logo
"كتالوج".. دراما إنسانية ترسم مشهد الأبوة والاحتواء بعد الفقد

"كتالوج".. دراما إنسانية ترسم مشهد الأبوة والاحتواء بعد الفقد

الغدمنذ 5 أيام
ديمة محبوبة
اضافة اعلان
عمان- في كثير من الأحيان، لا نكون بحاجة لقصة معقدة تؤرقنا مجريات أحداثها، إنما لحكاية صادقة تلامس القلب والروح ونستشعر فيها قيما ومشاعر نحن في أمس الحاجة إليها."كتالوج"، ليس مجرد مسلسل يعرض على الشاشات، بل رحلة دافئة وصادقة تفسر الفقد بمنظور آخر، وعبر رحلة بناء الذات واكتشافها من جديد.تتلخص الأحداث بحكاية أب لطفلين يقف وحيدا، لا يعرف كيف يكمل مشوار حياته، فيجد في صوت زوجته الراحلة دليلا وكتالوجا يساعد في اكتشاف الحياة.يلامس "كتالوج" الأعماق؛ ففي ثمانية حلقات فقط، يلمس المشاهد أعمق المشاعر بأدق التفاصيل؛ يتجلى ذلك بدفء العائلة، وقوة الحب، وتقدير من نحب في حياته، وإعادة تعريف معنى الأبوة بعد الفقد في رحلة نضج واكتشاف.يعرض العمل على منصة "نيتفليكس" ورغم عرضه منذ أيام معدودة، إلا أنه نجح في التربع على عرش المشاهدة ليس فقط في مصر، بل في معظم الدول العربية.شهد العمل حالة من التفاعل الواسع من قبل الجمهور والنقاد على حد سواء. وهو من إخراج وليد الحلفاوي وكتبه أيمن وتار، وبطولة الفنان محمد فراج، إذ يبدو للوهلة الأولى بسيطا في حبكته، لكنه يخفي تحت هذا القالب الدافئ قضايا إنسانية مركبة، وطرحا دراميا ناضجا ومؤثرا من النادر أن يوجد بهذا التوازن.يبرهن مسلسل "كتالوج" على أن الدراما لا تحتاج إلى الإطالة أو التعقيد لتلامس الأعماق؛ فثماني حلقات فقط كانت كفيلة بهزّ مقولة طالما ترددت في أروقة السينما والتلفزيون: "الجمهور عاوز كده"، على العكس، يكشف العمل أن الجمهور متعطش للدراما الصادقة، ولحكايات تفيض بالإنسانية والتميز.يرتكز العمل على فكرة بسيطة في ظاهرها: أب يجد نفسه فجأة أمام مسؤولية تربية طفليه بعد وفاة زوجته المفاجئة. لكن قوة العمل لا تكمن في الحدث بحد ذاته، بل في طريقة معالجته الهادئة والعميقة.ويعثر الأب يوسف (محمد فراج) على سلسلة من مقاطع الفيديو التي كانت زوجته أمينة (ريهام عبد الغفور) قد سجلتها قبيل وفاتها، في قناتها على اليوتيوب باسم "كتالوج مع أمينة" وهي حلقات تبين فيها مواقف يتعرض لها الوالدين مع أبنائهم وكيفية التعامل معهم، لتكون هذه الحلقات بمثابة كتالوج إرشادي ليوسف بعد غيابها.الحكاية تبدو شبه مثالية من حيث البناء، لكن في كل حلقة ترتكز على فيديو، وكل فيديو يفتح بابا نحو لحظة تواصل بين الأب وأبنائه، في رحلة لاكتشاف الذات قبل أن تكون رحلة تربية، ولا تكون المشاهد بسياق من الملل والتوقع، بل عباره عن موازنة بين المشاعر والفكاهة، الحزن والأمل.محمد فراج يقدم أحد أكثر أدواره نضجا في مسيرته، حيث يغوص في شخصية "يوسف" بانفعالات مركبة، ممزوجة بخجل الأب الطارئ، وارتباك الرجل المكلوم، فليس من السهل أن تقدم شخصية تقع على الحد الفاصل بين الحزن والضحك، لكنه يفعل ذلك بخفة وظلال إنسانية واضحة.في المقابل، الظهور الخاص لريهام عبد الغفور كان نقطة محورية في العمل، رغم محدودية مشاهدها. فهي لا تحضر إلا عبر الفيديوهات، لكنها تفرض وجودها كعنصر حي، حاضر دائما في ضمير السرد البصري والنفسي.وترسم شخصيتها بعناية كأم مثالية، محبة، وتكمل عبر ذكراها بناء شخصية "يوسف الأب".أما الطفلان ريتال عبد العزيز وعلي البيلي، فقدما أداء مؤثرا من دون مبالغة، ونجحا في كسر الصورة النمطية للأطفال في الدراما أيضا، فتتنوع الأدوار المساندة بين الكوميديا الخفيفة التي يقدمها بيومي فؤاد وسماح أنور، والرؤية الواقعية التي يضيفها خالد كمال وتارا عماد، ما جعل من كل شخصية لبنة في البناء لا حشوا في السرد.الكاتب أيمن وتار، المعروف بقدرته على ايجاد توليفة درامية ذات طابع إنساني، يبرع هنا في رسم خطوط سيناريو محكمة من دون ابتذال، لا يعتمد على المفاجآت الكبيرة أو الصراعات المصطنعة، بل يركز على تطور العلاقة بين الأب وأبنائه، وعلى مشاعر الإنسان وهو يعيد اكتشاف ذاته في ظل غياب من يحب.والمخرج وليد الحلفاوي بدوره يحافظ على هذه النغمة طوال العمل، فيخرج المشاهد وكأنها تنتمي إلى عالم خاص، دافئ، مليء بالضوء والذكريات. اللقطات المقربة، زوايا التصوير المتعاطفة، وحتى الديكور الذي يجسد فقدان الأم من دون أن يتحول إلى ضحية، كلها عناصر تصنع هوية بصرية متجانسة للعمل.لاقى المسلسل إشادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره كثيرون نموذجا ناضجا في تقديم الأبوة بصورة جديدة، بعيدا عن النمط التقليدي للرجل المهمل أو الصارم.وأثنى الفنانون والنقاد على جرأة العمل في المراهنة على البساطة، وعلى تقديم رسائل مجتمعية وتربوية من دون خطاب مباشر أو تنظير."كتالوج" يثبت أن الدراما العائلية، حين تقدم بإخلاص ودقة، قادرة على أن تلامس الجميع، وأن تحفر مكانتها في قلوب المشاهدين، لا فقط في "ترندات" الإنترنت.هو ليس مسلسلا عن الفقد والتربية، بل هو تجربة وجدانية متكاملة تعيد صياغة مفاهيم الأبوة، وتعيد الاعتبار للدراما العائلية في زمن تسيطر فيه الإثارة على أغلب الأعمال، فهو عمل ينتمي إلى تلك الفئة النادرة من المسلسلات التي تعاد مشاهدتها لا لمجرد الترفيه، بل لاستعادة دفء تم فقده.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كورال 'هارموني' المصرية يضيء المسرح الشمالي في مهرجان جرش- صور
كورال 'هارموني' المصرية يضيء المسرح الشمالي في مهرجان جرش- صور

