
حرب إسرائيل وإيران: هل هي طوق نجاة سياسي لنتنياهو؟ – DW – 2025/6/28
نال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الكثير من الثناء حول هجومه ضد إيران، إلا أن مستقبله السياسي سيعتمد على ما سَيَلِي من أحداث متعلقة بحرب غزة. فكيف يرى الإسرائيليون المستقبل؟
بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران صباح الثلاثاء الماضي، وإن كان هشّاً، عادت شوارع ومقاهي القدس إلى الازدحام. وبحلول المساء، رفعت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية جميع القيود العامة.
في الأسواق المفتوحة، عاد الناس للتحرك بأريحية، بعد انتهاء الصراع الذي استمر 12 يوما، والتي دفعت الإسرائيليين مرارا إلى الاختباء في الملاجئ.
قالت ليبا فركيش في تصريح لـ DW: "أشعر ببعض الارتياح لأننا لم نعد في حالة حرب. لكن الأمر كان صعبا أيضا لأننا لا نعرف أبدا ما الذي سيجري، نكون في حالة وقف إطلاق نار، وفي اليوم التالي يتوقف سريان وقف إطلاق النار".
أعرب الكثيرون داخل إسرائيل عن رضاهم عن الهجوم على إيران وأشادوا برئيس الوزراء نتنياهو. مثل أدينا بير، طالبة في المدرسة الثانوية، والتي صرحت لـ DW قائلة: "أعتقد أننا هاجمناهم في الوقت المناسب تماما، وهو ما كان علينا فعله بالضبط. أعتقد أن نتنياهو بذل قصارى جهده. كانوا على وشك استخدام سلاح ضدنا، وبصراحة نجونا في اللحظة الأخيرة".
أما أفراهام ليفي، صاحب متجر، فيرى في تصريح لـ DW: "ما فعله نتنياهو ليس لإسرائيل فحسب، بل للعالم أجمع. إيران نظام ديني متطرف يهدف إلى القضاء على إسرائيل".
وأظهر استطلاع رأي سريع أجراه مركز فيتربي فاميلي لأبحاث الرأي العام والسياسات في معهد الديمقراطية الإسرائيلي (IDI) مؤخرا، أن حوالي 82% من اليهود الإسرائيليين أيدوا هجوم إسرائيل على إيران وتوقيت الهجوم.
قبل شهر واحد فقط، بدا أن سمعة نتنياهو السياسية قد تضررت بشدة. واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول مدة في المنصب، المعروف بقدرته على المناورة في الأزمات السياسية، انتقادات محلية ودولية متزايدة بسبب تعامله مع حرب غزة، ورفضه الواضح للموافقة على صفقة مع حماس لتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
يمكن لنتنياهو أن يزعم أنه نفّذ تهديده بمهاجمة العدو اللدود لإسرائيل وبرنامجها النووي. لطالما أصرت إيران على أن برنامجها النووي سلمي، وخلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أن طهران لا تسعى حاليا إلى تطوير أسلحة نووية. مع ذلك، جادل القادة الإسرائيليون بأن إيران كانت على وشك امتلاك سلاح نووي.
ساهم الهجوم على إيران في استعادة صورة نتنياهو كرجل قوي بعد الإخفاقات الأمنية الفادحة التي أدت إلى الهجمات الإرهابية التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
بالنسبة لتال شنايدر، المراسل السياسي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإنه "فيما يتعلق بالهجوم الإيراني، هناك الكثير من الغموض، ولا نعرف كل التفاصيل. لكن كل ما رأيناه هنا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يُظهر أنه في الأساس هناك خطة مُحكمة من قِبل الإيرانيين. وقد أدرك الجميع ضرورة التعامل مع هذا الأمر. لم يثق أحد بالحل الدبلوماسي معهم، بل بالحل العسكري فقط".
في حين أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو قد اكتسب المزيد من الدعم في أعقاب النجاح الملحوظ لعمليته العسكرية، إلا أن الصورة أكثر تعقيدا، فالأحزاب في حكومة نتنياهو الائتلافية الحالية من المتوقع ألا تحقق أغلبية الـ 61 مقعدا التي تحتاجها للاحتفاظ بالسلطة.
وأشارت تلك الاستطلاعات إلى أن وضع نتنياهو لا يزال على حاله. ربما يكون قد حصل على بعض المقاعد لحزبه، لكن هذا جاء بفضل حليفه المقرب، حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف بزعامة إيتامار بن غفير. هذا يعني أن نتنياهو لا يملك هامشا كبيرا من الحرية لتشكيل ائتلاف جديد بعد الانتخابات المقبلة، حسب شنايدر.
