
ما أهداف ترامب في أفريقيا؟
ودون التقليل من أهمية هذا الاتفاق على المستوى الأمني والإنساني، ومع تثبيت الجهود القطرية الكبيرة التي بُذلت للتوصل إليه، ولكن التعمق في واقع السياسة الأميركية تجاه القارة، وفي تتبع قصة الوصول لنقطة التوقيع بين البلدين سيُبيّن أن الأمر معقد أكثر مما يبدو عليه في الظاهر، وأن الدوافع والأسباب التي تقف وراء استضافة الولايات المتحدة الأميركية حفل التوقيع تلخص جوهر الاهتمام الأميركي بالقارة الأفريقية في عهد الرئيس ترامب في دورته الجديدة.
فجمهورية الكونغو وجارتها زامبيا تمثلان نقطة التقاء التنافس الأميركي الصيني على الموارد والمعادن النادرة، إذ إن الكونغو وحدها تنتج 75% من معدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، بجانب موارد أخرى لا تقل أهمية كالنحاس واليورانيوم، وقد كان لافتًا ما ورد على لسان الرئيس ترامب بعد التوقيع على الاتفاقية حين قال: (ستحصل الولايات المتحدة على الكثير من حقوق المعادن في الكونغو).
والأسئلة التي تُطرح هنا هل سينجح الاتفاق الحالي في نشر السلام وطي صفحة حرب الثلاثين عامًا، خاصة أن أكثر من 10 اتفاقيات سابقة انتهت إلى الفشل، ولماذا يسود التفاؤل بنجاح هذه المحاولة؟
والإجابة المباشرة عن هذا السؤال تتعلق بتدخل الولايات المتحدة بثقلها الكبير في هذا الملف مدفوعة بنظرة الرئيس ترامب لأفريقيا حيث تحكم سياسته فيها ثلاثة عوامل هي:
تحويل العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية من بند المساعدات إلى بند التجارة.
التركيز على المصالح المباشرة التي تعود على الولايات المتحدة بالنفع السريع، ولا سيما المواد الخام والمعادن ثم محاصرة النفوذ الروسي والصيني، والذي تمدد في القارة في السنوات الأخيرة.
أخيرًا الانشغالات الأميركية الخاصة بمحاربة الجماعات الإرهابية وخاصة في الصومال ودول الساحل الأفريقي بجانب تأمين مسارات الهجرة غير الشرعية وغلق منافذها في القارة الأفريقية.
ترامب وأفريقيا: هل من جديد؟
لفهم أكثر عمقًا وواقعية للعلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأفريقية خلال إدارة ترامب الحالية يجب النظر إلى عاملين رئيسين هما تجربة ترامب مع أفريقيا إبان ولايته الأولى، ومشروعه الانتخابي الذي يمكن اختصاره في ثلاث نقاط رئيسية هي:
التركيز على جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، والانحياز إلى تيار العزلة النسبية مع التنازل عن نزوع التوسع والهيمنة الذي تتبناه تيارات أخرى داخل الحزب الجمهوري.
كما أن ترامب وأنصاره غير متحمسين تمامًا لمشاريع الجمهوريين التي تسعى (لنشر الديمقراطية) والقيم الأميركية الأخرى حول العالم.
فقد ورد في أجندة 2025 التي تكشفت بين يدي الحملة الانتخابية وتبنتها جهات متنفذة حول ترامب ما يلي: "على واشنطن أن تتوقف عن الترويج للسياسات الأميركية الضاغطة على الحكومات الأفريقية لاحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحقوق السياسية والمدنية والديمقراطية التي لا تتقبلها الدول الأفريقية، لأنها تشعر أن ذلك تدخل في شؤونها الداخلية، ويجب على واشنطن التركيز على المشاركة الاقتصادية".
اعتماد سياسة خارجية قائمة على الصفقات التي يعود ريعها سريعًا على الخزينة الأميركية المرهقة بالعجز والدين الداخلي، وذلك وفقًا لسياسة (مجهود أقل وعائد أكبر)، مع تجفيف المساعدات الأميركية للدول الأفريقية وغيرها، وتحويلها ما أمكن إلى التجارة واستغلال المعادن.
