
الفنانون والسياسة.. جناة وضحايا؟!
وهو ما أعادنا من جديد إلى فتح الملف التاريخي الطويل للعلاقة بين الفن والفنانين والسياسة في عالمنا العربي، تلك العلاقة الشائكة والمحفوفة دائما بالمخاطر، والتي كثيرا ما تخلف وراءها أزمات وتبعات وضحايا. على خلاف ما يحدث في أوروبا والدول والمتقدمة.
تجاذب وتنافر
العلاقة بين الفن والفنانين والسياسة في هوليوود تبدو أكثر وضوحًا وعمقًا وأثرا وتأثيرًا متبادلًا من نظيرتها في مصر والدول العربية، حيث أن الظروف والأجواء المحيطة والتاريخ والثقافة المجتمعية تسمح بمساحات واسعة من الحرية وتقبل الآخر والنقد..
الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى درجة التجريح والتشويه، دون أن تتم معاقبة الفنان بمنع عرض أعماله أو إقامة حفلاته أو نشر أخباره في الصحافة ولا إيذاءه معنويا أو ماديًا أو قد يضطر إلى دفع فاتورة مواقفه السياسية غاليًا مثلما يحدث في بلادنا العربية.
وليس هناك دلائل على صحة كلامي أكثر من الانتقادات الحادة التي نالها ومازال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في ولايته الأولى والحالية من نجوم هوليوود، بحيث أصبح أكثر الرؤساء تعرضًا للانتقادات في التاريخ، متفوقا على الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بطل فضيحة ووتر جيت الشهيرة أوائل سبعينيات القرن الماضي.
فقد وصفه النجم القدير روبرت دي نيرو بأنه خاسر وفاشل ونفسه يكون زعيم عصابة! وقال عنه النجم شون بين إنه عدو لكل الأمريكيين وعدو للبشرية، ونعته النجم جورج كلوني بالفاشي والانتهازي وكاره الأجانب.
كما هدد عدد أخر من النجوم بمغادرة الولايات المتحدة عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وبهذا الشكل تحولت العلاقة القديمة بين البيت الأبيض وهوليوود إلى علاقة تنافر وتصادم بعد أن كانت علاقة حيادية ومتوازنة لسنوات طويلة.
أما في مصرنا فقد شهدت العلاقة بين السلطة والفن والفنانين تطورًا كبيرا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان أكثر الرؤساء استخداما للفن والفنانين لمساندته ودعم سياساته ومشاريعه ومغامراته.
سواء من خلال أغنيات كبار المطربين مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم أو نجوم التمثيل مثل اسماعيل ياسين وسلسلة أفلام اسماعيل ياسين في الأسطول، في الجيش، في الطيران، أو فريد شوقي عندما كلفه بعمل فيلم بورسعيد عن العدوان الثلاثي، أو عندما أمر بفيلم رد قلبي لتشويه العهد الملكي وتعظيم حركة الضباط الأحرار عام 1952.
ومن ثم كان الفن والفنانين أدوات في يدي الحاكم وليس مسموح لهم بالتعبير عن آرائهم السياسية لا عن طريق الإعلام، الذي تركز تماما في يديه ولا من خلال أعمالهم الفنية، ومن هذا المنطلق تم في هذا العهد منع عرض مجموعة من الأفلام التي تحمل أفكارًا مناهضة ومخالفة للحكم، منها شيء من الخوف قبل إجازته بعد ذلك، ميرامار، باب الحديد، أبناء الصمت، ظلال على الجانب الآخر.
ضحايا السياسة
واستمر هذا الأسلوب في المنع لمعاقبة الفنانين في عهدي السادات ومبارك، وإن جاء الأخير أكثر مرونة وتفتحا، فلم يمنع أو يوقف عرض أفلام إلا في حالات محدودة جدا، كان أبرزها فيلم ناجي العلي عام 1992 بطولة نور الشريف وإخراج عاطف الطيب..
وذلك لتناوله حياة رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي اشتهر بنقده الساخر اللاذع للحكام العرب في رسوماته، ما أدى إلى اغتياله في لندن عام 1987، وقد دفع هذا الفيلم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إلى المجيء إلى مصر طالبًا من الرئيس مبارك وقف عرض الفيلم، وهو ما حدث بالفعل..
وعلى أثره شن الكاتب إبراهيم سعدة حملة هجوم ضارية على نور الشريف ومنع نشر أخباره في مؤسسة أخبار اليوم وصحفها، وكذلك منعت أعمال الشريف من العرض في التليفزيون وفي العديد من الدول العربية، وظل الفنان الكبير في بيته بلا عمل لأكثر من عام كامل وكاد يعتزل الفن!
