
28 متقاعدا في"المياه" أعيدوا للعمل بتطمينات وفتوى.. والنتيجة مطالبتهم برواتب وغرامات
لم تكن المأساة التي وقع فيها يونس القواسمي، أحد متقاعدي وزارة المياه والري عاديا، بعد أن تقاعد مبكرا من عمله، ومن ثم استدعاؤه خلال جائحة كورونا ثانية للعمل فيها، لتمر من دون أن تقلب حياته رأسا على عقب هو و27 موظفا من زملائه، ليجدوا انفسهم بعد عودتهم للعمل بلا رواتب.
يقول القواسمي "أنا وزملائي لم نخالف، بل لبّينا نداء مؤسسة خدمناها لعقود، ثم وجدت نفسي أنا وإياهم بلا رواتب"، ليختلط في كلماته هذه، الاستياء بالعجز، ملخصا مأساته، التي حرمته فجأة من راتبه التقاعدي، بسبب قرار لمؤسسة الضمان الاجتماعي، أوقفت فيه رواتب تقاعدية لـ28 موظفًا هو من بينهم، وكانت عودة الموقوفة رواتبهم للعمل بعقود "شراء خدمات"، لتغدو قضيتهم، واحدة من القضايا الإدارية التي تكشف خللا يمس انسجام التشريعات، ويكشف عن تضارب في القرارات لدى جهات رسمية.
جذور القصة
بدأت مأساة "الـ28" بعد أن أحالتهم سلطة المياه إلى التقاعد المبكر بين العامين 2017 و2019، لتعود وتستدعيهم مجددًا خلال الجائحة بعقود "شراء خدمات" مؤقتة لتغطية نقص في كوادرها، خصوصا بعد وقف التعيينات الرسمية، وقد جرى توقيع عقود معهم بعد موافقة من رئاسة الوزراء، واستنادا على أكثر من فتوى من ديوان التشريع والرأي، تؤكد أن عقودهم لا تستوجب شمول المتقاعدين بقانون الضمان الاجتماعي، فيما تفاوتت مدد عقودهم بين 3 أشهر و3 سنوات، وتراوحت رواتبهم بين 250 و416 دينارا شهريا.
وجرى توقيع العقود معهم من دون أن تمنحهم اشتراكات في الضمان، بيد انهم حصلوا على تطمينات شفهية لأوضاعهم بناءً على ما وصفوه، مردها أن قانون الضمان لا ينطبق عليهم.
عناد بركات، أحد المتقاعدين، قال إن "موظفين في قسم الموارد البشرية داخل سلطة المياه، وبعض ضباط الارتباط مع الضمان، أكدوا لهم شفهيًا، أن العقود لا تترتب عليها تبعات قانونية"، مضيفًا "لم نحصل على عقود رسمية في السنة الأولى.. فقط هويات وصرف رواتبنا شهريا، ولم يُطلب منا الاشتراك".
"المحكمة" تقلب الموازين
لكن في العام 2022، أصدرت المحكمة الإدارية قرارًا لصالح الضمان، في دعوى رفعتها سلطة المياه، طالبت فيها بإعفاء موظفيها ممن وقعوا عقود شراء خدمات من الخضوع للضمان، لكن المحكمة اعتبرت بأن العلاقة بين المتقاعدين والسلطة "علاقة عمل بأجر وتحت إشراف مباشر"، ما يجعلهم مشمولين حُكمًا بقانون الضمان، وفقًا للمادتين (4) و(84/ب) منه، لتطالب مؤسسة الضمان برد ما تقاضوه من رواتب تقاعدية أثناء فترة العمل، بالإضافة لما يترتب على ذلك من فوائد وغرامات.
المتقاعد ريمون المعشر من المتقاعدين أيضا، قال إن "العقود كانت استجابة لحالة طارئة، فبعد أن خدمت 30 عامًا استدعيت للعمل مجددًا خلال الجائحة. لم تكن الخدمة طويلة أو بدخل مجزٍ، بل أقرب إلى مساهمة وطنية"، مضيفًا أنه برغم انتهاء عقده قبل 1/1/2024، إلا أن الراتب توقف قبل ذلك.
