
انضمام بريطانيا إلى لائحة الاعترافات المحتملة بفلسطين يضع إسرائيل أمام "أيلول أسود" ديبلوماسي
إعلان ستارمر الذي جاء غداة لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في اسكوتلندا، يصعّد الضغوط الدولية على إسرائيل، على خلفية تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، إلى حد استشراء الجوع. كما أنه يأتي عقب إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن بلاده ستعترف بدولة فلسطين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في أيلول.
وكي لا يبدو أن ستارمر اتخذ خطوته ربطاً بلقائه ترامب، سارع الأخير إلى نفي أن تكون هذه المسألة قد نوقشت في اللقاء، معتبراً أن الاعتراف سيكون بمثابة "مكافأة لحماس". وهو موقف كرره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ما قرره ماكرون وستارمر، يضع المستشار الألماني فريدريتش ميرتس في موقف صعب، ويزيد الضغوط عليه للحذو حذوهما، أو المضي في التزام المواقف المؤيدة لإسرائيل، كي لا يعرض نفسه لاتهامات تنبش حساسيات الماضي، ولا يريد أيضاً أن يكون هدفاً لترامب. ولا تزال برلين تُعتبر العقبة الكأداء أمام تبني الاتحاد الأوروبي إجراءات عملية بحق إسرائيل، على رغم تنامي مناخ يحث على ضرورة الانتقال إلى سياسة أكثر نشاطاً لحمل تل أبيب على وقف الحرب والإعراب عن معارضة التوسع الاستيطاني في الضفة. وفي هذا السياق، جاء قرار الحكومة الهولندية حظر منح الوزيرين الإسرائيليين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش تأشيرتي دخول إلى هولندا.
تواجه إسرائيل في الوقت الحاضر بيئة دولية غير مواتية لها. تجلى ذلك خلال مؤتمر تثبيت حل الدولتين الذي رعته فرنسا والسعودية في مقر الأمم المتحدة الاثنين والثلاثاء. وأعقب المؤتمر، نداء مشترك وجهته فرنسا و14 دولة أخرى من بينها كندا وأستراليا، البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين.
هذا المد المتصاعد من الاعترافات المحتملة، يعمّق من عزلة الولايات المتحدة ديبلوماسياً. ويمكن قراءة تقصير الرئيس الأميركي مهلة الـ50 يوماً المعطاة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كي يوافق على وقف النار في أوكرانيا، وكأنه مسعى أميركي لتلبية شرط أوروبي أساسي يتعلق بتصعيد الضغط على روسيا، في مقابل إبطاء الأوروبيين لإجراءات الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
لم يعد في مستطاع ترامب إدارة الظهر للموقف الأوروبي ومواقف دول أخرى صديقة لأميركا تطالب بوضع حد للحرب في غزة وبسلوك مسار سياسي يوصل إلى حل الدولتين.
قد تكون الدول التي تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين، لا تملك الوزنين العسكري والاقتصادي اللذين تملكهما الولايات المتحدة، لكن هذه الدول تملك ثقلاً ديبلوماسياً كبيراً إذا شاءت استخدامه يمكن أن يأتي بتأثيرات عملية لا يمكن الاستهانة بها.
ومع أن اعتراف 147 دولة من الأعضاء الـ193 في الأمم المتحدة بفلسطين، لم يغير شيئاً على الأرض ولم يوصلها إلى العضوية الكاملة في المنظمة الدولية بسبب "الفيتو" الأميركي، لكن اعتراف دول داخل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وداخل مجموعة العشرين، يجعل فلسطين في موقع أفضل.
هل تجعل الاعترافات إدارة ترامب تتراجع عن سياستها القائمة على التشكيك بجدوى حلّ الدولتين؟ على الأرجح، كلا. لكن لا بد أن يدفع البيت الأبيض إلى ممارسة الضغط على نتنياهو كي يوافق على الأقل على وقف نار ولو موقت في غزة.
