
هكذا ينظر أصحاب (المسيرة القرآنية) للقرآن الكريم!!
نهاية العام 2020، أعلنت وسائل إعلام حوثية العثور على مصحف قالوا إنه بخط علي بن أبي طالب. فهل حقاً ثمة نسخة من القرآن بخط علي أم أن المسألة برمتها تندرج ضمن سلسلة تخرصات طويلة تعكس أنهم يعيشون أزمة حقيقية مع القرآن الكريم، وعلى أساس تلك الأزمة القديمة سموا زعيم جماعتهم (القرآن الناطق) وسموا عصاباتهم (المسيرة القرآنية) وأطلقوا على كهنتهم ومشعوذيهم (قرناء القرآن)!!
المسألة ليست بالبساطة التي قد يتخيلها البعض.. دعونا نلقي نظرة سريعة على بعض أسباب ونتائج أزمتهم الدائمة والقديمة مع كتاب الله.
أزمة مستند
استوجبت نظرية الوصي الوثنية التي تجعل من علي وأبنائه ورثة للحكم والنبوة، وتسمى أيضا (الولاية، الحق الإلهي)، استوجبت مجموعة من التعديلات الفكرية اللازمة على جوهر الدين لكي تستقيم النظرية إذ لا دليل قرآني لها وليس لديها مستند نبوي صحيح.
وقد ترتب على هذه التعديلات مجموعة هائلة (ومتناقضة) من الاستدلالات تفرعت إلى قسمين أحدهما من جانب القرآن، والآخر من جهة السنة. فأما ما يتعلق منها بالقرآن الكريم (موضوع حديثنا) فهي ما يلي:
أولاً: التأويل التعسفي لمدلول الآيات!
نشوء التأويل لآيات القرآن الكريم بنسبة أو بأخرى لجعل آياتٍ معينة تفضي، بالتأويل، إلى تأكيد الوصيّة؛ فالآية: ﴿يا أيها الرسولُ بلّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعلْ فما بلّغتَ رسالتَه﴾(المائدة67)، وهي من أوائل ما نزل في المدينة، ولكنهم زعموا أنها نزلت بعد حجة الوداع حتى يتسنى لهم ادّعاء أن أمر التبليغ في الآية كان بخصوص ولاية علي.
ويزعمون أنه بمجرد نزولها جمع النبي المسلمين في طريق عودته من الحج في "غدير خم" وخطب بهم خطبةً أعلن فيها أن علياً هو الإمام من بعده، كما يفترون، وبعد ذلك البلاغ نزلت الآية: ﴿اليومَ أكملتُ لكم دينَكم...﴾ (المائدة 3) وهي الآية التي ثبت أنها نزلت في يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) أي قبل يوم "الغدير" بتسعة أيام.
نموذج آخر في التأويل، الآية: ﴿إنما يريدُ الله ليُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهرَكم تطهيراً﴾ (الاحزاب 33)، رغم أن السياق الذي وردت فيه الآية يدلّل أن المقصود فيها نساء النبي، قال تعال: ﴿يا نساء النبي لستُنّ كأحدٍ من النساء إن اتّقَيتنَُّ فلا تخْضَعْنَ بالقول فيطمعُ الذي في قلبِه مرضٌ وقُلْنَ قولاً معروفا. وقَرْنَ في بُيوتِكُنَّ ولاَتَبَرَّجْنَ تبرُّجُ الجاهلية الأولى وأَقِمْنَ الصلاةَ وءاتِيْنَ الزكاةَ وأطِعْنَ اللهَ ورسولَه إنما يريدُ الله ليُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهرَكم تطهيراً. واْذكُرْنَ ما يُتلى في بُيوتِكُنّ من ءَاياتِ الله والحكمةِ إن اللهَ كان لطيفاً خبيراً﴾ (الأحزاب 32، 33، 34).