وكشف لي الفنان نور الشريف أن عدد من القوى السياسية والحزبية المعارضة طالبته بالترشح لمجلس الشعب لكنه رفض، مؤكدًا أن الفنان لا يجب أن يدخل معترك السياسة وألاعيبها وإلا سيفقد نجوميته وشعبيته وثقة الجمهور. ولكن ليس معنى ذلك ألا يعبر عن آرائه وقناعاته السياسية وينتقد السلبيات من خلال أعماله، وهو ما فعله الشريف عبر أفلام سواق الأتوبيس، أهل القمة، كتيبة الإعدام، الحقونا، زمن حاتم زهران.
ومن أكثر النجوم أيضًا تعبيرا عن رؤيته السياسية والاجتماعية الزعيم عادل إمام من خلال سلسلة أفلامه مع الثنائي وحيد حامد وشريف عرفة، اللعب مع الكبار، الإرهاب والكباب، المنسي، طيور الظلام، والإرهابي مع نادر جلال ولينين الرملي، مما جعله مهددا بالاغتيال في تلك الفترة من الجماعات الإسلامية.
وأخيرا لأن السياسة لعبة خطيرة وغير مأمونة العواقب ولا يصلح لها إلا من لديهم سمات معينة خاصة جدًا، بالتأكيد ليس من بين هؤلاء أهل الفن الا في حالات نادرة، مثل الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان الذي تولى الرئاسة لمدتين وحاكم كاليفورنيا أرنولد شوار زينجر، على النقيض نجد رئيس أوكرانيا الحالي فلادويمير زلينيسكي الممثل الكوميدي السابق أدت سياساته إلى شن روسيا حرب مدمرة على بلاده مستمرة منذ أكثر من 3 أعوام.
وعلى المستوى المحلي دفع عدد من الفنانين ضريبة باهظة للإعلان عن ميولهم السياسية المعارضة بشكل مفاجئ، حيث لم يعرف عنهم أي نشاطات أو آراء سياسية قبل أحداث يناير 2011 وثورة يونيو 2013، حيث أضطر بعضهم إلى الفرار إلى تركيا دون أن يطلب منهم ذلك، مثل هشام عبد الحميد وهشام عبد الله ومحمد شومان..
والبعض الآخر هاجر إلى الولايات المتحدة مثل عمرو واكد وخالد أبو النجا وبسمة التي ابتعدت عن الفن وتزوجت من الكاتب المعارض عمرو حمزاوي قبل طلاقها منه وعودتها للتمثيل فاقدة لجزء كبير من نجوميتها، وجيهان فاضل التي استقرت في كندا وهجرت الفن تمامًا!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
من الحليف إلى الخصم.. كيف انهارت علاقة ترامب وماسك خلال شهر؟
في تحول كبير يعكس تقلبات عالم السياسة الأمريكية، تحولت العلاقة بين الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك من التحالف الوثيق إلى العداء المكشوف خلال أسابيع قليلة، إذ ان هذا الانهيار في العلاقة بين "اثنين من أقوى الرجال في العالم" يكشف هشاشة التحالفات السياسية في عهد ترامب الثاني. شرارة الانفجار الأخيريتمحور الصراع الحالي حول معارضة ماسك الشديدة لمشروع قانون الضرائب الذي يعتبره ترامب "مشروعه الكبير والجميل" وإنجازه التشريعي الأبرز.وأشارت صحيفة "ذا جارديان" أن الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا" صعّد من هجماته على منصة "إكس" التي يملكها، واصفاً التشريع بأنه "جنوني" ومتوعداً بتشكيل حزب سياسي جديد إذا تم إقراره.انتقد ماسك، الذي يُعتبر من كبار المتبرعين الجمهوريين، مشروع القانون لسببين رئيسيين، أولهما لاحتمال إلغائه للتخفيضات الحكومية التي حققها من خلال "إدارة الكفاءة الحكومية" (دوج) التي كان يقودها، وثانياً، لإمكانية زيادته للدين القومي بتريليونات الدولارات، محذراً من أن ذلك س"يفلس أمريكا" ويعرّض حلمه في الوصول إلى المريخ للخطر.من إنهاء الدعم الحكومي إلى الترحيلردّ ترامب بقسوة غير مسبوقة على انتقادات حليفه السابق، مهدداً ب"النظر في" ترحيل الملياردير المولود في جنوب أفريقيا، وتلميحه إلى إمكانية قطع الدعم الحكومي عن مجموعة شركاته أو توجيه "إدارة الكفاءة الحكومية" ضد مؤسسها السابق.وقال ترامب للصحفيين، بحسب ما نقلته "ذا جارديان": "دوج هو الوحش الذي قد يضطر للعودة وأكل إيلون. ألن يكون ذلك فظيعاً؟"كما اتهم الرئيس الأمريكي ماسك بمعارضة مشروع القانون لأسباب شخصية، زاعماً أن معارضته تنبع من إنهاء المشروع للإعفاءات الضريبية لمشتري السيارات الكهربائية.وقال ترامب: "إيلون منزعج جداً من أن الإلزام بالسيارات الكهربائية سيتم إنهاؤه، ليس الجميع يريد سيارة كهربائية، أنا لا أريد سيارة كهربائية."