logo
ضحية لإبستين حذرت "أف بي آي" مرتين من ترمب

ضحية لإبستين حذرت "أف بي آي" مرتين من ترمب

Independent عربيةمنذ 2 أيام
كشفت إحدى ضحايا الملياردير الأميركي جيفري إبستين، المتهم بإدارة شبكة واسعة للاتجار الجنسي بالفتيات القصر، أنها حذرت مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" في مناسبتين من ضرورة التحقيق في سلوك رجل الأعمال دونالد ترمب، الذي أصبح لاحقاً رئيس الولايات المتحدة، بصفته أحد معارف إبستين.
وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، روت ماريا فارمر وهى أول امرأة تبلغ عن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها إبستين، قصة لقاء جمعها عام 1995، مع ترمب بعد أن دُعيت لرؤية الأول في مكتبه الفخم في مانهاتن حيث كانت تستعد للعمل لديه. وذكرت فارمر أنها كانت ترتدي شورتاً رياضياً عندما وصلت إلى المبني، لتجد ترمب حيث شعرت بخوف شديد عندما كان يحدق في ساقيها، غير أنها شعرت ببعض الارتياح عندما دخل إبستين الغرفة وكسر التوتر قائلاً لضيفه "لا، لا. هي ليست هنا من أجلك".
ترك الحادث أثراً عميقاً على فارمر التي كانت في العشرينيات من عمرها آنذاك، وتزعم أنها سمعت ترمب يقول لإبستين في الغرفة المجاورة إنه كان يعتقد أنها مراهقة. وفي العام التالي للواقعة، أبلغت فارمر مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنها تعرضت لاعتداء جنسي على يد إبستين وشريكته غيلين ماكسويل، التي تقضي حالياً عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً. وحذرت من أن الاثنين ارتكبا "جرائم جنسية خطيرة متعددة" بحقها وبحق فتيات أخريات، من بينهن شقيقتها آني، التي كانت تبلغ من العمر 15 سنة في ذلك الوقت.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مقابلات أُجريت خلال الأسبوع الماضي حول ما أخبرت به السلطات، قالت فارمر إنها لا تملك أدلة على ارتكاب شركاء إبستين لأي جرائم، لكنها أوضحت أنها كانت منزعجة بشدة مما رأته كنمط متكرر من إبستين في ملاحقة الفتيات والنساء الشابات، في الوقت نفسه الذي كان يبني فيه علاقات صداقة مع شخصيات بارزة، من بينهم دونالد ترمب والرئيس السابق بيل كلينتون.
وذكرت فارمر في لقاءها مع "نيويورك تايمز"، أنها حين ناقشت مخاوفها مع شرطة نيويورك، ثم مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وحثّت المحققين على النظر بشكل أوسع في دائرة معارف إبستين، بما في ذلك دونالد ترمب، الذي كان حينها لا يزال بعيداً بعشرين عاماً عن أن يُنتخب رئيساً. وأضافت أنها كررت هذا التحذير عندما أجرى معها مكتب التحقيقات الفيدرالية مقابلة أخرى في عام 2006 بشأن إبستين.
وتُعد رواية فارمر أوضح مؤشر حتى الآن على ورود اسم ترمب في ملفات التحقيق غير المنشورة في قضية إبستين، وهي القضية التي أثارت موجة جديدة من الجدل السياسي خلال الأسابيع الأخيرة. ويضم ملف التحقيق الضخم الخاص بإبستين الذي عُثر عليه ميتاً في زنزانته في سجن مانهاتن عام 2019، على الكثير من الوثائق التي لم تُكشف علناً، لكنها أصبحت محوراً لتكهنات واسعة، بخاصة من قِبل حلفاء ترمب، الذين زعموا أن السلطات قد تكون تسترت على تورط رجال أثرياء ونافذين آخرين.
والآن، وبعد أن تراجع وزير العدل ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي المُعينين من إدارة ترمب عن وعود سابقة بكشف كل ما يتعلق بملف إبستين، وقالوا إنه "لا يوجد شيء يستحق الكشف"، عادت علاقات ترمب مع إبستين إلى الواجهة من جديد، مثيرة تساؤلات حول ما إذا كانت هناك إشارات أو معلومات تتعلق بترمب لا تزال غير معلنة في سجلات التحقيق.
وتقول "نيويورك تايمز" إن جهود ماريا فارمر في لفت انتباه السلطات إلى إبستين ودائرته، تُبرز أن ملفات القضية قد تحتوي على معلومات محرجة أو إشكالية سياسياً بالنسبة لترمب، حتى لو لم تكن مرتبطة مباشرة بجرائم إبستين، أو لم يتم التحقيق فيها بشكل كامل أو إثباتها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جورج عبدالله بعد 40 عاما خلف القضبان: لا أشعر بها
جورج عبدالله بعد 40 عاما خلف القضبان: لا أشعر بها

