
سينتيا سركيس
لا يأتي السلامُ إلا بعد إزهاقِ الكثير من الدماء، وهذا ما وثّقه التاريخ، مرّاتٍ كثيرة، حيث يتصافحُ ألدّ الأعداء من أجل خيرِ شعوبهم، والامثلة على ذلك كثيرة.
نبدأ من العدوّين التاريخيّين، ألمانيا وفرنسا، اللذين خاضا حربَين عالميّتين، حصدتا أكثر من 80 مليون ضحية وخسائر بمئات مليارات الدولارات مع دمارٍ كبيرللمدن خصوصًا في شمال وشرق فرنسا، وانهيارٍ كاملٍ للاقتصاد الالماني. ومع ذلك، وبعد أن لفظت المدافعُ أنفاسها، قرّر المستشارُ الألماني كونراد أديناور والرئيس الفرنسي شارل ديغول أن يجلسا معاً، ويُعلنا انطلاقةَ ما يُعرف اليوم بالاتحاد الأوروبي ويبنيا سويًّا علاقاتٍ سياسيّة واقتصادية قوية. سلامٌ لم يكن فقط وثيقة، بل مشروعًا حضاريّا استراتيجيًّا.
كثيرة هي المخاضات التي عاشتها القارة العجوز، فالحروبُ الطائفية والسياسية بين إيرلندا الشمالية والمملكة المتحدة، أي بين الكاثوليك والبروتستانت، أزهقت على مدى عقودٍ الكثيرَ من الارواح، وقدّرت خسائرها بمليارات الجنيهات الاسترلينية مع ركودٍ اقتصادي طويلِ الامد، إلى أن وجدت نهايةً لها عام 1998 مع توقيعِ اتفاق "الجمعة العظيمة".
من أوروبا إلى إفريقيا... معاهدات عدّة غيرّت المسار، أبرزها المعاهدة بين قبائل الهوتو والتوتسي في رواندا، والتي تُعتبر درسًا للبشرية، بعدما أنهت مجازرَ دمويّة راح ضحيتها مئات الآلاف. أضف إليها، المصالحة الوطنية التي قادها نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا وذلك بعد عقودٍ من نظامِ الفصل العنصريّ.
من الجهة الاخرى من العالم، وتحديدا إلى الولايات المتحدة التي عرفت حروبًا استثنائية، بطليعتها حربها الباردة مع فييتنام التي كانت من أطول الحروب وأعنفها، اذ استمرت 20 عاما، قُتل فيها مئات الآلاف، وكلّفت اميركا أكثر من 168 مليار دولار أي ما يعادل اكثر من تريليون دولار اليوم، وكلّفت فييتنام دمارا شاملا للبنية التحتية وأرضا ملوّثة بالمواد الكيميائية. الطريقُ إلى السلام كان متعثرا، وسلكَ مسارًا دبلوماسيّا معقّدا، قبل الوصول إلى تعاونٍ سياسي واقتصادي وتبادلٍ تجاريّ في التسعينات.
أما تجربةُ اليابان فكانت مختلفة، فالحربُ فيها لم تقتصر على ضحايا تعدّى عددهم المليونين، ولا على الدمار الذي كان شبه كامل في عشرات المدن، إنما تعدّاه إلى السلاح النووي الذي استُعمل للمرة الاولى في التاريخ، حينما قصفت أميركا هيروشيما وناغازاكي. ورغم فظاعةِ الحرب هناك، إلا أن اليابان وجدت في السلام سبيلها للحلّ، والانتقال حتى تكون دولة سلميّة ومتطوّرة اقتصاديّا، لا بل باتت حليفًا استراتيجيًا قويّا لأميركا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 33 دقائق
- صدى البلد
الكرملين: تعليق أمريكا بعض صادرات الأسلحة لأوكرانيا خطوة مهمة لإنهاء الحرب
ثمن الكرملين اليوم الأربعاء، خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق صادرات بعض أنواع السلاح الأمريكي لأوكرانيا، واصفا تلك الخطوة بأنها ستؤدي لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. وقال الممثل الأمريكي بحلف الناتو العسكري ماثيو ويتيكر للتعليق حول إرسال السلاح الأمريكي لأوكرانيا إن أمريكا أولا. وكانت أوكرانيا تنتظر وصول شحنة عسكرية دفاعية جوية جديدة من منظومة الباتريوت الأمريكي التي يتخطى تكلفة الواحدة منها مليار دولار. واستمرت الحرب الروسية الأوكرانية لثلاث سنوات منذ اندلاعها في فبراير عام 2022 بسبب محاولة أوكرانيا الإنضمام لحلف الناتو العسكري، وأنفقت الإدارة الأمريكية السابقة للرئيس الأمريكي جو بايدن أكثر من 100 مليارات دولار في دعم أوكرانيا بحربها ضد روسيا مما أدى لتفاقم الصراع بأوروبا الشرقية.


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
"طفح الكيل"... غضب ينفجر بوجه الحكومة: التصعيد آتٍ!
وبحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، تحاول الحكومة، ضمن إمكانياتها المحدودة، معالجة هذا الملف الشائك بالتنسيق مع وزارة المالية، التي تعمل على إعداد دراسة شاملة لإعادة هيكلة الإدارة العامة، تشمل مراجعة جذرية لسلسلة الرتب والرواتب. إلا أن هذا المسار يتطلّب وقتًا، إذ لا يمكن إقرار أي خطة إصلاحية أو تعديل للرواتب خارج إطار مشروع الموازنة العامة. وفي هذا السياق، تؤكّد المعلومات أن هناك توجّهًا لوضع خطة متكاملة لإعادة هيكلة الإدارة وتفعيل قطاعاتها، غير أن هذا التوجّه يبقى مشروطًا بتأمين تمويل كافٍ ومستدام، لا سيّما في ظلّ الأزمة المالية والاقتصادية العميقة، التي فاقمتها الحرب الأخيرة واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية، ما جعل الوضعين الاقتصادي والاجتماعي أكثر هشاشة من أي وقت مضى. عضو الهيئة الإدارية في رابطة موظفي الإدارة العامة، إبراهيم نحّال، شدّد في حديثه إلى "ليبانون ديبايت" على أن الرابطة ستبقى رأس الحربة في مواجهة السلطة السياسية، قائلاً: "ما نشهده اليوم هو محاولة ممنهجة لضرب القطاع العام، عبر الدفع نحو التعاقد والخصخصة وبيع المرافق، وهذا ما لن نقبل به ولن نسمح بتمريره". وأضاف بلهجة غاضبة: "طفح الكيل. نحن موظفون مهمّشون، كرامتنا مهدورة، وحقوقنا مسلوبة، ومستقبلنا مجهول. كيف يمكن أن نبني دولة برواتب لا تتعدى 30% من قيمتها الأساسية؟ كيف يُعقَل أن يُحال الموظف إلى التقاعد بتعويض لا يتجاوز ألف دولار؟" ويطالب نحّال، ومعه سائر موظفي الإدارة العامة، بإقرار سلسلة جديدة للرتب والرواتب، تتضمن دمج جميع الملحقات والمساعدات ضمن الراتب الأساسي، بما يساهم في إعادة التوازن إلى المداخيل، وتوفير حدّ أدنى من الاستقرار المالي والمعنوي للموظف، الذي كان ولا يزال أحد أعمدة الإدارة اللبنانية. ويختم نحّال برسالة تحذيرية إلى الحكومة: "هذا الإضراب التحذيري قد يكون الخطوة ما قبل الأخيرة. وإذا لم تُلبَّ المطالب المحقة، فإننا نتجه نحو إضراب مفتوح وتحركات تصعيدية في الشارع". في بلدٍ يتهاوى فيه كل شيء، يبقى صوت الموظف العام صرخةً لا بد أن تُسمَع، قبل أن يدخل لبنان في نفق تعطيل جديد، وهذه المرّة من بوابة الإدارة، التي لطالما شكّلت عصب الدولة ورافعة مؤسساتها.


OTV
منذ ساعة واحدة
- OTV
ترامب: رسوم جمركية بنسبة 20% على فيتنام لقاء إعفاء البضائع الأميركية
Post Views: 68 أعلن الرئيس دونالد ترامب اليوم، التوصل الى اتفاق تجاري مع فيتنام تُعفى بموجبه المنتجات الأميركية الداخلة إليها من الرسوم الجمركية، بينما تُفرض على الصادرات الفيتنامية إلى الولايات المتحدة رسوم إضافية بنسبة 20% على الأقل. وكتب ترامب على منصته 'تروث سوشال' قبل أسبوع من إعلانه إعادة فرض رسوم جمركية مرتفعة على عشرات الشركاء التجاريين، لقد توصلتُ للتو إلى اتفاق تجاري مع فيتنام'. وأوضح في رسالة أخرى، أن 'جميع السلع التي مصدرها فيتنام ستُفرض عليها رسوم إضافية بنسبة 20% عند دخولها الولايات المتحدة. وستُضاعف هذه الرسوم الإضافية إلى 40% إذا وصلت المنتجات من فيتنام ولكن تم إنتاجها في مكان آخر'. وأضاف: 'في المقابل، ستفعل فيتنام شيئا لم تفعله من قبل، من خلال منح الولايات المتحدة إمكان الوصول الكامل إلى سوقها. هذا يعني أننا سنتمكن من بيع منتجاتنا إلى فيتنام بدون أي رسوم جمركية'. ولا شك أن بنود هذا الاتفاق، كما أفاد دونالد ترامب، ستؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار الأحذية والملابس التي تُصدرها هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا بكميات كبيرة إلى الولايات المتحدة. ولكن يبدو أن هذا هو الثمن الذي اضطرت هانوي إلى دفعه لتتفادى بذلك فرض رسوم جمركية أشد بنسبة 46%. وتم التوصل إلى الاتفاق الأربعاء خلال مكالمة هاتفية بين دونالد ترامب وتو لام، الأمين العام للحزب الشيوعي والزعيم الفعلي لفيتنام، حسبما أفادت العاصمتان. وفي بيان لم يتطرق إلى حجم الرسوم الجمركية الجديدة بين البلدين، قالت الحكومة الفيتنامية، إن ترامب 'أعرب عن تقديره لالتزام فيتنام بإعطاء أفضلية لدخول المنتجات الأميركية إلى أسواقها، بما في ذلك السيارات الفخمة وذات المحركات الكبيرة'. تُعدّ الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات فيتنام التي وصلت قيمتها إلى 57 مليار دولار أميركي في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، ولا سيما من المنسوجات والأحذية. وارتفعت أسهم شركات الملابس والمعدات الرياضية في البداية في وول ستريت عقب الإعلان عن الاتفاق، قبل أن تتراجع بعد رسالة دونالد ترامب الثانية، التي كشف فيها عن التنازلات التي قدمتها هانوي. وقرابة الساعة 3:45 بعد الظهر بتوقيت غرينتش، عادت العلامات التجارية التي يتم تصنيع ملابسها جزئيا في فيتنام لترتفع قليلا بعد تراجعها مسجلة زيادة بنسبة 0,60% و0,22% و1,03% لشركات غاب ورالف لورين ولولومون على التوالي، بحسب 'وكالة الصحافة الفرنسية'.