
"الجبهة المسيحية": لحلول سياسية عادلة تُنهي الأنظمة الدكتاتورية والدينية المتطرفة
ورات ان "إنّ الفكر الإرهابي التكفيري، بمختلف ألوانه ومسمَّياته، هو العدو الأول للسلام والتعايش، ويجب اجتثاثه من الجذور، جنباً إلى جنب مع كل الأنظمة القمعية والدكتاتورية والدينية المتطرفة التي تغذّيه وتحميه وتُعيد إنتاجه، سواء في سوريا أو إيران أو العراق وغيرها من دول المنطقة". واعتبرت أن "استمرار هذه الأنظمة الفاسدة هو الخطر الأكبر على الشعوب وتحديداً على الأقليات، لا سيما المسيحيين".
وطالبت المجتمع الدولي بـ"فرض حلول سياسية عادلة تُنهي الأنظمة الدكتاتورية والدينية المتطرفة. إعتماد نظام فدرالي أو حكم ذاتي لكل قومية وأقلية لضمان حقوقها الكاملة. تمكين المسيحيين من حماية قراهم ومناطقهم بسواعدهم وبتنسيق رسمي مع أي جهة شرعية. طرد المقاتلين الأجانب المتطرفين من ضمن التشكيلات القائمة داخل الجيش السوري الحالي، والذين شاركوا في عمليات القتل والتهجير والتطهير الطائفي. تحميل الحكومة السورية كامل المسؤولية عن عدم محاسبة الاعتداءات التي طالت المسيحيين، والتي تمت التغطية عليها واعتبارها "أعمالًا فردية"، ما شجّع على تكرارها واستفحالها دون أي رادع".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
نقطة صفر جديدة
يوضح التضارب في التصريحات حول المسؤولية عن العملية الإرهابية التي طاولت كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة في قلب دمشق، وخلفت أكثر من 25 شهيداً وعشرات المصابين، كيف أن سورية تعود أمنياً إلى نقطة الصفر، فبينما سارع إعلاميون ومحللون مؤيدون للحكومة المؤقتة باتهام "حلف الأقليات" بالتفجير لسحب المسيحيين، المسالمين والمطيعين كما يجرى توصيفهم حالياً، إلى هذا الحلف الافتراضي، وتحويلهم إلى أعداء للنظام الحاكم. أعلنت الحكومة نفسها أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هو المسؤول عن العملية، وعرضت صور لمداهمات لعناصر التنظيم المسؤولين في سرعة استثنائية تشي بأن الحكومة تريد إغلاق هذا الملف بأسرع وقت ممكن، ليُصدر فصيل يدعى "سرايا أنصار السنة" بيانا يتبنّى فيه العملية، ويسمّي الجهادي الذي فجّر نفسه، ويتوعّد بالمزيد لمن يرفض التوبة والتخلّي عن دين الكفر والدخول في الإسلام. هكذا يعود السوريون إلى نقطة الصفر في فهم ما يحدُث، وفي الخوف من عملياتٍ مشابهةٍ تستهدف الجميع، وفي مفهوم المواطنة والوطن، وفي مصداقية النظام الحاكم، ذلك أن هذا التضارب في تحميل المسؤولية لجهة ما يشي بالفجوة الكبيرة التي يعيشها السوريون وبالانقسام المهول في قلب المجتمع السوري، فحلف الأقليات الافتراضي وهم يشيعه أنصار النظام لإظهار أن الحكم الجديد محاطٌ بالأعداء الداخليين الذين يمنعونه من التقدّم أية خطوة في تحقيق ما وعد به. هذا الحلف شمّاعة جديدة تشبه شمّاعة إسرائيل والإرهاب في زمن نظام الأسد. بينما يشكل تنظيم داعش الورقة الرابحة في يد الحكومة التي تترك لأنصارها اختراع عدو داخلي (الأقليات)، ليعزّز مظلومية أكثريةٍ تؤجّل الغضب الشعبي العام، بسبب الفشل الحكومي في كل شيء؛ وتتبنّى هي محاربة "داعش" أمام الرأي العام العالمي؛ وهو ما يجنّب الحكومة أية مساءلة عن أي انتهاك أمني ما دام "داعش" موجوداً. لكن بيانات مثل بيان فصيل أنصار السنة يعيد تفنيد الحقائق والوقائع إلى البداية. البداية أو نقطة الصفر هي أن المجتمع السوري يعيش حالة من الاستقطاب المهول، ويدلّ على أن الحكومة المؤقتة لا تفكر في بناء دولة (عن قناعة أو عن نقصٍ في فهم معني الدولة)، وتكتفي بمفهوم الفصيل الذي اعتمدته في حكم مدينة إدلب قبل انتقالها إلي دمشق. ويدلّ على أن الفكر المتطرّف السلفي التكفيري هو الحاكم اليوم، فتفجير كنيسة مار إلياس (أيا كان المسؤول) هو استهداف ديني بقدر ما هو سياسي، استهدافٌ للمختلف، لمن يؤمن بغير الذهنية المسيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع حالياً، هو سعي إلى تحويل المجتمع السوري إلى مجتمع ذي لون واحد متجانس (ألم يفعل نظام الأسد الشيء نفسه؟) عبر ترهيب المختلف بالتلميح والتصريح ثم بالقوة. هل يمكن فصل هذا التفجير عن سلوك شبه يومي يستهدف عقائد الناس وعاداتهم وعن قرارات رسمية تحاول تغيير شكل سورية؟ هل يمكن فصله عن خطاب رسمي وشبه رسمي يقسم السوريين إلى مجموعات مذهبية ودينية وعرقية، ويطلق عليهم لقب "مكوّنات"، بينما يستثني الأكثرية الدينية العددية من هذا اللقب، بوصفها الأمة التي تحكم؟ وهل يمكن فصله عن التوصيف الرثّ والساذج "الأمويون الجدد"، والذي بات التوصيف الذي يطلق على السلطة الجديدة بكل ما له من دلالات تمييزية وتفئيتية؟ منذ وصولها إلى الحكم، تركت السلطة الجديدة الحبل على الغارب لكل أشكال الخطاب والسلوك المتطرّف، بما فيها القتل الطائفي، واصفة ذلك بالسلوك الفردي أو غير المنضبط، من دون أن يعاقب أي شخص على هذا السلوك، ومن دون أن يحاسب أي قاتل على جريمة طائفية موثقة، أو على خطاب تحريضي أوصل إلي ارتكاب المجازر. وهذا ما يجعل بياناً مثل بيان سرايا أنصار السنة يكذّب رواية السلطة (حتى لو كان بياناً مفبركاً) ينتشر ويلقى ترحيباً خفياً يتماهى مع حملة تحريض واسعة ضد بطريرك حمّل السلطة مسؤولية الجريمة، (محقّ كون واجب السلطة حماية مواطنيها)، تعيد التذكير بتاريخه المؤيد للأسد من دون ذكر السياقات الزمنية والوجودية لهذا التأييد. بينما مجرمون حقيقيون وقتلة معروفون هم في مراكز المسؤولية اليوم، أو في تحالف بنيوي مع جذر السلطة الحاكمة الآن.


الغد
منذ 12 ساعات
- الغد
عجلون: الطلب على "الشاليهات" يصل 100 %
عامر خطاطبة اضافة اعلان عجلون- شهدت جميع المشاريع السياحية في محافظة عجلون، لا سيما "الشاليهات"، توافد أعداد كبيرة من الزوار، بحيث وصلت نسبة الحجوزات فيها إلى 100 بالمائة، في حين لم تتمكن أسر كثيرة قدمت للمحافظة من الحجز.كما شهدت المواقع السياحية والأثرية الرئيسة، كقلعة عجلون وموقع مار إلياس والتلفريك ومحمية غابات عجلون والمسارات والمتنزهات العامة، قدوم آلاف الزوار.وأكد معنيون وأصحاب مشاريع سياحية أن كثيرا من الراغبين بالحجز في مشاريعهم لم يتمكنوا لامتلائها، لافتين إلى وجود حجوزات مبرمجة لعدة أيام مقبلة.وقال أحد المواطنين صلاح حسن، إنه حاول أن يحصل هو وأسرته على شاليه في محافظة عجلون لقضاء يوم الجمعة الماضية، إلا أنه لم يتمكن بسبب حجوزات تقدم بها الزوار منذ عدة أيام، مشيرا إلى أنهم اضطروا لقضاء يومهم بالتنزه في الغابات التي كانت هي الأخرى تغص بالمتنزهين.ووفق صاحب شاليه سياحي رائد الشويات، فإن مشروعه المكون من 4 شاليهات سياحية، والذي افتتحه مؤخرا، شهد نسبة حجوزات كبيرة وممتدة لعدة أيام مقبلة، لافتا إلى أن الراغب بالحصول على منتجع أو شاليه، يحتاج للحجز قبل أسبوع على أقل تقدير، خصوصا إذا أراد ذلك في أيام العطل.زوار محليون وعرب وأجانبوقال الناشط محمد القضاة "إن غابات اشتفينا وقلعة عجلون والتلفريك والمحمية وشلالات راجب والسوس والاستراحات والأكواخ والمنتجعات ووادي كفرنجة والمسارات، تشهد حركة سياحية كبيرة، بحيث كان للسياحة الخليجية وبخاصة الأشقاء السعوديون النصيب الأكبر".يشار إلى أن موقع مار إلياس الأثري شهد حَجّا من قبل أتباع الكنيسة الكاثوليكية، بحيث تجاوز 500 حاج وفدوا من عجلون وكافة مناطق المملكة بحافلات بدعم من هيئة تنشيط السياحة لإحياء ذكرى مرور اليوبيل الفضي 25 عاما لاعتماد الموقع من قبل الفاتيكان.ويقول المشرف على أحد المخيمات السياحية عمران الشرع، إن محافظة عجلون تشهد في هذه الأوقات حركة سياحية نشطة من الزوار المحليين والعرب والأجانب، وهي تتركز في مواقع التنزه والطبيعة والغابات ومناطق راجب واشتفينا ومحمية غابات عجلون وقلعة عجلون وموقع مار إلياس، لافتا إلى أن المحافظة تتميز بالعديد من المعالم السياحية والأثرية والطبيعية والتراثية والبيئية المهمة، ما جعلها منطقة جذب فريدة على مستوى المملكة وتشهد إقبالا كبيرا من الزوار محليا وإقليميا وأجنبيا، وبما ينعكس إيجابا على أصحاب المشاريع التي تشهد نسب إشغال مرتفعة.