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

جورج عبدالله بعد 40 عاما خلف القضبان: لا أشعر بها

على مدى أربعة عقود، أمضى اللبناني جورج إبراهيم عبدالله أيامه في زنزانة مساحتها 11 متراً مربعاً، رفعت فيها راية حمراء عليها رسم لتشي غيفارا وملصقات مؤيدة للقضية الفلسطينية، ويستعد لمغادرتها الجمعة، بعدما أمر القضاء الفرنسي بالإفراج عنه. وأصدرت محكمة الاستئناف في 17 يوليو (تموز) قرار الإفراج عن الناشط البالغ 74 سنة. وبعدما بقي خلف القضبان مدة تعد من الأطول في فرنسا، من المقرر أن يغادر عبدالله سجن "لانميزان" (جنوب غرب) الجمعة، ويعود إلى لبنان. النظرة الثاقبة ذاتها ويقع السجن على بعد كيلومترات من قمم جبال البيرينه، التي كانت غير ظاهرة من نافذة الزنزانة في السجن، حيث ينزل 140 سجيناً من ذوي الأحكام المديدة. وأوقف عبدالله عام 1984، ودانه القضاء الفرنسي في 1987 في قضية اغتيال دبلوماسي إسرائيلي وآخر أميركي في باريس. وتنقّل خلال العقود الماضية بين مراكز احتجاز عدة في سان مور ومولان بوسط البلاد، وكليرفو في شرقها، قبل أن يودع الزنزانة رقم 221 التي وضعت عندها لافتة بخط اليد كتب عليها "عبدالله". في هذه الزنزانة الواقعة في المبنى "أ"، زارت النائبة عن حزب "فرنسا الأبية" أندريه تورينا، عبدالله يوم إصدار القضاء قرار الإفراج عنها، ورافقها فريق من وكالة الصحافة الفرنسية. استقبل عبدالله الذي ارتدى قميصاً قطنياً أحمر وسروالاً قصيراً، النائبة الفرنسية بالعناق والابتسامات والتقاط "سيلفي". لم تتبدل ملامح الناشط الشيوعي المناهض للإمبريالية عن الصور المعروفة الملتقطة له قبل عقود. صحيح أن الشيب غزا الشعر الكث الأسود واللحية الطويلة، لكن النظرة الثاقبة الحادة بقيت على حالها. الرفاق الذين رحلوا يجلس عبدالله محاطاً ببطاقات بريدية أرسلها محبون، وتغطي الصحف الورقية معظم المساحة الفاصلة بين السرير والمكتب في الزنزانة التي تضم زاوية تستخدم لإعداد الطعام. وقال عبدالله "أربعة عقود هي فترة طويلة، لكن لا تشعر بها متى كانت هناك دينامية للنضال"، مقراً بأن ما يزيد ذلك صعوبة هم "الرفاق الذين رحلوا". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف "لدي على جهاز الكمبيوتر تقويم أرى عليه جدول كل يوم بيومه: (ذكرى) الرفاق الذين رحلوا باللون البني، اللون البرتقالي مخصص للزيارات، الأخضر لأعياد الميلاد"، مشيراً الى أن "اللون البني يصبح أكثر انتظاماً". على رغم ذلك، يرى عبدالله أنه كان "مدللاً" في السجون الفرنسية مقارنة بما "يجري في غزة أو الضفة الغربية، خصوصاً للرفاق المسجونين". حُكم على عبدالله بالسجن مدى الحياة بتهمة الضلوع في اغتيال دبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي عام 1982. وبات مؤهلاً للإفراج المشروط منذ 25 عاماً، لكن 12 طلباً لإطلاق سراحه رُفضت كلها. السجن هو السجن لم يقر عبدالله بضلوعه في العمليتين، اللتين صنفهما في خانة أعمال "المقاومة" ضد "القمع الإسرائيلي والأميركي" في سياق الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان. خلف القضبان، يعتبر عبدالله نفسه "مناضلاً في ظروف خاصة". أما خارجها، فأكد أنه يريد أن يبقى ناشطاً "في ظل ظروف مختلفة"، مشدداً على أنه لا يرى في الإفراج عنه "تغييراً جذرياً في وجهات النظر النضالية". وشدد على أن "فلسطين تبقى الرافعة التاريخية للثورة في العالم العربي". يبقى "النضال" حجر الرحى بالنسبة إلى عبدالله. وهو قال بعد تبلغه نبأ قرب الإفراج عنه "إذا كنت أقف أمامكم اليوم، فذلك لأنني أناضل"، متابعاً "40 عاماً تفسد الذهن، يجب ألا ننسى أن السجن هو سجن".