وذهب ترامب أبعد من ذلك في منشور على منصة "تروث سوشال"، مهدداً بتدمير إمبراطورية ماسك التجارية: "إيلون قد يحصل على دعم أكثر من أي إنسان في التاريخ، وبدون الدعم الحكومي، ربما سيضطر إيلون لإغلاق محله والعودة إلى جنوب أفريقيا، لا مزيد من إطلاق الصواريخ أو الأقمار الصناعية أو إنتاج السيارات الكهربائية، وبلادنا ستوفر ثروة طائلة."من احتفالية البيت الأبيض إلى التهديدات العلنيةيمثل هذا التصعيد انقلاباً جذرياً في العلاقة، ففي مارس الماضي فقط، استضاف ترامب عرضاً مخصصاً لشركة "تيسلا" في حديقة البيت الأبيض أمام وسائل الإعلام، إذ شجع مؤيديه على شراء سيارات ماسك وجلس بنفسه في مقعد القيادة لسيارة موديل إس حمراء، كما اشترى سيارة "تيسلا" في ذلك الشهر.هذا التحول الحاد من الاحتفالية العلنية إلى التهديدات المباشرة يعكس مدى تدهور العلاقة خلال أسابيع قليلة، خاصة وأن المصادر تشير إلى أن محاولة ماسك لإفشال مشروع قانون الضرائب كانت عاملاً رئيسياً في الخلاف الذي بدأ الشهر الماضي.تداعيات اقتصادية وسياسية بعيدة المدىكثّف ماسك من حملته ضد مشروع القانون، مهدداً بتشكيل "حزب أمريكا" الجديد واستهداف المشرّعين في الانتخابات التمهيدية لعام 2026.وكتب على منصة "إكس": "كل عضو في الكونجرس حارب في حملته الانتخابية لتقليل الإنفاق الحكومي ثم صوّت فوراً لأكبر زيادة في الديون في التاريخ يجب أن يخجل! سيخسرون انتخاباتهم التمهيدية العام المقبل حتى لو كان آخر شيء أفعله على هذه الأرض."وردّ ماسك على تهديدات ترامب بالترحيل بمنشور على "إكس" قال فيه: "إنه لأمر مُغرٍ جداً أن أصعّد هذا الأمر، مُغرٍ جداً جداً، لكنني سأمتنع في الوقت الحالي."التوترات السياسية انعكست فوراً على أسواق المال، إذ انخفضت أسعار أسهم "تيسلا" يومي الاثنين والثلاثاء مع استمرار الخلاف.وتكمن حساسية الموقف في أن شركات ماسك، وخاصة "سبيس إكس"، مترابطة بشكل وثيق مع الوكالات الحكومية الأمريكية وحصلت على مليارات الدولارات من العقود الحكومية، بينما أصبحت الحكومة تعتمد على "سبيس إكس" في أجزاء أساسية من برامج السفر إلى الفضاء والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، كما تُدرس الشركة للمشاركة في بناء برنامج دفاع صاروخي جديد بمليارات الدولارات.يأتي هذا الصراع في وقت حساس بينما يسعى ترامب لتمرير تشريعه عبر الكونجرس، مما قد يختبر النفوذ السياسي الحقيقي لماسك داخل الحزب الجمهوري ويحدد مستقبل علاقته المتدهورة مع الإدارة الحالية.


بوابة ماسبيرو
منذ 2 ساعات
- بوابة ماسبيرو
النيابة العامة الإسرائيلية توافق على تأجيل محاكمة نتنياهو
وافقت النيابة العامة الإسرائيلية على طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتأجيل شهادته بسبب زيارته إلى العاصمة الأمريكية واشنطن. وقالت مصادر اليوم الأربعاء أن نتنياهو طلب تأجيل جلسات الأسبوع المقبل أيضا، بسبب "اجتماعات سياسية وأمنية". وذلك بعد جلسة الاستماع السرية التي شارك فيها رئيسا الموساد والمخابرات العسكرية الإسرائيلية، التي وافق القضاة في ختامها على إلغاء الجلسات المقررة لهذا الأسبوع. وقدم محامي الدفاع عن نتنياهو، التماسا إلى القضاة بعد تحديد موعد لقاء الأخير والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في البيت الأبيض، كما من المتوقع أن يقوم بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة من الأحد 6 يوليو، وحتى الخميس أو الجمعة 10-11 يوليو. وكان نتنياهو قدم طلبين، آخر الأسبوع الماضي، لتأجيل شهادته لمدة أسبوعين في محاكمته، بسبب "تطورات إقليمية"، ورد القضاة بالرفض على الطلبين. ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة قد تقوده إلى السجن في حال تم إقرارها. وفي يناير الماضي، بدأت جلسات استجواب نتنياهو الذي ينفي اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة فيما يعرف بالملفات ذات الأرقام 1000 و2000 و4000، وقدم المستشار القضائي للحكومة لائحة اتهام متعلقة بها نهاية نوفمبر 2019.


