logo
حين يتجاهل الوزير بوريطة الحلول: من مشروع إدماج المهاجرين الأفارقة مهمل إلى فوضى الشارع المغربي

حين يتجاهل الوزير بوريطة الحلول: من مشروع إدماج المهاجرين الأفارقة مهمل إلى فوضى الشارع المغربي

المغرب الآنمنذ 16 ساعات

بين أرشيف إداري صامت ورسائل لم يُردّ عليها منذ 2017، ومشاهد فوضى تتكرر في شوارع الدار البيضاء ومدن مغربية أخرى، يتكشّف وجهٌ آخر لأزمة الهجرة غير النظامية في المغرب:
فوضى في التدبير، صمت رسمي، ومسؤول سياسي لا يجيب.
ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،
يوجد اليوم في مرمى المساءلة، ليس فقط بصفته المشرف على ملف الهجرة في الحكومة، بل لأنه تجاهل — طيلة سنوات — مشروعًا متكاملًا تقدمت به 'الرابطة العالمية للمغاربة المهاجرين والأجانب المقيمين' لإدماج المهاجرين الأفارقة، كان يمكن أن يتحول إلى رافعة تنظيمية وطنية بدل أن يبقى حبرًا على ورق.

مشروع ضائع
: عندما صمتت الوزارة عن فرصة تاريخية
في عام 2017، راسلت الرابطة العالمية للمغاربة المهاجرين وزارة بوريطة، مقترحة
إحداث مركز مغربي أفريقي لاستقبال وتكوين وإدماج الوافدين الأفارقة.
الوزارة رحبت بالمبادرة حينها، وطلبت تصورًا كاملاً للمشروع، وقد تم تسليمه بالفعل.
لكن الرد لم يأتِ قط.
لا توضيح، لا رفض، لا نقاش. سبع سنوات من التجاهل المؤسسي.
رد الوزارة المكلفة بالمغاربة المهاجرين والاجانب إلى الرباط العالمية.pdf
لو تم تفعيل المشروع، لكان بالإمكان تنظيم تواجد المهاجرين، تكوينهم، إدماجهم في سوق الشغل المغربي أو حتى إعدادهم للهجرة المنظمة نحو أوروبا، بدل أن يصبحوا ضحايا هشاشة، أو أطرافًا في احتكاكات شبه يومية مع المواطنين.
◾ مشاهد الفوضى اليوم: مسؤولية من؟
قبل أيام فقط، وثقت عدسات هواتف المواطنين في أحياء مثل سيدي البرنوصي مشاهد
صدامات عنيفة وتخريب وإخلال بالنظام العام
تورط فيها مهاجرون غير نظاميين من دول جنوب الصحراء. الوضع أثار ذعرًا واستياءً عامًا، لكنه لم يكن مفاجئًا، بل نتيجة مباشرة لغياب سياسة إدماج واضحة.
الناشط المدني
عزيز شاعيق
يؤكد أن السكان لم يعودوا يحتملون الوضع، حيث تتحول بعض الأحياء إلى بؤر توتر. أما
مهدي ليمينة
من جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، فيُرجع ما يحدث إلى 'تراخي السلطات وتجاهل الملفات'.
لكن في أعلى السلم،
تتجه الأنظار إلى الوزير بوريطة، باعتباره المسؤول الأول عن السياسة الوطنية للهجرة
، خاصة بعد تفويض ملف شؤون الهجرة إلى وزارته.
كيف يمكن تفسير تجاهله لمبادرة مدنية بهذا الحجم؟
وأين ذهبت الملايين التي تلقاها المغرب من الاتحاد الأوروبي لتنفيذ هذه السياسات؟
◾ تمويلات أوروبية، نتائج غائبة
وفق تقارير الاتحاد الأوروبي،
حصل المغرب على نحو 145 مليون يورو سنويًا لدعم سياسات الهجرة والإدماج.
غير أن الواقع يُكذّب الأرقام: لا مراكز دائمة، لا برامج فعلية موجهة للمهاجرين، ولا شفافية في طرق صرف هذه الأموال.
من يُراقب هذه الميزانيات؟ من يُقيم الأثر؟ ولماذا لا يُفتح نقاش برلماني أو إعلامي حول مصيرها؟ ألا يُفترض أن تُصرف في دعم المبادرات الجادة بدل أن تبقى في يد دوائر مغلقة لا تشتغل ولا تحاسب؟
◾ من يدفع الثمن؟ المواطن أولًا
في غياب أي سياسة واقعية، يُترك المواطن المغربي — خاصة في الأحياء الهشة —
ليؤدي ثمن الإهمال:
صدامات، خوف، غياب الأمن، واحتقان اجتماعي خطير. وفي المقابل، يُصوَّر كل انتقاد وكأنه معاداة للأجانب، في حين أن الأزمة في جوهرها هي
فشل في التخطيط والتفاعل.
◾ الأسئلة التي لا يمكن تجاهلها بعد اليوم:
لماذا تجاهل وزير الخارجية ناصر بوريطة مشروعًا وطنيًا مقترحًا من طرف الرابطة منذ 2017؟
من يراقب أوجه صرف الملايين التي يُمنحها الاتحاد الأوروبي للمغرب بخصوص ملف الهجرة؟
ما مصير الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء؟ هل بقيت مجرد شعارات دون تنزيل فعلي؟
هل هناك جهات مستفيدة من الفوضى؟ وهل تُستخدم الهجرة غير النظامية كأداة تفاوض دولية على حساب استقرار المدن؟
◾ خلاصة استقصائية:
ما يحدث في البيضاء، ومثيلاتها من المدن،
ليس أزمة أمن فقط، بل أزمة سياسية وتنموية، يقف خلفها صمت رسمي مقلق.
ومادام الوزير المسؤول يختار التجاهل، فإن معاناة السكان ستتكرر، كما ستتفاقم أزمة فقدان الثقة في المؤسسات، وتضيع فرص حقيقية كان من الممكن أن تجعل من المغرب منصة إفريقية للهجرة المنظمة.
فهل يجرؤ البرلمان على مساءلة الوزير بوريطة؟
وهل تتحرك الصحافة الحرة للغوص في أوجه التقصير؟
أم أن السياسة ستواصل دفن الملفات، وترك الشارع وحده يواجه النيران؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب
الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب

الأيام

timeمنذ 6 ساعات

  • الأيام

الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب

استقال وزير الهجرة اليوناني ماكيس فوريديس و3 نواب وزراء على خلفية عملية احتيال في إعانات زراعية مُقدّمة من الاتحاد الأوروبي، عندما كان فوريديس وزيرا للزراعة عام 2020. وجاءت استقالة فوريديس بعد أسبوع من إحالة مكتب المدعي العام الأوروبي قضية إلى برلمان أثينا للتحقيق في الاشتباه بتورط وزيرين سابقين في حكومة رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس باختلاس أموال للاتحاد الأوروبي. وشغل فوريديس -وهو شخصية بارزة في الحكومة- منصب وزير التنمية الزراعية بين عامي 2019 و2021 قبل أن يتولى حقيبة الهجرة في يناير الماضي. وأكد في نص استقالته أنه 'لم يرتكب أي مخالفة'، واختار الاستقالة بناء على طلب حزب باسوك الاشتراكي المعارض تشكيل لجنة برلمانية للنظر في هذه الادعاءات. وقال فوريديس لرئيس الوزراء -الذي قبل استقالته- إن 'شبهة ارتكاب عمل إجرامي تتعارض مع منصب عضو في الحكومة'. واتهم سياسيون من المعارضة الوزراء بعدم التحقق بشكل كاف من الإعانات، بل وبمنح امتيازات بدوافع سياسية لمقربين، ودعوا إلى فتح تحقيق برلماني في القضية. ولم تخلُ مسيرة فوريديس السياسية من الجدل، ففي عام 1994، أسس الجبهة اليمينية المتطرفة، التي كان شعارها آنذاك 'بطاقة حمراء للمهاجرين غير الشرعيين'. وفي عام 2005، انضم إلى حزب لاوس القومي، ومثّله في البرلمان منذ عام 2007 قبل أن ينتقل إلى حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ بزعامة ميتسوتاكيس منذ عام 2012. وأفادت وسائل الإعلام اليونانية بأن وزير التنمية الزراعية السابق الثاني في التحقيق الأوروبي هو ليفتيريس أفجيناكيس، الذي شغل المنصب من عام 2023 إلى العام الماضي، وهو أيضا نائب عن حزب الديمقراطية الجديدة. وكان مسؤولون في مكافحة الفساد بالاتحاد الأوروبي قد أبلغوا أثينا بالقضية في مارس/آذار من العام الماضي، والتي تعلقت بمعلومات وهمية عن أراض زراعية مزعومة، وصرف إعانات مالية غير مبررة لأراض صخرية، وغابات، بل وحتى أراض تقع عبر الحدود في مقدونيا الشمالية. وأغلق ميتسوتاكيس، الشهر الماضي، الهيئة اليونانية لصرف ومراقبة مساعدات التوجيه والضمان المجتمعية في اليونان، وهي الجهة المسؤولة عن صرف الإعانات. وتم توجيه اتهامات إلى نحو 100 مشتبه بهم، أفادت أنباء بأنهم استولوا على ما مجموعه 2.9 مليون يورو (3.4 ملايين دولار) من الإعانات بطريقة غير قانونية.

ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا

أخبارنا

timeمنذ 7 ساعات

  • أخبارنا

ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا

غم النقص الحاد في العمالة الماهرة والمؤهلة في ألمانيا، يعاني المهاجرون من أفريقيا من صعوبات في الحصول على تأشيرات الدخول، وذلك لعدة أسباب يأتي على رأسها البيروقراطية. إتقان اللغة الألمانية وحده ليس كافياً للحصول على تأشيرة للدراسة أو العمل لدخول البلاد، فالقدوم إلى ألمانيا عملية يصفها كثيرون بأنها معقدة وتتطلب وقتاً طويلة، من ضمنهم غريس أوتشينغ (اسم مستعار) من كينيا والبالغة من العمر 26 عاماً. بدأت الشابة بإجراءات السفر إلى ألمانيا للدراسة قبل أكثر من عام، وكانت تتحدث اللغة الألمانية بالفعل، ومع ذلك لم يسهّل هذا من إجراءات السفر، وواجهت غريس أوتشينغ صعوبات في التغلب على البيروقراطية الألمانية. وبالرغم من حصولها على منحة دراسية لدراسة العلاقات الدولية، ووعد بوظيفة طلابية، واستكمال ملفها، استغرق الأمر شهرين لتحصل على تأشيرة. سيناريو مشابه حصل مع صديقتها التي ضاعت فرصتها للالتحاق ببرنامج تبادل طلابي بسبب البيروقراطية وتعقيدات الحصول على تأشيرة الدخول. ليست إجراءات التأشيرة وحدها ما يجعل الأمر مرهقاً بحسب غريس أوتشينغ، وإنما ترى أن التواصل مع السفارة بحدّ ذاته أمر صعب. تقول الشابة الكينية لـ DW: "عندما تتصل بالسفارة الألمانية، لا تتلقى رداً، وعندما ترسل بريداً إلكترونياً، لا يتم الرد عليك. تشعر بأنك على أعصابك دائماً لأنك لا تعرف أبداً ما إذا كانت الإجابة ستكون نعم أم لا". حاجة ألمانيا للعمالة الماهرة وفق دراسة أجرتها مؤسسة برتلسمان الألمانية لعام 2024 وتقديرات معهد أبحاث سوق العمل والمهن (IAB) تحتاج ألمانيا سنوياً بين 288 ألف و 400 ألف عامل أجنبي مؤهل. ومن دون هذه العمالة سينخفض عدد العاملين في ألمانيا بشكل كبير بحلول عام 2040، الأمر الذي سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد الألماني من حث قدرته على النمو والتنافسية، خصوصاً في ظل وجود عدد هائل من الوظائف الشاغرة في مختلف القطاعات والتي تقدّر بحسب وكالة التوظيف الاتحادية في أبريل 2025 بحوالي 646 ألف وظيفة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، الصحة، الهندسة، والتعليم. الروتين والبيروقراطية تريد ألمانيا بالفعل استقطاب العمالة الماهرة من الخارج، وفي إطار ذلك استحدثت منذ يونيو 2024 ما يسمى بـ "بطاقة الفرصة"، وهي تأشيرة للعمالة المؤهلة من خارج الاتحاد الأوروبي، تتيح لهم القدوم إلى ألمانيا للبحث عن عمل. يستفيد من "بطاقة الفرصة" الحاصل على تدريب مهني لمدة عامين على الأقل أو شهادة جامعية، بالإضافة إلى معرفة بسيطة بالألمانية أو الإنكليزية. وتُؤخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار مثل الخبرة المهنية والعمر ووجود أقارب أو معارف في ألمانيا. ويمكن لمَن تتوفر بهم الشروط تقديم طلباتهم على موقع أنشأته وزارة الخارجية لتسهيل وتسريع الحصول على التأشيرات من 167 مكتباً في الخارج. ولزيادة الفرص أبرمت ألمانيا في أيلول/سبتمبر 2024 اتفاقية هجرة مع كينيا، تهدف إلى تسهيل استقدام