17 قتيلا في غزة والجيش الإسرائيلي يقول إنه "يعمق" عملياته
17 قتيلا في غزة والجيش الإسرائيلي يقول إنه "يعمق" عملياته

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

17 قتيلا في غزة والجيش الإسرائيلي يقول إنه "يعمق" عملياته

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 17 فلسطينياً في الأقل الأربعاء جراء غارات إسرائيلية على مناطق عدة من القطاع المحاصر، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه "يعمق" عملياته. وقال المتحدث باسم الجهاز محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية "نقل إلى المستشفيات 17 قتيلاً بينهم سيدة حامل وعدد من الأطفال، وعشرات المصابين، جراء قصف جوي إسرائيلي على مناطق مختلفة". وأوضح أن من بينهم "ثمانية قتلى بينهم عدد من الأطفال ووالدتهم" في غارة جوية استهدفت فجراً شقة سكنية لعائلة الشاعر في مبنى يؤوي نازحين في تل الهوا بجنوب غربي مدينة غزة. أضاف أن من القتلى "الصحافية ولاء الجعبري (الشاعر) وزوجها وأطفالهما الأربعة"، موضحاً أن الجعبري "كانت حاملاً في شهرها التاسع وتوفي جنينها". إلى ذلك، أفاد بصل عن سقوط "أربعة قتلى وعدد من الجرحى نقلوا إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات (وسط) جراء استهداف طائرة مسيرة تجمعاً للمواطنين قرب مركز توزيع المساعدات" في منطقة وادي غزة. دعت أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية، اليوم الأربعاء، الحكومات إلى اتخاذ إجراءات مع انتشار الجوع في غزة، بما في ذلك المطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار ورفع جميع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وحذرت المنظمات في بيان وقعته 111 منظمة، بما في ذلك "ميرسي كور" والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة "ريفوجيز إنترناشونال"، من انتشار المجاعة الجماعية في جميع أنحاء القطاع في الوقت الذي تتكدس فيه أطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وغيرها من المواد خارج غزة مع منع المنظمات الإنسانية من الدخول أو إيصال المساعدات. وقالت المنظمات في بيانها "في الوقت الذي يجوع فيه الحصار الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية سكان غزة، ينضم عمال الإغاثة الآن إلى طوابير الغذاء نفسها، ويخاطرون بالتعرض لإطلاق النار لمجرد إطعام عائلاتهم. ومع نفاد الإمدادات الآن بالكامل، ترى المنظمات الإنسانية زملاءها وشركاءها وهم يذبلون أمام أعينهم". وأضاف البيان "لقد تسببت القيود التي تفرضها حكومة إسرائيل والتأخير والتجزئة التي تمارسها في ظل الحصار الشامل في خلق حال من الفوضى والمجاعة والموت". ودعت المنظمات الحكومات إلى المطالبة برفع جميع القيود البيروقراطية والإدارية، وفتح جميع المعابر البرية، وضمان وصول الجميع إلى كل أنحاء غزة، ورفض التوزيع الذي يتحكم به الجيش الإسرائيلي واستعادة "استجابة إنسانية مبدئية بقيادة الأمم المتحدة". وجاء في البيان "يجب أن تسعى الدول إلى اتخاذ تدابير ملموسة لإنهاء الحصار، مثل وقف نقل الأسلحة والذخيرة". وتنفي إسرائيل، التي تسيطر على جميع الإمدادات التي تدخل غزة، مسؤوليتها عن نقص الغذاء. ومنذ أواخر مايو (أيار)، ترد بشكل شبه يومي تقارير من الدفاع المدني وشهود في قطاع غزة، عن مقتل منتظري مساعدات إنسانية بنيران إسرائيلية في القطاع. وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء إن الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من ألف شخص عند نقاط توزيع المساعدات. وتواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بسبب الوضع الإنساني المروع في القطاع المحاصر والمدمر جراء الحرب المتواصلة فيه منذ أكثر من 21 شهراً. وحذرت أكثر من مئة منظمة غير حكومية الأربعاء من خطر تفشي "مجاعة جماعية". وتؤكد إسرائيل أنها تسمح بشكل منتظم بدخول كميات كبيرة من المساعدات، لكن المنظمات غير الحكومية تندد بوجود عديد من القيود. إلى ذلك، قتل شخص في غارة في حي الدرج وسط مدينة غزة، وآخر بضربة من طائرة مسيرة وسط القطاع، بحسب بصل الذي أفاد بمقتل ثلاثة أشخاص بصاروخ أطلقته مسيرة إسرائيلية على مجموعة من الأشخاص في بني سهيلة بشرق مدينة خان يونس في جنوب القطاع. من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن قواته "تعمق عملياتها في مدينة غزة شمال القطاع حيث تعمل على "رصد وتدمير بنى تحتية إرهابية". وأسفر هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل عن مقتل 1219 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية. ومن بين 251 رهينة خطفوا أثناء الهجوم، لا يزال 49 محتجزين، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا مصرعهم. وردت إسرائيل بشن حرب مدمرة قتل فيها 59219 فلسطينياً في غزة، غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها "حماس" وتعتبر الأمم المتحدة أرقامها موثوقاً بها.

يمن بلا سقف... حين تتحول الدولة إلى منصة تهديد إقليمي
يمن بلا سقف... حين تتحول الدولة إلى منصة تهديد إقليمي

