
الأكثر حضوراً في قوائم "بيلبورد عربية".. ماذا حقق عمرو دياب في انطلاقة ألبومه الجديد "ابتدينا"؟
عمرو دياب الأكثر حضوراً في قوائم "بيلبورد عربية"
وبعد أكثر من أسبوع من احتفال النجم عمرو دياب بطرح ألبومه الجديد "ابتدينا"، حقق الألبوم أصداء واسعة ونجاحات عديدة، وعلى رأسها دخول أغاني الألبوم إلى قائمة "بيلبورد عربية هوت 100" مؤخراً، وأصبح عمرو دياب الأكثر حضوراً في القائمة بـ 10 أغاني له، وهو ما يعكس حالة النجاح والانتشار الجماهيري التي يحققها الألبوم الجديد، وعلى رأسها أغنية "خطفوني" والتي جمعته مع ابنته جانا، ووصلت الأغنية في أسبوعها الأول إلى المركز 43 في القائمة.
وجاءت أغنية "راجع" في المركز 47 في القائمة، رغم صدورها في ألبوم "أحلى وأحلى"، وأغنية "خليك معايا" في المركز 48 من ألبوم "الليلة دي"، وأغنية "رايقة" في المركز 49، ودخلت أغنية "ماليس بديل" من ألبومه الجديد "ابتدينا" إلى القائمة وأصبحت في المركز 54، وأغنية "يا أنا يا لأ" في المركز 60، وأغنية "ابتدينا" من ألبومه الجديد في المركز 64، وأغنية "انت الحظ" في المركز 68.
عمرو دياب في بوستر ألبوم "ابتدينا"
أصداء واسعة على ألبوم عمرو دياب الجديد "ابتدينا"
ومن الأغاني الجديدة من ألبوم عمرو دياب "ابتدينا" التي دخلت قوائم "بيلبورد عربية"، أغنية "ارجعلها" والتي جاءت في المركز 84 في قائمة "بيلبورد عربية هوت 100"، وكذلك أغنية "يلا" التي يتشارك بها مع ابنه عبد الله دياب في المركز 89، وحقق عمرو دياب العديد من النجاحات والأصداء الأخرى، ومنها تصدره قوائم نسب الاستماع الأخيرة على منصة "سبوتيفاي"، وجاءت أغنية "خطفوني" في المركز الأول في الأغاني الأكثر استماعاً على المنصة في مصر، ومن بعدها أغنية "ماليش بديل" في المركز الثالث، وأغنية "بابا" في المركز الثامن.
عمرو دياب في ألبوم "ابتدينا"
وتصدرت أغاني عمرو دياب الجديدة أول 5 مراكز في قائمة أكثر الأغاني العربية استماعاً على منصة "أنغامي"، وعلى رأسها أغنية "ماليش بديل" في المركز الأول على المنصة، ومن بعدها أغاني "ابتدينا" و"بابا" و"شايف قمر" و"ماتقلقيش"، وكشفت شركة "سوني ميوزك" المنتجة لألبوم عمرو دياب الجديد "ابتدينا" عن تصدر الألبوم لقوائم نسب الاستماع في جميع المنصات ومنها يوتيوب وأنغامي وسبوتيفاي، وذلك بجانب الإنجاز العالمي الذي حققه عمرو دياب مؤخراً في ألبومه الجديد، بوصول الألبوم إلى المركز السابع في قائمة سبوتيفاي العالمية، وعلقت المنصة على هذا الإنجاز وذكرت: "بس هو يغني واحنا معاه، ألبوم ابتدينا للهضبة عمرو دياب يحتل المركز السابع في قائمة الألبومات الأكتر استماعًا في العالم على Spotify".
عمرو دياب يتصدر القوائم بألبوم "ابتدينا"
وجاءت أغنية "خطفوني" في المركز الأول في الأغاني الرائجة على يوتيوب مؤخراً، وأصبحت أكثر أغاني الألبوم رواجاً وحققت أكثر من 10 ملايين نسبة استماع على يوتيوب في الأيام الأخيرة، ويمثل ألبوم "ابتدينا" التعاون الأول بين عمرو دياب وبين شركة سوني العالمية في مجال الألبومات، حيث روج الهضبة عمرو دياب للألبوم من خلال تعاونهم عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وتعاون خلاله مع كبار الشعراء والملحنين والموزعين المميزين وعلى رأسهم الشاعر تامر حسين وأمير طعيمة وغيرهم، بالإضافة إلى الملحن عزيز الشافعي ومدين وإسلام زكي وغيرعم، والموزعين عادل حقي وأسامة الهندي وغيرهم.