الآية واضحة أنها تقصد بأهل البيت نساء النبي إلا أنهم زعموا أنها في علي وفاطمة والحسنين وذريتهما، ثم جعلوها دالةً على اشتراكهم مع النبيّ، عليه الصلاة والسلام، في قوله تعالى: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (الفتح 2)..
يعزّز ذلك تأولّهم -أيضاً- قوله تعالى: ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى﴾ (الشورى 23)، فهذه الآية مكّية ولم يكن عليّ حينها قد تزوج بفاطمة، ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله وبينهم قربى، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه نزلت، وتفسيرها "ما دمتم قد أبيتم إجابة دعوتي وطاعتي، فاحفظوا حق القربى بيني وبينكم ولا تؤذوني.. ولكن هوى الشيعة اقتضى أن يفسّروها وفقاً لنظريتهم، فجعلوا المخاطب فيها المسلمين، والقربى عليّاً وأبناءه من فاطمة، وتجاهلوا قوله تعالى: ﴿فإن توليتم فما سألتكم من أجرٍ إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين﴾ (يونس 72)، والعديد من الآيات التي تدحض افتراءاتهم..
وأما (حبل الله) في قوله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً...﴾ (آل عمران 103)، فهو بحسب تأويلهم الأئمة من العِتْرة، وهم أيضاً النحل في قوله تعالى: ﴿وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون﴾ (النحل 68)، وأما الشراب الذي يخرج من بطونها فهو علْمهم.."(راجع الإسلام الصحيح، محمد النشاشيبي).
يقول الدكتور عبدالرحمن بدوي في كتابه "مذاهب الإسلاميين": إن الصفة المشتركة التي يدين بها الذين اعتنقوا نحلة الباطنية هي تأويل النص بالمعنى الباطني تأويلاً يذهب مذاهب شتى قد يصل إلى حد التناقض، فهو يعني أن النصوص الدينية المقدسة (القرآن) رموز وإشارات إلى حقائق خفية وأسرار، وأن الطقوس الدينية أيضا رموز وإشارات إلى حقائق خفية، بل إن الأحكام العملية (العبادات) هي الأخرى رموز وأسرار.
ثانياً: القول بنقص القرآن!
ثم لمّا لم يكن التأويل كافياً لإثبات مسألةٍ مهمةٍ، كالولاية العامة، نشأت فكرة "نقص القرآن" وبرز من يقول بنقصه من جهة السور وأن الصحابة أخفوا سورة الولاية وهي موجودة عند بعض الشيعة على النحو التالي: "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم * نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير * إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم * والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبون * إن لهم في جهنم مقاماً عظيماً إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين * ما خلفتهم المرسلين إلا عني وما كان الله ليظهرهم إلى أجل قريب وسبح بحمد ربك وعليٌّ من الشاهدين": تعالى الله عما يفترون. (أحمد جوادة، من هم الشيعة، ص 197).
ثالثاً: القول بتعرض القرآن للتحريف
ولأنهم امتداد شاخص لمدرسة الشرك وتيار النفاق، ولا يجدون في القرآن إلا ما ينسف أهواءهم ودعاواهم، فقد قالوا بأن القرآن تعرض لعملية تحريف واسعة مغطاً لحق علي وأبنائه في مسألة الولاية.. أشهرها: كتاب "فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب" للنوري الطبرسي، الذي جمع فيه أكثر من ألفي رواية (موضوعة) تنص على تحريف القرآن الكريم، وجمع فيه أقوال جميع فقهاء وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين، حيث ثبت أن جميع علماء الشيعة وفقهائهم المتقدمين منهم والمتأخرين، يقولون إن هذا القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين محرّف، ومنهم هاشم البحراني، ونعمة الله الجزائري، وأن القرآن الحقيقي هو "الذي عند علي والأئمة من بعده عليهم السلام، حتى صار عند القائم (عج)، وهو الإمام الثاني عشر الغائب.." (الموسوي، لله ثم للتاريخ).
رابعاً: المصاحف المخبّأة!!
