logo
لبنان... إحياء اتفاقية الهدنة أمر أكثر من ضروري

لبنان... إحياء اتفاقية الهدنة أمر أكثر من ضروري

الشرق الأوسط١٩-٠٥-٢٠٢٥
يمكن تلخيص الوضع أو التحدي في لبنان حالياً بعنوان الإصلاح والسلاح والعلاقة الجدلية بين الاثنين. فلا مساعدات خارجية من الدول القادرة والراغبة لإطلاق عجلة الإنقاذ إذا لم تتقدم وبسرعة عملية الإصلاح الهيكلي الشامل الذي يحتاجه لبنان. الإصلاح الذي صارت عناوينه ومجمل مضامينه واضحة. وقد انطلق المسار الإصلاحي باعتراف الجميع، ولو ما زالت هنالك خلافات في تقييم الحزم والسرعة، وكذلك الحجم الذي تتم فيه العملية المطلوبة. وهنالك شروط يجب أن تواكب المسار الإصلاحي، حسب المطالب أو المقترحات التي تقول بها الأطراف الخارجية التي يُنتظر أن تنفذ وعودها، متى تحققت هذه الشروط، لتوفير الدعم المطلوب للبنان باعتبار أن استقرار لبنان الفعلي وليس الهش مصلحة لمن يريد الاستقرار في الإقليم. هذه الشروط تندرج أيضاً تحت عنوان حصرية السلاح في يد السلطات اللبنانية، وبالتالي لا شريك لها في هذا المجال. الأمر الذي يعني أن قرار الحرب والسلم يجب أن يبقى في يد السلطة اللبنانية وحدها. الموقف الرسمي اللبناني يتمسك بشكل واضح بهذا الهدف، ويؤكد عليه كل يوم. يبقى التحدي قائماً في كيفية ترجمة أو تحويل هذا الموقف الأكثر من ضروري إلى واقع قائم. هنالك أكثر من حديث عن ضرورة إطلاق حوار وطني هادف ومحدود من حيث أطرافه المشاركة تلافياً للغرق في «مستنقع» الحوار للحوار، الأمر الذي يدخل البلد، في لحظة عصيبة، في لعبة شراء الوقت، لتأجيل ما لم يعد من المقبول أو حتى من الممكن تأجيله، في إطار زمني مفتوح. وإذا كان الجميع يريد تلافي مخاطر الانزلاق في أزمة قد تؤدي إلى مواجهة على الأرض، وتهديد السلم الأهلي في وقت نحن في خضم الحاجة إلى تعزيزه وليس فقط الحفاظ عليه؛ فالمطلوب البدء بإعلان تلتزم به كافة المكونات السياسية اللبنانية، وبالأخص المسلحة، بأن قرار الحرب والسلم، الردع والإكراه في العمل العسكري، يبقى منذ لحظة صدور الإعلان في يد السلطات اللبنانية المعنية وحدها: إنه قرار سيادي بامتياز ولا شراكة فيه مع أحد. وللتذكير، فإن «قواعد اللعبة» بعد التحرير في عام 2000 لم تعد كما كانت عليه من قبل. وقد اعترفت قيادة «حزب الله» بأن العملية العسكرية التي قام بها الحزب في عام 2006 كانت خروجاً عن قواعد اللعبة التي استقرت بعد التحرير. وقد وفرت الحجة لإسرائيل للقيام بحربها. كما أن قواعد لعبة جديدة قد استقرت بعد وقف الحرب ونشر قوات «يونيفيل 2». وقد سقطت هذه القواعد مع الحرب الإسرائيلية التي انطلقت على غزة و«حرب الإسناد»، أو وحدة الساحات من طرف «حزب الله».
المطلوب اليوم بعد الإعلان الذي أشرنا إليه عن حصرية قرار الحرب والسلم بيد السلطات اللبنانية، أن يتم في مرحلة أولى جمع السلاح وتجميد دوره كلياً، على أن يتم تسليمه للسلطات اللبنانية المعنية عبر الاتفاق حول ذلك. وعلى لبنان أن يتحرك مع الدول الصديقة وتلك المؤثرة بشكل خاص في الأمم المتحدة (الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن) للدفع عبر الضغط على إسرائيل للانسحاب أولاً من النقاط الخمس، وكذلك التنفيذ الكلي لاتفاقية الهدنة العامة الموقعة في 23 آذار (مارس) 1949، والقبول بتسوية النقاط الست الخلافية الباقية بعد أن تمت تسوية نقاط خلافية أخرى. ولا بد من التذكير بأن المادة الخامسة من الاتفاقية المشار إليها تنص على ما يلي: «يتبع الخط الفاصل للهدنة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين». فلقد تعب لبنان ودفع أغلى الأثمان عندما صار منذ أواخر الستينات مسرح المواجهة العسكرية المباشرة والوحيدة الفلسطينية - الإسرائيلية، وما نتج عن ذلك من عدوان واحتلال إسرائيلي. وبعد التحرير عاد لدور ساحة تبادل الرسائل في الصراع الإقليمي، صراع النفوذ، كما دل على ذلك ما أشرنا إليه سابقاً، وكذلك الحرب الأخيرة والمستمرة إسرائيلياً، ولو بشكل متقطع ومنخفض حيناً ومتصاعد أحياناً.
خلاصة الأمر أن من حق لبنان أن يعود ليكون دولة طبيعية تنظم الأوضاع على حدوده مع إسرائيل اتفاقية الهدنة. كما أن موقف لبنان من تسوية النزاع مع إسرائيل يستند إلى مبادرة السلام العربية التي أُقرت في القمة العربية في بيروت (2002)؛ المبادرة التي تؤكد على السلام الشامل والدائم والعادل، كما تستند إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتنص على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. اتفاقية الهدنة واحترامها والتمسك بها هو البديل الوحيد عن التحول، كما جرى ويجري حتى الآن، إلى ساحة مواجهة باسم سياسات واستراتيجيات مختلفة لأطراف مختلفة، وضمن أفق زمني مفتوح على كافة الاحتمالات التي يدفع ثمنها لبنان. التمسك باتفاقية الهدنة وتفعيلها حتى تحقيق السلام المشار إليه، وهو ليس في القريب العاجل... لذلك لا يمكن الانتظار في حين يتمكن منا كل يوم المزيد من الدمار، ويبقى الوطن على حافة الانهيار.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«اعتدال» و«تلغرام» يزيلان أكثر من 30 مليون مادة متطرفة خلال الربع الثاني من 2025
«اعتدال» و«تلغرام» يزيلان أكثر من 30 مليون مادة متطرفة خلال الربع الثاني من 2025