وأضاف المتحدث، أن نتنياهو "لم يتمكن نتنياهو من استقطاب ناخبين من الوسط، لذلك ظل معارضو ضده، حتى مع النجاح العسكري الكبير والنجاح الاستراتيجي الكبير الذي لا ينكره أحد".
أسفرت الضربات الصاروخية الإيرانية عن مقتل 28 شخصا وإصابة أكثر من 1000 آخرين، وفقا لمديرية الدبلوماسية العامة الإسرائيلية. أما في إيران، فوفقا للأرقام الرسمية، قتل 606 أشخاص وجرح 5332 شخصا. وفي الحالتين معا يعتقد أن أرقام الضحايا أعلى مما هو معلن.
وبينما أشاد المعلقون الإسرائيليون بأداء الجيش في إيران، لا تزال هناك تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت العملية ضد المواقع النووية الإيرانية وبرنامجها الصاروخي الباليستي ناجحة كما ادعى نتنياهو، الذي قال في بيان صدر مساء الثلاثاء إن إسرائيل "حققت انتصارا تاريخيا سيبقى لأجيال".
عاد الاهتمام في إسرائيل إلى الحرب مع حماس في غزة. صباح الأربعاء، استيقظ الإسرائيليون على نبأ مقتل سبعة جنود في جنوب غزة. وذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة أنهم كانوا داخل ناقلة جند مدرعة اشتعلت فيها النيران بسبب عبوة ناسفة مثبتة بها.
وحسب بن كاسبيت، الصحفي الإسرائيلي في صحيفة معاريف اليومية، مخاطبا نتنياهو في مقاله: "أحيانا، كل ما عليك فعله هو التصرف الصحيح. ترامب فعلها. إذا كان ترامب قادرا على فعلها، فأنت أيضا قادر على فعلها. عليك وضع حد، هنا والآن، للحرب غير المبررة في غزة". وأضاف: "أفضل أبنائنا يموتون هناك الآن، ولماذا؟ لتدمير المزيد من "البنية التحتية للإرهاب"؟ هل أنت جاد؟ هل تسمع نفسك؟".
أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار دعما كبيرا لاتفاق تبادل الأسرى مع حماس في غزة لإعادة الخمسين رهينة المتبقين، أحياء وأمواتا، والذي يشمل أيضا وقف إطلاق النار.
بالنسبة لتامار هيرمان، الباحثة البارزة في معهد إسرائيل للديمقراطية والمديرة الأكاديمية لمركز فيتربي العائلي لأبحاث الرأي العام والسياسات: "من المهم لنتنياهو أن يتوصل إلى حلّ هنا، لأن ما اكتشفناه هو أن غالبية مؤيديه يعتقدون أنه يجب إعادة الرهائن إلى ديارهم، حتى لو كان ذلك يعني وقف الحرب، وليس إنهائها بالكامل". وأضافت في تصريحها لـ DW: "إذا أراد زيادة دعمه، فعليه أن يفعل شيئا في هذا الصدد". وطالما اتهم منتقدو نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية بعدم رغبته في إنهاء الحرب، زاعمين أنه غير مستعد للموافقة على صفقة جديدة مع حماس تضمن إطلاق سراح الرهائن المتبقين. وهدد شركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بالانسحاب من الائتلاف إذا أنهى الحرب دون الإطاحة بحماس، الأمر الذي كان سيؤدي إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل.
