logo
الصين وموازين القوى العالمية

الصين وموازين القوى العالمية

بوابة الأهراممنذ 3 أيام
يمر العالم حاليا بمرحلة مخاض حقيقية، وإعادة تشكيل للقوى الفاعلة فى النظام العالمي، مع السعى الأمريكى لأن تظل هى القطب الأوحد الذى يحقق الردع، وذلك بعد الصراعات التى تحدث حاليا، بعد إنهاك روسيا فى حرب أوكرانيا، وسيطرة وقيادة الولايات المتحدة حلف شمال الأطلنطي، بجانب ضغطها الاقتصادى على دول العالم، مع إدارتها سير العمليات الحربية على مستوى العالم، والتدخلات الأمريكية لإيقاف الصراعات، لإيصال رسائل واضحة بأن أمريكا هى القوة الوحيدة فى العالم التى بإمكانها إشعال أى صراع، أو إنهاء الصراعات فى الوقت الذى ترغب فيه، بما يحقق لها الريادة على مستوى دول العالم، وبالأخص القوى الفاعلة. وإذا نظرنا فى البداية إلى القوى الفاعلة فى النظام العالمي، والتى تتمثل بشكل مباشر فى القدرة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية، هى الولايات المتحدة، وروسيا ودول الاتحاد الأوروبى مجتمعة، واليابان، والصين، وتمت إضافة الشركات متعددة الجنسيات، وهى تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، والتكنولوجيا على مستوى العالم.
ولكن تظل الولايات المتحدة القطب الأوحد حتى الآن، فروسيا تمر بظروف أثرت على قدرتها ونفوذها بسبب دخولها فى حرب أوكرانيا لمدة 3 سنوات، ودول الاتحاد الأوروبى منهكة اقتصاديا، واليابان تملك قدرة اقتصادية وتكنولوجية، ولا تملك قدرة عسكرية، وتتبقى فى النهاية الصين المارد القادر على أن يكون قطبا قويا فى السنوات المقبلة لما تمتلكه من قدرة بشرية وتكنولوجية واقتصادية، وبالطبع عسكريا. ولكننا لو تتبعنا التحركات الصينية، سنجد أنها تحولت من قوة إقليمية تسعى للحاق بركب الدول الصناعية، إلى قوة عسكرية عالمية صاعدة ترسم ملامح جديدة لتوازن القوى فى القرن الحادى والعشرين، فقد أعادت بكين هيكلة جيشها، وضخت استثمارات ضخمة فى البحث العلمي، والتطوير الدفاعي، مما جعلها اليوم تقف على أعتاب منافسة الولايات المتحدة فى قطاعات حيوية من صناعة السلاح. فعلى مدى سنوات اعتمد جيش التحرير الشعبى الصينى على الكم البشرى والعدة العسكرية القديمة، ولكن منذ بداية القرن الحالي، بدأت الصين مسيرة تحديث شاملة قوامها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتكامل الصناعي، والخطة الطموح «صنع فى الصين 2025» لم تغفل الصناعات العسكرية، بل وضعتها ضمن ركائزها الأساسية، هدفها تحقيق اكتفاء ذاتى استراتيجي، وبناء جيش «ذكي» قادر على خوض الحروب الحديثة المعتمدة على التكنولوجيا فائقة التطور.
