
17 سنة بعد الرسالة الملكية.. الأعطاب مستمرة والإصلاح مؤجل
عقب ذلك وقع الإجماع على القول إن الرسالة الملكية تعد خارطة طريق للنهوض بالقطاع الرياضي، لكن، وبعد مرور أكثر من عقد ونصف على ذلك، يحق لنا أن نتساءل: ما الذي تحقق فعلا من تلك التوصيات؟ وما الذي ظل مجرد نوايا؟
شكل تحديث البنيات التحتية، عبر إنشاء أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، خطوة نوعية وضعت المغرب على خريطة التكوين القاري، وأعطت ثمارا ملموسة من خلال بروز جيل جديد من المواهب المؤطرة وفق معايير عالمية. كما أن اعتماد المغرب استراتيجية احترافية شجع عددا من الأندية على التحول إلى شركات رياضية، لكنه تحول ما زال محتشما ويفتقر إلى إطار قانوني ورؤية تنظيمية واضحة.
زيادة على ذلك فإن إدراج الرياضة ضمن الحقوق الدستورية في دستور 2011 يعد مكسبا رمزيا مهما، غير أن هذه المكتسبات، رغم رمزيتها، لم تكن كافية لتغيير البنية العميقة التي انتقدتها الرسالة الملكية ذاتها. فالرسالة الملكية كانت واضحة في تشخيص أعطاب المنظومة، حين شددت على أن الرياضة المغربية تعاني من ضعف الحكامة، وغياب التنسيق، وتداخل المسؤوليات، إضافة إلى إكراهات التمويل والتأطير والبنيات، في ظل تنظيم جمعوي هش تغلب عليه العشوائية والهواية بدل المهنية والاستراتيجية، في حين أن الإصلاحات التي تم تنفيذها بقيت إما رمزية (مثل دسترة الحق الرياضي) أو نخبوية (مثل الأكاديميات) أو شكلية (مثل تأسيس شركات رياضية دون إطار رقابي واضح).
لقد طرحت الرسالة الملكية، خارطة طريق متقدمة لتأهيل الرياضة، لكنها لم تجد من يلتقط مضمونها بجدية داخل دواليب القرار والمؤسسات الرياضية. فاستمرت الولاءات السياسية، والزبونية، وضعف الشفافية، وتضارب المصالح، وكلها مظاهر كانت الرسالة قد نبهت إلى خطورتها، لكنها ظلت مهيمنة حتى اليوم.
الإصلاح ما زال يراوح مكانه
من جهة أخرى، ركزت الدولة جهودها على محاور حضرية محددة، في الوقت الذي تفتقر فيه الكثير المناطق المهمشة إلى الحد الأدنى من البنيات التحتية، وإلى فرص حقيقية لتكوين وتأطير الأطفال والشباب، ما يجعل المواهب المحلية ضحية التفاوت المجالي والاجتماعي، ويفاقم من ظاهرة التمييز بين 'رياضة النخبة' والهواة. والنتيجة أن الهوة ما تزال تتسع بين ما يعرض في الواجهة، وما تعيشه آلاف الأسر والشباب في المناطق البعيدة، حيث لا ملاعب ولا مؤطرين ولا أفقا رياضي.
لذلك، وبعد مرور أكثر من 15 سنة على الرسالة الملكية التوجيهية الموجهة إلى المناظرة الوطنية حول الرياضة سنة 2008، يتضح أن الإصلاح الرياضي في المغرب ما زال يراوح مكانه، بل إن الكثير من الأعطاب التي انتقدت آنذاك لم تعالج، وبعضها تفاقم بشكل يُثير القلق. فرغم ما حملته الرسالة من تشخيص دقيق ومضامين إصلاحية متقدمة، إلا أن الاستغلال السياسي للأندية ما زال مستمرا، في تنافٍ صارخ مع مبدأ الاستقلالية، مما حول بعض الفرق إلى رهائن لحسابات ظرفية وولاءات محلية.