فقد ورد في أجندة 2025 مقترحات تدعو إلى تحويل جميع منح المساعدات الأجنبية للمستفيدين الأفارقة إلى قروض، وإلغاء جميع برامج مساعدات التنمية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص الأميركي في القارة الأفريقية.
حرصه على تسويق صورة شخصية تجمع بين الحزم والقوة، وفي نفس الوقت صورة رجل السلام الذي يعمل على إطفاء الحرائق الدولية وتسوية النزاعات بين الدول.
وهو ما لخّصه ترامب بعبارة: (السلام عبر القوة)، وفي ذلك يروج أنصاره أنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده الكبيرة في منع وقوع حرب نووية بين الهند وباكستان، ودوره الأخير في الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
وبالنظر لهذه المرتكزات الأساسية وتقييم اهتمامات ترامب خلال الأشهر القليلة التي مضت من عمر ولايته الحالية، والقرارات التي اتخذها بحظر دخول رعايا سبع دول أفريقية، قبل أن يتبعها بتعميم شمل 25 دولة من أصل 36 تطلب منها الولايات المتحدة التدقيق بشأن إجراءات الهجرة وإلا واجهت مصيرًا مشابهًا لتلك السبع.
هذا يؤكد أن إدارة ترامب لا تأبه كثيرًا بأي ردة فعل من دول القارة الأفريقية، ويأتي كل ذلك مقروءًا مع النهج الذي اتبعه في ولايته الأولى مع أفريقيا، والذي اتسم بالإهمال والازدراء.
ولذلك لا يبدو أن القارة الأفريقية تمثل أولوية لإدارته إلا بقدر ما تمثله من أهمية لسياساتها المتعلقة بالبحث عن الفرص التجارية، ومحاصرة النفوذ الروسي والصيني، أو بمكافحة الإرهاب والمخاطر الأمنية التي ترى فيها الأجهزة الأمنية الأميركية خطرًا ماثلًا.
يفسر هذا، دعوة الرئيس دونالد ترامب لقمة مصغرة تشارك فيها دول: موريتانيا، والغابون، وغينيا بيساو، وليبيريا، والسنغال، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حول المعايير التي تم بها اختيار هذه الدول الصغيرة وغير المؤثرة في اقتصاد القارة وسياستها.
ولكن التمعن في المشتركات التي تجمع هذه الدول يبدد تلك التساؤلات؛ فكلها تطل على المحيط بكل ما يمثل ذلك من فرص وتهديدات، كما تتمتع جميعًا بموارد كبيرة غير مستغلة وخاصة موارد الطاقة والمعادن النادرة، ويمكن أن تكون نموذجًا جيدًا لسياسته الجديدة في أفريقيا (التجارة بدلًا من المساعدات)، فضلًا عن وقوعها في المجال الجغرافي لتمدد النفوذ الروسي الآخذ في التوسع مؤخرًا.
ابحث عن الصين
قبل شهرين من توقيع اتفاقية السلام بين البلدين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، مقابل دعم الولايات المتحدة جهود إنهاء الصراع في شرق البلاد.
وقالت الصحيفة إن الاتفاق يمنح واشنطن حق الوصول إلى رواسب الليثيوم والكوبالت والكولتان، وصرح مستشار ترامب مسعد بولس قائلًا: "واشنطن تضغط من أجل توقيع اتفاق سلام بين الجانبين هذا الصيف، مصحوبًا باتفاقيات ثنائية للمعادن مع كل من البلدين".
في العام 2007 وقعت الصين اتفاقًا اقتصاديًا مع دولة الكونغو عرف باتفاق (المناجم مقابل البنية التحتية)، وبموجب ذلك الاتفاق صارت الصين الحاضر الأبرز في قطاع المعادن الكونغولي، حيث تدير حاليًا حوالي 80% من مناجم النحاس، وتسيطر على 70% من قطاع التعدين، وعلى 60% من سوق بطاريات السيارات الكهربائية عالميًا.