ووفق القائمين على محمية غابات عجلون، فإن المحمية شهدت نسب إشغال مرتفعة خلال عطلة نهاية الأسبوع، فهي تُعد موطئا للتنوع البيولوجي الغني، حيث تضم مجموعة متنوعة من النباتات والأشجار والحيوانات البرية النادرة، ما يُمكن الزوار من الاستمتاع بالمشي لمسافات طويلة والتنزه في المحمية والتعرف على الحياة البرية، مؤكدين أنها تتميز كأحد أبرز مواقع السياحة البيئية، والتي تستوعب أكواخها زهاء 150 مقيما، ويمكن لزوارها الاستمتاع بوجود العبّارة الهوائية وقرية المغامرة والمرجيحة العملاقة، إلى جانب تعدد مساراتها السياحية وعددها 6 مسارات.تنويع المنتج السياحي واستدامتهوبحسب رئيس لجنة السياحة والآثار النيابية النائب وصفي حداد، فإن عجلون تُعد من المحافظات الغنية بالمقومات الطبيعية والتراثية، مشيرا إلى أن تعزيز الاستثمار في المسارات السياحية يعكس التوجه الحكومي نحو تنويع المنتج السياحي واستدامته.وأضاف حداد، أن اللجنة تدعم الجهود الرامية إلى تطوير السياحة في عجلون، وتشيد بالتكامل بين الجهات الرسمية والأهلية في تنفيذ المبادرات السياحية، خصوصا تلك التي تركز على المجتمعات المحلية ودعم المشاريع الريفية.من جهته، أكد رئيس مجلس المحافظة المكلف المهندس معاوية عنانبة، أن المجلس يُولي اهتماما خاصا بالمشاريع التي تدعم السياحة المستدامة، لافتا إلى أن وجود المشاريع السياحية والمسارات يمثل أداة فعالة في تسويق المحافظة وإبراز ميزاتها التنافسية.وشدد عنانبة على دعم المجلس للبنية التحتية، وتعزيز الشراكة مع المجتمعات المحلية لإطالة مدة إقامة الزوار وتوفير تجارب سياحية متكاملة تتضمن المشي في الطبيعة والاطلاع على المواقع التراثية والتفاعل مع الثقافة المحلية.وقال مدير سياحة المحافظة فراس الخطاطبة، إن الحركة السياحية في المحافظة شهدت حركة عالية الفعالية ونشطة جدا، وشملت قطاع المطاعم والمنشآت الفندقية والمتنزهات والاستراحات السياحية في كافة المواقع السياحية والأثرية والوجهات في المحافظة، مشيرا إلى أن كوادر المديرية تتابع كافة المواقع للتأكد والاطلاع على الالتزامات والاشتراطات الواجب توفرها في المنشآت المختلفة لخدمة الزوار.وأضاف أن المناطق الأثرية والسياحية والشلالات والينابيع تشهد طيلة الصيف حركة تنزه نشطة، نتيجة للأجواء اللطيفة في المحافظة، مبينا أن مناطق وادي كفرنجة وسد وادي كفرنجة، تشهد ارتفاعا ملحوظا في حركة التنزه، وكذلك هو الحال في أودية راجب وحلاوة وعرجان، في حين لفت إلى أن المحافظة تُعد من أهم نقاط الجذب السياحي على مستوى المملكة، نظرا للميزات النسبية التي تتمتع بها، حيث أصبحت قبلة للسياحة الداخلية والخارجية.مصدر دخل رئيس للعائلاتوأكد الخطاطبة أن نظرة المجتمع الأردني للسياحة تغيرت، فقد تعددت بيوت الضيافة في المحافظة، وأصبحت هناك نقلة نوعية في هذا القطاع، من وجود المطاعم المصنفة والاستراحات والمنتجعات، حيث أصبحت مصدر دخل رئيس للعائلات، ما يستدعي تنفيذ العديد من المشاريع السياحية الكبرى، سواء من مؤسسات أهلية أو كبار المستثمرين.يشار إلى أن مصادر معنية بالقطاع السياحي، تؤكد أن عدد الشاليهات والأكواخ في المحافظة يبلغ زهاء 300 شاليه، منها 38 كوخا في محمية غابات عجلون، وما تبقى موزعة في مختلف مناطق المحافظة، حيث باتت الشاليهات مصدر جذب للسياحة، نظرا لما توفره من خدمات للزائر وفق أعلى المواصفات وبأسعار تناسب مستخدميها.يذكر أن التزايد المطرد في أعداد الزوار والمتنزهين والوفود السياحية القاصدة محافظة عجلون كوجهة سياحية مفضلة، دفع عددا من المواطنين لإقامة المزيد من المشاريع السياحية، كالشاليهات والمنتجعات والمطاعم، والتي بدأت وفق أصحابها، تدر عليهم دخولا جيدة.ويؤكد هؤلاء أن ما شجعهم على الاستثمار في قطاع السياحة، هو وصول نسب الإشغال في جميع المشاريع القائمة إلى مائة بالمائة، وتزايد الطلب على الحجوزات، ووعود الحكومة بإيجاد الحلول لجميع المشاكل التي تواجه القطاع، من تجويد البنى التحتية وتسهيل عملية التراخيص. وإيجاد مشاريع كبرى جاذبة اقترحتها الحكومة على الخريطة الاستثمارية للمحافظة.