وأثمرت هذه الثورة العسكرية عن ترسانة متطورة من الأسلحة غيرت بها الصين صورتها فى المحافل الدولية كمصدر ومطور لمعدات قتالية نوعية منها الصاروخ الفرط صوتى (DF-16)، والذى يعتبر من أهم الابتكارات الصينية فى العقود الأخيرة، وسرعته تفوق 5 ماخ، ويصعب على أنظمة الدفاع الصاروخى اعتراضه، وقادر على حمل رؤوس نووية، مما يجعله سلاحا «استراتيجيا» من الطراز الأول، بالإضافة إلى المقاتلة الشبحية (J-20)، وهى منافسة للمقاتلات الأمريكية طراز (F-22)، وتتميز بتقنيات التخفي، والرادارات الحديثة، وصواريخ (جو ـ جو) بعيدة المدي. وبالنسبة لطائرات الدرونز الهجومية مثل (CH-5)، فيمكنها تنفيذ عمليات قصف واستطلاع على مدى آلاف الكيلو مترات، وتم تزويد عدد من الدول بها وتتميز بتكلفتها المنخفضة، وكفاءتها العالية، مقارنة بنظيراتها الغربية. ومن الطفرات الصينية فى الصناعات العسكرية حاملات طائرات من طراز (فوجيلان ـ شاندونج)، الأولى تم تشغيلها بالكامل والثانية بالطاقة الكهرومغناطيسية، وتسعى الصين لامتلاك أسطول بحرى يمكنه فرض النفوذ فى المحيطين الهادى والهندي، بالاضافة إلى الغواصات النووية وصواريخ البحر، وتطوير غواصات يمكنها إطلاق صواريخ باليستية من تحت السطح، وهو الصاروخ (JL-3) ومداه يصل إلى 10 آلاف كيلومتر ويمكنه إصابة أهداف فى العمق الأمريكي.
أما بالنسبة للأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية فأجرت اختبارات لتدمير أقمار اصطناعية، وهو إنذار مبكر لقدرتها على خوض حرب الفضاء، بجانب تطوير نماذج لروبوتات قتالية وأنظمة تحكم ذاتى وطائرات تقودها خوارزميات ذكية تعتمد على تقنيات التعلم العميق والتحكم الآلي، وأنظمة التنبؤ بالمسار. خصصت الصين أكثر من 2.5% من ناتجها المحلى الاجمالى للأبحاث والتطوير، وتعد الصناعات العسكرية من أكثر القطاعات استفادة، ويعمل فى هذا المجال آلاف المهندسين والعلماء داخل مؤسسات عملاقة لتصنيع المدرعات والدبابات والطائرات والمروحيات، والصواريخ وأنظمة الفضاء.
ومع هذا التوسع العسكرى الهائل، بات العالم يتعامل مع الصين كقوة استراتيجية، وأبرز تلك المظاهر أن تعيد الولايات المتحدة رسم خططها الدفاعية، وتحديث الأسطول البحري، بالإضافة إلى سباق التسلح الإقليمى لدول مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان. إن ما سبق يؤكد أن الصين لا تهدف فقط إلى الدفاع عن حدودها، أو ردع خصومها، بل تسعى إلى تغيير قواعد اللعبة عالميا، بأن تبنى نموذجا عسكريا قائما على التكنولوجيا، والعقيدة القومية. ربما لا تكون المنافسة مع الولايات المتحدة محسومة بعد، لكن المؤكد أن التوازن العسكرى العالمى لم يعد كما كان، وفى ظل هذا السباق، تبقى العين على بكين، التى تملك اليوم مفاتيح كثيرة لمستقبل الصراع، والسلام، وتضع قدما قوية أمام الولايات المتحدة للمنافسة فى أن تكون القطب القوى فى مواجهتها عالميا فى ظل القدرة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عام على محاولة اغتيال ترامب.. كيف تغير "دونالد" بعد نجاته من الموت؟
عام على محاولة اغتيال ترامب.. كيف تغير "دونالد" بعد نجاته من الموت؟