العمالة المؤهلة، خاصة في مجالي الرعاية الصحية والضيافة، وتعتبر كينيا الدولة الأفريقية الوحيدة التي وقعت معها ألمانيا مثل هذه الاتفاقية، ومع ذلك، لم يدخل ألمانيا سوى حوالي 90 ممرضاً وعامل رعاية صحية من هذا البلد الأفريقي خلال الربع الثالث من عام 2024. فالقيود البيروقراطية والمتطلبات الصارمة ما زالت تعيق الحصول على تأشيرات حتى بالنسبة للأشخاص المؤهلين. تقول خدي كامارا من الجمعية الإفريقية للاقتصاد الألماني لـ DW: "بطاقة الفرص ليست فرصة فعلية للجميع. يجب أولًا تحقيق الشروط المطلوبة. وهذه الشروط ليست بالضرورة ما تعتبره الشركات مهماً، بل ما تحدده الحكومة كمقياس". وتضيف أن الصعوبات تبدأ مع الوثائق المطلوبة: "السلطات الألمانية تطلب أحياناً الشهادات الأصلية، وهو ما لا يكون ممكناً دائماً. ثم على المتقدمين إثبات قدرتهم على إعالة أنفسهم. حتى إذا كانت الشركات تغطي التكاليف، فهذا لا يكون كافياً أحياناً." رفض نسبة كبيرة من طلبات التأشيرة من أفريقيا في جواب على طلب إحاطة من النائبة البرلمانية كلارا بونغر من حزب اليسار في أبريل 2025 بخصوص إصدار التأشيرات عام 2024، أفاد البرلمان أن "نسب الرفض في دول أفريقيا جنوب الصحراء عالية جداً". ووفق تحليل بيانات أجرتهDW تم من خلاله تقييم قرارات التأشيرات في عام 2024 استناداً إلى بيانات من الممثليات الألمانية في الخارج، تبيّن أن ألمانيا قد أصدرت 50,815 تأشيرة لمواطنين من أفريقيا، 40 بالمئة منها لغرض العمل. ولكن لا توجد أرقام رسمية حديثة من وزارة الخارجية حول عدد تأشيرات العمل التي رُفضت للنساء الأفريقيات. وبهذا الصدد ذكر حزب اليسار في استفساره أن "الحكومة الألمانية رفضت مراراً وتكراراً الكشف عن نسب الرفض، أو صنفت الأجوبة على أنها سرية، بحجة أن نشر هذه الأرقام قد يؤثر على العلاقات مع الدول المعنية." هل يمكن أن ألمانيا تصبح "وطناً" للمهاجرين؟ حتى بعد الوصول والتغلب على الإجراءات الطويلة والمعقدة للوصول إلى ألمانيا تواجه المهاجرين مصاعب أخرى، إذ أفاد مهاجرون آخرون بوجود صعوبات أخرى تواجه الأجانب في ألمانيا بعد الوصول إليها، من أبرزها صعوبة الاندماج، وكثرة المراجعات الضرورية للمؤسسات الرسمية، وصعوبة اللغة، وأزمة السكن. تقول خدي كامارا من الجمعية الأفريقية للاقتصاد الألماني: "المناخ السياسي في ألمانيا عامل مهم، ليس فقط من حيث استعداد الحكومة لإجراء تغييرات، بل هل يمكن لألمانيا أصلاً أن تكون وطناً لأشخاص من كينيا، وغانا، وسيراليون، أو جنوب أفريقيا؟ علينا التحدث عن مشكلة العنصرية، على الحكومة أن توضح بأنها ترحب بهؤلاء الناس." وترى أنه لا بدّ من إزالة الحواجز اللغوية، ففي دول أخرى لا يُطلب تحقيق مستوى اللغة الذي يُطلب تحقيقه في ألمانيا، ما يجعلها جذابة أكثر، ومع ذلك يؤكد مهاجرون من ضمنهم غريس أوتشينغ (اسم مستعار) أن اللغة الألمانية ضرورية للعيش والاندماج في ألمانيا. ولإيجاد حلول عملية تعتقد خدي كامارا أنه على الشركات الألمانية في الدول الأفريقية تحسين تدريب موظفيها المحليين حتى يصلوا إلى مستوى مناسب للعمل والعيش في ألمانيا، بالإضافة إلى ضرورة تذليل العقبات البيروقراطية أمام الشركات الألمانية.