البوابة
منذ 2 أيام
- البوابة
الأقليات السورية في مرمى النيران.. تفجير كنيسة مار إلياس وهجمات السويداء تهدد النسيج الوطني
اندلعت خلال الأيام الماضية اشتباكات عنيفة في مدينة السويداء جنوب سوريا، بين مسلحين من العشائر السنية ومقاتلي الطائفة الدرزية؛ لتزداد الأمور تصعيداً عقب دخول إسرائيل المشهد بقصفها مبنى وزارة الدفاع السورية في دمشق؛ لتهدى الأمور قليلاً عقب إعلان الولايات المتحدة مساء يوم الجمعة الماضي التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا. وخلف النزاع المسلح مقتل المئات ونزوح عشرات الآلاف، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية واتهامات موجهة لقوات الحكومة السورية؛ في المقابل، أعلنت الرئاسة السورية إرسال "قوة متخصصة" لفض الاشتباكات، داعية إلى "ضبط النفس"، لكن مع سحب القوات الحكومية من السويداء، أكدت مصادر محلية أن العشائر دخلت بدعم وتسهيل من القوات النظامية التي انسحبت خوفًا من تهديدات إسرائيلية بمزيد من التصعيد إذا أعيد نشر القوات النظامية جنوب البلاد. وعلى الجانب الآخر، في واحدة من أكثر الهجمات الدموية منذ سقوط نظام بشار الأسد وقع تفجير إرهابي في 24 يونيو الماضي من قبل انتحاري استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدوليعة بدمشق، أثناء القداس الإلهي في الكنيسة بحضور مئات من المصليين، و أسفر الهجوم عن مقتل 25 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وإصابة حوالي 60 شخصاً، وبعد موجة التنديد الدولية بالهجوم الانتحاري، تعهد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، بعدها بمعاقبة المتورطين، و أعلنت السلطات السورية في وقت لاحق توقيف عدد من المشتبه بضلوعهم في الهجوم. وتثير هذه الأحداث الطائفية الكثير من المخاوف حول مصير مكونات الدولة السورية، حيث تواجه الأقليات والطوائف الدينية المختلفة في سوريا مستقبلاً مجهولاً. الوجود السرياني يُعدّ المسيحيون من أقدم المكونات الدينية في سوريا، إذ تعود جذورهم إلى بدايات المسيحية نفسها، حيث وُصفت دمشق بأنها أولى المدن التي دخلها المسيحيون، ومنها انطلق بولس الرسول بعد تحوله من مضطهد إلى مبشّر، وامتدت الكنائس الأولى من حلب إلى حمص والجزيرة، مشكّلة حضورًا راسخًا في النسيج السوري منذ القرن الأول الميلادي. في العهد البيزنطي، شكّل المسيحيون الغالبية، واستمر تواجدهم ومكانتهم في الحكم الإسلامي، وعاش الشعب السوري قرونا عديدة من التسامح والتعايش، تخللها بعض الضغوطات؛ ففي العصر العثماني، تعرّض المسيحيون لموجات عنف أبرزها مجازر 1860 في دمشق، والتي راح ضحيتها الآلاف، قبل أن تتدخل فرنسا وتفرض ما عُرف بـ"الامتيازات" لحمايتهم، وبعد الاستقلال، لعبوا دورًا بارزًا في السياسة والثقافة والتعليم، وأسهموا في تأسيس دولة سوريا الحديثة. ورغم انحسار أعدادهم خلال العقود الأخيرة بسبب الهجرة والاضطرابات، ما زال المسيحيون يشكلون جزءًا حيويًا من الهوية السورية، فيما يواجهون اليوم تحديات متزايدة في ظل النزاعات الطائفية وغياب الضمانات الدستورية الحالية لحمايتهم كمكوّن أصيل من المجتمع السوري. الوجود الدرزي تُمثل الطائفة الدرزية من أبرز المكونات الدينية في سوريا، حيث يُقدَّر عددهم اليوم بنحو 3% من السكان، ويتركّز وجودهم بشكل رئيسي في محافظة السويداء جنوب البلاد، إلى جانب وجود أقلية منهم في ريف دمشق والقنيطرة، ويُرجح المؤرخون نشأة المذهب الدرزي إلى القرن الحادي عشر الميلادي في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، وانتقل لاحقًا إلى مناطق الشام، لا سيما جبل العرب (جبل الدروز لاحقًا). تميّز الدروز