الاعتراف البريطاني، إذا ما حصل، سيشكل أيضاً تعويضاً رمزياً عن وعد بلفور قبل قرنٍ من الزمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
تضاؤل الآمال في التوصل لمعاهدة عالمية للحد من البلاستيك
تضاءلت الآمال في التوصل إلى معاهدة عالمية طموحة تمثل 'الفرصة الأخيرة' للحد من التلوث البلاستيكي مع اجتماع ممثلي الدول هذا الأسبوع في الأمم المتحدة في جنيف لما يفترض أن تكون الجولة الختامية من المفاوضات. ويحذر دبلوماسيون ومدافعون عن المناخ من أن الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية الصغيرة لوضع حد أقصى لإنتاج البلاستيك البكر، الذي يعتمد على البترول والفحم والغاز، باتت مهددة بسبب معارضة الدول المنتجة للبتروكيماويات والإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب. ويجتمع المندوبون رسميا اعتبارا من غدا الثلاثاء في الجولة السادسة من المحادثات، بعد أن انتهى اجتماع لجنة التفاوض الحكومية الدولية (آي.إن.سي-5) في كوريا الجنوبية أواخر العام الماضي دون التوصل إلى مسار للمضي قدما بشأن وضع حد أقصى للتلوث البلاستيكي. وتتمثل القضايا الأكثر إثارة للخلاف في وضع حد أقصى للإنتاج وإدارة المنتجات البلاستيكية والمواد الكيميائية المثيرة للقلق والتمويل اللازم لمساعدة الدول النامية على تنفيذ المعاهدة. وقال مندوبون لرويترز إن الدول النفطية، بما فيها السعودية وروسيا، تخطط للطعن في البنود الأساسية للمعاهدة والضغط من أجل اتخاذ تدابير طوعية أو على المستوى الوطني، مما يعرقل التقدم نحو اتفاق ملزم قانونا لمعالجة السبب الجذري للتلوث البلاستيكي. ولم يتسن لرويترز الحصول على تعليق بعد من المتحدثين باسم حكومتي السعودية وروسيا. وقال أندريس ديل كاستيو، كبير المحامين في مركز القانون البيئي الدولي، وهي منظمة غير ربحية تقدم المشورة القانونية لبعض الدول التي تحضر المحادثات، إن الدول النفطية تشكك حتى في الحقائق الأساسية حول الضرر الذي تسببه المواد البلاستيكية على الصحة. وأوضح 'نحن نمر بمرحلة يُعاد فيه النظر في الحقائق المسلم بها حيث بات حتى العلم نفسه مسيسا بشكل كبير'. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية لرويترز إنها ستقود وفدا يدعم معاهدة للحد من التلوث البلاستيكي دون فرض قيود مرهقة على المنتجين قد تعيق الشركات الأمريكية. وقال مصدر مطلع على المحادثات إن الولايات المتحدة تسعى إلى قصر نطاق المعاهدة على قضايا ما بعد الإنتاج مثل التخلص من النفايات وإعادة التدوير وتصميم المنتجات. ويأتي ذلك في الوقت الذي تتراجع فيه إدارة ترامب عن سياساتها البيئية، ومنها النتيجة التي توصلت إليها منذ فترة طويلة بشأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تهدد الصحة. وسيحضر المحادثات أكثر من ألف مندوب، منهم علماء وجماعات ضغط في قطاع البتروكيماويات، مما يثير مخاوف بين مؤيدي الاتفاقية الطموحة من أن تأثير الصناعة قد يؤدي إلى اتفاق مخفف يركز على إدارة النفايات، بدلا من فرض قيود على الإنتاج. وقالت صناعة البتروكيماويات إنها لا تزال تدعم معاهدة عالمية وتحث الإدارة الأمريكية والكونجرس على 'المشاركة' في المفاوضات. وقال ستيوارت هاريس المتحدث باسم المجلس الدولي للجمعيات الكيميائية إن الولايات المتحدة على وجه الخصوص لديها فرصة 'ليس فقط على طاولة المفاوضات، ولكن على أرض الواقع لتنفيذ الاتفاقية' لتعزيز استخدام التقنيات الجديدة في إعادة التدوير الميكانيكي وإعادة التدوير المتقدمة التي تُحول النفايات البلاستيكية إلى وقود على مستوى العالم.