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

يمن بلا سقف... حين تتحول الدولة إلى منصة تهديد إقليمي

أتصور أن الأزمة في اليمن ليست مجرد نزاع سياسي عالق بين أطراف محلية، بل هي تجل مأسوي لفقدان الدولة كمعنى، وانهيارها كضامن للسيادة الوطنية في وجه مشاريع عابرة للحدود. في قلب هذا الانهيار، لا تقف الحوثية بوصفها طرفاً داخلياً ينازع الشرعية، بل كامتداد عضوي لمنظومة إيرانية تسعى إلى إعادة هندسة الجغرافيا وفق خرائط النفوذ لا وفق منطق الانتماء. وعليه، فإن كل شحنة سلاح، وكل خلية خبراء، وكل قصف ينفذ من عمق الأرض اليمنية، ليس سوى برهان متكرر على أن الدولة حين تغيب، لا يملأ فراغها سوى نسخ مشوهة تتكلم باسمها، وتدير خرابها، وتحولها إلى منصة لحروب الآخرين. إنها، ببساطة شديدة، لحظة فارقة تفرض سؤالاً وجودياً بلا أدنى شك: هل لا يزال ممكناً استعادة اليمن كدولة؟ أم أننا صرنا نعيش على حافة وطن يعاد إنتاجه كتهديد، لا كملاذ؟ دعوني أدخل في صلب الموضوع مباشرة: أعتقد أن الأسلحة ليست هي ما يشكل الخطر الأكبر حين تتدفق إلى أرض منكوبة بالحرب، بل الفكرة التي تحملها هذه الأسلحة في داخلها، كأنها رسائل موقعة بالدم لا تحتاج إلى ترجمة. حين أعلنت قوات المقاومة الوطنية في اليمن عبر قائدها عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق محمد عبدالله صالح في تغريدة نشرها في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "إكس" عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية ضخمة كانت في طريقها إلى الميليشيات الحوثية، بدا أن المشهد لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان كاشفاً، إذ لا جديد في أن إيران تزود وكلاءها بالسلاح، لكن الجديد هو هذا الإصرار الوقح على تكريس اليمن، ليس كساحة حرب فحسب، بل كبنية هجومية إيرانية كاملة تتشكل على مرأى من العالم وصمته. تقول الرسالة بوضوح تام: نحن أمام نظام إيراني مارق حد الوقاحة، لم تكن هذه الشحنة عادية في حجمها ولا في نوعيتها. أكثر من 750 طناً من العتاد الحربي المتطور: صواريخ "كروز" مضادة للسفن، وصواريخ أرض - جو، ورؤوس حربية، وطائرات مسيرة هجومية، ومنظومات توجيه دقيقة، ومحركات طائرات من دون طيار، ورادارات كشف وتتبع، وأجهزة اتصالات مشفرة، وصواريخ موجهة مضادة للدروع، ومدفعية، وبنادق قنص طويلة المدى، وذخائر متنوعة، بل ودليل تشغيل بالفارسية. لم تكن مجرد أدوات قتل، بل ملامح مشروع كامل. مشروع لا يقوم على مجرد السيطرة أو النفوذ، بل على هندسة الصراع بحيث يصبح مستداماً، دائم الاشتعال، لا يسدل عليه الستار إلا لكي يفتح من جديد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في اعتقادي هذا النوع من التسليح لا يستخدم في الدفاع، بل في خلق واقع جديد. واقع يدار من طهران وينفذ عبر الحوثيين، وترسم خرائطه على مقاييس "الحرس الثوري" الإيراني، لا على حاجة اليمنيين إلى السلام. إنها الأسلحة ذاتها التي قصفت قرى ومدناً يمنية، واستهدفت منشآت نفطية في دول الجوار، وضربت السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، وصولاً إلى حادثة غرق السفينتين "MAGIC SEAS" و"ETERNITY C" ومقتل وفقدان عدد من طاقميهما. هذا المشهد الصادم والمحبط في آن لم يعد معزولاً في جغرافيا محلية، بل صار جزءاً من تهديد ممرات التجارة العالمية، وأمن الطاقة، وسلاسل الإمداد الدولية. وكل ذلك باسم قضية مختلقة، ولخدمة مشروع إمبراطوري متهالك، يحاول عبر حروبه بالوكالة تعويض ما خسره في بيروت ودمشق. إن التمادي الإيراني في استثمار اليمن كمنصة متقدمة للابتزاز الجيوسياسي، لا يعبر عن عبقرية استراتيجية بقدر ما يعكس غياب الردع، فحين تنجح طهران في تمرير هذا الحجم من السلاح، مع