كما أن غياب هيئة مستقلة لمراقبة التدبير المالي، على غرار الهيئة الفرنسية للرقابة والتسيير (تتولى مهام مراقبة الحسابات المالية لأندية كرة القدم المحترفة في فرنسا)، جعل المال العمومي يصرف دون حسيب أو رقيب، وغالبا دون ربط الدعم بالأداء أو بالنتائج، وهو ما يُقوض مبادئ الشفافية والنجاعة.
أما الرياضة القاعدية، التي كان من المفترض أن تشكل رافعة أساسية لبناء جيل رياضي متكامل، فما زالت غائبة عن المدارس والمناطق القروية، ولا توجد سياسة عمومية حقيقية تعزز الحق في الممارسة الرياضية للجميع.
وفوق ذلك، تعاني الجامعات والاتحادات الرياضية من هشاشة على مستوى الحكامة، حيث تستمر المحاباة وتغليب الولاءات على الكفاءات، مما يفرغ هذه المؤسسات من بعدها التنموي، ويجعلها فضاء لتصفية الحسابات أو التموقع الشخصي. وبذلك، فإن كل حديث عن 'احتراف' أو 'حكامة جيدة' في السياق الحالي، يبقى مجرد شعار يرفع في المحافل الرسمية، بينما الواقع يشهد دعلى استمرار منطق الريع، وتغييب الإصلاح العميق الذي طالب به الملك نفسه.
ولعل التحدي الأكبر اليوم هو تحويل التجارب النموذجية إلى سياسة وطنية شاملة، تعيد الاعتبار إلى الرياضة كحق لا كامتياز، وتترجم توصيات المناظرة إلى قوانين ملزمة، وإخراج هيئات رقابية مستقلة، وإبرام تعاقدات واضحة بين الدولة والأندية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


برلمان
منذ ساعة واحدة
- برلمان
انعقاد اجتماع بالرباط لتدارس الوضعية الحالية لقطاع المواصلات والاطلاع على مشاريع وبرامج الوكالة للسنوات القادمة
الخط : A- A+ إستمع للمقال عقد يوم الجمعة 25 يوليوز 2025 بالرباط، اجتماع مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، تم خلاله تدارس الوضعية الحالية لقطاع المواصلات، والاطلاع على مشاريع وبرامج الوكالة للسنوات القادمة. وأكد بلاغ لرئاسة الحكومة، أنه في مستهل الاجتماع، استحضر رئيس الحكومة انخراط بلادنا، تحت القيادة السامية للملك محمد السادس، في مسار تحول رقمي شامل ومندمج، عبر اعتماد الاستراتيجية الوطنية 'المغرب الرقمي 2030″، مشددا على أن الحكومة تعتبر قطاع المواصلات لبنة أساسية لرفع مؤشرات التنمية، وتقليص الفوارقالرقمية والمجالية. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الحكومة، أن التعميم الشامل لشبكة الاتصالات بمختلف مناطق المملكة، لاسيما المناطق الجبلية، أمر لا يقبل التأجيل أو الانتظار، داعيا الوكالة إلى الانكباب على تحديد المناطق غير المغطاة، والتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية والقطاع الخاص، من أجل توفير خدمات الاتصالات للمواطنين في هذه المناطق، بالجودة والسرعة اللازمتين. وتم خلال هذا الاجتماع، يضيف البلاغ، اتخاذ جملة من القرارات من بينها، إجراء مسح لتحديد المناطق النائية التي تعاني ضعف أو غياب شبكة المواصلات، في أفق تغطيتها بشكل كامل وفق برنامج محدد، وإعطاء انطلاقة تكنولوجيا الجيل الخامس G5، التي ستمكن