ومنذ ذلك التاريخ، يعيش المتضررون ظروفًا اقتصادية صعبة، بعضهم اضطر لتأجيل أقساط البنوك، وآخرون توقف أبناؤهم عن الدراسة، بينما لم يجر تجديد التأمين الصحي برغم معاناة بعضهم من أمراض مزمنة.
أما عناد بركات من المجموعة، فقال إنه "مهدد بدفع 20 ألف دينار بدل رواتب (تقاضاها من الضمان)، ترتفع لـ27 ألفًا مع الغرامات"، مضيفا إن "راتبي التقاعدي كان 300 دينار، وأُبلغت بأن القسط الشهري المطلوب، سيكون 200 دينار، فكيف أعيش؟".
القرار قضائي.. ولا استثناء
في ردها على "الغد"، أكدت مؤسسة الضمان، عبر ناطقها الإعلامي محمود المعايطة، أنها ملتزمة بما حكمت به المحكمة الإدارية، مضيفا بأن المادة (84/ب) من قانون الضمان تمنع الجمع بين راتب التقاعد المبكر والعمل الخاضع للضمان، وتوجب إعادة ما صرف من تقاعد في هذه الفترة.
وأكد المعايطة، أن المؤسسة تقدم تسهيلات، منها صرف 75 % من الراتب لحين التسوية، وجدولة المبالغ المستحقة على أقساط، بشرط إثبات مدد العمل بدقة، مشيرًا إلى أن بعض المتقاعدين بدأوا فعلًا بتقاضي 75 % من رواتبهم لحين البت في وضعهم القانوني.
من جهتها، أوضحت وزارة المياه والري، عبر ناطقها الإعلامي عمر سلامة، أن الوزارة خاطبت رئاسة الوزراء، أكثر من مرة منذ بداية الأزمة، مطالبة بتحمّل كلفة الاشتراكات والغرامات بالنيابة عن المتقاعدين، مؤكدة أن التعيينات جرت خلال الجائحة بناء على موافقات رسمية، وبعد الرجوع إلى ديوان التشريع والرأي الذي أفتى بعدم إلزامية شمولهم بالضمان، وأبدت استعدادها لتحمل التبعات المالية المترتبة على تشغيل المتقاعدين.
وأشار سلامة إلى أن الرد الرسمي من رئاسة الوزراء، جاء بـ"عدم وجود نص قانوني، يجيز للوزارة دفع الاشتراكات أو الغرامات بالنيابة عن المتقاعدين".
علاقة عمل
في هذا الصدد، يقول الخبير بشؤون العمل والضمان حمادة أبو نجمة، إن ما وقعه الـ28 من عقود كان في حقيقته "علاقة عمل"، وهو ما يخضع تلقائيًا لقانون الضمان، حتى لو سُميت بـ"شراء خدمات"، وبحسب المواد (2) و(4) من قانون الضمان، يخضع كل من يعمل لقاء أجر وتحت إشراف وإدارة صاحب عمل لأحكام قانون الضمان، بصرف النظر عن صيغة العقد أو شكله أو مسماه.
ويحمّل أبو نجمة، سلطة المياه المسؤولية القانونية، مشيرًا إلى أن تفسيره الخاطئ لفتوى ديوان التشريع تسبب بإلحاق ضرر كبير بالموظفين، داعيًا إلى منح المتضررين تسهيلات في السداد، أو جدولة التقسيط لتخفيف الأثر المالي، وتحميل الجهة المشغّلة (الوزارة) التكلفة المالية، على اعتبار أن الخطأ إداري.
لكن في المقابل- بحسب أبو نجمة- فإن المتقاعدين أنفسهم خالفوا المادة (84/ب) من القانون التي تمنع الجمع بين راتب التقاعد المبكر والعمل الخاضع للضمان قبل سن التقاعد، وتوجب عليهم إعادة ما صرف لهم دون وجه حق، بصرف النظر عما إذا تلقوا تطمينات من الوزارة، أو استندوا إلى رأي قانوني تبين لاحقا بأنه خاطئ، مضيفا، لكن هذا لا يمنع المتضررين من مطالبة سلطة المياه بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة خطأ إداري واضح.
"لماذا نحاسب وحدنا؟"
هذا ما يقوله معظم المتقاعدين المتضررين الذين يشعرون بأن الوزارة استدعتهم وقت الحاجة، ثم تركتهم يدفعون الثمن.