وعندما يحتج عليهم، سواء من قبل أناس من الشيعة أو السنة، بأن مقاصد آيات القرآن الكريم يشدّ بعضها بعضاً لنسف الشرك والوثنية، فإنهم يزعمون أن القرآن الكريم ليس إلا مصحفاً واحداً من بين جملة مصاحف هي:
- "الجامعة": يقولون: هي "صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه، وخَطِّ عليّ بيمينه، فيها كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش". (الكافي، وبحار الأنوار).
- صحيفة "الناموس": يقولون: عن الرضا في حديث علامات الإمام "المهدي المنتظر" قال: وتكون صحيفة عنده فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها اسماء أعدائهم إلى يوم القيامة.
- صحيفة "العبيطة": يقولون نقلا عن عليّ أنه قال: وأيْم الله إن عندي لصحفاً كثيرة قطائع رسول الله صلى الله عليه وآله، وأهل بيته، وإن فيها لصحيفة يقال لها العبيطة وماورد على العرب أشد منها، وإن فيها لستين قبيلة من العرب بهرجة، ما لها في دين الله من نصيب"!!
- صحيفة "ذؤابة السيف": يقولون: عن أبي بصير عن أبي عبدالله أنه كان في ذؤابة سيف رسول الله صحيفة صغيرة فيها الأحرف التي يفتح كل حرف منها ألف حرف.. قال أبو بصير: فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة.
- صحيفة "علي": يقولون: عن أبى عبدالله قال: وُجِدَ في ذؤابة سيف رسول الله صحيفة فإذا فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، إن أعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله، ومن ضرب غير ضاربه، ومن تولى غير مواليه، فهو كافر بما أنزل الله تعالى على محمد، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً..
- الجفر: وهو نوعان: الجفر الإبيض، والجفر الأحمر. يقولون: "عن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبدالله يقول: إن عندي الجفر الأبيض قال: فقلت: إيّ شيء فيه؟ قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم والحلال والحرام..، وعندي الجفر الأحمر.. قال: قلت: وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال: السلاح، وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل. فقال له عبدالله بن أبي اليعفور: أصلحك الله، أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال: أي والله، كما يعرفون الليل أنه الليل، والنهار أنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم". (أصول الكافي).
يقول حسين الموسوي: "وقد سألت مولانا الإمام الراحل الإمام الخوئي عن الجفر الأحمر، من الذي يفتحه ودم من الذي يراق؟ فقال: يفتحه صاحب الزمان عجل الله فرجه، ويريق به دماء العامة النواصب (الأمة من غير الشيعة) فيمزقهم شذر مذر، ويجعل دماءهم تجري كدجلة والفرات، ولينتقمن من صنمي قريش وابنتيهما (عائشة وحفصة) ومن نعثل (وقصد به: عثمان) ومن بني أمية والعباس فينبش قبورهم نبشاً".
- مصحف فاطمة: يقولون: عن علي بن سعيد عن أبي عبدالله أنه قال: ".. وعندنا والله مصحف فاطمة، ما فيه آية من كتاب الله، وإنه لإملاء رسول الله وخط عليٍّ بيده".
في نفسهم منه شك!!
واختصارا لنظرة هؤلاء لكتاب الله يرجى العودة لمؤلفات إحسان إلهي ظهير رحمه الله رحمة واسعة. والبعض قد يقول إن الاستدلالات التي اعتمد عليها هذا المقال خاصة بشيعة إيران والعراق والحق أنها معتمدة لدى شيعة اليمن بوصفهم امتدادا لنفس الفكرة الشيطانية، ومرتهنون لها فكريا وسياسيا!!
ومن كل ما سبق يتبيّن كيف أن محاولة إصباغ الشرعية على أهواء وثنية؛ قد أدى في النهاية إلى تقويض مصدر التشريع نفسه.
