
تأثيرات التعرفة الجمركية على التجارة العالمية
516
فهد عبدالرحمن بادار
شهد شهر أبريل تطورات لافتة، أبرزها إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات قبل أن يعلّقها لاحقًا، مما مهد الطريق لتحولات اقتصادية لاحقة أقل سرعة لكن ذات تأثير كبير على الاقتصادين الأمريكي والعالمي. حيث شهدت المحادثات بين الصين والولايات المتحدة في مايو اتفاقًا على خفض كبير للرسوم الجمركية المتبادلة، حيث خُفضت الرسوم الأمريكية على الصين من 145% إلى 30%، والصينية على الواردات الأمريكية من 125% إلى 10%، مع إعفاء الهواتف الذكية والتكنولوجيا المرتبطة بها من هذه الرسوم. لكن هذه التخفيضات مؤقتة وتستمر فقط لمدة 90 يومًا، ما يعني استمرار الضغط التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقد تحول الكثير من الاهتمام إلى الوضع المالي عقب تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة الأمريكية في منتصف مايو من AAA إلى Aa1 وأشارت الوكالة إلى ارتفاع مستوى الدين العام إلى 36 تريليون دولار، مع عدم وجود مؤشرات واضحة على إمكانية كبحه، وإمكانية تعويض الحجم الهائل لهذا الدين بالكامل حتى مع القوة والعمق الكبيرين للاقتصاد الأمريكي والاستخدام العالمي للدولار.
وقد وصلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا إلى 5%. كما ارتفعت العوائد في العملات الرئيسية الأخرى. ويُعد ذلك مؤشرًا على انخفاض الثقة بشكل عام في الإدارة الاقتصادية والمالية. ويفاقم هذا الوضع من صعوبات الإدارة المالية في الولايات المتحدة عبر زيادة النسبة المرتفعة أصلاً من النفقات المُخصصة لخدمة الدين.
وإلى جانب هذه الاتجاهات، هناك سمة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بها، وهي ارتفاع معدلات التضخم. وعلى مدار معظم العقدين الماضيين، ظل معدل التضخم في أسعار السلع منخفضًا، وذلك بفضل اندماج اقتصادات شرق آسيا، التي توفر صادرات صناعية رخيصة، في الاقتصاد العالمي. وقد توقف هذا الانخفاض بسبب اضطراب سلاسل التوريد الناجم عن اندلاع جائحة كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا. وبدأ تضخم أسعار السلع في الانخفاض منذ عام ٢٠٢٣، ولكن باتت هناك ضغوطًا متصاعدةً الآن ناجمة عن الرسوم الجمركية والتوترات التجارية، وأصبح التضخم يتسم بنوع من «الثبات» أو «الجمود.» ولم يرتفع التضخم بشكل كبير حتى الآن، حيث سجل ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليصل إلى 2.4% في شهر مايو الماضي.
ويُعدُ ارتفاع قيمة الأصول المادية مثل الذهب مؤشرًا على ضعف الثقة في العملات الورقية وهو ما يثير التوقعات بإمكانية حدوث ارتفاع في معدلات التضخم. ومن المرجح أن تبقى أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع نسبيًا، نظرًا للضغوط الناجمة عن ارتفاع معدل التضخم، مع وجود توقعات برفع أسعار الفائدة. وقد أشار جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في خطاب ألقاه في منتصف مايو، إلى احتمال أن «يصبح التضخم أكثر تقلبًا في المستقبل».
صحيح أن التضخم الثابت يساهم في تآكل المستوى الفعلي لديون القطاع العام، ويُعادل التخلف الجزئي عن السداد، إلا أنه له تبعاته وتكاليفه، حيث سيجد المسؤولون عن تحديد أسعار الفائدة صعوبة في احتواء التضخم من جهة أو تحفيز النمو الاقتصادي من جهة أخرى، وهو ما يُنذر بخطر حدوث حالة من الركود التضخمي.
وفي غضون ذلك، بدأت المسائل العسكرية تطغى على قضايا التجارة والتعريفات الجمركية في المشهد الجيوسياسي. فبعد يومين فقط من محادثات لندن، تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران مع تبادل إطلاق الصواريخ، في ظل قناعة الحكومة الإسرائيلية بأن إيران تُسرّع خططها لتطوير أسلحة نووية. وفي 18 يونيو، وردت تقارير تُفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يستعد لشنّ ضربة هائلة باستخدام قنبلة «خارقة للتحصينات»، أقوى من أي قنبلة تمتلكها إسرائيل، لتدمير موقع يُشتبه بأنه مخصص لصناعة الأسلحة النووية في إيران. وقد تكون هذه التقارير مجرد ورقة ضغط تفاوضية، حيث أعلن ترامب بعد ذلك بوقت قصير عن تأجيل الضربات لمدة أسبوعين لإتاحة المجال للمحادثات.