وفي هذا السياق، فإن هذه القضية تسلّط الضوء على فجوة بين تشريعات الضمان وفتاوى التشريع والرأي وأنظمة الخدمة المدنية التي تتيح شراء الخدمات، ما نتج عنه تشغيل غير منضبط للمتقاعدين واستخدام مرن للتقاعد المبكر، ما أفرز أعباءً قانونية واجتماعية متراكمة.
ومع أن الـ28 متقاعدا، لم يطرقوا باب القضاء بعد، فإنهم يعوّلون على حل إداري ينصفهم، ويعيد صرف رواتبهم دون تحميلهم تكاليف لم يكونوا على استعداد لمواجهتها أو تحملها. يقول أحدهم "نخجل بأن نقاضي المؤسسة التي خدمناها، لكن ما حدث ليس خطأنا.. كل ما نريده هو بأن نُعامل بعدل، وبينما ما تزال المراسلات تدور في حلقة مفرغة، تبقى حياتهم معلقة بقرار ربما يأتي.. وربما لا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Amman Xchange
منذ 2 ساعات
- Amman Xchange
صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يجتاز تدقيق ISO 9001:2015 تمهيداً للحصول على شهادة الجودة الدولية
الراي أعلن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عن اجتيازه بنجاح عملية التدقيق الخارجي لنظام إدارة الجودة ISO 9001:2015 والتي نفّذتها شركة SGS العالمية، وذلك تمهيداً للحصول على الشهادة الدولية الرسمية من الشركة المانحة. وفي تعليقه على هذا الإنجاز، أكد رئيس الصندوق الدكتور عزالدين كناكريه أن هذا النجاح يأتي ضمن جهود الصندوق المستمرة لتطوير أنظمته التشغيلية، وتعزيز كفاءة الحوكمة المؤسسية، من خلال نموذج إداري يوازن بين جودة الأداء واستدامته. وأوضح كناكريه أن الصندوق لا يتعامل مع أنظمة إدارة الجودة بوصفها متطلباً إدارياً فحسب، بل كجزء من ثقافة مؤسسية راسخة تُترجم إلى نتائج ملموسة. مشيراً إلى أن اجتياز التدقيق يعكس جاهزية داخلية متكاملة، والتزامًا حقيقياً بالمعايير الدولية التي تعزز مكانة الصندوق كشريك استثماري موثوق، وتؤكد أن التحسين المستمر أصبح جزءًا من النهج اليومي في العمل، وليس مجرد استجابة آنية. من جانبه، أشار مدير منح الشهادات في شركة SGS – الأردن المهندس هشام جلهم، إلى أن نتائج التدقيق أظهرت التزاماً مؤسسياً عالياً من قبل الصندوق، وأداءً متميزاً في تبني أنظمة تشغيلية تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية. مؤكداً أن هذا المستوى من النضج التنظيمي يعكس استعداداً حقيقياً للانتقال إلى مراحل أكثر تقدمًا من التطوير المؤسسي. ويُعد هذا الإنجاز تأكيداً إضافياً على كفاءة النموذج المؤسسي الذي يعتمده صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي في إدارة موجودات تتجاوز قيمتها 17 مليار دينار أردني، والتي تعادل حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي، ضمن منظومة تشغيلية منتجة ومنضبطة ومستدامة، كما يعزز ثقة المستثمرين ببيئة الأعمال في الأردن وقدرتها على تبني ممارسات المعايير العالمية بكفاءة واستدامة.