*صفحته على الفيسبوك
Page 2

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 15 دقائق
- اليمن الآن
الإرياني: الحوثي يزعم التمسك بالقرآن ويتناقض مع جوهر الإسلام
اتهم وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، باتباع نهج معادٍ للإسلام رغم ادعائها الانتماء لما تسميه 'المسيرة القرآنية'، مؤكدًا أن ممارساتها تناقض صريح تعاليم القرآن الكريم وقيم الدين الحنيف. وقال الإرياني، في تصريح نشره على منصة 'إكس'،اليوم إن المليشيا تحاول تضليل الرأي العام من خلال إطلاق شعارات دينية جوفاء، وتمنح بعض قادتها ألقابًا مثل 'القرآن الناطق' و'قرين القرآن'، بينما هي تغلق دور تحفيظ القرآن الكريم وتستهدف العلماء والدعاة الذين يعلّمون كتاب الله. وأشار إلى الجريمة البشعة التي ارتكبتها الجماعة مؤخرًا في محافظة ريمة، حيث أقدمت على قتل شيخ مسن، وحرق منزله، وإصابة زوجته، وقتل حفيده، فقط لأنه كان يعلم الناس القرآن الكريم، معتبرًا أن هذه الجريمة تعكس الحقد العميق الذي تكنّه المليشيا لكل ما يمت للإسلام بصلة. وأكد الإرياني أن ما يسمى 'المسيرة القرآنية' ليس إلا واجهة زائفة لمشروع طائفي مستورد من إيران، هدفه تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتصفية المخالفين فكريًا، داعيًا إلى التصدي لهذه الخرافات وكشف حقيقتها للرأي العام، وحماية المؤسسات الدينية والتعليمية من عبث المليشيا وأفكارها الدخيلة.


اليمن الآن
منذ 34 دقائق
- اليمن الآن
الشيخ حنتوس.. شهيد الموقف الجمهوري
سبتمبر نت/ تقرير بعد يوم حافل بالبطولة والتضحية أسلم الشيخ السبعيني صالح حنتوس روحه الطاهرة شهيدًا مساء الثلاثاء، منهيًا صفحة بطولية نادرة كتبها بدمائه ودماء أسرته، إذ واجه بحزمٍ حصارًا خانقًا وقصفًا مدمرًا شنّته مليشيا الحوثي الارهابية على مقر سكنه بقرية البيضاء بمديرية السلفية، مستخدمة أكثر من70 ألية عسكرية والعشرات من العناصر القتالية في مشهدٍ قاتم يُحاكي فظائع الاحتلال الصهيوني بحق أبناء فلسطين. لا لسبب سوى أنه يعلم القرآن، وبحسب اكثر من مصدر فإن مواجهة الشهيد حنتوس لمليشيا الحوثي الارهابية تعود جذورها إلى محاولات المليشيا المتكررة لاختطاف الشيخ حنتوس بمبرر ممارسته تحفيظ القرآن الكريم في مسجده، سبق ذلك إغلاقهم القسري لـ»دار القرآن الكريم» التابعة له قبل سنوات، ومصادرة مبانيها وتسليمها لأحد تابعيها، بينما أبقت المسجد تحت إدارته كغطاءٍ شكلي فقط. لكن الشيخ، الذي وهب حياته لخدمة العلم ونشر الوعي المجتمعي، رفض الاستسلام، وتمسك برسالته السامية في تعليم النشء وحمايتهم من أفكار المليشيا الهدامة، ورفض التوقيع على أي تعهد يقيد نشاطه الدعوي رغم شتى ضروب الضغط والترهيب التي تعرض لها وأسرته، كان أقساها إطلاق النار على أفراد أسرته أثناء تسوقهم ومحاولة اغتيال الشيخ حنتوس داخل حرم المسجد. ملحمة الخلود لقد أبى الشيخ العالم، المشهود له بعطائه العلمي وخدمته المجتمعية، أبى أن ينحني لإرادة مليشيا دموية حاولت إخضاعه بتهمة «تحفيظ القرآن» التي تدعي المليشيا