ومع الأهمية العالية لمعدن الكوبالت الذي يُستخدم في صناعة الهواتف والسيارات الكهربائية تعالج الصين وحدها 80% من هذا المعدن النادر، وفي العام 2024 أعلنت مجموعة سموك الصينية أكبر منتج للكوبالت في العالم عن أرباح قياسية، حيث قفز صافي الدخل بنسبة 64% ليصل إلى 1.9 مليار دولار.
هذه الأرقام مزعجة جدًا للولايات المتحدة التي ترى في الكونغو نموذجًا مثاليًا لتطبيق سياستها الخاصة بالحصول على المعادن النادرة بأسعار رخيصة، وفي نفس الوقت التضييق على الصين في واحدة من أهم ملفات التسابق التجاري والصناعي بينهما.
ولذلك فقد واصلت مساعيها لإخراج الصين من الكونغو الديمقراطية عبر الضغوط السياسية وتأليب الحكومة الكونغولية عليها للمناداة بإعادة تقييم الأسس التي قامت عليها اتفاقيات التعدين بين البلدين، وعبر دعم البنية التحتية وإعادة تأهيلها، ومسارات السكك الحديدية لتقليل تأثير الصين في سلاسل التوريد بالنسبة للمواد الخام.
وفي العام 2022 نشرت (أويل برايس) الأميركية تقريرًا أشارت فيه (إلى أن الولايات المتحدة تعزز جهودها لعزل الصين في أفريقيا وعرقلة حصولها على أشباه الموصلات المتقدمة، كما تعمل واشنطن أيضًا على السيطرة على مصادر المعادن المستخدمة في التقنية في أفريقيا خاصة الكونغو الديمقراطية).
ومما يلفت الأنظار هنا هو إعلان شركة (كوبولد ميتالز) الأميركية أنها ستوسع عملياتها في الكونغو الديمقراطية بعدما قامت فعلًا بشراء حصة للتعدين من شركة أسترالية هناك، وتساهم في شركة كوبولد ميتالز مجموعة من الشركات ورجال الأعمال الذين دعموا حملة ترامب الانتخابية.
حرب السودان في الواجهة
في ظل النشوة التي سيطرت على فريق ترامب بعد توقيع اتفاق السلام صرح مستشاره مسعد بولس بأن وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو سيستضيف اجتماعًا يضم وزراء اللجنة الرباعية التي تضم السعودية، والإمارات، ومصر، والولايات المتحدة؛ لبحث الحرب في السودان، وهو الأمر الذي أكد عليه ترامب نفسه في اجتماعه مع القادة الأفارقة في واشنطن.
ويأتي هذا الاهتمام بالملف السوداني بعد فترة من الإهمال وتركيز إدارة الرئيس ترامب على ملفات أخرى في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، ومن واقع التحركات التي تمت في الفترة الأخيرة والتي من بينها زيارة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان جمهورية مصر العربية، وتنشيط تحالف "صمود" الذي يقوده الدكتور عبدالله حمدوك، يبدو أن هناك مساعيَ إقليمية تُبذل لبلورة مبادرة لإحياء التفاوض الذي توقف لفترة طويلة تحت مظلة المبادرة الأميركية السعودية في جدة.
ولا يزال الوقت مبكرًا للإجابة عن نجاح اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا، إذ إنه ورغم وقوف الدولة الكبرى خلفه فإن التحديات التي تحيط بالاتفاق وأطرافه صعبة للغاية، خاصة إذا علمنا أن هناك مناطق حيوية خارج سيطرة الدولتين والجماعات المتحالفة معهما.
كما أن عدم الثقة الكبير بين الدولتين نتيجة الصراع الطويل قد لا يوفر البيئة المناسبة للتطبيق السلس لبنود الاتفاق، وخاصة تلك المتعلقة بجمع السلاح وتسريح الجماعات المسلحة المتناسلة.