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
الدولار يتلقى بعض الدعم بعد تراجعه الجمعة إثر تقرير الوظائف
سجل الدولار ارتفاعا طفيفا، اليوم الاثنين، بعد أن تأثر سلبا بسلسلة من الأحداث يوم الجمعة، وهي تقرير الوظائف الذي جاء أضعف من المتوقع واستقالة عضوة من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) وإقالة مسؤولة من مكتب إحصاءات العمل. وأثرت هذه التطورات سلبا على الدولار ودفعت المستثمرين إلى زيادة رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الأمريكية في وقت قريب. وأظهرت بيانات صدرت يوم الجمعة أن نمو التوظيف في الولايات المتحدة جاء أقل من التوقعات في يوليو تموز مع إجراء مراجعة بخفض كبير للوظائف غير الزراعية للشهرين السابقين بمقدار 285 ألف وظيفة بما يشير إلى تدهور حاد في ظروف سوق العمل. وقرر ترامب في اليوم ذاته إقالة مفوضة مكتب إحصاءات العمل إريكا إل. ماكينتارفر واتهمها بتقديم بيانات توظيف غير دقيقة. كما فتحت الاستقالة المفاجئة التي قدمتها أدريانا كوجلر من مجلس محافظي البنك المركزي الأمريكي الباب أيضا لترامب ليترك بصمته على أعمال البنك في وقت أبكر كثيرا مما كان متوقعا. واتسمت علاقات ترامب بمجلس الاحتياطي الاتحادي بالخلاف الحاد بسبب عدم خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب. وتسببت تلك التطورات في توجيه ضربة قوية للدولار الذي هبط بأكثر من اثنين بالمئة مقابل الين وبنحو 1.5 بالمئة أمام اليورو يوم الجمعة. واستقر الدولار في أحدث تعاملات اليوم الاثنين عند 147.32 ين. وانخفض اليورو إلى 1.1562 دولار، بينما استقر الجنيه الإسترليني عند 1.3281 دولار. وقال ترامب أمس الأحد إنه سيعلن عن مرشحه لشغل المنصب الشاغر في مجلس الاحتياطي الاتحادي والرئيس الجديد لمكتب إحصاءات العمل خلال الأيام القليلة المقبلة. وارتفع الدولار 0.2 بالمئة أمام سلة من العملات إلى 98.82 بعد أن انخفض بأكثر من 1.3 بالمئة يوم الجمعة. وزادت العملة الأمريكية 3.4 بالمئة في يوليو تموز، وهو أكبر مكسب شهري لها منذ ارتفاعها خمسة بالمئة في أبريل نيسان 2022. وتظهر أداة فيد ووتش التابعة لمجموعة (سي.إم.إي) أن الأسواق ترى حاليا فرصة 84 بالمئة أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الشهر المقبل بسبب بيانات الوظائف التي جاءت أضعف من المتوقع. وارتفع الدولار بأكثر من 0.6 بالمئة مقابل الفرنك السويسري بعد أن فرض ترامب رسوما جمركية مرتفعة على سويسرا في إطار خطة البيت الأبيض لإعادة ضبط التجارة العالمية. وزاد اليورو 0.4 بالمئة مقابل العملة السويسرية إلى 0.9351 فرنك.