انها مسيرة قرآنية، فتصدى لها وحيدًا، ليسنده في ساعة العسرة زوجته الفاضلة التي سقطت مصابة برصاص الغزاة، في مشهدٍ مؤثر يجسد أسمى معاني التضامن والثبات وإعادة تعريف البطولة الحقيقية. خاض الشيخ معركته المصيرية غير عابئ بالتفوق العددي للأعداء، معتصمًا بإيمانه الراسخ وسلاحه الشخصي، رافضًا أي مساومة أو مغادرة لداره كما حاولت مليشيا الحوثي إرغامه مرارًا، واستشهد متمسكًا بقيمه التي عاش عليها، ليقدم لليمنيين درسًا خالدًا في الصمود والكرامة، وهو الدرس ذاته الذي غرسه في نفوس تلاميذه على مدى عقود من العطاء. بداية الهجوم وكشفت مصادر محلية أن مليشيا الحوثي حشدت فجر الثلاثاء أكثر من سبعين آلية وعشرات العناصر مدججين بأحدث الأسلحة الخفيفة والثقيلة، اجتاحوا بها منطقة السلفية، وحاصروا منزل الشيخ، قبل أن تصل تعزيزات مسائية إضافية من معسكري ذمار والسخنة بمحافظة الحديدة..، وذكرت المصادر أن المهاجمين استخدموا القصف المكثف والمباشر ومحاولات الاقتحام المتلاحقة، سعيًا لتصفية الشيخ الذي أرهقهم بثباته وشجاعته. ورغم وحشية الهجوم وضخامته، صمد الشيخ يقاوم جحافل الإرهاب بمفرده، يقف إلى جانبه زوجته الأستاذة الفاضلة فاطمة غالب المسوري، معلمة القرآن، التي أصيبت واستمرت في مهمتها البطولية حتى اللحظة الفاصلة لاستشهاده. إرث من العزيمة وفي تسجيلٍ صوتي، خاطب الشيخ حنتوس ضمير اليمنيين قائلاً: «قصفونا داخل المسجد وحاولوا اغتيالي، والآن يهددون بقصف داري. إن شاء الله هي الشهادة، فمن قاتل دون عرضه أو ماله فهو شهيد»، لم تكن كلماته شكوى، بل كانت حكمةً أخيرة يخطها بدمه من فوق سطح داره، تلخيصًا لحياة قضاها معلّمًا ليس فقط القرآن، بل معنى أن تموت من أجل ما تؤمن به. وليس هذا الثبات والموقف الشجاع بغريب عن الشيخ صالح حنتوس الذي شغل منصب مدير المعاهد العلمية في المحافظة قبل أن تُلغى، فأنشأ بعد ذلك دارًا لتحفيظ القرآن الكريم، احتضن خلالها أيتامًا ومحتاجين في بيته، وكان مع زوجته يقدم لهم التعليم والمأوى والكساء، فمنذ الثمانينيات، ظل الشيخ صالح يُعلّم الأجيال قيم الكرامة، وكان يرى في تعليم القرآن مهمة تتجاوز حدود الحفظ إلى بناء الوعي، ولهذا استهدفه الحوثيون كرمزٍ يصعب تدجينه. تفاعل واسع لقد تابع ملايين اليمنيين والعرب والعالم لحظات البطولة التي سطرها الشيخ حنتوس ولحظات استشهاده وتفاعلوا بالكتابات والبيانات والإدانات حيث تابعت قيادة السلطة المحلية بمحافظة ريمة سير الأحداث وأصدرت بيانا أدانت فيه واستنكرت بأشد عبارات جريمة الاعتداء السافر من قبل جماعة الحوثي الإرهابية على الشيخ صالح حنتوس مؤسس ومدير دار القرآن الكريم بمديرية السلفية وأحد أبرز الخطباء والقادة التربويين في المحافظة. وحمّلت السلطة المحلية بمحافظة ريمة عناصر العصابة الحوثية الإجرامية التي قامت بارتكاب هذه الجريمة الوحشية؛ المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة وعن استشهاد الشيخ وسلامة أفراد أسرته. وأكدت أن هذا العدوان الإجرامي لجماعة الحوثي الإرهابية يُجسد الروح الانتقامية