بوابة ماسبيرو
منذ 2 ساعات
- بوابة ماسبيرو
تفاصيل المؤامرة الأمريكية لإسقاط الدولة المصرية عبر بوابة «الإخوان»
كواليس ما جرى فى الغرف المغلقة قبل خلع «مرسي» من حكم البلاد بفضل تحركات «رجال الظل».. مصر عصية على التفكك والتقسيم مرت الأيام سريعًا وها هى الذكرى الـ12 لثورة "٣٠ يونيو" تطل علينا وسط غبار الحرب "الإسرائيلية ـ الإيرانية" التى تنذر بتغيير شكل المنطقة وتقسيم المُقسّم.. تحل هذه الذكرى وجيش الاحتلال يُعربد فى الأراضى السورية ويفرض سطوته على مساحات واسعة من الجنوب اللبناني. تهل علينا ذكرى الثورة المجيدة و"السودان" الشقيق يعانى ويلات الاقتتال بين "الجيش الوطني" وما يُسمى بـ"قوات الدعم السريع"، بينما الشقيقة "ليبيا" تغرق فى مستنقع التقسيم وصراعات الميليشيات والمرتزقة الأجانب.. ووسط كل هذا تقف الدولة المصرية صلبة صامدة بفضل تضحيات شعبها العظيم والتفافه خلف جيشه الوطنى وقيادته القابضة على الجمر. تفاصيل التآمر لإسقاط الدولة المصرية فى ضوء هذا المشهد القاتم الذى تعيشه منطقة الشرق الأوسط فإن السؤال الذى يطرح نفسه: هل كانت هناك ضرورة لخروج ملايين الشعب المصرى على حكم "الإخوان المسلمين"، ومطالبته للجيش بالنزول لحمايته من بطش "الجماعة الفاشية"، أم أن الأمر كان يتطلب السكوت والصمت على الأوضاع التى كانت تمر بها الدولة المصرية آنذاك؟. بقراءة المشهد الذى كانت عليه البلاد والتحديات التى كانت تهدد بقاءها قبل 12 عامًا يتأكد للجميع أن التآمر الخارجى لإسقاط الدولة المصرية كان يسير وفق المخطط الذى كشفت جزءًا منه وزيرة الخارجية الأمريكية "كونداليزارايس" خلال زيارتها للقاهرة فى العام 2005، وما وصول جماعة "الإخوان" إلى سدة الحكم إلا جزء من تنفيذ هذا المخطط. والحكاية تتلخص فى أن الإدارة الأمريكية وضعت مخططًا لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة؛ حتى يتمكن الاحتلال الإسرائيلى من بسط نفوذه وسيطرته على المنطقة بكاملها، ويقوم هذا المخطط على نشر ما سُمى بـ"الفوضى الخلاقة"، التى من خلالها يتم إثارة لإضطرابات عبر دعم الحركات الاحتجاجية ضد الأنظمة الحاكمة واستبدالها بأخرى تكون موالية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولنا فى ما جرى بالمنطقة على مدار الـ14 الماضية المثل والعبرة. وللأسف الشديد لم تكن الدولة المصرية بمنأى عن هذا المخطط الوقح، حيث نجحت الإضطرابات التى شهدتها البلاد خلال العام 2011 وما تلاه فى وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم. وليس بخاف على أحد حجم الدعم الذى تلقته الجماعة من إدارة البيت الأبيض ـ آذناك ـ فى دعم أواصرها وتثبيت كوادرها فى جميع مفاصل الدولة المصرية مقابل الموافقة على عزل سيناء عن الوطن الأم لتكون مستقرًا ووطنًا بديلاُ للفلسطينيين؛ حتى يهنأ المحتل الإسرئيلى بالأراضى المغتصبة على حساب الدولة المصرية. "رجال الظل".. خط الدفاع الأول لحماية الدولة بينما المخطط كان يسير وفق ما هو مرسوم له كان "رجال الظل" يرصدون كل كبيرة وصغير بدقة فائقة حماية للأمن القومى المصري، خاصة أنهم كانوا عل علم مسبق بكل ما يحاك ضد الدولة المصرية فى الخفاء.. لم تفلح الجماعة فى إدارة شئون البلاد وأصبحت الأوضاع أكثر سوءًا عن ذى قبل.. توحشت الجماعة وظن ممثلها فى قصر الرئاسة أن الأمور لاحت لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الإدارة الأمريكية، فتلاعب بدستور البلاد وحصَن نفسه وجماعته ضد المساءلات القانونية، واعتقد أنه وجماعته فوق النقد فناصب العداء لجموع الإعلاميين والصحفيين ورجال القضاء، فى ذات الوقت كانت جموع الشعب المصرى تتأوه من تردى الأوضاع على جميع المستويات. المشهد كان قاتمًا والدولة المصرية كانت فى مفترق طرق؛ فإما الرضوخ لمساعى تغيير الهوية التى كانت تنفذها "جماعة الإخوان الإرهابية" بكل دأب، أو التصدى لهذا المخطط حتى ولو تطلّب الأمر تقديم ملايين الشهداء دفاعًا عن مدنية الدولة.. نزل الملايين إلى الشوارع ليقولوا "لا لحكم المرشد وجماعته الإرهابية".. هتافات الجماهير زلزلت أرجاء