
تحديات تعيق قوة السلام الأفريقية في الصومال
رسمت هذه التحديات مجموعة من علامات الاستفهام التي تجاوزت الإعاقات المرتبطة بتشكيل البعثة وطبيعة مشاركة الدول المساهمة فيها إلى إلقاء الأضواء على مشكلات عميقة وجذرية تهدد مستقبل القوة الأفريقية في بلاد البنط بكل ما لذلك من تداعيات محلية وإقليمية.
التزام أفريقي بأمن الصومال
استضاف الصومال 3 بعثات لدعم السلام تابعة للاتحاد الأفريقي على مدى عقدين من الزمان:
الأولى، بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) بين عامي 2007 و2022.
تلتها، بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) بين عامي 2022 و2024.
والآن، بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال (أوصوم).
ومثلت هذه البعثات المتتابعة أطول مشاركة أمنية للقارة بدعم سياسي دولي كبير ومساهمات عسكرية، مما يشير بوضوح إلى خطورة التهديد الإرهابي الذي تمثله حركة الشباب ، والذي لا تبدو في الآفاق القريبة أي بوادر لإعلان فصله الختامي.
وقد تمت الموافقة على إنشاء "أوصوم" من قبل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في الأول من أغسطس/آب 2024، وأيدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال القرار 2767 المتخذ في 27 ديسمبر/كانون الأول 2024، ووفقا للمنشور على موقع البعثة في الشبكة العنكبوتية، فإن الهدف النهائي لها هو نقل المسؤوليات الأمنية كاملة للقوات الصومالية في ديسمبر/كانون الأول 2029.
أهداف البعثة
وفي سبيل بلوغ هذه الغاية، يناط بالبعثة إنجاز مجموعة من الأهداف ومنها:
دعم الحكومة الفدرالية الصومالية في الحفاظ على المكاسب الأمنية وتعزيز قواتها الأمنية.
إضعاف حركة الشباب والجماعات التابعة لها المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك تعطيل حركتهم وتقييد وصولهم إلى التمويل غير المشروع.
دعم الاستقرار في الصومال وتمكين أولويات بناء الدولة، وبناء قدرات قوات الأمن والشرطة الصومالية وتسهيل النقل المنظم للمسؤوليات الأمنية إلى الصومال.
وبالنظر إلى طبيعة تركيبها وأهدافها، يمكن القول إن "أوصوم" بعثة متعددة الأبعاد تتألف من مكونات عسكرية وشرطية ومدنية.
ويبلغ العدد المعتمد لأفرادها من قبل مجلس الأمن الدولي 11 ألفا و826، منهم 680 من أفراد الشرطة، وقد دعت قمة الدول المساهمة فيها المعقودة في أبريل/نيسان 2025 إلى زيادة قوام القوات بـ8 آلاف فرد إضافي لمواجهة التحديات الأمنية.
عجز مالي خطير
ومنذ إقرار تشكيلها في أغسطس/آب 2024 واجهت "أوصوم" عددا من التحديات التي أخرت تشكيلها ونشرها، ويمثل الشق المتعلق بالتمويل أهم هذه التحديات، ويشير تحليل مطول منشور في "معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية" إلى الطبيعة المزمنة لهذه العقبة المالية، موضحا أن أوصوم "ورثت المشاكل المالية" التي عانت منها بعثة "أتميس" التي سبقتها.
ووفقا للتقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى مجلس الأمن في السابع من مايو/أيار 2025، فإن الميزانية التقديرية من يوليو/تموز 2025 إلى يونيو/حزيران 2026 تبلغ ما قيمته 166.5 مليون دولار، في حين برزت الحاجة العاجلة لتأمين نحو 96 مليون دولار لتغطية نفقات البعثة بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2025.
ويوضح تحليل صادر عن مركز "أماني أفريكا" أن تحدي التمويل يتجاوز هذا الرقم ليشمل الديون الكبيرة الموروثة من "أتميس" التي تبلغ 92 مليون دولار، بجانب المتأخرات المستحقة للدول المساهمة بقوات فيها بين 2022 و2024 والتي تقارب بدروها 94 مليون دولار.