عمرو دياب يحتفل بألبومه الجديد
عمرو دياب يحتفل بإطلاق ألبومه الجديد "ابتدينا"
ويتكون ألبوم عمرو دياب الجديد ابتدينا من 15 أغنية متنوعة ومختلفة، وتأتي عناوينها: "خطفوني، يالا، إشارات، قفلتي اللعبة، خبر أبيض، ما تقلقش، بابا، حبيبتي ملاك، هلونهم، يا بخته، ابتدينا، شايف قمر، دايما فاكر، ارجعلها، مليش بديل"، كما يشهد الألبوم مشاركة أولاد عمرو دياب له، إذ يشارك ابنه عبد الله معه خلال أغنية "يالا"، وابنته جانا في أغنية "خطفوني"، وقدم عمرو دياب أغنيات ألبومه الجديد بأشكال وألوان غنائية مختلفة تلائم أجواء الصيف والحفلات التي من المنتظر أن يقوم بإحيائها خلال هذا الموسم ويشعل من خلالها المسرح بأغنيات ألبومه الجديد، كما لفتت أغنية "بابا" الانتباه كذلك خاصة وأنها مستوحاة من التراث الصعيدي سواء من اختيار بعض الكلمات أو المقطوعات اللحنية.
عمرو دياب وابنته جانا في حفله الأخير
وأحيا عمرو دياب مؤخراً عدة حفلات جماهيرية بعد طرح الألبوم، وأبرزها حفله في الساحل الشمالي والذي دعا به ابنته جانا دياب إلى خشبة المسرح، وأعطى المساحة لابنته لتقديم أغنية "خطفوني"، التي شاركتها مع والدها في الألبوم، وظهرت حالة الانسجام الواضحة لجانا دياب واستقبال الجمهور الكبير لها، وهذا ما جعل عمرو دياب يتحدث عقب انتهائها من الأغنية بشكل مباشر للجمهور، بأنه لم يكن يتوقع بعد سنوات طويلة من رحلته الموسيقية أن يظهر مع ابنته على خشبة المسرح وتشاركه الغناء، وأشار الهضبة إلى المواهب المتعددة التي تمتلكها جانا، في الغناء والتلحين والتأليف، وأنها "أشطر منه بكتير" حسب وصفه، وعبر كذلك عن مدى سعادته بتلك اللحظة الاستثنائية بظهورها معه على خشبة المسرح.
الصور من حساب عمرو دياب على انستقرام.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
في ذكرى يوسف شاهين: "اليوم السادس".. عن الأرض والسينما والموت والبحر
- مش إحنا اللي راكبين المركب.. الموت هو اللي راكبها - يبقى نتوِّهُه! هكذا يرد أبو نواس، البحّار النيلي العجوز، على شكوى عوكا القرداتي من أن الموت هو المسافر الخفي على سطح المركب، حين يكتشف أن حسن، حفيد صديقة المصاب بالكوليرا، موجود معهم، وأن صدّيقة كذبت بشأن أنه مات مع جده سعيد حين احترق جُحرهم الضيق. في ذكرى رحيله الـ17، ومع اقتراب الاحتفال بمئوية ميلاده في 2026، يمكن أن نعود إلى فيلم "اليوم السادس" الذي أنجزه يوسف شاهين (1926-2008)، ليس فقط كواحد من تجربتين استثنائيتين تخصان الاقتباس المباشر من الأدب – رواية الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي التي أنجزها عام 1970، ورواية أندريه شديد التي اقتبسها بنفسه عام 1986 – ولكن كمجاز مكثّف للأسئلة والأفكار التي كانت تراوده في مرحلة فاصلة من رحلته السينمائية، أسئلة العلاقة بين الأرض والموت، وبين صناعة السينما والبحر! الأرض في عام 1954، وبعد عامين من حركة الجيش المصري ضد النظام الملكي ومنظومة الإقطاع، التي رسّخ لها حكم أسرة محمد علي على مدار قرن ونصف، صدرت رواية الأرض للكاتب عبد الرحمن الشرقاوي، التي تدور أحداثها في الريف المصري في ذروة حقبة الإقطاع. وعقب هزيمة نظام عبد الناصر في حرب 1967 وخسارة سيناء، أنجز شاهين فيلماً ملحمياً باقتباس مباشر للكاتب حسن فؤاد عن الرواية الضخمة، انطلاقاً