ومع كل تلك التحديات فإن الترحيب الذي قوبل به الاتفاق على المستوى الدولي سيوفر إرادة قوية لمحاولة صيانة المنطقة حتى لا تعود للحرب مرة أخرى.
ونستطيع القول إن إدارة الرئيس ترامب تحاول في نسختها الجديدة تحويل القارة الأفريقية من مكان ميؤوس منه كما كان في دورتها الأولى إلى فرصة تستفيد منها الولايات المتحدة.
وتلخص الطريقة التي تم بها دعوة خمسة من رؤساء الدول الأفريقية إلى البيت الأبيض النهج الأميركي في التعامل مع القارة، وهو تعظيم الفوائد الأميركية في القارة دون أن تلتزم بأي مساعدات، أو تقوم بفرض أي شروط سياسية تتعلق بالدمقرطة، وحقوق الإنسان كما كان في السابق.
وستتحدد التدخلات الأميركية في كل النزاعات بهذا النهج الجديد والذي يمكن اختصاره تحت شعار: (التجارة بدلًا من المساعدات)، وبجانب التجارة فإن للولايات المتحدة مآربها التي لا يمكن أن تتنازل عنها كقوة دولية تسعى للمحافظة على نفوذها وريادتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الاتحاد الأوروبي يطالب الصين بإجراءات مناخية أكثر طموحا
قال مفوض المناخ بالاتحاد الأوروبي فوبكي هوكسترا -الأحد- إن العالم يحتاج إلى أن تظهر الصين مزيدا من القيادة في مجال العمل المناخي، مسلطا الضوء على أهمية خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتقليل اعتماد الاقتصاد الصيني على الفحم. ويزور هوكسترا بكين لإجراء محادثات رفيعة المستوى مع المسؤولين الصينيين عن القضايا البيئية والمناخية، إذ يريد أيضا تشجيع الصين على التوقف عن بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم والتخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري. وقال هوكسترا -في مقابلة مع رويترز- "نشجع الصين على الاضطلاع بدور قيادي أكبر في المستقبل والانطلاق بقوة في خفض الانبعاثات على نحو ملموس خلال العامين المقبلين، وكذلك الخروج من مجال الفحم". ويتزايد عدد محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في خط الأنابيب في الصين، وهي أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي. وأظهر تقرير صادر عن منظمة السلام الأخضر البيئية في يونيو/حزيران أن محطات الطاقة الجديدة -التي تعمل بالفحم والتي وافقت عليها الصين في الأشهر الـ3 الأولى من هذا العام- تبلغ قدرتها 11.29 غيغاواط، وهو ما يتجاوز 10.34 غيغاواط التي تمت الموافقة عليها في النصف الأول من عام 2024. ويمثل 2025 العام الأخير في الخطة الخمسية للصين (2021-2025)، إذ وافقت الصين على 289 غيغاواط من قدرة الفحم الجديدة، وهو ما يقرب من ضعف 145 غيغاواط المعتمدة للفترة 2016-2020، حسب منظمة السلام الأخضر. وكانت الصين أكدت أنها ستبدأ في التخلص التدريجي من الفحم خلال الخطة الخمسية 2026-2030، لكنها لم تلتزم بأي أهداف محددة، حسب المنظمة. والأسبوع الماضي، قال هوكسترا -لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية- إن الاتحاد الأوروبي سيؤجل التوقيع على إعلان مشترك بشأن المناخ مع الصين ما لم تتعهد بكين بالتزام أكبر بخفض الانبعاثات. وأكد في رده على سؤال عن هذه القضية: "نحن منفتحون على النظر في إعلان محتمل، ولكن الشيء الأكثر أهمية بشأن هذه الأنواع من البيانات هو المحتوى الذي يدخل فيها"، ولم يحدد المسؤول الأوروبي الالتزام الذي يأمل الاتحاد الأوروبي أن يراه من الصين. كما أشار هوكسترا إلى أن الاتحاد الأوروبي مهتم بالبحث عن مجالات التعاون مع الصين قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 30" (COP30) الذي سيعقد في البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ورغم كونها أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، فإن الصين تتصدر أيضا جهود العالم في مجال الطاقة النظيفة، إذ تستثمر بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكانت قد استثمرت 940 مليار دولار في هذا القطاع عام 2024.