اليوم السابع

timeمنذ يوم واحد

  • اليوم السابع

عام على محاولة اغتيال ترامب.. كيف تغير "دونالد" بعد نجاته من الموت؟

تمر اليوم، الأحد، الذكرى الأولى لـ محاولة اغتيال دونالد ترامب ، المرشح الجمهورى فى سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، الذى أصبح فيما بعد رئيسا لفترة ثانية. وكان لإطلاق النار عليه خلال فعالية انتخابية فى بتلر بولاية بنسلفانيا فى 13 يوليو من هذا العام، تأثيراً كبيراً على ترامب وفرصه فى تلك الانتخابات وسياسته فيما بعد. تقول وكالة أسوشيتدبرس فى تقرير لها عن مدى تغير دونالد ترامب بعد محاولة اغتياله، التي شهدت إطلاق نار عليه من قبل مسلح شاب أصابه إصابة بسيطة فى أذنه، إن الاعتداء قلب الحملة الانتخابية، وأطلق العنان لـ 10 أيام صاخبة، شهدت وصول ترامب المنتصر إلى مؤتمر الحزب الجمهورى، واضعاً ضمادة طبية على أذنه المصابة، وما تلى ذلك من قرار الرئيس (الديمقراطى) جو بايدن بالتخلى عن ترشحه ومنافسة ترامب، وصعود نائبته كامالا هاريس كمرشحة رئاسية بدلا منه. ويقول أصدقاء الرئيس ومساعدوه، إن ترامب، بعد عام من النجاة من الموت، لا يزال هو ترامب، لكنهم يرون مؤشرات على أن ما حدث قد غيره بعض الشىء. فقد أصبح أكثر انتباها وأكثر امتناناً كما يقولون، يتحدث صراحة عن اعتقاده أن الله قد نجاه من أجل إنقاذ البلاد والحكم لفترة ثانية، بما يجعله أكثر عزما على تحقيق أجندته واسعة المدى. ونقلت أسوشيتدبرس عن السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام ، صديق ترامب وحليفه الذى كان على اتصال وثيق معه بعد إطلاق النار عليه، وظل معه أثناء علاجه فى المستشفى، قوله: "اعتقد أن الأمر حاضر دائماً فى ذهنه..لا يزال شخص قوى ومتمرد، كما تعرفون، لم يصبح راهباً بوذيا يسعى لاكتشاف ذاته. لكن أعتقد أنه أكثر تقديراً أكثر انتباهاً لأصدقائه"، مشيراً إلى ان ترامب أرسل رساله تهنئة له بعيد ميلاده الأسبوع الماضى. وتقول أسوشيتدبرس، إنه فى حين أن كثير ممن ينجون من الأحداث الصادمة يحاولون حجبها من الذاكرة، فإن ترامب أحاط نفسه بما يذكره بأحد أحلك اللحظات فى التاريخ السياسى المعاصر. فقد زين البيت الأبيض وملاعب الجولف الخاصة به بقطع فنية تصور لحظة ما بعد إطلاق النار، عندما نهض رافعاً قبضته بشكل درامى فى الهواء، وصاح قائلا: "قاتلوا، قاتلوا، قاتلوا".