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

كورال 'هارموني' المصرية يضيء المسرح الشمالي في مهرجان جرش- صور

أحيت فرقة كورال هارموني المصرية أمسية فنية مميزة على المسرح الشمالي ضمن فعاليات الدورة 39 لمهرجان جرش للثقافة والفنون، وسط حضور جماهيري لافت، وبمشاركة وحضور السفير المصري في عمان، ووزير الثقافة الأردني، ومدير عام المهرجان. وقدمت الفرقة باقة من الأغاني التراثية المصرية والأردنية، ضمن أجواء احتفالية جمعت بين الأصالة الموسيقية والتبادل الثقافي العربي، في إطار سلسلة العروض الشبابية التي يحتضنها المهرجان هذا العام تحت شعار: 'هذا الأردن… مجده مستمر'. وشكلت مشاركة هارموني إضافة نوعية على منصة المسرح الشمالي، إذ جاءت ضمن مشاركة عشرات الفرق والفنانين من أكثر من 35 دولة عربية وأجنبية، ضمن توجه المهرجان لإبراز الطاقات الشبابية والمواهب الواعدة من مختلف دول العالم. تعد فرقة كورال هارموني عربي واحدة من أبرز التجارب الغنائية الشبابية في مصر خلال السنوات الأخيرة، إذ انطلقت من جامعة عين شمس عام 2022، بهدف خلق مساحة فنية حرة للهواة والموهوبين في مجال الغناء الجماعي العربي.