في سوريا بالحفاظ على خصوصيتهم الدينية والثقافية، إذ يُعرف عنهم الانغلاق النسبي في العقيدة وعدم قبول التحول الديني من وإلى مذهبهم، وعلى مدار التاريخ، لعبوا أدوارًا محورية في مقاومة الاحتلال، خاصة خلال الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، أحد أبرز رموز النضال الوطني السوري. وفي عهد حزب البعث، حظي الدروز بمكانة متوازنة داخل الدولة، رغم تحفظاتهم أحيانًا على بعض السياسات المركزية، ومع اندلاع الحرب السورية، تبنّت الطائفة موقفًا حذرًا، ركز على حماية مناطقها وتجنب الانخراط العميق في الصراع، وهو ما جعل محافظة السويداء نسبياً أكثر استقراراً مقارنة بمناطق أخرى. ومع ذلك، لا تزال الطائفة تواجه تحديات تتعلق بالهوية، والتمثيل السياسي، والتوازن بين الولاء الوطني وحماية خصوصيتها وسط صراع يهدد النسيج السوري بأكمله. تنديدات بالسلام ووسط هذه الأجواء أعرب مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس في العالم، الأحد الماضي عن بالغ قلقه إزاء تفاقم الأوضاع في سورية عامة، لاسيما في محافظة السويداء، وازدياد المعاناة الإنسانية وسط ظروف معيشية تزداد قسوة يوماً بعد يوم، مؤكداً أنّ الحالة الإنسانية في سورية بلغت مرحلة خطيرة، مشيراً إلى أن الكثير من المواطنين باتوا يفتقدون أبسط مقومات الحياة اليومية من غذاء ودواء وخدمات، وهو ما يتطلب تحركاً عاجلاً لوقف. وتابع أن هذه الأحداث تأتي لتزيد من معاناة الشعب السوري الذي يقبع تحت أعباء سنوات طويلة من الحرب والعقوبات الاقتصادية الجائرة، و تقدّم قداسته بأصدق مشاعر المواساة لعائلات المتضررين من هذه الأحداث المؤلمة، معبّراً عن تضامنه مع جميع الذين طالتهم هذه المآسي، مؤكّداً ضرورة تضافر الجهود لتخفيف معاناة المواطنين في هذه الظروف العصيبة. كما استنكر قداسته العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية، مشيراً إلى أن مثل هذه التعديات من شأنها أن تزيد من تعقيد المشهد العام، وتهدد وحدة سورية، وتؤثر سلباً على جهود التهدئة والاستقرار، داعياً جميع السوريين، إلى تحكيم العقل وتغليب لغة الحوار، والعمل على حفظ وحدة الوطن وسلامة أراضيه ومؤسساته، مشدداً على أن الأولوية في هذه المرحلة ينبغي أن تكون لوقف العنف وحقن الدماء والتخفيف من معاناة المواطنين، مما يضمن السلم الأهلي والكرامة الإنسانية. كما ناشد قداسته المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الصديقة، إلى تحمّل مسئولياتهم الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوري، والعمل من أجل إطلاق مبادرات إنسانية عاجلة، تساعد السوريين على تجاوز هذه المحنة الصعبة بعيداً عن التدخلات التي تزيد الأوضاع تعقيداً. واختتم قداسته كلمته بالدعاء إلى الله تعالى أن يمنّ على سورية بالسلام والاستقرار، ويحفظ أبناءها من كل شر، ليعود هذا الوطن العزيز أرضاً للمحبة والتآخي بين جميع أبنائه. بينما قالت بطريركية الروم الأرثوذكس في سوريا في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية الإثنين الماضي، إنه منذ أيّام وعلى مرأى العالم أجمع يطال العنف أهلنا في السويداء، ومنذ أيّام تتوالى محاولات الحلّ والتهدئة من دون أي نتيجة، ما يجري في السويداء يندى له جبين البشريّة. وأضافت، منذ اندلاع الأحداث الأخيرة يتابع البطريرك يوحنّا العاشر الوضع الميدانيّ بالتواصل المباشر والمستمر مع المطران أنطونيوس سعد متروبوليت بصرى حوران وجبل العرب. كما يتابع غبطته الوضع بالتواصل مع سائر الفعاليات المحلية والأطياف المحلية في المنطقة والجوار وعلى رأسها مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان. وتابعت: 