من ردّة فعل وطنية ووجودية تلك التي جسّدها في المشهد الأخير، حين يتشبث بطل الفيلم، محمد أبو سويلم، بأرضه، حافراً بأظافره في طينها الأسود، رافضاً أن ينتزعه أحد منها. وفي عام 1960، تُصدر الكاتبة الفرنسية من أصل لبناني، أندريه شديد، والمولودة في مصر عام 1920، روايتها "اليوم السادس" – أُعيد طبعها في أعوام 1972 و1984 – والتي تدور أحداثها خلال موجة وباء الكوليرا التي ضربت مصر عدة مرات، كان أشدّها عام 1947. وتدور أحداثها حول شخصية "صدّيقة"، الملقبة بـ"أم حسن"، رغم أن حسن حفيدها وليس ابنها، هذه الجدة تمثل روح الأرض المصرية – كما صوّرتها لغة ومجازات الرواية عبر صفحاتها – وهي تتشبث بأمل رهيب أن ينجو ابن بنتها من الوباء الذي أصابه، إذا ما استطاع الصمود حتى ظهيرة اليوم السادس من الإصابة. وفي عام 1986، وعقب إنجازه لفيلم "الوداع يا بونابرت"، الذي انطلق فيه من حدث تاريخي ضخم وهو حملة الاحتلال الفرنسي لمصر أواخر القرن الثامن عشر، يقدِّم شاهين اقتباسه الخاص لرواية شديد، والتي قرأها في فترة مبكرة عقب صدورها، وظل يراوده حلم تحويلها إلى فيلم. لو أردنا أن نمد خطاً واضحاً ما بين روايتي "الأرض" و"اليوم السادس"، فيتوجب علينا أولا النظر إلى تاريخ علاقة أندريه شديد، المولودة في مصر والتي قضت فيها سنوات طفولتها ومراهقتها حتى غادرتها في الأربعينيات. شديد، التي لم تكتب بالعربية، لكنها أطلقت على مصر في أشعارها اسم "الأرض الحبيبة"، حيث تحمل مجموعاتها الشعرية الصادرة في الخمسينيات، قبل صدور روايتها الشهيرة، عناوين الأرض الحبيبة (مصر) (1955)، والأرض والشعر (1956)، والأرض المنظورة (1957). وفي "اليوم السادس"، يبدو حضور الأرض على مستوى المجاز – الخاص بشخصية صديقة، جدة حسن – أو على مستوى اللغة، من تشبيهات واستعارات، حضوراً باذخاً ومنمقاً ودقيقاً لا يمكن المرور دون استشعاره في سياق النص. هكذا يمكن أن نتصور – بجانب أن الحكاية تحتوي على علاقة أثيره في ذهنية شاهين ما بين الأم والابن، وهي ثنائية متكررة في الكثير من أفلامه، سواء بشكلها الأوديبي أو الهاملتي أو حتى الإيزيسي – نقول إننا يمكن أن نتصور لماذا وقع شاهين في حب "اليوم السادس"، وظلت الرواية عالقة في رأسه إلى أن أنجزها في ذروة فاصلة من رحلته السينمائية كما أشرنا. كان جو قد أنجز قبلها جزئين من سيرته الذاتية: إسكندرية ليه؟ (1979) وحدوتة مصرية (1982)، ثم عاد إلى قضايا التحرر والتشبث بطين الوطن والعلاقة مع الآخر في بونابرت1985. ومن بعدها، سوف تصبح مكاشفة الذات أو "سيرة الداخل" تتحرك بالتوازي مع سؤال الأرض والآخر في المرحلة التي تبدأ من "إسكندرية كمان وكمان" – الجزء الثالث من السيرة الذاتية – ثم أفلام "المهاجر" و"المصير" الذي يختم به حقبة التسعينيات، ويحصد بعده سعفة إنجاز العمر من مهرجان كان 1997. "اليوم السادس" رواية تتحدث عن العلاقة مع الأرض – أرض مصر تحديداً – مكتوبة برهافة شعرية خاصة لكاتبة عشقت هذه الأرض، وهي الرهافة التي لا شك لامست علاقة شاهين بسؤال الأرض، ربما من قبل فيلمه الشهير الذي يحمل اسمها - أحداث فيلم الناصر صلاح الدين، الذي أنجزه شاهين عام 1963، تدور حول الدفاع عن أرض أورشليم ضد واحدة من أعتى الحملات الصليبية-. ورغم أن اقتباس شاهين للرواية – بالتعاون مع مساعده حسن الجريتلي – لم يركّز على حضور الأرض بشكل مادي كما في فيلمه السابق عنها، إلا أن الحضور المكثف لعناصر ليست موجودة مادياً في الرواية مثل كراهية الاحتلال الإنجليزي، ومغامرات الطلبة الثوريين، واللغة الحوارية الحادة التي استخدمها لوصف حال مصر في عام 1947 في الفيلم (الإنجليز خرجوا من القاهرة ودخلوا الكوليرا)، كلها تعكس الحضور المجازي والسياسي والوجودي لعنصر الأرض، برؤية شاهينية للأفكار والمجازات التي صاغتها شديد في روايتها، أي أنه أعاد إنتاج عنصر الأرض في الرواية سينمائياً عبر سياقات الشخصيات المضافة والحوار المباشر وتحديد الزمن والحقبة بمختلف ملامحها التاريخية والتي تم تجريدها لصالح مجاز الأرض في رواية شديد. الموت اليوم السادس واحد من أكثر أفلام شاهين تشبعاً بسؤال الموت! تبدأ الرواية في الجزء الأول بزيارة صديقة لبلدتها "بروات"، لا أحد يعرفها ولا يذكرها، ومن يعرفونها يتساءلون: لماذا أتت؟ بينما في خاطر صديقة نسمع أفكارها تتحدث عن موت أختها بالوباء، وعن رغبتها في أن تطمئن أنه لا يزال لها جذور وأصل في مكان ما من الأرض والعالم. عودة صديقة في بداية الرواية – المحكية من وجهة نظر راوٍ لصيق بالشخصية، ليس عليمًا بشكل كلي، ولا هو بصوت صديقة نفسها – ليست من أجل خاطر الأخت المتوفاة فقط، بل كأنها تؤكد لنفسها أنه لا يزال ثمة حياة تتنفس يمكن أن تعود لها من حيث أتت، إذا أرادت أو احتاجت؛ وهو ما سيدفعها في الجزء الثالث لرحلة المركب نحو "بروات" – وهي من قرى البحيرة في دلتا مصر الشمالية – لكي تخفي الطفل المريض، وتستهلك أيام الانتظار الستة في الطريق، وتنجو به من الموت الذي حط عليه شبحه في المدينة الملعونة. وتعتمد الرواية التجريد في الزمن، رغم معرفتنا بالحقبة وتوقيت الوباء، وتنزع الأسماء عن احياء المدينة، وتكتفي بالإشارة إليها على اعتبار أنها "المدينة" فقط. في الفيلم، يبدأ شاهين بسؤال الموت الذي يطارد صديقة. هي قادمة من رحلة القرية، التي يقدمها السيناريو عبر حكيها في عدة مواضع ولا نراها كما في الرواية. تهبط صديقة من العربة التي تقلّها عند المقابر، وهناك، في مشهد ما قبل التيترات، تفاجأ بأطفال يلعبون لعبة "الكوليرا" – وهو مشهد مأخوذ من الرواية بالفعل – حيث يدهن طفل وجهه باللون الأخير صارخاً: "أنا الكوليرا!"، بينما يُصاب به أحدهم، وتأتي مجموعة أخرى تتصنّع أنها "الإسعاف" وتحمل الطفل المصاب – في إرهاصة واضحة لما سوف يحدث لصديقة بعد قليل. تنظر صديقة إلى مجموعة الأطفال وهي تقف وسط المقابر؛ نظرة مَن تنكر إن ما تراه لن يحدث لها أو لمن تحبهم، ولو حدث فلن تسمح أن يأخذ أحدٌ أيًا من أحبتها إلى معسكرات العزل في سيارات الإسعاف الهستيرية. ثم تبدأ التيترات. يظل سؤال الموت يطارد صديقة طوال الوقت! لا يفارقها لا عبر الرواية ولا الفيلم، وبما أن شاهين من أكثر المخرجين في جيله احتفاءً بقيم الحب والتجاذب الروحي والشعور الحميمي بالآخر وجودياً وأثيرياً، فإنه يعمّق الخوف من سؤال الموت عبر نظرات الحب الكثيرة المتبادلة بين الشخصيات، التي لا يكتفي بإعادة تأسيس العلاقة بينهم – وعلى رأسها علاقة الحب بين عوكا، الذي يحمل أوكازيون في الرواية، والجدة صديقة، وهي علاقة من ابتكار شاهين وصياغته العاطفية – لكنه يضيف في اقتباسه السينمائي عدة شخصيات، على رأسها شخصية الرفحي – التي مثلها شاهين نفسه – وهو صاحب السينما المجاورة لجُحر صديقة الضيق، الذي تعيش فيه مع زوجها المشلول سعيد. الرفحي يحب صديقة في صمت، ويحاول أن يقنعها بالعودة معه إلى فلسطين – اسم الرفحي والشال الفلسطيني الذي يرتديه شاهين كفيلان باختصار تاريخ الشخصية ووضعها بالكامل عام 47. وهناك علاقة الحب من طرف واحد، التي تثير لهب عوكا الداخلي، بين صديقة وبين المدرس أو "المعلم" كما يرد في الرواية، والتي يقرأها عوكا في عيون صديقة، حين يتحدث الأستاذ عن رغبته في اصطحابهم إلى الإسكندرية من أجل أن يلتقوا بالعروس التي اختارتها له أمه. من خلال علاقات الحب الجديدة على الشخصيات التي انتقلت من الرواية للفيلم، أو حتى التي أُضيفت عليها، يخلق شاهين إجابته الخاصة على سؤال الموت الذي يطارد الجميع. بداية من المعلم الذي يُصاب بالمرض ويذهب على أمل العودة في اليوم السادس ولا يعود، ثم حسن الصغير الذي يعلق به الوباء في إثر معلمه، مرورًا بسعيد الجد المنتحر – وهي إضافة شاهينية على الشخصية لم ترد في الرواية – على أثر الشعور بالعجز تجاه الحياة نفسها، ليس فقط لأنه مشلول، لكن لأن صديقة هجرته ماديًّا وعاطفيًّا منذ أن خانها في بداية زواجهما، ثم عاد إليها نصف حي، فحملته وانتبذت به حجرتها الضيقة، تخدمه بإخلاص حاد ليعذبه الندم حتى يدفعه إلى إشعال النار في نفسه. الكوليرا في الفيلم كما في الرواية هي ظل الموت الذي يطارد الجميع، لا أحد في منجى منه، حتى الذين يرشدون عن المصابين من أجل المال، مثل الدرويش "أبو النجوم" – الذي قدّمه صلاح السعدني في مشهدين رائعين – والذي يُصاب بالمرض الكامن في النقود التي يأخذها المسعفون من جيوب المصابين ويمنحونها لمن أرشد عنهم! صحيح أن حسن يموت في النهاية – نهاية الفيلم والرواية – وصحيح أن صديقة تتدفّق روحها بشكل مجازي عندما يصلها الخبر في الرواية، بينما تحاول الانتحار في الفيلم عندما تعلم، لكن شاهين يتمكن من الإجابة على سؤال الموت لا بالحياة كما في الرواية، بل بالحب. الحب هو الإجابة على سؤال الموت في سينما يوسف شاهين. فالعلاقة التي نشأت بين عوكا وصديقة، والتي لم ترد في الرواية، والمحبة العميقة التي تجذّرت في داخلهما – بعضها أوديبي من ناحيته مع فارق السن بينهما، وبعضها ذكوري من ناحيتها، حيث ترسّخت لديها محبته بسبب دعمه القوي لها في رحلة الهرب من الموت والشرطة والإسعاف بالطفل المصاب – هذه العلاقة هي التي تُكلل الحياة كإجابة على سؤال الموت في الرواية. إن آخر جملة حوار في الفيلم عند فراق صديقة وعوكا هي: "مسير الحي يتلاقى"، وذلك بعد موت الطفل وصعود صديقة في لقطة من زاوية سفلية لسلم يبدو أنه يرتفع إلى السماء نفسها، إلا أن هذه الجملة تتبعها نظرات الحب المتبادلة، والتلويحة التي تبدو وعدًا بلقاء قريب بين العشاق، هي التي تجعل الإجابة على سؤال الموت ليست فقط في لقائهم مرة أخرى كأحياء، ولكن كعشّاق أيضًا، لتصبح (مسير العشاق يتلاقوا) السينما لا يوجد أثر في الرواية لدار السينما الشعبية التي يمتلكها الرفحي الفلسطيني بجوار حجرة صديقة، هذه الدار التي تعرض ثلاثة أفلام في برنامج واحد – درجة ثالثة بمقاييس ذلك الزمن – والتي نتعرّف على عوكا لأول مرة وهو يخرج منها غاضبًا، شاكياً أن فيلم مغامرات القرصان الذي ينتظره لم يُعرض، رغم احتماله