وقد كشفت كل هذه الأرقام عن عجز واضح في سد الفجوة التمويلية بالنظر إلى أن ما تم جمعه لم يتجاوز قرابة 16.7 مليون دولار، وهو ما يُعزى إلى مجموعة من الأسباب، يأتي على رأسها إرهاق المانحين، والإحباط من النتائج، وطغيان أولويات جيوسياسية أخرى.
وفي هذا السياق، فإن الاتحاد الأوروبي -الذي يعد أكبر مساهم في دعم البعثات المتوالية بما يقرب من 2.7 مليار يورو- يبدي الآن رغبة متضائلة في تحمل هذه المسؤوليات معلنا عن تعهده بـ70 مليون يورو فقط مقارنة بـ270 مليونا خصصت للفترة من يوليو/تموز إلى ديسمبر/كانون الأول 2023.
وبينما أبدت العديد من القوى الدولية والإقليمية اهتمامها بهذه البعثة، فإن مساهماتها لا تتجاوز مبالغ متواضعة قياسا إلى الرقم المستهدف.
من جهة أخرى، كشفت الخلافات حول تطبيق القرار الأممي 2719 عن عمق الأزمة التي تواجهها البعثة، ولهذا القرار آلية أقرها مجلس الأمن الدولي في ديسمبر/كانون الأول 2023 تسمح بتمويل 75% من عمليات السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي.
وبعد عام من هذا التاريخ ، اشترط المجلس ذاته إمكانية تطبيق القرار في الحالة الصومالية بموافقة مجلس الأمن في جلسة قُرر لها أن تعقد بحلول 15 مايو/أيار 2025.
وهنا برزت معارضة الولايات المتحدة، ولا سيما تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، لاستخدام القرار لتمويل البعثة في الصومال بذرائع مختلفة، كعدم التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمساءلة المالية، وهو ما قاد في النهاية إلى فشل مجلس الأمن في اعتماد القرار في جلسته المنعقدة 12 مايو/أيار 2025، ملقيا بالكثير من الضباب حول آفاق استمرارية "أوصوم".
توترات سياسية تعيق تشكيل البعثة
لم تكن العقبة المالية وحدها التي أعاقت "أوصوم" فقد أثرت التوترات السياسية على سرعة تشكيل القوات المنضوية تحت لوائها وبالتالي على فعاليتها الميدانية.
وفي هذا السياق، برزت الأزمة التي اندلعت بين الصومال وإثيوبيا مطلع عام 2024 على خلفية توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، حيث أعلنت مقديشو رفضها القاطع لمشاركة إثيوبيا التي مثلت أحد المساهمين الرئيسيين في البعثات الأفريقية في الصومال، مما أدى إلى تأخير حسم التشكيل النهائي لـ"أوصوم" إلى فبراير/شباط 2025 بعد نجاح الوساطة التركية في قيادة مبادرة للمصالحة بين مقديشو وأديس أبابا.
كذلك أدت الخلافات بين الصومال وبوروندي بشأن أعداد القوات المخصصة لها إلى سحب الأخيرة نهاية عام 2024 لتعهدها بالمساهمة في "أوصوم"، وهو ما أخر بدوره تشكيل البعثة.
كما حذر مراقبون من أن انسحاب بوجمبورا يهدد بفقدان الخبرة التي اكتسبتها بوروندي من مشاركاتها في البعثة منذ عام 2007، مما سيزيد من ضعف البعثة ومن الضغط على قدرتها التشغيلية.
وبينما أدى عدم اليقين بشأن حجم المساهمة العسكرية المرتقبة للدول إلى عدم الوضوح بشأن البنية التشغيلية وتصميم وقيادة وتحكم "أوصوم"، فإنه قاد أيضا إلى ضبابية في نوع القدرات التي تحتاجها القوة ونوع الدعم اللوجيستي الذي ستوفره الأمم المتحدة لها، وفقا للأستاذ بجامعة جورج ميسون الأميركية بول ويليامز.