'تضمّ بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس صوتها إلى صوت العقلاء في هذا العالم لوقف حمام الدم في السويداء وتنوّه بجهود الوساطة الإقليميّة والدوليّة لوضع حدٍ لهذه المجازر التي تستهدف العيش الواحد بين كلّ الأطياف". كما تضمّ صوتها إلى صوت أبنائها في السويداء المتمثل بالنداءات الأخيرة المتكررة التي أطلقها المطران أنطونيوس سعد متروبوليت بصرى حوران وجبل العرب'. واختتمت: 'وإذ نبقى على الرجاء، نؤكد على ثباتنا في إيماننا وعلى نبذنا بهذا الثبات كلّ خوف ورهبة. ونسأل الربّ الإله أن يقود سفينة خلاصنا وسط أمواج هذا العالم هو المبارك إلى الأبد'. وعلى الجانب الآخر دعت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، السبت الماضي، إلى العودة إلى صوت العقل والحكمة والاحتكام إلى قيم الإنسانية، مؤكدةً مد يد التعاون لكل إنسان شريف يسعى لإنهاء الاشتباكات ووقف إطلاق النار، بعيدًا عن السلاح والفوضى. وأوضحت الرئاسة الروحية في بيانها، أن أبناء الطائفة المعروفية لم يكونوا يومًا دعاة فتنة أو تفرقة، بل كانوا عبر التاريخ مثالًا في التسامح والتآخي، وكان جبلهم دومًا ملاذًا آمنا لكل مظلوم وخائف، كما أعربت عن حزنها العميق على أرواح الشهداء الذين سقطوا في الاعتداءات الأخيرة على أرض السويداء، من مدنيين أبرياء وشبان شجعان دافعوا عن كرامتهم وهويتهم المعروفية، وارتقوا شهداءً للإنسانية. و أعلنت الرئاسة الروحية كذلك يوم الإثنين الماضي عبر صفحتهم الرسمية على "الفيسبوك" عن مطالبهم وقد جاءت كالآتي: - الوقف الفوري لكل الهجمات العسكرية وسحب جميع القوات التابعة لحكومة دمشق، من جيش وأجهزة أمنية وميليشيات، من محيط الجبل وكل بلداته و قراه. - توفير خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل عاجل، لضمان تواصل الأهالي للتمهيد للتبادل والإفراج الفوري عن الموقوفين وضمان نجاح العملية بضمانة الدول الراعية للاتفاق. صورية تعبيرية من جانبه، يقول سلطان مقلّد، أحد أبناء طائفة الموحّدين الدروز في تصريحات خاصة لـ "البوابة": إن محافظة السويداء، ولا سيّما أبناء الطائفة الدرزية، يواجهوا أوضاعًا إنسانية كارثية في ظل تصاعد حدة العنف وتدهور الخدمات الأساسية؛ فقد انقطعت الكهرباء والإنترنت بشكلٍ كامل، إلى جانب شحّ المياه وانعدام الأدوية، وسط عجز المستشفيات عن تلبية أبسط الاحتياجات الطبية، وتشير التقارير المحلية إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين، ووجود أعداد كبيرة من الجرحى في مختلف أنحاء المحافظة. وأضاف أننا نطلق صرخة إنسانية عاجلة، ونناشد الجهات المعنية والمنظمات الدولية للتدخل الفوري وتوفير مقومات الحياة الأساسية، وإنقاذ الأبرياء العالقين وسط هذه الكارثة المتفاقمة. ورداً على الإتهامات بالولاء لإسرائيل: أردف:" لطالما عُرفت الطائفة الدرزية عبر التاريخ باستقلاليتها وعدم انتمائها لأي جهة، وحرصها على التعايش السلمي وعدم التورط في الصراعات الداخلية أو الإقليمية، لكنها اليوم تواجه، إلى جانب سائر المكوّنات الوطنية من الطوائف العلوية والمسيحية وغيرها، تهديدًا وجوديًا متصاعدًا نتيجة تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة التي تفرض سيطرتها على أجزاء من سوريا، لدينا إخوة من أبناء طائفتنا يعيشون في إسرائيل، وقد سعوا بجهودهم للضغط على الحكومة هناك من أجل مساعدة أهلهم في السويداء، في الحقيقة نحن نرحّب بكل من يمدّ يده لنصرة جبل العرب، أما من يعتدي على أرضنا أو كرامتنا، فلن نقف مكتوفي الأيدي معهم". وأكمل 'مقلد'، إنّ ما تشهده البلاد من محاولات فرض أحادية فكرية وإقصاء للتنوع