لدى الجماعة الإرهابية وعصاباتها المليشاوية من معلمي القرآن الكريم وخطباء المساجد والدعاة. وحذرت السلطة المحلية بمحافظة ريمة وجهاء المحافظة وقيادتها الاجتماعية من الانصياع لأكاذيب جماعة الحوثي الإرهابية والزج بأبنائهم في صفوف جماعة الحوثي الطائفية السلالية للعدوان على العلماء والخطباء ومعلمي القرآن الكريم في المحافظة بدافع سلالي طائفي مقيت يهدد السلم الأهلي والمجتمعي بين أبناء المحافظة. جريمة لن تسقط وأصدرت وزارة الأوقاف والإرشاد بيان نعي في استشهاد الشيخ حنتوس ووصفت الهجوم بالجريمة الغادرة ارتكبتها مليشيا الحوثي الارهابي، بعد حصار استمرّ لعدة ساعات وهجوم مسلح بمختلف الأسلحة استهدف منزله ومسجده في مديرية السلفية بمحافظة ريمة. واشار البيان الى أن الشيخ صالح حنتوس ـ رحمه الله ـ رجل سبعيني كرّس حياته لتعليم كتاب الله، وتربية الأجيال، والإصلاح بين الناس، فكان رمزًا للخير والتقوى، وعلَمًا في ميدان الدعوة والتوجيه، لكنه لم يسلم من بطش الجماعة الحوثية المجرمة، حيث تعرض طيلة الفترة الماضية لشتى صنوف التضييق والابتزاز، حتى ختم الله حياته شهيدًا، وروّعت أسرته واستشهد بعض أقاربه، في جريمة نكراء هزت الضمير الإنساني، وأضافت دليلا آخر على همجية مليشيا الحوثي الطائفية الإرهابية وعدائها الواضح والصريح للقرآن وأهله. واعتبر البيان إن هذه الجريمة البشعة تؤكد مجددًا الوجه الحقيقي لهذه الجماعة التي لا تراعي حرمة لدين، ولا لبيوت الله، ولا توقّر العلماء والدعاة، بل تجعلهم في طليعة أهدافها، في محاولة يائسة لإسكات كل صوت حر، وتفريغ المجتمع من المصلحين، وبث الرعب في النفوس، ومحاولة تطويع اليمنيين لمشروعها الطائفي الدخيل بالإرهاب والعنف. وأكد البيان أن العزاء ليس لذوي الفقيد ولا لكل أبناء ريمة، بل هو عزاء لكل أحرار اليمن، وأن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم ونحمل المليشيا كامل المسؤولية الجنائية والأخلاقية عنها ومحاسبة كل المتورطين فيها. كما نؤكد أنه مهما أمعنت مليشيا الإرهاب والموت في القتل والجريمة واستهداف رموز المجتمع من المصلحين والعلماء ورواد الخير فلن يزيدهم ذلك إلا إصرارًا على أداء رسالتهم العظيمة، والوقوف صفًّا واحدًا في وجه مشروعها الطائفي السلالي المتطرف. نهج متوحش وفي السياق أدان التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، بأشد العبارات الجريمة الوحشية التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق الشيخ صالح حنتوس، أحد رموز محافظة ريمة، إثر استهداف منزله في قرية المعذب بقذائف الـRPG، ما أدى إلى استشهاده وإصابة زوجته بجروح خطيرة وسط حصار مستمر ومنع متعمد لإسعافها. وأكد التكتل في بيان، أن هذه الجريمة تعكس النهج المتوحش الذي تنتهجه المليشيا الحوثية في استهداف الأبرياء وتفجير المنازل وترويع المجتمعات المحلية، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والقيم الإنسانية. وحمّل التكتل مليشيا الحوثي وداعميها المسؤولية الكاملة عن هذا العمل