الميادين، وبسبب استقواء الجماعة وتجبرها على الشعب، تعالت الأصوات وهتفت الحناجر : " واحد.. اثنين.. الجيش المصرى فين؟". وفى ظل إنسداد الأفق السياسى بين نظام الإخوان وجميع القوى السياسية، واستجابة لهتافات الجماهير المطالبة بنزول الجيش، خرج بيان من القوات المسلحة يُطالب جميع القوى السياسية بالبحث عن مخرج من حالة الانسداد السياسى الذى وصلت إليه البلاد، وأمهل الجميع مدة 48 ساعة. تحذير من مخاطر تهدد الأمن القومى المصرى البيان الأول للقوات المسلحة كان كاشفًا لحجم التحديات والمخاطر التى تواجه الدولة المصرية وأمنها القومي، وبعبارات حاسمة وحازمة، قال البيان:" شهدت الساحة المصرية والعالم أجمع أمس (٢٩ يونيو 2013) مظاهرات وخروجاً لشعب مصر العظيم ليعبر عن رأيه وإرادته بشكل سلمى وحضارى غير مسبوق.. ولقد رأى الجميع حركة الشعب المصرى وسمعوا صوته بأقصى درجات الإحترام والإهتمام.. ومن المحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدراً من المسئولية فى هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن". وفى تحذير شديد اللهجة، قال البيان: "إن القوات المسلحة المصرية كطرف رئيسى فى معادلة المستقبل وإنطلاقاً من مسئوليتها الوطنية والتاريخية فى حماية أمن وسلامة هذا الوطن تؤكد على الآتي: القوات المسلحة لن تكون طرفاً فى دائرة السياسة أو الحكم ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها فى الفكر الديمقراطى الأصيل النابع من إرادة الشعب. ـ إن الأمن القومى للدولة معرض لخطر شديد إزاء التطورات التى تشهدها البلاد، وهو يلقى علينا بمسئوليات كل حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر. ـ لقد إستشعرت القوات المسلحة مبكراً خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهله أسبوعاً لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل … وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى أثار الإعجاب والتقدير والإهتمام على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى. ـ إن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيداّ من الإنقسام والتصارع الذى حذرنا ولا زلنا نحذر منه. الفرصة الأخيرة.. قبل تدخل الجيش فى المشهد بيان القوات المسلحة وجّه رسالة طمأنة إلى ملايين المواطنين الذين افترشوا الشوارع والميادين للتنديد بسيطرة الجماعة الإرهابية على مفاصل الدولة، قائلاً: لقد عانى هذا الشعب الكريم ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبء أخلاقى ونفسى على القوات المسلحة التى تجد لزاماً أن يتوقف الجميع عن أى شىء بخلاف إحتضان هذا الشعب الأبى الذى برهن على إستعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفانى من أجله. وأَضاف البيان: إن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميــع [48] ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها، وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاماً عليها إستناداً لمسئوليتها الوطنية والتاريخية وإحتراماً لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والإتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذى كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو إستبعاد لأحد. واختتم البيان، بتوجيه تحية تقدير وإعزاز إلى رجال القوات المسلحة المخلصين الأوفياء الذين كانوا ولا يزالوا متحملين مسئوليتهم الوطنية تجاه شعب مصر العظيم بكل عزيمة وإصرار وفخر وإعتزاز. القشة التى قصمت ظهر الإخوان نزل البيان الأول للقوات المسلحة بردًا وسلامًا على صدور ملايين المصريين المحتشدين بالشوراع والميادين، وزادهم موقف جيشهم العظيم من الأحداث إصرارًا على موقفهم.. انتهت مهلة الـ48 ساعة، والجماعة مصرة على موقفها، ما دعا القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى إلى عقد اجتماع طارئ بمقر وزارة الدفاع لتقريب وجهات النظر بين جميع القوى السياسية بما فيها قيادات حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمون". مكتب الإرشاد رفض مشاركة