الديني والثقافي، يمثل خطرًا بالغًا على النسيج الوطني، ويضع أبناء الأقليات الدينية تحت تهديد مباشر بالاستئصال والاضطهاد، وإنّ هذه السياسات العدوانية، التي يتزعمها أحمد الشرع الملقب بـ"الجولاني" ومن معه، تُنذر بكارثة إنسانية وأخلاقية إذا لم يتحرك المجتمع الدولي لوضع حد لها، مناشدًا كل القوى الدولية والهيئات الحقوقية أن تتحمل مسئولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يتعرض له المدنيون في سوريا من حملات ممنهجة تستهدف وجودهم وكرامتهم. وتابع: 'أتمنى أن جبل الدروز ينفصل عن هذه الحكومة المتطرفة حكومة أحمد الشرع لأنهم لا دين ولا أخلاق، ولا يمكن أبناء الطائفة المعروفية الدرزية التعايش مع هذا النوع من البشر نحن أبناء الطائفة الدرزية، شعبٌ حرّ لا يطلب الحماية إلا من الله، ونفخر بتاريخنا المعروف بالكرم والوفاء والدفاع عن المظلوم'. ونوه: 'اليوم يقف جميع أبناء الطائفة المعروفية خلف مرجعهم الروحي، سماحة الشيخ حكمت الهجري، الذي يمثّل صوت الكرامة ووحدة الصف في هذه المرحلة المصيرية، في ظل تصاعد العنف الممنهج ضد المدنيين في السويداء'. ووجه رسالة واضحة إلى الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع قائلاً فيها: 'ارحلوا عن سوريا، لقد سئم السوريون من القتل والاقتتال الداخلي الذي فُرض عليهم نتيجة سياساتكم المتطرفة، وزرعكم لتنظيمات إرهابية كداعش والقاعدة، كما أوجه رسالة فخر واعتزاز إلى أهلي وناسي من أبناء بني معروف في كل بقاع الأرض: أنتم شعب يعرف الله ويخافه، والنصر حليفكم دائمًا بإذن الله. ويشرفني أن أكون واحدًا من هذه الطائفة الكريمة الصامدة'. اختتم مقلد كلمته قائلاً: 'نناشد المجتمع الدولي بوقفة جادة.. السويداء اليوم تواجه إرهاب داعش المدعوم من النظام، وتنزف تحت الحصار والاعتداءات، والمطلوب دعم عاجل لحماية المدنيين، ووقف المجازر بحق أبناء الجبل'. الناشط سلطان مقلّد بينما يقول الربان فيلبس عيسى لـ «البوابة»: 'مع موجات الألم التي اعتصرت بلادنا الحبيبة سوريا، وأيادي الظلام التي دنست المقدسات وعبثت بالنفوس واستباحت المحرمات و سفكت الدماء، ازدادت وتيرة القلق والخوف على الأبناء والأحباء والأهالي واتسعت شدة الضباب على حاضر ومستقبل الوطن'. وحول سؤاله عن من يتحمل مسئولية الأحداث الطائفية علق قائلا:" كل النفوس الضعيفة التي تسلك في الظلمة و ظلال الموت تتحمل كل المسئولية و يلقى اللوم عليها التي تفرق و تفكك الأراضي ليسهل للمستعمر الخارجي السيطرة على الثروات و الممتلكات و الخيرات الوطنية". وعن أوضاع مسيحيي سوريا الآن أكد: 'الوضع العام لا يطمئن ولا يبعث بالخير، لكن يبقى بصيص الأمل و بريق الرجاء يلمع من بعيد، لابد أن يحل السلام والاستقرار مع رب ورئيس السلام، السلام الذي يفرق العقل والقلب، مع كل المخاوف والنزاعات والتعديات، نثق بإله صالح وضابط الكل عينه يرعى وأجفانه تراقب وتلاحظ كل شيء'. واختتم الربان فيلبس عيسى قائلاً:" الكنيسة السريانية الارثوذكسية تقف دائماً مواقف صريحة وصادقة وممسوحة بعبارات التعزية الحقيقية لما يحدث في كل الأراضي السورية فهي "تصلّي من أجل سورية ووحدتها، و تدعو إلى وقف نزيف الدم، والإلتفات إلى الحالة الإنسانية المؤلمة، "طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ." (متى 5: 9)". الربان فيلبس عيسى فيما يقول الباحث في الشئون الكنسية «جرجس حنا» لـ «البوابة»: 'ما جرى في السويداء خلال الأسبوع الماضي مؤلم وخطير، ويكشف حجم التهديد الذي يواجهه الوجود التاريخي للأقليات في سوريا، كمسيحي ومهتم بالشأن الكنسي، أرى أن ما يحدث ليس مجرد أزمة عابرة، بل استهداف مباشر للكرامة