من تحسين مردودية الشبكة، ومواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا. وخلال الاجتماع، أشار البلاغ، إلى أن المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، عز العرب حسيبي، قدم عرضا تطرق فيه إلى التطور المسجل على مستوى مؤشرات التغطية ونسب الولوج إلى خدمات الاتصالات، لاسيما في قطاع الهاتف المحمول الذي بلغ عدد مشتركيه 57 مليون مشترك. كما سلط الضوء على قطاع الإنترنت، الذي يضم ما يقارب 40 مليون مستخدم، بنسبة مستخدمين تناهز حوالي 90 في المائة، مقارنة بعدد السكان، وهي النسبة التي لا تتجاوز 37 في المائة، فقط على صعيد القارة الإفريقية. لاسيما وأن بلادنا باتت تتصدر دول القارة الإفريقية في التصنيف الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات لسنة 2025، وفق مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (IDI). وأضاف المدير العام، أنه سيجري تحيين المخطط الوطني للترددات (PNF)، حتى يتماشى مع التطور التكنولوجي والتنمية السوسيو اقتصادية بالمملكة، وكذا مواصلة المشاريع الهيكلية المتعلقة بتوسيع الربط بالأنترنيت عالي الصبيب وشبكات الألياف البصرية (Fibre optique)، وكذا توفيرتكنولوجيا الجيل الخامس G5، من خلال استثمارات تبلغ قيمتها الإجمالية 80 مليار درهم، مما سيمكن في مرحلة أولى مع متم سنة 2025، من تغطية عدد من المدن بهذه التقنية، إذ من المتوقع أن تصل نسبة توسيع الربط بتكنولوجيا G5 إلى حوالي 85 في المائة، من السكان في أفق سنة 2030.


ناظور سيتي
منذ 2 ساعات
- ناظور سيتي
فندق ميركور الناظور.. تجربة متجددة وفضاءات عصرية في قلب المدينة
المزيد من الأخبار فندق ميركور الناظور.. تجربة متجددة وفضاءات عصرية في قلب المدينة ناظورسيتي: متابعة يواصل فندق ميركور الناظور تأكيد مكانته كوجهة فندقية راقية ومفضلة بالمنطقة، من خلال إطلاق مجموعة من التحسينات النوعية التي تستهدف الرفع من جودة الخدمات وتجويد تجربة الإقامة لزبنائه. وفي هذا السياق، شهد فضاء المسبح بالفندق حلة جديدة وعصرية، تجمع بين التصميم الجذاب والراحة التامة، ليشكل بذلك نقطة جذب أساسية للنزلاء خلال فصل الصيف. كما تم إغناء الفضاء بمجموعة من الأنشطة الترفيهية المتنوعة، التي تروم خلق أجواء مميزة تناسب مختلف الأعمار والتفضيلات. ومنذ تعيين الإدارة الجديدة، يشهد فندق ميركور دينامية غير مسبوقة، تجسدت في تطوير شامل للخدمات، وحرص مستمر على مواكبة تطلعات الزبائن، مما انعكس إيجابًا على تقييمات النزلاء ورضاهم. وفي إطار هذه الدينامية، يستعد الفندق خلال الأيام القليلة المقبلة لافتتاح فضاءات جديدة ومبتكرة، من بينها ركن خاص بعشاق كرة القدم، مجهز بكل ما يلزم لمتابعة المباريات في أجواء حماسية ومريحة. كل هذه المبادرات تؤكد التزام فندق ميركور الناظور بتقديم تجربة إقامة استثنائية، تجمع بين الراحة، الترفيه، والجودة العالية في الخدمة، ليبقى الخيار الأول لكل من يبحث عن إقامة راقية بمدينة الناظور.