الفيلم المصري "السخيف" من وجهة نظره؛ تضحية أم – بطولة شخصية مُضافة على شخصيات الرواية، وهي الممثلة زينات التي تقدّمها شويكا-. تُذكّرنا السينما الشعبية لصاحبها الرفحي، وجمهورها من الغوغاء وسكان الحي، بسينما أخرى قدّمها شاهين قبل عقد تقريباً في "عودة الابن الضال"، وهي سينما ميت شابورة، لصاحبها طلَبة المدبولي! والذي كان يجلس أمامها "ليلحس الشاشة"، كما يصفه المهرّج المتجوّل. وكلا الشاشتين، شاشة سينما الروكسي لصاحبها الرفحي، وشاشة سينما ميت شابورة لصاحبها طلَبة المدبولي، تصبحان جسر الوصال مع الرغبات العاطفية والمشاعر الدفينة لكلا الشخصيتين. فطلبة يكتشف محبته للمرأة الخشنة المتوحشة من خلال أفلام الويسترن، وهو ما يدفعه للتحرش الدائم بحبيبة أخيه الغائب، حد اغتصابها، من أجل أن تخمشه وتدافع عن نفسها بعنف لتُثيره أكثر. بينما الرفحي، على العكس من طلبة، يكتفي بأن يترك فيلم تضحية أم الذي تحبّه صديقة وتبكي فيه دائمًا متأثرة بالمشهد الأخير – حيث تموت الأم فداءً لابنها، كما تودّ صديقة أن تفعل ولا تستطيع مع حسن – فقط لمجرد أن تظل صديقة تأتي إلى السينما، وتجلس في الظلام، ليسترِق النظر إليها، ثم يدعوها أخيرًا للعودة المستحيلة معه إلى فلسطين! في منتصف الثمانينيات، كانت العلاقة مع السينما قد أصبحت عنصرًا عضويًا وأساسيًا في كل أفلام شاهين. صديقة: إنت حتة كدّاب يا عوكا..عمرك ما شُفت البحر! عوكا: شُفته في السيما صديقة: وأنا زيك... في السيما الاثنان بصوت واحد: ده أنا أموت من غيرها! هكذا يُلخّص شاهين وجه علاقته بالسينما في تلك الفترة بالنسبة له. عوكا في الفيلم غير أوكازيون في الرواية، كلاهما "قَرَداتي"، لكن عوكا الفيلم أكثر من مجرد واشٍ حقير يتحول بشكل إنساني إلى واحد من حواريّي رحلة الأيام الستة كما صورته شديد. في الفيلم، هو كتلة لهب تجذبها أضواء السينما، يعشق جين كيلي ويحاكيه في الرقص (تحت المطره حركة خطرة)، كما يصدح في الأغنية التي كتبها شاهين بنفسه. ورغم أن جين كيلي لم تكن أفلامه معروفة في مصر في الأربعينيات، لكن شاهين لا يلتفت لذلك؛ إنه يصنع عالمه الخاص داخل الفيلم – ويبدو هذا واضحًا بشكل كبير في ديكورات الفيلم التي تبدو ناصعة الافتعال، باغتراب مقصود عن الواقع والواقعية. في أفلام شاهين يُعاد تشكيل الزمن بحسب رؤيته، وبالتالي يلمع نجم جين كيلي ويسعل مخيلة عوكا – الذي يذكرنا هوسه بالسينما بقناع شاهين الأثير "يحيى شكري مراد" في إسكندرية ليه؟، أولى أفلام السيرة الذاتية، مع اعتبار أن محسن محيي الدين هو نفس الممثل للشخصيتين. عوكا هو الوجه الشعبي العابث، المنفلت، صاحب الموهبة المنمّقة عشوائيّاً ليحيى/شاهين نفسه. وهو ليس مجرد فنان شارع يؤدي فقرة "نوم العازب" بمصاحبة قردته روز-مونجا في الرواية- لكنه صاحب مخيّلة سينمائية حقيقية، تشكلت عبر أطياف تسكن رأسه، يُحدّثها ويلاعبها ويستدعيها طوال الوقت، حتى في أكثر لحظاته الحميمية حباً وجنساً وخوفاً من الموت. ويكفي أن نضرب مثلاً بتنكره في هيئة عسكري إنجليزي أشقر من أجل أن يُلقى تحت رجل البرنسيسة، التي تصطاد العساكر بسيارتها الملكية الحمراء. هذه الرغبة المازوخية تبدو مجرد قشرة لرغبته في التمثيل والخروج من شخصيته إلى شخصيات أخرى، لكي يحقق ما يرغب به كل سينمائي في العالم: رواية القصص. أو في قول آخر: (ما سمعتش يا غاب... حدوتة حتتنا) كما صاغها شاهين في أغنية الفيلم. وأخيراً: البحر - والبحر يا محمود؟ - البحر هو آخر ملاذ، من حمورية الناس.. هكذا يعرّف شاهين البحر في أيقونته "الاختيار" 1969، على لسان البحّار محمود، الفنان الحر صاحب كل الخيال الملوّن والمفتوح. يحتاج الحديث عن علاقة شاهين بالبحر إلى دراسة منفصلة، لكنه من المؤكد أن الحضور الصوفي للبحر في الرواية كان واحداً من عناصر الانبهار الروحي والذهني بها. لدينا جدة إيزيسية ترعى حفيداً مريضاً في حجرها الذي ترطّبه بحكايات شعرية عطرة، لتزيح مرارة رائحة الموت الذي يطاردهم بدأب قدري، في رحلة تستغرق ستة أيام باتجاه البحر (الطفل سيرى البحر... قَسماً بالله سيدخل البحر)هكذا يصيح الريس أبو نواس في نهاية الرواية، لكي يطمئن صديقة أن رحلتها لم تذهب سُدى في سبيل أن يرى حسن البحر. مشهد كهذا لا يمكن إلا أن يطارد سينمائيًّا إسكندرانياً يشكل البحر رقعة أسطورية في مخيلته، منذ وعيه وإدراكه. يجسّد شاهين في نهاية الفيلم هذا المشهد الشعري جدًا في الرواية – والمكتوب برمزية شديدة – في تتابع يجعل من عوكا يرفع حسن في القُفّة التي كانت جدته تُخفيه فيها، إلى أعلى صاري المركب كي يرى البحر في ظهيرة اليوم السادس. ولكننا لا نرى البحر، بل نتمثّله، ويحضرنا موجه من عينا الطفل اللتين تذوبان في إغماءة أبدية. لتصبح رؤية البحر، مضافًا إليها قصة الحب المفتوحة بين صديقة وعوكا، وصعود صديقة على السلم السماوي في المشهد الأخير، وتلك التلويحة المقترنة بنظرة العشاق المتواعدين... تصبح كل هذه العناصر هي محصلة الإجابات التي حشدها شاهين في اقتباسه الملهم والمهم لهذه الرواية، والذي يستحق – مثل كثير من تجاربه في مراحل مختلفة – نظرة أخرى غير تلك التي تحشوها حكايات اعتذار الممثلات، واختيار داليدا الغريب، وتُهَم التطبيع، والتمويل الأجنبي، ومسوح الواقعية المفتقدة في فيلم لم يدّعِ صاحبه أنه ينتمي لتيار الواقعية أو لأي تيار آخر، سوى رؤيته الخاصة، وعالمه الخاص والأثير. إن الغلام موجود في كل مكان إنه كائن بالقرب منها وأمامها وفي صوت الرجال وفي قلوبهم إنه لم يمت ولا يمكن أن يموت ويَلوح للسامع، أن الأصوات تُغني... وبين الأرض والغد وبين الأرض وبين هناك لن ينقطع الغناء. (أندريه شديد – خاتمة الرواية) * ناقد فني


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
النرويجي كارلسن بطلا لـ«الشطرنج» في مونديال الرياضات الإلكترونية
حقق الأسطورة النرويجي ماغنوس كارلسن، الجمعة، أول لقب للشطرنج في كأس العالم للرياضات الإلكترونية، بعد تغلبه على علي رضا فيروزا في العاصمة السعودية الرياض. وحصل المصنف الأول عالمياً كارلسن على الجائزة الأولى وقيمتها 250 ألف دولار، وقاد نادي ليكويد للرياضات الإلكترونية للتقدم في البطولة. وتبلغ قيمة جوائز بطولة الشطرنج في كأس العالم 1.5 مليون دولار. وقال كارلسن قبل رفع الكأس على المسرح ومن خلفه أضواء الألعاب النارية: «كان عرضاً مذهلاً، لا يشبه أي شيء رأيته من قبل». ويأتي إدراج الشطرنج، اللعبة التي يعود تاريخها إلى قرون مضت، في بطولة الرياضات الالكترونية بعدما شهدت انتعاشاً كبيراً خلال جائحة «كورونا»، وتستمر في الازدهار من خلال المسابقات المنظمة على منصات مثل التي تختص باللعبة.