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 3 ساعات
- DW
نتنياهو: "النصر" على إيران يوفر فرصاً للإفراج عن الرهائن – DW – 2025/6/29
قال نتنياهو إن "النصر" على إيران يوفر فرصاً جديدة لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة، مؤكداً أن إسرائيل ستنجز مهمتي تحرير الرهائن وهزيمة حماس، في أعقاب ما وصفه بأنه "إزالة لتهديدات وجودية". أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقطع مصور بثه مكتبه مساء الأحد (29 يونيو/حزيران 2025) أن "النصر" على إيران يوفر "فرصاً" للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة. وقال نتنياهو : "أريد أن أعلن لكم، كما تعملون على الأرجح، أن فرصاً عديدة توافرت الآن إثر انتصارنا. قبل كل شيء، لتحرير الرهائن". وأضاف: "علينا أيضا معالجة قضية غزة، التغلب على حماس، لكنني أرى أننا سننجز هاتين المهمتين". وكان يتحدث أمام مسؤولين وموظفين في جهاز الأمن الداخلي (الشاباك). وأعرب منتدى عائلات الرهائن عن أمله أن يترجم هذا "التصريح البالغ الأهمية" لرئيس الوزراء "اتفاقاً". وقال المنتدى في بيان إن "عائلات الرهائن سعيدة بأن ترى رئيس الوزراء يجعل في نهاية المطاف من عودة الرهائن (الى إسرائيل) أولويته الكبرى، بعد عشرين شهرا". وتطرق نتنياهو مجدداً إلى إمكان أن توسع إسرائيل اتفاقات السلام في المنطقة، وقال "ثمة فرص إقليمية واسعة تفتح"، وذلك بعد ثلاثة أيام من إدلائه بتصريحات ضمن التوجه نفسه. وفي 2020، أدت "اتفاقات أبراهام" التي رعاها دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video كان نتنياهو قد زار منشأة جهاز الاستخبارات الداخلية (الشاباك) في جنوب إسرائيل، حيث تلقى إحاطة استخباراتية وعرضاً حول عمليات الشاباك في مختلف الساحات. وخلال الزيارة، قال نتنياهو: "أزلنا تهديداً فورياً لوجودنا، بل تهديدين قاتلين لوجودنا. أود أن أبلغكم، وكما تعلمون بالتأكيد، أن العديد من الفرص قد فتحت الآن بعد هذا الانتصار. أولا وقبل كل شيء، لإنقاذ الرهائن". وأضاف: "بالطبع سيتعين علينا أيضاً حل قضية غزة، وهزيمة حماس، وأعتقد أننا سننجز كلا المهمتين". وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد دعا في وقت سابق اليوم الأحد، إلى إحراز تقدم في محادثات وقف إطلاق النار في حرب غزة، وإلى إبرام اتفاق يوقف القتال في الصراع المستمر منذ 20 شهراً، في الوقت الذي يبدو فيه أن إسرائيل وحماس تقتربان من التوصل إلى اتفاق. وقال مسؤول إسرائيلي إنه يجري وضع خطط لزيارة نتنياهو، إلى واشنطن خلال الأسابيع المقبلة، في إشارة إلى احتمال وجود تقدم نحو اتفاق جديد. تحرير: س.ك To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video


DW
منذ 3 ساعات
- DW
نتانياهو: "النصر" على إيران يوفر فرصاً للإفراج عن الرهائن – DW – 2025/6/29
قال نتنياهو إن "النصر" على إيران يوفر فرصاً جديدة لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة، مؤكداً أن إسرائيل ستنجز مهمتي تحرير الرهائن وهزيمة حماس، في أعقاب ما وصفه بأنه "إزالة لتهديدات وجودية". أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقطع مصور بثه مكتبه مساء الأحد (29 يونيو/حزيران 2025) أن "النصر" على إيران يوفر "فرصاً" للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة. وقال نتنياهو : "أريد أن أعلن لكم، كما تعملون على الأرجح، أن فرصاً عديدة توافرت الآن إثر انتصارنا. قبل كل شيء، لتحرير الرهائن". وأضاف: "علينا أيضا معالجة قضية غزة، التغلب على حماس، لكنني أرى أننا سننجز هاتين المهمتين". وكان يتحدث أمام مسؤولين وموظفين في جهاز الأمن الداخلي (الشاباك). وأعرب منتدى عائلات الرهائن عن أمله أن يترجم هذا "التصريح البالغ الأهمية" لرئيس الوزراء "اتفاقاً". وقال المنتدى في بيان إن "عائلات الرهائن سعيدة بأن ترى رئيس