Amman Xchange
منذ 2 ساعات
- Amman Xchange
أقساط التأمين الطبي تستحوذ على 37% من إجمالي أقساط التأمين منذ بداية 2025
زادت قيمة أقساط التأمين خلال 5 أشهر من العام الحالي، بنسبة 10%، في وقت ارتفعت فيه قيمة التعويضات نحو 4.3%، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، وفقا لأحدث أرقام البنك المركزي. ووفقا للبيانات، فإن أقساط التأمين خلال الفترة بين كانون ثاني وأيار الماضي بلغت 384 مليون دينار، مقابل 349 مليون دينار بالفترة ذاتها من عام 2024. وبحسب قائمة توزيع الأقساط، فإن القيمة الكبرى خلال 5 أشهر ذهبت لصالح، التأمين الطبي بنحو 144 مليون دينار، وبنحو 37.4% من إجمالي قيمة الأقساط، في حين جاء تأمين المركبات في المرتبة الثانية، بــ 29% إجمالي الأقساط وبنحو 111 مليون دينار تقريبا. أما التعويضات فوصلت خلال فترة الأشهر الـ 5 الأولى من العام الحالي إلى 226 مليون دينار، مرتفعة من 216 مليون دينار في الفترة من كانون ثاني، لغاية نهاية أيار من العام 2024، وفق أحدث أرقام البنك المركزي. وكما هو حال الأقساط، سيطر تأمين المركبات والتأمين الطبي على أعلى التعويضات المدفوعة في الأشهر الـ5 الأولى من العام الحالي، لكن مع تغيير في الترتيب، إذ احتل تأمين المركبات المرتبة الأولى بــ 117 مليون دينار بـ 52% من الإجمالي، في حين أن التأمين الطبي وصلت قيمة تعويضاته إلى 83 مليون دينار وبنحو 36.8% ، من إجمالي التعويضات خلال هذه الفترة.


Amman Xchange
منذ 2 ساعات
- Amman Xchange
بورصة عمان تنخفض بنسبة 0.2 %
الغد- انخفض الرقم القياسي العام لأسعار الأسهم المدرجة في بورصة عمان بنسبة 0.2 %، لينهي التداولات عند مستوى 2816.22 نقطة. وبلغ حجم التداول الإجمالي أمس حوالي 6.8 مليون دينار وعدد الأسهم المتداولة 3.5 مليون سهم، نفذت من خلال 3،042 عقداً. وبمقارنة أسعار الإغلاق للشركات المتداولة أمس والبالغ عددها 89 شركة مع إغلاقاتها السابقة، فقد أظهرت 30 شركة ارتفاعاً في أسعار أسهمها، و30 شركة أظهرت انخفاضاً في أسعار أسهمها. أما على المستوى القطاعي، فقد انخفض الرقم القياسي لقطاع الصناعة بنسبة 0.90 %، وانخفض الرقم القياسي للقطاع المالي بنسبة 0.11 %، وارتفع الرقم القياسي لقطاع الخدمات بنسبة 0.08 %. أما بالنسبة للقطاعات الفرعية، فقد ارتفع الرقم القياسي لقطاع التكنولوجيا والاتصالات، العقارات، الخدمات المالية المتنوعة، الخدمات التعليمية، الأغذية والمشروبات، النقل 1.00 %، 0.88 %، 0.73 %، 0.39 %، 0.37 %، 0.36 % على التوالي. في حين انخفض الرقم القياسي لقطاع الصناعات الكهربائية، الصناعات الاستخراجية والتعدينية، الصناعات الكيماوية، الأدوية والصناعات الطبية، صناعات الملابس والجلود والنسيج، الخدمات التجارية، البنوك، الصناعات الهندسية والانشائية، الطاقة والمنافع، التأمين 2.17 %، 1.03 %، 0.73 %، 0.58 %، 0.50 %، 0.24 %، 0.20 %، 0.12 %، 0.11 %، 0.06 % على التوالي. وبالنسبة للشركات الخمس الأكثر ارتفاعاً في أسعار أسهمها فهي مجموعة أوفتك القابضة بنسبة 4.04 %، دارات الأردنية القابضة بنسبة 3.70 %، الأردنية لتجهيز وتسويق الدواجن ومنتجاتها بنسبة 3.70 %، العربية الدولية للتعليم والاستثمار بنسبة 3.61 %، ومجمع الضليل الصناعي العقاري بنسبة 3.61 %. أما الشركات الخمس الأكثر انخفاضاً في أسعار أسهمها فهي الاردنية لصناعة الأنابيب بنسبة 4.76 %، البتراء للتعليم بنسبة 4.49 %، الكفاءة للاستثمارات العقارية بنسبة 3.45 %، نور كابيتال ماركتس للاستثمارات المتعددة بنسبة 3.40 %، ودار الأمان للتمويل الإسلامي بنسبة 2.94 %.