
هآرتس: تصدع في دعم الإنجيليين الأميركيين لإسرائيل بسبب استهداف المسيحيين
وتطرق التقرير إلى تصاعد انتقادات شخصيات دينية وسياسية بارزة في الولايات المتحدة للسياسات الإسرائيلية تجاه المسيحيين الفلسطينيين، واستهداف أماكن العبادة في الضفة الغربية وقطاع غزة ، إلى جانب تضييقات متزايدة على دخول الحجاج المسيحيين إلى إسرائيل.
ويرى معد التقرير أن هناك "تطورا غير معتاد، حيث وجّه السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي ـمن التيار الإنجيلي والمعروف بتأييده العلني للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربيةـ انتقادات علنية شديدة للسياسات الإسرائيلية التي قال إنها تضر بالمسيحيين الفلسطينيين والأجانب على حد سواء".
وبحسب التقرير، فإن غضب هاكابي "يعكس تململاً واسعًا داخل التيار الإنجيلي الأميركي من سلوك الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي قد تكون له تداعيات سياسية مباشرة على دعم تل أبيب داخل الحزب الجمهوري".
وجاءت انتقادات هاكابي، كما يذكر معد التقرير، بعد أيام فقط من زيارته إلى قرية الطيبة في الضفة الغربية، حيث أضرم مستوطنون النار في كنيسة محلية. ووصف هاكابي ما جرى بأنه "عمل إرهابي، وجريمة ضد المقدسات".
وأوضح التقرير أن هذه ليست المرة الأولى التي يُدين فيها هاكابي أفعال المستوطنين، حيث جاءت تصريحاته بعد أيام من استشهاد الشاب الذي يحمل الجنسية الأميركية سيف الله مسلط (20 عاما) إثر اعتداء مستوطنين عليه، أول أمس الجمعة، قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية.
تحذير
وكشف بن صامويلز عن توجيه هاكابي رسالة شديدة اللهجة إلى وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل، أعرب فيها عن خيبة أمله بسبب فشل اجتماع سابق في معالجة أزمة منح التأشيرات للمنظمات المسيحية.
وقال هاكابي إن استمرار التضييق على الجماعات المسيحية سيدفع السفارة الأميركية إلى إصدار بيان علني يُعلن أن "إسرائيل لم تعد ترحب بالمنظمات المسيحية"، مهددًا صراحة بأن السفارة ستدرس معاملة بالمثل للمواطنين الإسرائيليين الراغبين في دخول الولايات المتحدة.
ونقل التقرير عن هاكابي تحذيره من أن استمرار هذه السياسات "قد يُهدد عضوية إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة، الذي انضمت إليه قبل نحو عامين فقط".
وأشار المراسل الإسرائيلي إلى أن غضب المسيحيين الأميركيين ازداد بعد الهجوم الإسرائيلي على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، والذي دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تقديم اعتذار نادر بعد اتصالات مع كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبابا الفاتيكان ليو الـ14.
وفي تطور لافت، دخل الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، المدير الرسولي لبطريركية اللاتين الكاثوليك الحالي في القدس ، وهو أعلى مسؤول كاثوليكي في المدينة المقدسة، إلى غزة في زيارة إنسانية نادرة، مشككا في الرواية الإسرائيلية التي زعمت أنه "حادث عرضي".
وقال بيتسابالا، في مقابلة مع صحيفة إيطالية، "يقولون إنه كان خطأ، حتى لو كان الجميع هنا يعتقد أنه ليس كذلك"، مؤكدًا أن الوجود المسيحي في غزة سيبقى "مهما حدث".
انتقادات جمهورية
ويرى مراسل الصحيفة الإسرائيلية أن "تأثير هذه التطورات بدأ يظهر داخل الحزب الجمهوري"، ونقل عن المعلق الأميركي المحافظ مايكل نول قوله "أنتم تخسرونني. الحكومة الإسرائيلية تُحدث فوضى عارمة. يجب أن تنتهي هذه الحرب المروعة تماما".
كما نقل عن النائب الجمهوري رايلي مور دعوته لإسرائيل بـ"ضمان حماية الكنائس والمواقع المسيحية"، معتبرا ذلك انتقادا نادرا يصدر عن أعضاء جمهوريين في مجلس النواب.
وأشار المراسل إلى أن رد الفعل الأكثر حدة كان من النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا مارجوري تايلور غرين، أبرز منتقدي ترامب في قاعدة مؤيديه " لنجعل أميركا عظيمة مجددا"، التي قدمت تعديلًا على مشروع قانون الدفاع الأميركي، ودعت لإلغاء المساعدات العسكرية الإضافية لإسرائيل بقيمة 500 مليون دولار، مستشهدة بالقصف الإسرائيلي للكنيسة في غزة.