وفاء عامر تواجه اتهامات بتجارة الأعضاء ونقابة الممثلين تدافع عنها بقوة
وفاء عامر تواجه اتهامات بتجارة الأعضاء ونقابة الممثلين تدافع عنها بقوة

البوابة

timeمنذ 4 ساعات

  • البوابة

وفاء عامر تواجه اتهامات بتجارة الأعضاء ونقابة الممثلين تدافع عنها بقوة

تعيش الفنانة المصرية وفاء عامر حالة من الجدل الكبير، بعد ظهور فتاة تُدعى "مروة" على منصة "تيك توك"، أطلقت من خلالها اتهامات صادمة بحق النجمة، زاعمة ضلوعها في قضايا تتعلق بالإتجار بالأعضاء البشرية، وربطت اسمها باللاعب الراحل إبراهيم شيكا، مدعية أنه كان ضحية لتلك الممارسات، بمشاركة من أرملته "هبة أيمن". ويأتي هذا الادعاء رغم أن اللاعب كان قد رحل مؤخرًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وتحديدًا سرطان المستقيم، بحسب ما أكدته مصادر طبية وأسرته. ورغم خطورة هذه المزاعم، لم تتأخر نقابة المهن التمثيلية في مصر عن إعلان موقفها الداعم لوفاء عامر، حيث أصدرت بيانًا رسميًا وصفت فيه ما تتعرض له بأنه "حملة ممنهجة هدفها تشويه السمعة". وأكدت النقابة أنها شكّلت لجنة قانونية من كبار المحامين لمتابعة القضية، وملاحقة من يقف خلف هذه الإساءات قانونيًا. البيان جاء حازمًا، إذ أشارت النقابة إلى أن وفاء عامر صاحبة مسيرة فنية طويلة ومواقف إنسانية ووطنية لا يمكن إنكارها، مشددة على أنها تواصلت مع الفنانة للاطمئنان عليها، وستبقى إلى جانبها حتى تظهر الحقيقة ويُردع كل من أساء إليها. الموقف الداعم من النقابة لم يكن الوحيد، إذ حظيت وفاء عامر بسند كبير من زملائها في الوسط الفني. الفنان هاني رمزي كتب عبر صفحاته: "أختي وزميلتي وفاء عامر.. مفيش حد في جدعنتك ولا طيبتك، وربنا يحفظك من كل سوء". كما شاركت الفنانة أنوشكا بيان النقابة عبر حسابها، تأكيدًا لتضامنها الكامل معها. يُذكر أن وفاء عامر كانت قد أبدت مؤخرًا دعمها للفنانة السورية سلاف فواخرجي بعد قرار فصلها من نقابة الفنانين في سوريا، وهو ما يعكس طبيعة علاقاتها الإنسانية الداعمة لزملائها في أوقات الأزمات. وسط هذه العاصفة، تلتزم وفاء عامر الصمت، تاركة المجال للقانون والحقائق للكشف عن الحقيقة، بينما يواصل الوسط الفني الوقوف إلى جانب واحدة من أبرز وجوه الشاشة المصرية.

منحوتات باكير.. حينما يتحول الطين "مرآة" للروح والحالات الإنسانية
منحوتات باكير.. حينما يتحول الطين "مرآة" للروح والحالات الإنسانية

الغد

timeمنذ 12 ساعات

  • الغد

منحوتات باكير.. حينما يتحول الطين "مرآة" للروح والحالات الإنسانية

أحمد الشوابكة اضافة اعلان عمان- وسط جمالية الأصوات والأنغام واللوحات التي تعبق بها أروقة مهرجان جرش للثقافة والفنون، أطلت الفنانة الشابة زينة باكير، طالبة الفنون البصرية في الجامعة الأردنية، بتجربتها النحتية الأولى في المعرض، وهي تحمل على كتفيها شغف البدايات وجرأة الاكتشاف، في أعمال تجمع بين التجريد والرمزية والتقنية، لتمنح المتلقي تجربة بصرية عميقة تتجاوز حدود الشكل نحو المعنى.قدمت باكير ثلاث قطع نحتية مختلفة، من حيث المادة والشكل والفكرة، لكنها تندرج كلها تحت رؤية فنية تسعى إلى مساءلة العلاقة بين الإنسان والخوف، الكائنات والتجسيد، وبين الخامة والرمز.القطعة الأولى كانت عبارة عن تجريد لثعلب أحمر، صنعته من مادة الطين (water clay)، وقامت بتلوينه ثم طلاؤه بمادة الرزن لحمايته من التشقق، في محاولة للحفاظ على تماسك الشكل أمام الزمن والعوامل المحيطة. لم يكن الثعلب هنا مجرد كائن من البرية، بل رمزا مراوغا للدهاء والحذر والانسيابية، وكأن الفنانة تستحضر الحيوان بوصفه استعارة لكائن خفي فينا، مراوغ، متأهب، ومتربص في الزوايا النفسية.وفي تطور تقني وفكري لهذا العمل، أنجزت القطعة الثانية، وهي تجسيد لفكرة الثعلب نفسها ولكن بحجم أكبر، ومن خامة مغايرة كليا، حيث استخدمت الحديد المبروم. بعد عملية قياس دقيقة، قطعت الحديد ولحمته بزوايا محسوبة، ثم نظفت بقايا اللحام، ودهنت الشكل بطبقة من المعجون، قبل أن تنهي العمل برشه بالسبراي الأحمر.التحول من الطين إلى الحديد لم يكن مجرد خيار تقني، بل فعل دلالي: من الطين إلى الحديد، من الهشاشة إلى القوة، من الشكل العضوي إلى المعدني، لكنها رغم ذلك حافظت على الفكرة الجوهرية، ما يدل على وعيها بمرونة الرمز وصرامة التقنية.أما القطعة الثالثة، فكانت الأكثر رمزية ووجدانية، بعنوان "Petrification"، وهي منحوتة ليد وقدم هزيلتين مقيدتين، مصنوعتين من الطين ومطليتين بالرزن، اختارت زينة هذا العنوان لأنه يجمع بين معنين متكاملين: الأول هو التحول الفيزيائي للمادة العضوية إلى مادة حجرية، وهو ما يشبه حالة الطين عندما يتحول إلى ما يشبه الصخر بعد الجفاف والتثبيت، والثاني هو التحجر النفسي الناتج عن الخوف الشديد الذي يشل الحركة ويمنع الفعل.في هذه القطعة، تظهر اليد والقدم كجسدين صغيرين في قيد لا مرئي، كأن الخوف نفسه هو ما يقيدهما، أو كأننا أمام تمثيل لحالة نفسية غائرة في الوجدان البشري، حيث لا يمكن الهرب ولا الدفاع، فقط الصمت والانكماش.زينة باكير لا تكتفي بالنحت بوصفه شكلا أو مهارة، بل تراه وسيلة للتعبير عن الأسئلة العميقة، وعن حالات إنسانية لا تقال بسهولة. في حديثها لـ"الغد"، قالت "أنا مهتمة بأن يكون لكل عمل صوت خاص... أحب أن أشتغل على فكرة، لا مجرد شكل. لذلك أحرص على أن تخدم الخامة الفكرة، وأن تكون التجربة تفاعلية، فيها جهد بدني وفكري معا. النحت ليس تزيينا، بل وسيلة لسؤال العالم".وفي خضم شغفها التجريبي، تؤكد أنها تحاول الموازنة بين التقنية والرمزية، وبين الصنعة والوجدان، حيث يكون لكل منحوتة روحها الخاصة ونداؤها الداخلي.تقول الفنانة باكير إنها تطمح إلى مواصلة طريقها في تطوير مشروع فني شخصي يجمع بين التكوين والنقد والمجتمع، وتسعى لإقامة معرض فردي يضم مشاريع نحتية تعبر عن قضايا الإنسان والبيئة، كما تأمل بإكمال دراستها العليا في مجال النقد الفني للاستفادة من التجارب العالمية في إعادة تعريف وظيفة الفن.في زمن تتسارع فيه الصور وتبهت فيه المعاني، تأتي أعمال باكير لتعيدنا إلى جوهر الفن الحقيقي، أن نلمس المعنى بيدينا، أن نرى الخوف في منحوتة، وأن ندرك أن الجسد وحده قادر على قول ما تعجز عنه الكلمات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store