الملكية المحلية
ويربط مراقبون بين عواقب الخلافات السابقة واستخدام "الملكية المحلية" لعمليات السلام، وهو مفهوم أقرته الأمم المتحدة عام 2001 كوسيلة لتمكين الجهات الفاعلة والمجتمعات المحلية في عملية بناء السلام، ويشير في السياق الحالي إلى رغبة مقديشو في تولي زمام المبادرة والقيادة في جميع جوانب عمليات دعم السلام على أراضيها.
وعلى خلاف البعثات السابقة حيث كان للاتحاد الأفريقي اليد العليا في كيفية تكوين البعثة، فقد لعبت الحكومة الصومالية دورا محوريا في تحديد مساهمات الدول المشاركة في "أوصوم" من خلال تفاهمات ثنائية، مما أدى إلى انعكاس التوترات والخلافات بين بعض الدول المشاركة في البعثة والدولة المضيفة على سرعة تكوين القوة وفعاليتها.
وبينما ترى بعض القراءات -ومنها تحليل منشور على مركز "أماني أفريكا"- أن استخدام الحكومة الصومالية لمفهوم الملكية المحلية أدى إلى "تسييس" البعثة بشكل أكبر وجعل تشكيلها "عرضة للنزاعات السياسية الداخلة والخارجية" للصومال.
تذهب السلطات في مقديشو إلى تأكيد أن هذا المفهوم ضرورة عملية لتكون البعثة متوافقة مع الأولويات الوطنية للبلاد، بما يتماشى مع خطة التنمية الأمنية الصومالية والهيكل الأمني الوطني مما يضمن للبعثة النجاح وللبلاد الاستقرار على المدى الطويل.
مخاوف من انهيار البعثة
رغم الخلافات في تقييم كفاءة ومدى نجاح دور البعثة الأفريقية في الصومال، فإن هناك دعوة واسعة لدعم استمرار عمليات "أوصوم" ولإيجاد بدائل تمويلية تتيح لها الصمود للأعوام القادمة، حيث أدى نقص التمويل إلى زعزعة استقرار عمليات البعثة وتفاقم مشكلة المساهمين في قواتها، كما أن انقطاع الرواتب لشهور يقوض الروح المعنوية لأفرادها، ويلقي بظلال سلبية كثيفة على قدرتها على القيام بمهامها.
من جانب آخر، يقود ضعف التمويل إلى تراجع أداء البعثة وإحداث فراغ أمني تستغله حركة الشباب التي تصاعد نشاطها في الأشهر الأخيرة، كما يضعف قدرتها على إعداد قوات الأمن الصومالية لتولي مهامها في الموعد المخطط له (2029)، مما يزيد من الاعتماد على الدعم الخارجي ويدخل البلاد في دوامة عدم استقرار جهنمية.
ويشير المحلل الأول في مجموعة الأزمات الدولية دانييل فورتي إلى أن غياب حل تمويلي مستدام قد يضطر الاتحاد الأفريقي إلى تقليص عمليات بعثته في الصومال قبل أن يصبح مستعدا لذلك بوقت طويل، وحينها "قد تندم الدول على التكاليف طويلة الأجل لقرارها، حتى لو وفّر لها ذلك المال اليوم".
وعلى المدى البعيد يشير تحليل صادر عن "معهد الدراسات الأمنية" إلى أن تداعيات فشل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال ستتردد في جميع أنحاء المنطقة، وستشجع المتطرفين، وستثير تساؤلات عن قدرة الاتحاد الأفريقي على تحقيق الاستقرار في بؤر الصراع الساخنة.
هل من حلول بديلة؟
في المقابل تذهب بعض التقديرات إلى منحى أكثر تفاؤلا بشأن احتمال أن تؤدي أزمة "أوصوم" إلى حلول بديلة، إذ يؤكد مقال شارك في كتابته سليمان أدييل ديرسو المدير المؤسس لـ"مركز أماني أفريكا" أن هذه الاحتمالية على خطورتها قد تكون لحظة مناسبة لتغيير المسار ومحاولة اتباع نُهج جديدة بدلا من التشبث بنموذج يتمثل دوره في إدارة الأزمة التي تواجه الصومال وليس حلها.
