوم(الإثنين)، تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنه كان إحدى الذرائع للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، في إشارة إلى تقرير الوكالة السري الذي قال إن طهران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، بنسبة 60% القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري. وشدد على أنه لا يمكن لإيران أن تضمن التعاون المعتاد مع الوكالة الدولية في وقت لا يمكن فيه ضمان أمن مفتشي الوكالة بعد أيام من قصف المواقع النووية بضربات إسرائيلية وأمريكية. وكشف بقائي أن الاتصالات بين إيران وأوروبا مستمرة، لكن لم يتم بعد تحديد موعد المحادثات القادمة. أخبار ذات صلة


العربية
منذ 31 دقائق
- العربية
خبير للعربية: سياسات ترامب تضغط على الدولار وتزيد عدم اليقين
قال أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد في جامعة قطر، د. جلال قناص، إن تراجع الدولار عالميا يعود إلى السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن رالي صعود الأسهم الأميركية يعتمد على الاستثمارات قصيرة الأجل وهذا يهدد الأسواق. وأوضح في مقابلة مع "العربية Business" أن بنك التسويات الدولية بشكل عام نوعا ما يقدم تقارير دولية عن البنوك المركزية ويعمل بشكل مقرب منها ويعتبر أيضا مؤسسة دولية لديها أفكار نقدية تقدمية، وتقريره الأخير يعكس الواقع الحالي في ظل سياسة الرئيس الأميركي شكلت نقطة تحول جوهرية بالاقتصاد العالمي والتجارة الدولية بموضوع الرسوم الجمركية. وأضاف في مقابلة مع أن المشكلة ليس فقط الرسوم الجمركية ولكن طريقة إدارة ترامب للعملية، وأنه خلق حالة عدم اليقين أو التنبؤ بتصرفاته بما يريد أن يعمله اليوم أو غدا أو بعد غد، أصبح هناك ما يسمى في الأخبار الأميركية بـ"التاكو" وأن ترامب سغيير رأيه رأيه، ولن يذهب إلى النهاية، وبالتالي الأسواق باستطاعتها أن تستمر في "الرالي". أضاف أن حالة عدم اليقين تزيد، والمستثمرون الذين يفكرون بالاستثمارات على المدى الطويل لا يستطيعون اتخاذ هذه القرارات، ومن ثم فإن نوعية الاستثمارات التي تدفع الرالي هي نوعا ما قصيرة المدى. وأوضح أن الاعتماد الكبير على الاستثمارات قصيرة الأجل يزيد المخاطر لأنها في أي لحظة قد تنكمش وهو ما ينعكس على الأسواق سريعا بهبوط الأسواق خصوصا في ظل مواجهة الاقتصاد العالمي لمشكلات كبيرة مثل سلاسل التوريد، والتضخم وهو إحدى المشكلات أمام البنوك المركزية وليس لديهم القدرة على رؤية التأثيرات الحقيقية لهذه الرسوم الجمركية و انعكاسها على التضخم في المديين المتوسط والطويل. وذكر أن البنك المركزي الأوروبي يهيئ المجال بتخفيض سعر الفائدة حتى إذا كانت هناك زيادة في الدين العام نتيجة الاستثمار في البنية التحتية أو الإنفاق العسكري سيدعم عملية الإنفاق لأن معدل الفائدة سيكون أقل، لأن البنك المركزي الأوروبي يتحكم في هذا السعر. منافسة أوروبا لأميركا والصين وتابع أن إعادة إنتاج أوروبا في الاقتصاد العالمي الحديث ومنافسة أميركا والصين يحتاج إلى استثمارات كبرى ولكن البنك المركزي ممكن أن يخفف سعر الفائدة بشكل أكبر حتى يدعم هذه العملية، وهذه ليست مشكلة إذا كانت الاستثمارات تتجه إلى إعادة بناء البنية التحتية، وزيادة الإنتاجية مع تخفيض سعر الفائدة. وعلى صعيد الولايات المتحدة أشار قناص إلى مشكلتين رئيسيتين، الأولى ارتفاع أسعار الفائدة يرفع تكلفة الاستدانة ما يقلص مساحة الحيز المالي، والمشكلة الأكبر تتعلق بترامب، مشيرا إلى أن انخفاض الدولار عالميا مرتبط بتأثير سياسات ترامب أكتر من ارتباطه بسعر الفائدة. وتابع "سعر الفائدة المرتفع يجب أن يرفع الدولار وليس العكس، لكن بعض النظريات ليست بالضرورة صحيحة دائماً لأن الواقع يمكن أن يشكل موضوعا مختلفا". التحوط من الدولار وقال إن المستثمرين ينظرون بقلق إلى هذا الموضوع، لأن أكثر الاستثمارات بالدولار، وبدأوا يتحوطون عبر التحول إلى بعض العملات الأخرى مثل اليورو، وهذا رفع العملة الأوروبية رغم انخفاض سعر الفائدة بمنطقة اليورو. أضاف أن الدول النامية لديها دين عام كبير جدا ومرتبط بسعر الفائدة الأميركية، ومع ارتفاع سعر الفائدة تزيد الضغوط على هذه الدول لأن الدين لديها بالدولار. وذكر بنك التسويات الدولية في تقرير حديث أن التوترات التجارية والقضايا الجيوسياسية تهدد بكشف انقسامات عميقة في النظام المالي العالمي. وأضاف البنك أن الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة وغيرها من التحولات السياسية تؤدي إلى إنهاك النظام الاقتصادي، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بلحظة محورية بدخوله حقبة جديدة من لضبابية المتزايدة وعدم القدرة على التنبؤ بما يختبر مدى الثقة في المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك المركزية.