أى من تابعيه لهذا الاجتماع.. الأوضاع إزدادت تفاقمًا، وأدركت الجماعة أن ساعة الصفر اقتربت.. وفى محاولة يائسة من جانبه أصدر مكتب الإرشاد تعليماته للرئيس المخلوع محمد مرسى بالخروج عبر الشاشات ليلقى خطابًا على الشعب. كان هذا الخطاب بمثابة القشة التى قصمت ظهر الجماعة، حيث ضرب "مرسي" بمطالب الجماهير عرض الحائط، رافضًا إجراء انتخابات مبكرة، بل وأصر على تكرار كلمة "الشرعية" عشرات المرات، الأمر الذى تسبب فى زيادة الاحتقان بين صفوف الحشود الهادرة فى الميادين. اجتماع الحسم.. وبيان الخلاص فى مواجهة هذا التعنت، لم تجد القيادة العامة للقوات المسلحة إلا عقد اجتماع مع ممثلى بقية القوى السياسية والدينية، منهم: الدكتور محمد البرادعى، رئيس حزب "الدستور" آنذاك، ومحمود بدر، مؤسس حركة "تمرد"، وسكينة فؤاد الكاتبة الصحفية، وجلال مره، الأمين العام لحزب "النور"، بجانب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس ، بالإضافة إلى قيادات القوات المسلحة وعلى رأسهم وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي. انتهى الاجتماع الذى استمر لساعات، ببيان لوزير الدفاع، المشير عبد الفتاح السيسى قال فيه: إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطني، وليس دورها السياسي". وأضاف: "لقد استشعرت القوات المسلحة - انطلاقا من رؤيتها الثاقبة ـ أن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها.. وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدَّرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسؤولية والأمانة". وتابع البيان :"لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلى وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012.. بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة.. ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه". رؤية القوات المسلحة لحماية أمننا القومى البيان رصد التحركات الأخيرة لإقناع الرئيس الإخوانى بحسم الموقف، وتلبية مطالب الجماهير المحتشدة فى الميادين، قائلاً: "لقد تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجى على المستوى الداخلى والخارجى تضمن أهم التحديات والمخاطر التى تواجه الوطن على المستوى الأمنى والاقتصادى والسياسى والاجتماعي، ورؤية القوات المسلحة بوصفها مؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعى وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة. وأضاف البيان: "فى إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة برئيس الجمهورية (محمد مرسي) فى قصر القبة يوم 22 / 6 / 2013، حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها الإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها ترويع وتهديد جموع الشعب المصري.. ولقد كان الأمل معقودا على وفاق وطنى يضع خارطة مستقبل، ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس(2 يوليو 2013).. وقبل انتهاء مهلة الـ48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.. الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة استنادًا على مسؤوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب، ودون استبعاد أو إقصاء لأحد؛ حيث اتفق المجتمعون على "خارطة مستقبل" تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يُقصى أحدًا من أبنائه وتياراته، وينهى حالة الصراع والانقسام. تحركات الجماعة فى مواجهة رؤية القوى الوطنية واختُتم البيان برسالة تحذير جاء فيها:" تهيب القوات المسلحة بالشعب المصرى العظيم بكل أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي، وتجنب العنف الذى يؤدى إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء.. وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أى خروج عن السلمية طبقا للقانون وذلك من منطلق مسؤوليتها الوطنية والتاريخية، كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطنى العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.. حفظ الله