وقالت في كلمتها "يُباد شعب بأكمله بينما تواصل إسرائيل حربها العدوانية"، وأضافت "لديهم أسلحة نووية، ونظام رعاية صحية وتعليم عال ممول، بينما تبلغ ديون الأميركيين 37 تريليون دولار".
كما لفت المراسل إلى التحول السياسي داخل تيار "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" قائلا إنه "أصبح أكثر وضوحا، مع انفتاح بعض رموزه على خطاب أكثر نقدا للسياسات الإسرائيلية، مثل ما عبّر عنه الإعلامي تاكر كارلسون حين استضاف القس الفلسطيني مونتر إسحاق للحديث عن اضطهاد المسيحيين".
واختتم صامويلز تقريره بالتأكيد على أن ما يجري "لا يمثل أزمة عابرة، بل يعكس تحولا أعمق داخل التيار الإنجيلي المحافظ المؤيد لترامب، حيث بدأت العديد من الشخصيات داخله تدعو لإعادة النظر في دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل، لا سيما في ظل انتهاكها لحقوق المسيحيين الفلسطينيين وتجاهلها للتحذيرات".
يذكر أن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة طال مئات المساجد منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث وثقت وزارة الأوقاف في غزة تدمير أكثر من 966 مسجدا في القطاع بشكل كلي أو جزئي خلال العام الماضي، ولم تُقابل هذه الانتهاكات بانتقادات دولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 دقائق
- الجزيرة
الحرب على غزة مباشر.. مزيد من شهداء التجويع بينهم رضيعة والاحتلال يتلف مساعدات
في اليوم الـ659 من حرب الإبادة على غزة ، لا تزال المجاعة تتفاقم في القطاع حيث ارتفع عدد شهداء التجويع إلى 122 فلسطينيا بينهم 83 طفلا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الحرب على غزة مباشر.. إسرائيل تتلف مساعدات للقطاع وقطر ومصر تؤكدان استمرار الوساطة
في اليوم الـ659 من حرب الإبادة على غزة ، لا تزال المجاعة تتفاقم في القطاع حيث ارتفع عدد شهداء التجويع إلى 122 فلسطينيا بينهم 83 طفلا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. شيك بلا رصيد في مواجهة الفيتو الأميركي
في مواجهة حصار دبلوماسي خانق فرضته تل أبيب بدعم أميركي، تسعى بعض العواصم الأوروبية إلى كسر الصمت الدولي عبر الاعتراف بدولة فلسطين ، في ما يبدو أشبه بمحاولة رمزية لإعادة الحياة إلى حل الدولتين. غير أن هذه الاعترافات، التي كان آخرها ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، تصطدم بواقع جيوسياسي جامد، تتحكم في مفاصله واشنطن وتمنع أي تحوّل جوهري يُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية فعليا. وبينما وعدت فرنسا بإعلان رسمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، ربطت مبادرتها بـ"الالتزام التاريخي بتحقيق السلام العادل"، لكن الرد الأميركي جاء حاسما وساخرا في آن معا، إذ وصف الرئيس دونالد ترامب خطوة باريس بأنها "بلا وزن". هذا الموقف اعتبره المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" امتدادا للرؤية الأميركية الثابتة، وهو أنه لا اعتراف بدون شروط مسبقة، على رأسها الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل ، ورفض ما تسميه واشنطن بـ"التحريض على تدمير الدولة اليهودية". ويتجاوز هذا الموقف الخلافات السياسية العابرة، إذ يعكس تحالفا عضويا بين واشنطن وتل أبيب يحول دون أي خطوة دولية منفردة تتعلق بإقامة دولة فلسطينية. واللافت أن فرانكو لم ينف وجود تطلعات فلسطينية مشروعة، لكنه أعاد تدوير "الذرائع الكلاسيكية"، وهي غياب الوحدة الفلسطينية، وأن تكون هناك جهة تمثيلية موحدة، و"عدم وجود جغرافيا واضحة"، ليبقى الموقف الأميركي حارسا لمصالح إسرائيل ، وضامنا لاستمرار الوضع القائم. ضرورة أخلاقية في المقابل، ترى السيدة إميلي سورينبري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني ، أن الاعتراف بفلسطين لم يعد ترفا سياسيا، بل ضرورة