الصين وموازين القوى العالمية
الصين وموازين القوى العالمية

بوابة الأهرام

timeمنذ 3 أيام

  • بوابة الأهرام

الصين وموازين القوى العالمية

يمر العالم حاليا بمرحلة مخاض حقيقية، وإعادة تشكيل للقوى الفاعلة فى النظام العالمي، مع السعى الأمريكى لأن تظل هى القطب الأوحد الذى يحقق الردع، وذلك بعد الصراعات التى تحدث حاليا، بعد إنهاك روسيا فى حرب أوكرانيا، وسيطرة وقيادة الولايات المتحدة حلف شمال الأطلنطي، بجانب ضغطها الاقتصادى على دول العالم، مع إدارتها سير العمليات الحربية على مستوى العالم، والتدخلات الأمريكية لإيقاف الصراعات، لإيصال رسائل واضحة بأن أمريكا هى القوة الوحيدة فى العالم التى بإمكانها إشعال أى صراع، أو إنهاء الصراعات فى الوقت الذى ترغب فيه، بما يحقق لها الريادة على مستوى دول العالم، وبالأخص القوى الفاعلة. وإذا نظرنا فى البداية إلى القوى الفاعلة فى النظام العالمي، والتى تتمثل بشكل مباشر فى القدرة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية، هى الولايات المتحدة، وروسيا ودول الاتحاد الأوروبى مجتمعة، واليابان، والصين، وتمت إضافة الشركات متعددة الجنسيات، وهى تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، والتكنولوجيا على مستوى العالم. ولكن تظل الولايات المتحدة القطب الأوحد حتى الآن، فروسيا تمر بظروف أثرت على قدرتها ونفوذها بسبب دخولها فى حرب أوكرانيا لمدة 3 سنوات، ودول الاتحاد الأوروبى منهكة اقتصاديا، واليابان تملك قدرة اقتصادية وتكنولوجية، ولا تملك قدرة عسكرية، وتتبقى فى النهاية الصين المارد القادر على أن يكون قطبا قويا فى السنوات المقبلة لما تمتلكه من قدرة بشرية وتكنولوجية واقتصادية، وبالطبع عسكريا. ولكننا لو تتبعنا التحركات الصينية، سنجد أنها تحولت من قوة إقليمية تسعى للحاق بركب الدول الصناعية، إلى قوة عسكرية عالمية صاعدة ترسم ملامح جديدة لتوازن القوى فى القرن الحادى والعشرين، فقد أعادت بكين هيكلة جيشها، وضخت استثمارات ضخمة فى البحث العلمي، والتطوير الدفاعي، مما جعلها اليوم تقف على أعتاب منافسة الولايات المتحدة فى قطاعات حيوية من صناعة السلاح. فعلى مدى سنوات اعتمد جيش التحرير الشعبى الصينى على الكم البشرى والعدة العسكرية القديمة، ولكن منذ بداية القرن الحالي، بدأت الصين مسيرة تحديث شاملة قوامها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتكامل الصناعي، والخطة الطموح «صنع فى الصين 2025» لم تغفل الصناعات العسكرية، بل وضعتها ضمن ركائزها الأساسية، هدفها تحقيق اكتفاء ذاتى استراتيجي، وبناء جيش «ذكي» قادر على خوض الحروب الحديثة المعتمدة على التكنولوجيا فائقة التطور. وأثمرت هذه الثورة العسكرية عن ترسانة متطورة من الأسلحة غيرت بها الصين صورتها فى المحافل الدولية كمصدر ومطور لمعدات قتالية نوعية منها الصاروخ الفرط صوتى (DF-16)، والذى يعتبر من أهم الابتكارات الصينية فى العقود الأخيرة، وسرعته تفوق 5 ماخ، ويصعب على أنظمة الدفاع الصاروخى اعتراضه، وقادر على حمل رؤوس نووية، مما يجعله سلاحا «استراتيجيا» من الطراز الأول، بالإضافة إلى المقاتلة الشبحية (J-20)، وهى منافسة للمقاتلات الأمريكية طراز (F-22)، وتتميز بتقنيات التخفي، والرادارات الحديثة، وصواريخ (جو ـ جو) بعيدة المدي. وبالنسبة لطائرات الدرونز الهجومية مثل (CH-5)، فيمكنها تنفيذ عمليات قصف واستطلاع على مدى آلاف الكيلو مترات، وتم تزويد عدد من الدول بها وتتميز بتكلفتها المنخفضة، وكفاءتها العالية، مقارنة بنظيراتها الغربية. ومن الطفرات الصينية فى الصناعات العسكرية حاملات طائرات من طراز (فوجيلان ـ شاندونج)، الأولى تم تشغيلها بالكامل والثانية بالطاقة الكهرومغناطيسية، وتسعى الصين لامتلاك أسطول بحرى يمكنه فرض النفوذ فى المحيطين الهادى والهندي، بالاضافة إلى الغواصات النووية وصواريخ البحر، وتطوير غواصات يمكنها إطلاق صواريخ باليستية من تحت السطح، وهو الصاروخ (JL-3) ومداه يصل إلى 10 آلاف كيلومتر ويمكنه إصابة أهداف فى العمق الأمريكي. أما بالنسبة للأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية فأجرت اختبارات لتدمير أقمار اصطناعية، وهو إنذار مبكر لقدرتها على خوض حرب الفضاء، بجانب تطوير نماذج لروبوتات قتالية وأنظمة تحكم ذاتى وطائرات تقودها خوارزميات ذكية تعتمد على تقنيات التعلم العميق والتحكم الآلي، وأنظمة التنبؤ بالمسار. خصصت الصين أكثر من 2.5% من ناتجها المحلى الاجمالى للأبحاث والتطوير، وتعد الصناعات العسكرية من أكثر القطاعات استفادة، ويعمل فى هذا المجال آلاف المهندسين والعلماء داخل مؤسسات عملاقة لتصنيع المدرعات والدبابات والطائرات والمروحيات، والصواريخ وأنظمة الفضاء. ومع هذا التوسع العسكرى الهائل، بات العالم يتعامل مع الصين كقوة استراتيجية، وأبرز تلك المظاهر أن تعيد الولايات المتحدة رسم خططها الدفاعية، وتحديث الأسطول البحري، بالإضافة إلى سباق التسلح الإقليمى لدول مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان. إن ما سبق يؤكد أن الصين لا تهدف فقط إلى الدفاع عن حدودها، أو ردع خصومها، بل تسعى إلى تغيير قواعد اللعبة عالميا، بأن تبنى نموذجا عسكريا قائما على التكنولوجيا، والعقيدة القومية. ربما لا تكون المنافسة مع الولايات المتحدة محسومة بعد، لكن المؤكد أن التوازن العسكرى العالمى لم يعد كما كان، وفى ظل هذا السباق، تبقى العين على بكين، التى تملك اليوم مفاتيح كثيرة لمستقبل الصراع، والسلام، وتضع قدما قوية أمام الولايات المتحدة للمنافسة فى أن تكون القطب القوى فى مواجهتها عالميا فى ظل القدرة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية.