الإرهابي، مطالبًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحرك الفوري لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات رادعة على قياداتها. كما دعا التكتل المنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لإنقاذ المصابين ورفع الحصار المفروض على المنطقة، مؤكدًا أن دماء الشيخ صالح حنتوس وسائر الشهداء ستظل وقودًا لمعركة اليمنيين لاستعادة الدولة وبناء يمن العدل والمواطنة. منظمات حقوقية تدين من جهتها أدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الجريمة البشعة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية بحق الشيخ صالح حنتوس، أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في قرية البيضاء بمديرية السلفية بمحافظة ريمة. وفي بيان صادر عنها أوضحت الشبكة أن مليشيا الحوثي أقدمت على تنفيذ حملة مسلحة بقيادة المدعو فارس الحباري، المنتحل صفة محافظ ريمة، والمدعو فارس روبع، حيث حاصرت منزل الشيخ حنتوس، وشرعت في إطلاق نار كثيف وعشوائي باستخدام قذائف (آر بي جي)، ما تسبب في حالة من الذعر والهلع بين النساء والأطفال. وأكدت الشبكة أن هذه الجريمة تأتي في سياق تصعيد متواصل من قبل المليشيا الحوثية، التي تواصل ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، من قتل وتهجير وتفجير للمنازل، واستهداف القرى والعزل في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ضمن ممارسات إرهابية ممنهجة تهدف إلى إخضاع اليمنيين لمشروعها الانقلابي المتطرف المستورد من إيران. واختتمت الشبكة بيانها بالتأكيد على أن هذه الجريمة تمثل دليلاً دامغاً على الطبيعة الإجرامية للمليشيا الحوثية، التي تمارس أعمال التصفية الجسدية خارج إطار القانون، في انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني وكل المواثيق والاتفاقيات ذات الصلة. ردود وكتابات لا يمكننا حصر ورصد كل ما كتب حول موقف وبطولة الشيخ حنتوس فما كتب كثير جدا وأبرز ما قيل عنه من قبل احرار اليمن جميعا قيادات رسمية وشعبية وناشطين وكتاب، لخصه الكاتب جمال أنعم بقوله: الشيخ السبعيني كان في مسجده، جوار زوجته وأحفاده، لم يقترف جرمًا، لكنه رفض الخضوع، فاختار ميتته الباسلة ،كما فعل من قبله المكحل وآل مسعود.. لقد انتصر للكرامة، وترك لنا درسًا في الشجاعة.» أما الدكتور ثابت الأحمدي فقال: هذه الجريمة لخصت كل شيء.. كشفت أن جماعة الحوثي ترى في معلمي القرآن خطرًا على مشروعها الطائفي، وتؤمن بالقوة فقط.» خالد الرويشان كتب تحت عنوان : «رحمة الله تغشاك.. ولا نامت أعين الجبناء!» في النهاية، الشيخ صالح حنتوس دافع عن نفسه وعن بيته. ما كان لكم أن تقترفوا هذا الجُرم البشع بقتله في بيته وأمام زوجته وأولاده وأهله. تقتلون رجلاً في العقد الثامن من عمره!.. لماذا لم تصبروا؟.. لكنكم دون أن تقصدوا صنعتم لريمة رمزها وبطلها لعقود. رحمة الله تغشاك يا شيخ صالح حنتوس.. ولا نامت أعين الجبناء!» قتل لأنه يعلم القرآن وقال الناشط زيد الشليف «استُشهد الشيخ صالح حنتوس بعد أن واجه ترسانة