اقتصاد الحرب يحول البطاطس إلى رفاهية في روسيا
اقتصاد الحرب يحول البطاطس إلى رفاهية في روسيا

المغرب اليوم

timeمنذ 13 ساعات

  • المغرب اليوم

اقتصاد الحرب يحول البطاطس إلى رفاهية في روسيا

في روسيا - الدولة التي يحتمل أن تكون الأكبر من حيث المساحة الزراعية – تشح محاصيل البطاطس والبصل. حتى الرئيس فلاديمير بوتين لاحظ هذا العجز، وقال قبل بضعة أسابيع: "اتضح أن لدينا نقصا في البطاطس". كما أقر بوجود نقص في بنجر السكر وبعض الخضراوات.وقبل ذلك، شهدت أسعار البطاطس في المتاجر الروسية ارتفاعا حادا. ووفقا للأرقام الرسمية، ارتفعت أسعارها ثلاث مرات تقريبا خلال العام الماضي، بينما زاد سعر البصل بمقدار الضعف. وارتفع سعر الكرنب بأكثر من 50% عن العام الماضي، وفقا لمكتب الإحصاء الروسي (روستات). واضطر الروس إلى إنفاق ما يزيد قليلا عن يورو واحد لشراء كيلوغرام من البطاطس في يونيو/حزيران 2025. ومع متوسط دخل يقل قليلا عن 1000 يورو قبل احتساب الضرائب ومعاشات تقاعدية تزيد قليلا عن 200 يورو - وفقا لبيانات (روستات) - فإن هذا المبلغ ليس بقليل. ويُعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية أحد العوامل الرئيسية المُسببة للتضخم في روسيا. ووفقا لوزارة الاقتصاد، يبلغ معدل التضخم حاليا 9.6%.ويحاول البنك المركزي الروسي السيطرة على التضخم من خلال سعر فائدة رئيسي مرتفع - يبلغ حاليا 20%. والهدف من ذلك: إذا تسببت أسعار الفائدة المرتفعة في زيادة صعوبة الاقتراض، فإن المعروض النقدي المتداول سينخفض. وقلة النقود تعني انخفاض الطلب وانخفاض التضخم. الاتجاه نحو الركود لكن هذا قد جلب لروسيا الآن المزيد من التعقيدات. في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، أصدر وزير الاقتصاد الروسي مكسيم ريشيتنيكوف تحذيرا واضحا وغير معتاد من مشكلات الاقتصاد المحلي، قائلا: "وفقا للأرقام، نشهد تباطؤا؛ ووفقا للشعور الحالي لرجال الأعمال، نحن بالفعل على وشك الدخول في حالة ركود".وأضاف ريشيتنيكوف أن مستوى سعر الفائدة الحالي يُثني رواد الأعمال عن الاستثمار. ووفقا لتقديرات الوزير، قد تكون الاستثمارات في الربعين الثالث والرابع لهذا العام أقل من مستوى العام السابق. ودافعت رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، عن نفسها ضد اتهامات بانتهاج سياسة نقدية غير سليمة، لكنها توقعت أيضا أن يواجه الاقتصاد الروسي صعوبات. وذكرت نابيولينا أنه على الرغم من العقوبات حقق الاقتصاد الروسي نموا على مدار عامين بفضل برامج إحلال الواردات وأموال صندوق الازدهار واحتياطيات رأس المال الموجودة في النظام المصرفي، وقالت: "يجب أن ندرك أن العديد من هذه الموارد استُنفِدَت بالفعل، وعلينا التفكير في نموذج جديد للنمو". في الواقع، صمد الاقتصاد الروسي بشكل مدهش بعد الهجوم على أوكرانيا الذي أمر به بوتين، رغم العقوبات الغربية. ويعود ذلك في المقام الأول إلى التحول الجذري في الاقتصاد نحو الإنتاج الحربي. وقد تفاخر سيرجي تشيميزوف، المقرب من بوتين والرائد في قطاع الصناعات الدفاعية، مؤخرا بزيادة في الذخيرة والأسلحة "بعشرات الأضعاف مقارنة بعام 2021".