الوزراء يجعل في نهاية المطاف من عودة الرهائن (الى إسرائيل) أولويته الكبرى، بعد عشرين شهرا". وتطرق نتنياهو مجدداً إلى إمكان أن توسع إسرائيل اتفاقات السلام في المنطقة، وقال "ثمة فرص إقليمية واسعة تفتح"، وذلك بعد ثلاثة أيام من إدلائه بتصريحات ضمن التوجه نفسه. وفي 2020، أدت "اتفاقات أبراهام" التي رعاها دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video كان نتنياهو قد زار منشأة جهاز الاستخبارات الداخلية (الشاباك) في جنوب إسرائيل، حيث تلقى إحاطة استخباراتية وعرضاً حول عمليات الشاباك في مختلف الساحات. وخلال الزيارة، قال نتنياهو: "أزلنا تهديداً فورياً لوجودنا، بل تهديدين قاتلين لوجودنا. أود أن أبلغكم، وكما تعلمون بالتأكيد، أن العديد من الفرص قد فتحت الآن بعد هذا الانتصار. أولا وقبل كل شيء، لإنقاذ الرهائن". وأضاف: "بالطبع سيتعين علينا أيضاً حل قضية غزة، وهزيمة حماس، وأعتقد أننا سننجز كلا المهمتين". وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد دعا في وقت سابق اليوم الأحد، إلى إحراز تقدم في محادثات وقف إطلاق النار في حرب غزة، وإلى إبرام اتفاق يوقف القتال في الصراع المستمر منذ 20 شهراً، في الوقت الذي يبدو فيه أن إسرائيل وحماس تقتربان من التوصل إلى اتفاق. وقال مسؤول إسرائيلي إنه يجري وضع خطط لزيارة نتنياهو، إلى واشنطن خلال الأسابيع المقبلة، في إشارة إلى احتمال وجود تقدم نحو اتفاق جديد. تحرير: س.ك To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video


DW
منذ 7 ساعات
- DW
ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا – DW – 2025/6/29
رغم النقص الحاد في العمالة الماهرة والمؤهلة في ألمانيا، يعاني المهاجرون من أفريقيا من صعوبات في الحصول على تأشيرات الدخول، وذلك لعدة أسباب يأتي على رأسها البيروقراطية. إتقان اللغة الألمانية وحده ليس كافياً للحصول على تأشيرة للدراسة أو العمل لدخول البلاد، فالقدوم إلى ألمانيا عملية يصفها كثيرون بأنها معقدة وتتطلب وقتاً طويلة، من ضمنهم غريس أوتشينغ (اسم مستعار) من كينيا والبالغة من العمر 26 عاماً. بدأت الشابة بإجراءات السفر إلى ألمانيا للدراسة قبل أكثر من عام، وكانت تتحدث اللغة الألمانية بالفعل، ومع ذلك لم يسهّل هذا من إجراءات السفر، وواجهت غريس أوتشينغ صعوبات في التغلب على البيروقراطية الألمانية. وبالرغم من حصولها على منحة دراسية لدراسة العلاقات الدولية، ووعد بوظيفة طلابية، واستكمال ملفها، استغرق الأمر شهرين لتحصل على تأشيرة. سيناريو مشابه حصل مع صديقتها التي ضاعت فرصتها للالتحاق ببرنامج تبادل طلابي بسبب البيروقراطية وتعقيدات الحصول على تأشيرة الدخول. ليست إجراءات التأشيرة وحدها ما يجعل الأمر مرهقاً بحسب غريس أوتشينغ، وإنما ترى أن التواصل مع السفارة بحدّ ذاته أمر صعب. تقول الشابة الكينية لـ DW: "عندما تتصل بالسفارة الألمانية، لا تتلقى رداً، وعندما ترسل بريداً إلكترونياً، لا يتم الرد عليك. تشعر بأنك على أعصابك دائماً لأنك لا تعرف أبداً ما إذا كانت الإجابة ستكون نعم أم لا". وفق دراسة أجرتها مؤسسة برتلسمان الألمانية لعام 2024 وتقديرات معهد أبحاث سوق العمل والمهن (IAB) تحتاج ألمانيا سنوياً بين 288 ألف و 400 ألف عامل أجنبي مؤهل. ومن دون هذه العمالة سينخفض عدد العاملين في ألمانيا بشكل كبير بحلول عام 2040، الأمر الذي سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد الألماني من حث قدرته على النمو والتنافسية، خصوصاً في ظل وجود عدد هائل من الوظائف الشاغرة في مختلف القطاعات والتي تقدّر بحسب وكالة التوظيف الاتحادية في نيسان/أبريل 2025 بحوالي 646 ألف وظيفة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، الصحة، الهندسة، والتعليم. تريد ألمانيا بالفعل استقطاب العمالة الماهرة من الخارج، وفي إطار ذلك استحدثت منذ حزيران/يونيو 2024 ما يسمى بـ "بطاقة الفرصة"، وهي تأشيرة للعمالة المؤهلة من خارج الاتحاد الأوروبي، تتيح لهم القدوم إلى ألمانيا للبحث عن عمل. يستفيد من "بطاقة الفرصة" الحاصل على تدريب مهني لمدة عامين على الأقل أو شهادة جامعية، بالإضافة إلى معرفة بسيطة بالألمانية أو الإنكليزية. وتُؤخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار مثل الخبرة المهنية والعمر ووجود أقارب أو معارف في ألمانيا. ويمكن لمَن تتوفر بهم الشروط تقديم طلباتهم على موقع أنشأته وزارة الخارجية لتسهيل وتسريع الحصول على التأشيرات من 167 مكتباً في الخارج. ولزيادة الفرص أبرمت ألمانيا في أيلول/سبتمبر 2024 اتفاقية هجرة مع كينيا، تهدف إلى تسهيل استقدام العمالة المؤهلة، خاصة في مجالي الرعاية الصحية والضيافة، وتعتبر كينيا الدولة الأفريقية الوحيدة التي وقعت معها ألمانيا مثل هذه الاتفاقية، ومع ذلك، لم يدخل ألمانيا سوى حوالي 90 ممرضاً وعامل رعاية صحية من هذا البلد الأفريقي خلال الربع الثالث من عام 2024. فالقيود البيروقراطية والمتطلبات الصارمة ما زالت تعيق الحصول على تأشيرات حتى بالنسبة للأشخاص المؤهلين. تقول خدي كامارا من الجمعية الإفريقية للاقتصاد الألماني لـ DW: "بطاقة الفرص ليست فرصة فعلية للجميع. يجب أولًا تحقيق الشروط المطلوبة. وهذه الشروط ليست بالضرورة ما تعتبره الشركات مهماً، بل ما تحدده الحكومة كمقياس". وتضيف أن الصعوبات تبدأ مع الوثائق المطلوبة: "السلطات الألمانية تطلب أحياناً الشهادات الأصلية، وهو ما لا يكون ممكناً دائماً. ثم على المتقدمين إثبات قدرتهم على إعالة أنفسهم. حتى إذا كانت الشركات تغطي التكاليف، فهذا لا يكون كافياً أحياناً." في جواب على طلب إحاطة من النائبة البرلمانية كلارا بونغر من حزب اليسار في نيسان/أبريل 2025 بخصوص إصدار التأشيرات عام 2024، أفاد البرلمان أن "نسب الرفض في دول أفريقيا جنوب الصحراء عالية جداً". ووفق تحليل بيانات أجرتهDW تم من خلاله تقييم قرارات التأشيرات في عام 2024 استناداً إلى بيانات من الممثليات الألمانية في الخارج، تبيّن أن ألمانيا قد أصدرت 50,815 تأشيرة لمواطنين من أفريقيا، 40 بالمئة منها لغرض العمل. ولكن لا توجد أرقام رسمية حديثة من وزارة الخارجية حول عدد تأشيرات العمل التي رُفضت للنساء الأفريقيات. وبهذا الصدد ذكر حزب اليسار في استفساره أن "الحكومة الألمانية رفضت مراراً وتكراراً الكشف عن نسب الرفض، أو صنفت الأجوبة على أنها سرية، بحجة أن نشر هذه الأرقام قد يؤثر على العلاقات مع الدول المعنية." حتى بعد الوصول والتغلب على الإجراءات الطويلة والمعقدة للوصول إلى ألمانيا تواجه المهاجرين مصاعب أخرى، إذ أفاد مهاجرون آخرون بوجود صعوبات أخرى تواجه الأجانب في ألمانيا بعد الوصول إليها، من أبرزها صعوبة الاندماج، وكثرة المراجعات الضرورية للمؤسسات الرسمية، وصعوبة اللغة، وأزمة السكن. تقول خدي كامارا من الجمعية الأفريقية للاقتصاد الألماني: "المناخ السياسي في ألمانيا عامل مهم، ليس فقط من حيث استعداد الحكومة لإجراء تغييرات، بل هل يمكن لألمانيا أصلاً أن تكون وطناً لأشخاص من كينيا، وغانا، وسيراليون، أو جنوب أفريقيا؟ علينا التحدث عن مشكلة العنصرية، على الحكومة أن توضح بأنها ترحب بهؤلاء الناس." وترى أنه لا بدّ من إزالة الحواجز اللغوية، ففي دول أخرى لا يُطلب تحقيق مستوى اللغة الذي يُطلب تحقيقه في ألمانيا، ما يجعلها جذابة أكثر، ومع ذلك يؤكد مهاجرون من ضمنهم غريس أوتشينغ (اسم مستعار) أن اللغة الألمانية ضرورية للعيش والاندماج في ألمانيا. ولإيجاد حلول عملية تعتقد خدي كامارا أنه على الشركات الألمانية في الدول الأفريقية تحسين تدريب موظفيها المحليين حتى يصلوا إلى مستوى مناسب للعمل والعيش في ألمانيا، بالإضافة إلى ضرورة تذليل العقبات البيروقراطية أمام الشركات الألمانية. أعدته للعربية: ميراي الجراح