الحوثي بمفرده دفاعاً عن عرضه وكرامته, جيشه الوحيد كان زوجته، التي رغم إصابتها بالصباح، كانت تعبئ له الذخيرة حتى لحظة استشهاده..» وأضاف، «لم يكن له من جرم سوى أنه يعلّم القرآن بلا شعاراتهم، دون أن يتلو صرختهم, أعاد تعريف الكرامة بدمه، ودافع عن عرضه حتى نال الشهادة كما تمنى، ولم يكن يملك المرافقين ولا الفلل، كما هو حال المشايخ المنبطحين الذين داس عليهم الحوثي وأذلهم..». من جانبه أشار الكاتب يحيى الثلايا إلى أن «الشيخ صالح حنتوس اسم يجب أن يُكتب بالذهب، ويُنقش في جبال ريمة، وفي وجدان كل حر.. هذا القيل الشهم أصر أن يبعث رسالة تقول إن شعبنا لم ولن يموت، بعيدًا عن السياسة والتكتيك. أعلنها من قريته أن الكرامة غالية ودونها تهون الأرواح». وبالمثل فقد رأى الكاتب الصحفي علي الفقيه، أن الشيخ حنتوس اختار نهايةً تليق برجل يمني… لم يسمح لهم برسم خاتمة مذلة له كما فعلوا مع غيره. وقال: «من لم يعد في عمره متسع، قرر أن يكثف ما تبقى في لحظة واحدة، يعلّم بها تلاميذه الدرس الأخير: قاوم البغي أو مُتْ وأنت تحاول». الحر اليماني بدوره قال كتب الصحفي حسن الفقيه: «هذا شيخي، شيخ كل يمني حر، تجري دماء البطولة في عروقه. ما فعلوه به لن يُنسى، وما فعله بهم هو الذي انتصر: تحدّاهم بوقوفه، بثباته، بوصيته. بقيت دماء الشيخ في ذمة كل يمني مؤمن بالجمهورية، وكل كافر بالعبودية». أما الصحفي عبدالله السامعي فقد أشار إلى أن «التفاوض الحوثي مع الشيخ كان بأن يتعهد بعدم تحفيظ القرآن ويسمح لهم بتفجير بيته.. كانوا يريدون منه أن يوقّع على تنازل عن دينه، أن يُقر أمامهم أن تعليم القرآن جريمة»!. وختم السامعي قائلا: «لم يكن لديهم (الحوثة) شيء اسمه تفاوض، بل تنفيذ للقتل.. لكن الشيخ واجههم، وارتقى شهيدًا وهو يعلم أن نهاية الموقف شرف، ونهاية الذل موت بطيء في سجونهم». بدوره، قال الصحفي كمال حيدرة، إن «الهجوم على شيخ سبعيني يعاني من أمراض مزمنة بكتيبة مسلحة بأسلحة ثقيلة، ليس إلا إعلاناً لطبيعة هذه السلطة: إنها سلطة قهر لا تسعى لتقديم نفسها بشكل جيد، بل لترهيب كل من يفكر بالمقاومة. وتابع: «الشيخ صالح أراد أن يُكمل حياته كمعلم للقرآن، بينما أرادوا إذلاله وإخراسه… لكنه استعصى عليهم، واختار النهاية التي تليق برجل شهم وعنيد».


26 سبتمبر نيت
منذ 44 دقائق
- 26 سبتمبر نيت
تشييع جثمان الشهيد هارون القباطي بمديرية القبيطة
شُيع في مديرية القبيطة بمحافظة لحج اليوم، جثمان الشهيد هارون عبدالله حسن القباطي، الذي استشهد وهو يؤدي واجبه في الدفاع عن الوطن. وخلال مراسم التشييع التي تقدمها وكيل محافظة لحج فيصل الفقيه ومسؤول التعبئة العامة بالمحافظة جميل الصوفي ومدير الأمن العميد محمد العطري وقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات اجتماعية واقارب ومحبي الشهيد.. أشاد المشيعون بمناقب الشهيد وجهاده ضد قوى العدوان.. مؤكدين السير على نهج الشهيد ومواصلة الجهاد في سبيل الله حتى دحر المحتل وتحرير كافة أراضي الوطن. ووري جثمان الشهيد الثرى في روضة الشهداء بالقبيطة.