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
تحقيق للشيوخ الأميركي: انهيار أمني وإخفاقات لا تغتفر وراء محاولة اغتيال ترامب
خلص تحقيق لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إخفاقات "لا تغتفر" في محاولة اغتيال الرئيس دونالد ترامب خلال تجمّع انتخابي قبل عام. وحمل التقرير جهازَ الخدمة السرية المسؤولية عن هذه الإخفاقات، داعيا إلى إجراءات تأديبية أكثر جدية. وأشارت اللجنة في تقريرها -الذي نشرته لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ- إلى أن "ما حدث لا يغتفر والتدابير المتّخذة على أثر الإخفاق حتى الآن لا تعكس مدى خطورة الوضع". وقد أعطت الواقعة زخما لحملة ترامب للعودة إلى البيت الأبيض ، إذ استخدمت -لجذب الناخبين- صورة له وهو مصاب رافعا قبضته قبيل إخراجه من الموقع. ولم يعطِ التقرير أي معلومات جديدة حول دافع المسلّح الذي لم يتّضح بعد، لكنه اتّهم جهاز الخدمة السرية بـ"سلسلة إخفاقات كان يمكن تجنّبها كادت أن تكلّف الرئيس ترامب حياته". وقال الجمهوري راند بول رئيس اللجنة إن "جهاز الخدمة السرية أخفق في التحرّك بعد معلومات استخبارية موثوق بها، وأخفق في التنسيق مع سلطات إنفاذ القانون المحلية". انهيار أمني وتابع بول "رغم تلك الإخفاقات، لم يُفصل أي شخص" مضيفا "كان هناك انهيار أمني على كل المستويات" لافتا إلى أن ذلك كان "مدفوعا بلامبالاة بيروقراطية وغياب البروتوكولات الواضحة وبرفض صادم للتحرك ردا على تهديدات مباشرة". وأشار إلى "وجوب محاسبة الأفراد والحرص على تطبيق كامل للإصلاحات لكي لا يتكرر ذلك". وتحدث جهاز الخدمة السرية عن أخطاء على المستويين التواصلي والتقني، مشيرا إلى أخطاء بشرية، وقال إن إصلاحات يجري تطبيقها لا سيما على مستوى التنسيق بين مختلف جهات إنفاذ القانون وإنشاء قسم مخصص للمراقبة الجوية. وقد اتُّخذت إجراءات تأديبية بحق 6 موظفين لم تكشف أسماؤهم، وفقا لهذا الجهاز. واقتصرت التدابير العقابية على الوقف عن العمل بدون أجر بين 10 و42 يوما، ونُقل الأفراد الستة إلى مناصب محدودة المسؤوليات أو غير عملانية. وفي حديثه عن محاولة الاغتيال، في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال ترامب "لقد ارتُكبت أخطاء" لكنه أعرب عن رضاه عن التحقيق. وفي مقابلة -على شاشة قناة فوكس نيوز- قال الرئيس الأميركي إن قنّاص الجهاز الحكومي "تمكّن من إرداء (مطلق النار) من مسافة بعيدة بطلقة واحدة. ولو لم يفعل ذلك لكان الوضع أسوأ". أمر لا ينسى وفي توصيفه للأحداث قال ترامب "إنه أمر لا ينسى". وتابع "لم أكن أعلم بالضبط ما كان يحدث. لقد تعرضت لـ(محاولة) اغتيال. لا شك في ذلك. ولحسن الحظ، انحنيت بسرعة. كان الناس يصرخون". وقدمت مديرة جهاز الخدمة السرية كيمبرلي تشيتل استقالتها من المنصب بعد 10 أيام من محاولة الاغتيال، في ظل تدقيق صارم بشأن دور الجهاز. وقال مدير جهاز الخدمة السرية الحالي شون كوران -في بيان- إن الجهاز تسلم التقرير وسيواصل التعاون مع اللجنة. وأضاف كوران "في أعقاب تلك الأحداث، أجرى الجهاز مراجعة شاملة لعملياته، وبدأ في تنفيذ إصلاحات جوهرية لمعالجة الإخفاقات التي وقعت في ذلك اليوم". يُذكر أنه في 13 يوليو/تموز 2024، أطلق مسلّح النار على المرشح الجمهوري للرئاسة آنذاك ترامب خلال تجمع انتخابي في مدينة باتلر بولاية بنسلفانيا، مما أسفر عن إصابته في أذنه. وقُتل شخص، وأصيب آخران -إضافة إلى ترامب- قبل أن يردي قناص الجهاز الحكومي المسلّح توماس كروكس البالغ 20 عاما.