
وقف حبس المدين بالأردن بين الانفراجة الإنسانية وتهديد الحقوق المالية
عمّان- أثار دخول قانون إلغاء حبس المدين في الأردن حيز التنفيذ رسميا جدلا واسعا بين الأوساط الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، وسط تساؤلات عن البدائل المتاحة لتحصيل الديون وكيفية موازنة حماية المدين مع ضمان حقوق الدائن.
وبين ترحيب واسع وانتقادات حادة من بعض الدائنين والجهات الاقتصادية التي عبّرت عن خشيتها من تداعيات محتملة على الثقة التجارية ومناخ الإقراض، أُفرِج، أمس الخميس، عن مئات الأشخاص من الذين كانوا يقضون أحكاما بالحبس في مختلف السجون الأردنية نتيجة عدم سداد الديون المترتبة عليهم.
كما أسقطت المحاكم الأردنية الملاحقة القانونية عن نحو 56 ألف شخص في اليوم الأول لبدء تطبيق القرار.
محتوى القانون
ووفق القانون الجديد، لا يحتاج الإفراج عن المسجونين في قضايا التعثر المالي وعدم تسديد الديون، أو وقف ملاحقة آخرين في القضايا ذاتها، إلى مراجعة ذوي الأشخاص أو محاميهم أو تقديم طلبات للإفراج عنهم؛ حيث تُباشر المحاكم والجهات المختصة الإجراءات القانونية بصورة تلقائية، كما لم تعد القضبان وسيلة لإجبار المدين على السداد، ولم يعد الإفلاس سببا للسجن.
القانون الذي أُقرّ في عام 2023 وتأجل تطبيقه إلى العام 2025 لإتاحة الفرصة للمواءمة القانونية والمالية، يقضي بعدم جواز سجن المدين في القضايا المدنية المتعلقة بالشيكات والكمبيالات والإقراض المالي، مع الإبقاء على وسائل أخرى للتحصيل، مثل الحجز على الأموال والممتلكات والمنع من السفر. وبموجب التعديلات الجديدة، فقد أُلغيت عقوبة الحبس في قضايا الديون، باستثناء تلك المتعلقة بعقود الإيجار والعمل.
وأكد مصدر مطلع في وزارة العدل -فضل عدم كشف هويته- أن "عدم حبس المدين لا يعني بالضرورة عدم ضمان حق الدائن"، وأضاف للجزيرة نت أنه بالإمكان الحجز على أموال المدين وبيعها لإيفاء الدائن حقه من المدين الذي يُمنع من السفر إلى حين سداد الدين، بالإضافة إلى العديد من الإجراءات الأخرى.
ويتوقع مراقبون أن يؤدي القانون إلى انعكاسات سلبية على النشاط الاقتصادي في الأردن، نظرا لاعتماد قطاعات التجارة والعقارات والصناعة والخدمات على الشيكات باعتبارها وسيلة ضمان أساسية. في المقابل، يرى آخرون أنه رغم تقليص حالات الحبس، فإن حقوق الدائنين محمية بموجبه من خلال الحجز على أموال المدين، حيث يمكن لهم طلب الحجز عليها وتحديد مواعيد لبيعها لتسوية الدين.
وبحسب بيانات رسمية، فقد ارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة خلال العام الماضي، وغالبيتها لعدم كفاية الرصيد، لتصل إلى مليار و510 ملايين دينار، مرتفعة بقرابة 10% عن قيمتها عن سنة 2023 عندما وصلت إلى مليار و370 مليون دينار تقريبا.
نقطة تحوّل
من جانبه، اعتبر عضو اللجنة القانونية في مجلس الأعيان الأردني غازي الذنيبات أن إلغاء حبس المدين بمثابة تحول كامل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وبموجبه يُرفع الحبس المدني عن معظم المدينين. وأضاف للجزيرة نت أن دخول القانون حيز التنفيذ يعني:
نهاية مطاردة ومعاناة عشرات آلاف الأردنيين المختبئين في ملاذات داخل البلاد وخارجها، ودخولهم مرة أخرى إلى سوق العمل، لا سيما أن من بينهم رجال أعمال متعثرين.