بينما العدو يترنح في غزة.. صنعاء على أهبة الاستعداد لكل الاحتمالات
بينما العدو يترنح في غزة.. صنعاء على أهبة الاستعداد لكل الاحتمالات

يمني برس

timeمنذ 6 أيام

  • يمني برس

بينما العدو يترنح في غزة.. صنعاء على أهبة الاستعداد لكل الاحتمالات

يمني برس || تحليل: تُشكّل الجبهة اليمنية الداعمة لغزة اليوم إحدى أبرز الجبهات الفاعلة والمؤثرة في مواجهة العدوان الصهيوني، سيما مع تصاعد وحشية الاحتلال بحق المدنيين في غزة، الذين يواجهون ثلاثية الموت: القصف، والجوع، والمرض، في مشهد لا مثيل له في التاريخ المعاصر. في ظل استمرار آلة القتل الصهيونية منذ أكثر من 21 شهرًا، تتصاعد أعداد الشهداء والجرحى والمفقودين في قطاع غزة، بينما يدور العدو في حلقة مفرغة بحثاً عن أسراه، دون أن يحقق أي تقدّم يُذكّر، بل يتلقى يومياً خسائر فادحة بفعل صمود المقاومة الفلسطينية وضرباتها الموجعة. ورغم ما تكبّده الكيان الغاصب من خسائر نوعية، سواء من المقاومة الفلسطينية أو من الضربات الإيرانية خلال 12 يوماً، إلا أن رد فعله ينصب على المدنيين، ويصب جام حقده على سكان غزة، في مشهد إنتقامي دموي يجري أمام أنظار العالم، وسط صمت دولي، وتخاذل رسمي عربي وإسلامي مخز. لكن اليمن، البلد الذي استعصى على الغزاة عبر التاريخ، يقف اليوم في صف المواجهة، مُوجهاً سلاحه نحو عدو متغطرس لا يهدّد الفلسطينيين وحدهم، بل أمن واستقرار المنطقة بأسرها، فالاعتداءات المتكررة على اليمن ولبنان وسوريا وإيران، تؤكد أن الكيان الصهيوني مشروع حرب وإرهاب دائم لا يعرف السلم. وفي تطور لافت، شن العدو مؤخراً غارات على منشآت مدنية يمنية، بينها مينائي الحديدة ورأس عيسى ومحطة رأس كتنيب للكهرباء، في محاولة يائسة لثني الجبهة اليمنية، التي باتت تؤرق صناع القرار في تل أبيب، خاصة مع تنامي قدرات اليمن في المجال الصاروخي والدفاع الجوي. ولأول مرة، دخلّت منظومات الدفاع الجوي اليمنية محلية الصنع حيز الاستخدام الفعلي، حيث تم إطلاق صواريخ أرض – جو لاعتراض طائرات العدو في سماء الحديدة، مما شكل نقطة تحول نوعية، وترجمة حقيقية لتحذير فخامة المشير الركن مهدي المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى – القائد الأعلى للقوات المسلحة بأن طائرات العدو ستصبح 'أضحوكة في سماء اليمن'. الدخول الاستراتيجي لمنظومات الدفاع الجوي لا يُعد مكسباً تكتيكياً فقط، بل رسالة واضحة لكل من يقف خلف الكيان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا ومن يدور في فلكهما، بأن الأجواء اليمنية لم تعّد ساحة مفتوحة ولا مستباحة للطيران المعادي، بل صارت محمية بقدرات دفاعية قادرة على الردع. وتكريساً لاستراتيجية 'الرد بالمثل'، نفذت القوات المسلحة اليمنية ضربات دقيقة على أهداف في عمق الكيان الصهيوني، شملت مطار اللد، وميناء أسدود، ومحطة كهرباء عسقلان، رداً على استهداف مينائي الحديدة ورأس عيسى، في رسالة مفادها أن لصنعاء كلمة الفصل، وأن كلفة العدوان ستكون باهظة. يؤكد محللون عسكريون، أن امتلاك اليمن لمنظومة دفاع جوي حديثة سيُعيد تشكيل معادلات الصراع، ويكسر وهم 'الجيش الذي لا يُقهر'، والذي طالما تباهى بأنه قادر على ضرب أي مكان في المنطقة دون رادع. وفيما تُراجع قيادة الكيان الصهيوني واقع الاختراق اليمني لأجوائها ومقدراتها، تبقى صنعاء على أتمّ الاستعداد لأسوأ السيناريوهات، حيث تتداخل فيها الجبهات، وتتسابق فيها الصواريخ والبوارج والطائرات، في مشهد لا يحترم فيه العالم إلا صوت القوة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store