الأدلة التقنية والبشرية على وجود خبرائها في الميدان، من دون رد حازم وحاسم، فهي تعيد تعريف الممكن في النظام الدولي نفسه. إن صمت العالم لا يمنح الحوثية قوة مضافة فحسب، بل في اعتقادي يفتح لإيران مجالاً رحباً لإعادة تموضعها في قلب شبه الجزيرة العربية، كفاعل تخريبي قادر على تهديد العالم من خاصرته الأضعف. في هذه المعادلة، لم تعد الحوثية في تصوري طرفاً في نزاع داخلي، بل تحولت إلى بنية عسكرية متقدمة يديرها "الحرس الثوري" الإيراني، وتمول من تجارة الحرب، وتشرعن وجودها عبر خطاب ديني زائف، وتسلح بأسلحة نوعية موجهة ضد اليمنيين أولاً، ثم ضد جوارهم والعالم ثانياً. هذا ليس توصيفاً عاطفياً، بل استقراء موضوعي لحقيقة تتكرس يوماً بعد يوم على الأرض. وإزاء هذا الواقع، فإن بقاء الوضع كما هو عليه ليس حياداً كما أرى، بل مشاركة سلبية في إعادة إنتاجه. لأن تجاهل خطورة هذا التحول يعني، في المحصلة، التسليم بتحول اليمن من دولة غائبة إلى قاعدة صاروخية ثابتة. وكل تأخير في استعادة الدولة هو عملياً وقت إضافي ممنوح للمشروع الإيراني ليترسخ ويتحور، فالدولة ليست شعاراً سياسياً مجرداً، بل الملاذ الآمن الذي يمكن أن يحول دون تحويل اليمن إلى كيان وظيفي تخريبي تابع للخارج. وحين تنهار الدولة، لا تسقط المؤسسات فقط، بل يعاد تشكيل وعي المجتمع على يد من يحتكر السلاح ويصادر الكلمة ويحتكر الحقيقة. إن المعركة في جوهرها لم تعد بين الحكومة والانقلابيين فحسب، بل بين اليمن واليمن المؤمم لصالح طهران، بين الفكرة الوطنية الجامعة والفكرة السلالية الإقصائية، بين السيادة والتبعية، بين الأرض باعتبارها وطناً، والأرض باعتبارها منصة لإدارة الحرب نيابة عن نظام خارج الحدود. لذلك فإن الموقف المطلوب ليس مجرد استنكار دبلوماسي من الجهة المنوط بها استعادة الدولة ممن انقلب عليها بقوة السلاح، أو كتابة سلسلة تغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم الجلوس على مقاعد المتفرجين، بل تحرك فعلي متعدد المستويات. كما أن دعم الحكومة الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي في معركة استعادة الدولة، لم يعد خياراً ضمن سلة الاحتمالات، بل ضرورة تاريخية تمس جوهر الأمن الوطني والإقليمي والدولي. فضلاً عن ذلك أرى أن الموقف الدولي لم يعد يحتمل المواربة، يجب وقف الدعم الإيراني للحوثيين، وفرض رقابة صارمة على تهريب الأسلحة والخبراء، وملاحقة الشبكات المتورطة، وفرض عقوبات فعالة، والمضي في تصنيف الحوثية كجماعة إرهابية من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وسائر الفاعلين الدوليين مثلما فعلت من قبل الولايات المتحدة ومعها دول عدة. اليمن لا يحتاج إلى بيانات شجب، بل إلى اعتراف صريح بأن استمرار الحوثية في وضعها الحالي هو تهديد وجودي، ليس لليمن وحده، بل للمجتمع الدولي. إنه تهديد للبنية الدولية ذاتها، حين تترك جماعة طائفية مدعومة من نظام يتحدى القانون الدولي، لتسيطر على ممر بحري يعد شرياناً حيوياً للعالم. أكرر على نحو واضح لا يحتمل اللبس: إن استعادة الدولة ليست خياراً محلياً محدود الأثر، بل ضرورة استراتيجية لإنهاء حال الفوضى وإعادة توجيه المسار نحو سلام شامل وعادل ومستدام لا يقوم إلا على أنقاض المشاريع التي تصنع من الحرب مهنة، ومن الطائفة دولة، ومن الدين وسيلة للهيمنة. وفي اللحظة التي يختلط فيها السلاح بالمعتقد، وتدمج الجغرافيا في خرائط غير وطنية، فإن التهاون ليس حياداً، بل انحياز ضمني للفوضى. واليمن، في جوهره، لم يكن يوماً ساحة للفرز الطائفي على هذا النحو المدمر للنسيج المجتمعي، بل وطناً جامعاً بطبيعته، لا يمكن إعادة بنائه إلا باستعادة فكرته الكبرى: الدولة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store