الشرق الأوسط

timeمنذ 14 دقائق

  • الشرق الأوسط

«اعتدال» و«تلغرام» يزيلان أكثر من 30 مليون مادة متطرفة خلال الربع الثاني من 2025

أسفرت الجهود المشتركة بين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) ومنصة «تلغرام»، عن إزالة أكثر من 30 مليون مادة متطرفة، وإغلاق أكثر من 1200 قناة خلال الربع الثاني من العام الجاري 2025 (أبريل «نيسان) - يونيو «حزيران»)، في إطار التعاون المستمر بين الجانبين لمكافحة التطرف الرقمي والحد من انتشاره. وأظهرت البيانات الصادرة عن المركز أنه تم خلال الفترة المشار إليها حذف 30 ألفاً و846 و485 مادة ذات طابع متطرف، إلى جانب إغلاق 1254 قناة على المنصة، استُخدمت في بث رسائل متطرفة أو الترويج لأفكار العنف والكراهية. وبهذا الإنجاز، يرتفع إجمالي ما تمت إزالته منذ انطلاق التعاون بين «اعتدال» و«تلغرام» في فبراير (شباط) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2025، إلى 207 آلاف و 604 و942 مادة متطرفة، بالإضافة إلى إغلاق 17 ألفاً و455 قناة. يأتي هذا التعاون في سياق جهود متواصلة لتعزيز بيئة رقمية أكثر أماناً، من خلال رصد وتحليل الأنشطة المتطرفة على المنصات الرقمية، والعمل على إزالتها بما يسهم في الحد من مخاطر انتشار الفكر المتطرف على شبكة الإنترنت، خصوصاً بين الفئات الشابة. وأكد المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف التزامه بمواصلة التعاون مع شركائه التقنيين إقليمياً ودولياً، لتطوير حلول تقنية تواكب تطور أدوات الجماعات المتطرفة، وتعزز مناعة المجتمعات الرقمية في وجه الخطابات المتطرفة.