وفي هذا السياق، يشير المقال إلى أن إنهاء مهمة الاتحاد الأفريقي في الصومال قد يفتح الباب أمام قيام شراكات أمنية ثنائية أو تحالف عسكري إقليمي مؤقت لمواجهة حركة الشباب، وهو ما يشبه قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات في حوض بحيرة تشاد، كما أنه قد يجبر القوى السياسية والاجتماعية الصومالية على العمل لرسم خريطة طريق مدعومة اجتماعيا لحل الصراع سياسيا بما يتجاوز الحلول العسكرية التي تدعمها عمليات دعم السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الجزيرة نت تستعرض أبرز ملامح خريطة انتخابات مجلس الشيوخ بمصر
القاهرة- من المقرر أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات المصرية، الجمعة المقبلة، القائمة النهائية لأسماء المرشحين في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، بعد الانتهاء من فحص الطعون، وذلك بعد تسجيل 469 مترشحا بالنظام الفردي وقائمة واحدة في الفترة من 5 إلى 10 يوليو/تموز الجاري. وأعادت التعديلات الدستورية في عام 2019، مجلس الشيوخ مرة أخرى بعد إلغائه، وجرت انتخاباته سنة 2020 بنظامي الفردي والقائمة، لاختيار 200 عضو بالاقتراع العام السري المباشر، فيما يعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 10 مقاعد من إجمالي عدد المقاعد. ويوجد في مصر 27 دائرة للانتخاب بالنظام الفردي، و4 للانتخاب بنظام القائمة، يُخصص لاثنتين منها 13 مقعدا لكل واحدة، ويُخصص للأخريين 37 مقعدا لكل واحدة منهما، فيما تجرى عمليات التصويت للمصريين بالخارج يومي 1 و2 أغسطس/آب المقبل، ويومي 4 و5 من الشهر ذاته في الداخل. توزيع المقاعد على نظام القوائم، تتصدر "القائمة الوطنية من أجل مصر"، التي أعلنها حزب "مستقبل وطن" صاحب الأغلبية البرلمانية الحالية، في 3 يوليو/تموز الحالي، وضمت 12 حزبا، تتقدمها أحزاب الموالاة الأخرى الرئيسية مثل حماة الوطن، والجبهة الوطنية، والشعب الجمهوري، والوفد، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، وتتجه للفوز بالتزكية بعد ترشحها بلا منافس. ووزعت القائمة الوطنية مقاعد المجلس المائة كالتالي: حزب مستقبل وطن: 44 مقعدا. حزب حماة الوطن: 19 مقعدا. حزب الجبهة الوطنية: 12 مقعدا. الشعب الجمهوري والحزب المصري الديمقراطي: 5 مقاعد لكل منهما. حزبا الإصلاح والتنمية والعدل: 4 مقاعد لكل منهما. حزبا التجمع والوفد: مقعدان لكل منهما. أحزاب المؤتمر وإرادة جيل والحرية: مقعد واحد فقط. أما المقاعد الفردية الـ100، فتصدرت السباق كذلك أحزاب الموالاة وهي مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية والشعب الجمهوري، وفق تقديرات أولية. ويتنافس عليها بقوة تحالف الطريق الديمقراطي الذي يضم أحزاب العدل (20 مقعدا) والمصري الديمقراطي (7 مقاعد) والإصلاح والتنمية (4 مقاعد)، فيما لم تشارك أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية في هذا النظام. ويخوض هذه الجولة أحزاب متحالفة مع النظام السياسي مثل " النور" بـ15 مقعدا في مراكز ثقل التوجه السلفي خاصة محافظة كفر الشيخ شمالي مصر ، وحزب الجيل الديمقراطي بـ12 مقعدا. ويرى مراقبون أن أحزاب الموالاة تتحرك بثقة في الفوز، فيما انقسمت المعارضة على نفسها بين عدم المشاركة والتحالف مع قائمة الموالاة أو مع عدد محدود من مكوناتها. من جهته، أكد أحمد عبد