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
الحربي في «كتاب المدينة»: المعرفةُ لا يكفي أن تُقرأ.. بل يجبُ أن تُقنِع وتؤثِّر
أكَّد الدكتور خالد الحربي أنَّ تسويق المحتوى الثَّقافي لا يبدأ بالنَّشر، بل بفهم الجمهور، وأنَّ الرَّسائل المعرفيَّة التي لا تُترجم إلى تأثيرٍ على الوعي والسُّلوك تبقى في دائرة الاستهلاك السّطحي، حيث إنَّ «المحتوى القويّ قد يفشل، والمحتوى الضّعيف قد ينتشر، إن لم يُصغَ بما يلائمُ نمط التّلقّي وسلوك الجمهور». جاء ذلك خلال ورشةٍ بعنوان «ما بين القارئ والرِّسالة: كيف تسوِّق محتواك الثَّقافيّ من خلال فَهم جمهورك»، أقيمتْ ضمن فعاليّات معرض المدينة المنوّرة للكتاب 2025، الذي تنظِّمه هيئةُ الأدب والنَّشر والتَّرجمة. وأضاف الحربيّ في بداية الورشة: «إذا لم يفهم الكاتبُ جمهورَه، فماذا يَكتُب له؟ وإذا فهمه فقط ليكسبه، فماذا يضيف له؟ نحن بحاجةٍ إلى محتوى يعرف مَن يخاطب دون أن يرضخَ له بالكامل». وهذا ما جعله يدعو إلى إعادةِ تعريفِ العلاقة بين النَّشر والمتلقّي، بحيث لا تكتفي الرّسائل الثّقافيّة بأن تُقرأ، بل تتجاوز ذلك إلى التّأثير في الذَّائقة والهويّة. وأوضح أنَّ النَّشر التَّقليدي، الذي يُنتج كتابًا ثمَّ ينتظر قُرّاءه، لم يعُد كافيًا في ظلِّ التّحوّلات السَّريعة في سلوك القرّاء، ما لم يتحوّل إلى تجربةٍ تفاعليَّة تبدأ من فَهم احتياجاتِ الفئات المستهدفة، وتقديم محتوى قادرٍ على استيعابِ هذا التنوّع. كما أشار إلى أهميّة تحليل سلوك الجمهور، سواء في تفضيله للورقي أو الرَّقمي، أو في حضوره المباشر للفعاليات الثَّقافية مقابل متابعتها من بُعد، موضحًا أنَّ هذه المؤشّراتِ تساعدُ صنّاع المحتوى ودورَ النّشر على اختيار المنصّاتِ والقنوات الأنسب، وتطويرِ أدوات تسويقٍ أكثرَ فاعليّة. وقدّم الحربي خلال الورشة أمثلةً تطبيقيَّةً على استراتيجيَّاتٍ تسويقيَّةٍ اتِّصاليَّة ناجحةٍ، استَخدمَتْها مبادراتٌ معرفيَّةٌ لبناء قاعدةٍ جماهيريَّة راسخةٍ، من خلال الجمع بين العُمق الثَّقافيّ والمخاطبة الذكيَّة للفئات المستهدفة. كما توقَّف عند أبرز التَّحديات التي تواجه صنّاع المحتوى، وعلى رأسها التّوفيق بين الأمانة المعرفيّة ومتطلبات السّوق، وبين العمق والانتشار، مشيرًا إلى أنَّ من ينجح في هذه الموازنة يصنع مشروعًا ثقافيًّا حقيقيًّا، لا مجرد «منشور عابر». أخبار ذات صلة