وقد ارتفع سعر النفط منذ تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، من أقل من 65 دولارًا للبرميل في نهاية مايو إلى أكثر من 75 دولارًا بحلول منتصف يونيو، وهو ما فاقم من الضغوط التضخمية. ومن المستحيل التنبؤ بحدة هذا الصراع ومدته، ولا بآثاره السياسية والاقتصادية الأوسع نطاقًا على المنطقة والعالم، وهو ما يضيف مزيدًا من الغموض إلى حالة عدم اليقين العالمية المتفاقمة أصلاً.
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 2 ساعات
- صحيفة الشرق
بورصة قطر: إطلاق "صندوق فييرا للأسهم القطرية" خطوة مهمة تعزز سيولة السوق
اقتصاد محلي 0 الدوحة - قنا أكدت بورصة قطر أن مبادرة /جهاز قطر للاستثمار/ و/فييرا كابيتال/ والمتمثلة في إطلاق "صندوق فييرا للأسهم القطرية" بقيمة 200 مليون دولار أمريكي للاستثمار في أسهم الشركات القطرية المدرجة خطوة مهمة من شأنها تعزيز سيولة السوق وتوسيع قاعدة المستثمرين. وذكرت بورصة قطر في بيان لها نشر على موقعها الإلكتروني اليوم، إن هذه الخطوة تعكس دور جهاز قطر للاستثمار في دعم الاقتصاد المحلي وقطاعاته المختلفة، بما في ذلك قطاع الأسواق المالية وقطاع إدارة الأصول. واعتبر مديرو الأصول النشطون المبادرة نقلة نوعية في تعزيز الأسهم الحرة المتداولة بسوق الأوراق المالية القطري، من خلال تحويل حصص استراتيجية إلى سيولة نشطة، حيث إن مساهمة جهاز قطر للاستثمار (كمستثمر رئيسي)، تعني تحويل جزء من حيازاته طويلة الأجل في شركات مدرجة إلى حصص متاحة للإدارة النشطة ضمن الصندوق، مما يزيد حجم الأسهم القابلة للتداول. ويساهم ذلك في جذب استثمارات مؤسسية ديناميكية ويدخل مستثمرين جددا إلى السوق. وتؤكد البورصة أن هذه المبادرة التي تمثل إضافة بارزة لمحفظة الصناديق المتخصصة في السوق المحلي ستسهم في تعزيز السيولة السوقية عبر جذب استثمارات نوعية مستدامة وستسهم في تنويع قاعدة المستثمرين وترسيخ مكانة قطر كمركز مالي إقليمي جاذب. كما تؤكد على تطلعها لاستمرار التعاون مع جهاز قطر للاستثمار في دعم مثل هذه المبادرات المحورية، التي تسهم في تحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية الثالثة للقطاع المالي ورؤية قطر الوطنية 2030 . تجدر الإشارة إلى أن جهاز قطر للاستثمار يلعب دورا نشطا في تنشيط أسواق رأس المال المحلية عبر سلسلة مبادرات استراتيجية، بدءا من مبادرة صناعة السوق، مرورا بمبادرة إقراض الأوراق المالية واقتراضها، وصولا إلى مبادرة إدارة الأصول النشطة التي أطلقت عام 2024. وتتوالى إنجازات المبادرة عبر شراكات نوعية، حيث عقد الجهاز أول تعاون مع مجموعة آشمور لإطلاق صندوق استثماري متخصص في الأسهم القطرية بقيمة 200 مليون دولار، ليتلوهااليوم إعلان الشراكة الثانية مع فييرا كابيتال لإنشاء صندوق استثماري للاستثمار في سوق المال القطري.