الجواد نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام، على ضرورة المشاركة بقوة وفاعلية في الانتخابات. فيما قال الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية، السيد القصير -في بيان- أن الحزب يولي أهمية قصوى لأن يخرج هذا السباق بصورة مشرفة تليق بالدولة المصرية، وتعكس الإرادة الشعبية الحقيقية، وتُفرز كوادر وطنية. مقاطعة في المقابل، أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية (13 حزبا معارضا وشخصيات عامة) عدم المشاركة، وفق تصريح المتحدث باسمها وليد العماري، للجزيرة نت، مؤكدا أن تركيزهم سيكون على انتخابات مجلس النواب المقبلة، فيما انتقد حزب المحافظين عضو الحركة -في بيان- "القائمة الموحدة واتساع الدوائر الفردية". واختارت 5 أحزاب محسوبة على المعارضة الدخول في القائمة الوطنية من أجل مصر، وهي المصري الديمقراطي، والعدل والإصلاح والتنمية، والعدل، والتجمع، والوفد، وبرروا ذلك بتعزيز فرص مشاركتهم في الحياة النيابية والتشريعية. في حديثه للجزيرة نت، يقول رئيس حزب الجبهة الديمقراطية تحت التأسيس، هلال عبد الحميد، إن القائمة الوطنية فازت عمليًا بالتزكية، لأن حصولها على 5% من أصوات الناخبين -كما يشترط القانون لإعلان فوزها- أمر سهل، في ظل وصول نسب المشاركة إلى 8% على المقاعد الفردية في الانتخابات الماضية. ويتوقع أن تحقق أحزاب الموالاة نتيجة كبيرة على المقاعد الفردية التي "باتت من الاتساع بشكل يعرقل فرص أي مرشح معارض أو مستقل"، ويرى أن الانتخابات الراهنة لن تغير من وضع القوى السياسية الفاعلة في مصر؛ "حيث تتشابه منذ عام 2015، ولا توجد اختلافات تذكر بينها من حيث فوز الموالاة وإنتاج برلمان تحت السيطرة". وطال العزوف هذه المرة -وفق عبد الحميد- المرشحين بنصف عدد مرشحي انتخابات شيوخ 2020، "ما يعني أن المواطنين أحجموا عن المشاركة في انتخابات محجوزة بالكامل للموالاة ومن تحدده جهات التنسيق الانتخابي"، على حد تقديره، محذرا من إعادة مشهد انتخابات برلمان 2010. بدوره، اعتبر عبد الناصر قنديل خبير النظم والتشريعات الانتخابية، مدير المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية أن قلة عدد المرشحين (469) مؤشر مقلق، لكونه يتعلق بمدى حماس المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية، مقارنة بـ792 في انتخابات 2020. أسباب العزوف ويضيف قنديل للجزيرة نت أن هذا التراجع يحتاج إلى إعادة نظر في عزوف المواطنين، مرجعا ذلك إلى "التمسك بنظام انتخابي صعب يضم قائمة مطلقة مغلقة، يفوز فيها من يحقق 51% بكل شيء، بينما لا يفوز الباقي بأي شيء، مع اتساع مساحات الدوائر الفردية، بما يجعل الأمر برمته أقرب للتزكية". ووفقا له، فإن ارتفاع قيمة تأمين دخول الانتخابات (30 ألف جنيه) يصعّب أيضا على القوى الحزبية والسياسية خوض الانتخابات، مستشهدا بحزب التجمع (يساري) الذي قرر عدم خوض الانتخابات الفردية لعدم امتلاكه نفقات مالية تسع الدوائر الحالية، و"كأنها معركة انتخابية للأثرياء فقط". من جهته، قال مرشح "القائمة الوطنية" عن الحزب المصري الديمقراطي، محمد طه عليوة، إنه كان يأمل في مشاركة قوائم أخرى، وربط حالة العزوف "بسبب اقتناع البعض بفوز قائمته نتيجة الحشد المحتمل في الأقاليم والقرى والأرياف". ويوضح للجزيرة نت أن القائمة الوطنية تضم أحزابا معارضة مثلهم