مصر وشعبها الأبى العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". لقد استقبل الشعب المصرى هذا البيان بفرحة عارمة، ظهرت فى نزول الملايين بكثافة إلى شوارع القرى والمدن مرددين أغنية "تسلم الأيادي". وفى المقابل، اجتمع مكتب الإرشاد بكامل هيئة فى المقطم، وصدرت التعليمات إلى جميع شُعب الجماعة فى الداخل بتجميع صفوفهم وحشد المتعاطفين للنزول إلى الشوارع، مع الاستعداد لمواجهة قوات الجيش والشرطة وكذا أفراد الشعب على حد سواء.. عادت مدرعات الجيش إلى الشوارع لحماية المنشآت الحيوية من أعمال العنف المحتمل.. توقفت الحياة تمامًا.. الشوارع خلت من المارة، والمحال أغلقت أبوابها؛ خوفًا من بطش الجناح المسلح لـ"الجماعة" .. سقط القناع عن الوجه القبيح للجماعة الإرهابية.. وانتشرت أعمال العنف والسرقة والبلطجة بطول البلاد وعرضها. كواليس الاجتماعات المغلقة قبل قرار خلع "مرسي" تفاصيل ما جرى خلال الأيام العشر الأخيرة قبل إعلان خلع " محمد مرسي" من حكم البلاد، كشف عنه الرئيس "السيسي" خلال لقائه عددًا من الصحفيين والإعلاميين على هامش افتتاح عدد من المشروعات العملاقة التى نفذتها الدولة؛ فبسؤاله عن عن أحوال البلاد إذا لم يتخذ وزير الدفاع آنذاك الفريق عبد الفتاح السيسى قرارًا بنزول الجيش لحماية المصريين من تهديدات جماعة لإخوان الإرهابية، قال الرئيس "السيسي": " القضية التى كانت موجودة خلال تلك الفترة، هى عدم الفهم، حتى من جانب القائمين على الموضوع ( مكتب الإرشاد والرئيس الأسبق محمد مرسي).. كانوا غير مدركين معنى الدولة، وهذه قضية خطيرة للغاية". وفى إشارة إلى أن تلك الجماعة لم يكن يهمها سوى السيطرة على حكم البلاد؛ قال: "كل الفهم الذى كان لديهم كيفية تحريك الشارع، وعمل أزمة مثل الوضع الذى ترونه، من تشكيك وحقد"، مضيفًا "لم يكن هناك من يحاول البناء والتعمير أبدًا؛ رغم أن منهجنا الخاص هو أن الإنسان جاء لعمارة الأرض، وكان من المفترض أن يبنوا ويعمروا.. الفكرة التى أريد أن أقولها إنهم لم يكونوا يعرفون معنى الدولة". وأوضح: " كانوا شاطرين فى حاجة واحدة هى تنظيم انتخابات، وكانوا يستطيعون التأثير على الناس لكى ينالوا أصواتهم، ويشكلون جماعات للتشكيك وللإساءة". وأضاف: "قلت للفصيل الذى سعى للحكم هل لديكم مراكز دراسات أنشأتموها لكى تعرفوا معنى الدولة، ولكى تتمكنوا من معرفة التحديات حتى تستطيعوا حلها.. ليس لديكم فأنتم لن تستطيعوا معرفة تحديات الدولة التى ستكون فيها". واستدرك قائلاً: "فرص النجاح ليست فى كيفية قيادة الدولة أم لا، ولكن فرص النجاح تكمن فى أن مقومات الدولة تكون موجودة.. هم ظلوا عامًا ونصف يقضون على مقومات الدولة التى كانت ظروفها صعبة، واستمرت المظاهرات أكثر من 70-80 أسبوعا كل جمعة، وعندما تولوا السلطة لم يجدوا فى الدولة شيئا". رحمة ربنا تتنزل على الشعب المصري الرئيس "السيسي" لم يدّع البطولة فى إزاحة الإخوان عن سدة الحكم، ولكنه أرجع الأمر لهذا الشعب العظيم الذى وقف فى وجه جماعة لا تعرف إلا الإرهاب والدم، قائلاً: هناك 35 مليون مصرى خرجوا فى ثورة 30 يونيو، وهذه كانت رحمة إلهية بالبلد. فى الوقت ذاته، أشاد الرئيس "السيسي" بالموقف المشرّف للجيش المصرى فى تلك الأحداث، حينما انصاع لنداءات الجماهير العريضة، ونزل لحمايتها من بطش الجماعة الإرهابية وتهديداتها بسحق الملايين فى الشوارع، قائلاً: الجيش فى مصر أسطورة، وهو السبب الذى جعله الله عمودا تستند عليه البلد فى أى وقت. وأوضح أنه "فى 3 يوليو (من العام 2013) طُرح تصور لتجاوز الأزمة آنذاك، وهو عمل انتخابات رئاسية مبكرة، وكان هناك رفض لهذا المقترح، وخرج الشعب إلى الشوارع.. هذا الاقتراح قوبل بالقتال، وهو ما يبين أن الأرضية المشتركة التى تجمع الجميع -وهى الحوار والنقاش- غير موجودة، وإنما الرغبة فى تملك الدولة بالقوة"، مؤكدًا أن ما مرت به الدولة خلال الأعوام الماضية؛ خاصة فى عام2011 كان له تأثير كبير جدا على كل شيء. انتفاضة الشعب ضد محاولات اختطاف الوطن إن للتاريخ أيامًا لامعة كالنجوم؛ تضئ عتمة الليل، وتبدد ظلمة الطغيان؛ تنير الطريق أمام السائرين وتهديهم سواء السبيل، وعلى رأس هذه الأيام الخالدة يوم الثلاثين من يونيو عام 2013؛ حين انتفض شعب مصر العظيم؛ ثائرًا على من أرادوا اختطاف وطنه؛ رافضًا الظلم والطائفية والاستبداد، ومعلنًا بصوت هادر ملأ أرجاء الدنيا: "إن هوية الوطن مصرية أصيلة لا تقبل الاختطاف أو التبديل. لقد أعلن شعبنا العظيم فى هذا اليوم المشهود أن مصر للمصريين؛ مستقلة فى قرارها، ولا تتبع إلا إرادة شعبها ومصالحه العليا، كما أن الصمود الذى أظهره المصريون منذ ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة سيظل محلًا لدراسة المفكرين والباحثين، فكم من تساؤلات أثيرت عن سر العلاقة الخاصة بين الشعب المصرى ومؤسسات دولته الوطنيـة، وبيـن الشعب وقواته المسلحة، واحتار الكثيرون فى منبع هذه الإرادة الصلبة والعزيمة التى لا تلين، التى نقلت مصر خلال أعوام قليلة من دولة تواجه الانقسام الخطير، وشبح الاقتتال الأهلى إلى دولة متماسكة؛ ينعم شعبها بأمن واستقرار غالى الثمن؛ دفعه أبطال من صلب هذا الشعب من قواته المسلحة وشرطته الذين تصدوا بصدورهم لموجة إرهاب هى الأعتى والأشرس، وقدم رجالهم أرواحهم فداًء كى يعيش الوطن ويزدهر. وكما قال الرئيس "السيسي" فإن "حجم التضحيات الهائلة التى قدمها الشعب وقدمتها مؤسساته الوطنية لا يليق بها ـ إن شاء الله ـ سوى الانتصار، بالمضى بقوة وثقة على طريق التنمية والبناء على طريق تحسين أحوال وحياة الناس وتوفير الظروف المناسبة لتفجير طاقات العمل والإبداع، لدى الشعب المصرى بكل أطيافه وفئاته فى منظومةً متكاملة تقود بلدنا الحبيب نحو تحقيق الحلــم الـذى طـالما راود المصريـيـن حلم التقدم والنهوض بالوطن حلم الجمهورية الجديدة الحديثة المتقدمة فى جميع المجالات. بالأدلة القاطعة.. الإخوان خونة وتجار دين فى النهاية؛ لا يسعنا إلا أم نقول إنه من الصعب أن تُصدِر حكمًا على شخص ما وتتهمه بالخيانة، إلا إذا كنت تملك الأدلة الدامغة على أن هذا الشخص ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بمصالح البلاد والعباد.. ويزداد الأمر صعوبة إذا كان الحكم الذى ستصدره ينسحب على جماعة يرفع أعضاؤها راية الدفاع عن الدين.. ولكن بعد أن تتيقن أن تلك الجماعة تتخذ من الدين ستارًا لدغدغة مشاعر البسطاء، وصولاً لأهداف خبيثة تخدم جهات خارجية فعليك أن تصدر حكمك وأنت قرير العين مستريح البال، وتقولها بصوت عال" أنتم خونة وتجار ودين". لقد تأخر الحكم كثيرًا على جماعة "الإخوان المسلمين"، مخافة أن اتهامها بشيء ليس فيها.. ولكن الثورة جاءت لتثبت بالدليل القاطع أن "الإخوان" تجار دين ولا يهمهم فى سبيل غايتهم التضحية بأرواح ودماء الأبرياء من عامة الشعب.. أجادت "الجماعة" اللعب على البسطاء ودغدغة مشاعرهم.. صوَّرت للعامة أنها تدعو إلى سبيل الله ولكن الأمن يُضَّيق عليها خوفًا من تطبيق شرع الله!!..غرَّرت بملايين الشباب الذين نزلوا الميادين مطالبين بـ"العيش والحرية والعدالة والاجتماعية".. سرقت ثورتهم.. عقدت الصفقات مع الأمريكان والبريطانيين.. أسقطت جهاز الشرطة.. اخترقت الحدود.. هرَّبت الإرهابيين عبر الأنفاق.. فتحت السجون.. روعت الآمنين.. أعلنت عدم خوض الانتخابات الرئاسية، ولكنها دفعت بمرشح هارب من السجن.. أعلن خيرت الشاطر من بريطانيا أن "مصر ستتحول إلى بحور دم إذا لم ينجح مرشح الجماعة".. وصل محمد مرسى لسدة الحكم على جثث الشهداء. خان "مرسي" أمانة الأصوات التى حصل عليها، عندما تجاهل عموم الناخبين فى كلمته التى ألقاها عقب إغلاق باب التصويت .. لم ينتظر لحين إعلان النتيجة رسميًا.. دعا أهله وعشيرته للاحتفال فى ميدان التحرير.. وفى مشهد تمثيلى فج وقف يستعرض قوة جماعته.. وفى إشارة لإعلان تحديه للمجلس العسكرى برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، أزاح أفراد الحرس الجمهورى من حوله.. فتح سترته، معلنًا أنه يمتلك الشرعية ولا يستطيع كائنًا من كان أن يسلبها إياه.. تناسى "مرسي" وجماعته أن الشعب الذى أزاح "مبارك" ونظامه قادر على إسقاطه وجماعته.. وقد فعلها الشعب فى 30 يونيو 2013.