ويشكو النقاد من أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا لا يعكس قدرة الاقتصاد على إنتاج سلع جديدة للمواطنين، أو ارتفاع في مستوى معيشتهم، بل إنه يشير فقط إلى أن قطاع الصناعات الدفاعية - الممول من الميزانية - ينتج المزيد والمزيد من الطائرات المسيرة والصواريخ والدبابات. ارتفاع التكاليف في المقابل، تعاني القطاعات المدنية منذ فترة طويلة من ارتفاع التكاليف، وتقلص العمالة، والتخلف التكنولوجي الذي يزداد وضوحا بسبب العقوبات. فعلى سبيل المثال، يعاني قطاع البناء والعقارات من أزمة حادة، كما شهدت صناعة السيارات ركودا منذ أن أدار المنتجون ومصنعو قطع الغيار الغربيون ظهورهم لروسيا. ورغم تزايد مبيعات الصين من السيارات في روسيا،فإنها لا تنتجها هناك. وعجزت شركة "أفتوفاز" - الشركة المصنعة لسيارات لادا والتابعة لإمبراطورية تشيميزوف الاقتصادية - عن سد الفجوة التي تركها مصنعو السيارات الغربيون. وفي منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادي، قدمت الشركة أحدث طرازاتها "لادا أزيموت" والمقرر أن تدخل مرحلة الإنتاج التسلسلي العام المقبل. ومع ذلك، لا تزال الطرازات السابقة تتراكم في المستودعات بسبب نقص الطلب. وشهدت مبيعات السيارات الجديدة في روسيا تراجعا جديدا بعد ذروة مؤقتة في عام 2024. ففي الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام لم تُبع سوى حوالي 450 ألف سيارة، بانخفاض قدره 26% على أساس سنوي. كما تتوقع شركة "أفتوفاز" انهيارا في المبيعات بنسبة 25% للعام بأكمله.وتشهد شركة "روستسيلماش" لتصنيع الآلات الزراعية أزمة أيضا، حيث فرضت الشركة المُصنِّعة للحصَّادات والجرارات على أكثر من 15 ألف موظف إجازة إجبارية. وبالنسبة للقوى العاملة لا يعني هذا راحة، بل مصيرا مجهولا. وقد طُبِّق نظام العمل بدوام جزئي في مصنع الشركة بالفعل في مارس/آذار الماضي، وسُرّح ألفي عامل في أبريل/نيسان الماضي. ومن المفارقات أن "روستسيلماش" غير قادرة أيضا على الاستفادة من الانسحاب واسع النطاق لمنافسيها الغربيين. فمبيعات الحصَّادات متعثرة، حيث أعقب تراجع المبيعات بنسبة 20% العام الماضي انخفاض جديد بنسبة تتراوح بين 10% و15% حتى الآن هذا العام. ويتراكم 40% من الإنتاج السنوي في مستودعات "روستسيلماش". ويفتقر المزارعون إلى المال اللازم لشراء معدات جديدة. كما يعاني المزارعون من ارتفاع أسعار الفائدة على القروض وارتفاع تكاليف الإنتاج.وكان لهذا تأثيرا على الحصاد. ففي العام الأول من الحرب، 2022، أعلن بوتين بفخر عن حصاد قياسي للحبوب بلغ 157 مليون طن، إلا أن المحاصيل تراجعت في كل من العامين التاليين. اتجاه معاكس وقد أمر بوتين بالفعل بزيادة حصاد الحبوب إلى 170 مليون طن والصادرات إلى 80 مليون طن بحلول عام 2030، إلا أن نائب رئيس الوزراء دميتري باتروشيف، المسؤول عن القطاع الزراعي، قال مؤخرا: "بناء على الاتجاهات الأخيرة، فإننا نسير في الاتجاه المعاكس"، مؤكدا ضرورة تصحيح هذا الوضع بسرعة.ولا تزال الحكومة تأمل في حصاد أفضل من العام الماضي. ومن المنتظر حصاد البطاطس خلال الأيام المقبلة. وبسبب زيادة العرض، قد تنخفض الأسعار مؤقتا مرة أخرى.وبخلاف ذلك سيضطر بوتين إلى اللجوء إلى وصفة حليفه الوثيق حاكم بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو - "ديكتاتور البطاطس". فقبل أيام قليلة، أوصى لوكاشينكو رعاياه بتناول البطاطس مرة واحدة أو مرتين أسبوعيا على الأكثر، وإلا فسيزداد وزنهم، حسبما قال لوكاشينكو، الذي لا يعتبر من أصحاب الوزن الخفيف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store