WinWin
منذ 2 ساعات
- WinWin
قميص نادٍ أوروبي يتحول إلى لوحة إعلانات
واصل نادي هارتبيرغ النمساوي خطف الأنظار من خلال قمصانه التي صنفها البعض على أنها الأغرب في ملاعب كرة القدم خلال الوقت الراهن، بعد أن كشف عن الأزياء الخاصة بمنافسات الموسم الجديد 2025-2026. وعبر حسابه الرسمي على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، نشر النادي النمساوي جلسة تصوير لعدد من لاعبي الفريق بقمصان الموسم المقبل، وكتب "من شوارع هارتبيرغ إلى الملعب. الأزرق والأبيض؛ ألوان نحملها في قلوبنا، تماما مثل هارتبيرغ" ليثير دهشة الجماهير بسبب كم الإعلانات الموجودة عليه. سر قميص هارتبيرغ الأغرب في ملاعب كرة القدم كشف تقرير عبر موقع (one football) عن السر وراء عدد الإعلانات الكبير على طاقم الفريق النمساوي، وقال إن "الأمر يرجع لأسباب اقتصادية في المقام الأول. إدارة النادي ترى في هذه المجموعة (من الإعلانات) الحل الأمثل والمستدام لجعله قابلا للاستمرار (ماليا) خلال السنوات المقبلة". ويقع النادي في بلدة هارتبيرغ الصغيرة، التي لا يزيد عدد سكانها عن 7 آلاف نسمة في جنوب غرب النمسا، على بعد ساعة واحدة فقط من غراتس، ولا يملك شعبية كبيرة سواء محليا أو خارجيا. وخلال وقت سابق، عقّب رولاند بوتشاس المتحدث الرسمي باسم النادي، ردا على انتقادات الجماهير بقوله "نحن سعداء للغاية بوجود هؤلاء الرعاة معنا، وبدونهم لن تكون المشاركة في الدوري النمساوي ممكنة ماليا". وأضاف: "لا نريد أن نكون معتمدين على راعٍ واحد فقط كما هو الحال مع أغلب الأندية الأخرى"، علما بأن الدوري النمساوي واتحاد كرة القدم المحلي لا يفرضان أي قيود على عدد الرعاة الخاص بكل ناد. وأشار مصدر مسؤول في النادي، دون الكشف عن هويته، بقوله إن "كل يورو له قيمته، وكذلك كل بوصة مربعة من القماش". أغرب الإعلانات على قميص هارتبيرغ من بين الشعارات العديدة الموجودة على قمصان الفريق النمساوي، يبرز شعار شركة PROfertil، وهي خاصة بمكملات غذائية لعلاج العقم لدى الذكور. كما يحظى النادي برعاية من شركة لينوس فارما، والمملوكة في الأساس لرئيسة هارتبيرغ، بريجيت أنيرل، التي تحقق نجاحا مزدوجا من هذه الشراكة، بينما يحظر استخدام الإعلانات الخاصة بمنتجات التبغ تماما. وحسب التقرير، بلغ عدد رعاة قمصان النادي، سواء للمباريات البيتية أو الخارجية في الموسم الماضي 15 شعارا، قبل أن تزيد إلى نحو 25 علامة تجارية في موسم 2025-2026. ووصف الموقع الأمر بقوله إن "سعي هارتبيرغ المستمر والدؤوب للحصول على صفقات الرعاية، حوّل قمصانهم إلى مشهد تسويقي مذهل، يجذب الانتباه إلى ما هو أبعد من حدود النمسا" ليخطف الأنظار عالميا. كيف تفاعل الجمهور مع قميص هارتبيرغ النمساوي؟ أثارت قمصان النادي المغمور تفاعلا كبيرا بين جماهير من مختلف أنحاء العالم، وكتب أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي ساخرا "هذه ليس طقم في كرة القدم، ولكنه عرض تقديمي متحرك عبر برنامج باور بوينت". وأضاف آخر بقوله "طقم هارتبيرغ يحتوي على علامات تجارية أكثر من ممر السوبر ماركت" بينما طالب ثالث بضرورة استخدام عدسة مكبرة للعثور على شعار النادي نفسه بين الإعلانات.