صحيفة الشرق
منذ 5 ساعات
- صحيفة الشرق
تقرير لـ QNB: الاقتصاد الإندونيسي يتمتع بأسس نمو متينة
اقتصاد 10 بفضل استمرار مشاريع البنية التحتية والإنفاق الرأسمالي.. إندونيسيا أكد بنك قطر الوطني QNB أن الاقتصاد الإندونيسي لا يزال يتمتع بأسس نمو متينة رغم التحديات العالمية والتقلبات التي قد تؤدي إلى تباطئه، مشيرا إلى أن مرونة الاستهلاك المحلي، والسياسات النقدية التوسعية، فضلا عن الزخم المستمر في مشاريع البنية التحتية والإنفاق الرأسمالي، تمثل عوامل دعم رئيسية تسهم في الحفاظ على وتيرة نمو مستقرة في مواجهة هذه الرياح المعاكسة. وأوضح التقرير الأسبوعي للبنك أن إندونيسيا حققت أداء استثنائيا في النمو والاستقرار الاقتصادي خلال العقود الأخيرة، ففي الفترة من عام 2000 حتى 2024، سجل الاقتصاد الإندونيسي متوسط نمو بلغ 5 بالمائة، وهو إنجاز قوي بالنسبة لرابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، خاصة مع تجاوزها تحديات كبيرة مثل الأزمة المالية العالمية وجائحة كوفيد. وأشار التقرير إلى أن النشاط الاقتصادي بدأ يتباطأ في نهاية العام الماضي، متأثرا بحالة من عدم اليقين عقب الانتخابات الرئاسية، إلى جانب تراجع أسعار السلع الأساسية وتشديد السياسة النقدية فيما مع دخول العام الحالي، تسبب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على الشركاء التجاريين حول العالم في زيادة المخاوف بشأن حدوث اضطرابات كبيرة في الاقتصاد العالمي، مما أثر على توقعات النمو الاقتصادي بشكل عام. وأشار تقرير بنك قطر الوطني إلى أن مؤشر تتبع النشاط الإندونيسي (IAT)، الذي يعتبر مقياسًا فوريًا لزخم أداء الاقتصاد عبر مؤشرات النشاط الرئيسية ذات التواتر العالي، أظهر أن النمو الاقتصادي في إندونيسيا بلغ ذروته عند 5.3 بالمائة على أساس سنوي في أكتوبر الماضي، قبل أن يشهد تباطؤًا تدريجيًا ليستقر عند متوسط نمو على المدى الطويل بنسبة 5 بالمائة. - استمرار الاستهلاك واعتبر التقرير في هذا الصدد أنه على الرغم من هذا الاستقرار الواضح، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين على الساحة العالمية. ويرى البنك أن آفاق الاقتصاد الكلي لا تزال إيجابية بالنسبة لإندونيسيا، على الرغم من الرياح المعاكسة الكبيرة، مستندا في تحليله الى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها استمرار الاستهلاك المحلي كمحرّك قوي للنمو خلال العام الجاري، حيث يشكل ما نسبته 55 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعله عنصرا محورياً في دعم وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد. وفيما يخص العامل الثاني، أوضح التقرير أن السيطرة على التضخم واستقرار سعر صرف الروبية الإندونيسية وفّرا لبنك إندونيسيا (البنك المركزي) مساحة كافية لتطبيق سياسات نقدية توسعية، حيث بقي معدل التضخم السنوي خلال هذا العام عند مستويات منخفضة ومريحة، وقريبا من الحد الأدنى ضمن النطاق المستهدف في السياسة النقدية البالغ 1.5-3.5 بالمائة. وأشار البنك في هذا الإطار إلى أن الروبية الإندونيسية استعادت استقرارها، حيث ارتفعت بما يقارب 3.5 بالمائة بعد أن بلغت أدنى مستوى لها في 9 أبريل إذ سمح انخفاض التضخم واستقرار الروبية الإندونيسية لبنك إندونيسيا بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو إلى 5.5 بالمائة، وهو التخفيض الثالث منذ سبتمبر من العام الماضي. وذكر التقرير أن البنك المركزي اتخذ عددًا من الإجراءات لتعزيز الائتمان داخل الاقتصاد، من بينها خفض متطلبات الاحتياطي الإلزامي، ورفع حدود التمويل الأجنبي المسموح بها للبنوك المحلية، إلى جانب تعهده بشراء سندات حكومية بقيمة 9.3 مليار دولار أمريكي في السوق الثانوية، كما خصص البنك 7.9 مليار دولار أمريكي لدعم برنامج الإسكان الميسور الذي أطلقته الحكومة، إضافة إلى إجراءات أخرى من شأنها أن تسهم في تعزيز الزخم الاقتصادي خلال الفترة المقبلة. أما العامل الثالث، فأشار بنك قطر الوطني إلى أن إندونيسيا تواصل المضي قدما في تطوير مجموعة متكاملة من مشاريع البنية التحتية والإنفاق الرأسمالي واسع النطاق، وذلك بهدف جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، متوقعا أن يظل الاستثمار في البنية التحتية إحدى الأولويات الرئيسية للإدارة الجديدة، حيث يجري العمل على تنفيذ مشاريع ضخمة في قطاعات النقل، مثل الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 5 ساعات
- صحيفة الشرق
استقرار أسعار النفط بعد خطة «أوبك بلس»
اقتصاد 6 سجلت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا يوم الجمعة، وذلك عقب تقرير أفاد بأن «أوبك بلس» تعتزم زيادة إنتاجها في أغسطس المقبل. ورغم هذا التعافي الطفيف، هبطت الأسعار بنحو 12% خلال الأسبوع، في أكبر تراجع أسبوعي منذ مارس 2023. وذكر مندوبين من تحالف «أوبك بلس»، الذي يضم دولًا منتجة للنفط إلى جانب منظمة الدول المصدرة للبترول، أن التحالف يخطط لزيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا في أغسطس، وذلك بعد زيادة مماثلة مخطط لها في يوليو. بحسب تقرير لمؤسسة العطية. وقدّر خبراء الصناعة أن متوسط سعر شحنات الغاز للتسليم في شهر أغسطس إلى شمال شرق آسيا بلغ 13.10 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بـ14.00 دولار في الأسبوع السابق، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ 21 فبراير. مساحة إعلانية