كالوفد والتجمع والعدل والإصلاح والتنمية، ارتأت أن المشاركة في قائمة واحدة أفضل من الانعزال والمقاطعة، من أجل تأثير أكبر في المسارين التشريعي والجماهيري. وأشار إلى تعذر إعداد قائمة للمعارضة على نظام القوائم المطلقة المغلقة، فيما يرى أن هناك فرصة للناخبين لاختيار المعارضة على المقاعد الفردية. من ناحيته، رجّح أمين التنظيم المركزي في حزب العدل حسام حسن الخشت، فوز "القائمة الوطنية من أجل مصر"، موضحا للجزيرة نت أن مشاركتهم معها تأتي بناء على قراءة ترى أنها تحالف انتخابي وليس سياسيا، داعيا إلى إلغاء نظام القائمة المطلقة في انتخابات الشيوخ 2030. وأشار إلى أنهم قاموا في الوقت نفسه بتدشين تحالف الطريق الديمقراطي، لخوض الانتخابات على المقاعد الفردية وذلك مع حزبي الإصلاح والتنمية والمصري الديمقراطي، مع فتحه للأحزاب الإصلاحية والمعارضة، متوقعا أن مرشحي هذا التحالف الثلاثي لديهم فرصة لخوض الإعادة في انتخابات المقاعد الفردية بشكل كبير، رغم وجود أحزاب ثقيلة من الموالاة.


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
وول ستريت جورنال: واشنطن تضغط على دول أفريقية لقبول مهاجرين مبعدين
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية استنادا إلى وثيقة داخلية ومسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن الإدارة الأميركية ضغطت على رؤساء ليبيريا والسنغال وموريتانيا والغابون وغينيا بيساو لقبول المهاجرين الذين رحَّلتهم الولايات المتحدة، وترفضهم بلدانهم الأصلية، أو تتباطأ في استعادتهم. وكان الرئيس دونالد ترامب قد التقى في البيت الأبيض -الأربعاء- رؤساء 5 دول من غرب أفريقيا، في وقت تبحث فيه إدارته عن دول إضافية لاستقبال مهاجرين غير نظاميين منذ إبرام اتفاق مع بنما في فبراير/شباط، أرسلت بموجبه طائرة على متنها أكثر من 100 مهاجر، إلى الدولة الواقعة في أميركا الوسطى. وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل وصول قادة الدول المذكورة إلى البيت الأبيض لحضور الاجتماع الذي تناول قضايا اقتصادية وأمنية، طلبت وزارة الخارجية الأميركية من كل دولة استقبال المهاجرين المبعدين من الولايات المتحدة، مما يعكس مدى التداخل بين حملة الترحيل الشرسة التي تشنها الإدارة وسياستها الخارجية. وبدا أن ترامب يلمح إلى الطلبات الأميركية خلال قمة الأربعاء. وقال في كلمته الافتتاحية: "آمل أن نتمكن من خفض المعدلات المرتفعة للأشخاص الذين يتجاوزون مدة صلاحية تأشيرات الدخول، وأن نحرز تقدما في اتفاقيات الدول الثالثة الآمنة"، التي تقتضي من طالبي اللجوء تقديم طلب بذلك في أول بلد يصلون إليه عند الحدود البرية المشتركة. ويدعو المقترح الأميركي إلى أن تقبل الدول "ترحيلا لائقا وفي الوقت المناسب من الولايات المتحدة" لرعايا دول ثالثة، وفقا لوثيقة داخلية لوزارة الخارجية الأميركية قُدمت إلى حكومات دول غرب أفريقيا الخمس واطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال. وبموجب الوثيقة، يتعين على الدول الموافقة على عدم إعادة المهاجرين المبعدين إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلدان إقامتهم المعتادة السابقة حتى يُتخذ قرار نهائي بشأن طلبات لجوئهم في الولايات المتحدة. وتفيد الصحيفة أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت أي من الدول التي اجتمع ترامب بزعمائها يوم الأربعاء قد وافقت على المقترح، منبهة إلى أن أيا من القادة الأفارقة الخمس لم يحدد موقف بلاده من ذلك على الأقل في الجزء المفتوح من الاجتماع. ولم يرد البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية على الأسئلة المتعلقة بالوثيقة والطلبات المقدمة إلى الدول. كما لم ترد سفارات ليبيريا والسنغال وموريتانيا والغابون وغينيا بيساو فورا على طلبات التعليق. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية شارك في التخطيط للقمة -لم تكشف وول ستريت جورنال عن هويته- إن الدبلوماسيين الأميركيين طُلب منهم إبلاغ نظرائهم في غرب أفريقيا أن استضافة رعايا دول ثالثة هي القضية الأكثر أهمية بالنسبة لترامب. وأكد مسؤولون آخرون للحكومات على ضرورة المساعدة في موضوع الهجرة، واعتبروا ذلك أمرا بالغ الأهمية في تحسين العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة. ووفقا للصحيفة، تعمل الإدارة الأميركية على تعزيز العلاقات التجارية الموسعة مع الدول الأفريقية، بدلا من المساعدات الخارجية، بعد أن حلت، في وقت سابق من هذا الشهر، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.


الجزيرة
منذ 19 ساعات
- الجزيرة
مالي تبدأ في بيع الذهب من منجم كانت تديره شركة كندية
سمحت الحكومة الانتقالية في مالي بعملية بيع استثنائي لكمية من الذهب تقدر بطن من منجم لولو غونغوتو الذي كانت تديره شركة باريك غولد الكندية، في عملية تهدف إلى التحكم في موارد البلاد المعدنية. وتبلغ قيمة الكمية التي أذنت الحكومة في بيعها حوالي 106 ملايين دولار أميركي، لدفع رواتب العمال، وتسديد الديون المتأخرة للموردين. وبهذه الخطوة، يكون المجلس العسكري الحاكم في مالي قد جسّد طموحه في السيطرة على موارد البلاد من الذهب الذي كانت تديره شركات أجنبية طيلة الأعوام الماضية. وتأتي هذه العملية في وقت وصلت فيه الخلافات بين الشركة الكندية والحكومة المالية إلى طريق مسدود، حيث حكم القضاء المحلي في باماكو بتشغيل المنجم تحت إدارة مؤقتة بعد مرافعات تقدمت بها السلطات الحاكمة، بينما لجأت باريك غولد إلى مركز التحكيم والمنازعات التجارية التابع للبنك الدولي. تراجع الإنتاج وتعود جذور الأزمة بين الشركة الكندية والسلطات في مالي إلى صدور قانون التعدين 2023 الذي ألغى الإعفاء الضريبي على المستثمرين الأجانب، وسمح للدولة برفع حصتها حتى تصل إلى نسبة 30%. وعندما اتهمت الحكومة الشركات الأجنبية العاملة في مجال التعدين بالتهرّب الضريبي، وتزوير الأرقام المتعلّقة بالإنتاج، وألزمتها بدفع غرامات مالية، لم تستجب باريك غولد في البداية، ففرضت السلطات حظرا على صادراتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وبعد الكثير من المفاوضات والمبادرات، فشل الطرفان في التوصل إلى حل، حيث اتهمت الحكومة المستثمر الأجنبي بالتهرب الضريبي والامتناع عن تسديد المخالفات، بينما قالت الشركة إن أعضاء المجلس العسكري يفضلون رغباتهم الشخصية على المصالح العامة للبلاد. وتعد باريك غولد من أبرز شركات التعدين العاملة في مالي إذ يمثل إنتاجها 38.04% من مجموع ذهب مالي، فقد أنتجت في العام الماضي 19.4 طنا متريا. وبسبب الخلاف بين الشركة والحكومة، تراجع إنتاج مالي من الذهب في عام 2024، بنسبة 23% إذ توقف عند عتبة 51 طنا، مقابل 66.5 في سنة 2023.