عودة آلاف الأردنيين إلى البلاد ممن تعثروا ماليا.
التخفيف من اكتظاظ المساجين في مراكز الإصلاح والتأهيل، و"هو السبب الأبرز لتعديل القانون".
في المقابل، يرى معارضو القانون في تطبيقه صعوبة في تحصيل الحقوق المالية للأفراد والمؤسسات، وأنه أغفل حماية الدائن، حيث لم يترك له سوى وسيلتين: الحجز على الأموال، والمنع من السفر. وأكدوا أنه ستكون له آثار اقتصادية "سيئة" من خلال إحجام كثيرين عن تقديم الأموال والسلع للغير بموجب اتفاقات على السداد لاحقا، لأن عقوبة الحبس التي يخشى منها المدين وتدفعه للسداد لم تعد قائمة.
وهو ما أكده المحامي فايز العواملة بالقول إن إلغاء حبس المدين أثر سلبا على العلاقات التجارية والاجتماعية على حد سواء، وأوضح للجزيرة نت أن التصادم بين الدائن والمدين سيصبح أكثر حدة، وأنه ربما تحدث قطيعة بين الأقارب والأصدقاء نتيجة التهرب من السداد، وربما يصل الأمر إلى محاولة الحصول على الحقوق المالية بعيدا عن القنوات القضائية.
وأضاف أنه بالنظر للقانون الجديد الذي منع حبس المدين إلا في حدود ضيقة، فإن هذا الأمر ستكون له تأثيرات وعواقب اقتصادية لا يحمد عقباها من خلال الركود في الحركة التجارية التي تتم غالبيتها بموجب تعهدات بالدفع اللاحق مقابل الحصول على السلع، مثل إصدار الشيكات التي تمثل ضمانا للسداد، والتي فقدت قيمتها نهائيا مع دخول القانون حيز التنفيذ.
ردود فعل
من جهتها، قالت وفاء خليل (اسم مستعار)، وهي أرملة تعيل 4 أطفال، وسُجنت عاما كاملا بسبب كمبيالة وقعتها لشراء أثاث منزلي بالتقسيط، للجزيرة نت "ما كان عندي أي نية للتهرب، لكن الدائن لم يمهلني، قريبا سأبدأ بالعمل في مركز خياطة محلي لأدفع ما هو مترتب عليّ من ديون".
وبرأيها، لم يكن السجن أداة ناجعة لتحصيل أموال الدائن، بل عاقب المدين وحرم الدائن من فرصة استرداد ماله، وأشادت بالقانون الجديد الذي "سيفتح أبوابا كثيرة كانت موصدة في وجه الآلاف من الأردنيين المتعثرين ماليا".
في حين يرى زياد سرحان، تاجر جملة في محافظة الزرقاء ، أن القانون لم ينصف الدائن، أو التاجر. وقال للجزيرة نت "من الآن فصاعدا سوف أفكر ألف مرة قبل أن أبيع بالأجل، لم يعد لدي أي ضمانة فعلية لتحصيل حقوقي"، وتساءل "كيف لي أن أحجز على ممتلكات شخص لا يملك شيئا، أو أنه لا يرغب بالسفر إلى الخارج؟".