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
"بروكينغز": علامات مقلقة بشأن الدولار الأميركي
معهد "بروكينغز" الأميركي ينشر تقريراً يتناول تراجع الدولار الأميركي منذ بداية الولاية الثانية لترامب، محللاً أسبابه وتداعياته المحتملة على الثقة العالمية في الاقتصاد الأميركي. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية: منذ بداية الولاية الثانية لإدارة ترامب، كنتُ متفائلاً حيال وضع الدولار. فقد استغرق ترسيخ مكانة الولايات المتحدة كعملة احتياطية عالمية عقوداً طويلة، ومن غير المرجّح أن ينهار هذا الوضع في غضون أشهر قليلة، حتى في ظل ارتفاع حالة عدم اليقين السياسي وتقلّبات حادّة في الرسوم الجمركية. في الواقع، وباستثناءات محدودة، بدا أن تراجع قيمة الدولار منذ تولّي ترامب منصبه كان دورياً، إذ تخلّت الأسواق تدريجياً عن موجة "الاستثنائية الأميركية" التي شهدت تدفّق رؤوس أموال أجنبية كبيرة إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. بعبارة أخرى، بدأت الأسواق تتراجع عن نظرتها لتفوّق الاقتصاد الأميركي، من دون أن تُطرح مكانة الدولار كعملة احتياطية موضع شكّ جدّي. لكنّ هذا الوضع قد يتغيّر. فقد شهد الدولار في الأيام الأخيرة انخفاضاً بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، وهو تطوّر يثير قلقاً بالغاً بشأن مسار الأسعار. والسبب أن هذه الحالة – كما حدث في المملكة المتحدة أواخر عام 2022 – تنطوي على احتمال زيادة علاوة المخاطر المالية، ما قد يدفع الأسواق، خصوصاً في أوروبا، إلى الخروج من سندات الخزانة الأميركية والتخلي عن الدولار. وفي هذه المقالة أستعرض مسار تراجع الدولار منذ تولي ترامب السلطة، وأقدّم قراءة لما قد يحدث لاحقاً. والحقيقة أنّ الوضع مقلق. 28 تموز 13:10 21 تموز 10:22 حتى وقت قريب، اتسم جانب كبير من التعليقات بشأن الدولار بالمبالغة. فقد كان جزء معتبر من تراجعه منذ تولي ترامب مرتبطاً بإعلان ألمانيا المفاجئ عن حزمة تحفيز مالي في أوائل آذار/مارس، ما أدى إلى هبوط الدولار بنسبة 4% على أساس الوزن التجاري. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، يظل الدولار مستقراً نسبياً منذ يوم الانتخابات في 5 تشرين الثاني/نوفمبر. لكن خلال الأسابيع الأخيرة برزت ديناميكية أكثر إثارة للقلق، إذ هبط الدولار بقوة أمام معظم عملات دول مجموعة العشر، رغم أن ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية كان يُفترض أن يدعمه. هذا التراجع، وخاصةً في الآونة الأخيرة، مع اتساع فروق أسعار الفائدة لصالح الدولار، يُعدّ أمراً مقلقاً للغاية. فقد شهدنا وضعاً مشابهاً في المملكة المتحدة عام 2022، حين اندلعت أزمة ديون تزامن فيها ارتفاع العائدات مع هبوط الجنيه الإسترليني. تاريخياً، كان ارتفاع فروق الفائدة يدعم الدولار، إذ ترافق التوجّه الأكثر تشدّداً من قبل الاحتياطي الفيدرالي عادةً مع نمو اقتصادي أقوى أو ارتفاع في معدلات التضخّم. الاستثناء البارز كان في أوائل نيسان/أبريل حين توقّفت التعريفات الجمركية المتبادلة بعد إعلانها، وهو ما حدّ من تأثير فروق الفائدة. ومع ذلك، فإنّ فشل الدولار في الارتفاع حتى مع تحرّك الفوارق لصالحه يعكس اضطراباً في سوق الخزانة، وهو ما دفع الرئيس ترامب حينها للتراجع عن الرسوم الجمركية المتبادلة. واليوم تبدو حركة الأسعار مشابهة، وإن لم تصل إلى مستوى تطرّف حالة المملكة المتحدة عام 2022، لكنها تبعث على القلق. مثل هذه التحرّكات غير المعتادة للدولار نادرة، وقد تكون مؤشّراً على أنّ حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، بعد سنوات من السياسة المالية المفرطة في التوسّع، بدأت تأخذ أبعاداً أخطر. لهذا سنواصل متابعة الوضع ونشر تحديثات دورية حول الدولار في الأشهر المقبلة، إذ يظل – في نهاية المطاف – المقياس الأبرز لثقة العالم في الاقتصاد الأميركي. نقلته إلى العربية: بتول دياب.