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
إدارة ترامب تدافع عن أساليبها العنيفة في توقيف المهاجرين
دافعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استخدام أساليب عنيفة في توقيف للمهاجرين غير النظاميين على أيدي عناصر فدراليين ملثمين ومسلحين، بعد أيام من حكم لقاضية فدرالية جاء فيه أن التوقيفات تتم "على أساس العرق فقط". وشرح مسؤول الحدود توم هومان، ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم وجهة نظر الإدارة في البرامج الحوارية اليوم الأحد، غداة وفاة عامل مزرعة في كاليفورنيا بعد إصابته في عملية دهم لمزرعة قانونية للقنب. وأمرت القاضية مامي إيووسي مينساه فريمبونغ الجمعة الماضي بوقف "الدوريات المتجولة" التي تستهدف المهاجرين غير المسجلين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، قائلة إن عرق الشخص أو لغته أو مكان عمله لا يشكل مبررا كافيا. وقال هومان في برنامج "حال الاتحاد" على "سي إن إن" إن "الوصف الجسدي لا يمكن أن يكون السبب الوحيد لاحتجاز شخص ما واستجوابه" بل يعتمد الأمر على "مجموعة واسعة من العوامل". بيد أن هومان أقر بأن المظهر كان أحد هذه العوامل، وقال إن هناك في بعض الأحيان "توقيفات جانبية" لأشخاص أبرياء في عمليات دهم مستهدفة. وأكد أن الإدارة ستلتزم بقرار القاضية لكنها ستستأنفه، فيما وصفت نويم قرار القاضية بأنه "سخيف" وانتقدت ما وصفته بطبيعته "السياسية". وأضافت الوزيرة في برنامج "فوكس نيوز صنداي"، "نبني عملياتنا وتحقيقاتنا دائما على أبحاث في القضايا، وعلى معلومات بشأن الأفراد الذين نستهدفهم لأنهم مجرمون". وتعهّد ترامب خلال حملته الانتخابية بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، واتخذ منذ توليه الرئاسة عددا من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع عمليات الترحيل والحد من عبور الحدود. وباعتبارها "مدينة ملاذ" تضم مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، أصبحت لوس أنجلوس في مرمى نيران إدارة ترامب منذ عودته إلى السلطة في يناير/كانون الثاني. وبعدما أثارت عمليات الدهم التي شنتها إدارة الهجرة والجمارك (آيس) احتجاجات الشهر الماضي، أرسل ترامب الحرس الوطني ومشاة البحرية لاحتواء الاضطرابات. واعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم أن تلك القوات ليست ضرورية للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في معظمها، لكن جهوده القانونية لسحبها باءت بالفشل حتى الآن. ويوم الخميس الماضي، دهم عناصر من إدارة الهجرة والجمارك مزرعة قنب في مقاطعة فينتورا قرب لوس أنجلوس، وأوقفوا نحو 200 مهاجر، ما أدى إلى صدامات. وسقط أحد العمال أثناء مطاردته من عناصر "آيس" من سطح دفيئة زراعية، وتوفي أمس السبت متأثرا بإصاباته. ووصف هومان وفاته بأنها "محزنة" لكنه أوضح أن الرجل لم يكن رهن الاحتجاز لدى إدارة الهجرة والجمارك وقت وفاته.