وبحسب أرقام حقوقية، فقد بلغ عدد المقترضين الأردنيين من البنوك مليونا و220 ألف شخص، بينهم ربع مليون من قطاع الإناث. ونتيجة ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية السيئة وتراجع أداء مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، فقد العديد منهم وظائفهم خلال الأزمات المتلاحقة مما أدى إلى تعثر سداد أقساط البنوك، وزيادة معاناة الأُسر وتفاقم المشكلات الاجتماعية، وانعدام القدرة على سداد الديون، ليصل بهم الحال إلى السجون.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الاحتلال يقصف مدرسة وخياما للنازحين ويصدر أوامر بالتهجير
قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم السبت نازحين في مدينتي غزة و خان ويونس ، مما أسفر عن شهداء ومصابين بعد أن ارتكبت أمس مجازر عدة بحق المدنيين، في وقت أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر بالتهجير لسكان عدد من مناطق وسط القطاع تمهيدا لمهاجمتها. وأفادت مصادر فلسطينية باستشهاد فلسطينيين اثنين وإصابة آخرين فجر اليوم في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين شمال غرب مدينة غزة. وقالت مصادر فلسطينية إن القصف استهدف مدرسة عدنان العلمي في منطقة المخابرات. وتزامنت الغارة على المدرسة مع قصف جوي على منطقة سوق الشجاعية شرقي مدينة غزة. وكانت مدينة غزة تعرضت أمس الجمعة لغارات عنيفة أدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين، كما ارتكبت طائرات الاحتلال مجزرة في منطقة الصفطاوي شمال غزة. وفي تطور آخر، أفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال نفذت الليلة الماضية عمليات نسف لمبانٍ سكنية في المناطق الشمالية الشرقية لمدينة غزة. وفي شمال القطاع أيضا، أصيب 8 فلسطينيين في وقت مبكر اليوم جراء قصف مدفعي إسرائيلي استهدف منزلين في جباليا البلد. استهداف النازحين والمجوعين وفي تطورات ميدانية أخرى، أفاد مجمع ناصر الطبي باستشهاد 4 فلسطينيين فجر اليوم في قصف جوي إسرائيلي على خيمة تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وفي غارة منفصلة، استهدفت طائرات الاحتلال خيمة أخرى في مواصي خان يونس، مما أسفر عن إصابة 6 فلسطينيين. وفي خان يونس أيضا، أفاد مراسل الجزيرة بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي نسف قبيل الفجر عددا من المباني شرق المدينة. وفي وسط القطاع، أفاد مستشفى العودة بإصابة 10 فلسطينيين في وقت مبكر اليوم جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي تجمعات لمواطنين مجوعين قرب مركز مساعدات نتساريم. ومنذ مايو/أيار الماضي استشهد 570 من الفلسطينيين المجوعين في محيط مراكز للمساعدات تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" بإشراف أميركي إسرائيلي. وذكرت قناة الأقصى الفضائية أن الطائرات الإسرائيلية قصفت في وقت مبكر اليوم مدينة دير البلح ، ونفذت غارات أخرى شمال مخيم النصيرات القريب، وذلك بالتزامن مع قصف مدفعي على المنطقة. وكانت مصادر فلسطينية أفادت باستشهاد نحو 100 فلسطيني جراء القصف الإسرائيلي على مناطق عدة في قطاع غزة أمس الجمعة. في غضون ذلك، أصدر الجيش الإسرائيلي مساء أمس أوامر لسكان أحياء عدة وسط قطاع غزة بإخلائها فورا، وتوعد بمهاجمتها بذريعة إطلاق المقاومة صاروخا من تلك المنطقة. وتشمل أوامر الإخلاء بلديات النصيرات والزهراء والمغراقة، وطالب جيش الاحتلال السكان بالتوجه جنوبا نحو منطقة المواصي المكتظة بالنازحين، والتي تمتد من دير البلح في الوسط إلى رفح جنوبا. وفي الجانب العسكري، نقلت قناة الأقصى الفضائية عن مصادر محلية أن اشتباكات عنيفة دارت الليلة الماضية بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مدينة حمد السكنية شمال غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة. وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت في وقت مبكر اليوم قنابل مضيئة جنوب مدينة خان يونس. وفي الإطار، أعلنت كتائب القسام الليلة الماضية أنها قصفت قوات الاحتلال في منطقة السطر الغربي شمال مدينة خان يونس بقذائف الهاون. وقالت القسام عبر تطبيق تليغرام إنها دكت بالاشتراك مع سرايا القدس تجمعات لقوات الاحتلال جنوب خان يونس بالقذائف الثقيلة. من جهتها، أعلنت سرايا القدس الليلة أنها قصفت بصواريخ 107 خط إمداد وتمركز لجنود الاحتلال شرق محور نتساريم وسط قطاع غزة. وكان 7 عسكريين إسرائيليين قتلوا الثلاثاء الماضي في كمين نفذته القسام في خان يونس. وتأتي التطورات الجديدة في خان يونس وسط معارك محتدمة بين المقاومة وقوات الاحتلال في جنوب وشمال قطاع غزة.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