مباحثات سعودية - مجرية لتعزيز التعاون العدلي والقضائي
مباحثات سعودية - مجرية لتعزيز التعاون العدلي والقضائي

عكاظ

timeمنذ 2 ساعات

  • عكاظ

مباحثات سعودية - مجرية لتعزيز التعاون العدلي والقضائي

بحث وزير العدل الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، ووزير العدل المجري الدكتور بنس توسون، سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجال العدلي، وذلك خلال زيارته الرسمية إلى المجر. واستعرض التطورات التي يشهدها القطاع القضائي والعدلي في المملكة؛ بدعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإشراف ومتابعة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لا سيما ما يتعلق بمنظومة التشريعات المتخصصة، ودورها في تحقيق العدالة الناجزة. وأشار وزير العدل، إلى أبرز التطورات الموضوعية والإجرائية المتعلقة بالقطاع العدلي، ومنها ما يتعلق بتفعيل منظومة العدالة الوقائية، التي تهدف إلى الحد من أسباب نشوء النزاع بين الأطراف، إضافة إلى حرص وزارة العدل على الارتقاء بالممارسات التدريبية والتأهيلية لتنمية القدرات البشرية، وتأهيلها في النواحي القانونية وفق منهجية علمية محددة، وذلك عبر مركز التدريب العدلي. من جانب آخر، وقع وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، مع رئيس المكتب الوطني للقضاء في المجر الدكتور جيورجي سينيي، مذكرة تفاهم لتشجيع التعاون المشترك بين الجانبين في النظم القضائية وأساليبها، وتطوير المهارات المهنية للقضاة والعاملين في المجال القضائي. أخبار ذات صلة

«الاستئناف» الكويتية تلغي حبس الإعلامية فجر السعيد وتمتنع عن عقابها
«الاستئناف» الكويتية تلغي حبس الإعلامية فجر السعيد وتمتنع عن عقابها

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

«الاستئناف» الكويتية تلغي حبس الإعلامية فجر السعيد وتمتنع عن عقابها

ألغت محكمة «الاستئناف» الكويتية اليوم، حكم محكمة «الجنايات» بحبس الإعلامية فجر السعيد 3 سنوات مع الشغل والنفاذ في قضية «أمن دولة»، وقضت بـ«الامتناع عن عقابها» مع كفالة مقدارها 1000 دينار (3.2 ألف دولار). وكانت النيابة العامة أسندت للإعلامية فجر السعيد تهم إذاعة أخبار كاذبة وإساءة استعمال شبكة المعلوماتية والإقدام على نقل خبر مختلق، والدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل، والإضرار بمصالح البلاد. وتواجه فجر السعيد تهمة أخرى في قضية الإساءة إلى العراق، والتي حصلت فيها على حكم براءة من محكمة الجنايات. ويقول المستشار القانون الكويتي الدكتور محمد الفيلي لـ«الشرق الأوسط» إن الامتناع عن المعاقبة «يتضمن إدانة دون تنفيذ عقوبة». وأوضح أن «هذا النظام موجود في القوانين الجزائية حيث يقرر فيه القاضي أن المتهم (مدان) في التهمة المنسوبة إليه، ولكن القاضي يملك (سلطة تقديرية) في (الامتناع) عن العقاب نتيجة لظرف خاص بالمدان، مثل تقدّم السنّ، أو احتمال عدم عودته لهذا الفعل، وعادة ما يكون هذا الإجراء مقروناً بكفالة تحت طائلة إلغاء إجراء الامتناع عن العقوبة إذا عاد المتهم لمخالفة القانون أو لارتكاب المخالفة مجدداً خلال فترة محددة، مما يعتبر هذا الامتناع كأن لم يكن». وقال إن الامتناع عن النطق بالعقوبة «هو تنظيم عقابي بديل، وهو إجراء موجود في العدالة الجزائية، وموجود في الأنظمة العقابية، وليس ابتكاراً كويتياً».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store