والعيش المشترك'. وتابع: 'السويداء ليست رقمًا في نشرات الأخبار، بل موطن لجذور روحية وثقافية عميقة، وما يحدث هناك يتطلب استنفارًا أخلاقيًا من الجميع – داخليًا وخارجيًا – لحماية هذا الإرث، والدفاع عن الأبرياء الذين يدفعون ثمن الفوضى والتمييز والإهمال، أناشد الضمائر الحية أن تتحرك قبل فوات الأوان'. وتابع: 'أرى أن غياب الدولة الراعية للتعدد والتوازن الوطني هو السبب الجوهري في تفكك النسيج السوري، لا سيما ما يعيشه اليوم أبناء الأقليات، ومنهم المسيحيون، من خوف على المصير وتآكل في الشعور بالانتماء الآمن، الوضع الكنسي في الداخل السوري لم ينفصل يومًا عن هموم الوطن، لكن الكنائس اليوم تواجه تحديًا وجوديًا، بين رسالتها الروحية والتزامها بالدفاع عن حقوق أبنائها، وسط واقع سياسي معقد يستثمر في الانقسام ويُغذي خطاب الكراهية'. وأضاف: 'المسئولية مشتركة، لكنها تبدأ من رأس السلطة، مرورًا بكل من صمت أو سكت عن تحريض طائفي أو تمييز، وصولًا إلى الأطراف الإقليمية التي حولت التنوع السوري إلى ساحة نفوذ، الطائفية ليست قدر السوريين، بل نتيجة مباشرة لعقود من الإقصاء، و التسييس، واستغلال الدين في غير موضعه. ما نحتاجه اليوم هو عدالة تحفظ الجميع، لا حماية انتقائية للأقليات'. ولفت: 'أنا أرى أن أوضاع المسيحيين في سوريا خلال العقدين الأخيرين مرت بمراحل صعبة ومؤلمة، من تراجع في الدور، إلى تآكل في الأمان، وصولًا إلى حالة من الغربة داخل الوطن، لم يكن الحضور المسيحي يومًا عبئًا على سوريا، بل كان دومًا ركيزة أساسية في نهضتها الثقافية، وتعليمها، وبناء مجتمعها المتنوع'. وأضاف: 'التنوع الكنسي في سوريا ليس مجرد واقع ديني، بل هو علامة غنى حضاري وروحي، قلّ نظيره في هذا الشرق الجريح، فالكنائس في سوريا – بكل طوائفها وتقاليدها – حافظت على الشراكة الوطنية، ورفضت الانجرار إلى الطائفية رغم الاستفزازات والضغوط'. وأكمل: 'لكن منذ وصول حكومة الشرع بتوجهها الإقصائي والمتطرف، بات المسيحي يشعر أكثر من أي وقت مضى أنه مستهدف بصمته، ووجوده، وحقه في أن يكون شريكًا في الوطن، لا مجرد شاهد على انهياره أنا أرفض اختزال المسيحيين في خانة الأقليات الخائفة، نحن أبناء هذا المشرق، وسوريا لا تكون سوريا بدون كنائسها و أجراسها ومؤمنيها، الحفاظ على الوجود المسيحي ليس ترفًا، بل ضرورة إنسانية ووطنية وتاريخية'. وتابع: 'المسيحيون في سوريا ليسوا طارئين ولا عابرين في الزمن، بل هم شركاء أصليون في صناعة الحضارة السورية، وفي الحفاظ على هويتها الجامعة والكنيسة، رغم الجراح، لا تزال حاضرة بشهادتها وبتجذرها في الأرض، لكنها اليوم أمام خطر حقيقي: خطر التآكل الصامت، والتهميش الممنهج، والانكماش تحت وطأة الخوف والمصالح'. ولفت إلى أن حكومة الشرع" تمثل نموذجًا مقلقًا لحكم يفتقر إلى رؤية وطنية جامعة، ويعتمد خطابًا دينيًا ضيقًا لا يترك مجالًا للمواطنة المتساوية، موضحا أن استمرار هذا النهج هو وصفة جاهزة لانفجار اجتماعي شامل، لن يُبقي من سوريا إلا ظلاله. واختتم 'حنا' قائلاً: 'إذا أدرك السوريون جميعًا، بمختلف مكوناتهم، أن وجود المسيحيين ليس فصلًا تاريخيًا، بل عنصر توازن واستقرار وشهادة حيّة على التعدد، فقد نكون أمام فرصة لاستعادة الثقة، والدور، والحضور، أما إذا استمر التغاضي عن معاناة الكنائس، وتجاهل المخاوف الوجودية، فسيكون النزيف أكبر من أن يُرمم، أنا أومن أن الكنيسة لا تموت، لأنها مزروعة في الأرض والضمير، لكن بقاء المسيحيين في سوريا لن يكون إلا في ظل عدالة شاملة، تحفظ كرامتهم، وتصون تنوعهم، وتعيد لهم ثقتهم بأن هذا الوطن يسعهم كأصل لا كاستثناء'. الباحث جرجس حنا في صفحات البوابة