بيزنس إنسايدر: قطر أسقطت الصواريخ الإيرانية ببطاريات باتريوت
قال موقع بيزنس إنسايدر إن الدفاعات الجوية القطرية تصدت للصواريخ الإيرانية التي استهدفت "قاعدة العديد" في عرض ضوئي مذهل. وأضاف الموقع المتخصص في الأعمال والتكنولوجيا أن قطر تمتلك العديد من القدرات، بما في ذلك نظام باتريوت الأميركي الصنع، وقد دمرت بطاريات باتريوت التي يشغّلها القطريون والأميركيون الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران يوم الاثنين الماضي، حسبما ذكرت القيادة المركزية الأميركية في بيان، مشيرة إلى عدم وقوع إصابات بين الأفراد الأميركيين أو القطريين. وحسب الموقع، فإن قطر تستضيف عددا من أنظمة "باتريوت إم 1 إم-104" للصواريخ أرض جو الأميركية الصنع، علما بأنها اشترت أول 10 أنظمة باتريوت في عام 2014، لتصبح حينها الدولة الـ13 التي تشغّل النظام. كما تستضيف قطر أيضا -وفقا لبيزنس إنسايدر- أنظمة الصواريخ المتقدمة أرض جو "ناسامس" والصواريخ المصممة لأهداف على مسافة تصل إلى 20 ميلا، وكذلك نظام رابيير، وهو منظومة بريطانية قصيرة المدى، ونظام رولاند، وهو صاروخ قصير المدى مشترك بين فرنسا وألمانيا. واختتم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن دولة قطر لديها أيضا أنظمة الدفاع الجوي عالية الارتفاع (ثاد)، والتي كانت جزءا من صفقة أكبر بقيمة 42 مليار دولار مع الولايات المتحدة، وهي مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية على مدى يتجاوز 100 ميل، وتستهدف الصواريخ خلال مرحلة الطيران النهائية.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
ترامب: وقف إطلاق النار بغزة بات قريبا
أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل، واصفا الوضع في القطاع الفلسطيني بأنه مروع للغاية. جاء ذلك في تصريحات صحفية مساء أمس الجمعة على هامش احتفال عقد في البيت الأبيض باتفاق للسلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية بوساطة أميركية قطرية. وقال ترامب إنه "كان يتحدث للتو مع بعض المعنيين بمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و حركة حماس"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الولايات المتحدة تقدم الكثير من الإمدادات والمساعدات الغذائية في هذه المنطقة. وأضاف "صحيح أننا غير منخرطين في الحرب، لكن الناس يموتون هناك ونراهم يحتشدون لأن لا طعام لديهم". الوسطاء يضغطون في الأثناء، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية -أمس الجمعة- جلسة أمنية مصغرة لمناقشة الحرب على غزة وإعادة الأسرى، في حين كشف مسؤولون إسرائيليون أن الوسطاء يمارسون ضغوطا للدفع نحو مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو ترأس جلسة أمنية مصغرة أمس، ومن المتوقع أن يعقد نتنياهو جلسة إضافية اليوم السبت. ونقلت الهيئة عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل مستعدة للمفاوضات غير المباشرة، لكن يجب أن تكون في إطار مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قبل إرسال وفد إلى القاهرة. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن الخلاف بين إسرائيل وحماس ما زال متعلقا بمسألة وقف الحرب. من جانبها، دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة إلى مشاركة واسعة في مظاهرة ستقام تحت شعار "نعيد المختطفين وننهي الحرب". وأفادت الهيئة بأن الوقت الحالي هو الأنسب للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب ويضمن عودة الأسرى، مشيرة إلى أن عصر الصفقات الجزئية قد انتهى، وأن المطلوب إعادة الجميع دفعة واحدة.