أخلاقية تفرضها المجازر في غزة والشلل السياسي الدولي. وبحسبها، فإن "الاعتراف يجب أن يكون غير مشروط، وأن يُنفذ الآن"، مؤكدة أن بريطانيا تمتلك أدوات ضغط حقيقية، أبرزها العقوبات على المستوطنات والشركات المتورطة في البناء غير الشرعي، إضافة إلى إمكانية التأثير على واشنطن عبر علاقاتها الوثيقة مع الرئيس الأميركي. لكن هذه المبادرات، رغم ما تحمله من جرأة أخلاقية، تبقى معزولة في ظل غياب قرار أوروبي موحد وخطة تنفيذية قادرة على فرض الاعتراف كأمر واقع لا مجرد ورقة دبلوماسية. فكما حذّر النائب الفلسطيني الدكتور حسن خريشة، فإن الاعتراف إذا لم يُرفق بخطوات عملية مثل وقف التعاون العسكري مع إسرائيل، أو تجميد الاتفاقات الاقتصادية، فسيظل مجرد فعل رمزي، أو أسوأ من ذلك، "رشوة دبلوماسية" تستهدف كسب ود بعض الدول العربية في مسار التطبيع. ويرى خريشة أن التحركات الأوروبية قد تكون منسقة مع الإدارة الأميركية، حتى إن بدت واشنطن معترضة علنا، مستدلا على ذلك بتاريخ فرنسا التي زودت إسرائيل بالمفاعل النووي ، مشيرا إلى أن باريس تحاول الآن ترميم دورها التاريخي في المنطقة عبر ملف الاعتراف. لكنه نبّه إلى أن "جوهر المشكلة" لا يكمن فقط في غياب الاعتراف، بل في الاحتلال المستمر، والاستيطان المتسارع، والانقسام الفلسطيني، وصمت عربي يكرّس الهيمنة الإسرائيلية. أما المشهد في الداخل الإسرائيلي، فيكشف عن إجماع نادر بين مكونات الطيف السياسي الصهيوني ضد أي اعتراف أوروبي بفلسطين. فقد أكد الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن المعارضة كما الائتلاف يتشاركون موقفا رافضا لحل الدولتين، مشيرا إلى أن البرامج الانتخابية الإسرائيلية منذ 2015 لم تأتِ على ذكر هذا الحل إطلاقا، ما يدل على تحوّل بنيوي في الوعي السياسي الإسرائيلي يُقصي فكرة التسوية من أساسها. ويضيف مصطفى أن إسرائيل تعتبر أي اعتراف خارجي "إرهابا دبلوماسيا"، وتتعامل معه كتهديد وجودي، لأنها تدرك أن مجرد طرح الدولة الفلسطينية يعيد فتح الملف الفلسطيني دوليا، وهو ما تسعى إسرائيل إلى طمسه منذ سنوات. ويؤكد أن الرد الإسرائيلي العنيف لا علاقة له بأحداث غزة أو السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل هو موقف مبدئي مستقر، يعود إلى ما قبل هذه الوقائع. في الوقت نفسه، يُصرّ فرانكو على أن غياب دولة فلسطينية يعود إلى "انعدام الجهة التمثيلية الموحدة"، معتبرا أن منظمة التحرير لا تمثل جميع الفلسطينيين، وأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تظل عائقا رئيسيا أمام أي حل، كونها -وفق القانون الأميركي- "منظمة إرهابية". رؤية متماسكة لكنّ هذا الطرح يُقابل برؤية أكثر تماسكا من داخل البيت الفلسطيني، إذ يذكّر خريشة بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأنها قدمت اعترافا صريحا بإسرائيل منذ عقود، ومع ذلك لم تلقَ أي استجابة. ويضيف أن الفصائل الأخرى، بما فيها حماس، لا تعارض تمثيل المنظمة، ما يدحض ذريعة "الانقسام التمثيلي"، ويؤكد أن المشكلة في الطرف الرافض وليس الطرف المطالب بالدولة. وإذا كانت بعض الأصوات تراهن على تغيرات داخلية محتملة في إسرائيل، فإن مصطفى يحسم الموقف، مؤكدا أن غياب معارضة فاعلة، وهيمنة خطاب غيبي يميني مسياني، وافتقار الموقف العربي لأي صلابة أو تأثير، كلها عوامل تضمن استمرار رفض حل الدولتين إلى أجل غير مسمى. بهذا، يصبح الاعتراف الأوروبي أشبه بإعلان نوايا حسن، لكن من طرف أعزل، يفتقر إلى وسائل التنفيذ، ويواجه جدارا من الرفض المحصّن بالتحالف الأميركي الإسرائيلي. وبينما يراهن الأوروبيون على التأثير الأخلاقي والضغط الرمزي، تسير واشنطن وتل أبيب في اتجاه معاكس، يُعيد تدوير المعادلة ذاتها: لا دولة فلسطينية ما لم توافق إسرائيل، ولا موافقة من إسرائيل ما دام الرفض هو القاعدة، والغطاء الأميركي حاضر بقوة.